Telegram Web Link
قصة عتق ثويبة
يذكر العلماء في كتب الحديث والسيرة قصة عتق أبي لهب وأن العباس بن عبد المطلب رأى أبا لهب فيrلجاريته ثويبة لما أخبرته بولادة النبي النوم بعد وفاته فسأله عن حاله فقال : لم ألق خيراً بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة وإنه ليخفف عليَّ في كل يوم الاثنين .
قلت : هذا الخبر رواه جملة من أئمة الحديث والسير مثل الإمام عبد الرزاق الصنعاني والإمام البخاري والحافظ ابن حجر والحافظ ابن كثير والحافظ البيهقي وابن هشام والسهيلي والحافظ البغوي وابن الديبع والأشخر والعامري ، وسأبين ذلك بالتفصيل .
فأما الإمام عبد الرزاق الصنعاني فقد رواه في المصنف (ج7 ص478) ، وأما الإمام البخاري فقد رواه في صحيحه بإسناده إلى عروة بن الزبير مرسلاً في كتاب النكاح باب وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ ، وأما ابن حجر فقد ذكره في الفتح وقال : إنه رواه الاسماعيلي من طريق الذهلي عن أبي اليمان ، ورواه عبد الرزاق عن معمر وقال : وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة ، لكنه مخالف لظاهر القرآن ، قال الله تعالى : وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ، وأجيب أولاً بأن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به ، وعلى تقدير أن يكون موصولاً فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه ، ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد فلا يحتج به ، وسلم مخصوصاً من ذلك دليل قصة أبي طالب كما تقدم أنه خفف عنه فنقل من الغمرات إلى الضحضاح ، وقال البيهقي : ما ورد من بطلان الخير للكفار فمعناه أنهم لا يكون لهم التخلص من النار ولا دخول الجنة ، ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم سوى الكفر بما عملوه من الخيرات .
وأما عياض فقال : انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولايثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب ، وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض . قلت : وهذا لا يرد الاحتمال الذي ذكره البيهقي ، فإن جميع ما ورد من ذلك فيما يتعلق بذنب الكفر ، وأما ذنب غير الكفر فما المانع من تخفيفه ؟ وقال القرطبي : هذا التخفيف خاص بهذا وبمن ورد النص فيه ، وقال ابن المنير في الحاشية : هنا قضيتان : إحداهما محال وهي اعتبار طاعة الكافر مع كفره ، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح ، وهذا مفقود من الكافر .
الثانية : إثابة الكافر على بعض الأعمال تفضلاً من الله تعالى وهذا لا يحيله العقل ، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق أبي لهب لثويبة قربة معتبرة ، ويجوز أن يتفضل الله عليه بما شاء كما تفضل على أبي طالب ، والمتبع في ذلك التوقيف نفياً وإثباتاً .
قلت : وتتمة هذا أن يقع التفضيل المذكور إكراماً لمن وقع من الكافر البر له ونحو ذلك . والله أعلم . اهـ (فتح الباري ج9 ص145) .
وأما الحافظ ابن كثير فقد رواه في البداية والنهاية ، وقال معلقاً : لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله أعتقها من ساعته ، فجوزي بذلك لذلك . اهـ من السيرة النبوية لابن كثير (ج1 ص224) .
وأما الحافظ عبد الرحمن بن الديبع الشيباني صاحب جامع الأصول فقد رواه في سيرته وقال معلقاً : ((قلت : فتخفيف العذاب عنه إنما هو كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم كما خفف عن أبي طالب لا لأجل العتق ، لقوله تعالى : وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . اهـ من حدائق الأنوار في السيرة (ج1 ص134) .
وأما الحافظ البغوي فقد رواه في شرح السنة (ج9 ص76) .
وأما الإمام الأشخر فقد رواه في بهجة المحافل ، وقال شارحه العامري : قيل : هذا خاص به إكراماً له صلى الله عليه وسلم كما خفف عن أبي طالب بسببه ، وقيل : لا مانع من تخفيف العذاب عن كل كافر عمل خيراً . اهـ من شرح البهجة (ج1 ص41) .
وأما السهيلي فقد رواه في الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام وقال بعد نقل الخبر : فنفعه ذلك وهو في النار كما نفع أخاه أبا طالب ذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أهون أهل النار عذاباً ، وقد تقدم في باب أبي طالب أن هذا النفع إنما هو نقصان من العذاب ، وإلا فعمل الكافر كله محبط بلا خلاف أي : لا يجده في ميزانه ولا يدخل به جنة . اهـ الروض الأنف (ج5 ص192


انتهى من كتاب مفاهيم يجب أن تصحح لسليل بيت العلم والتقى
الشيخ الدكتور: محمد علوي المالكي الحسني
خادم العلم الشريف بالبلد الحرام
من ص 253 _ 358
الحمد لله رب العالمين


https://www.tg-me.com/ahlussonna
جاء في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى : (لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) 

وعَنْ عَطَاءٍ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ (غِيبَةُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ (على غير وجه التحذير الشرعي الذي استثناه الفقهاء ) أَشَدُّ مِنَ الْحَيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَفْوَ الْحَيِّ وَاسْتِحْلَالَهُ مُمْكِنٌ وَمُتَوَقَّعٌ فِي الدُّنْيَا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ) وفِي الْأَزْهَارِ قَالَ الْعُلَمَاءُ (وَإِذَا رَأَى الْغَاسِلُ مِنَ الْمَيِّتِ مَا يُعْجِبُهُ كَاسْتِنَارَةِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رِيحِهِ وَسُرْعَةِ انْقِلَابِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ اسْتُحِبَّ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ كَنَتْنِهِ وَسَوَادِ وَجْهِهِ، أَوْ بَدَنِهِ أَوِ انْقِلَابِ صُورَتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ).
هل أنت مقلد أم مجتهد؟
يا أخي الكريم:
إنني مقلد وأنت مقلد في الفقه، ولا داعي للنسخ واللصق من الأدلة فيما ورد في الكتابة والسنة، فلستُ أنا الأصولي ولا أنت، ولستُ بالذي أعرف وجه الدلالة ولا أنت، إلا أن نُعلَّمه من أهله، وكذلك الناسخ والمنسوخ، ولغة العرب ووجوه الاستنباط والكثير غير ذلك.
وأنت حين اعترضت إنما حفظت كلام غيرك وقلدته، ثم جئت تشيع أنك تتبع الكتاب والسنة.
هل تستنبط أحكام صلاتك وزواجك وطلاقك وبيعك وشرائك وجميع شؤوناتك مباشرة من الكتاب والسنة، أم لك من تقلده بفهمه للكتاب والسنة، فإذا استوينا في التقليد:
فما الظن فيمن اتبع أعلام أعلام السلف، وأنت اتبعت من أهل العصر من هم دونهم بكثير، ولم تجمع الأمة على فضلهم، إنما أثنت عليهم جماعتهم وأصحاب هواهم؟!
فما الظن فيمن قلد جمهور العلماء أو قلدهم كلهم في مسألة؟ وأنت ذهبت تتبع الشاذ هنا وهناك؟
وكيف تنكر على من تابع النووي والعسقلاني والهيتمي والجزري والسيوطي بل والمذاهب الأربعة؟
بل تكاد لا تجد مسألة ظهرت بعد القرون الأولى أجمعوا عليها كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
فلماذا تصرف عمرك بالجفاء والترصد والتعرض؟ وتنسخ وتلصق ثم تنسخ وتلصق وتقلد غيرك من أهل عصرك وتوهم الناس أنك تعود للأصلين؟
وقفة صادقة بينك وبين نفسك، وخطاب منطقي بينك وبين عقلك، ينجيك بإذن الله تعالى مما أنت فيه من ضياع الأعمار وسوء الحجاب.
منقول منقول
قال الإمام القرطبي المالكي الأشعري رحمه الله عن اليهود :
( وهم يعتقدون التجسيم وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة )
أنظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري " لابن حجر العسقلاني (13 /398 )
مسألة قول الإمام القرطبي تفسّر على ضوء أشعريته واتباعه للسلف كالطبري وغيره.... ولا يحتاج شرحها من تيمي أو طفلٌ من النابتة لا يفهم العبارة إلا على طريقة الخوارج والمجسمة...
وكلام القرطبي رحمه الله نفسه يدل على نفي ما يفهمه المبتدعة حين يحرّفون كلامه ويدّعون أنه موافق لبدعتهم وهم يعلمون أنه أشعري من خلال كلامه المبثوث في كتبه وتفسيره فلماذا تريدون التعلّق بما لا تؤمنون بكلامه الآخر ياسادة..
تعالوا معي لكلام الإمام لنقرأه كاملاً ثم نعلق عليه بدقّة علمية حسب القواعد العقدية التي مشى عليه القرطبي نفسه رحمه الله تعالى بعيداً عن فهمكم وقواعدكم...

قال الإمام القرطبي رحمه الله في (( تفسيره / ج7 /تفسير القرطبي (7/ 219=220)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ الِاسْتِوَاءِ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا كَلَامٌ وَإِجْرَاءٌ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي الْكِتَابِ (الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى) وَذَكَرْنَا فِيهَا هُنَاكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَوْلًا. وَالْأَكْثَرُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ تَنْزِيهُ الْبَارِي سُبْحَانَهُ عَنِ الْجِهَةِ وَالتَّحَيُّزِ فَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ وَلَوَاحِقِهِ اللَّازِمَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَادَتِهِمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَنْزِيهُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنِ الْجِهَةِ، فَلَيْسَ بِجِهَةِ فَوْقٍ عِنْدَهُمْ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَتَى اخْتَصَّ بِجِهَةٍ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَانٍ أَوْ حَيِّزٍ، وَيَلْزَمُ عَلَى الْمَكَانِ وَالْحَيِّزِ الْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ لِلْمُتَحَيِّزِ، وَالتَّغَيُّرُ وَالْحُدُوثُ. هَذَا قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الْأَوَّلُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَةِ وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ، بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّةُ بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابُهُ وَأَخْبَرَتْ رُسُلُهُ. وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ حَقِيقَةً. وَخُصَّ الْعَرْشُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَخْلُوقَاتِهِ، وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّةَ الِاسْتِوَاءِ فَإِنَّهُ لَا تُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ. قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ- يَعْنِي في اللغة- والكيف
مَجْهُولٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ. وَكَذَا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ، وَمَنْ أَرَادَ زِيَادَةً عَلَيْهِ فَلْيَقِفْ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْعُلَمَاءِ. وَالِاسْتِوَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الْعُلُوُّ وَالِاسْتِقْرَارُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَاسْتَوَى مِنَ اعْوِجَاجٍ، وَاسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ، أَيِ اسْتَقَرَّ. وَاسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ أَيْ قَصَدَ. وَاسْتَوَى أَيِ اسْتَوْلَى وَظَهَرَ. قَالَ:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مِهْرَاقِ
وَاسْتَوَى الرَّجُلُ أَيِ انْتَهَى شَبَابُهُ. وَاسْتَوَى الشَّيْءُ إِذَا اعْتَدَلَ. وَحَكَى أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «1» " قَالَ: عَلَا. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَأَوْرَدْتُهُمْ مَاءً بِفَيْفَاءَ قَفْرَةٍ ... وَقَدْ حَلَّقَ النَّجْمُ الْيَمَانِيُّ فَاسْتَوَى
أَيْ عَلَا وَارْتَفَعَ. قلت: فعلوا اللَّهِ تَعَالَى وَارْتِفَاعُهُ عِبَارَةٌ عَنْ عُلُوِّ مَجْدِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَلَكُوتِهِ. أَيْ لَيْسَ فَوْقَهُ فِيمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ مَعَانِي الْجَلَالِ أَحَدٌ، وَلَا مَعَهُ مَنْ يَكُونُ الْعُلُوُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، لَكِنَّهُ العلي بالإطلاق سبحانه. قوله تعالى: (عَلَى الْعَرْشِ) لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: الْعَرْشُ سَرِيرُ الْمُلْكِ. وَفِي التَّنْزِيلِ" نَكِّرُوا لَها عَرْشَها «2» "،" وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ «3» " وَالْعَرْشُ: سَقْفُ الْبَيْتِ. وَعَرْشُ الْقَدَمِ: مَا نَتَأَ فِي ظَهْرِهَا وَفِيهِ الْأَصَابِعُ. وَعَرْشُ السِّمَاكِ: أَرْبَعَةُ كَوَاكِبَ صِغَارٍ أَسْفَلَ مِنَ الْعُوَاءِ «4»، يُقَالُ: إِنَّهَا عَجُزُ الْأَسَدِ. وَعَرْشُ الْبِئْرِ: طَيُّهَا بِالْخَشَبِ، بَعْدَ أَنْ يُطْوَى أَسْفَلُهَا بِالْحِجَارَةِ قَدْرَ قَامَةٍ، فَذَلِكَ الْخَشَبُ هُوَ الْعَرْشُ، وَالْجَمْعُ عُرُوشٌ. وَالْعَرْشُ اسْمٌ لِمَكَّةَ. وَالْعَرْشُ الْمُلْكُ وَالسُّلْطَانُ.
يُقَالُ: ثُلَّ عَرْشُ فُلَانٍ إِذَا ذَهَبَ مُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ وَعِزُّهُ. قَالَ زُهَيْرٌ:
تَدَارَكْتُمَا عَبْسًا وَقَدْ ثُلَّ عَرْشُهَا ... وَذُبْيَانُ إِذْ ذَلَّتْ بِأَقْدَامِهَا النَّعْلُ وقد يئول الْعَرْشُ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْمُلْكِ، أَيْ مَا اسْتَوَى الْمُلْكُ إِلَّا لَهُ جَلَّ وَعَزَّ. وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ فِي كِتَابِنَا. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. انتهى.
أولاً : ليست المشكلة في كلام القرطبي ولكن المشكلة في فهمك انت لكلام القرطبي ..
ثانياُ:
أنا وأنت متفقان على أن الإمام القرطبي من أهل السنة والجماعة السادة الأشاعرة صح !! طيب عندما تقرأ كلاما للقرطبي – الذي تقر أنت بأشعريته – أليس من الواجب عليك أن تفهم من أين يتكلم القرطبي وماذا يعني بكلامه هذا ؟؟!! هو أشعري فيجب أن تفهم كلامه في هذا المحتوى وتفهم أنه ينطلق في تعريفه وتصنيفه من أشعريته لا أن تأتي لألفاظ تعني عند الأشاعرة شيئا مخالفا لما تعنيه عندكم وتلفظ بها القرطبي على مفهوم الأشاعرة ثم تقول أن القرطبي يقصد بها ما تفهمونه أنتم .. هل وضحت الصورة ؟؟
سأوضح لك أكثر ..
يقول القرطبي :
( قوله تعالى: "ثم استوى على العرش" هذه مسألة الاستواء؛ وللعلماء فيها كلام وإجراء.......... والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم؛ لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث. هذا قول المتكلمين. وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم - يعني في اللغة - والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء. والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. قال الجوهري: واستوى من اعوجاج، واستوى على ظهر دابته؛ أي استقر. واستوى إلى السماء أي قصد. واستوى أي استولى وظهر. قال:

قد استوى بِشر على العراق= من غير سيف ودم مهراق
واستوى الرجل أي انتهى شبابه. واستوى الشيء إذا اعتدل. وحكى أبو عمر بن عبدالبر عن أبي عبيدة في قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" [طه: 5] قال: علا. وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة= وقد حلق النجم اليماني فاستوى
أي علا وارتفع.
قلت: فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته. أي ليس فوقه فيما يجب له من معاني الجلال أحد، ولا معه من يكون العلو مشتركا بينه وبينه؛ لكنه العلي بالإطلاق سبحانه. ) انتهى من تفسيره

هذا كلام القرطبي بتمامه في هذا الموضع ..
ولو أنك تأملت في كلام الإمامين النووي والقاضي عياض الآتي لوجدت فيه جوابا على كل كلامك و لفهمت عما يتكلم القرطبي ولعلمت أنه أبعد ما يكون عما فهمت انت ..
نقل النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض قوله
:
قال القاضي عياض :
لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: { أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم، فمن قال: بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين تأوَّل في السَّماء أي : على السَّماء.
ومن قال من النظَّار والمتكلِّمين، وأصحاب التَّنزيه بنفي الحدِّ واستحالة الجهة في حقِّه سبحانه، تأوَّلوها تأويلات بحسب مقتضاها، وذكر نحو ما سبق ( أي ما سبق للنووي إيراده من مواقف العلماء من أحاديث الصفات ) .
قال ( أي القاضي عياض ) : ويا ليت شعري! ما الَّذي جمع أهل السُّنَّة والحقُّ كلّهم على وجوب الإمساك عن الفكر في الذَّات، كما أمروا وسكتوا لحيرة العقل، واتَّفقوا على تحريم التَّكييف والتَّشكيل، وأنَّ ذلك من وقوفهم وإمساكهم غير شاكٍّ في الوجود والموجود، وغير قادح في التَّوحيد بل هو حقيقته، ثمَّ تسامح بعضهم بإثبات الجهة خاشياً من مثل هذا التَّسامح، [[[ وهل بين التَّكييف وإثبات الجهات فرق؟ ]]]
لكن إطلاق ما أطلقه الشَّرع من أنَّه القاهر فوق عباده، وأنَّه استوى على العرش مع التَّمسُّك بالآية الجامعة للتَّنزيه الكلِّي، الَّذي لا يصحُّ في المعقول غيره وهو قوله تعالى: { ليس كمثله شيء } عصمة لمن وفَّقه اللَّه، وهذا كلام القاضي -رحمه اللَّه-. )
لو رجعت لكلام الإمام النووي وكلام القاضي عياض لعلمت أن لأهل السنة والجماعة في الصفات موقفين :
1- التفويض وهو مذهب السلف ويعني النطق بما جاء في الكتاب والسنة دون الخوض فيه وإمراره كما جاء مع رد علمه إلى الله تعالى وهو المذهب الأسلم والأعلم والذي يتبعه العبد الضعيف في غالب شأنه .
2- التأويل : وهو مذهب الخلف من أهل السنة الاضطراري الذي لجأوا إليه لرد شبهات المجسمة والمشبهة .

فعندما يتحدث أي أشعري عن مذهب السلف الصالح في الصفات فإنما هو يعني التفويض لا شيء سواه ولا يعني البتة مذهبكم التجسيمي المثبت لظاهر المعاني التي نهايتها التجسيم والتشبيه .

من هنا دعنا نتأمل كلام القرطبي مرة أخرى :

1- يثبت القرطبي أن المتقدمين ( أي السلف ومذهبهم التفويض ) والمتأخرين ( أي الخلف ومذهبهم التأويل ) متفقون على تنزيه الله تعالى عن الجهة .. يقول القرطبي :
(والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم ) انتهى.

2- بعد أن قرر القرطبي إجمالا موقف أهل السنة بسلفهم وخلفهم من القول بالجهة – وهو تنزيه الله تعالى عنها – يبدأ في تفصيل قول أهل السنة وبيانه وشرحه أكثر ..
فيبدأ ببيان مذهب السلف – الذي يعني التفويض عند القرطبي الأشعري – فيقول :

(وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته ) انتهى

فهو هنا يعرض مذهب السلف ويتبين ذلك لو تأملت من استعماله لكلمات : ( لا يقولون ) ( لا ينطقون ) ( نطقوا هم والكافة بإثباتها ... ) .
فلم يقل أن السلف ( اعتقدوا ) بل ( نطقوا ) ، فقصده بيان مذهب السلف الذي هو النطق بما جاء في النصوص وتفويضه .. وهو يريد بذلك أنه لا يمنع إطلاق الألفاظ الواردة كالفوق والاستواء مادام تنزيه الله عن الجهة قائما .. لهذا أثبت أولا أن المتقدمين من السلف متفقون على منع الجهة ثم بين أنهم مع ذلك ينطقون بهذه الألفاظ الواردة مما يعني عدم حملهم إياها على معناها الظاهري .

وحتى يتضح لك معنى كلام القرطبي أكثر أدعوك لقراءة النقل الآتي بتمعن :

يقول القرطبي في تفسيره لـ ( وهو العلي العظيم ) :

( و"العلي" يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان؛ لأن الله منزه عن التحيز. وحكى الطبري عن قوم أنهم قالوا: هو العلي عن خلقه بارتفاع مكانه عن أماكن خلقه. قال ابن عطية: وهذا قول جهلة مجسمين، وكان الوجه ألا يحكى. وعن عبدالرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به سمع تسبيحا في السماوات العلى: سبحان الله العلي الأعلى سبحانه وتعالى. والعلي والعالي: القاهر الغالب للأشياء؛ تقول العرب: علا فلان فلانا أي غلبه وقهره؛ قال الشاعر:
فلما علونا واستوينا عليهم تركناهم صرعى لنسر وكاسر
ومنه قوله تعالى: "إن فرعون علا في الأرض" [القصص: 4]. ) انتهى

فتأمل كلامه .. يحكي عن الطبري نقله عن قوم أنهم قالوا بإثبات الجهة لله سبحانه وقالوا بارتفاع مكانه عن مكان الخلق ، وهذا هو معتقدكم اليوم وما تزعمون أنه معتقد السلف الصالح ثم يقرر القرطبي رأيه في هذا القول بالجهة بأن أورد كلام الإمام ابن عطية : ( وهذا قول جهلة مجسمين وكان الوجه ألا يحكي )
والآن استعمل عقلك قليلا رجاء ..

هل يعقل ويمكن أن القرطبي يذم المثبتين للجهة لله المعتقدين لها في مكان ويصفهم بأنهم جهلة مجسمين ثم يأتي في موضع آخر من نفس الكتاب ليثني عليهم ويقول أن هذا هو اعتقاد السلف الصالح !!!!! ؟؟؟؟؟
ألا ترى التناقض !!!

إذن هنالك مشكلة في فهمك لكلام القرطبي كما قدمت والقرطبي عندما قال ما قال عن السلف ونطقهم بالجهة إنما قصد بيان مذهبهم في ذلك وهو أن إطلاق مثل هذه الألفاظ كما جاءت في الكتاب والسنة لا بأس به ولكن لا تحمل على معناها الحسي الظاهري لأن ذلك كما قرر أعلاه هو قول ( جهلة مجسمين ) .. وقطعا أن القرطبي لم يقصد السلف بوصف ( جهلة مجسمين ) وبالتالي انتفى أنه قصد بكلامه عن إثبات السلف للجهة أنهم كانوا يعتقدون بالجهة الحسية .. هل فهمت يا حسام ؟؟
ثم تأمل تقرير القرطبي لمعتقده هو في هذه المسألة والذي هو التأويل فيقول :
( قلت - أي القرطبي - : فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته. ) انتهى
فهل يعقل يا حسام أن إماما مثل القرطبي يرى السلف الصالح على شيء ويخالفهم فيه !!؟؟

وأختم لك بنقل عن القرطبي يقرر فيه صراحة وبكل وضوح مذهب السلف بكلام لا يحتاج لكثير إيضاح وهو ينسف ادعائك من أصله :
يقول القرطبي في ( التذكار في فضل الأذكار ) عند كلامه عن المتشابه : ( ثم متبعو المتشابه لا يخلو :
1-أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك في القرآن وإضلال العوام كما فعلته الزنادقة والقرامطة والطاعنون في القرآن ،
2- أو طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما يوهم ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن الباري تعالى جسم مجسم وصورة مصورة وذات وجه وغير ذلك من يد وعين وجنب وإصبع تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،
3-أو تتبعوه على جهة إبداء تأويلها أو إيضاح معانيها ،
4-أو كما فعل صبيغ حين أكثر على عمر فيه السؤال ، فهذه أربعة أقسام :
الأول : لا شك في كفرهم وأن حكم الله فيهم القتل من غير استتابة .

الثاني : الصحيح القول بتكفيرهم ، إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور ، ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ارتد.
الثالث : اختلف في جواز ذلك بناء على الاختلاف في جواز تأويلاتها ، وقد عرف أن مذهب السلف ترك التعرض لتأويلاتها مع قطعهم باستحالة ظواهرها فيقولون أمروها كما جاءت ، وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها ، وحملها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قطع بتعيين محتمل منها .
الرابع : الحكم فيه الأدب البليغ كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيغ ) انتهى
فها هو الإمام القرطبي يقرر مفهوم مذهب السلف عنده بكل وضوح وجلاء وأنه يعني عنده التفويض وعدم الحمل على الظواهر.
فاجمع كلامه هنا مع كلامه في تفسيره عن قول السلف بالجهة يستبن لك ماذا كان يعني بالضبط عن قول السلف ويزول هذا الإشكال من عندك يا حسام .
والله الموفق
فها هو القرطبي يقرر مفهوم مذهب السلف عنده بكل وضوح وجلاء وأنه يعني عنده التفويض وعدم الحمل على الظواهر ..
فاجمع كلامه هنا مع كلامه في تفسيره عن قول السلف بالجهة يستبن لك ماذا كان يعني بالضبط عن قول السلف ويزول هذا الإشكال...
والخلاصة باختصار آخر:

1- أن قوله (والأكثر من المتقدمين والمتأخرين ) (عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين ) أي يقصد بذلك من المتكلمين ومن المعلوم المشهور أن المتكلمين طبقات فمنهم المتقدمون ومنهم المتأخرون ويدل عليه قوله بعد ذكر لقول من نزه الله عن جهة فوق ( هذا قول المتكلمين )
2- قوله رحمه الله : (إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة فليس بجهة فوق عندهم لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز والتغير والحدوث ) أن المراد بالجهة هنا عنده الجهة المكانية كما هو ظاهر في كلامه
3- قوله : (وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله ) أن مراده بالجهة هنا أي النصوص الواردة في العلو والفوقية والاستواء كقوله تعالى ( وهو القاهر فوق عباده ) وقوله ( أأمنتم من في السماء ) وقوله ( ثم استوى على العرش ) وغيرها , فالصحابة والسلف رضي الله عنهم لم ينفوها – ولعله يرد على المعتزلة النفاة – بل نطقوا بها كما نطق الكتاب والسنة وفوضوا معانيها إلى الله ويدل على مراده هذا قوله بعد ذلك : (ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة )
4- أنه يرى أن المقصود بالعلو هو العلو المعنوي ويدل عليه قوله : (قلت فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته أي ليس فوقه فيما يجب له من معاني الجلال أحد ولا معه من يكون العلو مشتركا بينه وبينه لكنه العلي بالإطلاق سبحانه )
5- مراد الإمام القرطبي رحمه الله بقوله : (( وإنما جهلوا كيفية الاستواء )) أي جهلوا حقيقة الاستواء فالكيفية هنا المراد بها الحقيقة ويدل على ذلك قوله بعد عبارته :(( فإنه لا تعلم حقيقته )) وبيان ذلك :
أن الكيفية تأتي بمعان منها:
1- بمعنى التحيز والتشخص والصورة والجسم ومن ذلك ما جاء عن مالك (والكيف غير معقول) وهذا منفي عن الله جل وعز فالله ليس له كيفية بهذا المعنى
2- بمعنى حقيقة الشيء وكنهه ومن ذلك أنه سئل بعضهم مرة عن علم الصفات فقال :
كيفية المرء ليس المرء يدركها فكيف كيفية الجبار في القدم
هو الذي أحدث الأشياء مبتدعا فكيف يدركه مستحدث النسم...انظر شذرات الذهب ج2/ص249
فالكيفية هنا المراد بها الحقيقة وكنه الشيء والله عز وجل له حقيقة والاستواء له حقيقة ولكن هي لنا مجهولة ويحمل على ذلك ما روي عن مالك : (( والكيف مجهول )) أي حقيقة الإستواء مجهولة. هذا على فرض صحتها..
والثابت سنداً ومتنا والكيف غير معقول، والمعلوم لدينا أن الكيف عنه تعالى مرفوع وممنوع وغير معقول ولايقال مجهول كالرواية التي نقلها عن الامام مالك و الرواية الصحيحة هي (والكيف غير معقول) .)) اهـ
يقول الإمام الزركشي الشافعي رحمه الله في ((البحر المحيط في أصول الفقه ج1/ص368 ))
(وأنه لا سبيل للوقوف على كنه ذاته وصفاته وأفعاله بغيره كما حكى عن الصديق أنه قال العجز عن درك الإدراك إدراك وقد قيل حقيقة المرء ليس المرء يدركها فكيف كيفية الجبار في القدم )

منقول بتصرف وتوضيح بعض العبارات
https://www.tg-me.com/ahlussonna .
والله الموفق
الذكر الجماعي في المسجد :

ورد في القرآن الكريم الحثّ على الذكر مطلقاً من غير تخصيص بصفة معينة أو حال خاصّة أو ألفاظ معينة، بل طُلب الذكر من المكلف مطلقاً من غير تقييد، قال الله تعالى : {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]
فجَعْلُ الذكر المشروع مخصوصاً بصفة خاصة أو حال معينة أو بشرط صيغة معينة هو تقييد للمطلق من غير دليل، وهو تخصيص لم يرد في الكتاب أو السنة، والواجب أن يبقى الذكر المشروع على إطلاقه بدون تقييد، وعلى عمومه في كل حال ووقت وزمان وهيئة وبأي لفظ وصيغة.
أما الجهر بالذكر فهو جائز شرعاً لأن الأمر المطلق يجري على إطلاقه حتى يرد دليل التقييد .
وللحديث القدسي: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) رواه البخاري.
ولما ورد في حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) رواه مسلم .
وأما قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]، فهو أمر بخفض الصوت في محل مخصوص وهو محلّ الإنصات للقرآن، فإن رفع الصوت أثنائه خلاف الأدب قال الإمام الطبري في [تفسيره 13/ 353] :
"(واذكر) أيُّها المستمع المنصت للقرآن، إذا قرئ في صلاة أو خطبة (ربك في نفسك)... (ودون الجهر من القول)، يقول: ودعاء باللسان لله في خفاء لا جهار. يقول: ليكن ذكر الله عند استماعك القرآن في دعاء إن دعوت غير جهار، ولكن في خفاء من القول"

جاء في [حاشية الطحطاوي/ ص318] :
"وأجمع العلماء سلفاً وخلفاً على استحباب ذكر الله تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير، إلا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصلّ أو قارئ قرآن"
وجاء في [رد المحتار 6/ 398] :
"وقد شبه الإمام الغزالي ذكر الإنسان وحده وذكر الجماعة بأذان المنفرد، وأذان الجماعة قال: فكما أن أصوات المؤذنين جماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت المؤذن الواحد كذلك ذكر الجماعة على قلب واحد أكثر تأثيراً في رفع الحجب الكثيفة من ذكر شخص واحد".
قال الإمام ابن حجر الهيتمي في [الفتاوى الفقهية الكبرى 1/ 177] :
"وأما ما نقل عن ابن مسعود أنه رأى قوماً يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد، فلم يصح عنه بل لم يرد".
وقال الإمام المحدث المناوي في فيض القدير (1/457) :
وأما ما نقل عن ابن مسعود من أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما أراكم إلا مبتدعين وأمر بإخراجهم فغير ثابت .
وقال العلامة الألوسي رحمه الله في روح المعاني (6/163) :
وما ذكر في الواقعات عن ابن مسعود من أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجه من المسجد لا يصح عند الحفاظ من الأئمة المحدثين وعلى فرض صحته هو معارض بما يدل على ثبوت الجهر منه رضي الله تعالى عنه مما رواه غير واحد من الحفاظ أو محمول على الجهر البالغ .

وعليه؛ فإن ذكر الله تعالى عبادة مطلقة مشروعة في الأصل بدون تقييد، فتصح على كل حال وهيئة وفي أي وقت، إلا ما نهي عنه، وتجوز فرادى وجماعات، سراً وجهراً، بأي لفظ وصيغة مشروعة، فلا مانع من الاجتماع على الذكر والدعاء عقب الصلوات في المساجد وغيرها، وهو من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله تعالى به، حيث قال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، ونسأل الله صدق الوجهة وصلاح العمل.
والله تعالى أعلم .
فوائد من مجالس قراءة كتاب الاقتصاد في الاعتقاد للإمامِ أبي حامد الغزالي (ت505هـ) رحمه الله تعالى.

1 ـ أهلُ الحق والسُّنةِ تحققوا أن لا معاندةَ بينَ الشَّرْع المَنْقُول والحَقِّ المَعْقُول.

2 ـ لا مستنَدَ للشَّرْعِ إلا قَوْلُ سيِّدِ البشر، وبرهانُ العقلِ هو الذي عرَّفَ صِدْقَهُ فيمَا أخْبَر.

3 ـ كيفَ يهتدي للصوابِ مَن اقْتَفى مَحْضَ العَقْلِ واقْتَصَر، وما استضاءَ بنُورِ الشَّرْعِ ولا اسْتَبْصَر.

4 ـ العقلُ مع الشرعِ نورٌ على نُوْر، والمُلاحِظُ بالعَيْن العوراءِ لأحدهما على الخصوصِ متدلٍّ بحَبْلِ غُرور.

5 ـ لم يستأثرْ بالتوفيق للجَمْعِ بيْنَ الشرعِ والعقل فريقٌ سوى أهل السُّنة.

6 ـ ينبغي أن تكون أهمُّ الأمور لكافَّة الخَلْقِ نَيْلَ السعادةِ الأبديَّة، واجتنابَ الشقاوة الدائمة.

7 ـ صَرْفُ الهمَّةِ إلى ما ليس بمُهِمٍّ وتضييعُ الزمانِ بما عنه بُدٌّ هو غايةُ الضلالِ ونهايةُ الخسرانِ.

8 ـ من لم يَنْطِقْ بالصِّدْقِ لسانُهُ، ولم ينطوِ على الحقِّ ضميرُهُ، ولم تتزيَّنْ بالعملِ جوارِحُه، فمصيرُهُ إلى النار، وعاقبتُهُ البوار.

9 ـ لَزِمَنا ـ لا محالةَ إن كُنّا عقلاءَ ـ أن نحتقرَ هذه الدنيا المنقرضةَ بالإضافةِ إلى الآخرة الباقية، فالعاقلُ مَن ينظرُ لعاقبتهِ، ولا يغترُّ لعاجلتهِ.

10 ـ نورُ العقلِ كرامةٌ لا يخصُّ اللهُ بها إلا الآحادَ من أوليائه.

11 ـ من كان من المسلمين معتقِدًا للحقِّ تقليدًا وسماعًا، وفيه ذكاءٌ وفطنةٌ، فتنبَّهَ من نفسهِ لإشكالات شككته في عقائده، فيجب التلطُّفُ به في معاجلته بإماطة شكوكه بما أمكنَ من الكلام المقنع المقبول عنده، دون مشافهتهِ بالأدلة المحرَّرةِ على طريقة الجدل.

12 ـ إزالةُ الشكوكِ في أصُول الدين واجبةٌ.

13 ـ على أيمة أهل السنة النظرُ إلى كافَّة خَلْقِ الله بعَيْن الرحمة، والاستعانةُ بالرفق واللطف في إرشادِ من ضلَّ من هذه الأمة.

14 ـ يجبُ أن يكون في كلِّ قطرٍ من الأقطار قائمٌ بالحقِّ مشتغل بعلم التوحيد يقاومُ دعاة المبتدعةِ ويستميل المائلين عن الحقِّ ويصفّيقلوب أهل السنة عن عوارض الشبهةِ، فلو خلا عنه قطرٌ حَرِجَ به أهلُ القطر كافَّةً.

15 ـ من مناهجِ الأدلة في أصول الدين السَّبْر والتقسيمُ: وهو أن تحصر الأمرَ في قسمين ثم تبطلَ أحدهما فتعلمَ منه ثبوت الثاني.

16 ـ كلُّ علمٍ مطلوب فلا يمكنُ أن يستفادَ إلا من علمين هما أصلانِ وقعَ بينهما ازدواجٌ على وجهٍ مخصوصٍ وشرطٍ مخصوص.

17 ـ أكثر الأغاليط تنشأ من ضلالِ مَنْ طلبَ المعانيَ من الألفاظِ.

18 ـ المداركُ العقلية والحسيةُ عامَّةٌ مع كافة الخلقِ، إلا من لا عقل له أو لا حسَّ له.

19 ـ المتواترُ نافعٌ لكن في حقِّ من تواتر إليه.

20 ـ مسلَّماتُ المذاهبِ لا تنفعُ الناظر مطلقا، إنما تنفعهُ مع من يعتقدُ تلك المذاهب.

21 ـ برهانُ وجودِ الله تعالى أن العالَمَ حادثٌ، وأن كلُّ حادثٍ فلحدوثه سببٌ.

22 ـ كلُّ متحيّزٍ إن لم يكن فيه ائتلافٌ فنسميه جوهرا فردًا، وإن ائتلف إلى غيره سميناه جِسْما.

23 ـ الموجودُ الذي ليس بجسم ولا جوهرٍ متحيٍّزٍ ولا عرضٍ لا يُدْركُ بالحسِّ، ونحنُ ندّعي وجودَهُ، وندَّعِي أن العالَمَ موجودٌ بقدرته، وهذا يدرك بالدليل لا بالحسِّ.

24 ـ تكلُّفُ الدليلِ على الواضحاتِ يزيدُها غموضًا ولا يزيدُها وضوحًا.
-------------------
الدليل:
هو ما يُتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري .. ويشمل ذلك
1-  منطوق النص
2-   ومفهومه
3-   ومعناه
4-  وإشارته ..
5-  ولا يتأهل لمعرفة ذلك إلا المجتهدون أهل الإستنباط

إجماع علماء الأصول:
يحرم على العامي أن يتكلم في دين الله وأن يقول قال الله وقال الرسول
وعليه أن لا يبحث عن الأدلة أو يستنبط من القرآن والسنة
ودليل علماء الأصول في تحريم الإستنباطات الشرعية على العوام هي:
أن النص ربما يكون ناسخا .. منسوخا .. آحاد .. متواتر .. عام .. خاص .. مطلق .. مقيد .. أو أن يحتف بالدليل قرائن أقوى منه .. وهذه الأمور من المستحيل أن تجتمع عند العمامي
2024/10/01 04:57:55
Back to Top
HTML Embed Code: