Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حكم #قراءة_القصص_الخيالية

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فقد فرَّق بعضُ أهلِ العلم ـ مِنْ حيثُ القراءةُ ونحوُها ـ بين نوعين مِنَ القِصصِ الخياليةِ:

ـ النَّوعُ الأوَّلُ: قراءة القِصصِ الخياليَّةِ الَّتي تهدفُ إلى أغراضٍ حسنةٍ بنظرةٍ إصلاحيَّةٍ في كُلِّ الميادين لِمُعالجة الآفات الدِّينيَّة والخُلُقيَّة والاجتماعيَّةِ.. وتقومُ على بثِّ الخير وغرسِ الفضيلة ونشرِها والحثِّ عليها، والتحذيرِ مِنَ الشَّرِّ وقمعِ الرَّذيلةِ والفسادِ والزَّجرِ عنهما، ولا تتضمَّنُ قراءتُها أيَّ ضررٍ أو محظورٍ شرعيٍّ، كالظُّلمِ والعدوانِ والدَّعوةِ إلى الشِّرك والكفرِ والإلحادِ والخلاعةِ والمُجونِ وغيرِها مِنَ الانحرافات العقائديَّة أو الفكريَّة أو الخُلُقيَّة، ومِنْ كُلِّ ما يحطُّ مِنْ قدرِ الدِّين أو القِيَم الأخلاقيَّة؛ فما خلا مِنْ هذه الأمورِ لا مانِعَ مِنْ قراءته بالاعتبارات المذكورة في السؤال؛ وقد استدلُّوا على جوازها بما ثبَتَ مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ [وَلَا حَرَجَ]، فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمُ الأَعَاجِيبُ: إِنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَرَجُوا يَمْشُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَذْكُرُونَ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى مَقْبَرَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «تَعَالَوْا نَدْعُ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ لَنَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ، نَسْأَلْهُ عَنِ الْمَوْتِ»، فَدَعَوْا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ خِلَاسِيٌّ: بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، فَقَالَ: «يَا قَوْمُ، مَا أَرَدْتُمْ إِلَيَّ، لَقَدْ رَكِبْتُمْ مِنِّي أَمْرًا عَظِيمًا»، قَالُوا: «دَعَوْنَا اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ لَنَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ نَسْأَلْهُ عَنْ طَعْمِ الْمَوْتِ كَيْفَ هُوَ؟» فَقَالَ: «لَقَدْ وَجَدْتُ طَعْمَ الْمَوْتِ ـ قَالَ الرَّبِيعُ: أَوْ حَرَّ الْمَوْتِ ـ مِائَةَ عَامٍ، فَدَعَوْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ سَكَنَ عَنِّي، فَادْعُوا اللَّهَ أَنْ يُعِيدَنِي كَمَا كُنْتُ»، فَدَعَوُا اللَّهَ فَأَعَادَهُ»(١)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا نَكْتُبُ مَا نَسْمَعُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «مَا هَذَا تَكْتُبُونَ؟» فَقُلْنَا: «مَا نَسْمَعُ مِنْكَ»، فَقَالَ: «أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ؟!» فَقُلْنَا: «مَا نَسْمَعُ»، فَقَالَ: «أَكِتَابٌ غَيْرُ كِتَابِ اللَّهِ؟! امْحَضُوا كِتَابَ اللَّهِ وَأَخْلِصُوهُ» قَالَ: فَجَمَعْنَا مَا كَتَبْنَا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَحْرَقْنَاهُ بِالنَّارِ، قُلْنَا: «أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَتَحَدَّثُ عَنْكَ؟» قَالَ: «نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» قَالَ: فَقُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَحَدَّثُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟» قَالَ: «نَعَمْ، تَحَدَّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، فَإِنَّكُمْ لَا تَحَدَّثُونَ عَنْهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ أَعْجَبُ مِنْهُ»(٢)؛ الحديث يدلُّ على أنَّ الفرائدَ والأعاجيبَ يَحِلُّ سماعُها والتَّحديثُ بها مُطلَقًا سواءٌ كانت مِنْ نسجِ الخيالِ أو لم تكن كذلك فيما يمكنُ أَنْ يكون مِثلُه في الواقعِ ولم يكن فيه ترويجٌ لباطلٍ أو فسقٍ، سواءٌ كان على لسانِ آدَمِيِّين أو حيوانٍ(٣) بلسان الحال أو لسانِ المَقال أو ضربِ المِثال؛ ما دامت هي معلومةً عند مَنْ يُطالِعُها، يَهدفُ قارِؤوها مِنْ خلالِ مطالعتِها إلى تحقيقِ غرضٍ جائزٍ أو مقصودٍ حسَنٍ مِنْ ضربِ الأمثالِ للتَّعليم والمواعظِ للسُّلوكِ والتَّربيةِ، وغرسِ الفضيلة وتجسيدِ الأخلاقِ كالصَّبر والمروءة والشَّجاعةِ، واستدلُّوا على الجواز ـ أيضًا ـ بقول الله تعالى: ﴿وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ ٢١﴾ [ص] الآية، فإنَّ فيها بيانَ المَلَكين لداودَ طريقةَ المرافعةِ والخِصام والحُكم وأَنْ لا يحكم حتَّى يسمع مِنَ الخصمين معًا، مع انتفاءِ مِلكيَّةِ النِّعاجِ عن الملائكةِ، وعدمِ وجودِ العدوانِ ولا الخصوماتِ بينهم، وإنَّما ذكروا له ذلك ـ على وجهِ الاختبارِ ـ للتَّنبيهِ على حكمٍ في هذه القضيَّةِ بضرب المثال لصُورتِه؛ قال السِّعدي ـ رحمه الله ـ: «وَظَنَّ دَاوُدُ حين حكَمَ بينهما أَنَّمَا فَتَنَّاهُ أي: اختبرناه ودبَّرْنا عليه هذه القضيَّةَ ليَتنبَّه»(٤).

وفي هذا البابِ فتوَى لابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عندما سُئِل: أنَّ بعض الأدباءِ يُؤلِّفون قصصًا ذاتَ مغزًى وبأسلوبٍ جذَّابٍ ممَّا يكون له أثرٌ في نفوس القُرَّاء، ولكنَّها مِنْ نسجِ الخيال، فما حكمُ ذلك؟
فأجاب ـ رحمه الله تعالى ـ: «لا بأسَ بذلك إذا كان يعالج مشكلاتٍ دِينيَّةً أو خُلُقيَّةً أو اجتماعيَّةً؛ لأنَّ ضربَ الأمثالِ بقصصٍ مفروضةٍ غيرِ واقعةٍ لا بأسَ به، حتَّى إنَّ بعض العلماء ذكَرَ ذلك في بعضِ أمثلةِ القرآن الكريم أنها ليست واقعةً، لكنَّ الله ضرَبَها مثلًا مِثلَ قولِه تعالى: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٧٦﴾ [النحل]، فلا أرى في هذا بأسًا لأنَّ المقصودَ هو التَّحذيرُ، ولكِنْ إِنْ حصَلَ أَنْ يكونَ عند الإنسانِ علمٌ مِنَ الكتاب والسُّنَّةِ ثمَّ يعرض آياتٍ فيها معالجةُ مُشكِلاتٍ ويشرحها ويفسِّرها ويضرب المَثَلَ عليها فهو خيرٌ، وكذلك يذكر أحاديثَ فيُفسِّرها ويضرب المَثَلَ عليها فهذا أحسنُ بلا شكٍّ»(٥).

ـ النَّوعُ الثَّاني: قراءةُ القِصصِ الخياليَّةِ وغيرِ الخياليَّةِ الَّتي لا تحقِّقُ هذا المقصودَ الشرعيَّ بل تناقضُه، لِمَا يترتَّب على مُطالَعتِها مِنَ الآفات والمفاسدِ ما لا يخفى: كفتحِ المجال للخيالات والأفكار الرديئةِ مِنَ الإجرام وتهييجِ الغرائز وتحريكِ الشهوات، أو إفساحِ المجالِ للمعاني الشِّركيَّة والتأثيرات الإلحاديَّةِ، أو كانت هذه القصصُ الخياليَّةُ تحضُّ على الكذبِ والإفكِ والبهتانِ، أو تتضمَّن سخريةً أو استهزاءً بدِين اللهِ الحنيف، وبأحكامه وسُنَنِه وآدابه، أو تهوينًا مِنْ أحَدٍ بعَينه أو انتقاصًا له أو تقوُّلًا عليه، ونحوِ ذلك ممَّا يضرُّ غالبًا ولا ينفع في دِينٍ ولا دُنْيَا، فهذا لا أَعلمُ خلافًا في محظوريَّتِه ومنعِه.

والأَوْلى ـ عندي ـ العملُ بالحيطةِ، واجتنابُ القصص الخياليَّة التي ترمي إلى تحديث النَّاس بما ليس له أصلٌ معروفٌ أو واقعٌ في الوجود، لأنها ـ وإِنْ كانت تهدف إلى أغراضٍ حسنةٍ ـ إلَّا أنها لا تخلو مِنْ مفاسدَ وأوهامٍ وكذبٍ، أو تحمل في ثناياها انحرافاتٍ فكريَّةً أو دعوةً إلى الرذائل أو مخالفةً لنصوص الوحيَيْن، أو تحمل القارئَ على بعض المُعتقَدات الفاسدة، أو تفتح المجالَ على ما لا ينفع القارئَ، ويكون على حسابِ ما ينفعه في دُنيَاه وأُخراهُ، وخاصَّةً إِنْ كانت الأقلامُ الأدبيَّةُ غربيَّةً أو متأثِّرةً بالغرب، فهي غالبُها ـ إِنْ لم أقل: جميعُها ـ محشوَّةٌ بهذه الآفاتِ والمفاسد، ولو أُلبِسَتْ لباسَ الفنِّ والأدب، فإنَّ الألقابَ لا تُغيِّر الحقائقَ، ولو عدَّها أصحابُها مِنَ العلوم الأدبيَّة التي تُدرَّس في المعاهد والجامعات، فإنَّ ذلك لا يغيِّر مِنَ الحقائق الشَّرعيَّة، علمًا أنَّ الله تعالى قد حرَّم آفاتِ اللِّسان مِنَ الكذب وشهادة الزُّور ورميِ النَّاسِ بالباطل بما لا تعلم ونحوِها، فقال جلَّ شأنُه: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]، بل أمَرَ اللهُ تعالى بالصِّدق فقال: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ ١١٩﴾ [التوبة]، وقال جلَّ شأنُه: ﴿فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ ٢٠ طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ‌ۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ ٢١﴾ [محمَّد]، وبيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قيمةَ الصِّدقِ وحُرمةَ الكذبِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا؛ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»(٦)، وعن معاويةَ بنِ حَيْدةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ»(٧).

ومِنْ هذا المُنطلقِ حذَّر السلفُ مِنَ القُصَّاصِ لأنَّهم ـ في الغالب ـ لا يتوخَّوْن في كلامهم الصِّدقَ ولا يعتمدون على الدَّليل الصَّحيحِ، وإنَّما يعتمدون على ما يُؤثِّر على عواطف النَّاسِ مِنَ القصص والآثار التي لم تصحَّ، والأخبارِ التي لا مُستنَدَ لها، وكان قصدُهم بذلك تذكيرَ الناس وترغيبَهم في الخير وترهيبَهم مِنَ الشرِّ، وذِكرَ القصص للاعتبار، ولكنَّهم سلكوا غيرَ السبيلِ الصحيح فكَذَبوا وأوقعوا النَّاسَ في الكذب؛ وقد جاء عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه أنه لمَّا دخَلَ البصرةَ أَخرجَ مِنَ المسجدِ مَنْ كان فيه مِنَ القُصَّاص والوُعَّاظ، فلمَّا دنَا مِنْ حلقةِ الحسنِ البصريِّ ترَكَه لأنه سَمِع
موعظةَ حقٍّ وعلمٍ، وقال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: «مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى قَاصٍّ صَدُوقٍ»(٨)، وقال ابنُ الجوزيِّ ـ رحمه الله ـ: «كان الوُعَّاظُ فِي قديم الزَّمانِ عُلَماءَ فُقَهاءَ، وَقَدْ حضَرَ مجلسَ عُبَيْدِ بْنِ عميرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنه، وكان عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز يحضر مجلسَ القاصِّ، ثمَّ خسَّتْ هذه الصناعةُ فتَعرَّض لها الجُهَّالُ، فبَعُدَ عَن الحضورِ عندهم المميِّزون مِنَ الناس، وتَعلَّق بهم العوامُّ والنِّساءُ، فلم يتشاغلوا بالعلم وأقبلوا عَلَى القصص وما يُعجِب الجَهَلةَ، وتنوَّعَتِ البِدَعُ فِي هَذَا الفنِّ»(٩).

علمًا أنَّه يُمكن الاستعاضةُ عن ذلك بمطالعة القصص القرآنيَّة النافعةِ مِنْ قصص الأنبياء والصالحين وغيرِهم وما قصَّهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مِنَ الأخبار الصحيحة، واجتناب الأخبار الكاذبة أو الضعيفة أو الموضوعة، فإنَّ ذلك له الأثرُ البالغُ في شحذِ الهمَّةِ وتقوية العزم، على أَنْ يتولَّى استنباطَ العِبَرِ والعِظاتِ العلماءُ الرَّبَّانيُّون أو مَنْ عنده علمٌ منقولٌ بذلك مِنَ الطلبة في حدودِ ما عنده علمٌ به لا يجاوزه، لا الأُدَباءُ المُفكِّرون الذين ليس لهم نصيبٌ مِنَ العلم الشَّرعيِّ.

هذا عن الروايات الخياليَّة عامَّةً، وأمَّا عن الرواياتِ البوليسيَّة، فهي لا تخرج عن حكم المنعِ، لمفسدة الكذب، بالإضافة إلى مفاسدَ أخرى كتلبيس الحقائق، وإظهارِ المُجرِمين في صُوَرِ الأبطال، وتعليمِ الناسِ طُرُقَ اقترافِ الجريمةِ وسُبُلَ الإجرام، وتزيينِ الباطل والحرام بصورة الذَّكاء، وهو ـ في الحقيقة ـ مكرٌ وخداعٌ وغشٌّ وتزويرٌ وغيرُ ذلك مِنْ أنواع الباطل والفساد.

هذا في مجرَّدِ قراءة الروايات، أمَّا الرواياتُ المصوَّرةُ أو الممثَّلةُ فالمفسدةُ فيها أعظمُ، خاصَّةً إِنْ كان فيها تمثيلٌ للأنبياء والصحابة، أو تمثيلُ الفُسَّاقِ للأئمَّة والصالحين، أو تمثيلُ النِّساءِ حتَّى لو كُنَّ مستوراتٍ بالجلابيب الشرعيَّة، أو تصويرُ مَشاهدِ الفسقِ، والسجودِ للأصنام، والتَّلفُّظ بالكفر على غير سبيل الحكاية، بحجَّةِ أنَّ الممثِّلَ يقوم بدورِ أبي جهلٍ وغيرِ ذلك مِنَ المحاذير».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1330 www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1590

الجزائر في ١٦ مِنْ جمادى الآخرة ١٤٤٤هـ
المُــوافــــق ﻟ: ٠٨ جانــفي ٢٠٢٣م


(١) أخرجه وكيعُ بنُ الجرَّاح في «الزهد» (٥٦)، وابنُ أبي شيبة في «الأدب» (٢٠٦) و«مصنَّفه» (٢٦٤٨٦)، وأحمد في «الزهد» (٨٨)، وعبد بنُ حُمَيدٍ في «مُسنَده» (١١٥٦)، وابنُ أبي الدنيا في «مَنْ عاش بعد الموت» (٥٨)، وتمَّامٌ الرَّازيُّ في «فوائده» (٢٢٩)، وأبو سعيدٍ النَّقَّاش في «فنون العجائب» (١٧، ١٨)، والخطيب البغداديُّ في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (١٣٤٩)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما. وعند بعضهم دون قصَّة الرَّجل الذي بعَثَه اللهُ بعد موته. واقتصر عبدُ الله بنُ أبي داود في «البعث» (٥) على القصَّة؛ وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٩٢٦).

(٢) أخرجه أحمد في «مُسنَده» (١١٠٩٢) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. قال محقِّقو طبعةِ الرسالة (١٧/ ١٥٧): «حديثٌ صحيحٌ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ لِضعفِ عبد الرحمن بنِ زيدٍ: وهو ابنُ أَسلمَ العَدَويُّ، وبقيَّةُ رجالِه ثقاتٌ رجالُ الصحيح»؛ قال الهيثميُّ: «هو فى الصحيح باختصارٍ وبغيرِ هذا السِّياق أيضًا»؛ [انظر: «غاية المقصد في زوائد المسند» (٢١٥) و«مجمع الزوائد» (٦٧٢)].

وسياقه في الصحيح عن عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص عند البخاريِّ بلفظ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» في «أحاديث الأنبياء» بابُ ما ذُكِر عن بني إسرائيل (٣٤٦١).

(٣) مِنْ ذلك ما ذكَرَه الميدانيُّ في [«مجمع الأمثال» (١/ ٢٥)]: «٨١ ـ إنما أُكِلْتُ يومَ أُكِل الثورُ الأبيض:

يُروى أنَّ أميرَ المؤمنين عليًّا رضي الله تعالى عنه قال: «إنَّما مَثَلي ومَثَلُ عثمانَ كمَثَلِ أثوارٍ ثلاثةٍ كُنَّ في أَجَمةٍ: أبيضَ وأسودَ وأحمرَ، ومعهنَّ فيها أسدٌ، فكان لا يقدر منهنَّ على شيءٍ لاجتماعهنَّ عليه، فقال للثور الأسود والثورِ الأحمر: «لا يُدِلُّ علينا في أَجَمَتِنا إلَّا الثورُ الأبيض، فإنَّ لونه مشهورٌ ولوني على لونِكما، فلو تركتُماني آكُلُه صفَتْ لنا الأَجَمةُ»، فقالا: «دونك فكُلْه»، فأكَلَه، ثمَّ قال للأحمر: «لوني على لونك، فدَعْني آكُلِ الأسودَ لِتَصفُوَ لنا الأَجَمةُ»، فقال: «دونك فكُلْه»، فأكَلَه، ثمَّ قال للأحمر: «إنِّي آكِلُك لا محالةَ»، فقال: «دَعْني أنادي ثلاثًا»، فقال: «افْعَلْ»، فنادى: «ألَا إنِّي أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّورُ الأبيضُ»، ثمَّ قال عليٌّ رضي الله تعالى عنه: «ألَا إنِّي هُنْتُ ـ ويُروى: وهَنْتُ ـ يومَ قُتِل عثمانُ»، يرفع بها صوتَه».
(٤) انظر: «تفسير السعدي» (٧١١).

(٥) «فتاوى نور على الدرب» لابن عثيمين (٢٤/ ٢).

(٦) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الأدب» بابُ قولِ الله تعالى: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ ١١٩﴾ [التوبة] وما يُنهى عن الكذب (٦٠٩٤)، ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٦٠٦، ٢٦٠٧)، مِنْ حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه.

(٧) أخرجه أبو داود في «الأدب» بابٌ في التشديد في الكذب (٤٩٩٠)، والترمذيُّ في «الزهد» بابٌ فيمَنْ تَكلَّم بكلمةٍ يُضحِك بها النَّاسَ (٢٣١٥)، مِنْ حديثِ بَهز بنِ حكيمٍ عن أبيه عن جدِّه معاويةَ بنِ حَيْدةَ القُشَيْريِّ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧١٣٦).

(٨) «تلبيس إبليس» لابن الجوزي (١١١).

(٩) المصدر السابق.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
مختارات من #مقالات_باديسية

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فالحاصل: أنَّ شهادة التوحيد كلمةٌ عظيمةٌ وهي العروةُ الوثقى التي يدخل بها قائلُها في الإسلام، غير أنَّ هذه الكلمةَ ليست مجرَّدَ قولٍ باللسان، بل لها أركانٌ وشروطٌ وانتفاءٌ للموانع؛ وتحقيقُ معناها يكون بالإتيان بمدلول الشهادة علمًا وعملًا وإرادةً وقصدًا ونيَّةً، وتخليصِ القلب ممَّا يُضادُّ هذا المعنى بنفي العبادة عمَّا سوى الله».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=art-mois-148 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1598
#التنويه_والإشادة

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«والمعلومُ أنَّ الدِّيمقراطيَّة مبدأٌ جاهليٌّ ومفهومٌ علمانيٌّ ما له في شريعةِ الإسلام مِنْ قرارٍ، حَلَّ في بلاد المسلمين وانتشر عن طريق الغزو الاستدماريِّ والفكريِّ، أو عن طريق المحاكاة العمياء للغرب مِنْ قِبَل المُولَعِين بحضارتهم الجاهليَّة والمفتونين بها، الذين جعلوا الحياةَ الغربيَّةَ مَثَلَهم الأعلى في أفكارهم وسلوكهم وغاياتِهم وآمالهم وأمانِيِّهم، ويُشيدون بها في محاولةٍ لإخضاعِ كلمة التَّوحيد ـ عقيدةً وشريعةً ـ لمسايرةِ الحياة الغربيَّة الرَّاهنة، ويعملون على إبعاد النَّاس عن دِينهم الحقِّ وصرفِهم عن التَّمسُّك بكلمة التَّقوى إلى الالتزام بالأنظمة المُستورَدةِ الجاهليَّة، يصدُّون النَّاسَ عن سبيل الله وصِرَاطِه المستقيم؛ وقد أَوضحَ اللهُ تعالى أنَّه لا حُكمَ أحسنُ مِنْ حكم الله تعالى، وأنَّه ليس بعد حُكمه إلَّا حكمُ الجاهليَّة بقوله: ﴿أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ٥٠﴾ [المائدة]».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=art-mois-137 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1599
في #واجبات_الزوجة تجاه زوجها

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فتحرص الزوجةُ على أَنْ لا يرى منها زوجُها في بيته إلَّا ما يَسُرُّه مِنْ حُسْنِ المظهر والهيئة، والزِّينةِ وطلاقة الوجه، وأَنْ لا يسمعَ منها إلَّا ما يُرْضيهِ مِنْ حَسَنِ الخطاب وجميلِ الكلام، وعباراتِ التقدير والاحترام، ولا يَجِدَ منها إلَّا ما يحبُّ ويُفْرِح؛ فلا تُغْضِبه ولا تُسيءُ إليه».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=art-mois-65 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1600
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في #صفة_المبتدع

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فاعلم أنّ البدعةَ لا تسري في العادات لأنّها تتبع العُرْفَ، والعادةُ وإن كانت تُسَمَّى بدعةً لغويةً فليست بدعةً في الشرع، أمَّا البدعة في الدِّين فهي التي وَرَدَ فيها النكيـرُ والتحذيرُ، وهي التعبُّد لله بما لم يشرعه ولم يكن عليه النبي صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ولا خلفاؤه الراشدون لقوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ﴾ [الشورى: ٢١]، وقولِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»(١).
ولا يجوز تبديع كلِّ واحدٍ أو الإفراطُ في إطلاق لفظة «البدعة» على من وقع في بعض المخالفات، فمن ارتكب محرَّمًا، أو وقع في معصية يُسَمَّى عاصيًا وليس كلُّ عاصٍ أو مخطئٍ مبتدعًا، وإنّما كان السلفُ يصفون بالبدعة مَن فعل فعلاً يتقرَّب به إلى الله من غير بصيرةٍ وحُجَّةٍ تُسْنِدُ فِعلَهُ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(٢)، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٣)، وعليه فإنّ من أحدث شيئًا في الدِّين لا دليلَ شرعيَّ عليه فهو صاحبُ بدعةٍ، والواجب اتجاهَهُ إقامةُ الحُجَّة عليه وإزالةُ ما تَعَلَّقَ به من شُبُهاتٍ ونُصحُه حتى يرجع عمّا هو عليه، فإن أَبَى الرجوعَ أو لم يقبل النصيحةَ أصلاً فهو مبتدعٌ، فإن كانت بدعته مكفِّرة فيجادَلُ بالتي هي أحسنُ من غير قدحٍ فيما هو عليه من اعتقاد لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨]، فإن بدا منه الظلمُ والعِناد والاستكبار فالواجبُ بيانُ باطله من غير أن نجادله ثمّ وجب هجرُه. أمّا إذا كانت بدعته مُفَسِّقةً فإنّ الأصل في المسلم أنه يحرم هجرُه وإن كان فاسقًا لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ»(٤)، ما لم يكن في هجره مصلحة ملتمسة تأديبًا له للرجوع عن فِسقه كمستحضر دواء لداء بدعته، أمّا إذا زاد في معصيته بالهجر والعتو فيها وخاصّة إذا كانت شوكة أهل البدع قويةً فانحاز إليهم ولا يُرجى عودته إلى الحقِّ فإنّه لا يترتَّب على هجره مصلحة وإنّما المصلحة في ترك هجره».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-272 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1604

الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٦ﻫ

(١) أخرجه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٥٤٩) و«السلسلة الصحيحة» (٩٣٧).
(٢) أخرجه البخاري في «الصلح» (٢٦٩٧)، ومسلم في «الأقضية» (١٧١٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه مسلم في «الأقضية» (١٧١٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) أخرجه البخاري في «الأدب» (٦٠٦٥)، ومسلم في «البر والصلة والآداب» (٢٥٥٨)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
في مدَّة #الصبر_على_المخالف

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فمِن الخُلُق الحَسَن في التعامل مع المخالف المسلم إقامةُ العدل في حقِّه أوَّلاً، وتقديمُ النصيحة له على وجه الصدق والأمانة، والمحبَّةُ لأخيه ما يحبُّ لنفسه والكراهةُ لأخيه ما يكره لنفسه ثانيًا، وذلك مراعاةً للأخوَّة الإيمانية، مع تكرار النصيحة -إن وجد لها سبيلاً-، «فالأولى: فرضٌ وديانةٌ، والثانية: تنبيهٌ وتذكيرٌ، وأمَّا الثالثة: فتوبيخٌ وتقريعٌ»(١)، ثمَّ الصبر على المخالف بعد النصيحة ثالثًا.
ولا تحديد -في حدود علمي- لمدَّة الصبر على المخالف بعد النصيحة، وإنما تختلف باختلافِ نوع المسائل والقضايا المنصوحِ من أجلها، والظرفِ الزمنيِّ الذي وقعتْ فيه النصيحة، ووزنِ شخصية المخالف ومنزلته على الساحة الدعوية، فالمدَّةُ المعتبرة في ذلك مَرَدُّها إلى السلطة التقديرية للناصح العالم بالأحوال المذكورة، فتتبلور في نظره قضيَّةُ المخالف الذي يتأرجح بين الأمل في رجوع المخالف إلى الحقِّ واليأسِ منه لتعنُّته وتماديه في الباطل، لذلك فلا تحديدَ لمدَّة الصبر على المخالف، وإنما تطول أو تقصر بحسب ترجُّح كِفَّة الأمل في الرجوع إلى الحقِّ أو اليأس منه».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1163 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1605

الجزائر في: ١٨ شوَّال ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠١٣م

(١) «الأخلاق والسير في مداواة النفوس» لابن حزم.
في حكم #الفرق_الضالة مِنْ أهل القِبْلة

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فالفِرَقُ الضالَّةُ إمَّا أَنْ لا يُخْرِجها ضلالُها مِنْ حظيرةِ الإسلام وتكون مِنْ عمومِ أُمَّة الهداية، فهؤلاء إِنْ ماتوا على فِسْقِهِمْ فَيَرِدُونَ النارَ ولا يخلدون فيها، بل يخرجون منها بشفاعةِ الشافعين وبرحمةِ ربِّ العالَمِين إِنْ كان في قلوبهم ذرَّةٌ مِنْ إيمانٍ كما ورَدَتْ به الأحاديثُ الصحيحة، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ الفِرَق: «أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيِنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ المِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الجَنَّةِ وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(١)؛ فَفِرَقُ أهلِ القِبْلةِ الخارجةُ عن أهلِ السُّنَّةِ متوعَّدون بالهَلَاك والنار، وحُكْمُهم حُكْمُ عامَّةِ أهلِ الوعيد إلَّا مَنْ كان منهم كافرًا في الباطن.
أمَّا إذا كان ضلالُهَا أخرجها ـ بعد قيامِ الحُجَّةِ عليها ـ مِنْ دائرةِ الإسلام وارتدَّتْ عنه؛ فهؤلاء تُجْرَى عليهم أحكامُ أهلِ الكفر، وحُكْمُهم حكمُ المرتدِّين، ولا يدخلون تحت المشيئةِ؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا ٤٨﴾ [النساء]، وغيرِها مِنَ الآيات التي نَزَلَتْ تتوعَّد الكُفَّارَ بالخلود في النار».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-260 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1606

الجزائر في: ٠٨ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ جويلية ٢٠٠٥م
 
(١) أخرجه أبو داود في «السنَّة» بابُ شرحِ السنَّة (٤٥٩٧)، وأحمد في «مسنده» (١٦٩٣٧)، مِنْ حديثِ معاوية رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٤٠٤) رقم: (٢٠٤).
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2024/10/04 23:23:31
Back to Top
HTML Embed Code: