Telegram Web Link
إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه.

إنّ الأعمال لا تُقْبَل عند الله إلا أنْ تُوافِق الشريعة، وموافقةُ الشَّرع وعدم مُوافَقَته لا يُعرف إلا بالعلم، والعِلمُ لا يُؤخَذُ إلا مِن أفواه العلماء، ولا تكفي مطالعة الكتب بغير تَلَقٍّ مِن أفواه العلماء، بل كثيرٌ من الناس الذين يَضِلُّون سَبَبُه أنهم لا يَتَلَقُّون عِلمَ الدين من أفواه العلماء بل يعتمدون على المطالعة في مُؤلَّفات العلماء، فكيف الذي يطالع في الكتب التي حُشِيَتْ بالأحاديث المكذوبة والأخبار المعلولة والغُلُوّ المذموم والكَذِب على الدين والتجسيم والتشبيه أي تشبيه الله بخلقه والعياذ بالله تعالى.

فقد قال الحافظ الكبير الخطيب البغدادي نقلاً عن بعض المحدِّثين:

(مَن طالَع الكُتُبَ لنفسهِ بدونِ مُعَلِّمٍ يُسمَّى صُحُفِيًّا ولا يُسمى مُحَدِّثَا ومَن قَرأ القُرءآن لِنَفْسه بِدُون مُعَلِّمٍ يُسَمَّى مُصْحَفِيًّا ولا يسمى قارئًا).

و قال الشافعيّ رضي الله عنه:

مَنْ تَفَقّهَ مِن بُطُون الكتُب ضَيّعَ الأحكام.

وكانَ بعضُهم يقول:

مِنْ أَعظَم البَلِيّةِ تَشَيُّخ الصّحَفِيّة ، أي الذينَ تَعلّموا مِن الصُّحُف.

87 مِن تَذكِرة السّامِع والمتكلّم في أدب العَالم والمتعلّم للقَاضِي إبراهيم بن جَماعة المُتوفّى سنة 733 هجرية.

فقد قال أهل العلم:

لا تحسبن بجمع الكتب مثلنا تصير *** فالدجاجة لها ريش لكنها لا تطير

العلم لا يؤخذ من كتاب أو دليل *** انتبه حتى لا تصبح له أسير

خذ العلم من متعلم جليل *** فلن تفيدك الكتب ولو قليل

و إن كان المعنى به كثير *** فالدجاجة لها ريش لكنها لا تطير

إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه.

وكان أبو حيّان الأندلسيّ النَّحْوي كثِيرًا ما ينشد:

يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتْبَ تَهْـدِي*** أَخـَا فَـهْمٍ لِإدْراكِ العُلُـــومِ

وَمـا يَدْرِي الجَـهُولُ بِأنَّ فِيـها *** غَوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الفَهِيمِ

إِذا رُمْتَ العُلُومَ بِغَيْرِ شَيْــخٍ *** ضَلَلْتَ عَنِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ

وتَلْتَبِسُ الأمورُ عَلَيْكَ حَتَّـى *** تَصِيرَ أَضَلَّ مِن تُومَا الحَــكِيمِ

* الغُمْر: الجاهل الذي لم يُجَرِّب الأُمور.

* رُمْتَ: طَلَبْتَ.
وتوما هذا كان طبيبا، ولكن تَطَــبُّبُه مِن الكُتُب، وقد وَقَع التَّصحيف في بَعض الكتُب التي عِندَه، فكان يَقْرَأ: (الحيَّةُ السَّوداء شِفاءٌ مِن كُلّ داءٍ). تَصَحَّفَتْ كَلِمَة (حَبّة) إلى (حَيّة) فمَاتَ بِسَبَب تَطَبـُّبِه خَلْقٌ كَثِير.

فلا تكون المعرفة بمطالعة الكتب بل باختيار عارف ثقة أخذ العلم عَمَّن قبله بالسند المتصل فنـتلقى منه العلم الشرعي الصافي الخالي من الأفكار الدسيسة والآراء المنحرفة.

وسبحان الله والحمد لله، والله أعلم.
مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي يوضح حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وبيان فضلها وإحيائها بالعبادة

أوضح مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وبيان فضلها وإحيائها بالعبادة وجاء نص الفتوي كما يلي:

يجوز الاحتفال بليلة النصف من شعبان، والمعروف بـ«حق الليلة»؛ لأن ذلك من العادات في المجتمع، والأصل في العادات الحل والجواز، كما يجوز تقديم الهدايا في هذه الليلة بقصد إدخال الفرحة والسرور - خصوصا على الأطفال والأقارب والجيران ونوضح الأدلة الشرعية التي تبيح الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتثبت استحباب إحيائها بالعبادة فيما يأتي:


أولا: قاعدة الأصل في العادات الإباحة والاحتفال بليلة النصف من شعبان يعتبر من العادات، والأصل فيها الإباحة لأنها من أمور الدنيا، وقد قال النبي ﷺ : «أنتم أعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ».

ثانيا : قاعدة : ما سكت عنه الشرع فهو عفو والاحتفال بليلة النصف من شعبان يدخل ضمن ما سكت عنه الشرع، وقد قال النبي : الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه».

ثالثا: تحقيق مقاصد حسنة من إدخال الفرح والسرور على الأسرة والمجتمع، وتعزيز التواصل بين الأفراد، قال رسول صلى الله عليه وسلم:
أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم".

رابعا: وردت أحاديث، وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم والأئمة بعدهم في تبيين فضل ليلة النصف من شعبان، ومما ورد في ذلك ما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله مِن اللَّيْلِ فَصَلَّى فَأَطَالَ السجودَ حَتَّى ظننت أَنَّهُ قَدْ قُبض، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ قُمْت حَتَّى حركت إبهامه ..... فَقَالَ " أتدري أي لَيْلَةٍ هَذه؟ " قلت: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " هَذِهِ لَيْلَةُ النصف مِنْ شَعْبَانَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النصف من شعبان فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ .

وعن أبي بكر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ : «إذا كان ليلة النصف من شعبان ، ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا ، فيغفر لعباده ، إلا ما كان من مشرك أو مشاحن لأخيه».

خامسا : اختلف التابعون في تخصيص إحيائها بعبادة معينة بين مثبت وناف فذهب جمع منهم إلى الحث على الاجتهاد فيها بصلاة النافلة، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء والذكر، والصلاة والسلام على النبي، وصيام يومها فهو من الأيام البيض.

ومن الآثار التي وردت على استحباب إحيائها بالعبادة ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «خَمْسُ لَيَالِ لا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ: لَيْلَةُ الْجَمْعَةِ. وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَب، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَتا الْعِيدَيْنِ».

وقال الشافعي: بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان ... وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا».

وقال الفاكهي: وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم إذا كان ليلة النصف من شعبان: خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد فصلوا، وطافوا، وأحيوا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام، حتى يختموا القرآن كله، ويصلوا».

وقال ابن الصلاح: «أما ليلة النصف من شعبان فلها فضيلة وإحياؤها بالعبادة مستحب»، وقال ابن رجب: «ينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب وأن يقدم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب».

والحاصل أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان جائز لكونه من العادات، وأن فضل هذه الليلة محل اتفاق بين أكثر أهل العلم، ومن أحيا هذه الليلة رجاء الثواب واستناداً للآثار المذكورة فيرجى له القبول، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه دون أن يكون ذلك تجريحاً لغيره أو تحريجاً عليهم فيما اختاروا.
والله تعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
منقولات مجمّعة حول ليلة النصف من شعبان..
قال تعالى: ﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) ﴾
(ليلة مباركة﴾ فيها قولان:
١- قال قتادة وابن زيد: هي ليلة القدر،
وقال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحجاج، يقال: يحج فلان ويحج فلان.
٢- وقال آخرون: هي ليلة النصف من شعبان، ومن أشهر مَنْ قال بذلك: التابعي عكرمة مولى ابن عباس.
وقد جاء عن القاسم بن محمد، عن أبيه أو عمه، عن جده، عن رسول الله ﷺ قال: "ينزل الله جل ثناؤه ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل نفس إلا إنساناً في قلبه شحناء أو مشركاً بالله".
وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان، يبرم فيها أمر السنة وتنسخ الأحياء من الأموات فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد.
وعن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس، أن رسول الله ﷺ قال: "تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له ولقد أخرج اسمه في الموتى".
وروى أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر".
لخصها من تفسير البغوي (ت: ٥١٦هـ)

⚘️ عشر فوائد عن ليلة النصف من شعبان..
١- هي ليلة مباركة، وقد ثبت فضلها بما جاء عن النبي ﷺ أنه قال: «يَطَّلِعُ الله عز وجل إلى خلقه لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لعباده: إِلَّا لاثنين: مُشَاحِنٍ، وقاتلِ نفس».
رواه أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمرو (٦٦٤٢)
٢- وجاء في رواية أبي ثعلبة، أن النبي ﷺ قال: «يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه». أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 223: 590)
وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها: "...لا أقول ستة نفر: مدمن خمر، ولا عاق لوالديه، ولا مصر على زنا، ولا مصارم، ولا مضرِّب، ولا قتات". أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات (27)، والدعوات (531)
ومعنى مصارم: مقاطع ومشاحن.
ولا مضرِّب، أي: في التجارات.
قتات، أي: نمام.
٣- ولعل هذا الفضل الذي جاء فيها: تهيئة لشهر رمضان المبارك.
قال الإمام ابن رجب الحنبلي: "ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس على طاعة الرحمن ". لطائف المعارف، (ص: ١٤٩)

٤- وهي من الليالي التي يستجاب فيها الدعاء:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "خمس ليال لا يرد فيهن الدعاء: ليلة الجمعة، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلتي العيدين". شعب الإيمان للبيهقي، وذكره الإمام الشافعي في كتابه الأم (١/٢٦٤) بلاغاً.

٥- وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى ندب إحياء ليلة النصف من شعبان بالدعاء والصلاة والتوجه إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار، وإزالة أسباب القطيعة والخلاف.
ينظر: حاشية ابن عابدين (١/٤٦٢) ومواهب الجليل (١/٧٤) وأسنى المطالب (١/٢٠٨) والإحياء (٣/٤٢٣) والفروع (١/٤٤٠)‏

٦- قال ابن رجب الحنبلي: « فينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب، وستر العيوب، وتفريج الكروب، وأن يقدِّم على ذلك التوبة فإنَّ الله تعالى يتوب فيها على من يتوب". لطائف المعارف (ص: ١٣٧)‏
٧- قال ابن تيمية: «ومن هذا الباب: ليلة النصف من شعبان،
فقد رُوي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضَّلة، وأنَّ من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها، وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة..». اقتضاء الصراط المستقيم (١/٣٠٢)‏

٨- وقال الحافظ العراقي: "مزية ليلة نصف شعبان مع أنّ الله ينزل كل ليلة أنه ذكر مع النزول فيها وصف آخر لم يذكر في نزول كل ليلة وهو قوله: "فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب".
وليس ذا في نزول كل ليلة، ولأنّ النزول في كل ليلة مؤقت بشرط الليل أو ثلثه وفيها- أي: في ليلة النصف- من الغروب". فيض القدير ٢/٣١٧
٩- على المسلم أن يبادر إلى أعمال الخير، ويسارع إلى الخيرات، ويترك الكسل، ويبتعد عن الشحناء والجدل لاسيما فيما يتعلق بفضائل هذه الليلة، ويطلب من الله سبحانه العفو والعافية ومغفرة الذنوب، وتفريج هموم المسلمين.
١٠- خمس ملاحظات مهمة حول حديث ليلة النصف من شعبان، وهي:
١- هذا الحديث قد جاء عن تسعة من الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ متقاربة، وهم:
1- أبو بكر الصديق، أخرج حديثه البزار في مسنده (2045) والبيهقي في شعب الإيمان (3828، 3829) وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكر إلا من هذا الوجه وقد روي عن غير أبي بكر، وأعلى من رواه عن النبيﷺ أبو بكر وإن كان في إسناده شيء فجلالة أبي بكر تحسنه، وعبدالملك بن عبدالملك ليس بمعروف، وقد روى هذا الحديث أهل العلم ونقلوه واحتملوه.."‏
2- عبد الله بن عمرو، روى حديثه أحمد في مسنده (6642)
وقال شعيب الأرنؤوط (١١/٢١٧): "حديث صحيح بشواهده..". ثم ذكرها.‏
3- معاذ بن جبل، أخرج حديثه ابن حبان في صحيحه (5665) وقال المنذري في الترغيب بعد ذكره: "رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي ورواه ابن ماجه بلفظه من حديث أبي موسى الأشعري والبزار والبيهقي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه بنحوه بإسناد لا بأس به".‏
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/١٢٦): "رواه الطبراني في الكبير الأوسط ورجالهما ثقات".
4- أبو موسى الأشعري، أخرج حديثه ابن ماجه في سننه (1390)، والبيهقي في شعب الإيمان (3833).
5- علي بن أبي طالب أخرج حديثه ابن ماجه في سننه (1388)، والبيهقي في شعب الإيمان (3542)
6- عائشة، أخرج حديثها الترمذي في سننه (739)، وابن ماجه في سننه (1389) وأحمد في مسنده (6018)، والبيهقي في شعب الإيمان (3543).
وقد نقل الترمذي تضعيفه عن شيخه البخاري، لكنه قال: "وفي الباب عن أبي بكر الصديق".
وقال البيهقي في شعب الإيمان (٣/٣٨٠) "ولهذا الحديث شواهد من حديث عائشة وأبي بكر الصديق وأبي موسى الأشعري، واستثنى في بعضها: "المشرك، والمشاحن".‏
-ونقل الطبراني في كتابه الدعاء (ص: 195) عن عبدالله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول في معنى حديث النبي ﷺ: «إن الله عز وجل يطلع في ليلة النصف من شعبان على عباده فيغفر لأهل الأرض إلا لمشرك أو مشاحن» قال: المشاحن: هم أهل البدع الذين يشاحنون أهل الإسلام ويعادونهم.‏
7- حديث أبي ثعلبة الخشني رواه البيهقي في شعب الإيمان (3831،3832)
8- أبو هريرة، أخرج حديثه البزار في مسنده (2046) .
9- عوف بن مالك، أخرج حديثه البزار في مسنده (2048) .
وبمجوع هذه الشواهد يرتقي الحديث ويقوى ولا ينزل عن الحسن،
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٣/٣٦٥): "اعلم أنه قد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلاً".‏

٢- دُوِّن هذا الحديث في أكثر من (٣٠) كتاباً من دواوين الحديث النبوي، منها: صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومصنف عبدالرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وسنن الترمذي وابن ماجه والبيهقي، والسنة لابن أبي عاصم.
ومسند أحمد، وإسحق بن راهويه، والبزار، وأبي يعلى، والحارث، وعبد بن حميد، وغيرهم..‏

٣- وقد عقد المحدثون في مصنفاتهم أبوابا خاصة لإيراد ما جاء في فضل هذه الليلة المباركة:
1- ففي «سنن» الترمذي: باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان.
2- وفي «سنن» ابن ماجه: باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان.
2- وفي «شعب الإيمان» للبيهقي: ما جاء في ليلة النصف من شعبان.
4- وفي «مصنف» ابن أبي شيبة: ما قالوا في ليله النصف من شعبان وما يغفر فيها من الذنوب.
5- وفي «مصنف» عبد الرزاق: باب النصف من شعبان.
6- وفي «شرح السنة» للبغوي: باب في ليلة النصف من شعبان.
7- وفي «صحيح» ابن حبان: ذكر مغفرة الله جل وعلا في ليلة النصف من شعبان لمن شاء من خلقه إلا من أشرك به أو كان بينه وبين أخيه شحناء.
8- وجاء في: «أخبار مكة» للفاكهي (٣/٨٤): "ذكر عمل أهل مكة ليلة النصف من شعبان واجتهادهم فيها لفضلها وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم إذا كان ليلة النصف من شعبان، خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد، فصلوا، وطافوا، وأحيوا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام، حتى يختموا القرآن كله، ويصلوا".
٤- ستة من كبار علماء الحديث النبوي صحَّحوا إسناد هذا الحديث، أو حسَّنوه، وهم: البزار، وابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي، والمنذري، والهيثمي.
وتابعهم من المعاصرين: المباركفوري، وأحمد شاكر، والألباني، وشعيب الأرناؤوط، وغيرهم..‏
٥- يلاحظ أنَّ من ضعَّفه، فإنما ضعَّفه لبعض أسانيده، ومنهم ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية، بدليل أنه لم يذكر حديث عبدالله بن عمرو المروي في مسنده.‏

ليلة النصف من شعبان ( تذكير):

اليوم السبت...بعد أذان المغرب ...نكون قد دخلنا في ليلة النصف من شعبان ...

ورد في فضل هذه الليلة المباركة عدة أحاديث وآثار حسنة ....
فيستحسن فيها :
_ إكثار الدعاء
_ إكثار الاستغفار
_ إكثار الذكر
_ إكثار القيام
_ البعد عن مشاغل الدنيا وملهياتها

فطوبى لمن وفقه الله سبحانه لعمل الخير والتقوى فيها
ومن كان وقته لا يسمح ..أو عمله لا يسمح ...أو التزاماته المباحة لا تسمح ...فليخصص وقتاً _ ولو ١٠ دقائق _ للاستغفار والدعاء .
صح عن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في روايات وردت عن أكثر من ٧ من الصحابة أنه قال:
(يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمُشرك أو مُشاحن).

وقد أدركنا مشايخنا يسمونها ( ليلة التجلّي الأعظم)
يقول العلامة الآلوسي المفسر الحنفي ما نصه : ( ذكر الشعراني في "الدرر المنثورة" أن مذهب السلف أسلم وأحكم ، إذ المؤوِّل انتقل عن شرح الاستواء الجسماني على العرش المكاني بالتنزيه عنه إلى التشبيه السلطاني الحادث وهو الاستيلاء على المكان ، فهو انتقال عن التشبيه بمحدث إلى التشبيه بمحدث آخر ، فما بلغ عقله في التنزيه مبلغ الشرع فيه في قوله تعالى: ﴿لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَیۡءࣱۖ﴾ ... ونهاية الأمر يحتاج إلى القول بأن المراد : "استيلاء يليق بشأن الرحمن جل شأنه" ، فليقل من أول الأمر قبل تحمل مؤنة هذا التأويل : "استواء يليق بشأن من عز شأنه وتعالى عن إدراك العقول سلطانه" ، وهذا أليق بالأدب وأوفق بكمال العبودية ، وعليه درج صدر الأمة وساداتها ، وإياها اختار أئمة الفقهاء وقاداتها، وإليها دعا أئمة الحديث في القديم والحديث ... نعم ذهبت شرذمة قليلة من السلف إلى إبقاء نحو المذكورات على ظواهرها، إلا أنهم ينفون لوازمها المنقدحة للذهن الموجبة لنسبة النقص إليه عز شأنه ، ويقولون: "إنما هي لوازم لا يصح انفكاكها عن ملزوماتها في صفاتنا الحادثة، وأما في صفات من ليس كمثله شيء فليست بلوازم في الحقيقة" ، وقريب من هذا القول ما يصرح به كلام كثير من ساداتنا الصوفية ، فإنهم قالوا : "إن هذه المتشابهات تجرى على ظواهرها ، مع القول بالتنزيه الدال عليه قوله تعالى: ﴿لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَیۡءࣱۖ﴾ ) ا.هـ
(ولا شك أن التصوف والطرق كانت من اكبر العوامل في نشر الإسلام في كثير من البلدان وإيصاله إلى جهات نائية ما كان ليصل إليها إلا على يد هؤلاء الدعاة، كما حدث ويحدث في” بلدان أفريقيا وصحاريها ووسطها، وفي كثير من جهات آسيا كذلك)).

===
حسن البنا
الامام أبو بكر بن فُورَك
(ضبطها ابن خلكان والسيوطي وابن العماد وغيرهم بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء، أما الزبيدي فقد ضبطها بضم الفاء وفتحها)
🔸 هو الإمام المتكلم المفسر الفقيه الأصولي النحوي الأديب أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني الشافعي الأشعري
🔸 له ما يقرب من المائة مؤلف في أصول الدين وأصول الفقه ومعاني القرآن وعلم الحديث
🔸 اعتبره ابن الأثير من المجددين في الإسلام.
🔸🔸🔸🔸
إن نصرة الإمام أبو بكر بن فورك للحق وشدته في النكير على أهل الضلال ولا سيما فرقة الكراميةالمبتدعة ( وهم فرقة من الفرق الضالة ومعدودة من المشبهة والمجسمة ) قد دفع بهؤلاء إلى الافتراء عليه عند السلطان محمود بن سُبُكْتِكِيْن فادعوا أنه أنكر رسالة النبي محمد ﷺ بعد موته، فعظم الأمر عند السلطان فأمر بإحضاره وقال: «إن صح هذا منه لأقتلنه». ولما حضر الإمام بين يديه ظهر كذب المفترين عليه وأن الإمام لا يقول إلا مقولة أهل السنة الأشاعرة، فأمر السلطان عندئذ بإعزازه وإكرامه وإرجاعه إلى وطنه معززًا. ولما أيست الكراميةالمبتدعة (وهم فرقة من الفرق الضالة ومعدودة من المشبهة والمجسمة) منه وعلمت أن الوشاية به لم تتم، وأن مكايدها وحيلها لن تؤت نتيجة، سعت إلى قتله فدفعت إليه من دس له السم فمات على أثره.
#رواية_الحديث_الضعيف_والعمل_به_في_فضائل_الأعمال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
العمل بالحديث في فضائل الأعمال وفي الترغيب والترهيب والمناقب أمر متفق عليه بين علماء المسلمين ولا خلاف فيه وإنما الممنوع هو الأخذ بها في العقائد وأما الأحكام الفقهية فأمر مختلف فيه .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه شرح علل الترمذي م1 ص 72 طبعة دار الفلاح : قد رخَّص كثير من الأئمة في رواية أحاديث الرقاق ونحوها عن الضعفاء ، منهم ابن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، وقال الثوري : لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان ، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ ، وروى ابن المبارك عن رجل فقيل له : إنه ضعيف فقال : يحتمل أن يروي عنه هذا القدر – يعني الأدب والمواعظ والرقاق ، وقال ابن معين في موسى بن عبيدة وكان ضعيفا : يكتب من حديثه الرقاق ، ...ثم قال ابن رجب رحمه الله : وإنما يروي في الترغيب والترهيب ، والزهد ، والآداب أحاديث أهل الغفلة الذين لا يتهمون بالكذب ، فأما أهل التهمة فيطرح حديثهم ، كذا ذكره ابن أبي حاتم وغيره .انتهى بحروفه
وقال الإمام النووي في المجموع: قدمنا اتفاق العلماء على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال دون الحلال والحرام. ا.هـ
ـ وقال الشيخ ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: والذي قطع به غير واحد ممن صنف في علوم الحديث حكاية عن العلماء أنه يعمل بالحديث الضعيف في ما ليس فيه تحليل ولا تحريم كالفضائل، وعن الإمام أحمد ما يوافق هذا. ا.هـ
وقال الشيخ محمد الحطاب المالكي في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال. ا.هـ
وقال الشيخ شهاب الدين الرملي الشافعي في فتاويه مجيباً على فتوى وجهت إليه بشأن العمل بالحديث الضعيف وهل يثبت به حكم، فقال: حكى النووي في عدة من تصانيفه إجماع أهل الحديث على العمل بالحديث الضعيف في الفضائل ونحوها ، وقال ابن عبد البر أحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به، وقال الحاكم: سمعت أبا زكريا العنبري يقول الخبر إذا ورد لم يحرم حلالا ولم يحلل حراماً ولم يوجب حكماً، وكان فيه ترغيب أو ترهيب، أغمض عنه وتسهل في روايته ...إلخ .انتهى
وقال الحافظ العراقي في شرحه على ألفية الحديث التبصرة والتذكرة 1/ ص291 طبعة دار الكتب العلمية (( تقدم أنه لا يجوز ذكر الموضوع إلا مع البيان، في أي نوع كان ،وأما غير الموضوع، فجوَّزوا التساهل في إسناده وروايته من غير بيان لضعفه ،إذا كان في غير الأحكام والعقائد بل في الترغيب والترهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوهما، أما إذا كان في الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وغيرهما، أو في العقائد كصفات الله تعالى، وما يجوز ويستحيل عليه ونحو ذلك، فلم يروا التساهل في ذلك، وممن نص على ذلك من الأئمة ،عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وقد عقد ابن عدي في مقدمة " الكامل " والخطيب في " الكفاية " بابا لذلك )) .انتهى .
وجاء في كتاب ظفر الأماني في مختصر الجرجاني للإمام أبي الحسنات اللكنوي ص 210 طبعة الجامعة الإسلامية – الهند ، قال السيد الشريف الجرجاني في مختصره : (( ويجوز عند العلماء التساهل في أسانيد الضعيف دون الموضوع من غير بيان ضعفه في المواعظ والقصص وفضائل الأعمال )) .
وعلق الإمام اللكنوي قائلاً : ومن ثم ترى أرباب السير يدرجون الأحاديث الضعيفة في تصانيفهم من غير تصريح بضعفها ، قال العلامة نور الدين حلبي الشافعي في ديباجة سيرته المسمى إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون : لا يخفى أن السير تجمع الصحيح والسقيم والضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والمنكر دون الموضوع .انتهى .
وبهذا تعلم غلط من قال أن العمل بالحديث الضعيف بدعة والحقيقة أن القول بأنه بدعة كلام مخالف لما قرره أئمة الحديث والفقه والتفسير رحمهم الله تعالى. وهذا القول جر أحد المعاصرين إلى تقسيم كتب أئمة المحدثين إلى قسمين ثم حرم العمل بالقسم الذي ضعفه هو ؛فصارت كتب المحدثين مهجورة بسبب هذا الرأي وانتشر التشدد والتبديع كما تراه في زماننا .
وفي الختام أنصح المسلمين بكتاب الترغيب والترهيب للمحدث المنذري رحمه الله تعالى اي نفس كتاب الحافظ المنذري وليس الكتاب الذي حذف منه أحد المعاصرين الأحاديث التي حكم عليها بالضعف، بل كتاب المنذري نفسه فقد كتبه ليعمل به المسلمون ووضع فيه الأحاديث التي يصح العمل بها عند أئمة أهل السنة ،ولا تضيع العمر بنهي المسلمين عن سنن سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام وأنت لا تدري . والله الموفق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
الكفر:

كَفر بالله يَكفُرُ كُفرًا وكُفرانًا، وكَفَر النعمة وبالنعمة: جحدها، وكَفَر بالصانع: نفاه وعطل، وهو كافِرٌ وكفَرةٌ وكُفّارٌ وكافرون، والأنثى كافَرِةٌ وكافرِاتٌ وكوافِرُ، وكفَرتُهُ كَفرًا: سترته، وهو أصل الباب، ويقال للفلاح: كافرٌ؛ لأنّه يَكفُرُ البذر، أي: يستره، كَفّرَهُ بالتشديد: نسبه إلى الكفر، أو قال له: كفرتَ، وكفّرَ الله عنه الذنب: محاه، ومنه الكفّارَةُ؛ لأنّها تكفِّر الذنب وكفّرَ عن يمينه: إذا فعل الكفّارة، والكفر شرعًا: تكذيب النبيّ ﷺ بما جاء به ممّا هو معلوم مِن الدين بالضرورة، وهو ضدّ الإيمان.
والكفر أنواع:

١: كُفرُ الإنكار: وهو أن يكفّر بقلبه ولسانه فلا يعتقد الحقّ ولا يقرُّ به.
٢: كُفرُ العناد: وهو أن يؤمن بما جاء به النبيّ ﷺ بقلبه وينكره بلسانه.
٣: كُفرُ النفاق: وهو ألا يعتقد بقلبه بما جاء به النبيّ ﷺ، ولكنّه يقرُّ به بلسانه.
٤: كُفرُ ملّة: وهو أن يأتي بما يخرجه عن الإسلام مِن قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ.
٥: كُفرُ عمل: وهو ارتكاب المؤمن المعاصي التي لا تخرجه عن الإيمان، انظر: ["المغرب في ترتيب المعرب" لناصر بن عبد السيد الخوارزمي المطرزي، مادة (ك ف ر)، ٢/٢٢٣-٢٢٤، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للحموي، مادة (ك ف ر)، ٢/٥٣٥، و"معجم لغة الفقهاء"، ص: ٣٨٣، و"الفقه الأكبر" للإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت، أفضل الفقه وتعريف الإيمان وأركانه، ص: ٨٢، و"الأشباه والنظائر" لابن نجيم، الفن الثاني، فن الفوائد، كتاب السير، باب الردة، ص: ١٩٠].
صلاة التَّراويح
(قيام ليل رمضان).
جاء الأمر عن عمرَ بنِ الخطاب -رضي الله عنه- بصلاة العشرين ركعة عن أربعة من التَّابعين ، وهذه رواياتهم :
1- عن السَّائب بن يزيد أنَّه قال : ( إنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحدَى وَعِشرِينَ رَكعَةً ، يَقرَؤُونَ بِالمِئِينَ ، وَيَنصَرِفُونَ عِندَ فُرُوعِ الفَجرِ )
رواه عن السَّائب جماعةٌ من الرُّواة : ومنهم من يذكر ( العشرين ) أو ( إحدى وعشرين ) أو ( ثلاث وعشرين ) وهم :
محمدُ بن يوسف ابن أخت السَّائب عن السَّائب : كما عند عبد الرَّزاق في "المُصنف" (4/260) من رواية داودَ بنِ قيسٍ وغيره عنه
ويزيد بن خصيفة : أخرجه ابن الجَعد في "المُسند" (1/413)، ومن طريقه البيهقيُّ في السُّنن (2/496)
والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب : أخرجه عبد الرَّزاق في "المصنف"
(4/261)
فهذه روايات صحيحة من رواة ثقات عن السائب بن يزيد ، وفيها ذكر العشرين ركعة في زمن عمرَ بن الخطاب -رضي الله عنه- ، والزِّيادة في رواية ( إحدى وعشرين ) أو ( ثلاث وعشرين ) إنما هو باعتبارِ القيامِ مع الوتر .
2- عن يزيدِ بنِ رومان قال : ( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاثٍ وَعِشرِينَ رَكعةً )
رواه عنه مالك في "المُوطَّأ"
(1/115) ،
وقال النَّوويُّ في "المجموع" (4/33) : " مرسلٌ ، فإنَّ يزيدَ بن رومان لم يُدرك عمرَ " انتهى .
3- عن يحيى بنِ سعيدٍ القطَّان : ( أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلاً يُصَلِّي بِهِم عِشرِينَ رَكعَةً )
أخرجه ابن أبي شَيْبةَ في "المُصنَّف"
(2/163) عن وكيعٍ عن مالكٍ به .
4- عن عبد العزيز بن رفيع قال : ( كَانَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالمَدِينَةِ عِشرِينَ رَكعَةً ، وَيُوتِرُ بِثَلاثٍ )
أخرجه ابن أبي شَيْبة في "المُصنف"
(2/163) .
وبمجموع هذه
الرِّوايات يتبيَّنُ أنَّ العشرين ركعة كانت هي السُّنةُ الغالبةُ على التَّراويح في زمن عمرَ بنَ الخطاب -رضي الله عنه- ، ومثل صلاة التَّراويح أمرٌ مشهورٌ يتناقله الجيلُ وعامَّةُ الناس ، وروايةُ يزيد بن رومان ويحيى القطَّان يعتبر بهما وإن كانا لم يدركا عمرَ ، فإنَّهما ولا شكَّ تَلَقَياه عن مجموع الناس الذين أدركوهم ، وذلك أمرٌ لا يحتاج إلى رجلٍ يُسندُه ، فإنَّ المدينةَ كلُّها تُسندُه .
قال الإمام التِّرمذيُّ -رحمه الله- في سُننِه (3/169) :
" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا-رضي الله عنهم-
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ .
وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً .
وقال ابنُ عبد البَّر في "الاستذكار" (2/69) :
" وروي عشرون ركعة عن علي ، وشتير بن شكل ، وابن أبي مليكة ، والحارث الهمداني ، وأبي البختري ، وهو قول جمهور العلماء ، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء
وهو الصَّحيح عن أبيِّ بن كعبٍ ، من غير خلافٍ من الصَّحابة ، وقال عطاء : أدركتُ الناس وهم يُصلُّون ثلاثاً وعشرين ركعة بالوتر " انتهى .
وانظر ذلك مسنداً في "مصنف ابن أبي شيْبَة"
(2/163)،
يقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى- "مجموع الفتاوى" (23/112) :
" ثبت أن أُبَيَّ بنَ كعبٍ كان يقوم بالناس عشرين ركعةً فى قيام رمضان ، ويوتر بثلاثٍ ، فرأى كثيرٌ من العلماء أنَّ ذلك هو السُّنة ؛ لأنَّه أقامَه بينَ المُهاجرين والانصار؛ ولم ينكره مُنكرٌ ، واستحبَّ آخرون تسعةً وثلاثين رَكعة ، بناء على أنَّه عملُ أهل المدينة القديم " انتهى .
أمَّا ما جاء من رِواية الإمام مالك ويحيى القطَّان وغيرِهما عن محمد بن يوسف عن السَّائب بن يزيد في "الموطأ"
(1/115)
وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (2/162) بلفظ : ( إحدى عشرة ركعة ) فهو محمولٌ على أنَّه كان في بدايةِ الأمرِ ، ثمَّ خُفِّفَ بعدُ على الناس ، فزادَ عمرُ الرَّكعاتِ إلى عشرين ليُخفِّفَ على الناس القراءةَ في القيام .
قال ابنُ عبد البَّر في "الاستذكار"
(2/68) :
" إلَّا أنَّه يُحتَمل أن يكون القيام في أول ما عملَ به عمرُ بإحدى عشرة ركعة ، ثمَّ خفَّفَ عليهم طول القيام ، ونقلَهم إلى إحدى وعشرين ركعة ، يُخفِّفون فيها القراءةَ ويزيدونَ في الرُّكوع والسُّجود ، إلَّا أنَّ الأغلبَ عندي -في إحدى عشرة ركعة- الوهمُ ، والله أعلم " انتهى .
ويقول ابنُ تيمية -رحمه الله- "مجموع الفتاوى" (23/113) :
" وأُبَيُّ بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيلَ بهم القيامَ ، فكثَّر الرَّكعات ليكونَ ذلك عوضاً عن طول القيام ، وجعلوا ذلك ضِعفَ عددِ ركعاتِه ، فإنَّه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ، ثمَّ بعد ذلك كأن الناس بالمدينة ضَعُفوا عن طول القيام ، فكثَّروا الرَكعات ، حتى بلغت تسعاً وثلاثين " انتهى .(13) ، ومن طريقه البيهقيُّ في السنن (2/496)
والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب : أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4/261)
فهذه روايات صحيحة من رواة ثقات عن السَّائب بن يزيد ، وفيها ذِكرُ العشرين ركعة في زمن عمرَ بنِ الخطاب -رضي الله عنه- ، والزِّيادة في رواية ( إحدى وعشرين ) أو ( ثلاث وعشرين ) إنَّما هو باعتبار القيام مع الوتر .
2- عن يزيد بن رومان قال : ( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاثٍ وَعِشرِينَ رَكعةً )
رواه عنه مالك في "الموطأ" (1/115) ، وقال النووي في "المجموع" (4/33) : " مرسل ، فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر " انتهى .
- عن يحيى بن سعيد القطان : ( أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلا يُصَلِّي بِهِم عِشرِينَ رَكعَةً )
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/163) عن وكيع عن مالك به ، ولكن يحيى بن سعيد لم يدرك عمر .
4- عن عبد العزيز بن رفيع قال : ( كَانَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالمَدِينَةِ عِشرِينَ رَكعَةً ، وَيُوتِرُ بِثَلاثٍ )
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/163) .
وبمجموع هذه
الروايات يتبين أن العشرين ركعة كانت هي السنة الغالبة على التراويح في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومثل صلاة التراويح أمر مشهور يتناقله الجيل وعامة الناس ، ورواية يزيد بن رومان ويحيى القطان يعتبر بهما وإن كانا لم يدركا عمر ، فإنهما ولا شك تلقياه عن مجموع الناس الذين أدركوهم ، وذلك أمر لا يحتاج إلى رجل يسنده ، فإن المدينة كلها تسنده .
قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه (3/169) :
" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ .
وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً .
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/69) :
" وروي عشرون ركعة عن علي ، وشتير بن شكل ، وابن أبي مليكة ، والحارث الهمداني ، وأبي البختري ، وهو قول جمهور العلماء ، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء
وهو الصحيح عن أبي بن كعب ، من غير خلاف من الصحابة ، وقال عطاء : أدركت الناس وهم يصلون ثلاثا وعشرين ركعة بالوتر " انتهى .
وانظر ذلك مسندا في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/163)
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (23/112) :
" ثبت أن أُبَىَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة فى قيام رمضان ، ويوتر بثلاث ، فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة ؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والانصار ولم ينكره منكر ، واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة ، بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم " انتهى .
أما ما جاء من رواية الإمام مالك ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد في "الموطأ" (1/115) وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (2/162) بلفظ : ( إحدى عشرة ركعة ) فهو محمول على أنه كان في بداية الأمر ، ثم خُفِّفَ بعدُ على الناس ، فزاد عمر الركعات إلى عشرين ليخفف على الناس القراءة في القيام .
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/68) :
" إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشرة ركعة ، ثم خفف عليهم طول القيام ، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة ، يخففون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود ، إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم ، والله أعلم " انتهى .
ويقول الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-: "مجموع الفتاوى" (11/322) :
" وثبت عن عمرَ -رضي الله عنه أنَّه أمر مَن عَيَّنَ من الصَّحابة أن يصليَ إحدى عشرةَ ، وثبت عنهم أنَّهم صلَّوْا بأمره
ثلاثاً وعشرين ، وهذا يدلُّ على التَّوسعة في ذلك ، وأن الأمرَ عند الصَّحابة واسعٌ ، كما دلَّ عليه قولُه -عليه الصَّلاة والسَّلام- : ( صلاةُ اللَّيل مَثنى مَثنى )،
" انتهى.
الرَّاوي : عبدُالله بنُ عمرَ-
رضي الله عنهما-
أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749)، وأبو داود (1326)، والترمذي (437)، والنسائي (1673)، وأحمد (4848) بنحوه، وابن ماجه (1175) واللفظ له.
ولست أدري بعد ذكر هذه الأدلَّة؛ -ولاسيما عن مشايخهم وقدوتهم ابن تيمية- وابن باز، وغيرهما..
من أين جاؤوا بالإصرار والاقتصار على صلاة التَّراويح ثماني ركعات؟؟!!.
والحجَّة الدَّامغة: أنَّه
في المسجد الحرام؛ حول الكعبة المشرَّفة في مكَّة المكرَّمة، وفي المسجد النبويِّ الشَّريف في المدينة المنوَّرة؛ يصلُّون التَّراويح عشرين ركعة؛
فلماذا لايُصلُّون ثماني ركعات
إن كانت حجَّتُهم راجحةً عندهم؟؟!!.
إخراج زكاة الفطر سلة غذائية:
يشنع بعضهم على قول الحنفية بدفع القيمة في الفطرة لأنه خلاف المنصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن تراه يخرجها سلة غذائية تحوي زيتاً وسمناً ومعكرونة وعدساً ونحو ذلك .. أو يخرجها طعاما مطبوخاً ..
والحقيقة أنه لا يصح إخراجها بهذه الطريقة إلا على قول الحنفية على اعتبار القيمة 😊
لأنه إن تمسك بظاهر النص فينبغي أن لا يخرج من غير المنصوص وهو ( القمح والشعير والتمر والزبيب والأقط ) مع وجوده .. وهذا مذهب الحنابلة والحنفية .. فإن قال المقصود أي طعام، قلنا: هذا لم يقل به أحد من المذاهب بهذا الإطلاق ..
فالمعتبر عند الشافعية غالب قوت البلد من المعشرات ( ما يجب فيه العشر ) والأقط، وعند المالكية كذلك وحصروها بتسعة أصناف، ولا تجزئ من غيرها إن كان بعضها مقتاتاً.
..
وعليه: السمن والزيت والمعكرونة والخبز واللحم والطعام المطبوخ ونحو ذلك لا يجزئ عن الفطرة عيناً مع وجود الأصناف المنصوص عليها بالاتفاق إلا عند الحنفية قيمةً .. بأن يخرج قيمة ( نصف صاع من الحنطة أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب ) من أي نوع طعام آخر غير المنصوص عليه، فالقيمة أعم من النقود عندهم.

وعليه: من يعلل بطلان قول الحنفية وعدم جواز العمل به بأنه خلاف المنصوص تمسكاً بظاهر النص يلزمه أن لا يخرج من غير المنصوص كمذهب الظاهرية ولا يتوسع لا في كيلوين رز ولا فاصولية ولا عدس ..
لكن الصواب أن نقول كما توسع الجمهور في النص بجعله معللاً بغالب القوت وأدخوا أصنافاً غير منصوص عليها توسع الحنفية في النص وجعلوه معللاً بإغناء الفقير وأجازوا القيمة، فالقضية ليست مخالفة نص بل هي اجتهاد فيه ..
والله أعلم.
منقول
ماذا لو ادعى "أيلون ماسك" النبوة ؟
.
[1]
جلست يوما مع بنت محجبة لكنها كانت ما شاء الله "ملحدة"!

طلبت لقائي للحديث فيما يؤرق بالها، ومن عجب أنها وصديقها الذي جاء معها كانا متأثرين بكتابات إبراهيم عيسى لا سيما كتابه "رحلة الدم" .. الذي يتمسح في المعتزلة والمذهب الحنفي هذه الأيام.. لكن هذا حديث آخر!
.
كان مما دار بيننا من حوار أن قلت لها: لقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يقدر عليه أحد ، وتحدى الناس ، فلم يجب أحد ، فثبت عجزهم عن مجاراته، لذا فالقرآن معجزة، اقترنت بدعوى النبوة، فيجب تصديقه!
.
ردت وقالت: هناك رجل ادعى النبوة في أمريكا وله أتباع -وذكرت اسما لا اذكره الآن- ، فهل يجب علينا تصديقه؟
.
قلت لها: لا، لأن الأنبياء خط واحد ، ومنهج واحد ، من عند رب واحد ولا يمكن أن يكذب أحدهم الآخر ، وإلا سقطت نبوتهم جميعا. فالنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم من جهته جاء مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل كما هو نص القرآن، والأنبياء السابقون من جهتهم بشروا به .. فهي سلسلة مترابطة.

ونبينا قال: إنه الخاتم ولا نبي بعده ، وقال : "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كل يزعم أنه رسول الله"[رواه البخاري]، فلا نبوة بعده. كل هذا على فرض إتيان هذا الأمريكي بخارق للعادات!

ولو جاء بخارق للعادات = ما صدقناه كذلك، لأن خرق العادة يكون للنبي ولغيره فنحن لا نقول باقتصار خرق العادة على النبي، بل تخرق العادة للنبي فيسمى معجزة، ويكون للولي فبسمى كرامة، ويكون للمؤمن فيسمى معونة، ويكون للفاسق فيسمى استدراجا، كما نشاهده لدى الهندوس وغيرهم من أصحاب الرياضات الروحية الشيطانية!
===
[2]
انفض المجلس لكن ظل سؤال الأخت عالقا في ذهني .. حتى شاهدت اليوم نتيجة تجربة زراعة أول شريحة في الدماغ لإنسان مشلول شللا رباعيا، وأنه استطاع بواسطة جهود وشركات أيلون ماسك أن يحرك قطع الشطرنج من خلال هذه الشريحة!
.
وهذا لا شك خارق للعادة .. ثم قلت لنفسي : ماذا لو ادعى أيلون ماسك النبوة مع كل الأعمال والمشاريع التي يعمل عليها في الأرض والفضاء ، وكلها مشاريع طموحة وخارج الصندوق أي كلها قد تعد خوارق إن نجح فيها أو بعضها على الأقل؟
.
لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال وأن له خوارق، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما ماء أبيض، والآخر نار تأجج، فإما أَدْرَكَنَّ أحدٌ فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض ثم ليطأطىء رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد ) [رواه مسلم] . ومع ذلك فهو أكذب الكذبة وأكبر الدجالين في التاريخ حتى قيل إنه ما من فتنة إلا هي تمهيد للدجال!

لذلك فليس كل خرق للعادة يلزم عنه النبوة إلا إن صاحبها دعوى النبوة، كان هذا قبل النبي الخاتم، أما بعده فكل دعوى للنبوة وإن صحبها خرق العادة فمردودة، لأنه أخبر أنه الخاتم وأخبر عن الكذبة من بعده.
==
[3]
من المهم -كذلك- أن نفرق بين المعجزة ودلائل النبوة، فالمعجزة دليل من أدلة النبوة وهي أكبرها، ودلائل النبوة أعم من ذلك، فيدخل فيها مثلا ما وقع مع سلمان الفارسي الذي لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا من خلال الدلائل التي عرفها ممن لازمهم من الأحبار والرهبان قبل لقائه بالنبي، حين قالوا له: إنه "يأخذ الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، وبين كتفيه خاتم النبوة"، فاختبر النبي بها حتى ثبتت لديه.
.
"النبوة : معها معجزة، ولها دلائل"
.
ومن دلائل النبوة ما لا يصبر عليها الكذاب، مثل: الخلق الرفيع مما لا يجتمع مثله في بشر.
.
أي أن بعض البشر مثلا كريم لكنه جبان، أو هو شجاع وكريم لكن بنسبة معينة. أما اجتماع كل صفات الخير في أعلى نسبها الممكنة للبشر فلا تكون إلا في نبي.
.
أي أن من يدعي النبوة ستكون أفعاله وحركاته وسكناته وردود أفعاله تحت الميكرسكوب، وربما يجهل عليه بعض أهل الجهل، ويعتدي عليه بعض أهل الحمق، وسيكون مراقبا في كل ذلك، كما حدث مع النبي الخاتم بالضبط، حين حُفظ كل شيء عنه حتى طريقة كلامه.
.
يقف الطاعنون في نبوته على مواقف في سيرته يرونها مضادة لمعاني النبوة مثل زواجه من زينب .. وطريقته في معالمة المنافقين في المدينة، ونحوها مما يدل على أن فطرة الإنسان تنطوي على البحث عن معنى الكمال المطلوب فيمن يدعي النبوة، أو على الأقل ستكون كل تصرفاته لدى الطاعنين فيه محل سؤال وترقب ، بل استفزازات بغرض الاختبار لنبوته كما وقع مع نبينا كذلك.
.
سيكون كل ما يقوله قانون تتعلق به الآمال والرغبات وتُبنى عليه التوقعات فإن كذب في قول أو فعل ، أو حصل خلاف ما أخبر سيكون الكفر به على قدر تصديقه واليقين فيه وستكون عدواته بنفس قوة الإيمان به، فيجب أن يكون صادقا في قوله تمام الصدق .. فإن أخبر بشيء أنه سيقع فيجب أن يقع كما أخبر سواء في الماضي أو المستقبل أو الحاضر.
.
والناس وإن صدقوا به في عصره فهناك من سيفتش عن قوله وإخباره، والعلوم تتسع وتزيد ، ومعرفة الناس لا تقف عند حد، لا سيما في أمر الدين الذي هو ملاذ الإنسان ومحط أشواقه؛ أي أنه في إخباره يجب أن يكون على حذر تام لأنه إن كذب على جيل فإن كذبه لا يستمر على مدى الأجيال، وإن صدقوه في بعض كذباته فإنهم سيكتشفون كذبه عن قريب!
.
أي أن مسألة ادعاء النبوة أمر خطير، سرعان ما يَكشف الناس أمر مدعيها.
==
[4]
نعم قد ينخدع ضعاف العقول بها لوقت، ولبعض البشر "كاريزما" خادعة كما سيكون للدجال تلك "الكاريزما"، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح.
.
إن العقل المستقيم يمحص ويفتش، ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم من أهل الحمق حاشاهم بل كان منهم أذكياء العرب ودهاته وهؤلاء لا يخضعون إلا لمن يفوقهم كخالد بن الوليد وعمر بن الخطاب وعمرو بن العاص .. بل تأخر إسلام بعضهم حتى صار سيفا للإسلام كخالد مما يدل على أن أمر تسليمه لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا بعد مراقبة وتفكر وبحث وتفتيش ونظر!
.
لذلك فدعوى النبوى قد تنطلي على بعض الناس حينا، لكنها لا تستمر طويلا، ومدعي النبوة قد يخدع بعض الناس ، لكنه لا ييخدع الجميع.. حتى إن تظاهر بالصلاح ولبس لبوس الإيمان ؛ لأن الخلق الحسن شرط النبوة فسرعان ما يظهر الله ما في قلبه.
.
جاء في أخبار الدجال إنه يُظهر للناس الصلاح في أوله ثم يدعي النبوة ثم يدعي الألوهية، ومع ذلك سيعرفه أهل الإيمان من أول يوم.
.
والمعنى أن استمرار الخلق الحسن في جميع الأحوال والأوقات والثبات على المبدأ أمام المغريات، مع كونه في خط مستقيم واحد مع من سبقه من الأنبياء لا يخرج عن أصول الإيمان والأخلاق = دعائم مهمة للنبوة، وكاشف مهم نعرف به أهل الكذب والدعوى.
.
والخلاصة أننا في عصر خوارق العادات ، لكن ربطها بالنبوة يصعب على المخترع نفسه ، ويصعب تصديقه من غيره ؛ لأن النبوة تنطوي على شروط وخصائص لازمة لها، ومن ثم فجناب النبوة محفوظ ، ومنصبها سامق لا يطاوله كذاب ، ومن تسول له نفسه ادعاء هذا المنصب الشريف كان في نفس دعواه ما يكذبه. والحمد لله.

د أحمد الدمنهوري
حكم الحديث الضعيف
أ‌. د. نور الدين عتر حفظه الله تعالى
لما كان الحديث الضعيف على احتمال أن يكون راويه قد حفظه وأداه على وجهه الصحيح فقد كان ذلك مثار اختلاف كبير بين العلماء في العمل به، دارت فيه مناقشات طويلة حتى وضع بعض العصريين بعض عباراتهم في غير موضعها، وتقلب بينها بحيث يعسر على القارئ معرفة وجهه فيها.

ونقدم إليك حاصل مذاهب العلماء في هذه المسألة الهامة :
المذهب الأول: أنه يعمل بالحديث الضعيف مطلقاً أي في الحلال والحرام والفرض والواجب بشرط أن لا يوجد غيره. ذهب إلى ذلك بعض الأئمة الأجلة كالإمام أحمد وأبي داود وغيرهما.
وهذا محمول على ضعيف غير شديد الضعف، لأن ما كان ضعفه شديداً فهو متروك عند العلماء، وأن لا يكون ثمة ما يعارضه.
وكأن وجهة هذا المذهب أن الحديث الضعيف لما كان محتملاً للإصابة ولم يعارضه شيء فإن هذا يقوي الإصابة في روايته فيعمل به.
روى الحافظ ابن منده أنه سمع محمد بن سعد الباوردي يقول: ((كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يُخرج عن كل من لم يجمع على تركه)).
قال ابن منده: ((وكذلك أبو داود السجستاني يأخذ مأخذه ويُخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأي الرجال)).
وهذا مذهب الإمام أحمد فإنه قال: ((إن ضعيف الحديث أحب إليه من رأي الرجال لأنه لا يعدل إلى القياس إلا بعد عدم النص)).
وقد تأول جماعة من العلماء هذه الروايات بأن المراد بها معنى آخر غير المعنى المتعارف لكلمة ((ضعيف))، وهذا المعنى المراد هو ((الحسن))، لأنه ضعف عن درجة الصحيح.
لكن هذا التأويل يشكل عندنا بما قاله أبو داود ولفظه :
((وإن من الأحاديث في كتابي السنن ما ليس بمتصل، وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل، وهو مثل: الحسن عن جابر والحسن عن أبي هريرة، والحكم عن مقسم عم ابن عباس ...)).
حيث جعل أبو داود الحديث غير المتصل صالحاً للعمل عند عدم الصحيح، ومعلوم أن المنقطع من أنواع الحديث الضعيف لا الحسن.
كما أنه على تأويل الضعيف بالحسن لا معنى لتخصيص هؤلاء الأئمة بالعمل به وتقديمه على القياس، لأن هذا مذهب جماهير العلماء.

المذهب الثاني: يستحب العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال من المستحبات والمكروهات، وهو مذهب جماهير العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم، وحكى الاتفاق عليه بين العلماء الإمام النووي والشيخ علي القاري وابن حجر الهيتمي.
وقد أوضح الحافظ ابن حجر شروطه خير إيضاح فقال: ((إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة:
الأول: متفق عليه، وهو أن يكون الضعف غيرشديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
الثاني: أن يكون مندرجاً تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً.
الثالث: ألا يعتقد عند العمل به ثبوته، لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله)).
وقد وجه الحافظ الهيتمي الاستدلال للعمل بالضعيف في فضائل الأعمال فقال: ((قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال لأنه إن كان صحيحاً في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به. وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم ولا ضياع حق للغير )).

المذهب الثالث: لا يجوز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً، لا في فضائل الأعمال ولا في الحلال والحرام، نسب ذلك إلى القاضي أبي بكر بن العربي، وقال به الشهاب الخفاجي والجلال الدواني، ومال إليه بعض العصريين من الكاتبين مستدلاً بأنها كالفرض والحرام لأن الكل شرع، وإن في الأحاديث الصحاح والحسان مندوحة عن الأحاديث الضعيفة.

هذا والمسألة ذات إشكالات كثيرة ومناقشات نرجو أن نوفق لبسطها في مقام آخر إن شاء الله، إلا أنه يبدو أن أوسط هذه المذاهب هو أعدلها وأقواها، وذلك أننا إذا تأملنا الشروط التي وضعها العلماء للعمل بالحديث الضعيف، فإننا نلاحظ أن الضعيف الذي نبحث فيه لم يحكم بكذبه، لكن لم يترجح فيه جانب الإصابة، إنما بقي محتملاً، وهذا الاحتمال قد تقوى بعدم وجود معارض له وبانضوائه ضمن أصل شرعي معمول به، مما يجعل العمل به مستحباً ومقبولاً، رعاية لذلك.

أما زعم المعارضين أن العمل بالضعيف في الفضائل اختراع عبادة وتشريع في الدين لما لم يأذن به الله تعالى. فقد أجاب عنه العلماء بأن هذا الاستحباب معلوم من القواعد الشرعية الدالة على استحباب الاحتياط في أمر الدين، والعمل بالحديث الضعيف من هذا القبيل فليس ثمة إثبات شيء من الشرع بالحديث الضعيف.
وفي رأيي أن الناظر في شروط العمل بالحديث الضعيف يجد فيها ما ينفي الزعم بأنه إثبات شرع جديد، وذلك أنهم اشترطوا أن يكون مضمونه مندرجاً تحت أصل شرعي عام من أصول الشريعة الثابتة، فأصل المشروعية ثابت بالأصل الشرعي العام، وجاء هذا الخبر الضعيف موافقاً له.
من كتاب: منهج النقد عند المحدثين
2024/11/20 11:41:01
Back to Top
HTML Embed Code: