Telegram Web Link
عن عطاء مولى السائب بن يزيد قال:
كان رأس السائب أسود الهامة إلى مقدم رأسه، وكان سائره أبيض.. فقلت: يا مولاي ما رأيت أحداً أعجب شعرًا منك.

قال: وما تدري يا بني لم ذاك؟. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بي وأنا مع الصبيان فقال: من أنت؟ قلت: السائب بن يزيد..فمسح بيده على رأسي، وقال: بارك الله فيه.

فهو لا يشيب أبدًا.

...
الخصائص الكبرى للسيوطي رحمه الله تعالى.
Live stream scheduled for
Live stream scheduled for
حفظ أمته من عبادته ﷺ:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [رواه مالك في الموطأ] وكما يظهر فالمقصود من كلمة مساجد في هذا الحديث، هو السجود لمن في القبر عبادة له، بدليل تحذيره في بداية الحديث لا تجعل قبري وثنًا يعبد، وإن من أعجب العجب، حفظ الله تعالى لأمة نبيه صلى الله عليه وسلم من أن تقع في عبادته رغم وقوعها في عبادة من هو أقل منه شأنًا، فضل أقوام وخرجوا من ملة الإسلام بأنها عبدت سيدنا عليًّا رضي الله عنه ، وضل آخرون بعبادتهم للحاكم بأمر الله.
إلا أن الله وقى الأمة على مر العصور وكر الدهور من الوقوع في عبادته صلى الله عليه وسلم، ولم يسجل التاريخ حتى ولو حالة واحدة أن هناك طائفة عبدته صلى الله عليه وسلم من دون الله، وفي ذلك إعجاز وحفظ واستجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم حيث وقى الله الأمة أن تعبده، وسيستمر هذا الأمر إن ـ شاء الله ـ إلى أن يرث ربنا الأرض ومن عليها. ....
بروز قبره وبقاؤه:
قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾ [النساء :64]. وقد انتقل النبي ﷺ من هذه الحياة الدنيا، ولكن بانتقاله هذا لم ينقطع عنا ﷺ وله حياة أخرى هي حياة الأنبياء، وهي التي تسمى الحياة بعد الموت، أو الممات كما سماها ﷺ حيث قال: «حياتي خير لكم تُحدثون ويَحْدُث لكم. ومماتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم فما رأيتُ من خير حمدت الله، وما رأيتُ من شر استغفرت الله لكم». رواه البزار بسند جيد وغيره..وسبق تخريجه مفصلا بالقناة يمكن البحث عنه ..
وقال ﷺ: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي؛ حتى أرد عليه السلام»، وهذا الحديث يدل على اتصال روحه ببدنه الشريف ﷺ أبدًا؛ لأنه لا يوجد زمان إلا وهناك من يسلم على رسول الله ﷺ ، وحياة النبي ﷺ بعد انتقاله ليست كحياة باقي الناس بعد الانتقال؛ وذلك لأن غير الأنبياء لا ترجع أرواحهم إلى أجسادهم مرة أخرى، فهي حياة ناقصة بالروح دون الجسد، وإن كان له اتصال بالحياة الدنيا كرد السلام وغير ذلك مما ثبت في الآثار، ولكن الأنبياء في حياة هي أكمل من حياتهم قبل الانتقال، وأكمل من حياة باقي الخلق بعد الانتقال.
وقد صح أن الأنبياء عليهم السلام يعبدون ربهم في قبورهم، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مررت على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره». وعنه ﷺ: «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»، ويدل هذا الحديث على أنهم أحياء بأجسادهم وأرواحهم لذكر المكان حيث قال «في قبورهم»، ولو كانت الحياة للأرواح فقط لما ذكر مكان حياتهم، فهم أحياء في قبورهم حياة حقيقية كحياتهم قبل انتقالهم منها، وليست حياة أرواح فحسب؛ كما أن أجسادهم الشريفة محفوظة يحرم على الأرض أكلها، فقد صح عنه ﷺ أنه قال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء».
ومن تمام إعجاز القرآن وبقائه وصلاحيته في كل الأزمان، وتمام تحقيق الله لوعد نبيه ﷺ إبراز قبره الشريف، وأصبح القبر الشريف حقيقة تاريخية لا يختلف اثنان من أن ذلك الموضع بالمدينة المنورة في مسجده الشريف هو القبر الذي ضم جسد أعظم العظماء بشهادة غير المسلمين.
ليس هناك يقين عند أحد من المؤرخين بوجود قبر صحيح منسوب لأحد من الأنبياء إلا قبر النبي ﷺ ، فكان ثبوت قبره يقينًا عند المؤرخين، وبروزه فضيلة أخرى شهد بها الواقع التاريخي، وجميع الشواهد، هدانا الله إلى الحق بإذنه...
يقول ربنا - سبحانه وتعالى - : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ } انظر إلى الكلام وتأمل في معانيه، وتدبر في تلك المعاني السامية، وكيف تنشأ في قلب الإنسان، وكيف تنشئ المسلم النبيل، الذي تكون الدنيا في يده ولا تكون في قلبه ... وكيف السبيل إلى ذلك ؟ وكيف أن الله بكل يسر قد قضى الخير فيها ؟ { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ } فالمجيء أولاً { فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ } رسول الله ﷺ في حياته البرزخية، يَرُدُّ الله عليه روحه في قبره فيرد السلام على أمته، كما صح في الحديث عن أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قال: (ما من أحد يسلم عليّ إلا رد اللَّه عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) . سيدنا رسول الله خاتم النبيين، فنبوته قائمة فينا إلى يوم الدين، وإنما وفاته لسنة الله في خلقه، ومماته -كما محياه- فيه خير لنا؛ لأن الشريعة قد تمت، واكتمل الدين؛ فكل ما سكت عنه الشرع في حياته ﷺ فهو معفوٌ عنه تكرمة اللهِ هذه الأمةَ المرحومة ، ولو بقي بيننا فلم ينتقل إلى يوم الناس هذا لزادت التكاليف يوما بعد يوم، ولانبرى أقوام يسألونه عما سكت عنه؛ فحرمت أمور من أجل مسألتهم، وكثرة اختلافهم على نبيهم..! ولكن بعثه الله رحمة مهداة، وقد خيِّر ﷺ فاختار الرفيق الأعلى ، يرد عليه روحه فيستغفر لأمته ﷺ ، فقد قال رسول الله ﷺ : (حياتي خير لكم؛ تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم؛ فما كان من حسن حمدت الله عليه، وما كان من سيئ استغفرت الله لكم).
فلنسلِّ أنفسنا بفقدنا لرسول الله ﷺ جسدًا، إنما تشريعه وروحه وبقاؤه يستغفر للأمة فهو باق إلى يوم القيامة، والحمد لله رب العالمين, { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ } جاءوك بالصلاة عليك، أو جاءوك في عالم الأشياء بالإتيان إليك { فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو نصر بن الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي، قال: كنت جالسًا عند قبر النبي ﷺ ، فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } وقد جئتك مستغفرًا لذنبي مستشفعًا بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول :
يا خيرَ مَنْ دُفِنَتْ بالقَاعِ أعْظُمَه * فطابَ مِنْ طِيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ
نفسي الفداءُ لقبرٍ أنتَ سَاكِنُه * فيهِ العَفَافُ وفيهِ الجُودُ والكَرَمُ
ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني فرأيت النبي ﷺ في النوم، فقال: يا عتبي، الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له" .
فما أفقهَهُ من أعرابي..!، وما أسعدَ ذلك العُتبي ، ولله دَرُّ سلفنا الصالح؛ بما علموا وما عملوا وما فقهوا ؛ فرضي الله عنهم وأرضاهم.
كما رأيتم أنّه يرى شرك المشركين في عصر الجاهلية دون شرك كثير من النّاس في زمانه و هكذا يتّهم أهل زمانه من المسلمين الموحدين بالشرك والكفر ويجعل شركهم أعظم من شرك الجاهلية.
ما هي البدعة؟ وهل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟
البدعة في اللغة: هي كل أمر جديد لم يكن موجوداً من قبل، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
(كل بدعة ضلالة) رواه أبو داود والترمذي،
ولا يجوز أن نُجمِل الحديث على المعنى اللغوي للبدعة؛ لأن الإسلام يحثنا على التجديد في أمور حياتنا مما يعيننا على جهاد الكفار، واستصلاح الأرض، والإحسان إلى عباد الله، وكل هذا أصبح محتاجاً إلى وسائل جديدة، فوجب حمل الحديث على معنى خاص ،وهو الزيادة في الدين،
وأحكام الدين خمسة: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح،
فمن زاد في الفرائض فقد ابتدع ؛ لأن الفرض ما أمر به الشرع أمرًا جازمًا، ومن زاد في المحرمات من غير دليل فقد ابتدع؛ لأن الحرام ما نهى عنه المشرع نهياً جازماً، ومن زاد في المكروهات فقد ابتدع؛
لأن المكروه ما نهى عنه المشرع نهياً غير جازم، ومن زاد في المندوبات من غير دليل فقد ابتدع، لأن المندوب ما أمر به الشرع أمراً غير جازم.
فمن وعد الناس بثواب على فعل بغير إذن من الله فقد افتات على الله وابتدع، ومن أوعد الناس بعقوبة على فعل بغير إذن من الله فقد افتات على الله وابتدع، وترتيب الثواب او العقاب على الأفعال هو المقصود بالأمر الشرعي والنهي الشرعي وهذا لا يكون إلا لله ويُستدَل على أمره تعالى بالأدلة الشرعية.
أما المباحات فأمرها واسع؛ لأنها ما لم يأمر به المشرع أمراً يُثاب على امتثاله، ولم ينْهَ عنه نهياً يعاقب على مخالفته، والمراد بالمشرع هو الله عز وجل، سواء عرفنا حكمه من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو بالاجتهاد؛ لأنه لا خلاف بين المسلمين في أن الذي يشرع الأحكام هو الله عز وجل ،
وإن اختلفت الطرق إلى معرفة حكمه ،وكل تشريع يخالف تشريع الله فهو بدعة وضلالة في النار.
نخلص من هذا إلى أن البدعة المقصودة بالحديث والمذمومة شرعاً ما كان زيادة في الدين ومخالفة لأمر الله ونهيه، أما استحداث الوسائل التي تعين على أمر الدين فليست من باب البدعة، وإن كانت تسمى لغة بدعة، فاستخدام المكبر لرفع الصوت بالأذان ليس بدعة؛
لأن الذي يستخدمه يريد إبلاغ صوت المؤذن إلى عدد أكبر من المسلمين وهو لا يقول إن استخدامه فرض أو سنة ولا تركه حرام أو مكروه بل وسيلة من شاء استخدمها ومن شاء تركها، لكن لا بدّ من إبلاغ صوت المؤذن إلى المسلمين ولو بتكثير عدد المؤذنين، ومثل هذا يقال في بناء المآذن،
واستخدام الوسائل الحديثة في بناء المسجد، والأسلحة الحديثة في الجهاد والورق الحديث في طباعة الكتب الإسلامية، المسبحة لضبط عدد الأوراد، والساعة لضبط أوقات الصلاة، فهذه كلها وسائل أريد بها الخير فصارت من باب الخير، وهذا الذي دعا بعض العلماء إلى أن يقسم البدعة إلى حسنة وسيئة،
بمعنى أن الأمر المستجد إذا أريد به الخير مما لا يعارض الشرع فهو بدعة حسنة؛ وإن أريد بها الشر فهي بدعة سيئة لأن ما خالف الشرع ليس فيه خير وإن بدا غير ذلك.
وقد التبس على بعض الناس المعنى اللغوي بالمعنى الشرعي للبدعة فوقعوا في أمور مضحكة فحرّم بعضهم استخدام الكهرباء في المساجد، والمكبرات للأذان، والملاعق للطعام، وهذا جهل بالدين وصدّ عن سبيل الله، وتشويه للإسلام،
سببه عدم العلم وقلة البصيرة. وعدم التفريق بين الوسائل والمقاصد.
فتكون خلاصة القول:
أن البدعة بالمعنى الشرعيّ (أي الزيادة في الدين ومصادمة ( أحكام الشرع ) كلها ضلالة وليس فيها حسنة). والبدعة بالمعنى اللغوي (أي الوسائل والآلات والمخترعات والأشياء التي لم تكن من قبل ) فيها الحسن وهو ما أريد به الخير مما يوافق مقاصد الشريعة وغاياتها، ومنها السيئة وهي ما خالفت الشريعة وصادمت مقاصدها.
هذا ما يبدو لي في الموضوع والله أعلم بالصواب. ومن راجع كتب أهل العلم لم يخف عليه ذلك.

من كتاب فتاوى سماحة الشيخ نوح القضاة عليه رحمة الله.
بركة الحبيب الاعظم ﷺ [1] :
أخرج الإمام مُسلم رحمه الله تعالى عَن أنس قَالَ :
جِئْت رَسُول الله ﷺ يَوْمًا فَوَجَدته جَالِسا مَعَ أَصْحَابه يُحَدِّثهُمْ وَقد عصب بَطْنه بعصابه فَقلت لبَعض أَصْحَابه:
لم عصب رَسُول الله ﷺ بَطْنه؟!
قالوا : من الْجُوع فَذَهَبت إِلَى أبي طَلْحَة فَأَخْبَرته فَدخل على أُمِّي فَقَالَ : هَل من شَيْء .
قَالَت : نعم عِنْدِي كسر من خبز وتمرات، فَإِن جَاءَنَا رَسُول الله ﷺ وَحده أشبعناه وَإِن جَاءَنَا مَعَه أحد قل عَنْهُم .
فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَة : اذْهَبْ يَا أنس فَقُمْ قَرِيبا من رَسُول الله ﷺ فَإِذا قَامَ فَدَعْهُ حَتَّى يتفرق أَصْحَابه ثمَّ اتبعهُ حَتَّى إِذا قَامَ على ستر بَابه فَقل : أبي يَدْعُوك ، فَفعلت ذَلِك فَلَمَّا قلت : أَن أبي يَدْعُوك .
قَالَ لأَصْحَابه : يَا هَؤُلَاءِ تَعَالَوْا ثمَّ أَخذ بيَدي فشدها ثمَّ أقبل بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذا دنونا من بيتنا أرسل يَدي فَدخلت وَأَنا حَزِين لِكَثْرَة من جَاءَ بِهِ .
فَقلت يَا أبتاه : قد قلت لرَسُول الله ﷺ الَّذِي قلت لي فَدَعَا أَصْحَابه وَقد جَاءَك بهم .
فَخرج أَبُو طَلْحَة وَقَالَ يَا رَسُول الله : إِنَّمَا أرْسلت أنسا ليدعوك وَحدك وَلم يكن عِنْدِي مَا يشْبع من أرى .
فَقَالَ : ادخل فَإِن الله سيبارك فِيمَا عنْدك فَدخل فَقَالَ اجْمَعُوا مَا عنْدكُمْ ثمَّ قربوه فَقَرَّبْنَا مَا كَانَ عندنَا من خبز وتمر فجعلناه على حصيرنا فَدَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ .
فَقَالَ : يدْخل عَليّ ثَمَانِيَة فأدخلت عَلَيْهِ ثمانيه فَجعل كَفه فَوق الطَّعَام ، فَقَالَ :
كلوا وَسموا الله فَأَكَلُوا من بَين أَصَابِعه حَتَّى شَبِعُوا .
ثمَّ أَمرنِي أَن أَدخل عَلَيْهِ ثَمَانِيَة فَمَا زَالَ ذَلِك أمره حَتَّى دخل عَلَيْهِ ثَمَانُون رجلا كلهم يَأْكُل حَتَّى يشْبع ثمَّ دَعَاني ودعا أُمِّي وَأَبا طلحه فَقَالَ :
كلوا فأكلنا حَتَّى شبعنا ثمَّ رفع يَده .
فَقَالَ : يَا أم سليم أَيْن هَذَا من طَعَامك حِين قدمتيه ؟!
قَالَت بِأبي أَنْت وَأمي لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتهمْ يَأْكُلُون لَقلت مَا نقص من طعامنا شَيْء .
تعظيمه صلى الله عليه وسلم [1]

لم يترك الصحابة رضي الله تعالى عنهم أيّ فرصة تفوتهم في تعظيم النبي ﷺ، وكانوا يوقّرونه بكل الوجوه والأحوال، ولم يكن ﷺ يمنعهم إلا من السجود له على وجه التعظيم فنهاهم عنه صلوات ربي وسلامه عليه..
أحد جوانب توقير الحبيب المصطفى ﷺ هو تقديمه على كل شيء بعد الإيمان حتى الفرض والواجب من العبادات والطاعات، فتعظيم الرسول الكريم ﷺ شعبة من شعب الإيمان، وتعظيمه فعلًا مقدّم على كل فرض بعد الإيمان بالله تعالى ورسوله ﷺ، وقد ورد في الحديث الشريف: عن سيدنا أسماء بنت عُمَيْسٍ رضي الله تعالى عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ، ثُمَّ أَرْسَلَ سيدنا عَلِيًّا رضي الله تعالى عنه فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الْعَصْرَ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَنَامَ، فَلَمْ يُحَرِّكُهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيًّا احْتَبَسَ بِنَفْسِهِ عَلَى نَبِيِّهِ فَرُدَّ عَلَيْهِ الشَّمْسَ».
فَطَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَتَّى رُفِعَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَعَلَى الْأَرْضِ، وَقَامَ عَلِيٌّ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ غَابَتْ وَذَلِكَ بِالصَّهْبَاء.


طرح التثريب ٧‏/٢٤٧ والمواهب اللدنية ٢‏/٢٥٩ [إسناده] حسن
وفي مجمع الزوائد ٨‏/٣٠٠ [روي] بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح عن إبراهيم بن حسن وهو ثقة وثقه ابن حبان وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها..

دلّ الحديث على فضل تعظيم النبي ﷺ: وأنّ عليًا رضي الله عنه ضحّى بأفضل العبادات: الصلاة بل الصلاة الوسطى (أي صلاة العصر) في تعظيمه ﷺ. ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم.
بركة الحبيب الاعظم ﷺ [2]  :
أخرج الإمام البخاري رحمه الله تعالى...

عَنْ سيدنا جابِرٍ رضي الله عنه ، قالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرامٍ وعَلَيْهِ دَيْنٌ، فاسْتَعَنْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَلى غُرَمائِهِ أنْ يَضَعُوا مِن دَيْنِهِ، فَطَلَبَ النَّبِيُّ ﷺ إلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أصْنافًا، العَجْوَةَ عَلى حِدَةٍ، وعَذْقَ زَيْدٍ عَلى حِدَةٍ، ثُمَّ أرْسِلْ إلَيَّ»، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أرْسَلْتُ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَجاءَ فَجَلَسَ عَلى أعْلاَهُ، أوْ فِي وسَطِهِ، ثُمَّ قالَ: «كِلْ لِلْقَوْمِ»، فَكِلْتُهُمْ حَتّى أوْفَيْتُهُمُ الَّذِي لَهُمْ وبَقِيَ تَمْرِي كَأنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنهُ شَيْءٌ وقالَ فِراسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي جابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «فَما زالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتّى أدّاهُ»، وقالَ هِشامٌ: عَنْ وهْبٍ، عَنْ جابِرٍ، قالَ: النَّبِيُّ ﷺ: «جُذَّ لَهُ فَأوْفِ لَهُ» صحيح البخاري ٢١٢٧
 
تفجيرَ الماء من الحجر هو من معجزات نبيّ الله سيِّدنا موسى عليه الصلاة والسلام، في حين أنّ نبع الماء من بين أصابعه ﷺ أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر.
 
عن سيِّدنا جَابِر بنِ عبدِ اللهِ رضي الله تعالى عنه قال: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ، فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ: «مَا لَكُمْ؟»
قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ.
فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، كَأَمْثَالِ العُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا.
قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟
قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً
"صحيح البخاري"، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 2/493، (3576).

وَقَد نقل ابن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْمُزَنِيِّ رحمهما الله تعالى أَنَّهُ قَالَ: نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ﷺ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَاتِ مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْحَجَرِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مُوسَى عليه الصلاة والسلام بِالْعَصَا فَتَفَجَّرَتْ مِنْهُ الْمِيَاهُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَاءِ مِنَ الْحِجَارَةِ مَعْهُودٌ، بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ"    فتح الباري شرح صحيح البخاري"، للعسقلاني، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 7/488.
لو كان استبعاد كرامات الأولياء بمقتضى العقل والعادة؛ لجاز للعقل والعادة أن ينكرا كرامة أهل الكهف، الذين لبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعا، دون أن يموتوا، أو تأكلهم الأرض، وهذا مستبعد، بل مستحيل عادة، والطب ينكره!

ولو كان استبعاد كرامات الأولياء بمقتضى الشرع؛ لجاز إنكار كرامة خرق السفينة، وقتل الغلام - وهما منكران شرعيان - والخَضِرُ فَوَلِيٌّ، لا نبيٌّ، في قول الجمهور، ومنهم ابن تيمية!

فَعُلِمَ من ذلك أن الشأن في الكرامة؛ التسليم، إذا صحَّت؛ لأنها فعل الله، لا فعل الولي، كما قال شيخنا الخطيب رضي الله عنه:

يا منكِرًا لهم الكرامةَ بعد أن
سكنوا الضريحَ وهم به أحياءُ!

إن الكرامةَ فعلُه سبحانه
والحيُّ والمقبورُ فيه سواءُ!

وإذا لم تصح فالاعتراض عليها تشغيب، وهو من ضيق الأفق، وخفة العقل، وحرمان نور التوفيق، وبالله التوفيق.

الدكتور محمد ابراهيم العشماوي...

منكر المعجزة الثابتة النص القرآني أو السنة المتواترة يعتبر كفراً بلا خلاف لأنه تكذيب لله.

إنكار الكرامة التي وردت في القرآن أو ما صح من السنة ايضا كفر كمن ينكر كرامة السيدة مريم العذراء وحملها وولادتها ونحو ذلك
وإنكار الكرامة من أصلها أيضا كفر.
لكن إن أنكر كرامة وقعت لأحد الأولياء فهو محروم..
قال القاضي أبا بكر بن العربي :
رأيت الإمام الغزالي في البرية وبيده عكازة، وعليه مرقعة، وعلى عاتقه ركوة، وقد كنت رأيته ببغداد يحضر مجلس درسه نحو أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم، يأخذون عنه العلم، فدنوت منه وسلمت عليه، وقلت له: يا إمام! أليس تدريس العلم ببغداد خير من هذا؟ قال: فنظر إلي شزرا .. وقال:

لما طلع بدر السعادة في فلك الإرادة- أو قال سماء الإرادة- وجنحت شمس الوصول في مغارب الأصول:

تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل
وعدت إلى تصحيح أول منزل
ونادت بي الأشواق مهلا فهذه
منازل من تهوى رويدك فانزل
غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد
لغزلي نساجًا كسرت مغزلي

شذرات الذهب ( 6/22 ) .
"ياليتهم يفهمون"

وسُئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى:
في شخص يقرأ ويطالع الكتب الفقهية بنفسه ولم يكن له شيخ يقرر له المسائل الدينية والدنيوية ثم إنه يسأل عن مسائل دينية ودنيوية فيفتيهم ويعتمد على مطالعته في الكتب ولم يتوقف فيما يسأل عنه هل يجوز له ذلك وإذا قلتم بعدم الجواز فماذا يستحقه من قبل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ ( فأجاب ) نفع الله تعالى به بقوله لا يجوز لهذا المذكور الإفتاء بوجه من الوجوه لأنه عامي جاهل لا يدري ما يقول بل الذي أخذ العلم عن المشايخ المعتبرين لا يجوز له أن يفتي من كتاب ولا من كتابين بل قال النووي رحمه الله تعالى ولا من عشرة فإن العشرة والعشرين قد يعتمدون كلهم على مقالة ضعيفة في المذهب فلا يجوز تقليدهم فيها بخلاف الماهر الذي أخذ العلم عن أهله وصارت له فيه ملكة نفسانية فإنه يميز بين الصحيح من غيره ويعلم المسائل وما يتعلق بها على الوجه المعتمد به فهذا هو الذي يفتي الناس ويصلح أن يكون واسطة بينهم وبين الله تعالى وأما غيره فيلزمه إذا تسور هذا المنصب الشريف التعزير البليغ والزجر الشديد الزاجر له ولأمثاله عن هذا الأمر القبيح الذي يؤدي إلى مفاسد لا تحصى ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الفتاوى الفقهية الكبرى٣/٢٩٤
2024/10/01 07:39:31
Back to Top
HTML Embed Code: