Telegram Web Link
قال حرملة بن يحيى: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: من وصف شيئا من ذات الله مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فأشار إلى عينيه وأذنيه أو شيء من بدنه قطع ذلك منه لأنه شبه الله بنفسه، ثم قال مالك: أما سمعت قول البراء حين حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يضحى بأربع من الضحايا» وأشار البراء بيده كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده قال البراء: ويدي أقصر من يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكره البراء أن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له وهو مخلوق فكيف الخالق الذي ليس كمثله شيء؟!.
قال الإمام جلال الدين السيوطي:

«واعلم أنه ما كان كبيرٌ في عصرٍ قط إلا كان له عدوٌ من السفلة؛ إذ الأشراف لم تزل تُبتلى بالأطراف، فكان لآدم إبليس، وكان لنوحٍ حام وغيره، وكان لداود جالوت وأضرابه، وكان لسليمان صخر، وكان لعيسى في حياته الأولى بخت نصّر، وفي الثانية الدجال، وكان لإبراهيم النمرود، وكان لموسى فرعون، وهكذا إلى محمد فكان له أبو جهل، وكان لابن عمر عدو يعبث به كلما مر عليه، ونسبوا عبد الله بن الزبير إلى الرياء والنفاق في صلاته فصبوا على رأسه ماءً حميمًا فزلع وجهه ورأسه وهو لا يشعر فلما سلم من صلاته، قال: ما شأني؟ فذكروا له القصة، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل، ومكث زمانًا يتألم من رأسه ووجهه، وكان لابن عباس نافع بن الأزرق كان يؤذيه أشد الأذى».
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
قال حرملة بن يحيى: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: من وصف شيئا من ذات الله مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فأشار إلى عينيه وأذنيه أو شيء من بدنه قطع…
روي أن الإمام أحمد بن حنبل قرأ عليه رجل قول الله تعالى: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامه والسموات مطويات بيمينه﴾ فأومأ الرجل بيده، فقال له الإمام أحمد رحمه الله: قطعها الله قطعها الله قطعها الله! ثم حرد وقام.
فوائد من حديث: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسُئِلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا) متفق عليه.

١- في الحديث إشارة إلى كرامة العلماء عند الله، حيث لا ينزع منهم ما وهبهم الله تعالى من معرفة دينه وشرعه.
٢- الحث على حفظ العلم، والتحذير من ترئيس الجهلة، وأن الفتوى من الرياسة.
٣- العامي وظيفته السؤال والامتثال دون بحث، لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يجعل لهم في الحديث وظيفة إلا السؤال وامتثال ما أشير عليهم في ذلك السؤال، وإنما ضلوا لأنهم لم يصادفوا الرأس الحقيقي.

٥- لا يلزم من بقاء القرآن حينئذ بقاء العلم، لأن العلم مستنبط منه، ولا يلزم من نفي المستنبط نفي المستنبط منه.

٦- قال الراغب: لا شيء أوجب على السلطان من رعاية أحوال المتصدين للرياسة بالعلم، فمن الإخلال بها ينتشر الشر ويكثر الأشرار ويقع بين الناس التباغض والتنافر ...

٧- العامة يتأثرون بالمتصدرين الجهلة، لقرب جوهرهم، وسطحية تفقههم.

قال الراغب: ولما ترشح قوم للزعامة في العلم بغير استحقاق، وأحدثوا بجهلهم بدعاً استغنوا بها عامة، واستجلبوا بها منفعة ورياسة، فوجدوا من العامة مساعدة بمشاركتهم لهم وقرب جوهرهم منهم، وفتحوا بذلك طرقاً منسدة، ورفعوا به ستوراً مسبلة، وطلبوا منزلة الخاصة، فوصلوها بالوقاحة وبما فيهم من الشره، فبدعوا العلماء وجهلوهم اغتصاباً لسلطانهم، ومنازعة لمكانهم، فأغروا بهم أتباعهم حتى وطئوهم بأظلافهم وأخفافهم، فتولد بذلك البوار والجور العام والعار.
________
ينظر:
فتح الباري لابن حجر.
فيض القدير للمناوي.
شرح ابن أبي جمرة على مختصر صحيح البخاري.
وصية حجة الإسلام الغزالي للنجاة من الفتن ؛ قال رضي الله عنه في إحياء علوم الدين: (3/ 230)
"وإنما الناجي منها فرقة واحدة وهي السالكة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو أن لا يترك الدنيا بالكلية ولا يقمع الشهوات بالكلية، أما الدنيا فيأخذ منها قدر الزاد، وأما الشهوات فيقمع منها ما يخرج عن طاعة الشرع، والعقل، ولا يتبع كل شهوة، ولا يترك كل شهوة بل يتبع العدل ولا يترك كل شيء من الدنيا، ولا يطلب كل شيء من الدنيا، بل يعلم مقصود كل ما خلق من الدنيا، ويحفظه على حد مقصوده؛ فيأخذ من القوت ما يقوي به البدن على العبادة، ومن المسكن ما يحفظ عن اللصوص والحر والبرد، ومن الكسوة كذلك، حتى إذا فرغ القلب من شغل البدن أقبل على الله تعالى بكنه همته، واشتغل بالذكر، والفكر طول العمر، وبقي ملازما لسياسة الشهوات، ومراقبا لها حتى لا يجاوز حدود الورع والتقوى، ولا يُعلم تفصيل ذلك إلا بالاقتداء بالفرقة الناجية وهم الصحابةُ فإنه عليه السلام لما قال الناجي منها واحدة قالوا يا رسول الله ومن هم؟ قال أهل السنة والجماعة فقيل ومن أهل السنة والجماعة قال ما أنا عليه وأصحابي
وقد كانوا على النهج القصد وعلى السبيل الواضح الذي فصلناه من قبل فإنهم ما كانوا يأخذون الدنيا للدنيا بل للدين، وما كانوا يترهبون ويهجرون الدنيا بالكلية، وما كان لهم في الأمور تفريط ولا إفراطـ بل كان أمرهم بين ذلك قواما وذلك هو العدل والوسط بين الطرفين وهو أحب الأمور إلى الله تعالى"



فحري بكل منا أن يأخذ بهذه الوصية في نفسه ويوصي بها خاصته ومن يسمع منه حتى يلقى الله تعالى، ورضي الله عن سيدنا حجة الإسلام الغزالي الإمام.
القنوت في صلاة الفجر:
القنوت عند جميع الفقهاء لا يعدو ثلاثة مواطن:
القنوت في صلاة الفجر.
القنوت في الركعة الأخيرة من الوتر.
القنوت في جميع الصلوات في النوازل.

وأما القنوت عند الشافعية فهو في هذه المواطن الثلاثة على النحو التالي:
بعد الاعتدال من الركعة الثانية في صلاة الفجر.
في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الاعتدال من الركوع، في النصف الثاني من شهر رمضان.
بعد الاعتدال من الركعة الأخيرة في جميع الصلوات في النوازل.
[كلامنا هنا سيكون على القنوت في صلاة الفجر وأدلته، ونؤجل الكلام في الباقي إلى وقته إن أردنا بيانه]

قال الشافعية: يسن القنوت في اعتدال الركعة الثانية من صلاة الصبح، بلا خلاف عندنا في المذهب.
وهو سنة بعض من سنن صلاة الفجر، لا يترك لا سفرًا ولا حضرًا، وأن من تركه عمدًا أو سهوًا سجد للسهو.
ونُقل عن أبي علي بن أبي هريرة -من كبار الشافعية، من أصحاب الوجوه-: أنه لا يقنت في صلاة الفجر؛ قال: لأنه صار شعار طائفة مبتدعة.
ولكن الشافعية أنكروا عليه؛ وقالوا: إن السنة لا تُترك بمثل هذا، ولو فتح هذا الباب لتُرك كثير من السنة، وهذا شيء باطل، والسنة تبقي سنة، ولا يضيرها أن يتلبس بها المبتدعة.
فالحق لا يصير باطلًا باستعمال أهل الباطل له، بل يبقى حقًّا.
قال النووي في المجموع: (كلام ابن أبي هريرة هذا غلط، لا يعد من مذهبنا) اهـ.
وقال في الروضة: (وهذا غريب وغلط). اهـ.

وممن قال بهذا من جماهر علماء الأمة:
من الصحابة: الخلفاء الراشدون -أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين-، وعمار بن ياسر، وأُبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، وعبدالله بن عباس، وأبو هرير، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري، وخُفاف بن أِيماء بن رمضة، واهبان بن صيفي، وسهل بن سعد الساعدي، وعرفجة بن شريح الأشجعي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة الصديقة.
ومن المخضرمين: أبو رجاء العطاري، وسويد بن غفلة، وأبو عثمان الهندي، وأبو رافع الصائغ.
ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن بن أبي الحسن، ومحمد بن سيرين، وأبان بن عثمان، وقناةد، وطاوس، وعبيد بن عمير، والربيع ابن خيثم، وأيوب السختياني، وعبدة السلماني، وعروة بن الزبير، وزياد بن عثمان، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، وعمر بن عبدالعزيز، وحميد الطويل.
ومن الأئمة والفقهاء: أبو إسحاق، وأبو بكر بن محمد، والحكم بن عتبة، وحماد، ومالك بن أنس، وأهل الحجاز، والشافعي وأصحابه، وعن الثوري روايتا، وغير هؤلاء خلق كثير.
وهو مذهب داود، والحسن بن صالح.

الصحيح المعتمد عند أصحابنا أنه يقول دعاء القنوت بعد أن يأتي بذكر الاعتدال الراتب، وهو: (سمع الله لمن حمده)، إلى قوله: (وما شئت من شيء بعد).

استدل الشافعية للقنوت في الفجر:
بما رواه الإمام أحمد، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي بأسانيد حسنة أو صحيحة، عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي ﷺ قنت شهرًا يدعو على قاتلي بئر معونة، ثم ترك، فأما في الصبح.. فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا).
وأصل الحديث في البخاري، ومسلم.
وقوله: (ثم ترك) أي: ترك لعنهم والدعاء عليهم، لا القنوت.
قال النووي في المجموع: وهذا الحديث صحيح، رواه جماعة من الحفاظ وصححوه.
وممن نص على صحته الحافظ أبو عبدالله محمد بن علي البلخي، والحاكم أبو عبدالله في مواضع من كتبه، والبيهقي.
قلت: وهذا كلام ابن الصلاح، ونقل النووي له يزيده قوة إذ أقره عليه.
وورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان يدعو ويقنت بهذه الكلمات في صلاة الصبح وصلاة الوتر، رواه الإمام محمد بن نصر المروزي.
قوله (بهذه الكلمات) أي: كلمات القنوت التي في قنوت سيدنا الحسن: (اللهم اهدني فيمن هديت.. إلخ).
وروى البيهقي والدارقطني عن أنس بن مالك قال: (قنت رسول الله ﷺ وأبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، وأحسبه قال: رابع حتى فارقهم) قال البيهقي: ورواه عبدالوارث بن سعيد، عن عمرو بن عبيد وقال: (في صلاة الغداة).
قال ولحديثيهما شواهد عن النبي ﷺ، ثم عن خلفائه رضي الله عنهم.
وروى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صليت خلف رسول الل ﷺ فقنت، وخلف عمر.. فقنت، وخلف عثمان.. فقنت).
وروي البيهقي عن محمد بن علي أن أباه عليًّا كان يدهو بهذا الدعاء في صلاة الفجر في قنوته) ،وننقل هنا نقلا عن الإمام الزيلعي الحنفي في (نصب الراية) ونقله أيضًا الشيخ المباركفوري في شرحه على الترمذي عن الإمام الحازمي في كتابه (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ) قال رحمه الله: (اختلف الناس في القنوت في صلاة الفجر؛ فذهب أكثر الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار إلى إثبات القنوت فممن روينا ذلك عنه من الصحابة -سبق ذكرهم في الأعلى لا نذكرهم منعًا للطول- فهؤلاء خمسة عشر صحابيًّا يقولون بمشروعة القنوت في الفجر كما عدهم الحازمي...
ولا شك أن هناك غيرهم كثير فقد أخرج الحاكم أبو أحمد في الكنى عن الحسن البصري قال: (صليت خلف ثمانية وعشرين بدريًّا كلهم يقنت في الركعة الثانية من الصبح بعد الركوع) وذكر الحازمي من المخضرمين أربعة -سبق ذكرهم أيضًا- ومن التابعين -وسبق ذكرهم أيضًا- ثم ذكر جماعة من الفقهاء).

من أراد زيادة بحث واستقصاء فعليه بكلام البيهقي في المعرفة، أو مطالعة رسالة شيخنا الشيخ محمد حسن هيتو الموسومة بـ(كشف الستر عن سنية القنوت في صلاة الفجر)، وكتاب (رفع الستر عن أدلة القنوت في الفجر).


وصلى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين
قول الرسول ﷺ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ خلقَ الذِّكْرِ؛ فَكَتَبَ فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ»

ففيهِ تَفْصِيلُ مَا قَضَى بِهِ وَقَدَّر؛ وَعَلِمَ فِي أَزَلِهِ، وَأَرَادِ.
وَفِيمَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِثْبَاتُ حَدَثِ العَالَمِ، وَالعِلْمُ بِوُجُودِ الإِلَهِ بِلا جِهَةٍ وَلَا غَيْرِ وَلَا فَلَكٍ وَلَا نَفْسٍ.

وَفِي قَوْلِهِ : «وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ» تَنْبِيهُ عَلَى الصِّفَاتِ الْأَزَلِيَّةِ الَّتِي لَا يَصْلُحُ الخَلْقُ دُونَهَا، وَأَنَّهَا لَيْسَت بِأَغْيَارٍ لَهُ.

الإمام أبو القاسم الأنصاري [ت٥١٢هـ]
عَلامَةُ العُلَماء ...

سئل ابن المبارك :
هل للعُلَماءِ علامةٌ يُعْرَفُونَ بها ؟
قال :
«علامةُ العَالم مَنْ عَمِل بعلمِه ،
واستقلَّ كثيرَ العَمَل من نفسه ،
ورغبَ في علم غيرِه ،
وقبلَ الحقَّ من كلِّ مَنْ أتاهُ به ،
وأخذَ العلمَ حيثَ وجدَهُ ،
فهذه علامةُ العالِم وصفتُه» .

قال المروذيُّ :
فذكرتُ ذلك لأبي عبدِ الله
[أحمد بن حنبل] ،
فقال : «هَكَذَا هو» ..

«طبقات الحنابلة» (ج2/ص148) ..
هل رفع اليدين عند الدعاء فى خطبة الجمعه بدعه وليست وارده لأننى أرى بعض الناس لا يرفعون ايديهم؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
قد ورد بالتواتر المعنوي أكثر من مائة نص عن النبي أنه رفع يديه بالدعاء
رفع اليدين في الدعاء عموماً سنة مستحبة يدلّ عليها أحاديث كثيرة، أورد بعضها الإمام البخاري رحمه الله في [صحيحه] في (كتاب الدعوات/ باب رفع الأيدي في الدعاء)، وأفرد لها الإمام البخاري كتاباً أسماه "جزء رفع اليدين
روي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ) أخرجه مسلم، وروى الترمذي وأبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ) أخرجه الترمذي وأبو داود.
قال التوربشتي في الميسر شرح مصابيح السنة ( ج2/ ص517)
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابته شدة ‌رفع ‌يديه ‌في ‌الدعاء حتى يرى بياض إبطيه)
وأما مسح الوجه بهما في خاتمة الدعاء فنراه من طريق التحين والتفاؤل؛ كأنه يشير إلى أن كفيه ملئتا من البركات السماوية، والأنوار الإلهية، فهو يفيض منها على وجهه الذي هو أولى الأعضاء بالكرامة.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (ج6/ ص190)
قال جماعة من أصحابنا وغيرهم:
السنة في كل دعاء لدفع بلاء كالقحط أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء فإذا دعا لسؤال شيء تحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء.
أما حديث أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ
والذي تمسك به البعض فانظر ما قاله النووي المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (ج6/ ص190)
هَذَا الْحَدِيثُ يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يرفع صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ قد ثبت رفع يديه صلى الله عليه وسلم فِي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنَ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أحدهما وذكرتها فِي أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعِ الرَّفْعَ الْبَلِيغَ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ أَرَهُ رَفَعَ وَقَدْ رَآهُ غَيْرُهُ رَفَعَ فَيُقَدَّمُ الْمُثْبِتُونَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُمْ جَمَاعَاتٌ عَلَى وَاحِدٍ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
واستدلالهم بقول أنس:
((كان لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء)) ، يرده ابن رجب الحنبلي في فتح الباري ( ج9/ ص217)
قال في معناه قولان:
أحدهما: أن أنسا اخبر عما حفظه من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد حفظ غيره عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه ‌رفع ‌يديه ‌في ‌الدعاء في غير الاستسقاء – أيضا.
وقد ذكر البخاري في ((كتاب الأدعية)) : ((باب: رفع الأيدي في الدعاء)) :
وقال أبو موسى، دعا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه.
وقال ابن عمر: رفع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يديه، وقال: ((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد)) .
ثم ذكر رواية الأويسي تعليقاً، وقد ذكرناها في الباب الماضي.
والثاني: أن أنساً أراد أنه لم يرفع يديه هذا الرفع الشديد حتى يرى بياض إبطيه، إلا في الاستسقاء.
وقد خرّج الحديث مسلم، ولفظه: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لايرفع يديه في شىء من دعائه الا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه. ومع هذا؛ فقد رأه غيره رفع يديه هذا الرفع في غير الاستسقاء – أيضا
يقول الملا علي القاري عمدة القاري شرح صحيح البخاري (ج6/ ص239)
وَعَن أبي يُوسُف إِن شَاءَ ‌رفع ‌يَدَيْهِ ‌فِي ‌الدُّعَاء وَإِن شَاءَ أَشَارَ بإصبعيه وَفِي الْمُحِيط بإصبعه السبابَة وَفِي التَّجْرِيد من يَده الْيُمْنَى وَقَالَ ابْن بطال رفع الْيَدَيْنِ فِي الْخطْبَة فِي معنى الضراعة إِلَى الْجَلِيل والتذلل لَهُ وَقَالَ الزُّهْرِيّ رفع الْأَيْدِي يَوْم الْجُمُعَة مُحدث وَقَالَ ابْن سِيرِين أول من رفع يَدَيْهِ فِي الْجُمُعَة عبيد الله بن عبد الله بن معمر.
وقال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري ( ج7/ ص52) وكذلك السيوطي في حاشية السندي على سنن النسائي ( ج3/ ص155)
قد ثَبت ‌رفع ‌يَدَيْهِ ‌فِي ‌الدُّعَاء فِي مَوَاطِن غير الاسْتِسْقَاء وَهِي أَكثر من أَن تحصى فيتؤول هَذَا الحَدِيث على أَنه لم يرفع الرّفْع البليغ بِحَيْثُ يرى بَيَاض أبطيه إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء أَو أَن المُرَاد لم أره يرفع وَقد رَآهُ غَيره فَتقدم رِوَايَة المثبتين فِيهِ
وفي الفتاوي الهندية ( ج5/ ص313)
والمستحب أن يرفع يديه ‌عند ‌الدعاء بحذاء صدره، كذا في القنية.
مسح الوجه باليدين إذا فرغ من الدعاء قيل: ليس بشيء، وكثير من مشايخنا - رحمهم الله تعالى - اعتبروا ذلك وهو الصحيح وبه ورد الخبر، كذا في الغياثية
والخلاصة
أن رفع اليدين في الدعاء سنة مأثورة متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تواترًا معنويًّا، ولا موضع للإنكار في ذلك
بل الأمر فيه سنه
الله تعالى أعلى وأعلم
،
مسألة.
يقول سيدي فضيلة الشيخ عبد الله سراج الدين الحلبي رضي الله عنه ونفعنا به في (تفسير سورة الحجرات ) وهو يفصل في معاني إطلاقات لفظ ( الشيء ) :

( وقد يطلق ( الشيء ) ويُراد به : الممكن المعدوم الثابت في نفس الأمر ؛ لكنه لم يظهر في الوجود الخارجي ؛ كما في قوله تعالى : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول لَه كن فيكون } فسماه سبحانه ( شيئًا ) قبل أن يُوجد في خارج العلم ، فهو ثابت في العلم الإلهي ، ثم خصَّصته إرادةُ الله تعالى بترجيح وجوده على عدمِه .

فوجَّه إليه سبحانه خطابه بقول : ( کن ) فخاطبه وهو شيءٌ ثابتٌ في علمه ، خاطبه آمراً له بـ( كن ) ، وكلمة ( كن ) تُعطي الشيءَ المعدومَ.. ثوبَ الوجود والكون ، فهو يكون فوراً أقربَ من لمح البصر ، قال تعالى : {وما أمُرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} .
وقال تعالى : {وما أمر الساعة إلا كلمح البَصّر أو هُو أقرب} - أي : بل هو أقرب .

‏فنفوذ الأمر.. هو بغاية السرعة ، ضرب المثل بلمح البصر ، بل هو أقرب ، سېحانه سبحانه ما أعظم قدرته .

فجميع الممكنات ثابتةٌ في العِلم الإلهيِّ ثبوتًا مُلازمًا للعلم الذي لا أول له ولا مبدأ له ؛ فما أراد وجوده.. أوجده ، وما لا.. فلا .
فما شاء الله كونه.. کان ، وما لم يشأ.. لم يكن .

وكلمة الحق ( كن ) ، وقوله سبحانه للشيء : ( كن ).. تُلبس المخاطَب ثَوب الوجود الخارجيِّ وإن لم يزل ثابتاً في العلم أزلاً وأبدًا.
وكلمة ( كن ).. لا تُملِّكُ ثوبَ الوجودِ للموجود بها ؛ بل هو لا يزال مفتقرًا إلى أن يمدَّه الله تعالى بـ( كن ) حتی ثبت عليه وجوده ، ویطوره وينقله في كل لمحةِ بصرٍ أو أقرب ، فإنَّ أحدًا ما.. لا يملك وجوده بذاته ؛ وإنما وجوده بإيجاد الله تعالی له بدءاً ومآلا وانتهاءً .

‏قال تعالی : { یا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يُذهبكم ويأتِ بخَلقٍ جديدٍ وما ذلك على الله بعزیز } .

‏فمِن هنا تعلم أنَّ المُرادَ بالفقر هنا : فقر الوجود بالذات إلى واجب الوجود بالذات ، ومن ثم قال : { أنتم الفقراء } ثم قال : { إن يشأ يذهبكم } ، ولو أراد فقرَ المال فحسب.. لقال : إن يشأ يهلك أموالكم فيجعلكم فقراء بعد أن كنتم أغنياء بالمال - فافهم توحيد القرآن الكريم ، ولا تكن مِنْ الذين قال الله تعالى فيهم : { فمالِ هؤلاء القَوْم لا يكادون يَفْقَهُون حديثا } .
فالمتكلم بذلك هو الله تعالى ، فافهم عنه كلامه ، وافقه و تفقَّه ، فهو سبحانه القَيّوم الذي قامت به المخلوقات كلها ، وجميع المخلوقات.. لا قيام لها مِن ذاتها ؛ بل به سبحانه .

قال تعالى : { ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره } .
وقال صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم : (( اللهم لك الحمد أنت قَيّوم السماوات والأرض ومَنْ فيهن )) الحديث ..

انتهى.
قال : التحلق جماعة للصلاة على النبي ﷺ بدعة ولم يرد عن السلف أنهم كانوا يجتمعون للصلاة على النبي ﷺ..
قلت: هل صلة الرحم بدعة؟
قال: لا بل هي فريضة وواجبة...
قلت: فما الحكم فيمن شغلتهم أعمالهم وسعيهم لطلب الرزق عن صلة الأرحام كجمع من الإخوة مثلا فاتفقوا على التفرغ يوما أو بعض يوم للاجتماع والتواد والسلام على بعضهم؟
قال: هو مطلوب ولا غنى عنه لصلة الرحم لأنه مع الانشغال الدائم قد تطول الفرقة وتشوب النفوس شائبة.
قلت: فهل في اجتماعهم في ذلك اليوم المحدد بدعة؟
قال: لا.
قلت: هل كان النبي ﷺ أو الصحابة والتابعين يخصصون يوما أو وقتا كل أسبوع مثلا لصلة أرحامهم والاجتماع بهم؟
قال: لا.
قلت: فلم قلت عن الاجتماع للصلاة على النبي ﷺ أنها بدعة ولا تجوز وأجزتها في صلة الأرحام وهذه عبادة وتلك عبادة والأصل في العبادات التوقيف على قاعدتكم؟
فكما أن الله أمرك بصلة الرحم ولم يعين لك وقتا فيها
كذلك أمرك بالصلاة على النبي ﷺ ولم يعين لك وقتا.
فتعال بالصلة والصلاة بكل ما يُعينك على الإتيان بهما
لاحرج عليك ولكن الحرج أن تتغافل عن مقاصد الشريعة وتنشغل بأحكام الوسائل حتى لو انشغلت بحكم الوسيلة فاعلم أنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وواجب الصلاة على النبي ﷺ في حق بعض الناس وليس كلهم لا يتم إلا بالاجتماع على الصلاة عليه لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى وإلا لو تُركوا ما أتوا على الصلاة إلا كل عام مرة أو مرتين.!
والصلاة على النبي ﷺ هي ذكر لله أولا و أحاديث جواز التحلق للذكر كثيرة فارجع لها...هدانا الله وإياك.
فائدة
في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال الإمام ابن جماعةَ تـ ٧٦٧ هـ تعقيبا على حكاية العتبي:
"...، وللهِ دَرُّ هذا الأعرابيِّ حيث استنبَط مِنَ الآية الكريمة _ أي قوله تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} _ المجيءَ إلى زيارته بعدَ موتِه مستغفِرا، فإن ذلك أظهرُ في قصد التعظيم وصدقِ الإيمان، واستِغفارُ الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ بعد الموتِ حاصلٌ؛ لأنه الشفيعُ الأكبَرُ يومَ القيامة، والوسيلةُ العُظمى في طلب الغفران، ورفعِ الدرجات مِن بينِ سائر ولدِ آدمَ، والمجيءُ إليه _ صلى الله عليه وسلم _ بعدَ موته تجديدٌ لتأكيد التوسُّل به إلى الله سبحانه وتعالى وقتَ الحاجةِ، وشتّانَ بينَ هذا الأعرابيِّ وبينَ مَن أضَلَّه الله، فحرَّم السفرَ إلى زيارته صلى الله عليه وسلم، وهو مِن أعظم القربات كما قدَّمْناه".
اه. من كتاب (هداية الماسك إلى المذاهب الأربعة في المناسك) لابن جماعة رحمه الله تعالى.
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
https://www.tg-me.com/ahlussonna/2514
الذي يتجاهل أقوال العلماء والسلف والربانيين الذين كتب الله لهم القبول في الأمة وبين العلماء على مر الزمان ...
فإنه يوجد لديه إشكالية في فهمه للدين ولنصوص الشريعة وعليه إعادة تدوير معلوماته على منهج العلماء والفقهاء من مذاهب أهل السنة والجماعة المعتبرين ..
قال الله تعالى :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)٦٤ (سورة النساء ).
قال الحافظ المجتهد تقي الدين السبكي (١) : دلت الآية على الحث على المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم وذلك وإن كان ورد في حال الحياة [فهي رتبه له صلى الله عليه وسلم لا تنقطع بموته تعظيما له]" انتهى .

(١) شفاء السقام (ص/ ٨١ ) .
2024/09/29 14:26:46
Back to Top
HTML Embed Code: