أشكوكِ أم أشكو إليك صبابَتي
أنتِ الدواءُ ومنك كان الداءُ

‏سأظلُّ أمشي في القصائدِ
باحثًا
‏عن جوهري
حتى تجفَّ قوائمي..

بِنَا كُلَّ يَوْمٍ لِلْحَوَادِثِ وَقْعَةٌ
‏تَسِيلُ لَهَا مِنَّا نُفُوسٌ وَأَدْمُعُ
‏فَأَجْسَادُنَا فِي مَطْرَحِ الأَرْضِ هُمَّدٌ
‏وَأَرْوَاحُنَا فِي مَسْرَحِ الْجَوِّ رُتَّعُ

هَات يَدَيك فِإِنِّي تُهْتُ دُونَهُمَا
‏لَا الْأَرْضُ أَرْضِي وَلَا الْخِلَّانُ خِلَّانِي

أضعنا العمرَ نذرعه حِيالكْ
‏قصدنا السِلمَ لم نقصدْ نزالكْ
‏وسوّرنا شغافَ القلب حتّى
‏أتيت به ليفعل ما بدا لكْ
‏فما من قلعةٍ إلاّ تهاوتْ
‏وما من منزلٍ إلاّ تهالكْ
‏وجرّبنا المعاركَ ثمّ عدنا
‏نلفُّ على نزيفِ الجرح شَالكْ

وأنّك يا أقلق المتعَبين
تُرى خاليَ البال حدَّ البطَر
وأنّك تضحكُ للمُبكياتِ
‏وأنّك تصفو برغمِ الكدَر

فلكُلِّ شيءٍ وقتُهُ
‏ولكلِّ ميعادٍ أجَلْ
‏ولعلَّ ربكَ عاجلاً
‏يُدني بشارات الأمَل

أُقاتِلُ كُلَّ جَبّارٍ عَنيدٍ
‏وَيَقتُلني الفِراقُ بِلا قِتالِ

أجيءُ إليكِ
‏أرتِّل بين يديك القصيدةْ
‏أجيئكِ من شاطئ الأمسِ
‏بالذكريات السعيدةْ
‏أخبِّئُ بين ظفائرك
‏اليومَ
‏والغدَ
‏والحلمَ
‏والأغنياتْ

وتعلمُ أنكَ جئتَ الحياة
‏كثير التحدّي قليل الحذر
‏وأنّك والدهرُ حربٌ عليك
‏جررتَ علىٰ النفسِ ما لا يُجَر

وإخوَانٍ حسِبتهُمُ دُرُوعاً
‏فكانوها ولكنْ للأَعَادِي
وخلتُهُمُ سِهاماً صائِباتٍ
‏فكانوها ولكنْ في فُؤادِي
وقالوا قد صَفَتْ منَّا قُلوبٌ
‏لقدْ صَدَقوا ولكنْ من ودَادِي
وقالوا قدْ سَعينَا كلّ سَعْيٍ
‏لقدْ صَدَقوا ولكنْ في فَسادِي

أيغلبُكِ الشوقُ أم تغلبينه؟
‏ويعثو بكِ الليلُ إذ تسهرينه؟
‏تقولينَ أنّكِ في خيرِ حالٍ
‏ولكنّ روحكِ تبدو حزينه!
‏أما زلتِ من بعدِ عامٍ ونصفٍ
‏تسحّين دمعكِ إذ تذكرينه؟
‏وما زلتِ رغمَ الجراحِ العميقةِ
‏رغم الجفا والأذى تعشقينه

الحُبُّ لَيسَ رِوايةً شَرقيةً
‏بخِتامِها يَتزوجُ الأَبطالْ
‏لكِنهُ الإبحارُ دونَ سَفينةٍ
‏وشُعورنا أن الوصولَ مُحالُ

لِماذا أُحبُّكِ رغم اعتِرافي
‏بأنَّ هَوانا محالٌ .. مُحالْ ؟
‏ورغم اعتِرافي بأنَّك وَهمٌ
‏وأنك صُبحٌ سريعُ الزَّوالْ
‏ورغمَ اعترافي بأنك طيفٌ
‏وأنك في العِشقِ بعضُ الخَيالْ
‏ورغم اعترافي بأنك حلمٌ
‏أُطاردُ فيه وليس يُطالْ

وإنّي لأهوى الحشرَ إذ قيلَ إنّني
وعفراءَ يوْمَ الحَشْرِ مُلْتَقِيَانِ

أسكرَني الإثمُ ولكنّني
صحوَت بالآمال في رحمتك
لم أشرب الخمَر ابتغاء الطرَب
ولا دعتني قلّةٌ في الأدب
لكنَّ إحساسي نزّاعاً إلى
إطلاق نفسي كانَ كلّ السبب
أفنيتُ عمري في اكتناهِ القضاء
وكشفُ ما يحجبهُ في الخفاء
فلم أجد أسرارهُ وانقضى
عمري وأحسستُ دبيب الفناء

أنتِ لستِ امرأةً عاديةً
‏إنّكِ الدهشَةُ
‏والتخمينُ
‏والآتي الذي لا يُنتظَرْ