Telegram Web Link
[3]
.
القرآن كلام الله لا شك في هذا ، وليس بمسلم من ينكر كونه كلام الله!
.
لكن أهل السنة في مقام التعليم يدققون في المسائل، فهم يسألون أنفسهم : كلام الله، بأي معنى ؟كما يقولون : لله يد ، ولله علو .. لكن بأي معنى ؟
.
لا يوجد مسلم ينكر الآيات الدالة على اليد والعلو ، لكن التحرير والتحقيق يكون في بيان معانيها الواردة عن السلف ، ومعانيها الموافقة لآيات التنزيه حتى لا يخرج القرآن متناقضا يهدم بعضه بعضا.
.
القرآن كلام الله عند كافة المسلمين وتشنيع البعض على أهل السنة جاءهم من عدم فهمهم لما يقولون ولا معرفتهم بما يدققون .. فأولى بهؤلاء أن يتعلموا ..
.
القرآن كلام الله ، نطق به جبريل ، ونزل على النبي ﷺ باللفظ والمعنى ، كما في قوله تعالى ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)، وكما في قوله تعالى (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) = هذا واضح وليس فيه جدال.
.
فالقرآن نطق به جبريل وألقاه إلى رسول الله ﷺ في اليقظة بوحي ظاهر وقرأه عليه حرفا حرفا وكلمة كلمة، وجبريل تلقاه من رب العالمين بكيفية لا نعلمها، فنحن لا نعلم حقيقة الله تعالى وتقدس ، ولا حقيقة الملائكة حتى نحكم بطريقة التلقي ، لكننا نجزم أن كلام الله ليس مثل كلام المخلوقين فليس بحرف ولا صوت ، ونجزم بوجود صفة الكلام .. وهذا القدر هو ما دل عليه القرآن.
.
التنزيه يقتضي أن يكون معنى كلامه هو الكلام النفسي أي الذي في الذات، وفي هذا كما ترون نوع مقاربة وليس تحديدا يجزم بحقيقة الحال ، لما أن الكلام عن الله تعالى لا يكون على وجه الإحاطة.
.
إن كلام المتكلمين هو في التوفيق بين النصوص وتنزيه القرآن عن التناقض، وعدم وصف الله بالحوادث وأن صفاته لابد أن تكون قديمه ، مع التأكيد على أن القرآن كلام الله بلا ريب .. فما علموه أثبتوه وما لا يعرفوه سكتوا عنه!
.
أما تقوليهم ما لم يقولوه ، أو تكفيرهم وتضليلهم ؛ بزعم أنهم يقولون: إن القرآن ليس كلام الله؛ فلا يصدر من مسلم شم رائحة العلم ، أو تقي يعرف ربه ، والأمة لا تجتمع على ضلالة ..
.
إن وظيفة العلماء هي بيان الحق بقدر الطاقة، واجتهاد أهل السنة في بيان هذه الصفة هو قدر طاقتهم التي وفقهم الله لها، والله تعالى لا يحاط به، ولا يعلم كنهه، فكلامهم رضي الله عنهم إنما هو وفق المعطيات التي أذن الله بها في قرآنه.
.
ولا يطلب من المسلم الخوض في هذه التدقيقات، فهذا لا يقال إلا لطلاب العلم الذي يريدون التدقيق والفهم ورفع ايهام الاضطراب عن آي الكتاب، ويكفي المسلم أن يقر بأن الله منزه عن كل نقص ، وأن صفاته قديمة ، وأن القرآن كلام الله .. وهذا كاف في هذه المسألة.. ومن طلب المزيد فلابد أن يكون من أهل المزيد، بأدبه وشرطه!
كتبه د أحمد الدمنهوري
﴿إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ﴾ أيْ: بَيْعَةَ الرِضْوانِ، ولَمّا قالَ: ﴿إنَّما يُبايِعُونَ اللهَ﴾، أكَّدَهُ تَأْكِيدًا عَلى طَرِيقَةِ التَخْيِيلِ، فَقالَ ﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ﴾، يُرِيدُ أنَّ يَدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، الَّتِي تَعْلُو أيْدِي المُبايِعِينَ، هي يَدُ اللهِ، واللهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الجَوارِحِ، وعَنْ صِفاتِ الأجْسامِ، وإنَّما المَعْنى تَقْرِيرُ أنَّ عَقْدَ المِيثاقِ مَعَ الرَسُولِ كَعَقْدِهِ مَعَ اللهِ، مِن غَيْرِ تَفاوُتٍ بَيْنَهُما، كَقَوْلِهِ: ﴿مَن يُطِعِ الرَسُولَ فَقَدْ أطاعَ اللهَ﴾ [النساء: ٨٠]، و"إنَّما يُبايِعُونَ اللهَ"، خَبَرُ "إنَّ"
تفسير النسفي
ابتلي العالم الإسلامي في الآونة الأخيرة بفتن كقطع الليل المظلم‏,‏ كان سبب غالبها الغلو والتفسير الناقص للنصوص ‏,‏ فاستسهل بعض الناس قذف المسلمين بالبدعة والكفر والشرك والجهل في أمور خلافية قال بها أئمة المسلمين وعلماؤهم‏، ولم يعلم هؤلاء أن سر خلود الإسلام هو الاختلاف المحمود الذي دعا إليه الإسلام وتحلى به علماء الأمة منذ نشأة الحضارة الإسلامية.
إن الداء الأكبر الذي غذي به أصحاب هذه الفتن هو غياب آداب الحوار والاختلاف وضوابطهما التي تعصم من تصدر في دين الله من الغلو والقدح في الآخرين إن كان الحق هو المطلوب من خلافه وليس الانتصار لتعصب أعمى أو هوى بغيض, قال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ).
لقد كانت سنة الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الإسلام في الحوار بينهم استعمال العبارات اللطيفة والكلمات العذبة, لمعرفتهم أن ذلك يلين القلوب القاسية ويقرب الخصم المعاند , كما يقول سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) , كما أمر بالقول الحسن بل الأحسن الذي يسد مداخل الشيطان الذي يغري بالعداوة والبغضاء والجفوة عن طريق الكلمة الخشنة والرد السيئ فقال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) . وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن سبابا ولا فاحشا ولا لعانا.
واتبع علماء الأمة هذا الهدي النبوي في خلافهم فنرى الإمام الذهبي يثني ثناء عطرا على تقي الدين السبكي مع أنه شيخ الأشاعرة الذي كان بينه وبين شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الخلاف ما هو معروف.
ولم يتبع علماء الأمة الظنون والأوهام في تخطئة الناس أو رميهم بالجهل والخيانة, بل نصوا على أن الأصل في عموم المسلمين الصدق والعدالة وحسن الظن بهم، وأن المسلم إذا قال شيئا فإنما يحمل على أحسن محاملة إن وجد إلى ذلك سبيل هذا في عموم الناس, فما بال علمائهم وعقلائهم إن قالوا شيئا, فالاحتياط في الاتهام هنا أولى, والتمهل للفهم أجدى, لأن هؤلاء إنما يتكلمون بمستند شرعي حتى ولو لم ينصوا عليه في كتبهم, وهذا هو الأصل وما عليه العمل في كتب الفقهاء عندما يذكرون المسائل الفقهية خالية من النصوص الدالة عليها.
وقد راعى أهل الحديث هذا أيضا, فلم يطعنوا أحدا في غير رواية, ونصوا على أنه لا يجوز ذكر المسلمين بصفاتهم المذمومة إلا في مقام الجرح, لضرورة الحفاظ على السنة قبل تدوينها, وأما خارج ذلك فالأدب الجم والخلق النبيل وبسط الوجه وعذر الجاهل.
ولم يكن من أخلاق علماء الحديث أو الفقه أن يسب أو يهين أو يحقر بعضهم بعضا, ولم يطعن أحد منهم عرض مخالفه, بل لم يكن ذلك يظهر في الحضارة العلمية الإسلامية إلا ممن يتشبهون بالعلماء وليسوا منهم, فهم يشغبون بالقول ليظن الجاهل أنهم من العلماء, ولو كانوا منهم لتلبسوا بأخلاقهم ولغة حوارهم واختلافهم كما يلبسون ثيابهم ويخادعون بعلومهم.
يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم, وكل منهم يظن أنه يبغض لله, ثم يقول: وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له ، وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون فيه مجتهدا مأجورا على اجتهاده فيه موضوعا عنه خطوة فيه, ولا يكون المنتصر لمقاتلته تلك بمنزلته في هذه الدرجة, لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله. وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظن أنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأنه لا ينسب إلى الخطأ وهذه دسيسة تقدح في قصده الانتصار للحق, فافهم هذا فإنه مهم عظيم, [جامع العلوم والحكم].
إن الهوى لم يكن مطية أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أو تابعيهم أو علماء الأمة العظام في خلافاتهم, والخلافات التي أفرزت تلك الآداب لم يكن الدافع إليها غير تحري الحق, وكانت أخوة الإسلام بينهم أصلا من الأصول المهمة التي لا قيام للإسلام دونها, وهي فوق الخلاف أو الوفاق في المسائل الاجتهادية.
ش ع ج
قال تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى في طبقات الشافعية:(2)
《...وَفِي المبتدعة لَا سِيمَا المجسمة زِيَادَة لَا تُوجد فِي غَيرهم وَهُوَ أَنهم يرَوْنَ الْكَذِب لنصرة مَذْهَبهم وَالشَّهَادَة عَلَى من يخالفهم فِي العقيدة بِمَا يسوؤه فِي نَفسه وَمَاله بِالْكَذِبِ تأييدا لاعتقادهم ويزداد حنقهم وتقربهم إِلَى اللَّه بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ بِمِقْدَار زِيَادَته فِي النّيل مِنْهُم فَهَؤُلَاءِ لَا يحل لمُسلم أَن يعْتَبر كَلَامهم...وَقد تزايد الْحَال بالخطابية وهم المجسمة فِي زَمَاننَا هَذَا فصاروا يرَوْنَ الْكَذِب عَلَى مخالفيهم فِي العقيدة لَا سِيمَا الْقَائِم عَلَيْهِم بِكُل مَا يسوؤه فِي نَفسه وَمَاله...وَبَلغنِي أَن كَبِيرهمْ استفتى فِي شَافِعِيّ أيشهد عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ فَقَالَ أَلَسْت تعتقد أَن دَمه حَلَال قَالَ نعم قَالَ فَمَا دون ذَلِك دون دَمه فاشهد وادفع فَسَاده عَن الْمُسلمين...فَهَذِهِ عقيدتهم ويرون أَنهم الْمُسلمُونَ وَأَنَّهُمْ أهل السّنة وَلَو عدوا عددا لما بلغ علماؤهم وَلَا عَالم فيهم عَلَى الْحَقِيقَة مبلغا يعْتَبر ويكفرون غَالب عُلَمَاء الْأمة ثمَّ يعتزون إِلَى الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مِنْهُم برِئ وَلكنه كَمَا قَالَ بعض العارفين ورأيته بِخَط الشَّيْخ تقى الدّين ابْن الصّلاح إمامان ابتلاهما الله بأصحابهما وهما بريان مِنْهُم أَحْمد ابْن حَنْبَل ابْتُلِيَ بالمُجَسِّمَة وجعفر الصَّادِق ابْتُلِيَ بالرافضة...ثمَّ هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ عَلَى طَريقَة النَّوَوِيّ رَحمَه اللَّه وَالَّذِي أرَاهُ أَن لَا تقبل شَهَادَتهم عَلَى سني، فَإِن قلت هَل هَذَا رأى الشَّيْخ أَبِي حَامِد وَمن تَابعه أَن أهل الْأَهْوَاء كلهم لَا تقبل لَهُم شَهَادَة!
قلت: لَا بل هَذَا قَول بِأَن شَهَادَتهم عَلَى مخالفيهم فِي العقيدة غير مَقْبُولَة وَلَو كَانَ مخالفهم فِي العقيدة مبتدعاً...》
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/ 16-17)
مذهب أهل الحق في النصوص المتشابهة:

يقول الإمام أبو البركات النسفي (٧١٠ هـ) رحمه الله تعالى:
١= مذهب السلف:
أن نصدقها، ونفوِّض تأويلها إلى الله تعالى، مع التنزيه عن التشبيه،
ولا نشتغل بتأويلها،
بل نعتقد أن ما أراد الله تعالى بها حق.

٢= مذهب الخلف:
أن نؤوِّلها بما يليق بذات الله تعالى وصفاته،
ولا نقطع بأنه مراد الله تعالى؛
لعدم دليل يوجب القطع على المراد.

الاعتماد في الاعتقاد
شرح العقائد النسفية (١٢٢).
*رفعُ الإشكالِ في فهم أحاديث الإسبالِ*

لما كثر الكلام في تقصير الثوب وخاصَّةً بين حدثاء الأسنان ، صار لزاماً توضيح ذلك الأمر من باب البيان لا غير ، لأنه وصل الحال عند البعض إلى التّكفير والتّبديع والله المستعان . . .
الإسبال : هو إطالة الثوب زيادةً على الحدِّ وهو الكعبين
والكعبان : هما العظمان الناتئان أسفل القدم ، وقد اتفقت كلمة العلماء أن إسبال الثوب وإطالته تحت الكعبين خيلاءً أي ( عُجباً وتكبراً وبطراً هو حرامٌ بلا خلاف ) واختلفت كلمتهم إذا لم يكن الإسبال للخيلاء ، وسبب اختلافهم يعود إلى أحاديث الإسبال التي وردت
فتارةً وردت مطلقةً من غير قيد بالخيلاء ، كحديث البخاري *[ ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ]*
وتارةً وردت مقيّدةً بالخُيلاء والبطر كالحديث الذي رواه البخاري أيضاً :
*[ من جرَّ ثوبه خيلاءً لم ينظر الله إليه يوم القيامة ]* ، فقال أبو بكر : يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
*[ إنّكَ لستَ ممّن يصنعه خيلاءً ]*
فجمهور المذاهب الأربعة حملوا المطلق على المقيّد فلم يُحرِّموا الإسبال إذا لم يكن للخيلاء
ولكنّهم اختلفوا في حكمه بين الجواز والكراهة . . .
١- فالإمام الأعظم أبو حنيفة رحمه الله تعالى قال بالجواز
٢- أما الشافعية والحنابلة فقالوا بالكراهة التنزيهية
٣-وقال المالكية بالكراهة الشديدة
فمسألة إسبال الثوب يُنظر إليها من وجوه :

*الأول :* ذكر الثوب وإسباله مبنيٌ على أن غالب لباس العرب كان الإزار لذا يدخل في الإسبال كل لباسٍ طويل كالبنطال وغيره .

*الثاني* أن العرف والعادة في تطويل الثوب وإسباله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد منه العجب والكبر والبطر والتباهي ولعلّه لندرة الأقمشة وغلاء أثمانها فجاء النهي عن الإسبال لأنه من العجب بالثوب الدافع إلى التكبر والخيلاء ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم :
[ إياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة ] رواه أبو داود
إذ علة التحريم المخيلة والخيلاء .

*الثالث* اليوم تطويل الثوب لم يعد مدعاةً للعجب والكبر والخيلاء والبطر لكثرة الأقمشة حيث لم يعد لطولها أهميةٌ في البيع والشراء واللباس بل الذي يدل على الخيلاء والعجب والتباهي هي الماركة العالمية وثمن الثوب الباهظ وجودة القماش والموضة .

*الرابع* الذي يناسب واقعنا هو جواز الإسبال لغير الخيلاء ، وإنما التحريم ينبغي أن يكون فيما يحصل فيه بين الناس التباهي والخيلاء والعجب كالماركة العالمية وجودة القماش والثمن الباهظ والموضة فالناس لم تعد تنظر إلى الثوب بل إلى السيارة والطيارة وغيرها مما كبّره الناس وعظّموه

*الخامس* الأصل منع الخيلاء لا تطويل الثوب أو تقصيره ، وإنما منع التطويل لأنه كان مدعاةً للخيلاء في زمانهم ولم يعد في عرفنا كذلك ، والعجب ممن يلبس ثوباً من أرخص الأثمان ثم يقصره دون الركبة بقليل ويدّعي أنه يطبق السنة في مظهرٍ ملفتٍ للنظر لم يعد متعارفاً عليه ، وكأن لسان حاله يقول : ( انظروا لحالي فأنا المتمسك بالسُّنَّة ) فإن لم يكن هذا رياء فهو الخيلاء بعينه .
ولعل مما يقوي هذا الكلام الحديث النبوي نفسه :
[ من لبس لباس شهرةٍ ألبسه الله لباس مذلةٍ يوم القيامة ]. وقد جرت عادة الناس اليوم على تطويل الثوب من غير أي قصدٍ يُذكر .
قال الإمام المُحدِّث أبو أيوب السختياني ـ رضي الله عنه ـ :
وقد كان في قميصه بعض التذيل فقيل له في ذلك ، فقال :
كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها أي في ( تطويلها ) فالشهرة اليوم في تشميرها .

حكم الإسبال عند المذاهب الأربعة :

إذا أسبل الرجل ثيابه إلى ما تحت الكعبين بقصد الكبر والخيلاء فهذا محرم من غير خلاف بين العلماء ، بل هو من كبائر الذنوب .
وأما إسبال الثياب بدون قصد الكبر والخيلاء ، فعامة علماء المذاهب الأربعة على عدم التحريم ، وهذه بعض أقوال علماء المذاهب في ذلك :
نصوص مذهب الحنفية :
ذكر ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/521)
" أَبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين وكان يجره على الأرض ، فقيل له : أَولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال : إنما ذلك لذوي الْخيلاء ولسنا منهم " انتهى .
جاء "الفتاوى الهندية" (5/333) .
( إسبال الرجل إزاره أسفل من الكعبين إن لم يكن للخيلاء ففيه كراهة تنزيه ، كذا في الغرائب )
نصوص مذهب المالكية :
وأما المالكية : فذهب بعضهم إلى التحريم كابن العربي والقرافي .
قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (7/238) :
" لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول : لا أتكبر فيه ؛ لأن النهي تناوله لفظاً ، وتناول علته ، ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكماً فيقال إني لست ممن يمتثله لأن العلة ليست فيَّ ، فإنه مخالفة للشريعة ، ودعوى لا تسلم له ، بل مِن تكبره يطيل ثوبه وإزاره فكذبه معلوم في ذلك قطعا " انتهى .
وذهب آخرون منهم إلى الحكم بالكراهة وليس التحريم .
قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (3/244) :
" وهذا الحديث يدل على أن من جر إزاره من غير خيلاء ولا بطر أنه لا يلحقه الوعيد المذكور ، غير أن جر الإزار والقميص وسائر الثياب مذموم على كل حال " انتهى .
وجاء في "حاشية العدوي" (2/453) :
" الحاصل أَن النصوص متعارضة فيما إذا نزل عن الكعبين بدون قصد الكبر : فمفاد "الحطاب" – من علماء المالكية - أَنه لا حرمة بل يكره ، ومفاد "الذخيرة" – كتاب للإمام القرافي - : الحرمة .
والظاهر : أَن الذي يتعين المصير إليه الكراهة الشديدة " انتهى .
نصوص مذهب الشافعية :
وأما الشافعية : فصرحوا بأنه لا حرمة إلا بقصد الخيلاء .
قال الإمام الشافعي رحمه الله – كما نقله عنه النووي في "المجموع" (3/177) : " لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء ، فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة فهو خفيف ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضى الله عنه وقال له : إن إزاري يسقط من أحد شقي . فقال له : ( لست منهم ) " انتهى .
وقال النووي في "شرح مسلم" (14/62) :
" لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء ، فإن كان لغيرها فهو مكروه ، وظواهر الأحاديث فى تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء ، وهكذا نص الشافعى على الفرق " انتهى .
نصوص مذهب الحنابلة :
قال في : "الإقناع" (1/139) :
" ويكره أن يكون ثوب الرجل تحت كعبه بلا حاجة " انتهى باختصار .
وقال ابن قدامة في: "المغني" (2/298) : " ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل ؛ فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حَرُم " انتهى .
وقال ابن مفلح "الآداب الشرعية" (3/521) :
" واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله ( ابن تيمية ) عدم تحريمه ، ولم يتعرض لكراهة ولا عدمها " انتهى .
وانظر : " شرح العمدة" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (361-362) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: وَيْلٌ لِلْمُتَفَقِّهِينَ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ، وَالْمُسْتَحِلِّينَ لِلْحُرُمَاتِ بِالشُّبُهَاتِ.
سنن الدارمي والشعب للبيهقي.
قال بعض #السلف رحمهم الله تعالى :
«إِذْا غَلَبَ اَلْهَوَى عَلَى اَلْقَلْبِ اِسْتَحْسَنَ اَلرَّجُلُ مَا كَانَ يَسْتَقْبِحُهُ!».
وَقَالَ الْفُضَيْل بن عياض رحمه الله تعالى :
«لَا يَزَالُ اَلْعَبْدُ مَسْتُورًا حَتَّى يَرَى قَبِيحَه حَسَنًا!».
فائدة نفيسة
في قراءة كتب الحافظ شمس الدين الذهبي:
قال الإمام تاج الدين السبكي: "وأمّا تاريخُ شيخِنا الذهبي - غفر الله له - فإنه على حُسنِه مشحونٌ بالتعصُّبِ المفرِط لا واخَذه اللهُ، فلقد أكثَر الوقيعةَ في أهل الدِّين، أعني الفقراءَ الذين هم صفوةُ الخلقِ، واستطال بلسانِه على كثيرٍ مِن أئمّة الشافعيين والحنفيين، ومال على الأشاعرة، ومدح فزاد في المُجسِّمةِ، هذا وهو الحافظُ المِدْرَهُ، والإمامُ المبجَّلُ، فما ظنُّك بعوامِّ المؤرّخين، ...، ولقد وقفتُ في تاريخ الذهبي - رحمه الله - على ترجمة الشيخ الموفق ابن قدامة الحنبلي والشيخ فخر الدين بن عساكر، وقد أطال تلك، وقصّر هذه، وأتى بما لا يشك لبيبٌ أنه لم يحمله على ذلك إلا أن هذا أشعري وذاك حنبلي، وسيقفون بين يدي رب العالمين.
...، والذي أُفتِي به أنه لا يجوز الاعتمادُ على كلام شيخنا الذهبي في ذم أشعري ولا شكر حنبلي والله المستعان".
اه من كتاب (طبقات الشافعية الكبرى) لتاج الدين السبكي رحمه الله تعالى.
قال الشيخ المفتي محمد تقي العثماني جزاه الله خيرا في تقديمه على كتاب القول التمام: ((من أجل ذلك قام الأستاذ الفاضل الشيخ سيف بن علي العصري بتأليف كتابه القيم "القول التمام بإثبات التفويض مذهبا للسلف الكرام"، ومقصوده في هذا الكتاب -كما أفصح هو بنفسه في المقدمة- إثبات أن جمهور السلف يُرجحون مذهب التفويض، على عكس ما ادّعاه أصحاب المذهب الثاني أن مذهبهم هو مذهب السلف بأجمعهم. والحق أنه أثبت ذلك بحجج واضحة، ونُقولٍ صريحة من أعلام أئمة الدين وقادة أهل السنة والجماعة، بحيث لم يدع مجالا للقول بأن التفويض "من شر أقوال أهل البدع والإلحاد" كما جاء في بعض عبارات الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى))

📚مقالات وبحوث [ج:١/ص:٦٦] - محمد تقي العثماني
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
ثانيًا: تعيين أعداد الذكر عند التابعين رضي الله عنهم. من أمثلة ذلك ما جاء عن الإمام إبراهيم بن أدهم، المولود سنة (100هـ) والمتوفى سنة (162هـ)، الذي وصفه الإمام الذهبي رحمه الله بقوله «القدوة الإمام العارف، سيد الزهاد... وقبره يزار»، فقد روى الإمام أبو نعيم…
أخرج الترمذي ، والحاكم ، والطبراني عن صفية قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال : ما هذا يا بنت حيي ؟ قلت : أسبح بهن ، قال : قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا ، قلت : علمني يا رسول الله قال : " قولي سبحان الله عدد ما خلق من شيء "

وذَكَرَ ابنُ عَسَاكِرَ رَحِمَهُ الله فِي كتابِ (التّهذيبِ) أنَّ التّابِعِيَّ خَالِدَ بنَ مَعْدَانَ كانَ كثيرَ التَّسبيح، فلَمَّا وُضِعَ ليُغَسَّلَ جُعِلَ أُصْبَعُهُ يُحَرَّكُ بالتَّسبِيحِ. كانَ رَحِمَهُ الله يُسبِّحُ فِي اليَومِ أرْبَعِيْنَ ألفَ تَسْبِيحَةٍ سِوَى مَا يَقْرَأُ. تاريخ الإسلام " للذهبي (3/41) .
وكان عمير بن هانئ " يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ مائَة أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ " .
انتهى من " سير أعلام النبلاء " (13/217)

قَالَ عِكْرِمَةُ : " كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ ، وَيَقُولُ: أُسَبِّحُ عَلَى قَدْرِ دِيَتِي " انتهى من " البداية والنهاية " (11/379) .

وأخرج عبد الله بن الإمام أحمدَ في زوائدَ الُزّهدِ من طَريق نعيم بن مُحرِز بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة أنه كان له خيطٌ فيه ألفا عُقدة فلا يَنامُ حتى يُسَبِحَ به. أبو هُريرة اتخَذَ خيطًا فيه ألفا عُقدة يُديرُهُ كلَّ يوم سِتَ مَرات يُسَبِحُ اثنتي عَشرَةَ ألف تسبيحة، ومن شدة تواضعهِ يقول: أسبِحُ بقدر ذنوبي...
سئل:
الإمام الأوزاعي،
والإمام مالك ،
والإمام سفيان الثوري،
والإمام الليث بن سعد:
عن الأحاديث المتشابهة ؟
فقالوا:
أمرُّوها كما جاءت، بلا كيفية.
الاعتقاد للإمام البيهقي (٢١٢).
رد الإمام الحافظ ابن حجر على النابتة والحشوية:

"إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته " (1/ 508): "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ومهما تؤول به هذا جاز أن يتأول به ذاك والله اعلم "
روى الطبراني وأبو يعلى في مسنده وابن السني في عمل اليوم والليلة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله *《 إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم 》*
وفي رواية أخرى لهذا الحديث: *《إذا ضل أحدكم شيئا، أو أراد أحدكم غوثا، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل:» يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عبادا لا نراهم》* رواها الطبراني في الكبير وقال بعد ذلك: وقد جُرب ذلك - الطبراني ح 10518 (10/ 217)، وأبو يعلي ح 5269 (9/ 177).

جاء في صفحة دار الإفتاء المصرية :
الســؤال
ما معنى حديث: «يا عباد الله أغيثوني»، ومدى صحته والعمل به؟

الجـــواب
روى الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 117، ط. مكتبة ابن تيمية) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا عبد الرحمن بن سهل، حدثني أبي، عن عبد الله بن عيسى، عن زيد بن علي، عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه، عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا، أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لَا نَرَاهُمْ». قال الطبراني: وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ.
قال المحدث الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" في كتاب الأذكار (10/ 132، ط. مكتبة القدسي): [رواه الطبراني، ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم، إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة رضي الله عنه] اهـ.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه البزار في "مسنده" (11/ 181، ط. مكتبة العلوم والحكم): أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ للهِ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ يَكْتُبُونَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلاةٍ فَلْيُنَادِ: أَعِينُوا عِبَادَ اللهِ»، قال البزار: وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
قال المحدث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 132): [رواه البزار، ورجاله ثقات] اهـ.
ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" بلفظ: «إِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ يَكْتُبُونَ مَا يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ فِي الْأَرْضِ لَا يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الْأَعْوَانِ فَلْيَصِحْ، فَلْيَقُلْ: عِبَادَ اللهِ، أَغِيثُونَا أَوْ أَعِينُونَا رَحِمَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ سَيُعَانُ»، وفي لفظ آخر: «إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يُسَمَّونَ الْحَفَظَةَ، يَكْتُبُونَ مَا يَقَعُ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَمَا أَصَابَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَرْجَةٌ أَوِ احْتَاجَ إِلَى عَوْنٍ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلْيَقُلْ: أَعِينُونَا عِبَادَ اللهِ، رَحِمَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ يُعَانُ إِنْ شَاءَ اللهُ»، ورواه ابن شيبة في "المصنف".
وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رواه الطبراني، وأبو يعلى في "مسنده"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" عن أبي يعلى، وابن حجر العسقلاني في "المطالب العالية"، وذكره النووي في "الأذكار" عن ابن السني من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَلْيُنَادِ: يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا عَلَيَّ، يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ للهِ فِي الْأَرْضِ حَاضِرًا سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُمْ».
قال العلامة ابن علان الصديقي في "شرحه على الأذكار للنووي" (5/ 151، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث حسن الإسناد غريب جدًّا، أخرجه البزار وقال: لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد] اهـ. وحسنه الحافظ السخاوي أيضًا في "الابتهاج بأذكار المسافر الحاج"، وقال المحدث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 132): [رجاله ثقات] اهـ.
وهو حسنٌ؛ لتعدد طرقه واعتضادها ببعض كما صرح بذلك ابن علان في "شرحه لأذكار النووي".
وهذا الحديث يعني أن الإنسان إذا انفلتت منه دابته في مكان خال من الناس، أو ضاع منه شيءٌ، أو ضلَّ الطريق، أو نحو ذلك، فإنه ينادي بهذا الدعاء الذي علمه لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيعينه عباد الله في الأرض إنسًا أو جنًّا أو ملائكة، فتُحبس الدابة له بإذن الله.
قال الحافظ عبد الله بن الصديق الغماري في "الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين" (ص: 41، ط. مكتبة العهد الجديد): [ففي هذا الحديث جواز استغاثة المخلوق، والاستعانة به، وذلك لا يكون بالضرورة إلا فيما يقدر عليه، ويليق به، أما الإغاثة المطلقة، والإعانة المطلقة، فهما مختصان بالله تعالى، لا يطلبان إلا منه، وهذا معلوم من الدين بالضرورة] اهـ.
وروى الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 224، ط. دار الفكر) هذا الحديث عن ابن السني ثم قال: [قلت: حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه أفلتت له دابة -أظنها بغلة- وكان يعرف هذا الحديث، فقاله، فحبسها الله عليهم في الحال، وكنت أنا مرة مع جماعة، فانفلتت منها بهيمة وعجزوا عنها، فقلته، فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام] اهـ.
وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قال: "حججت خمس حجج، فضللت الطريق، وكنت ماشيًا، فجعلت أقول: يا عباد الله دلوني على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق" اهـ. "مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله"
وروى الإمام السيوطي هذا الحديث في "التيسير بشرح الجامع الصغير" ، وشرحه العلامة المناوي فقال: [«إِذا انفلتت دَابَّة أحدكُم» أَي فرت وَخرجت مسرعة «بِأَرْض فلاة» أَي قفر لَا مَاء فِيهَا، لَكِن المُرَاد هُنَا بَريَّة لَيْسَ فِيهَا أحد كَمَا يدل لَهُ رِوَايَة: «لَيْسَ بهَا أنيس»، «فليناد» بِأَعْلَى صَوته «يَا عباد الله احْبِسُوا عليّ دَابَّتي» أَي امنعوها من الْهَرَب «فَإِن لله فِي الأَرْض حَاضرًا» أَي خلقًا من خلقه: إنسيًّا أَو جنيًّا أَو ملكًا لَا يغيب «سيحبسه عَلَيْكُم» أَي الْحَيَوَان المنفلت، فَإِذا قَالَ ذَلِك -بنية صَادِقَة وَتوجه تامّ- حصل المُرَاد بعون الْملك الْجواد] اهـ.
وعليه: فإن الحديث المذكور حسنٌ بشواهده،
والله سبحانه وتعالى أعلم.
لا تلعب بدينك
قال الإمام مالك للقعنبي رحمهما اللّه
مهما تلاعبت بشيء فلا تلعبن بدينك.(ترتيب المدارك 65/2 )
قال القرطبي: يرحم الله السلف الصالح فلقد بالغوا في وصية كل ذِي عقل رَاجِحٍ، فَقَالُوا :
مَهمَا كُنتَ لاعِبًا بِشَيءٍ، فَإِيَّاكَ أن تَلعَبَ بِدِينِكَ. [تفسير القرطبي 25/11]
#الأشاعرة_هم_أهل_السنة_والجماعة:

قصّة الحافظ الدارقطني وأبي ذر الهروي ( صاحب أصحّ رواية للبخاري ) مع #إمام الأشاعرة الإمام أبي بكر الباقلاني رحمهم الله تعالى ورضي عنهم :

في ترجمة الحافظ أبي ذرّ الهروي :
(قال أبو الوليد الباجي في كتاب "اختصار فرق الفقهاء" من تأليفه، في ذكر القاضي ابن الباقلاني: لقد أخبرني الشيخ أبو ذرّ وكان يميل إلى مذهبه – يعني الأشعرية -، فسألته: من أين لك هذا؟! قال: إني كنت ماشيا ببغداد مع الحافظ الدارقطني، فلقينا أبا بكر بن الطيب - يعني الباقلاني - فالتزمه الشيخ أبو الحسن، وقبَّلَ وجهه وعينيه، فلما فارقناه، قلت له: من هذا الذي صنعت به ما لم أعتقد أنك تصنعه وأنت إمام وقتك؟!!
فقال أي _الدارقطني_: ((#هذا إمام المسلمين، والذابُّ عن الدين، هذا القاضي أبو بكر محمد بن الطيب!!.))
قال أبو ذر الهروي: فمن ذلك الوقت تكررت إليه – أي الباقلاني - مع أبي، كلُّ بلدٍ دخلته من بلاد خراسان وغيرها لا يُشار فيها إلى أحدٍ من أهل السنة إلا من كان على #مذهبه وطريقه))
ثم قال الذهبيّ تعليقا على هذه الحكاية:
(هو – أي الباقلاني - الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان، وبالحضرة رؤوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يردُّ على الكرامية، وينصر الحنابلةَ عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامرٌ، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام) انتهى.

(سير أعلام النبلاء) للحافظ الذهبيّ: 17/558
#عقيدة_ابن_كثير
ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ج3، ص134 «بل يداه مبسوطتان».
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْيَهُودِ -عَلَيْهِمْ ‌لَعَائِنُ ‌اللَّهِ ‌الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ القيامة-بِأَنَّهُمْ وَصَفُوا اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا، بِأَنَّهُ بَخِيلٌ. كَمَا وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ، وَعَبَّرُوا عَنِ الْبُخْلِ بِقَوْلِهِمْ: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} .........إلي أن قال
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أَيْ بَلْ هُوَ ‌الْوَاسِعُ ‌الْفَضْلِ، الْجَزِيلُ الْعَطَاءِ، الَّذِي مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَهُ خَزَائِنُهُ، وَهُوَ الَّذِي مَا بِخَلْقِهِ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّذِي خَلَقَ لَنَا كُلَّ شَيْءٍ مِمَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فِي لَيْلِنَا وَنَهَارِنَا، وَحَضَرِنَا وَسَفَرِنَا، وَفِي جميع أحوالنا، كما قال وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إِبْرَاهِيمَ: 34] وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ .
فهل قال يد حقيقية؟!!!
قال الامام أبو المحاسن القاوقجي الحنفي الطرابلسي رحمه الله تعالى في كتاب الاعتماد في الاعتقاد:
فإذا قال لك: أين اللهُ؟
فقل: مع كلِ أحدٍ بعلمِهِ لا بذاتهِ،
وفوقَ كل أحدٍ بقدرتهِ وظاهرٌ بكلِ شىءٍ بآثارِ صفاتِهِ،
وباطن بحقيقةِ ذاتهِ أي لا يُمكنُ تصويرُهُ في النفس منزهٌ عن الجهةِ والجِسمية،
فلا يقالُ: له يمينٌ ولا شمالٌ ولا خلفٌ ولا أمامٌ، ولا فوقَ العرش ولا تحتَهُ،
ولا عن يمينِهِ ولا عن شِمالِهِ، ولا داخلٌ في العالمِ ولا خارجٌ عنه.
ولا يقالُ: لا يعلمُ مكانهُ إلا هو.
ومن قال: لا أعرفُ اللهَ في السماءِ هو أم في الأرضِ كفرَ لأنه جعل أحدَهُما له مكانًا،
فإذا قال لك: ما دليلُك على ذلك؟
فقل: لأنه لو كان له جهة أو هو في جهةٍ لكان متحيزًا،
وكلُ متحيزٍ حادثٌ والحدوثُ عليه محال.
فإذا قال لك: ما الله؟
فقل: إن سألتَ عن اسمِهِ فالله الرحمن الرحيم له الأسماء الحسنى.
وإن سألت عن صفتِهِ فحياتُهُ ذاتيةٌ أزلية،
وعلمُهُ محيطٌ بكل شىءٍ، وقدرتُهُ تامةٌ،
وحِكمتُهُ باهرةٌ، وسمعهُ وبصرُهُ نافذٌ في كلِ شىء.
وإن سألتَ عن فعلِهِ
فخلقُ المخلوقات ووضع كلَ شىءٍ موضعَهُ.
وإن سألتَ عن ذاتهِ
فليسَ بجسمٍ ولا عرَضٍ وليس مركبًا، وكل ما خطرَ ببالك فاللهُ بخلاف ذلك.
بل ذاتُهُ موجودٌ ووجودُه واجبٌ،
لم يلد ولم يولد ولم يكن لهُ كفوًا أحد، ليس كمثلِهِ شىءٌ وهو السميعُ البصير.
ومن قال: أعبدُ الذاتَ المتصفَ بالصفاتِ فهو المؤمنُ الناجي.
https://www.tg-me.com/ahlussonna
2024/09/29 02:20:50
Back to Top
HTML Embed Code: