‏وملاعبَ الأنسِ الرضيعِ هَجرْتُهَا
‏وهجرتُ فيهَا مَضجعِي ووِسَادي
‏عجباً .. أَتَذْبُلُ في الربيعِ خَمائِلي
‏ويضيعُ في ليلِ الشتاءِ جِهَادي ؟

‏أمَا اِنتَهَت مِن سِنِينٍ قِصَتي مَعَهُ؟
‏ألَم تَمُت كَخُيوطِ الشَمسِ ذِكرَاهُ؟
‏أمَا كَسرنَا كُؤوسَ الحُبِ مِن زَمَنٍ
‏فَكَيفَ نَبكي عَلى كَأسٍ كَسَرناهُ ؟

وَمَنْ كَانَ سِرُّه فِي جِفْنهِ كَيْفَ يَكْتُمُ ؟

‏قل إذا ما ضِقت ذرعًا
‏يامعين العبد عونك!
‏لاتطل في الناس دمعًا،
‏أسمع الرحمن دمعك

أما الفؤادُ ففيكَ يَحيَا دائماً
‏واللهِ ما كَذَبَ الشعورُ ولا افتَرَى

قُل لي أحبكَ قد مللتُكَ صامتاً
‏كادَ الفؤادُ بحبلِ صمتكَ يشنقُ
‏فأجبتها : صمتي يفسّر.. حيرتي
‏والحب يا حَسناءُ لا يُستنطَقُ

الكون عيناكِ لا شمسٌ ولا قمرُ
‏والروض خدّاكِ لا غصنٌ ولا ثمرُ
‏وأنتِ في دوحةِ الأحلامِ أُغنيةٌ
‏يشدو بها الحب, لا نايٌ ولا وترُ

وما بين حُبٍّ وحُبٍّ.. أُحبُّكِ أنتِ
‏وما بين واحدةٍ ودَّعَتْني
‏وواحدةٍ سوف تأتي
‏أُفتِّشُ عنكِ هنا.. وهناكْ

‏إنَّ الجِرَاحَ إذَا خبَّأتَها شُفِيَت
‏فاكتُم جِراحَكَ، لا تُخبِر بِهَا أحَدَا
‏كَمْ مِن كليمٍ شَكا للنَّاسِ لوْعَتَهُ
‏فزادَهُ النَّاسُ وَجْدًا فَوقَ مَا وَجَدَا!

‏من أيْنَ يَا ريحَ الصَّبَا هَذا الشَّذَا ؟
إنْ كانَ مِن حيِّ الحَبِيبِ فَحَبَّذَا

‏دمعي ثمينٌ ولا هَجرٌ سيُرخِصُهُ
مهما أُحِبُّ فلا أبكي على أحَدِ

‏أنا المخذولُ من إحسانِ ظنّي
‏ومَنْ بيني وبين الهمِّ حاذى
‏أنا المبليُّ أجْوِبَتي تَلاشَتْ
‏وصارت كلُّ أسئلتي لماذا

سرُّ القلوب تُذيعهُ الأجفانُ
‏هيهاتَ ينفع مُغرَماً كِتمَانُ
‏طَرفُ المحبِّ فَمٌ يُذاعُ به الجَوى
‏والدَّمعُ إن صَمَتَ اللِّسَنَ لسانُ

وَهَل نافِعي أَنَّ البِلادَ كَثيرَةٌ
أَطوفُ بِها وَالقَلبُ بِالشامِ مُرتَهَن
وَما كُنتُ بِالراضي بِصَنعاءَ مَنزِلاً
وَلَو نلتُ مِن غُمدانَ ملكَ ابنِ ذي يَزَن

تغيب عن العيونِ وأنتَ فيها
‏بمنزلةِ السوادِ من البياض

‏ولو أنّني أستغفِر الله كلما
‏ذكرتُك ، لم تُكتب عليَّ ذنوبُ !

‏لولا النساءُ لَمَا تَرَنَّمَ شاعرٌ
‏و لَمَا تَعَلَّقَ بالهَوَى الغَلّابِ
‏أما الرجالُ فَقَسْوَةٌ و صَلافةٌ
‏شتّانَ بين الزّهْرِ و الأخشابِ

‏لا تحسبوا البعد يُنسينا غوالينا
إنَّ الأحبةَ سُكناهم مآقينا
إنْ غربتهمْ يدُ الأقدارِ في غَلسٍ
فإنَّ شمسَهُمُ يوما ستأتينا

‏لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
‏ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
‏ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ
‏ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ