Telegram Web Link
السؤال/ يوجد ممن يدّعي العلم بالقران والسنة من يكفر طائفة من المسلمين وهي ((الأشاعرة)) فما هو حكم من كفّرهم وما دور هذه الطائفة ((الأشاعرة)) في خدمة الإسلام؟
الجواب/

الأشاعرة هم أتباع أبي الحسن الأشعري الذي كان له الفضل الأسبق في تنقية عقائد أهل السنة والجماعة من الشوائب التي اعترتها من عقائد المعتزلة، وكان معظم أفذاذ الأمة وفطاحل علمائها من الأشعريين الذين لم يبلغ من يطعن بهم كعبهم علما وورعا وتقوى،منهم إمام الحرمين والغزالي وابن حجر العسقلاني وفخر الدين الرازي،ولم يكن لهم ذنب إلا أنهم حرصوا على دفع شُبَه المجسّمة عن الذات الإلهية التي أثبت له تعالى الجسم من خلال الآيات والأحاديث المتشابهة التي جاءت تحمل بظاهرها أنّ لله يدا وعينا وذراعا وإصبعا ونحو ذلك فقاموا بدحض شبهتهم باللجوء إلى المجاز؛ لأن المُشَبِّه لا يؤمن بنظرية التفويض فلا ترد إلا بنوع من التأويل،وعلى الرغم من ذلك فإنهم كانوا يرون أن التفويض وعدم الخوض في معرفة المراد منها هو الأسلم للعقيدة.
وكانت شُبهة من يكفرهم أنه اتهمهم بأنهم ينفون بعض صفات الله تعالى حيث ظنوا أنّ اليد والرجل والعين هي صفات له تعالى كالقدرة والإرادة والعلم، فكما أنّ له قدرة ليست كقدرتنا وعلما ليس كعلمنا فله يد ليست كيدنا وعين ليست كعيننا.
ولا يخفى أن لفظ اليد والعين والإصبع هي من أسماء الذوات وليست من أسماء الصفات، فإذا أطلقنا اليد تبادر إلى الذهن اليد الجسدية؛ ولكن إذا أطلقنا القدرة لا يتبادر إلى الذهن قدرة جسدية. فالقياس مع الفارق.
فإلقاء الملامة على الأشاعرة في التأويل أمام المشبِّهة اعتداء عليهم وظلم لهم وإنكار لفضلهم على العقيدة فضلا عن تكفيرهم، فإنّ من يكفرهم سيكون مشمولا بقوله (صلى الله عليه وسلم) ((إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما،فإن كان كما قال والا رجعت عليه)) متفق عليه. وبقوله ((من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار – أي رجع – عليه)) متفق عليه.
وما مثل من يُكفّرهم أو يُكفّر الإمام الأشعري إلا كمثل فراش في مستشفى رأى طبيبا متخصصا ويحمل أعلى شهادة في الطب ويحمل أعلى الألقاب العلمية،وقد قرأ الفراش أو تعلم كيف يضمد الجرح وبعد تعلمه كيف يضمد الجرح يأخذ بالتطاول على الطبيب وينسب إليه الخطأ والجهل ويطعن به ويشكك الناس به وفي معلوماته.
أ.د عبد الملك عبد الرحمن السعدي
لم ينزّل ربنا سبحانه وتعالى قوله العزيز "الرحمن على العرش استوى"
ولا قال النبي صلى الله عليه وسلم حديثه الشريف: "ينزل ربكم إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة"

ليفتح لنا باب الخوض في ذات الله العليّة، وليجعل الكلام في ذلك مرتعًا لكلّ متردّية ونطيحة، ولينطق الحشوية العوامّ الطغام بالكفر البواح بحجّة الدفاع عن العقيدة، بل نزّل الله سبحانه وتعالى ذلك لنستشعر سلطان قهره، ولنقوم وندعوه في الثلث الأخير من الليل، غير خائضين في ما وراء ذلك، بل نسلّم علمه إلى العليم الخبير سبحانه وتعالى.

والعجيب أن أكثر الخائضين في هذه المسائل على الفيس بوك من الصبية سفهاء الأحلام لا يصلّون، وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون،فأي شيء أضاعوا وفي أي شيء خاضوا؟!

نعوذ بالله من الزندقة!
شيخنا: هل (الصفات الفعلية) لله تعالى من صفات كماله أم لا؟
الجواب:
اعلم وفقنا الله وإياك لمرضاته أن صفات الله الذاتية واجبة قائمة بذات الله تعالى أزلية، وأما صفات الافعال فذهب جمهور أهل السنة إلى أنَّها حادثةٌ قائمةٌ بالمخلوقات لا بذات الله تعالى، وأنَّها متجددةٌ، كالترزيق والتخليق والإحياء والإماتة، وإذا كان الأمرُ كذلك فلا يصح أنْ تكون صفاتُ الأفعال من كمال الله تعالى، لأنها لو كانت من كمالاته سبحانه لكانت واجبةً، وخلقُهُ تعالى للخلق وترزيقه لهم ليس واجباً عليه، ثمَّ إذا كانت صفاتُ الأفعال من كمالاته سبحانه لكانَ كمالُهُ سبحانه متوقفا على وجودِ مخلوقاته، وهذا مُحالٌ أنْ يستفيدَ الأشرفُ كمالَهُ من مخلوقه.
ولكن يصح أن نقول: «هي دالة على كماله»، لأنها آثار الإرادة والقدرة الأزليتان، فصفات الأفعال هي تعلقات القدرة والإرادة، والمجال يحتمل بسطاً، ولكن نكتفي بهذا. والله الموفق
كتبه/ سيف العصري
٥ ذو القعدة ١٤٤٥
١٣ مايو ٢٠٢٤
#قضاء_الصلاة_المتروكة_عمداً..

يقول العلامة الاستاذ الدكتور محمد حسن هيتو في كتابه المتفيهقون: لقد سألني بعضهم عن حكم الصلاة التي يتركها الإنسان عمداً، من حيث القضاء وعدمه؟

فقلت له: يجب قضاء هذه الصلاة ، باتفاق الأئمة الأربعة ، وأتباعهم في كل العصور.

فقال لي: إن هذا يخالف الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، والذي لا يوجب قضاء الصلاة إلا على من تركها بسبب النوم أو النسيان، وأما من تركها عمداً، فلا قضاء عليه.

فقلت له: وما هو هذا الحديث ؟ والحديث معروف إلا أنني أردت أن أتثبت من أنه يريده بنطقه له.

فقال ما رواه البخاري ومسلم ، (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها اذا ذكرها).

فنص الحديث على وجوب القضاء على الناسي والنائم فقط، أي فلا يجب القضاء على من سواهما، لأنه سكت عنه.

فقلت له: إن مرادك الاستدلال بمنطوق الحديث على وجوب القضاء على النائم والناسي، وبمفهومه على عدم وجوبها على من سواهما، استدلالاً بالمنطوق والمفهوم. فقال نعم، هو ما أردت.

فقلت له: يا هذا... لا تقل إن علماء الأمة مع من تقدمهم من الأئمة الأربعة قد خالفوا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وهم يعرفونه ويحفظونه، وهم اللذين نقلوه إلينا ولولاهم لما عرفناه. فإن في الأمة من هو احرص مني ومنك على دين الله ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وإن فيهم لمن عرف به تاريخ هذه الأمة.

والفقه الإسلامي الذي دونه الأئمة وأتباعهم، ما دونوه إلا استنباطاً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

ولكن قل لي بأدب المتعلم: كيف فهم أولئك السلف من عظماء الأمة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لتصل إلى المراد من فهم الحديث ، وتفوز بشرف الأدب الذي يجب أن يتحلى به طالب العلم ، وعندها يمكن لي أن أجيب.

وأنا لا أريد أن أخوض في هذه المسألة وأدلتها ، فقد فرغت منها أمتنا منذ أربعة عشر قرناً.

واتفق الأئمة الأربعة وأتباعهم لا نعني بذلك عدة رجال، وإنما نعني به الآلاف المؤلفة من عظماء أمتنا، ممن ملأت تراجمهم مئآت المجلدات من كتب التاريخ، وانما أريد فيما أقوله أن أبين لك خطأ استدلالك بهذا الحديث، على ما ذهبت إليه من الفهم، من أن القضاء يجب على من ترك الصلاة سهواً أو نسياناً، لا على من تركها عمداً ، لأبين لك أن الخطأ ليس في فهم الفقهاء ، إنما هو في فهمك الخاطئ لهذا الحديث.

يا هذا لقد استدللت بمنطوق الحديث على وجوب القضاء على النائم والناسي، وهذا لا غبار عليه.

واستدللت بمفهومه على عدم وجوب القضاء على من سواهما، وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه.

وذلك لما يلي:

١_ إن الاستدلال بمفهوم المخالفة استدلال معزوز ضعيف، وقع فيه نزاع كبير بين الأصوليين.

٢_ والقائلون بالمفهوم لم يقولوا به في كل مفهوم، اذ اتفقوا تقريباً على عدم الاحتجاج بمفهوم اللقب.

٣_ وأما بقية المفاهيم من مفهوم الصفة، والشرط، والغاية، والعدد، والحال، والزمان، والمكان، وغيرها فقد وقع فيها خلاف، ولبعضهم فيها شروط وقيود وضوابط، لا أريد الاستطراد في شرحها، فليس هذا مكانها، وانما يرجع إليها في كتب الأصول.

٤_ كما اتفق القائلون بمفهوم المخالفة على أنه لا يحتج بمفهوم المخالفة إلا إذا توفرت فيه ستة شروط، فإذا انتفى واحد من هذه الشروط الستة فإنهم يعطلون العمل بمفهوم المخالفة.

ولذلك اتفقوا على عدم العمل بمفهوم هذا الحديث ، لأنه لم يختلف فيه شرط واحد من شروط العمل بمفهوم المخالفة، وإنما تخلف فيه ثلاثة شروط من شروطه، ولذلك لم يعملوا به اتفاقاً.

وهذه الشروط هي:

١_ أن لا يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به، كقوله تعالى {فلا تقل لهمآ أف} فإنه لا يفهم منه جواز الضرب لأن الضرب المسكوت عنه أولى بالحرمة من التأفف المنطوق به

٢_ أن يكون المسكوت عنه ترك لخوف، فإذا كان كذلك، لم يعمل بالمفهوم ، وذلك كقول رجل حديث عهد بالإسلام، لوكيله، بحضور المسلمين: تصدق بهذا المال على المسلمين ، وهو يريد المسلمين وغيرهم من المحتاجين ، إلا أنه سكت خوفاً من أن يتهم بالنفاق. فإذا قامت القرينة على أنه سكت عن المعنى المفهوم خوفاً، عُطل العمل به

٣_ أن لا يكون المسكوت عنه ترك لجهل به، كمن قال: النفقة واجبة للأصول والفروع، وهو يجهل حكم النفقة على الأطراف، فإنه لا يعمل بالمفهوم هنا، فلا يحكم بأن النفقة للأطراف ليست واجبة. لأنه يجهل حكمها، فسكوته عنها، لا لأن النفقة غير واجبة ، وإنما لعدم علمه بها، ولذلك تعطل العمل بالمفهوم.

٤_ أن لا يكون المنطوق خرج مخرج الغالب، فإن كان كذلك ، تعطل العمل به، وذلك كقوله تعالى: {وربآئبكم الّاتي في حجوركم} فان مفهوم هذا النص أن الربيبة إذا لم تكن في حجر زوج الأم، جاز نكاحها، إلا أن هذا المفهوم غير مراد، والعمل به معطل، لأن الحكم خرج مخرج الغالب، إذ غالباً ما تكون الربيبة في حجر الزوج مع أمها، ولذلك قيد بها، وليس
المراد نفي الحكم عن الربيبة التي لا تكون في الحجر.

٥_ أن لا يكون المذكور بالحكم خرج جواباً لحادثة أو واقعة معينة وذلك كنهيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عن بيع الرطب بالتمر، فمفهومه أنه يجوز أن يباع الرطب بالرطب، ولكن هذا المفهوم غير مراد، لأن الكلام خرج جواباً لحادثة وسؤال معين، فهو يدور مع السؤال في عمومه وخصوصه، ولا يراد ننه أبداً نفي الحكم عما سوى المذكور.

٦_ أن لا يكون المذكور خرج مخرج الواقع، فإن كان كذلك لم يعمل بالمفهوم، وذلك كقوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين} فان مفهوم هذه الآية أنه تجوز موالاة الكافرين مع المؤمنين ، وإنما هي عن موالاتهم منفردين دون المؤمنين.

إلا أن هذا المفهوم غير مراد والآية لم تنزل لبيان هذا المفهوم، وانما نزلت في واقعة معينة، في قوم والوا الكافرين دون المؤمنين، فنهوا عن ذلك، فالحكم اريد به بيان الواقع، لا نفي الحكم عن غيره.

والأمثلة ، في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كثيرة، وانما ذكرت ما ذكرت تمهيداً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم {من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها}.

فقد قال العلماء فيه ما قيل في الأمثلة التي ذكرتها وعطل فيها العمل بالمفهوم ، فقالوا: هذا الحديث يعطل العمل بمفهومه، لأن المسكوت عنه، وهو ترك الصلاة عمداً، أولى من المنطوق به وهو ترك الصلاة سهواً أو نسياناً.

فإذا كان القضاء قد وجب على تارك الصلاة بعذر النوم أو النسيان ، وقد رفع عنه القلم، وسقط عنه التكليف، فأن يجب على تركها بغير عذر من باب أولى.

وثانياً: لأن هذا الحكم خرج مخرج الغالب ، من حال المؤمن أنه لا يترك الصلاة الا بسبب من نوم او نسيان، وليس معناه أنه إذا تركها في غير هاتين الحالتين لا قضاء عليه.

ولا ضرورة للتنصيص على كل حالة، إذ الشارع يكتفي بالتنصيص على بعض الصور، ويقاس عليها ما في معناها من الصور الاخرى التي لم ينص عليها ، وإلا ، فما هو القياس الذي يعتبر أوسع مصادر التشريع على الاطلاق ؟

وثالثاً: قد ورد هذا الحديث في واقعة معينة حدثت مع رسول الله وأصحابه، إذ ناموا عن صلاة الصبح حتى ضربتهم الشمس، وبعد أن استيقظوا، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالخروج من الوادي الذي كانوا فيه، وأمر بلالاً أن يؤذن ويقيم ، وصلى بالناس قضاء، ثم قال للناس وقد بدا عليهم التأثر لما بدر منهم وصاروا يتلاومون، قال لهم: {من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها} ومراده بيان حكم الواقعة التي وقعت، وليس مراده نفي الحكم عما سواها من الوقائع.

ورابعاً: لقد علل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وجوب قضاء الحج عن الميت بقوله: {أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء}.

وهذا عام فيما كان بعذر، أو بغير عذر، وعام في الحج وغيره، والعمل بمنطوق هذا الحديث، أولى من العمل بمفهوم ذاك إذا تعارضا.

فما بالنا إذا لم يتعارضا، إذ تعطل مفهوم ذاك، ووجب العمل بمفهوم هذا......؟!

يا هذا من أجل ما ذكرته لك هنا تعطيل العمل بمفهوم هذا الحديث ، أعرض فقهاء المسلمين من الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة، عن العمل بمفهومه، لما ذكرت، لا إعراضاً عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وإلا فهم أحرص على دين الله ، وحدث رسوله من كثير من المتفيهقين في عصرنا هذا ، إن جاز لنا أن نفاضل بينهم.

ومرة ثانية: أنا لا أريد الاستدلال على هذه المسألة ، فقد فرغت منها أمتنا منذ أربعة عشر قرناً ، وانما أريد أن أبين وجه خطأ من أخطأ بجهله وتفيهقه.

يا هذا نحن لا نريد أن نحجر على الناس الفتوى والاجتهاد ، فما كان لنا أن نغلق باباً فتحه الشرع.

ولكننا نريد أن نقول للناس: تعلموا قبل أن تفتوا وتجتهدوا.

يا هذا من تطبب بغير طب فقد برئت منه ذمة الاسلام ، ومن افتى بغير علم فقد ضل وأضل.

وقد روي في الحديث: {إن أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون}.
قال الإمام النووي رضي الله عنه عقب حديث غسل السيدة أسماء رضي الله عنها جُبة رسول الله ﷺ لتستشفي بها المرضى:

وفي هذا الحديث دليل على [استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم]

وقال رضي الله عنه في إعطاء النبي ﷺ إزاره للنساء اللاتي كن يغسلن ابنته:

الحكمة في إشعارها به [تبريكها]
كلام الكِبار:
(لا تقومُ السّاعةُ حتى يكونَ العلمُ جهلًا والجهلُ علمًا)

الإمام سفيان الثوري رضي الله
🔷 عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إنَّهَا سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها!)) قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمَّا تَأْمُرُنا؟ قَالَ: ((تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

🔸 ((وَالأَثَرَةُ)): الانْفِرادُ بالشَّيءِ عَمنَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ.
في هذا الحديث: الصَّبْر على جَور الولاة، وإِن استأثروا بالأَموال، فإن الله سائلهم عما استرعاهم.
🔷 From Ibn Mas'ud, may Allah be pleased with him: The Messenger of Allah, peace be upon him, said: "Indeed, there will be after me matters that you will disapprove." They said: "O Messenger of Allah, what do you command us to do?" He said: "You fulfill the rights that are upon you, and you ask Allah for what is for you." [Agreed upon]

🔸 "Atharah": Exclusivity or sole possession of something to the exclusion of others who have rights in it.
In this hadith: Endurance in the face of the injustices of rulers, even if they amass wealth, for indeed Allah will question them about what they were entrusted with.


français :

🔷 De Ibn Mas'ud, qu'Allah soit satisfait de lui : Le Messager d'Allah, que la paix soit sur lui, a dit : "En vérité, il y aura après moi des affaires que vous désapprouverez." Ils ont dit : "Ô Messager d'Allah, que nous commandez-vous de faire ?" Il dit : "Vous remplissez les droits qui vous incombent, et vous demandez à Allah ce qui est pour vous." [Agreed upon]

🔸 "Atharah" : L'exclusivité ou la possession exclusive de quelque chose à l'exclusion des autres qui ont des droits dessus.
Dans ce hadith : L'endurance face aux injustices des dirigeants, même s'ils amassent des richesses, car Allah les interrogera sur ce dont ils ont été investis.

Türkçe':

🔷 İbn Mesud'dan, Allah ondan razı olsun: Allah'ın Elçisi, Allah'ın selamı üzerine olsun, şöyle buyurdu: "Gerçekten, benim ardımdan hoşlanmayacağınız şeyler olacak." Onlar dediler ki: "Ey Allah'ın Elçisi, bize ne emredersiniz?" O dedi ki: "Üzerinizde olan hakları yerine getirirsiniz ve sizin için olanı Allah'tan istersiniz." [Anlaşmıştır]

🔸 "Atharah": Bir şeyi, hak sahiplerini dışarıda bırakarak yalnızca bir kişinin sahip olması veya tek başına sahip olması.
Bu hadiste: Hükümdarların zulmüne dayanma, hatta zenginlik biriktirseler bile, çünkü Allah onları emanet edilen şeyler hakkında sorguya çekecektir.
#عقيدة_السادة_المالكية_عقيدة_التّنزيه

قَالَ مُفْتِي الْـمَالِكِيَّة فِي الْـمَدِينَةِ الْـمُنَوَّرَةِ الْعَلَّامَة الْـمُحَدِّث مُحَمَّد الْـخَضِر الْجَكنِي الْشَّنْقِيطِي (ت:1935م): ((أَمَّا مَا نُقِلَ عَنِ الْسَّلَفِ: فَفِي كِتَابِ الْسُّنَّةِ لِأَبِي الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِي عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت:ْ "الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِقْرَارُ بِهِ إِيمَانٌ، وَالْجُحُودُ بِهِ كُفْرٌ"، وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سُئِلَ: كَيْفَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ؟ فَقَالَ: "الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، َالْكَيْفُ_غَيْرُ_مَعْقُولٍ، وَعَلَى اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِهِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ".

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَال:َ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ فَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ، َكَيْفَ_عَنْهُ_مَرْفُوعٌ، وَلَا أَرَاكَ إِلَّا صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَخْرِجُوهُ"اهـ.

وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ نَحْو الْمَنْقُولِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَكِنْ قَالَ فِيهِ: "وَالْإِقْرَارُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ"اهـ.

وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأُمِّ سَلَمَة وَرَبِيْعَة الْرَّأْي مَعْنَاهُ أَنَّ "الاِسْتِوَاءَ مَعْلُومٌ": مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ مَحَامِلهُ الَّتِي تَصِحُّ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى، وَالْـمُرَاد فِي الْآيَةِ مِنْهَا مَجْهُولٌ لَنَا لَا نَعْلَمُهُ، وَمَعْنَى "جَهْل الْكَيْفِ" هُوَ أَنَّ: كَيْفِيَّةَ فَهْمِ الْآيَةِ بِحَمْلِهَا عَلَى مُعَيَّنٍ مَجْهُولَة، هَذَا هُوَ الْـمُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ وَلَيْسَ الْـمُرَاد مِنْهُ مَا يَظُنُّهُ َهْلَة_الْـمُجَسِّمَةِ مِنْ أَنَّ الاِسْتِوَاءَ مَعْلُومَةٌ حَقِيقَتهُ َكَيْفِيَّتهُ_مَجْهُولَةٌ، فَهَذَا هُوَ َيْنُ_الْكَيْفِ الَّذِي قَالَ مَالِكٌ: ِنَّهُ_مَرْفُوعٌ_عَنِ_اللهِ_تَعَالَى_لَا_يُوصَفُ_بِهِ فَكَيْفِيَّةُ الاِسْتِوَاء مُخْتَلِفَةٌ فِي الْحَوَادِثِ فِي حَالِ اسْتِوَائِهِم عَلَى مَا هُمْ مُسْتَوُونَ عَلَيْهِ مَجْهُولَةٌ لِـمَنْ لَـمْ يَكُنْ حَاضِرًا لِلْوَاحِدِ مِنْهُم: بَعْضُهم مُتَرَبِّع وَبَعْضهُم مُضْطَجِع وَبَعْضهُم مُقْع إِلَى غَيْر ذَلِك، فَلَوْ كَانَ الْـمُرَاد بِجَهْلِ الْكَيْفِ مَا وصفَ مَعَ الاِسْتِوَاءِ الْحَقِيقِي َـمْ_يَكُنْ_اللهُ_تَعَالَى_مُـمْتَازًا_عَنِ_الْبَشَرِ_فِي_جَهْلِ_كَيْفِيَّة_الاِسْتِوَاء_بِشَيْءٍ -تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيْرًا- وَمَعْنَى قَوْل مَالِك أَنَّ "الْسَّؤَال عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ" هُوَ أَنَّ: الْسُّؤَال عَنْ تَعْيِينِ مَا لَـمْ يَرِدْ فِيْهِ نَصٌّ مِنَ الْشَّارِعِ بِتَعْيِينِهِ بِدْعَة، وَصَاحِب الْبِدْعَة رَجُل سُوءٍ تَجِبُ مُجَانَبَته وَإِخْرَاجه مِنْ مَجَالِسِ الْعِلْمِ لِئَلَّا يُدْخِل عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِتْنَة بِسَبَب إِظْهَارِ بِدْعَته كَمَا مَرَّ مِنْ فِعْلِ عُمَر بِصُبَيْغ))(1)
______
(1) اسْتِحَالَةُ الْـمَعِيَّةِ بِالْذَّاتِ وَمَا يُضَاهِيهَا مِنْ مُتَشَابِهِ الْصِّفَات (ص:395-394)، تَأْلِيْف: الْعَلَّامَة الْـمُحَدِّث مُحَمَّد الْخضرِ الْشَّنْقِيطِي، دَارُ الْبَصَائِر: مصْر، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1429هـ-2008م
الرَد على مَن أنكرَ مشروعية الذِكر الجماعي"

قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في الحاوي للفتاوي (1/379): فإن قلت، فقد نقل عن ابن مسعود أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد. قلت: هذا الأثر عن ابن مسعود يحتاج إلى بيان سنده ومن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهم وعلى تقدير ثبوته فهو معارض بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة وهي مقدمة عليه عند التعارض، ثم رأيت ما يقتضي إنكار ذلك عن ابن مسعود قال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد ثنا حسين ابن محمد ثنا المسعودي عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر ما جالست عبد الله مجلسا قط إلا ذكر الله فيه.اهـ

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (1/177): وأما ما نقل عن ابن مسعود أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد, فلم يصح عنه بل لم يرد; ومن ثم أخرج أحمد عن أبي وائل قال: هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر ; ما جالست عبد الله مجلسا قط إلا ذكر الله فيه, والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.انتهى

وقال الإمام المحدث المناوي في فيض القدير (1/457) : وأما ما نقل عن ابن مسعود من أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما اراكم إلا مبتدعين وأمر بإخراجهم فغير ثابت . وبفرض ثبوته يعارضه ما في كتاب الزهد لأحمد عن شقيق بن أبي وائل قال هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر ما جالسته مجلسا قط إلا ذكر الله فيه.اهـ

وقال العلامة الألوسي رحمه الله في روح المعاني (6/163) : وما ذكر في الواقعات عن ابن مسعود من أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما اراكم إلا مبتدعين حتى أخرجه من المسجد لا يصح عند الحفاظ من الأئمة المحدثين وعلى فرض صحته هو معارض بما يدل على ثبوت الجهر منه رضي الله تعالى عنه مما رواه غير واحد من الحفاظ أو محمول على الجهر البالغ.اهـ
• وإياك ثم إياك أن تحسب نفسك يا أخي أغير على دين الله، أو فاهمها لأحكامه أكثر من أئمة الدين الذين استعملهم الله لحفظ شريعته، لمجرد أنك لم تصل إلى دقة استنباطهم في مسألة أو مسألتين.
• واعلم أن جهلك بدليل الشافعي أو أحمد بن حنبل ليس علامة على عدم وجوده، بل ربما غاب عنك لقلة علمك، أو تعصبك لرأي شيخك.
• ثم إياك أن تظن الحديثَ بمفرده حجة قاطعة على الحكم في كل مسألة - لمجرد كونه صحيحا -، فكم من حديث ضعيف وعليه العمل، وكم من حديث صحيح والعمل على خلافه عند أئمة السلف، أو مختلف في العمل به على الأقل.
• فالعبرة بفهم الفقهاء، ودقيق استنباطهم، وليس بمجرد جمع النصوص وحشد الأحاديث.

• ورحم الله مولانا الإمام أحمد بن حنبل حين قال:
[ما أقل الفقه في أصحاب الحديث]. اهـ



قال محمد بن يزيد المستملي: سألت أحمد بن حنبل عن – شيخه – عبد الرزاق – صاحب
المصنف المطبوع في أحد عشر مجلدا -: أكان له فقه؟ فقال: ما أقل الفقه في أصحاب الحديث (كما في ترجمة (محمد بن يزيد المستملي) في “طبقات الحنابلة” لابن أبي يعلى 329: 1).
وجاء في “تقدمة الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم (ص 293)، في ترجمة (أحمد بن حنبل)، وفي “مناقب الإمام أحمد” لابن الجوزي (ص 63)، وفي “تاريخ الإسلام” للذهبي – مخطوط – من طريق ابن أبي حاتم، في ترجمة (أحمد بن حنبل) أيضا، ما يلي:
“قال إسحاق بن راهويه: كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأصحابنا، فكنا نتذاكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة، فيقول يحيى بن معين من بينهم: وطريق كذا، فأقول: أليس قد صح هذا بأجماع منا؟ فيقولون: نعم، فأقول: ما مراده؟ ما تفسيره؟ ما فقهه؟ فيبقون – أي يسكتون مفحمين – كلهم! إلا أحمد بن حنبل”. انتهى.
[كبار الحفاظ الأقدمين وحدود معرفتهم بالفقه:]

قال عبد الفتاح: هذا النص يفيدنا بجلاء أن المعرفة التامة بعلم الحديث – ولو من أولئك الأئمة الكبار أركان علم الحديث في أزهى عصور العلم – لا تجعل المحدث الحافظ (فقيها مجتهدا) إذ لو كان الاشتغال بالحديث يجعل (الحافظ): (فقيها مجتهدا)، لكان الحفاظ الذين لا يحصى عددهم، والذين بلغ حفظ كل واحد منهم للمتون والأسانيد ما لا يحفظه أهل مصر من الأمصار اليوم: أولى بالاجتهاد ولكنهم صانهم الله تعالى فما زعموه لأنفسهم.
بل إن سيد الحفاظ الإمام (يحيى بن سعيد القطان) البصري، إمام المحدثين وشيخ الجرح والتعديل: كان لا يجتهد في استنباط الأحكام، بل يأخذ بقول الإمام أبي حنيفة، كما في ترجمة (وكيع بن الجراح) في “تذكرة الحفاظ” للحافظ الذهبي (307: 1). وفي “تهذيب التهذيب” (450: 10) في ترجمة (أبي حنيفة النعمان بن ثابت): “قال أحمد بن
سعيد القاضي: سمعت يحيى بن معين – تلميذ يحيى القطان – يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لا نكذب الله، ما سمعنا رأيا أحسن من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله“. انتهى.
وكان إمام أهل الحفظ في عصره وكيع بن الجراح الكوفي، محدث العراق، لا يجتهد أيضا، ويفتي برأي الإمام أبي حنيفة الكوفي، ففي “تذكرة الحفاظ” للحافظ الذهبي (307: 1)، و”تهذيب التهذيب” (126: 11 – 127): “قال حسين بن حبان، عن ابن معين – تلميذ وكيع -: “ما رأيت أفضل من وكيع، كان يستقبل القبلة، ويحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة“.
وكذلك هؤلاء الحفاظ الأئمة الأجلة، الذين عناهم الإمام إسحاق بن راهويه في كلمته المذكورة، ومنهم يحيى بن معين، كانوا لا يجتهدون، وقد أخبر عنهم أنهم كانوا يفيضون في ذكر طرق الحديث الواحد إفاضة زائدة، فيقول لهم: ما مراد الحديث؟ ما تفسيره؟ ما فقهه؟ فيبقون كلهم إلا أحمد بن حنبل.
وهذا عنوان دينهم وأمانتهم وحصافتهم وورعهم، إذ وقفوا عند ما يحسنون، ولم يخوضوا فيما لا يحسنون، وذلك لصعوبة الفقه الذي يعتمد على الدراية وعمق الفهم للنصوص من الكتاب والسنة والآثار، وعلى معرفة التوفيق بينها، وعلى معرفة الناسخ والمنسوخ، وما أجمع عليه، وما اختلف فيه، وعلى معرفة الجرح والتعديل، وقدرة الترجيح بين الأدلة، وعلى معرفة لغة العرب، ألفاظا وبلاغة ونحوا ومجازا وحقيقة …
ومن أجل هذا قال الإمام أحمد، لما سأله محمد بن يزيد المستملي – كما تقدم -، عن المحدث الحافظ الكبير (عبد الرزاق بن همام الصنعاني) صاحب التصانيف التي منها “المصنف”، وشيخ الإمام أحمد نفسه، وشيخ إسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهلي، أركان علم الحديث وروايته في ذلك العصر، وشيخ خلق سواهم، المتوفى سنة 211 عن 85 سنة: “أكان له فقه؟ فقال الإمام أحمد: ما أقل الفقه في أصحاب الحديث!
وروى الإمام البيهقي في “مناقب الشافعي” (152: 2): “عن الربيع المرادي قال: سمعت الشافعي يقول لأبي علي بن مقلاص – عبد العزيز بن عمران، المتوفى سنة 234، الإمام الفقيه -: تريد تحفظ الحديث وتكون فقيها؟ هيهات! ما أبعدك من ذلك – ولم يكن هذا لبلادة فيه حاشاه -.
قلت – القائل البيهقي -: وإنما أراد به حفظه على رسم أهل الحديث، من حفظ الأبواب والمذاكرة بها، وذلك علم كثير إذا اشتغل به، فربما لم يتفرغ إلى الفقه، فأما الأحاديث التي يحتاج إليها في الفقه، فلا بد من حفظها معه، فعلى الكتاب والسنة بناء أصول الفقه، وبالله التوفيق.
وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ – هو الحاكم النيسابوري – قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المؤذن، قال: سمعت عبد الله بن محمد بن الحسن يقول: سمعت إبراهيم بن محمد الصيدلاني يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي – هو إسحاق بن راهويه – يقول: ذاكرت الشافعي، فقال: لو كنت أحفظ كما تحفظ لغلبت أهل الدنيا.
وهذا لأن إسحاق الحنظلي كان يحفظه على رسم أهل الحديث، ويسرد أبوابه سردا وكان لا يهتدي إلى ما كان يهتدي إليه الشافعي من الاستنباط والفقه، وكان الشافعي يحفظ من الحديث ما كان يحتاج إليه، وكان لا يستنكف من الرجوع إلى أهله فيما اشتبه عليه، وذلك لشدة اتقائه لله عز وجل، وخشيته منه، واحتياطه لدينه”. انتهى.
قال عبد الفتاح: وفي كل من هذين النصين الغاليين فوائد عظيمة جدا، ففيه أن الجمع بين الفقه والحديث على رسم أهل الحديث متعذر – إلا لمن أكرمه الله بذلك – إذ قال الشافعي في هذا: هيهات!.
وفيه بيان الإمام البيهقي لهذا المعنى بجلاء ووضوح وهو إمام محدث وفقيه، فلكلامه مقام رفيع في هذا الباب.
وفيه دعم الإمام البيهقي رحمه الله تعالى هذا الذي قاله في تفسير كلمة الشافعي

انتهي من التعليق الممجد للكنوي 1///212//

لذلك قال ابن ابن مفلح في الآداب الشرعية 2///96

قال المروزي قال أبو عبد الله يعجبني أن يكون الرجل فهما في الفقه وقال عبد الله: سمعت أبي يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: عليك بالفهم في الفقه مرتين.
وقال أبو بكر بن محمد بن يزيد المستملي: سألت أحمد عن عبد الرزاق: كان له فقه؟ فقال: ما أقل الفقه في أصحاب الحديث وقال إبراهيم بن هانئ قال لي أبو عبد الله يا أبا إسحاق ترك الناس فهم القرآن وقال مالك ربما كانت المسألة، أو نزلت المسألة فلعلي أسهر فيها عامة ليلي وقال صالح: سألت أبي عن الرجل يكون في القرية وقد روى الحديث ووردت عليه مسألة فيها أحاديث مختلفة كيف يصنع قال لا يقل فيها شيئا.
وقال إسحاق بن إبراهيم قيل لأبي عبد الله يكون الرجل في القرية فيسأل عن الشيء الذي فيه اختلاف قال يفتي بما يوافق الكتاب والسنة وما لم يوافق الكتاب والسنة أمسك عنه قيل له فيخاف عليه قال لا، وعن أبي موسى قال من علمه الله علما فليعلمه الناس وإياه أن يقول ما لا علم له به فيصير من المتكلفين، ويمرق من الدين.
وقال مهنا قلت لأحمد في مسألة فقال لي: قد ترك هذا الناس اليوم ومن يعمل بهذا اليوم قلت له: وإن ترك الناس هذا فلا يترك معرفة علمه يعرفه الناس حتى لا يموت قال نعم، حدثني بقية بن الوليد قال قال الأوزاعي تعلم من الأحاديث ما لا يؤخذ به كما تعلم ما يؤخذ به، فقال أحمد يقول نعرفها وقال أحمد: ثنا سعيد بن جبير من علم اختلاف الناس فقد فقه، وعن قتادة قال قال سعيد بن المسيب ما رأيت أحدا أسأل عما يختلف فيه منك قال قلت إنما يسأل من يعقل عما يختلف فيه فأما ما لا يختلف فيه فلم نسأل عنه.
وروى أحمد عن سعيد بن جبير قال: أعلم الناس أعلمهم بالاختلاف، وعن
ابن عمر قال من رق وجهه رق علمه، وعن الشعبي مثله.

وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات 1//61
وقال أحمد: لما قدم علينا الشافعى من صنعاء، سرنا على المحجة البيضاء. وقال: كانت أقفيتنا لأصحاب أبى حنيفة حتى رأينا الشافعى، فكان أفقه الناس فى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -. وقال: لا يستغنى، أو لا يشبع صاحب الحديث من كتب الشافعى. وقال: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معانى أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبينها لهم
قال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري (324 هـ) رضي الله عنه ما نصه : ” كان الله ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكان ، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه ” اهـ أي بلا مكان ومن غير احتياج إلى العرش والكرسي. نقل ذلك عنه الحافظ ابن عساكر نقلا عن القاضي أبي المعالي الجويني.
[تبيين كذب المفتري]
بنشر هذه الحقائق يرفع اللهُ البلاءَ على المسلمين في الأرض بإذنه وكرمه وفضله:

قال الإمام أبو عبد الله القرطبي (ت671هـ) في الأسنى في شرح الأسماء الحسنى

قال القاضي الباقلاني: بَابٌ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قِيلَ لَهُ: الأَيْنُ سُؤَالٌ عَنِ المَكَانِ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يَحْوِيهِ مَكَانٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ أَقْطَارٌ، غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ، لَا عَلَى مَعْنَى كَوْنِ الجِسْمِ عَلَى الجِسْمِ بِمُلَاصَقَةٍ وَمُجَاوَرَةٍ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَنْدَلُسِيِّينَ، فَمَنْ تَأَوَّلَ عَلَى أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ البَرِّ أَوْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ وَالاسْتِذْكَارِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى مُسْتَقِرٌّ عَلَى عَرْشِهِ اسْتِقْرَارَ الجِسْمِ عَلَى الجِسْمِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَتَقَوَّلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَحَسِيبُهُ اللهُ. اهـ.

فمن حرّف عقيدة الإمامين ابن عبد البَرّ وأبي عمر الطلمنكي وجعلهما مجسّمَين فحَسِيبه اللهُ، وكذلك من ساهمَ في نشر ذلك التحريف فحسيبُهُ الله، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيم}[النور:15]
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
Photo
من القصائد المكتوبة في المسجد النبوي مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم ، على الحائط أمام المواجهة الشريفة
هذه القصيدة العصماء التي هي احدى القصائد الوترية في مدح خير البرية صلى الله عليه وسلم للامام الفاضل الأديب الكامل الصالح الزاهد أبي عبد الله مجد الدين محمد بن أبي بكر بن رشيد البغدادي الشافعي المتوفي سنة 662هـ رحمه الله تعالى, وقد حظيت أن ينقش أكثرها أمام المواجهة النبوية الشريفة على الجدار القبلي حول الشباك وحتى جدار متنزل الوحي كما نقش في ثلاث قباب في الروضة الشريفة وشمالها القنديل الشرقي الاحمر على مشرفها الصلاة والسلام, وهي هذه:

بنور رسول الله أشرقت الدُّنا ****
ففي نوره كلٌّ يجيء ويذهبُ

براه جلال الحق للخلق رحمة ****
فكل الورى في بره يتقلبُ

بدا مجدهُ من قبل نشأة آدمٍ ****
وأسماؤه من قبلُ في اللوح تُكتبُ

بمبعثه كل النبيين بشّرت ****
ولا مرسل إلا له كان يخطبُ

بتوراة موسى نعته وصفاته ****
وإنجيل عيسى بالمدائح يُطنِبُ

بشيرٌ نذير مُشفق متعطفٌ ****
رؤوف رحيم محسن لا يُثَرِّبُ

بأقدامه في حضرة القدس قد سعى ****
رسول له فوق المناصِبِ منصِبُ

بأعلى السما أمسى يكلم ربّه ****
وجبريل ناءٍ والحبيب مقرّبُ

بعزته سُدنا على كل أمة ****
وملتنا فيها النبيون ترغبُ

به مكة تحمى به البيت قبلة ****
به عرفات نحوها النجب تجذبُ

بريّاه طابت طيبة ونسيمها ****
فما المسك؟ ما الكافور؟ ريّاه أطيبُ

بهِيٌ جميل الوجه بدر متمّمٌ ****
صباح ظلام للضلالة مُذهبُ

بمن أنتَ يا حادي الرِّكاب مُزمزم ****
أرى القوم سكرى والغياهب تذهبُ

بُدور بدَتْ بل لاح وجه محمد ****
وصهباءُ دارت بل حديثك مُطربُ

بأرواحنا راح الحجيج وكُلُّنا ****
نشاوَى كأنّ الراح في الركب تُشرَبُ

بأوصافه الحُسنى تطيب قلوبنا ****
وتهتز شوقاً والركائبُ تَطربُ

بطيبة حطّ الصالحون رحالهم ****
وأصبحت عن تلك الأماكن أحجَبُ

بذنبي بأوزاري حُجبتُ بِزلّتي ****
متى يُطلَق العاني وطيبة نقربُ

بذُلي بإفلاسي بفقري بفاقتي ****
إليك رسول الله أصبحت أهرُبُ

بجاهك أدركني إذا حُوسب الورى ****
فإني عليكم ذلك اليوم أُحسبُ

بمدحك أرجو الله يغفر زلتي ****
ولو كُنت عبداً طول عمري أُذْنبُ
من أحكام السجود لغير الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
يُثير بعضُ الناسِ إشكالاتٍ على بعضِ السادةِ الصوفيّة، بسبب آداب أو عادات، سلكوها بقصد هضم النفس، وخفض الجناح.
وبغرض تبجيل شيوخهم، عرفانا بفضلهم.
ومن أبرز هذه الإشكالاتِ؛ ما يسمونه سجود المريدين لشيخهم!

قال الإمام الذهبيّ في معجم الشيوخ (1: 73): «أَلا تَرَى الصَّحَابَةَ فِي فَرْطِ حُبِّهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: أَلا نَسْجُدُ لَكَ؟ فَقَالَ: «لا»!
فَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ؛ لَسَجَدُوا لَهُ سَجُودَ إِجْلالٍ وَتَوْقِيرٍ، لا سجود عبادة، كما سجد إخوةُ يوسفَ عليه السلام ليوسفَ.
وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيلِ؛ لا يكفر به أصلاً، بل يكون عاصياً، فليُعرَفْ أنّ هذا مَنهيٌّ عنه، وكذلك الصلاةُ إلى القبر» انتهى كلام الذهبيّ.
قال الشوكاني في السيل الجرار: «اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر؛ لا ينبغي لمسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أَن يُقْدِم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار.
فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر، لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدورِ فِعلٍ كُفريٍّ لم يرد به فاعله الخروجَ عن الإسلام إلى ملة الكفر.
وأما قوله: «ومنها السجود لغير الله» فلا بد مِن تقييدِه بأن يكون سجودُه هذا قاصداً رُبوبيّةَ مَن سَجَدَ له، فإنّه بهذا السجود قد أشرك باللهِ عزّ وجلَّ، وأثبت معه إلهاً آخر.
وأما إذا لم يَقْصِدْ إلا مُجرَّدَ التَعظيمِ، كما يَقعُ كثيراً لمن دَخل على مُلوكِ الأعاجمِ؛ أنه يُقبّل الأرض تعظيماً له؛ فليس هذا من الكفر في شيء.
وقد علم كل من كان من الأعلام أن التكفير بالإلزام من أعظم مزالق الأقدام» انتهى.
وقال البجيرمي في تحفة الحبيب: مجرد السجود بين يدي المشايخ لا يقتضي تعظيم الشيخِ كتعظيم الله عز وجل، بحيث يكون معبوداً، والكفر إنما يكون إذا قصد ذلك.
وقال الإمام الرملي رحمه الله تعالى في نهاية المحتاج:
قال الامام بن الصلاح رحمه الله تعالى: ما يفعله عوام الفقراء، من السجود بين يدي المشايخ؛ فهو من العظائم، ولو كان بطهارة وإلى القبلة، وأخشى أن يكون كفراً. انتهى.
وعلق على ذلك الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج فقال: إنما قال ذلك ولم يجعله كفراً حقيقة؛ لأن مجرد السجود بين يدي المشايخ لا يقتضي تعظيم الشيخ كتعظيم الله عز وجل، بحيث يكون معبوداً، والكفر إنما يكون إذا قصد ذلك. انتهى.
وقال الإمام الجليل يحيى ابن شرف النووي رحمه الله تعالى في المجموع وفي الروضة:
ما يفعله كثير من الجهلة من السجود بين يدي المشايخ؛ حرامٌ قطعاً بكل حال سواء كان إلى القبلة أو غيرها»
ختاماً: أجمع علماءُ أهل السنّة على أنّ السجودَ لمخلوقٍ بقصدِ العبادَةِ؛ يُخرج فاعلَه من الإسلام.
وأجمعوا على أنّ الساجدَ لمخلوقٍ بقصدِ تحيّته وتعظيمه بما دون العبادةِ؛ قد ارتكب معصيةً من المعاصي، وفعلاً من المحرّمات.
فينبغي البعظ عن ارتكابِ هذه المعصيةِ في حقِّ اي إنسان ممن أهل الدنيا أو الجاه او العلم او الصلاح.. فإنّ المعاصي أكبرُ العوائقِ عن الوصولِ إلى مرضاة الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
قَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: كَتبَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنِ اكتُبْ إِلَيَّ بِالعِلمِ كُلِّهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ العِلمَ كَثِيْرٌ، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلقَى اللهَ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ النَّاسِ، خَمِيْصَ البَطنِ مِنْ أَمْوَالِهِم، كَافَّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِم، لاَزمًا لأَمرِ جَمَاعَتِهِم، فَافعَلْ.

سير أعلام النبلاء
سؤال: أنت صوفي؟!

هذا سؤال يطرق أذني وأذن كل ملتزم وطالب علم منتسب لأهل العلم والعمل ويحضر مجالس الذّكر وخاصة إذا كانت له قراءة في كتب القوم [السّادة الصّوفية]، والانتفاع بها، ومصاحبة المتصوفة أتباع الطّرق العريقة كالخلوتية، والقادرية، والتّجانيّة. والشاذلية والنقشبندية...وغيرها ..

الذّي جذبني إليهم؟ كثيرٌ من الأمور ومنها:

١. اهتمامهم بعيوب أنفسهم وإصلاحها وعدم اشتغالهم بالخلق.

٢. أصحاب حجّة، وبيّنة، ودليل علميّ، لم أرَ فيما رأيت، ولم أسمع فيما سمعت منهم، قضية من القضايا إلّا ولها مستندها الشرعي من آية كريمة، أو حديث شريف، أو اجتهاد لعالم معتبر.

٣. اهتمامهم بالشعائر، وتأديتهم للفرائض، واكثارهم من التّنفل والذّكر، والحديث القدسي الصّحيح يقول: "وما زال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتى أحبّه".

٤. أنّهم القائمون على تحقيق مقام الإحسان، الوارد في حديث جبريل في صحيح مسلم وفيه: "الإحسان: أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك".

ونرجع إلى السؤال الذّي يتكرّر عليّ، أنت صوفي؟!
(تقال باستغراب، أو بنوع من الإنكار! وأحيانُا بخباثة، وأحيانا على وجه الاستعلام والاستفسار).

لستُ صوفيًّا ولكن أحبُّ أن أكون صوفيًّا، وأسأل الله أن أموت صوفيًّا، لأنّ الصّوفي رجل اصطفاه الله لقربه، بعد أن صفا قلبه فصار كالمرآة لا يرى فيها غير تجلّيات الله سبحانه وتعالى.

قال أبو الفتح البستي:

تنازع النّاس في الصّوفيّ واختلفوا*وظنّوا أنّه مشتّق من الصّوفِ
ولستُ أنحل هذا الاسم إلّا فتًى*صفا فصوفيَ حتّى سُمّيَ الصّوفي

وعن بعضهم:

إذا سكن الغدير على صفاء*وجُنّبَ أن يحرّكه النّسيمُ
بدت فيه السّماء بلا امتراء*كذاكَ الشّمس تبدو والنّجومُ
كذاك قلوب أرباب التّجلي*يُرى في صفوها الله العظيمُ

والسّؤال الذّي يتردّد هل الصّوفي سُنّي!

الجواب عنه: نعم بل هو على قمة أهل السّنة والجماعة، قال الإمام عبد القاهر البغدادي في "الفَرق بين الفِرَقْ": أهل السّنة والجماعة ثمانية أصناف.. وعدّ منهم الصّوفية". ويقول فيهم الإمام السّبكي في "معيد النّعم ومبيد النّقم" : "الصوفيّة حيّاهم الله وبيّاهم!"، ويقول فيهم الفخر الرّازي: "الصّوفية وهم (مِن) خير بني آدم!".

وهذا اقتباسٌ مهمٌ من كتاب عظيم من كتب تراث أهل السُّنة والجماعة، للإمام الكبير المتكلّم المُحدّث الفقيه أبي منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الشّافعيّ المتوفــ ٤٢٩ هـ ــى، وهو يتكلم عن فصلٍ مهم في تعداد أصناف أهل السُّنّة والجماعة، قال رحمه الله تعالى:

الصّنف السّادس (أي من الأصناف الثّمانيّة مِن أهل السّنة والجماعة): الزّهاد #الصّوفيّة الذّين أبصروا فأقصروا، واختبروا فاعتبروا، ورضَوْا بالمقدور، وقنعوا بالميسور، وعلموا أنّ السّمع والبصر كل أولئك مسئول عن الخير والشّر، ومحاسب على مثاقيل الذّرّ، فأعدّوا خير الإعداد، ليوم المعاد، وجرى كلامهم على طريق أهل العبارة والإشارة، على سمت #أهل_الحديث، دون من يشتري لهو الحديث، لا يعملون الخير رياءً، ولا يتركونه حياءً، #دينهم_التوحيد, ونفي التّشبيه، ومذهبهم #التفويض إلى الله تعالى، والتوكل عليه، والتسليم لأمره، والقناعة بما رُزِقوا، والإعراض عن الاعتراض عليه، "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم". ا. هـ .هذه النّسخة من تحقيق المحقّق البحَّاثة العلّامة الأزهري اللغوي محمّد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله تبارك وتعالى.

وأقول للّذين يلمزون من وراء الظّهر لقصر الحُجّة، وضعف البيان، دعوكم من فلان فإنّه صوفيّ!

نِعْمَ ما لمزتني به، وقد أعطيتني رتبة أرجوها لنفسي ولم أصل إليها بعد، ونسأل الله تعالى أن نلقاه مسلمين مؤمنين محسنين، آمين.


وتحية لكم من المحبّ لأهل الله جميعا
2025/07/07 09:08:01
Back to Top
HTML Embed Code: