Telegram Web Link
لم أتغير على أحد، لكنني أصبحت أوظف مشاعري في مكانها الصحيح، فلا أُقدم لطفًا وكلمات عاطفية الا لأشخاص يُبادلونني ويقدمون لي نفس اللطف والود، لا أُضحي إلا حين أجد الطرف الآخر يمكنه التضحية لأجلي، ولا أُبالغ في وصف مشاعر الإشتياق إلا مع شخص يُعبّر عن اشتياقه، لم أتغير لكنني أصبحت أرى الناس بأفعالهم وتصرفاتهم بعيداً عن نظرتي العاطفية لهم، فبعد أن كنت أغفر وأتجاوز الأخطاء التي أُرتكبت في حقي حفاظاً على مكانة الشخص في قلبي، أصبحت الآن أكثر عقلانية وحفاظاً على نفسي، لم تعد مكانة الناس مؤثرة في قراراتي، لم يعد أحد فوق الإعتبارات، المكانة المميزة للشخص الذي يضعني في مكانة مميزة، والخيار الأول لمن يختارني أولاً، والحب لمن يُقدم الحب، علاقتي بالأشخاص أصبحت مُرتبطة بأفعالهم وتصرفاتهم معي، لم أتغير على أحد لكنني قررت أن أنظر للأشياء بصورتها الحقيقية، الود بالود، واللين باللين، والتضحية لمن يُضحي، والعطاء لمن يُقدم التضحيات، قررت أن أجمع ما تبّقى مني وأختار نفسي في كل مرة .
اسمي غريب، رأسي بلا هوية، صورتي في المرآة بلا ملامح، صوتي الموجوع لا يصل لأحد، يداي وحيدتان، لم تُصافح إحداهما الأخرى، وقدماي اللتان أركض بهما خلف أحلامي تركتهما واقفتين في بداية الطريق .
أتشبّث أحيانًا في طرف الغياب أو أتظاهرُ به، وأنا لستُ بغائبٍ أصلًا، أفعل ذلك، لئلا أعلق في ذلك الحضور الباهت، ويتشابه بعدها حضوري مع غيابي .
‏لم تعد لديّ أسئلة، ‏كل الذي بقيَ لي وعندي ‏أجوبةٌ لا تكادُ تقول شيئاً، ‏وصمتٌ حائرٌ ‏يتسرّب بمرارةٍ ‏في كلّ الجهات .
‏دع القطار يفوتك، ليست كل السكك تحمل وجهتك .
في خضم الضياع الطويل بين ما نريده وما تفرضه علينا الأيام، يُقلّص العمر الهوامش في اختياراتنا فنكتفي من باعة المُبالغات والأوهام والوعود الكاذبة، ونهرب من الراغبين في تبديد سلامنا على أمزجتهم المُتقلبة، ونعاف المشغولين عنّا، والمُترددين الذين لا يعرفون ما يريدون، نزهد في الذين يخافون وطأة الخطوات الأولى، أو الذين يأكل الضجر اهتمامهم بعد حين، لا نرضى بعد اكتمال الوعي إلا بالواعين لمشاعرهم وخطوطنا المُتقاطعة، الذين يُعيننا وجودهم على الإكتمال والتطور ومعرفة الأحلام وتحقيقها، نُقبل أكثر على البُسطاء، الذين لا أجندة مخفية وراءهم، الواضحين في المحبة، المُمعنين في الولاء، لا نشترط أن يكونوا خارقي الذكاء أو مترفي الطموح، لا بأس أن يكونوا عاديين بشرط أن نطمئن في صحبتهم، الأمر مُتناهي في البساطة والإستقامة، أشخاص يُشبهون الوطن في احتوائهم، يروننا الجائزة حتى في أسوأ أيامنا .
‏النُضج عزيز جدًا، لا يُهدِيك ذاته إلا بعد أن يُذِيقك مرارة المواقف، ويُجرّعك من كؤوس التجارب، ويأخذ ضريبته من نفسك، لكنك ستشكر كل ذلك، بعد أن تصل إلى مرحلة تقرأ فيها ملامح الدروب قبل أن تمضي فيها .
‏للألم شخصية واضحة، بينما المسرّات تختفي بعيدًا وتتلاشى كأشكال بمعالم مُبهمة، يصعب تذكر اللذّة والتفاصيل التي ترافقها، بينما ذاكرة الألم حادة، و تفاصيلها تزيد قوة مع الوقت .
‏مُقيّد إلى فرحي القديم، ‏كل بسمة ‏هي ظلال بسمةٍ أُخرى ‏في زمانٍ عابر .
مشاعر .
‏إختار الصمت، ‏إختار أن يحترق ‏بِمفردة.
‏لديّ كل دواعي الكلام، لكنّي ألفت الصمت .
بعد صمتٍ طال و تجاوز عن صغائر الأمور، بعدما دهسنا بقدم الود على فتات العتب، مضت الأيام وها نحن لا نمضي نقف بين جنة ونار، نبحث عن دافع للإستمرار، وقفنا أيامًا عديدة تحت ظل الذكريات لعلنا نعود، لعلنا نفي بتلك الوعود، لعلنا و لعلنا، لكنّ الزمان يمضي والعمر يمضي و الود إما يكبر معنا أو أنه مع الزمانُ يمضي، تلك التلويحة التي أودعناها لم يعقبها ندم، فنحن مثلما نمنح الود نمنح العفو أيضا، و ذلك الثقل الذي كنا نحمل خلاله صخور عتب و جبالٌ من الأمور التي حالت بيننا، نمضي الآن منه خفافًا، نبقى الآن في أرواحنا أغرابًا ليس في المدينة فقط، أدركنا أننا لم نتجاوز صغائر الأمور بل تجاوزنا بعضنا أيضًا، كنتُ أعتقد أن التخطي صعبًا لكنه أبسط مما ظننت، منذ تلك اللحظة لم أعد أخشى التنازل عن الأشياء التي أرغبها، تعلمت أن أرضى بالجفاف عندما تدمر منزل الود من مطر الشعور، الزمان يمضي و العمر يمضي إنما نحن واقفون بين جنة و نار خِفافًا غُرباء، ترمي بنا رياح التبلّد لموانئ بعيدة، لعلنا في نهاية المطاف نحظى بنهاية سعيدة .
‏ثمّة أشياء ليس بوسعك التعامل معها، أشياء تُغير فيك الكثير، تطحنك، تُمرر التعب بين عروق قلبك ولا تستطيع أن تقول لها يكفي، تصمت لأن الكلام ليس الحل، ولأن المواجهة ليست دائمًا قوة، ولأن قلبك المُجهد لن يتحمّل أن تخسر بشكل علني من الأعزاء .
ستطول غُربتك، ستطول إلى حدٍ بعيد، بعيد جدًا ومؤكد، وستكون أنتَ بكل ذواتك الكثيرة، لستَ إلا ذرة غبار راجف لطَّخَ برجفته أحدَ نوافذ الأبد .
أشرس معركة ستخوضها في حياتك، هي أن تُحقق ذاتك كما تريد، في عالمٍ يبذل قصارى جهده ليجعلك كالبقية .
كلما إندفعت خُطاي، لاحَ لي ندمٌ قديم .
ما الذي تتذكره في أوقاتك العصيبة
ويمنحك شيئاً من الأمل ؟
2024/06/26 06:15:33
Back to Top
HTML Embed Code: