Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حكم #تعطُّر_المرأة عند خروجها من بيتها

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فإنه لا يجوز للمرأة أن تخرج ـ من بيتها ـ متعطِّرةً متزيِّنةً متطيِّبةً، سواءٌ كان خروجُها للصلاة في المسجد أو لزيارة محارمها أو للسوق، وسواءٌ تطيَّبت بالعطور في بيتها قبل الخروج أو في الطريق أو في المسجد، ويدخل في المنع ـ أيضًا ـ ما إذا استعطرت في بيتها ودخلت على غير محارمها مِن الرجال الأجانب ـ أو دخلوا عليها ـ ولو مِن غير خروجٍ؛ لأنَّ ذلك مدعاةٌ للفتنة ومِن أسباب الفساد ومخالفة الشرع الجديرةِ بقطعها لأنها مِن مكايد الشيطان الذي «يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ»(١). وقد جاء في الحديث: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ»(٢)، وثبت ـ أيضًا ـ مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ»(٣)، وفي رواية ابن ماجه قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ»(٤)، فالواجب على المرأة المسلمة إن خرجت للحاجة أن تخرج بالضوابط الشرعية متستِّرةً محتشمةً وتَفِلةً غيرَ متطيِّبةٍ. قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ»(٥)، ومعنى «تفلاتٍ» أي: «تاركاتٍ للطِّيب»(٦)».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-205 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1488

الجزائر في: ٠٩ ربيع الأوَّل ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٨ أفريل ٢٠٠٥م

(١) مقطعٌ مِن حديثٍ أخرجه البخاري في «الاعتكاف» بابٌ: هل يدرأ المعتكف عن نفسه؟ (٢٠٣٩)، ومسلم في «السلام» (٢١٧٥)، مِن حديث صفيَّة بنتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها.

(٢) أخرجه بهذا اللفظ ابن حبَّان (٤٤٢٤) وابن خزيمة (١٦٨١)، وهو عند أبي داود (٤١٧٣)، والترمذي (٢٧٨٦)، والنسائي (٥١٢٦)، مِن حديث أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٧٠١).

(٣) أخرجه مسلم في «الصلاة» (٤٤٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٤) أخرجه ابن ماجه في «الفتن» باب فتنة النساء (٤٠٠٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٧٠٣).

(٥) أخرجه أحمد (٩٦٤٥)، وابن حبَّان (٢٢١٤)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «التعليقات الحسان» (٢٢١١).

(٦) انظر: «النهاية» لابن الأثير (١/ ١٩١).
لا إله إلا الله لا إله إلا الله اللهم سلم اللهم سلم.

بارك الله فيكم وأجزل لكم المثوبة، عليكم بالدعاء لإخواننا في تركيا، سورية ولبنان.

كبروا وحولقوا ووحدوا الله. 🍂💦

إبنته رحمهما الله 🍂
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حكم #تخصيصِ_شهرِ_رجبٍ بختم القرآن

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فشهرُ رجبٍ هو الشَّهر الرابع مِنَ الأشهُرِ الحُرُم، وهو الشَّهر السَّابع مِنْ شهور السَّنَة ما بَين جُمادى وشَعبان مِنْ جهة التَّرتيبِ، ولم يَصِحَّ في فضلهِ وصيامهِ بخصوصهِ حديثٌ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما الأحاديث الواردةُ في فضله وصيامِه دائرةٌ بين ضعيفٍ وموضوعٍ كما قال ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «وأمَّا الأحاديث الواردةُ في فضلِ رجبٍ، أو فضلِ صيامه أو صيامِ شيءٍ منه صريحةً، فهي على قسمين: ضعيفةٍ، وموضوعةٍ»(١)؛ وقال ـ أيضًا ـ: «لم يَرِدْ في فضلِ شهرِ رجبٍ، ولا في صيامِه ولا في صيامِ شيءٍ منه مُعيِّنٍ، ولا في قيامِ ليلةٍ مخصوصةٍ فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للحُجَّة»(٢)، بل ورَدَتْ آثارٌ عن بعضِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم في كراهة تعظيمِ رجبٍ بصيامٍ أو غيرِه؛ والنَّهي عنه، منها حديثُ خَرَشَةَ بنِ الحُرِّ قال: «رَأَيْتُ عُمَرَ يَضْرِبُ أَكُفَّ النَّاسِ فِي رَجَبٍ، حَتَّى يَضَعُوهَا فِي الجِفَانِ، وَيَقُولُ: كُلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ»(٣)، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما أنه كَانَ «إِذَا رَأَى النَّاسَ وَمَا يُعِدُّونَ لِرَجَبٍ كَرِهَ ذَلِكَ»(٤)، كما صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه كان «يَنْهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ كُلِّهِ لِأَنْ لَا يُتَّخَذَ عِيدًا»(٥)، وقد ثبَتَ عن بعضهم أنَّ تعظيمَ رجبٍ مِنْ عمل أهل الجاهليَّة كما تقدَّم عن عمر رضي الله عنه، فمَنْ عظَّمه فقَدْ تَشبَّه بهم واقتدى.

لذلك كان حريًّا بالمسلم الْتِزامُ شرعِ الله بعدمِ اعتقادِ فضلِ شهرِ رجبٍ أو البَرَكةِ ومضاعفةِ الأجرِ فيه، لعدم انتهاضِ الأحاديثِ الواردة في فضل رجبٍ للاحتجاج، بل يُعَدُّ هذا الشهرُ كسائر شهور السَّنَةِ التي لم يَرِدْ في شأنها تفضيلٌ ولا بَرَكةٌ ولا زيادةُ أجورٍ، كما ينبغي عليه تركُ تعظيمِ شهرِ رجبٍ بتخصيصه بأيِّ عبادةٍ مِنَ العبادات، سواءٌ كانت صلاةً أو صيامًا أو قراءةَ قرآنٍ أو ذِكرًا ونحوَ ذلك، واجتنابُ الأمورِ المُحدَثة فيه، لأنَّ «شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»(٦)».

الجزائر في: ٠٧ رجب ١٤٤٣ﻫ
المـوافـق ﻟ: ٠٨ فبراير ٢٠٢٢م

🔗 http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1278 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1492

(١) «تبيين العجب بما ورَدَ في فضل رجب» لابن حجر (٣٣).

(٢) المرجع السابق (٢٣).

(٣) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (٢/ ٣٤٥)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ١١٣).

(٤) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (٢/ ٣٤٥)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ١١٤).

(٥) أخرجه عبد الرزَّاق في «مصنَّفه» (٤/ ٢٩٢)، قال ابنُ حجرٍ في «تبيين العجب»: «وهذا إسنادٌ صحيحٌ».

(٦) أخرجه النَّسائيُّ في «صلاة العيدين» باب: كيف الخُطبةُ؟ (١٥٧٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (١٣٥٣).
م في الجمع بين أحاديثِ #صوم_معظم_شعبان_والنهي عن صوم النصف الثاني منه

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فقَدْ ثَبَتَ مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها قالَتْ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ»(١)، وعن أُمِّ سَلَمة رضي الله عنها قالَتْ: «لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلَّا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(٢).

ويُحْمَلُ صيامُ الشهرِ كُلِّه على معظمه؛ لأنَّ «الأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الكُلِّ»، وإِنْ كان اللفظُ مجازًا قليلَ الاستعمالِ والأصلُ الحقيقة، إلَّا أنَّ الصارف عنها إلى المعنى المجازيِّ هو ما ثَبَتَ عن عائشة رضي الله عنها قالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»(٣)، وعنها رضي الله عنها قالَتْ: «وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ شَهْرًا كَامِلًا مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ»(٤)، ويُؤيِّدُه حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٥).

وأمَّا الحكمة مِنْ إكثاره صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ صوم شعبان؛ فلأنه شهرٌ تُرْفَعُ فيه الأعمالُ إلى الله تعالى، وكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عملُه وهو صائمٌ، كما ثَبَتَ مِنْ حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما قال: قلتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟» قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(٦).

ولا يَمتنِع أَنْ تكون أيَّامُ التطوُّع التي اشتغل عن صيامها لسفرٍ أو لعارضٍ أو لمانعٍ اجتمعَتْ عليه، فيقضي صومَها في شعبانَ رجاءَ رفعِ عملِه وهو صائمٌ، وقد يَجِدُ الصائمُ في شعبان ـ بعد اعتياده ـ حلاوةَ الصيام ولذَّتَه؛ فيدخل في صيامِ رمضانَ بقوَّةٍ ونشاطٍ، وتكون النفسُ قد ارتاضَتْ على طاعة الرحمن(٧).

هذا، وينتفي التعارضُ بالجمع بين الأحاديث الدالَّة على مشروعيةِ صومِ معظمِ شعبانَ واستحبابِه وما جاء مِنَ النهي عن صومِ نصفِ شعبانَ الثاني في حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا»(٨)، وكذلك النهي عن تقدُّمِ رمضانَ بصومِ يومٍ أو يومين في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْمَ»(٩)؛ فيُدْفَعُ التعارضُ بما وَرَدَ مِنَ الاستثناء في حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْمَ»، أي: إلَّا أَنْ يُوافِقَ صومًا معتادًا(١٠)، كمَنِ اعتاد صومَ التطوُّع: كصوم الإثنين والخميس، أو صيامِ داود: يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو صومِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شهرٍ؛ وعليه فإنَّ النهي يُحْمَلُ على مَنْ لم يُدْخِلْ تلك الأيَّامَ في صيامٍ اعتاده(١١)، أي: مِنْ صيام التطوُّع.

ويُلْحَق بهذا المعنى: القضاءُ والكفَّارة والنذر، سواءٌ كان مطلقًا أو مقيَّدًا، إلحاقًا أولويًّا لوجوبها؛ ذلك لأنَّ الأدلَّة قطعيةٌ على وجوب القضاء والكفَّارة والوفاءِ بالنذر، وقد تَقرَّرَ ـ أصوليًّا ـ أنَّ العامَّ القطعيَّ لا يُبْطِلُ الخاصَّ الظنِّيَّ ولا يُعارِضه(١٢)».

🔗 http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1020 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1493

الجزائر في: ٢٠ رجب ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٢ يوليو ٢٠٠٩م


(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ صومِ شعبان (١٩٧٠)، ومسلمٌ في «الصيام» (١١٥٦)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٢) أخرجه أبو داود في «الصوم» بابٌ فيمَنْ يَصِلُ شعبانَ برمضان (٢٣٣٦)، والنسائيُّ في «الصيام» بابُ صومِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم (٢٣٥٣)، مِنْ حديثِ أمِّ سَلَمة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٢٠٢٤).

(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ صومِ شعبان (١٩٦٩)، ومسلمٌ في «الصيام» (١١٥٦)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٤) أخرجه مسلمٌ في «الصيام» (١١٥٦) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ ما يُذْكَرُ مِنْ صوم النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإفطارِه (١٩٧١)، ومسلمٌ في «الصيام» (١١٥٧)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٦) أخرجه النسائيُّ في «الصيام» بابُ صومِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم (٢٣٥٧) مِنْ حديثِ أسامة بنِ زيدٍ رضي الله عنهما. وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ١٠٣) وفي «السلسلة الصحيحة» (١٨٩٨).

(٧) انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (١٣٥).

(٨) أخرجه أبو داود في «الصوم» بابٌ في كراهية ذلك ـ أي: أَنْ يَصِلَ شعبانَ برمضان ـ (٢٣٣٧)، والترمذيُّ في «الصوم» بابُ ما جاء في كراهِيَةِ الصومِ في النصف الباقي مِنْ شعبانَ لحالِ رمضان (٧٣٨)، وابنُ ماجه في «الصيام» بابُ ما جاء في النهي أَنْ يتقدَّم رمضان بصومٍ إلَّا مَنْ صام صومًا فوافَقَه (١٦٥١)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣٩٧).

(٩) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» باب: لا يتقدَّم رمضان بصومِ يومٍ ولا يومين (١٩١٤)، ومسلمٌ في «الصيام» (١٠٨٢)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(١٠) انظر: «المجموع» للنووي (٦/ ٤٠٠).

(١١) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٢١٥)، و«سُبُل السلام» للصنعاني (٢/ ٣٤٩).

(١٢) لا تَناقُضَ بين خبرين اختلف زمنُهما؛ لجوازِ صِدْقِ كُلٍّ منهما في وقته، والنصُّ العامُّ ـ وإِنْ كان قطعيًّا في وقته ـ إلَّا أنَّ استمرار حُكْمِه إلى الأبد غيرُ قطعيٍّ؛ فنسخُه أو تخصيصُه بالآحاد إنما هو نفيُ استمرارِ حكمِه الذي لا قطعيةَ في دلالته على دوامِ حُكْمِه، وكُلٌّ منهما حقٌّ في وقته، [انظر: «مذكِّرة أصول الفقه» للشنقيطي (٨٦)].
في حكم سفر #الحائض_المحرمة قبل العمرة اضطرارًا

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فيُشرَع للحائض أَنْ تُحرِم بالعمرة مِنَ الميقات لِمَا أخرجه مسلمٌ في «صحيحه» عن عائشة رضي الله عنها قالت: «نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ»(١)، فإِنِ اشترطَتْ عند إحرامها بقولها: «اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» المذكور في الحديث(٢)، فلها أَنْ تتحلَّل مِنْ إحرامها وإِنْ لم تَنْوِ العودةَ للاعتمار، ولا يَلزَمها قضاءٌ ولا فديةٌ.

فإِنْ كانت نيَّةُ العودة قائمةً لأداء العمرة بعد انقطاع حيضها؛ فإنه يكفيها الإحرامُ الأوَّل لتعود إلى مكَّةَ وتطوفَ طوافَ عُمرتها وهي متطهِّرةٌ، فإِنْ أَحرمَتْ بنيَّةٍ أخرى بعد تحلُّلها مِنَ الإحرام الأوَّل فتصحُّ عُمرتُها ولا تجب عليها فديةُ دمٍ؛ لأنَّ الحائض غيرُ مفرِّطةٍ في ترك واجب الطواف، وإنما المانعُ هو الحيض، وهي معدومة الإرادة فيه والاختيار».

🔗 http://ferkous.com/home/?q=fatwa-997 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1495


الجزائر في: ١٨ ربيع الأول ١٤٣٠ﻫ

الموافق ﻟ: ١٥ مـارس ٢٠٠٩م

(١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٠٩) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب الأَكْفاء في الدِّين (٥٠٨٩)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٠٧)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله :

"ليس لأوَّل شهر الله المحرَّم نصٌّ شرعيٌّ صحيحٌ يُثبت تخصيصَه بالذِّكر والدعاء والعمرة والصيام لأوَّل يومٍ من السنة بنيَّة افتتاح السنة الهجرية بالصيام، ولا اختتامِها بالصيام عند نهاية السنة بنيَّة توديع العام الهجري، فما ورد من أحاديثَ في هذا الشأن فموضوعة ومختلَقَةٌ على النبيِّﷺ ".

🔗 الكلمة الشهرية :٤٦

https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/148
الشبهات المثارة في وجه #الداعية_إلى_الله

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«والجاهل يحقد على الداعي إلى الله، ويعتقد أنه مُفْسِدٌ في الأرض، ويظنُّ مِنْ نَفْسِه أنه موكولٌ إليه الدفاعُ عن دينِ الناس وحقوقِهم، ويعمل على إبعادهم ومُحارَبتهم خشيةَ تحويلِهم الناسَ ـ في زَعْمِه واعتقاده ـ عن ملَّةِ آبائهم إلى دينٍ جديدٍ لم يَسْبِقْ لهم أَنْ سمعوا به».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=art-mois-71 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1499

الكلمة الشهرية رقم (٧١)
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حكم #الطلاق_بعد_الخلع


قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فاعْلَمْ أنَّ طلاقَ المرأةِ في الحَيضِ أو في طُهرٍ جامعَها فيه ـ وهو المسمَّى ﺑ «طلاق البِدعةِ» ـ مُجمَعٌ على تحريمِه، لذلك يكون فاعلُه آثمًا، فضلًا عن تَعدِّيه بإكثاره مِنَ الطَّلاق على عقدٍ سمَّاه اللهُ في كتابهِ بالميثاقِ الغليظ في قوله تعالى: ﴿وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا ٢١﴾ [النساء] في غيرِ وجهِه الشرعيِّ، ممَّا يُعَدُّ فيه فاعلُه لاعبًا بأحكام الله ومُتجرِّئًا عليها، وغيرَ مُمتثِلٍ للواجب فيها، وقد نهى اللهُ عن اتِّخاذِها هُزُوًا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗا﴾ [البقرة: ٢٣١]؛ لأنَّ أحكام الله تعالى أنزلها بالحقِّ والصِّدقِ والجِدِّ، ولم يُنزِلها عبثًا بأحكامها ولا لعبًا بتعاليمها، ولهذا يستوجِب الوقوعُ في هذا الإثمِ توبةً صادقةً مِنْ فاعلِ هذا الصنيع ـ أوَّلًا ـ ثمَّ هو مُطالَبٌ ـ ثانيًا ـ بتوبةٍ أخرى على تأخيرِ السُّؤالِ عن وقتِ الحاجةِ إليهِ؛ قال تعالى: ﴿فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣؛ الأنبياء: ٧]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ»(١).

فمَنْ طلَّقَ زوجتَه ـ وهي حائضٌ ـ أو طلَّقها بعد طُهرٍ جامَعَها فيه، أو طلَّقَها ثلاثًا في طُهرٍ؛ فهو ـ كما تقدَّم ـ طلاقٌ بدعيٌّ محرَّمٌ يأثَم فاعِلُه؛ لأنه مُتَعَدٍّ فيه حدودَ ربِّه، عاصٍ ظالمٌ لنفسه، وهو قولُ عامَّةِ أهل العلم، غير أنهم يختلفون في وقوع طلاق الحائض: فذَهَبَ الجماهيرُ مِنَ السلف والخلف(٢) إلى وقوعه فيُحْسَبُ الطلاقُ عندهم، وهو مذهبُ الأئمَّةِ الأربعة(٣)، وهو الأقوى دليلًا والأصحُّ نظرًا، ويكفي في ذلك ـ نصًّا في موضع الخلاف ـ ما رواهُ نافعٌ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ـ وَهِيَ حَائِضٌ ـ فَأَتَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً»(٤)، وبهذا أفتى ابنُ عمر رضي الله عنهما وهو صاحبُ القصَّةِ وراويها وهو أعلمُ بما روى؛ فقَدْ روى نافعٌ قال: «فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ـ وَهِيَ حَائِضٌ ـ يَقُولُ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، وَأَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ فِيمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ وَبَانَتْ مِنْكَ»(٥)، علمًا أنَّ الغضبَ ولو حصل فلا تأثيرَ له في الحكم ـ في هذه الأحوال ـ لعزمِه على الطلاقِ دون إغلاقٍ، فضلًا أنه وقع بعد الخُلع ولم يجدِّد العقدَ بعده.

هذا، والزوجُ السائل أَوقعَ الطلقةَ الأولى رجعيَّةً في الحيض، وأمَّا الطلقة بعد خروجها مِنَ الحيض فإنَّما هي تأكيدٌ للأولى باعتبارِ أنه لم يراجعها لا بقولٍ ولا بفعلٍ؛ لأنَّ الطَّلقةَ إنَّما تُحتسَبُ مِنَ الطَّلاق بعد العقدِ أو بعد رجعةٍ صحيحةٍ.

والفُرقة التي كانت بطلبٍ منها وافتدَتْ منه نفسَها بردِّها عليه مَهْرَه فهي خُلعٌ لا يُحتسَبُ مِنَ الطلاق لأنه فسخٌ وفُرقةٌ بائنةٌ لا رجعةَ فيها إلَّا بعقدٍ جديدٍ.

وكُلُّ الطلقات الأخرى الواقعة بعد الخُلع فلَاغِيَةٌ لا تُحتسَبُ لأنها لم تُصادِف محلًّا صحيحًا، إذ لم تكن ـ وقتَها ـ زوجتَه؛ بل أجنبيَّةً عنه؛ إذ المعلومُ أنَّه لا يملك عليها حقَّ الرَّجعةِ في الخُلع بالنَّصِّ وإجماعِ أهل العلم، فلا ترجع إليه إلَّا بعقدٍ جديدٍ كاملِ الشروط والأركان، وعقدُ الزواج مُنتفٍ بينهما لم يتمَّ إبرامُه ـ أصلًا ـ حتَّى يتسنَّى لها الرجوعُ إليه وتَحِلَّ له شرعًا.

وحاصلُ ما تقدَّم:

أنَّ هذا الرَّجل يمكنه أَنْ يُرجع أهلَه بعد وقوع الخُلع؛ لكِنْ بعقدٍ جديدٍ ومهرٍ جديدٍ وبشرطِ رِضَى المرأة ووليِّها، وعليه طلقةٌ واحدةٌ صحيحةٌ محسوبةٌ أَوقعَها على هذهِ المرأةِ، وهي التي كانت قبل الخُلعِ وبَقِيَتْ له طلقتان، أمَّا الخُلع فلا يُعَدُّ طلقةً ـ على الصَّحيح مِنْ أقوال أهل العلم ـ بل هو فُرقةٌ بائِنةٌ(٦)، وأمَّا ما وقَعَ مِنْ طلاقٍ بعد الخُلعِ ـ في مسألة السائل ـ فلا عِبرةَ به على ما سبَقَ بيانُه لعدمِ تجديده العقدَ لجهلِه بالحكم، معَ لزومِ توبةِ الرَّجل مِنْ هذا الفعلِ وعزمِهِ على عدمِ الرُّجوعِ إلى مِثلِه».

🔗 http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1327 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1502

الجزائر في: ٢١ جمادى الآخِرة ١٤٤٤هـ
المُــوافق ﻟ: ١٣ جــــانـــفي ٢٠٢٣م
(١) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في المجروح يتيمَّم (٣٣٦) مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه؛ وأخرجه برقم: (٣٣٧)، وابنُ ماجه في «الطهارة» بابٌ في المجروح تُصيبُه الجنابةُ فيخاف على نفسه إِنِ اغتسل (٥٧٢)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٤٣٦٣).

(٢) انظر: «الكافي» لابن عبد البرِّ (٢٦٣)، «المغني» لابن قدامة (٣/ ٩٩)، «القوانين الفقهيَّة» لابن جُزَيٍّ (٢١٩)، «الإنصاف» للمرداوي (٨/ ٤٤٨)، «مغني المحتاج» للشربيني (٣/ ٣٠٧).

(٣) وخالَفَ في ذلك بعضُ السلف القائلين بعدم وقوع الطلاق في الحيض ولا يُحْسَبُ، وبه قال أهلُ الظاهر، وهو مذهبُ ابنِ تيميَّة وابنِ القيِّم وغيرهم؛ [انظر: «المحلَّى» لابن حزم (١٠/ ١٦١)، «المغني» لابن قدامة (٧/ ١٠٠)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٣/ ٦٦)، «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٢١٨)].

(٤) أخرجه أبو داود الطيالسيُّ (١/ ٦٨)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٤٩٢٨)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. قال الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٧/ ١٢٦): «وإسنادُه صحيحٌ على شرط الشيخين»، وفي مسلمٍ في «الطلاق» (١٤٧١) مِنْ طريقِ سالم بنِ عبد الله: «وَكَانَ عَبْدُ اللهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا».

(٥) أخرجه مسلمٌ في «الطلاق» (١٤٧١) عن ابنِ عمر رضي الله عنهما؛ [انظر الفتوى: (١٣٥): على الموقع الرَّسميِّ، الموسومة ﺑ: «في حكم الطلاق في الحيض»].

(٦) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ٣٠٩)؛ وجمهورُ العلماء يَعُدُّون الخُلعَ طلاقًا بائنًا، الصحيح ما ذكَرْنا للفوارق الكثيرة الموجودة بين الخُلع والطَّلاق؛ [انظر الفتوى رقم: (٨٨٧) على الموقع الرَّسميِّ، الموسومة ﺑ: «في الخلع وما يخالف فيه الطلاق»].
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حُكمِ #حلق_شعر_الرأس

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فمسألةُ حَلقِ شَعرِ الرَّأسِ واستِئصالهِ بالمُوسى أو بغيرهِ يَختلِفُ حُكمُها باختلافِ البواعثِ الدَّافعةِ على الحَلقِ، وهي تدورُ بين: النُّسُكِ (أي: الحجِّ والعُمرة)، والتَّديُّن (أي: اتِّخاذه شِعارًا على إظهار النُّسْك والعبادة والزُّهدِ، وتمامًا للتَّديُّن والتوبة)، والحاجَةِ، والعادةِ؛ وقد أجابَ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ عن هذه المسألة، وسأُحاوِلُ اختصارَ كلامِه مع إبقاءِ أهمِّ أدلَّتِهِ، حيث قال ـ رحمه الله ـ:

«حَلْقُ الرَّأْسِ على أربعةِ أنواعٍ:

ـ أَحَدُهَا: حَلْقُهُ في الحجِّ والعُمرةِ: فهذا مِمَّا أَمَرَ اللهُ به ورسولُه، وهو مشروعٌ ثابتٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الْأُمَّة؛ قال تعالى: ﴿لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾ [الفتح: ٢٧]، وقد تَوَاتَرَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أنَّه حَلَقَ رأسَه في حَجِّه وفي عُمَرِه وكذلك أصحابُه: منهم مَنْ حَلَقَ ومنهم مَنْ قَصَّرَ، والحَلْقُ أَفْضَلُ مِنَ التَّقصير؛ ولِهَذا قال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟» قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟» قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟» قَالَ: «وَالْمُقَصِّرِينَ»(٢)...

ـ والنَّوعُ الثَّاني: حَلْقُ الرَّأسِ للحاجةِ: مِثل أَنْ يَحْلِقَه لِلتَّداوي، فهذا ـ أيضًا ـ جائزٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ والإجماع؛ فإنَّ اللهَ رَخَّصَ للمُحرِمِ الَّذي لا يجوز له حَلْقُ رأسِه أَنْ يَحْلِقَه إذا كان به أذًى، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖ﴾ [البقرة: ١٩٦]، وقد ثَبَتَ باتِّفاقِ المسلمين حديثُ كعبِ بنِ عُجْرَةَ «لَمَّا مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ـ وَالْقُمَّلُ يَنْهَالُ مِنْ رَأْسِهِ ـ فَقَالَ: «أَيُؤْذِيك هَوَامُّك؟» قَالَ: «نَعَمْ»، فَقَالَ: «احْلِقْ رَأْسَك وَانْسُكْ شَاةً؛ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا(٣) بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ»»(٤)...

ـ النَّوعُ الثَّالثُ: حَلْقُه على وجهِ التَّعبُّدِ والتَّديُّنِ والزُّهْدِ مِنْ غيرِ حَجٍّ ولا عُمرةٍ، مِثلَ ما يأمر بعضُ النَّاسِ التَّائبَ إذا تَابَ بِحَلْقِ رأسِه، ومِثلَ أَنْ يُجعَلَ حَلْقُ الرَّأسِ شِعارَ أهلِ النُّسُك والدِّينِ أو مِنْ تمامِ الزُّهد والعبادة، أو يُجعَلَ مَنْ يَحْلِقُ رأسَه أفضلَ ممَّنْ لم يَحْلِقْه أو أَدْيَنَ أو أَزْهَدَ، أو أَنْ يُقَصَّرَ مِنْ شَعرِ التَّائبِ كما يفعل بعضُ المُنتسِبِينَ إلى المَشْيَخةِ إذا توَّب أَحَدًا: أَنْ يقصَّ بعضَ شعرِه، ويعيِّن الشيخُ صاحِبَ مِقَصٍّ وسجَّادةٍ؛ فيجعل صلاتَه على السجادة، وقصَّه رءوسَ النَّاسِ مِنْ تمام المشيخة التي يصلح بها أَنْ يكون قدوةً يتوِّب التائبين؛ فهذا بدعةٌ لم يَأْمُرِ اللهُ بها ولا رسولُه؛ ولَيْسَتْ واجبةً ولا مُستحَبَّةً عند أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ؛ ولا فَعَلَها أَحَدٌ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعِين لهم بإحسانٍ ولا شُيُوخِ المُسلِمِين المشهورِين بالزُّهدِ والعبادةِ لا مِنَ الصَّحابة ولا مِنَ التَّابعِينَ ولا تابِعِيهِم ومَنْ بعدَهم...

ـ والنَّوْعُ الرَّابعُ: أَنْ يَحْلِقَ رأسَه في غيرِ النُّسُكِ لغيرِ حاجةٍ ولا على وجهِ التَّقرُّبِ والتَّديُّنِ: فهذا فيه قولانِ للعُلَماءِ هما رِوايتانِ عن أحمد: أَحَدُهُما: أنَّه مكروهٌ؛ وهو مذهبُ مالكٍ وغيرِه، والثَّاني: أنَّه مُباحٌ؛ وهو المعروفُ عند أصحابِ أبي حَنِيفةَ والشَّافعيِّ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى غُلَامًا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ رَأْسِهِ فَقَالَ: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوْ دَعُوهُ كُلَّهُ»(٥)، وَأُتِيَ بِأَوْلَادٍ صِغَارٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَحَلَقَ رُءُوسَهُمْ(٦)؛ وَلِأَنَّهُ نَهَى عَنْ القَزَعِ(٧)، وَالْقَزَعُ: حَلْقُ البَعْضِ(٨)؛ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ حَلْقِ الْجَمِيعِ؛ والأوَّلونَ يقولون: حَلْقُ الرَّأسِ شِعارُ أهلِ البِدَعِ، فإنَّ الخوارجَ كانوا يَحْلِقون رُءُوسَهم، وبعضُ الخوارجِ يَعُدُّون حَلْقَ الرَّأْسِ مِنْ تمامِ التَّوبة والنُّسُك، وقد ثَبَتَ في الصَّحيحَيْنِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لَمَّا كَانَ يَقْسِمُ جَاءَهُ رَجُلٌ عَامَ الْفَتْحِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ»(٩)»(١٠).
قلتُ: وما كَرِهَه مالكٌ وأحمدُ في روايةٍ وغيرُهما مِنْ أنَّ حَلْقَ الرَّأسِ شِعَارُ الْخَوَارِجِ وأَهلِ البِدَعِ إذْ كان الخوارجُ يَعُدُّونَ حَلْقَ الرَّأسِ مِنْ تمامِ التَّوْبَةِ والنُّسُكِ، فهذا الحلقُ ـ في الحقيقةِ ـ معدودٌ مِنَ النَّوعِ الثَّالثِ المُتقدِّمِ وهو: [حَلقُهُ عَلَى وَجهِ التَّعبُّدِ والتَّديُّنِ والزُّهدِ]، فلا يجوزُ ـ شرعًا ـ موافقةُ مُعتقَدِ الخوارجِ أو التَّشبُّهُ بهم فيما أحدثوه في الدِّين مِنْ تخصيصِ فِعلِه بذلك القصد، بل لا يجوزُ موافقةُ أهلِ البِدَعِ كافَّةً في ضلالهِم وبِدَعِهم ولا التَّشبُّهُ بهم.

ومِنْ هذا القبيلِ ـ أيضًا ـ فقَدْ يدخلُ حلقُ شعرِ الرَّأسِ فيما يُضادُّ النُّسْكَ والعبادةَ الشَّرعيَّةَ لكنَّه داخلٌ في تعبُّدٍ وتنسُّكٍ شركيٍّ، كما هو صنيعُ أهلِ القُبورِ والأضرِحَةِ؛ حيث إنَّهم يطوفونَ بالضَّريحِ أو بالقَبرِ، وبعدما ينتهي الطَّائفُ يُحَلِّق شعرَ رأسِه؛ ولا يخفى أنَّ الحلقَ ـ بهذه الصُّورةِ ـ حرامٌ، وهو داخلٌ في عمومِ الشِّركِ باللهِ.

هذا، والصحيحُ أنَّ مسألةَ حلقِ شعرِ الرَّأسِ تعودُ ـ أساسًا ـ إلى نيَّةِ الفاعل، إذِ النِّيَّةُ تُميِّز بين العباداتِ والعادات بالنَّظر إلى وجودِ تداخُلٍ وشراكةٍ بينهما، وتُميِّز بين مراتبِ العبادات، عملًا بحديثِ عمرَ بنِ الخطَّاب رضي الله عنه في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ [كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ] كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»(١١).

وعليه، فإِنْ وافقَت نِيَّتُه عملًا صالحًا كما هو الشَّأنُ في الحجِّ والعُمرةِ أو جائزًا كالتَّداوي أو عمومِ الحلق دون تقصُّدِ إظهارِ زيادةِ التنسُّك به أو التشبُّهِ بأهل الأهواء كالخوارج أو المشركين كالهندوس والبوذيِّين، فيُجازى على نِيَّته الصَّالحةِ، وإِنْ طابَقَتْ عملًا فاسدًا مهما كانت نيَّتُهُ صالحةً أو فاسدةً فلا تشفعُ له النِّيَّةُ الصَّالحةُ في العملِ غيرِ المشروعِ: كالشِّركِ والبدعةِ وسائر الأعمالِ الباطلةِ أو المُخالِفةِ للشرع.

أمَّا إِنْ كان العملُ ـ في ذاته ـ مشروعًا أو مُباحًا، لا يُرادُ به التَّعبُّدُ واتِّخاذُه شعارًا على التَّنسُّكِ أو التَّشبُّهُ فيه بأهل الأهواء أو المشركين، وإنَّما قام بهِ على وجهِ العادةِ أو الحاجةِ فلا حرَجَ عليه ولا إِثمَ.

وأمَّا حديثُ الخوارجِ أنَّ «سِيمَاهم التَّحليقُ»(١٢) الَّذي استَدلَّ بهِ بَعْضُ النّاسِ عَلى كَراهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ فقد أجاب عنه النوويُّ ـ رحمه الله ـ بقوله: «ولا دَلالَةَ فِيهِ [أي على كراهة حلق الرأس] وإنَّما هُوَ عَلامَةٌ لَهُمْ، والعَلامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرامٍ وقَدْ تَكُونُ بِمُباحٍ كَما قالَ صلى الله عليه وسلم: «آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ»(١٣)، ومعلومٌ أنَّ هذا ليس بحرامٍ، وقد ثبَتَ في «سنن أبي داود» بإسنادٍ على شرط البخاريِّ ومسلمٍ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم رأى صبيًّا قد حُلِقَ بعضُ رأسِه فَقالَ: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ»(١٤)؛ قال: وهذا صريحٌ في إباحةِ حَلْقِ الرأس لا يحتمل تأويلًا»(١٥)».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1326 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1505

الجزائر في: ٢٠ جمادى الآخرة ١٤٤٤هـ
المُــــوافـق ﻟ: ١٢جــانــفـي ٢٠٢٣م


(١) صحيح، سيأتي تخريجه.

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الحلق والتقصيرِ عند الإحلال (١٧٢٨)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠٢)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وبنحوه عن ابنِ عمر رضي الله عنهما لكِنْ بذِكر الرحمة بدلَ المغفرة: مُتَّفَقٌ عليه: البخاريُّ (١٧٢٧)، ومسلمٌ (١٣٠١).

(٣) قال ابنُ الأثير في «النهاية» (٣/ ٤٣٧): «الفَرَق بالتَّحريك: مكيالٌ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رطلًا، وهي اثنا عَشَرَ مُدًّا، أو ثلاثةُ آصُعٍ عند أهل الحجاز؛ وقِيلَ: الفَرَقُ: خمسةُ أقساطٍ، والقِسطُ: نصفُ صاعٍ؛ فأمَّا الفَرْقُ بالسكون فمائةٌ وعشرون رِطلًا».

(٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ: أبواب المُحصَر» بابُ قولِ الله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖ﴾ [البقرة: ١٩٦] (١٨١٤)، وباب قول الله تعالى: ﴿أَوۡ صَدَقَةٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] وهي إطعامُ سِتَّةِ مساكينَ (١٨١٥)، وباب: الإطعامُ في الفِدية نصفُ صاعٍ (١٨١٦)، وباب: النُّسُكُ شاةٌ (١٨١٧، ١٨١٨)، وفي «المغازي» بابُ غزوةِ الحُدَيْبِيَة (٤١٥٩، ٤١٩٠، ٤١٩١)،
2024/10/05 13:20:34
Back to Top
HTML Embed Code: