Telegram Web Link
الأمر يشبه أن تظنّ بأنّك سماء، ثمّ تكتشف أنّك لونٌ أزرق علىٰ طرفِ لوحة !
أن الكلمات التي اعتقدت أنها تمثل الحقيقة ليست سوى فقاعات براقة، تنتفخ بالهواء ثم تنفجر، تاركة لا شيء خلفها.
ثمّ افترقنا.
و أصبحنا كالليل و النّهار، لا يكتمل حضور أحدنا إلا بغياب الآخر!
‏في أوقاتٍ كثيرةٍ تكتشف أنّك مدينٌ لنفسك أكثر من أيّ شيءٍ آخر. مدينٌ لعثراتك وانكساراتك، مدينٌ للسّهو البريء والخطأ العابر الذي أضاء لكَ الدرب. مدينٌ لليالي الطويلة الشاحبة المليئة بالوِحدة والبكاء. مدينٌ للثقة المفرِطة التي فضحتْ سذاجتك وأوهامك البيضاء. أنتَ مدين لك.
ما زلتُ حياً وأؤمن بأنّي سأجد الطريق يوماً ما ؛ الى ذاتي ، إلى حلمي ، الى ما أريد.
أقف على شرفتنا القديمة أتأمل الأماكن التي تغيرت وكيف أن الأشياء فقدت لونها ورائحتها وقداسة حضورها .. كيف استحال كل شيء إلى صمت عميق وسكينة ..!
‏أنا فارغ تمامًا وليس لدي ما أقدمه من أجل أن تدوم علاقتي بأحد، وبامكانك أخذ هذا الكلام كسبب كافٍ للإبتعاد عني.
ليتك تكونين معي على مدى أربع وعشرين ساعة، تراقبين كل إيماءاتي، تنامين معي، تأكلين معي، تعملين معي، هذه الأمور لا يمكن أنْ تحدث. عندما أكون بعيداً عنك أفكر فيك باستمرار، فذلك يُلوِّن كل ما أقول وأفعل. ليتكِ تعرفين كم أنا مُخلص لك! ليس فقط جسدياً، بل وعقلياً، وأخلاقياً، وروحياً. لا شيء يُغويني هنا، لا شيء على الإطلاق. إنني منيع ضد نيويورك، وضد أصدقائي القُدامى، وضد الماضي، ضد كل شيء. للمرة الأولى في حياتي أنا منغمس تماماً في كائن آخر، فيك. في استطاعتي أنْ أتخلّى عن كل شيء من دون أنْ أخشى الإرهاق أو الضياع. عندما كتبتُ في مقالتي بالأمس "لو أني لم أذهب إلى أوروبا إلى آخره ..." لم أكن أقصد أوروبا، بل أنتِ. لكني لا أستطيع أنْ أجهر بهذا للعالم في مقالة. إنَّ أوروبا هي أنتِ. لقد استوليتِ عليّ، أنا المكسور وأنتِ التي جعلتني كاملاً. ولن أتداعى أبدا – وليس هناك أدنى قدر من الخطر من وقوع هذا. لكني الآن أشدّ حساسية، وأكثر استجابة لأقل خطر. فإذا لاحقتكِ بجنون، وناشدتكِ أنْ تصغي، ووقفتُ خارج بابك وانتظرتكِ، فذلك ليس محاولة لإذلال نفسي. بالنسبة إليّ ليس هناك إذلال في هذا الكفاح للاحتفاظ بك. هذا فقط برهان على أني على وعي تام، ويقظة شديدة، وتوق، بل توق عميق ويأس لأجعلكِ تدركين أنَّ حبي العظيم لك شيء حقيقي وجميل إلى أقصى مدى. في السابق كنتُ أكيل لأي امرأة الصاع صاعين مقابل أي ألم تُسببه لي. لكني الآن أعلم أنَّ الألم هو نتيجة سلوكي أنا. أعلمُ أنه حالما يحدث أمر، أمر خاطئ، فإنَّ الخطأ هو خطأي أنا. إنني لا أشعر بالذنب، بل بمذلة عميقة في مواجهة حبي. إنني لا أشكّ فيكِ، يا أناييس – بأي صورة من الصور. لقد قدّمتِ لي كل البراهين التي يمكن لامرأة أنْ تقدّمها إلى رجل. أنا الذي ينبغي أنْ أتعلّم كيف أقبل هذا الحب وأصونه. لقد ارتكبت الكثير من الأخطاء الفادحة. وسأرتكب المزيد منها، دون شك. لكني لن أتراجع. يبدو أنَّ كل يوم يرفعني إلى مستوى أعلى،
لقد فكَّرت في أنْ أقول لكِ عبر الهاتف، لكني رحت أثرثر – " أناييس، لا أستطيع أنْ أجوب الشوارع وأنا مبتئس. هذا لا يجوز. لدي الكثير من العمل ولا أريد أنْ أُدمّر نفسي، ولا حتى أصغر جزء مني. إنَّ كل ما لديّ نفيس وكنتُ أحاول أنْ أصونه، لأقدّمه هدية إليك .
إنني هنا لا أجوب الشوارع كما كنت أفعل. ليس لدى الشوارع ما تقول لي. هذا أيضاً كان بمثابة إعطاء شيء من نفسي للعالم، بدل جذب العالم إلى داخلي. والآن أفكّر في غرفتي الصغيرة، الغرفة التي وفّرتِها لي، وأشتاق إلى العودة إليها، لكي أُكرّسَها للعمل. يبدو أنَّ العالم كله يبدو ملتحماً بكِ – فلماذا أخرج سعياً وراءه ؟
إنني أشعر وأنا أتحدث مع الناس بشيء غاية في الجمال داخلي. أشعر بالمسافة بيني وبين الآخرين. وأصون تلك المسافة. لا أعلم مَنْ أنا. لم تعد هناك أية شكوك. ولكن عندما تبتعدين عني، حتى ولو قليلاً، يهبط السواد عليّ، أشعر بأني مُحاصَر. ولكي نُحافظ على ما خلقنا بيننا، وداخلنا، علينا أنْ نتحرّك بسرعة وأنْ نتعرََّض للخطر، ونحن في كامل وعينا. لقد وصلنا إلى شيء لم تعرفه إلا القِلّة القليلة من الناس. يجب أنْ نكون صادقَين مع نفسينا، ومع ما نعرف ونشعر. إذا زللتِ، يجب أنْ أرفعكِ. وإذا زللت، يجب أنْ تفعلي الأمر نفسه. وإلا اهتزَّ العالم و ضعنا.
كأنّها أسَرَتْ أكسجين الكون لحظة غيابها.
بل نَظَرا.. ثمَّ توادعا، ثمّ افترقا، ثم نَسيا. أو هكذا كان، ولكنَّه لم يكن في الحقيقة نسيانًا، بل كان عملًا من أعمال القدر الغامضة..
وتسحَّبت حواشي الحياة بينهما، حتَّى رقَّت أيّامُهمَا الأولى ثم جعلت ترِقُّ حتى استحارت أحلامًا من الذكرى المُبهمة ترفُّ على القلب رفيف النسمات؛ لا تُرى بل تُحَسُّ، ولا تُمسك ولكنَّها تلقِي عطرها في القلب وتمضي، نعم لقد نامت تلك العواطفُ النَّاضرةُ الصغيرةُ في مهد النسيان، ولكنَّها كانت تنمو أيضا في جوِّ هذا المهد.
ومشى بينهما الزمن يقيم سدودًا وأسوارًا من السنين وأحداثها.
هذه المرة الأمرُ أكبر من أن يُدرَكَ بالمنطق، وأكبر من أن نستطيع تجاوزه بكلمات الأغاني وفناجين القهوةِ والنّوم باكراً، لا علاقةَ لتجاوزهِ بمدى قوتنا ووعينا وإصرارنا، لا تخبرونا بالحِكَم القَديمة ولا بنصائح جدّاتنا ولا بمحتوى محاضرات التنمية البشرية، هذه المرّة فقط اتركونا نقفُ بذهول ونستوعبُ قليلاً أنّنا هنا وما من خيار، لمرةٍ وحيدة دعونا نقفُ بصمت، بصمتٍ مطبق دونَ أن تقولوا لنا أننا يجبُ أن نتجاوز.
أمي هي القدّيسة الأولى التي لا تنطق عن الهوى في عقل طفلٍ صغير لم يُدرِك المحيط حوله بعد، والجمال الأوّل الذي لا مثيل له، الحب الأول الذي تعلّمت من خلالها كيف أُحبّ الحياة وأحب البشر، الحب الذي غمرتني به والذي لم أجد أحداً يُنافسها في ذلك، أمي الحضن الدافئ الذي كُلّما ابتعدّت عنه أعود ملهوفاً كطفل صغير، هيَ النعيم الذي لا نعيم بعده، الوطن الذي ألجأ إليه وأضيع في الشّتات بعده، عمودي الفقريّ الذي كُلّما مِلت يُقيمني، هيَ كل القيم الجميلة في الحياة من العطاء والخير والبذل، المنزل المريح، المربية الفاضلة، المعلمة الأولى، المرأة الحكيمة التي أستشيرها في جميع أموري، الداعم القويّ لخياراتي، الحظّ الوحيد في حياتي أن خلقني الله ابناً لها، قمرٌ يُنير طريقي، وطريقٌ للوصول للجنة.
أخاف أن لا أكون قد أنصفتها في كلامي، إن كُل الصفات لا تكفي، وما من كلمة في قواميس العالم تُعبر عما أريد قوله!
أعلم أننا لم نعد لبعضنا ولكني إلى هذا اليوم لم أصدق ذلك، طالما شعرتُ معكِ بالتناقض بأنكِ مصيري المحتوم وعجزي الأبدي، لطالما شعرتُ معكِ بالحرب والسلام بالحب والكره، ولكن الشيء الوحيد المتأكد منه أني أُحبك بسوئك وحسنك.
أريد أن تقرأين هذا الكتاب وتحبينه كما أحببته أنا بعدك، فقد كان الشيء الوحيد الذي أشعر بالحياة معه عندما ذهبتي، وأريد أن تعرفي أني آسف على خسارتك، وعلى خسارة نفسي بدونك، وأني اشتقت إليك.
جميلة تشبه تلك الغيمة المحمّلة بالحياة فوق أرض يخنقها القحْط، وعندها تبدأ بنثر حبها غيثًا يملأ كل شيء بهجة، إنها تشبه تلك السعادة تمامًا.
أرجو أن يفهم مَن غادرونا، أننا كنا نعيش من قبلهم، وسنستمر بالعيش من بعدهم.. لا أحد يستطيع أن يأخذ معه جمال الأيّام للأبد، مهما كان ثمينًا، دائمًا هناك لحظة خاطفة يتساوى فيها لديك كل شيء، إنها أشبه بالبوّابة التي تنقلك من مكانٍ إلى آخر، ومن شعور إلى آخر، في لحظةٍ واحدة فقط.
أجمل شعور يمكن أن تشعر به ليس السعادة، بل انتهاء الحزن.. تستيقظ وأنت تشعر بالراحة، قلبك لا يؤلمك، ورأسك خالٍ من التفكير والألم.. تُمارس يومك ببالٍ مرتاح وخِفَّة بعدما أزاح الله حِملك الثقيل عن ظهرك.. أصبحت أخيرًا مستعد للعيش وممارسة السعادة.. نجوت من غرقك.. وأصبحت تتنفس دون مجهود.
ولكنك تعرفين أني أجبن من أن أحاول التخلص منكِ،،،لأني أخشى إن تخلصت منكِ أن لا يبقى مني شيء يا أنا.
وأنا تعذبني التفاصيل، لا أنسى الكلمات التي عذبتني وقت غضب أحدهم، قد لا أنام بسبب نظرة ما أزعجتني، أهتم كثيرًا بطريقة اللقاء والوداع، كذلك نبرة الصوت ونظرات العين، الاحظ اهتمام وشغف الناس حين أتحدث وأسمع تنهيداتهم حين يشعرون بالملل، الردود الباردة لا أنساها، التفاصيل تقودني ناحية الجنون، لا أستطيع وصف وشرح كل هذا لأي شخص، قد يسخر، قد يتهمني بـ المبالغة او المرض او حتى الخبث، لطالما حاولت التعايش دون ان أبالي بمثل هذة أشياء لكنها تطاردني دائمًا في رأسي في صمتي الطويل، لطالما ظنوا إنني راضِ عن هذة اللعنة، لكن لا أحد يفهم إنني أكافح لأتعافى منها، التفاصيل سبب شقائي الأكبر في الحياة.
‏أحتفط بك،
‏لا بصوره على الحائط،
‏أو بمكان كنت فيه معك يومًا،
‏أحتفظ بك في كل زوايا ذاكرتي و هذا ما يجعل صورتك في كل مكان.
Channel photo updated
2024/11/05 19:03:03
Back to Top
HTML Embed Code: