Telegram Web Link
غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
قال الإمامُ البُخاريُّ ( ٥٧٣٩ ): حدَّثني مُحمَّدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ وهبِ بنِ عطيَّةَ الدِّمشقيُّ، حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ حربٍ، حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ الوليدِ الزُّبَيديُّ، أخبرنا الزُّهريُّ، عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ، عن زينبَ بنةِ أبي سلمةَ، عن أُمِّ…
١١ - هذا الحديثُ لم يروِه من أصحابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ سوى البُخاريِّ ومُسلِمٍ.
وليس هو في مُسندِ أحمدَ.

١٢ - هذا الحديثُ من ثُمانيَّاتِ الإمامِ البُخاريِّ، فهو إسنادٌ نازلٌ، وانظُرِ اللَّطيفةَ رقم (٧).

١٣ - روى الحافظُ الذَّهَبيُّ هذا الحديثَ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ٦ / ٢٨٣ - ٢٨٤ ) من طريقِ خمسةَ عشرَ رجلًا، كلُّهم اسمُه مُحمَّدٌ، ثم قال: "وقد وقع لنا عزيزًا مُسَلسَلًا بالمُحمَّدِينَ إلى عُروةَ ولا نظيرَ له، وعِدَّتُهم خمسةَ عشرَ مُحمَّدًا، وأنا السَّادسَ عشرَ".
واسمُ الذَّهَبيِّ: مُحمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ عُثمانَ.
قال الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ في العِلَلِ ومعرفةِ الرِّجالِ ( ١ / ١٨٣ برقم ١٤٨ - رواية ابنه عبد الله ): حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاقِ قال: حدَّثنا معمرٌ، عن الزُّهريِّ قال: "مسَّتْ رُكبَتي رُكبةَ سعيدِ بنِ المُسيِّبِ ثمانيَ سِنِينَ".

وهذا إسنادٌ صحيحٌ مُسَلسَلٌ بالأئمَّةِ.
ورواه الفسويُّ في المعرفةِ ( ١ / ٦٣١ )، وأبو نُعَيمٍ في الحِليةِ ( ٣ / ٣٦٢ ) من طريقِ عبدِ الرَّزَّاقِ، به.
وذكَرَهُ المِزِّيُّ في التَّهذيبِ ( ٢٦ / ٤٣٣ )، والذَّهبيُّ في السِّير ( ٥ / ٣٣٢ ) وفي التِّذكرةِ ( ١ / ١٠٩ ).
قال الفِريابيُّ في صِفَةِ النِّفاقِ وذمِّ المُنافِقينَ ( ص٦٧ ): حدَّثنا عمرُو بنُ عُثمانَ بنِ كثيرِ بنِ دِينارٍ الحِمصيُّ، حدَّثنا بقيَّةُ بنُ الوليدِ، حدَّثني صفوانُ بنُ عمرٍو، حدَّثني سُلَيمُ بنُ عامرٍ، حدَّثني جُبَيرُ بنُ نُفَيرٍ، أنَّه سَمِعَ أبا الدَّرداءِ -وهو في آخرِ صلاتِه وقد فَرَغَ من التَّشهُّدِ- يتعوَّذُ باللهِ من النِّفاقِ، فأكثرَ من التَّعوُّذِ منه، قال: فقال جُبَيرٌ: وما لك يا أبا الدَّرداءِ أنتَ والنِّفاقَ؟ فقال: "دَعْنا عنكَ دَعْنا عنكَ، فواللهِ إنَّ الرجلَ لَيُقلَبُ عن دينِه في السَّاعةِ الواحدةِ فيُخلَعُ منه".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ شاميٌّ صحيحٌ.
وبقيَّةُ مُدلِّسٌ وقد صرَّحَ هنا بالتَّحديثِ.

ورواه ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ٤٧ / ١٨١ - ١٨٢ )، والذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ٦ / ٣٨٢ ) من طريقِ مُحمَّدِ بنِ جعفرٍ الفِريابيِّ، بهذا الإسنادِ.
وقال الذَّهبيُّ: "إسنادُه صحيحٌ".

وعلَّقَ الذَّهبيُّ على هذا الأثرِ بقولِه: "ومن النِّفاقِ الأصغرِ: الرجلُ يتكلَّمُ بالكلمةِ لا يُلقي لها بالًا، ولا يظنُّ أنَّها تبلُغُ ما بلَغَتْ، يهوي بها في النَّارِ سبعينَ خريفًا.
وأمَّا النِّفاقُ الأكبرُ، وإن كان الرجلُ يعلمُ من نفسِه أنَّه مُسلِمٌ، فعليه أن يتعوَّذَ باللهِ من النِّفاقِ والشِّركِ، فإنَّه لا يدري بما يُختَمُ له، فرُبَّما أصبحَ مُؤمِنًا، وأمسى كافِرًا، نعوذُ بوجهِ اللهِ الكريمِ من ذلك".
سِيَرُ الأعلامِ ( ٦ / ٣٨٢ - ٣٨٣ ).
قال العبَّاسُ بنُ الوليدِ: فما رأيتُ أبي يتعجَّبُ من شيءٍ في الدُّنيا تَعجُّبَهُ من الأوزاعيِّ، فكان يقولُ: سُبحانَكَ تفعلُ ما تشاءُ! كان الأوزاعيُّ يتيمًا فقيرًا في حجرِ أُمِّهِ، تنقلُه من بلدٍ إلى بلدٍ، وقد جرى حُكمُكَ فيه أن بلَّغتَه حيثُ رأيتُه.
يا بُنَيَّ! عجَزَتِ المُلوكُ أن تُؤدِّبَ نفسَها وأولادَها أدبَ الأوزاعيِّ في نفسِه، ما سمعتُ منه كلمةً قطُّ فاضِلةً إلَّا احتاجَ مُستَمِعُها إلى إثباتِها عنه، ولا رأيتُه ضاحِكًا قطُّ حتَّى يُقَهقِهَ، ولقد كان إذا أخذَ في ذِكرِ المعادِ، أقولُ في نفسِي: أتُرى في المجلسِ قلبٌ لم يبكِ؟! اهـ

ذكَرَهُ الذَّهَبيُّ في السِّير ( ٧ / ١١٠ ).

والعبَّاسُ بنُ الوليدِ من عُلَماءِ الشَّامِ وفُقَهائِهم وقُرَّائِهم، سمع أباهُ وتفقَّهَ به.
وروى عنه أبو داودَ، والنَّسائيُّ، وأبو زُرعةَ وغيرُهم.

وأبوه هو الوليدُ بنُ مَزيَدٍ، من عُلَماءِ الشَّامِ، ومن جِلَّةِ أصحابِ الأوزاعيِّ وثِقاتِهم.
روى عن الأوزاعيِّ فأكثرَ.

والأوزاعيُّ هو الإمامُ الحُجَّةُ القُدوةُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَمرٍو، شيخُ الإسلامِ، وعالِمُ أهلِ الشَّامِ.
غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
Photo
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

هذا الأثر له طرق عن ابن مسعود، منها طريق صحيح، وباقي الطّرق لا تخلو من كلام، لكنها تعضد بعضها بعضًا، وإليك التّفصيل:

١ - روى الحاكم في المستدرك ( ٧٥٠٥ ) من طريق عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السّكن الأسديّ قال: دخل عبد الله بن مسعود على امرأة فرأى عليها حِرزًا من الحُمرة فقطعه قطعًا عنيفًا ثم قال: "إنّ آل عبد الله عن الشّرك أغنياء، وقال: كان مما حفظنا عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلم أنّ الرّقى والتّمائم والتِّوَلة من الشّرك".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه".
ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السّبيعيّ.

ورواه الطّبرانيّ في المعجم الأوسط ( ١٤٤٢ )، والحازميّ في الاعتبار ( ص٢٣٨ ) من طريق عثمان بن عمر، عن إسرائيل، عن ميسرة، به، مختصرًا.
وزادا: فقالت له امرأته: وما التِّولة؟ قال: التّهييج.

والحُمرة ورم من جنس الطّواعين.
والمراد بالرّقى الممنوعة هنا: ما كان بأسماء الشّياطين والجنّ، لا ما كان بالقرآن والسّنّة الصّحيحة.
والتِّوَلة: هو نوع من السّحر يُحبِّب المرأة إلى زوجها.

٢ - وقال أحمد بن حنبل في المسند ( ٣٦١٥ ): حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أخي زينب، عن زينب امرأة عبد الله قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق؛ كراهية أن يهجم منّا على شيء يكرهه، قالت: وإنّه جاء ذات يوم، فتنحنح، قالت: وعندي عجوز ترقيني من الحُمرة، فأدخلتها تحت السّرير، فدخل، فجلس إلى جنبي، فرأى في عنقي خيطًا، قال: ما هذا الخيط؟ قالت: قلت: خيط أُرقِيَ لي فيه، قالت: فأخذه، فقطعه، ثم قال: إنّ آل عبد الله لأغنياء عن الشّرك؛ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إنّ الرّقى والتّمائم والتِّوَلة شرك".
قالت: فقلت له: لم تقول هذا، وقد كانت عيني تقذف، فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها، وكان إذا رقاها سكنت؟ قال: إنّما ذلك عمل الشّيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقيتِها كفّ عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أذهب الباس ربّ النّاس، اشفِ أنت الشّافي، لا شفاء إلّا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا".

وهذا الإسناد ضعيف؛ لجهالة ابن أخي زينب زوجة عبد الله بن مسعود، وهو مُتابَع.

ورواه مطوّلًا ومختصرًا: أبو داود ( ٣٨٨٣ )، وابن ماجه ( ٣٥٣٠ )، وأبو يعلى ( ٥٢٠٨ )، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في السّنّة ( ٧٩٢ )، والطّبرانيّ في الدّعاء ( ١١٠٦ )، وابن بطّة في الإبانة الكبرى ( ١٠٣٣ )، والبغويّ في شرح السّنّة ( ٣٢٤٠ ) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرّة، بهذا الإسناد.
وعند ابن ماجه وأبي يعلى: ابن أخت زينب.

وقد تابع ابنَ أخي زينب: عبدُ الله بن عتبة بن مسعود:

٣ - رواه الحاكم -وصحّحه ووافقه الذّهبي- ( ٨٢٩٠ ) من طريق موسى بن أعين، عن محمّد بن مسلمة الكوفيّ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن يحيى بن الجزّار، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله أنّها أصابها حُمرة في وجهها، فدخلت عليها عجوز فرقتْها في خيط فعلّقته عليها... الحديث.

ومحمّد بن مسلمة الكوفي هذا لم أجد له ترجمة.
وموس بن أعين يروي عن الأعمش مباشرة، لكنّ روايته هنا بواسطة.

٤ - وروى أبو بكر بن أبي شيبة ( ٢٥٠٠٢ )، والخلّال في السّنّة ( ١٤٨١ )، وابن بطّة في الإبانة ( ١٠٢٩ ) من طريق وكيع بنِ الجرّاح، عن الأعمش، عن إبراهيم النّخعيّ، عن أبي عُبَيدة قال: دخل عبد الله على امرأته، فلمس صدرها، فإذا في عنقها خيط قد علّقته، فقال: ما هذا؟ فقالت: شيئًا رُقِي لي فيه من الحُمَّى، فنزعه وقال: "لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن الشّرك".

واللّفظ للخلّال، وعند ابن أبي شيبة: إنّ آل إبراهيم أغنياء عن الشّرك.

والصّواب: "الحُمرة" بدل "الحمّى"، و"آل عبد الله" بدل "آل إبراهيم" كما في مصادر التّخريج.

وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنّ في سماع أبي عُبَيدة من أبيه ابن مسعود خلافًا، والرّاجح أنّه لم يسمع منه، كان يوم مات أبوه ابن سبع سنين.

٥ - وقال أبو بكر بن أبي شيبة ( ٢٥٠٠٣ ): حدّثنا هُشَيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: رأى ابن مسعود على بعض أهله شيئًا قد تعلّقه، فنزعه منه نزعًا عنيفًا وقال: "إنّ آل ابن مسعود أغنياء عن الشّرك".

وهذا إسناد منقطع؛ إبراهيم النّخعيّ لم يدرك ابن مسعود.

٦ - وروى عبد الرّزّاق ( ٢٠٣٤٣ ) -ومن طريقه الطّبرانيّ في المعجم الكبير ( ٨٨٦١ )- عن معمر، عن عبد الكريم الجزريّ، عن زياد بن أبي مريم أو عن أبي عُبَيدة -شك معمر- قال: رأى ابن مسعود في عنق امرأته خرزًا قد تعلّقته من الحُمرة فقطعه وقال: "إنّ آل عبد الله بن مسعود لأغنياء عن الشّرك".

وهذا إسناد منقطع أيضًا.
غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
Photo
٧ - وروى الطّبراني في الكبير ( ٨٨٦٢ ) من طريق موسى بن داود الضّبّيّ، ثنا أبو إسرائيل الملائيّ، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة أنّ ابن مسعود دخل على بعض أمّهات أولاده فرأى في عنقها تميمة، فلوى السّير حتّى قطعه، وقال: "أفي بيوتي الشّرك؟" ثم قال: "التّمائم والرّقى والتِّوَلة شرك، أو طرف من الشّرك".

وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسرائيل الملائيّ -وهو إسماعيل بن خليفة العبسيّ- ضعيف سيّء الحفظ.

٨ - وقال الطّبرانيّ في الكبير ( ٨٨٦٣ ): حدّثنا عمر بن حفص السّدوسيّ، ثنا عاصم بن عليّ، ثنا المسعوديّ، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن عبد الله أنّه رأى في عنق امرأة من أهله سيرًا فيه تمائم، فمدّه مدًّا شديدًا حتّى قطع السّير وقال: "إنّ آل عبد الله لأغنياء عن الشّرك"، ثم قال: "إنّ التِّولة والتّمائم والرّقى لشرك"، فقالت امرأة: إنّ أحدنا ليشتكي رأسها فيسترقي، فإذا استرقت ظنّ أنّ ذلك قد نفعها، فقال عبد الله: "إنّ الشّيطان يأتي إحداكنّ فيخشّ في رأسها، فإذا استرقت خنس، فإذا لم تسترق نخس، فلو أنّ إحداكنّ تدعو بماء فتنضحه في رأسها ووجهها، ثم تقول: بسم الله الرّحمن الرّحيم، ثم تقرأ: قل هو الله أحد، وقل أعوذ بربّ الفلق، وقل أعوذ بربّ الناس نفعها ذلك إن شاء الله".

في الإسناد المسعودي، وقد اختلط في آخر عمره، وسماع عاصم بن علي منه بعد الاختلاط.
وتقدّم أنّ الرّاجح عدم سماع أبي عبيدة من أبيه.
فالإسناد ضعيف.

وقد تقدّم أنّ الحاكم روى الحديث من طريق إسرائيل بن يونس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السّكن الأسديّ قال: دخل عبد الله بن مسعود.

وهنا نجد أنّ أبا إسرائيل الملائيّ رواه عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة.

ونجد المسعودي قد خالف ميسرة؛ فرواه عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة.

وقد تقدّم حال أبي إسرائيل الملائيّ، وأنّ عاصم بن عليّ روى عن المسّعوديّ بعد الاختلاط.
فالصّواب ما رواه إسرائيل بن يونس السّبيعيّ، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السّكن.

وقد روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود هذه القصّة كما تقدّم في رواية الخلّال وابن بطّة.

٩ - وروى ابن حبّان ( ٦٠٩٠ ) من طريق واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فُضَيل، عن العلاء بن المسيّب، عن فُضَيل بن عمرو، عن يحيى بن الجزّار قال: دخل عبد الله على امرأة وفي عنقها شيء مُعوَّذ، فجذبه فقطعه ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانًا، ثم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إنّ الرّقى والتّمائم والتِّوَلة شرك"، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، هذه الرّقى والتّمائم قد عرفناها، فما التِّوَلة؟ قال: شيء يصنعه النّساء يتحبَّبنَ إلى أزواجهنّ.

وهذا إسناده رجاله ثقات، إلّا أنّ فيه انقطاعًا بين يحيى بي الجزّار وبين عبد الله بن مسعود.
وقد تقدّم أنّ بينهما راويَين؛ وهما زينب امرأة عبد الله، وابن أخيها.

ورواه الطّبرانيّ في الكبير ( ١٠٥٠٣ ) من طريق النّضر بن محمّد، عن العلاء بن المسيّب، به، مقتصرًا على الحديث المرفوع.

الخلاصة:
أنّ القصّة ثبتت من طريق إسرائيل بن يونس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السّكن الأسديّ.
وباقي الطّرق لم تخلُ من كلام، لكنّها في مجموعها تقوّي بعضها بعضًا.

وقد استنكر بعض العلماء استرقاء زينب امرأة ابن مسعود -وهي صحابيّة- من رجل يهوديّ؛ فنقول: إنّ السّند الذي فيه ذكر اليهوديّ لا يصحّ، لجهالة ابن أخيها أو ابن أختها.

والله تعالى أعلم، وعذرًا على الإطالة..
قال أبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في الشُّكرِ ( ٣٠ ): حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ إدريسَ قال: سمعتُ أبا صالحٍ كاتبَ اللَّيثِ يذكرُ عنِ الهِقلِ بنِ زِيادٍ، عن الأوزاعيِّ أنَّه وَعَظَ فقال في موعظتِه: "أيُّها النَّاسُ، تقَوَّوْا بهذه النِّعَمِ التي أصبحتُم فيها على الهربِ من نارِ اللهِ المُوقَدةِ، التي تطَّلِعُ على الأفئدةِ، فإنَّكم في دارٍ؛ الثَّواءُ فيها قليلٌ، وأنتم تُؤجَّلُونَ خلائفَ بعد الذين استَقبَلُوا من الدُّنيا أُنُفَها وزَهرَتَها، فهم كانوا أطولَ منكم أعمارًا، وأمدَّ أجسامًا، وأعظمَ آثارًا؛ فخدُّوا الجِبالَ، وجابوا الصُّخورَ، ونقَّبُوا في البِلادِ مُؤيَّدينَ ببطشٍ شديدٍ، وأجسامٍ كالعِمادِ؛ فما لَبِثَتِ الأيَّامُ واللَّيالي أن طَوَتْ مُدُّتَهم، وعَفَتْ آثارَهُم، وأخْوَتْ منازِلَهُم، وأنسَتْ ذِكراهُم، فما تُحِسُّ منهم من أحدٍ أو تسمعُ لهم رِكزًا، كانوا بلَهوِ الأملِ آمِنِينَ، لبياتِ قومٍ غافِلِينَ، ولصباحِ قومٍ نادِمِينَ.
ثم إنَّكم قد عَلِمتُمُ الذي نزل بساحتِهم بياتًا من عُقوبةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فأصبح كثيرٌ منهم في دِيارِهم جاثِمِينَ، وأصبح الباقونَ ينظرونَ في آثارِ نِقمةِ اللهِ وزوالِ نِعَمِهِ، ومساكنَ خاويةٍ فيها آيةٌ للذين يخافونَ العذابَ الأليمَ، وعِبرةٌ لمن يخشى، وأصبحتُم من بعدِهم في أجلٍ منقوصٍ، ودُنيا مقبوضةٍ، في زمانٍ قد ولَّى عَفوُه، وذهب رجاؤُه، فلم يبقَ منه إلَّا حمأةُ شرٍّ، وصُبابةُ كَدَرٍ، وأهاوِيلُ عِبَرٍ، وعُقوباتُ غُبَّرٍ، وأرسالُ فِتَنٍ، وتتابُعُ زلازلَ، ورُذالةُ خَلَفٍ، بهم ظهر الفسادُ في البرِّ والبحرِ.
فلا تكونوا أشباهًا لمن خَدَعَهُ الأملُ، وغرَّهُ طُولُ الأجلِ، فتبلَّغَ بالأمانيِّ.
نسألُ اللهَ أن يجعلَنا وإيَّاكم ممَّن وعى نَذرَهُ فانتهى، وعَقَلَ سُراهُ فمهَّدَ لنفسِه". اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ من أجلِ أبي صالحٍ، وهو عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ الجُهَنيُّ المِصريُّ، كاتبُ اللَّيثِ بنِ سعدٍ، وهو صدوقٌ كثيرُ الغلطِ.

ومُحمَّدُ بنُ إدريسَ هو أبو حاتمٍ الرَّاريُّ، الإمامُ الجليلُ الحافظُ النَّاقدُ شيخُ المُحدِّثينَ.

والهِقلُ هو ابنُ زِيادٍ السَّكسَكيُّ الدِّمشقيُّ، ثقةٌ ثبتٌ من جلَّةِ أصحابِ الإمامِ الأوزاعيِّ، وكان أعلمَ النَّاسِ بالأوزاعيِّ وبمجلسِه وبفُتياهُ، وكان كاتبًا له.

ورواه ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ٣٥ / ٢٠٨ - ٢٠٩ ) من طريقِ ابنِ أبي الدُّنيا، بهذا الإسنادِ.

ورواه ابنُ الجوزيِّ في التَّبصرةِ ( ١ / ٢١٥ - ٢١٦ ) من طريقٍ آخرَ، عن أبي صالحٍ كاتبِ اللَّيثِ، به.

وذكَرَه ابنُ الجوزيِّ في صِفَةِ الصَّفوةِ ( ٤ / ٢٥٦ - ٢٥٧ )، والذَّهبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ٧ / ١١٧ - ١١٨ )، وابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنِّهايةِ ( ١٣ / ٤٥٢ - ٤٥٤ )، وابنُ القيِّمِ في عُدَّةِ الصَّابرينَ ( ص٢٥٥ - ٢٥٦ ).
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

الأشهر: بكسر الشّين وسكون الرّاء، من الإشراك بالله.
ويروى بفتح الشّين والرّاء، أي: حبائله ومصائده التي يصيد بها النّاس.
وحبائل الشّيطان كثيرة؛ فمنها: حبائل الشّرك، وحبائل البدع، وحبائل كبار الذّنوب، وحبائل صغار الذّنوب، وغيرها.
فحينئذ تكون رواية "وشَرَكه" -بالفتح- أعمّ؛ لأنّ الشَّرَكَ منه الشِّرْكُ.
أنا عند ظنِّ عبدي، فليظُنَّ بي ما شاء!

قال الحافظُ أبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في المُحتضرينَ ( ١٦ ): حدَّثنا أبو خيثمةَ قال: حدَّثنا شَبابةُ بنُ سوَّارٍ، عن هِشامِ بنِ الغازِ قال: حدَّثني حيَّانُ أبو النَّضرِ قال: قال لي واثِلةُ بنُ الأسقعِ: قُدْني إلى يزيدَ بنِ الأسودِ، فإنَّه قد بَلَغَني أنَّه لِما به.
قال: فقُدتُه، فدخل عليه وهو ثقيلٌ وقد وُجِّهَ، وقد ذهب عقلُه.
قال: فنادوه، فقلتُ: إنَّ هذا واثلةُ أخوكَ.
قال: فأبقى اللهُ من عقلِه ما سمع أنَّ واثلةَ قد جاء، قال: فمدَّ يدَه، فجعل يلمسُ بها، فعرفتُ ما يريدُ، فأخذتُ كفَّ واثلةَ فجعلتُها في كفِّه، وإنَّما أراد أن يضعَ يدَه في يدِ واثلةَ ذاك لموضعِ يدِ واثلةَ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجعل يضعُ مرَّةً على صدرِه، ومرَّةً على وجهِه، ومرَّةً على فيه.
فقال واثلةُ: أما تُخبِرُني عن شيءٍ أسألُكَ عنه؟ كيف ظنُّكَ باللهِ؟
قال: أغرَقَتْني ذُنوبٌ، وأشفيتُ على هَلَكةٍ، ولكن أرجو رحمةَ اللهِ.
فكبَّرَ واثلةُ، وكبَّرَ أهلُ البيتِ تكبيرةً، وقال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "يقولُ اللهُ: أنا عندَ ظنِّ عبدي، فلْيَظُنَّ بي ما شاءَ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه كلُّهم ثِقاتٌ.

وواثلةُ بنُ الأسقعِ صحابيٌّ جليلٌ، أسلمَ قبل غزوةِ تبوكَ، وكان من أصحابِ الصُّفَّةِ، شهدَ فُتوحَ الشَّامِ، وسكن الشَّامَ، ومات بها.

وقولُه: "قُدني إلى يزيدَ بنِ الأسودِ": أي خُذني إليه.
ويزيدُ من كبارِ التَّابعينَ وساداتِهم في الشَّامِ، أسلم في حياةِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقولُه: "فإنَّه قد بَلَغَني أنَّه لِما به": أي: من حُضورِه الموتَ.
وقولُه: "وقد وُجِّهَ": أي نحوَ القِبلةِ.
وقولُه: "وأشفيتُ على هَلَكةٍ": أي قاربتُ.

ورواه ابنُ أبي الدُّنيا في حُسنِ الظَّنِّ باللهِ ( ٢ ) بنفسِ الإسنادِ والمتنِ.

ورواه مُطَوَّلًا ومُختَصَرًا: الإمامُ أحمدُ ( ١٦٠١٦ و١٦٠١٧ و١٦٩٧٩ )، وابنُ المُبارَكِ في الزُّهدِ ( ٨٥٥ )، والدُّولابيُّ في الكُنى والأسماءِ ( ١٩٠٦ )، وابنُ حِبَّانَ ( ٦٣٣ و٦٣٤ و٦٣٥ و٦٤١ )، والطَّبرانيُّ في المُعجَمِ الكبيرِ ( ٢٢ / ٨٧ - ٨٨ برقم ٢٠٩ و٢١٠ و٢١١ ) وفي المُعجَمِ الأوسطِ ( ٤٠١ ) وفي مُسنَدِ الشَّامِيِّينَ ( ١٢٣٥ و١٤١٤ و١٥٤٦ )، وتمَّامٌ في فوائدِه ( ٤٨٧ )، والحاكمُ ( ٧٦٠٣ )، والبيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ ( ٩٧٥ ) وفي الأربعينَ الصُّغرى ( ١٢٤ )، وابنُ شاهينَ في التَّرغيبِ ( ٣٦٨ )، وأبو نُعَيمٍ في معرفةِ الصَّحابةِ ( ٦٤٨٦ )، والخطيبُ البغداديُّ في المُتَّفقِ والمُفتَرقِ ( ٥٤٤ و٥٤٥ )، وابنُ عساكرَ في تاريخِ دِمشقَ ( ٦٥ / ١١٤ - ١١٦ ) من طُرُقٍ، عن حيَّانَ أبي النَّضرِ، به.

ورواه الطَّبرانيُّ في الكبيرِ ( ٢٢ / ٨٩ - ٩٠ برقم ٢١٥ ) وفي الأوسطِ ( ٧٩٥١ ) وفي مُسنَدِ الشَّامِيِّينَ ( ٢١٩٣ )، وابنُ عساكرَ ( ٦٥ / ١١٤ ) من طريقِ يُونسَ بنِ ميسرةَ بنِ حلبسَ، عن واثلةَ، بنحوِه.

ورواه البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ ( ٩٧٤ )، وابنُ عساكرَ ( ٦٥ / ١١٤ ) من طريقِ عُتبةَ بنِ أبي حكيمٍ، عن واثلةَ، بنحوِه.

ورواه ابنُ عديٍّ في الكاملِ ( ٩ / ٤٩٩ )، وابنُ عساكرَ ( ٦٥ / ١١٦ - ١١٧ ) من طريقِ معروفٍ الخيَّاطِ، عن واثلةَ، بنحوِه.

وصحَّحهُ ابنُ حِبَّانَ والحاكمُ والذَّهبيُّ والألبانيُّ.

وللحديثِ المرفوعِ شواهدُ:

١ - عن أبي هُرَيرةَ قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يقولُ اللهُ تعالى: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسِه.. الحديثَ.
رواه البُخاريُّ ( ٧٤٠٥ و٧٥٠٥ )، ومُسلِمٌ ( ٢٦٧٥ ).

٢ - عن أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "يقولُ اللهُ: أنا عند ظنِّ عبدي بي،
وأنا معه إذا دعاني
".
رواه أحمدُ ( ١٣١٩٢ و١٣٩٣٩ ) بإسنادٍ صحيحٍ.
🔴 إنا لله وإنا إليه راجعون
إنا لله وإنا إليه راجعون
لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم
حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله وكفى بالله حسيباً
🤲 اللهم عليك باليهود المعتدين ومن أعانهم وأيدهم.
اللهم صب عليهم العذاب صباً، ومزقهم كل ممزق.
🤲 اللهم انصر المجاهدين في فلسطين، وأيدهم وقوهم واحفظهم وسدد رميهم ورأيهم وارزقهم مدداً لا يتوقف، وعجل بنصرهم وتمكينهم.
قال الحافظُ ابنُ حبَّانَ في المجروحينَ ( ١ / ٣٤ ): أخبرنا عبدُ الملكِ بنُ مُحمَّدٍ قال: حدَّثنا أبو زُرعةَ الرَّازيُّ قال: حدَّثنا مُقاتِلُ بنُ مُحمَّدٍ قال: سمعتْ وكيعًا يقولُ: "إنِّي لأرجو أن يرفعَ اللهُ عزَّ وجلَّ لشُعبةَ درجاتٍ في الجنَّةِ بذبِّهِ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهْ عليه وسلَّمَ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه أئِمَّةٌ.

ورواه الهَرَويُّ في ذمِّ الكلامِ ( ٩٨٢ ) من طريقِ ابنِ حبَّانَ، بهذا الإسنادِ.
ورواه الخطيبُ في تاريخِ بغدادَ ( ١٠ / ٣٦٣ ) من طريقٍ آخرَ، عن أبي زُرعةَ، به.
وذكَرَهُ المِزِّيُّ في تهذيبِ الكمالِ ( ١٢ / ٤٩٣ )، والذَّهبيُّ في السِّير ( ٧ / ٢١٩ )، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٣ / ٤٨٦ ).
قال الفَسَويُّ في المعرفةِ والتَّاريخِ ( ٣ / ١٢ ): حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمَّارٍ قال: سمعتُ يحيى بنَ سعيدٍ القطَّانَ يقولُ: "كان سُفيانُ الثَّوريُّ أعلمَ بحديثِ الأعمشِ من الأعمشِ".
قال إمامُ دارِ الهِجرةِ أبو عبدِ اللهِ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ المَدَنيُّ: "لا يُؤخَذُ العِلمُ عن أربعةٍ: سَفيهٍ يُعلِنُ السَّفَهَ، وَإن كان أروى النَّاسِ، وصاحبِ بِدعةٍ يدعو إلى هواهُ، ومَن يكذبُ في حديثِ النَّاسِ، وإن كنتُ لا أَتَّهِمُه في الحديثِ، وصالحٍ عابدٍ فاضلٍ، إذا كان لا يحفظُ ما يُحدِّثُ به".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواه الفَسَويُّ في المعرفةِ والتَّاريخِ ( ١ / ٦٨٤ )، وابنُ أبي حاتمٍ في الجرحِ والتَّعديلِ ( ٢ / ٣٢ )، وابنُ حِبَّانَ في المجروحينَ ( ١ / ٧٧ )، والقاضي الرَّامَهُرمُزيُّ في المُحدِّثِ الفاصلِ ( ص٤٠٣ )، والدِّينوَريُّ في المُجالَسةِ وجواهرِ العلمِ ( ١٨٩١ و٣٠٥٣ )، وابنُ عديٍّ في الكاملِ ( ١ / ٢٤٨ )، والعُقَيليُّ في الضُّعَفاءِ ( ٣٣ )، وابنُ المُقرِئِ في المُعجَمِ ( ١٠٤٨ )، وابنُ عبدِ البرِّ في التَّمهيدِ ( ١ / ٦٨٢ - ٦٨٣ )، والقاضي عِياضٌ في الإلماعِ ( ص٦٠ )، والخطيبُ البغداديُّ في الكِفايةِ ( ٤٧٥ ) وفي الجامعِ لأخلاقِ الرَّاوي ( ١٧١ )، وابنُ نقطةَ في التَّقييدِ ( ٤٣٦ )، والعلائيُّ في بُغيةِ المُلتَمِسِ ( ص٧٧ ).
وإسنادُه صحيحٌ.

وذكَرَهُ ابنُ عبدِ البرِّ في جامعِ بيانِ العِلمِ ( ١٥٤٢ )، والبغويُّ في شرحِ السُّنَّةِ ( ١ / ٣١٨ )، والقاضي عِياضٌ في إكمالِ المُعلِمِ ( ١ / ١٢٦ )، والذَّهبيُّ في السِّير ( ٨ / ٦٧ - ٦٨ )، وابنُ مُفلِحٍ في الآدابِ الشَّرعيَّةِ ( ٢ / ١٤٣ )، والسَّخاويُّ في الجواهرِ والدُّرَرِ ( ١ / ٧٧ ).

وفي بعضِ المصادِرِ اختِلافٌ في ألفاظِ المتنِ، ولفظُ مَتنِنا من السِّيَرِ للإمامِ الذَّهبيِّ . .
سَلِ الواحةَ الخضراءَ والماءَ جارِيا
وهذي الصَّحارى والجِبالَ الرَّواسِيا

سَلِ الرَّوضَ مُزدانًا سلِ الزَّهرَ والنَّدى
سَلِ اللَّيلَ والإصباحَ والطَّيرَ شادِيا

وسَلْ هذه الأنسامَ والأرضَ والسَّما
وسَلْ كلَّ شيءٍ تَسمَعِ الحمدَ سارِيا

فلو جنَّ هذا اللَّيلُ وامتدَّ سرمدًا
فمَن غيرُ ربِّي يُرجِعُ الصُّبحَ ثانِيا

فلو غاض هذا الماءُ في القاعِ هل لكم
سوى اللهِ يُجرِيهِ كما شاء راوِيا

ولو أنَّ هذي الرِّيحَ ثارَتْ وأعفَرَتْ
أفي كَونِكم مَن يُوقفُ الرِّيحَ ناهِيا

ألا أيُّها البحَّاثُ ما بالُ بحْثِكم
توقَّفَ مَشدُوها لدى الكونِ واهِيا

إلهي ضلَّ النَّاسُ في جُنحِ غيِّهم
وليس لهم إلَّاكَ يا ربُّ هادِيا
الشَّمسُ والبدرُ من أنوارِ حِكمتِهِ
والبرُّ والبحرُ فيضٌ من عطاياهُ

فالطَّيرُ سبَّحَهُ والزَّرعُ قدَّسَهُ
والموجُ كبَّرَهُ والحُوتُ ناجاهُ

والنَّملُ تحتَ الصُّخورِ الصُّمِّ مجَّدَهُ
والنَّحلُ يهتفُ حمدًا في خلاياهُ

ربُّ السَّماءِ وربُّ الأرضِ قد خَضَعَتْ
إنسٌ وجِنٌّ وأملاكٌ لعلياهُ

النَّاسُ يَعصُونَهُ جهرًا فيستُرُهُم
والعبدُ ينسى وربِّي ليس ينساهُ
قال الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ: "إنَّ حقًّا على مَن طلبَ العِلمَ أن يكونَ له وقارٌ وسكينةٌ وخشيةٌ، وأن يكونَ مُتَّبِعًا لأثَرِ مَن مضى قبله".

رواه أبو نُعَيمٍ في حِليةِ الأولياءِ ( ٦ / ٣٢٤ )، والبيهقيُّ في المَدخَلِ إلى السُّنَنِ ( ٥١٠ )، والخطيبُ في الجامعِ لأخلاقِ الرَّاوي ( ٢١٢ ).

ورواه أبو نُعَيمٍ ( ٦ / ٣٢٠ )، وذكَرَهُ الذَّهَبيُّ في السِّير ( ٨ / ١٠٧ - ١٠٨ ) بلفظِ: "حقٌّ على مَن طلبَ العِلمَ أن يكونَ له وقارٌ وسكينةٌ وخشيةٌ، والعِلمُ حسنٌ لمن رُزِقَ خيرَه، وهو قَسْمٌ من اللهِ تعالى، فلا تُمكِّنِ النَّاسَ من نفسِكَ، فإنَّ من سعادةِ المرءِ أن يُوفَّقَ للخيرِ، وإنَّ من شِقوةِ المرءِ أن لا يزالَ يُخطِئُ، وذلٌّ وإهانةٌ للعلمِ أن يتكلَّمَ الرجلُ بالعِلمِ عند مَن لا يُطِيعُه".
لن تنالَ المكارِمَ إلَّا بالعِلمِ!

قال الحافظُ أبو بكرٍ الدِّينَوَريُّ المالِكيُّ في المُجالَسةِ وجواهرِ العلمِ ( ٢ / ١٨٦ برقم ٣٠٧ ): حدَّثنا أبو إسماعيلَ التِّرمذيُّ قال: سمعتُ نُعَيمَ بنَ حمَّادٍ يقولُ: سمعتُ ابنَ المُبارَكِ يقولُ: "عجبتُ لمن لم يَطلُبِ العِلمَ كيف تدعوهُ نفسُه إلى مَكرُمةٍ؟!".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ صحيحٌ.
وأبو إسماعيلَ هو مُحمَّدُ بنُ إسماعيلَ التِّرمذيُّ، ثقةٌ إمامٌ؛ قال الذَّهبيُّ: "انبرمَ الحالُ على توثيقِه وإمامتِه".

وذكَرَهُ الذَّهبيُّ في السِّير ( ٨ / ٣٩٨ ) وفي تاريخِه ( ٤ / ٨٨٤ ).
2024/09/28 20:16:53
Back to Top
HTML Embed Code: