Forwarded from قناة تسنيم راجح
كنت أحضر الكعك المملح مع أبنائي اليوم، ساعاتٌ ممتعة أقضيها في المطبخ في الصيف حين تنمو الأعشاب العطرية التي أنكِّه هذه المخبوزات بها..
في مراحل بين تحضير العجين وقطف ورق الزعتر الذي يعطّره، ومن ثم تبريد العجين ومده وتقطيعه وتشكيله وخبزه.. كانت عملية فوضوية (مع وجود ثلاث أطفال يقفزون ويريدون المساعدة في كل شيء) لكنها مريحة تماماً في ذات الوقت..
كنت أشعر بجمالياتٍ خاصة لتفاصيل الأنوثة ورقّتها ولرزق الأمومة وحنانها في تلك اللحظات، كنت أجد في نفسي حباً عظيماً لأولئكِ الصغار مع كل أخطائهم وخلافاتهم ورغبة في الحديث معهم وجعل هذا الوقت مميزاً لنا معاً، كنت أجد متعةً بوضع الجهد البدنيّ في مد العجين ليصير رقيقاً ما أمكن ثم تقطيعه وتهيئته ليدخل الفرن، كنت أجد سروراً بمنتجنا البسيط معاً ودفئاً وراحة وسكينة وأنساً بهم وبحماسهم بما يعملون..
أمورٌ كثيرةٌ صغيرةٌ عظيمةٌ كنت أشعر بنعم الله فيها هناك، منها ما يصعب وصفه لشدة بساطته وطبيعيته، ومنها ما ينبغي عيش اللحظة والدور ليصل لمن يقرأ دفئه وحنانه..
ثم في غمرة ذلك كله تذكرت الحرب التي تتم على الفطرة من قِبَل الشياطين الذين يريدون إنكار الأنوثة والرجولة واعتبارهما سواءً أو شيئاً ناتجا عن المجتمع والتربية، الذين يدّعون أن الأمومة شيءٌ يمكن للرجل ملء فراغه وأن صفات الأنثى يمكن أن تستبدل بصفات الرجل وأنه لا يوجد فوارق بين الجنسين مطلقاً! وتذكرت الحرب التي تشنها النسويات في تبخيس الأمومة وحقيقة الأنوثة والأدوار الفطرية للمرأة والرجل في الأسرة السوية! وتذكرت كلام إحداهن عن أن المرأة في بيتها مستغَلَّة لأنها تقوم بعملها دون مقابل مالي كذاك الذي للموظف!
وتذكرت عباراتٍ ونداءاتٍ مريضة كثيرة أخرى..
وتأمّلت خلال تلك اللحظات الحقيقية الصادقة..
كم تبدو تلك الكلمات والشعارات والحركات سخيفة ومنفصلة عن الواقع وأنا هنا في الجانب الآخر.. في الواقع البسيط وبين أطفالي وفي طمأنينة داري، في وسط هذه السكينة وهذا الأنس وهذا الشعور بتحقيق الذات فعلاً في عمليةٍ تربوية ونفسيّة (ولو كنت سأستعير ألفاظ الغربيين لقلت أنها علاجية!) وأنا أبني ارتباط أطفالي ببيتهم وببعضهم وأصنع ذكرياتهم وأدرس نفسياتهم وأنمّي في نفسي الصبر وطول النّفَس وفي نفوسهم الإتقان والعمل وسط الفريق وفهم خصائص المواد وأثر الحرارة والبرودة عليها وأزيد مرونتهم وأُشعرهم بالنجاح حين يرون ناتج عملهم، وحين من بعدها يتذوقون طعم ما صنعوا فأرى في عيونهم البهجة وجمال الإنجاز...
هل يظن أولئك المخدوعون فعلاً أن دور الأم وطبيعته هو شيءٌ يستطيع الرجل ملؤه؟
إلى أي حدّ يكذبون على نفوسهم حين ينكرون رقة الأنوثة المعاكسة للذكورة ودورها الخاص العظيم؟ إلى أي حدّ يخدعون أنفسهم وينكرون حواسهم وعقلهم حين يقولون أننا رجالاً ونساءً متساوون في كل شيء؟!
ثمّ هل يعتقدون فعلاً أن المرأة تشعر بالتعاسة أو الانتقاص في أدوارها؟
كيف يشبّهون الواحدة منا وهي مدركة لمركزية دورها (بفضل الله) في الحياة اليومية لبشرٍ يكبرون حولها بكلماتها ونظراتها وصبرها وحنوّها ويعتمدون عليها، وتؤدي مسؤولياتٍ عظيمةً نحوهم.. كيف يشبهون هذا بعمل موظفٍ عند مديرٍ بالكاد يعرفه أو يكترث بخصوصياته ويمكن لأي فردٍ يملك ذات المؤهلات المهنية أن يستبدله في مكانه؟
هل فعلاً يظنون أننا (معشر الأمهات المسلمات الفاهمات لأدوارنا) نفعل الذي نفعله كأمهات وزوجات وربات بيوت دون مقابل دنيوي وأخروي نعلمه ونشعر به؟!
ألا يدركون سعادتنا هناك التي تفوق سعادة أطفالنا بنا؟ ألا يدركون أن هناك ما هو فطري وغريزي وطبيعيٌّ جداً في رغبة الأنثى بالأمومة وبالحنوّ على أطفالها وفي تقديم العناية لهم، وفي المقابل النفسي والمعنوي والدنيوي أيضاً الذي تلقاه منهم ومن زوجها أثناء ذلك وبعده؟ حين يُقبلون عليها بحضنٍ دافئ، حين يعبرون عن حبهم لها، حين يقلدونها في حركاتٍ اجتهدت لترضي الله بها أمامهم، حين يصفونها بما تحمد الله عليه، وحين يحيطونها بالأمان وهم يكبرون أمامها ويقدّرونها ويبرونها، وحين تبني خلال ذلك وبالتوازن معه علاقتها الطيبة طويلة الأمد بزوجها، وتعمل لخير نفسها وأمتها في دنياها وآخرتها..
تأملي أختي في لحظاتك اليومية وفي أثرك وقدراتك الكثيرة وفي نجاحاتك اليومية التي تعلمينها.. احمدي الله على نعمه العظيمة عليكِ في أنوثتكِ فيها سواء كنتِ أختاً أو ابنةً أو زوجةً أو أماً..
كم يبدو خطاب أولئك المضلّين سخيفاً فعلاً في تلك المواقف، هم لا يفهمون من الحياة إلا مناكفة الحقوق والأخذ للنفس والوصول للمساواة المريضة وسؤال “ماذا عني؟” ولماذا أفعل ولا يفعل؟” و"كيف أستقلّ عنه؟" .. فيفقدون جمال هذه اللحظات البسيطة ولا يتمكنون من تذوق هذه اللذات والنعم اليومية..
وكم أشفق على من أنكرت فطرتها وعاشت مضحوكاً عليها بأنها “تناضل” في سبيل حقوق وشعارات وهمية! كم أشفق عليها فعلاً…
في مراحل بين تحضير العجين وقطف ورق الزعتر الذي يعطّره، ومن ثم تبريد العجين ومده وتقطيعه وتشكيله وخبزه.. كانت عملية فوضوية (مع وجود ثلاث أطفال يقفزون ويريدون المساعدة في كل شيء) لكنها مريحة تماماً في ذات الوقت..
كنت أشعر بجمالياتٍ خاصة لتفاصيل الأنوثة ورقّتها ولرزق الأمومة وحنانها في تلك اللحظات، كنت أجد في نفسي حباً عظيماً لأولئكِ الصغار مع كل أخطائهم وخلافاتهم ورغبة في الحديث معهم وجعل هذا الوقت مميزاً لنا معاً، كنت أجد متعةً بوضع الجهد البدنيّ في مد العجين ليصير رقيقاً ما أمكن ثم تقطيعه وتهيئته ليدخل الفرن، كنت أجد سروراً بمنتجنا البسيط معاً ودفئاً وراحة وسكينة وأنساً بهم وبحماسهم بما يعملون..
أمورٌ كثيرةٌ صغيرةٌ عظيمةٌ كنت أشعر بنعم الله فيها هناك، منها ما يصعب وصفه لشدة بساطته وطبيعيته، ومنها ما ينبغي عيش اللحظة والدور ليصل لمن يقرأ دفئه وحنانه..
ثم في غمرة ذلك كله تذكرت الحرب التي تتم على الفطرة من قِبَل الشياطين الذين يريدون إنكار الأنوثة والرجولة واعتبارهما سواءً أو شيئاً ناتجا عن المجتمع والتربية، الذين يدّعون أن الأمومة شيءٌ يمكن للرجل ملء فراغه وأن صفات الأنثى يمكن أن تستبدل بصفات الرجل وأنه لا يوجد فوارق بين الجنسين مطلقاً! وتذكرت الحرب التي تشنها النسويات في تبخيس الأمومة وحقيقة الأنوثة والأدوار الفطرية للمرأة والرجل في الأسرة السوية! وتذكرت كلام إحداهن عن أن المرأة في بيتها مستغَلَّة لأنها تقوم بعملها دون مقابل مالي كذاك الذي للموظف!
وتذكرت عباراتٍ ونداءاتٍ مريضة كثيرة أخرى..
وتأمّلت خلال تلك اللحظات الحقيقية الصادقة..
كم تبدو تلك الكلمات والشعارات والحركات سخيفة ومنفصلة عن الواقع وأنا هنا في الجانب الآخر.. في الواقع البسيط وبين أطفالي وفي طمأنينة داري، في وسط هذه السكينة وهذا الأنس وهذا الشعور بتحقيق الذات فعلاً في عمليةٍ تربوية ونفسيّة (ولو كنت سأستعير ألفاظ الغربيين لقلت أنها علاجية!) وأنا أبني ارتباط أطفالي ببيتهم وببعضهم وأصنع ذكرياتهم وأدرس نفسياتهم وأنمّي في نفسي الصبر وطول النّفَس وفي نفوسهم الإتقان والعمل وسط الفريق وفهم خصائص المواد وأثر الحرارة والبرودة عليها وأزيد مرونتهم وأُشعرهم بالنجاح حين يرون ناتج عملهم، وحين من بعدها يتذوقون طعم ما صنعوا فأرى في عيونهم البهجة وجمال الإنجاز...
هل يظن أولئك المخدوعون فعلاً أن دور الأم وطبيعته هو شيءٌ يستطيع الرجل ملؤه؟
إلى أي حدّ يكذبون على نفوسهم حين ينكرون رقة الأنوثة المعاكسة للذكورة ودورها الخاص العظيم؟ إلى أي حدّ يخدعون أنفسهم وينكرون حواسهم وعقلهم حين يقولون أننا رجالاً ونساءً متساوون في كل شيء؟!
ثمّ هل يعتقدون فعلاً أن المرأة تشعر بالتعاسة أو الانتقاص في أدوارها؟
كيف يشبّهون الواحدة منا وهي مدركة لمركزية دورها (بفضل الله) في الحياة اليومية لبشرٍ يكبرون حولها بكلماتها ونظراتها وصبرها وحنوّها ويعتمدون عليها، وتؤدي مسؤولياتٍ عظيمةً نحوهم.. كيف يشبهون هذا بعمل موظفٍ عند مديرٍ بالكاد يعرفه أو يكترث بخصوصياته ويمكن لأي فردٍ يملك ذات المؤهلات المهنية أن يستبدله في مكانه؟
هل فعلاً يظنون أننا (معشر الأمهات المسلمات الفاهمات لأدوارنا) نفعل الذي نفعله كأمهات وزوجات وربات بيوت دون مقابل دنيوي وأخروي نعلمه ونشعر به؟!
ألا يدركون سعادتنا هناك التي تفوق سعادة أطفالنا بنا؟ ألا يدركون أن هناك ما هو فطري وغريزي وطبيعيٌّ جداً في رغبة الأنثى بالأمومة وبالحنوّ على أطفالها وفي تقديم العناية لهم، وفي المقابل النفسي والمعنوي والدنيوي أيضاً الذي تلقاه منهم ومن زوجها أثناء ذلك وبعده؟ حين يُقبلون عليها بحضنٍ دافئ، حين يعبرون عن حبهم لها، حين يقلدونها في حركاتٍ اجتهدت لترضي الله بها أمامهم، حين يصفونها بما تحمد الله عليه، وحين يحيطونها بالأمان وهم يكبرون أمامها ويقدّرونها ويبرونها، وحين تبني خلال ذلك وبالتوازن معه علاقتها الطيبة طويلة الأمد بزوجها، وتعمل لخير نفسها وأمتها في دنياها وآخرتها..
تأملي أختي في لحظاتك اليومية وفي أثرك وقدراتك الكثيرة وفي نجاحاتك اليومية التي تعلمينها.. احمدي الله على نعمه العظيمة عليكِ في أنوثتكِ فيها سواء كنتِ أختاً أو ابنةً أو زوجةً أو أماً..
كم يبدو خطاب أولئك المضلّين سخيفاً فعلاً في تلك المواقف، هم لا يفهمون من الحياة إلا مناكفة الحقوق والأخذ للنفس والوصول للمساواة المريضة وسؤال “ماذا عني؟” ولماذا أفعل ولا يفعل؟” و"كيف أستقلّ عنه؟" .. فيفقدون جمال هذه اللحظات البسيطة ولا يتمكنون من تذوق هذه اللذات والنعم اليومية..
وكم أشفق على من أنكرت فطرتها وعاشت مضحوكاً عليها بأنها “تناضل” في سبيل حقوق وشعارات وهمية! كم أشفق عليها فعلاً…
للمنهج الباطل سمات تغني معرفتها عن معرفة كثير من التفاصيل، ومن أهم ذلك غياب المنهجية والرؤية التي تهدف إلى تقرير الحق
فإذا رأيت الشخص يشتغل في إثارة الإشكالات دون بناء رؤية شرعية صحيحة، اتضح لك فساد طرحه إجمالا، لأن الحق بناء لا مجرد هدم، ومنهج لا فوضى، فالحق يرتبط بغايات حميدة، والفوضى لا توصل إلى غاية حميدة
سئلت قريبا عن حساب ينشر إشكالات حول بعض الفتاوى والآراء الفقهية، ثم تبين لي بعد تصفحه أنه لا يملك رؤية شرعية ولا يهدف إلى دعوة من يتابعه إلى غاية حميدة، فهدفه التشكيك لأجل التشكيك
لذا تجد المحتوى عبارة عن شبه متناثرة لا يجمعها خيط ناظم إلا الهدم العام، وكأن الهدف هدم كل بناء شيده علماء المسلمين، ثم ترك المتابع بلا رؤية ولا منهج، بل إذا نظرت إلى مقاصد الدين الكبرى، لم تجد أيا منها حاضرا في الطرح، فأي وعي شرعي يمكن بناؤه والحالة هذه؟ مثل هؤلاء لا ينتظر منهم ذلك ولا ينخدع بهم عاقل يتأمل العواقب وبواطن الأمور
وحري بالمسلم أمام هذا النوع من المضلين أن يحفظ وقته عن تتبع ما يطرحون ومحاولة الرد التفصيلي عليه، فما بني على باطل فهو باطل، والعمر قصير وطرق الوعي والخير معروفة، وإثارة المغالطات والمبالغات والخلط أمر سهل على من لم يتصف بالتقوى، والباطل لا يحتاج لبناء محكم فيسهل التقيؤ به، فلم تقترب من تفاصيل القذارات وأنت تجد روائحها من بعد؟!
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
#دحض_الأباطيل
فإذا رأيت الشخص يشتغل في إثارة الإشكالات دون بناء رؤية شرعية صحيحة، اتضح لك فساد طرحه إجمالا، لأن الحق بناء لا مجرد هدم، ومنهج لا فوضى، فالحق يرتبط بغايات حميدة، والفوضى لا توصل إلى غاية حميدة
سئلت قريبا عن حساب ينشر إشكالات حول بعض الفتاوى والآراء الفقهية، ثم تبين لي بعد تصفحه أنه لا يملك رؤية شرعية ولا يهدف إلى دعوة من يتابعه إلى غاية حميدة، فهدفه التشكيك لأجل التشكيك
لذا تجد المحتوى عبارة عن شبه متناثرة لا يجمعها خيط ناظم إلا الهدم العام، وكأن الهدف هدم كل بناء شيده علماء المسلمين، ثم ترك المتابع بلا رؤية ولا منهج، بل إذا نظرت إلى مقاصد الدين الكبرى، لم تجد أيا منها حاضرا في الطرح، فأي وعي شرعي يمكن بناؤه والحالة هذه؟ مثل هؤلاء لا ينتظر منهم ذلك ولا ينخدع بهم عاقل يتأمل العواقب وبواطن الأمور
وحري بالمسلم أمام هذا النوع من المضلين أن يحفظ وقته عن تتبع ما يطرحون ومحاولة الرد التفصيلي عليه، فما بني على باطل فهو باطل، والعمر قصير وطرق الوعي والخير معروفة، وإثارة المغالطات والمبالغات والخلط أمر سهل على من لم يتصف بالتقوى، والباطل لا يحتاج لبناء محكم فيسهل التقيؤ به، فلم تقترب من تفاصيل القذارات وأنت تجد روائحها من بعد؟!
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
#دحض_الأباطيل
أسأل الله العظيم الكريم ان يعتق رقابنا ورقابكم ويتولانا وإياكم ويصلح أحوالنا وأحوالكم
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وأعاده علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الوفاء من أجمل الأخلاق، وله صلة بالعيد
أحد المشايخ كان مريضا جدا آخر حياته، وقد زرته ببيته مرتين فقط، وليس بيني وبينه سابق معرفة تدعوه ليصلني، لكنه قدر لي زيارتي له وظل يتواصل معي في الأعياد بقية حياته إلى أن توفي رحمه الله
اليوم جائتني رسالة من أبنائه للتهنئة بالعيد، فتذكرت والدهم ولم أستغرب صنيعهم فقد ورثوا هذا الخلق من أبيهم
رحم الله مشايخنا وجزاهم عن أمتهم خير الجزاء
أحد المشايخ كان مريضا جدا آخر حياته، وقد زرته ببيته مرتين فقط، وليس بيني وبينه سابق معرفة تدعوه ليصلني، لكنه قدر لي زيارتي له وظل يتواصل معي في الأعياد بقية حياته إلى أن توفي رحمه الله
اليوم جائتني رسالة من أبنائه للتهنئة بالعيد، فتذكرت والدهم ولم أستغرب صنيعهم فقد ورثوا هذا الخلق من أبيهم
رحم الله مشايخنا وجزاهم عن أمتهم خير الجزاء
جاء في الحديث عن أيام منى : (أيام أكل وشرب وذكر الله)
قال ابن رجب في لطائف المعارف: " في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل" إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له "
ومن اللطيف ملاحظة أن للسان وظيفة في تحريك الطعام وترتيبه بين الأسنان، وهو يفعل ذلك بصورة عجيبة قد لا ننتبه لها لتلقائيتها، ولو كان يتطلب منا تفكيرا عميقا لشق علينا ذلك
ولما كانت هذه الوظيفة من أجل النعم، كان من المناسب أن تقترن بالشكر باللسان بالذكر بأنواعه، فالمناسبة بين هذا وهذا ظاهرة حسنة
والحمد لله على نعمه وإحسانه
#رسائل_العيد
#رسائل_الشكر
#رسائل_النعم
#رسائل_العبودية
قال ابن رجب في لطائف المعارف: " في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل" إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له "
ومن اللطيف ملاحظة أن للسان وظيفة في تحريك الطعام وترتيبه بين الأسنان، وهو يفعل ذلك بصورة عجيبة قد لا ننتبه لها لتلقائيتها، ولو كان يتطلب منا تفكيرا عميقا لشق علينا ذلك
ولما كانت هذه الوظيفة من أجل النعم، كان من المناسب أن تقترن بالشكر باللسان بالذكر بأنواعه، فالمناسبة بين هذا وهذا ظاهرة حسنة
والحمد لله على نعمه وإحسانه
#رسائل_العيد
#رسائل_الشكر
#رسائل_النعم
#رسائل_العبودية
من الطرائف التي قرأتها اليوم قول بعض الفرنسيين أن على الأولياء تحمل مسؤولياتهم لأن نسبة كبيرة ممن يشاركون في الاضطرابات مراهقين!
هو أنتم خليتم للأسرة قيمة أو سلطة حتى تطالبوها بضبط المراهقين!!!
هو أنتم خليتم للأسرة قيمة أو سلطة حتى تطالبوها بضبط المراهقين!!!
كثرة الكتب تشعر الناظر فيها بقصر العمر، فهو قطعا لا يتسع لقراءة ما اقتنى منها فضلا عن الذي لم يقتني، وما أحوج العبد للتوفيق إلى استغلال الوقت في الأنفع
أما الأوقات التي تذهب هدرا في عمر الإنسان لا يتعلم ولا يعلم غيره ولا يعمل بعلمه، فيا حسرتاه عليها، وما أحوج العبد إلى أن يشعر بقيمتها ويوفق لحفظها
حقا لقد استحكمت غفلة فوق غفلة على كثير منا إلا من بصره الله ومنّ عليه بتوفيقه، فإذا كان صرف العمر في نافع غيره أنفع منه خلاف الأولى، فكيف بضياع العمر في غير نفع..
عمر محدود وعاقبة مجهولة ويوم أمامنا من أسمائه يوم التغابن.. فاللهم توفيقك وعنايتك ورحمتك
أما الأوقات التي تذهب هدرا في عمر الإنسان لا يتعلم ولا يعلم غيره ولا يعمل بعلمه، فيا حسرتاه عليها، وما أحوج العبد إلى أن يشعر بقيمتها ويوفق لحفظها
حقا لقد استحكمت غفلة فوق غفلة على كثير منا إلا من بصره الله ومنّ عليه بتوفيقه، فإذا كان صرف العمر في نافع غيره أنفع منه خلاف الأولى، فكيف بضياع العمر في غير نفع..
عمر محدود وعاقبة مجهولة ويوم أمامنا من أسمائه يوم التغابن.. فاللهم توفيقك وعنايتك ورحمتك
الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ومصطفاه
كلمات في الثبات 1/2
يتعرض المسلم وهو يحاول التمسك بدينه في زماننا لفتن وتحديات، فيلاحظ مثلا التفنن المعاصر في تسويق المعاصي وبهرجتها وربط مصطلحات السعادة وعيش الحياة بها بصورة ممنهجة مكثفة، ويلاحظ التظاهر بالسعادة ممن يتوسعون في مظاهر الاستمتاع الدنيوي أو يبالغون في التعبير عن ذلك وتوثيقه في المقاطع
ويلاحظ من جهة أخرى التشويه الممنهج للتمسك بالدين وربطه بالتخلف عن التطور والحرمان من " الحياة الطبيعية " و "السعادة"، أو تصويره بأنه ظاهرة منتهية الصلاحية تجاوزها الزمن، وكل من يدخل فيها سينتكس وينطفئ حماسه أو يصاب بأمراض نفسية.. آلخ الأسطوانة
ثم يأتي الشيطان مع ذلك ليساعد من الداخل شياطين الخارج، فيوسوس للإنسان المتدين بانسداد الأفق وسوداودية الحياة وباليأس من ثباته وإصلاح نفسه، وإذا وقع في شيء من الذنوب وسوس بأنه دليل نفاق وعدم صدق أو استحالة ثبات، إلى أن يدخله في حالة صراع وضيق، وربما وسوس له بالشبهات التي يستحل بها بعض المحرمات ليريح ضميره، ليأخذه في طريق الانحراف الفكري المظلم
وبعد تصوير هذا الحال الذي استوحيته من سؤال فتاة عن توجيه للخلاص أقول :
يجب أن ندرك أن تركيز التفكير على الدنيا وأحوال الناس فيها يضعف عزمنا على الثبات
إننا معاشر المسلمين في رحلة مؤقتة للابتلاء، غايتها أن نعبد الله تعالى ونطيعه، ونحن نفعل ذلك لأنه سبحانه يستحق العبادة وحده، فهو الخالق المتصف بالكمال وهو المنعم، وهو الذي يملكنا، وبيده سعادتنا ومصيرنا إلى جنة أو نار
ونحن في هذه الدنيا في دار عبور لا استقرار، وسيمر كل هؤلاء الناس الذين نشاهد أحوالهم وتمضي معهم الأعمال، فيسعدون سعادة الأبد أو يشقون شقاوة الأبد
ثم الناس ليسوا سواء، فهناك كثر من الله عليهم بالثبات، وقد يمرون بابتلاءات ترفع أجورهم وفيها مصالح وحكم يعلمها خالقهم، فليس وجود بعض من ينتكس شبهة تشكل على وجوب الثبات، ولا وجود ابتلاءات كذلك، بل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وإذا أحب الله عبدا ابتلاه، وأنه يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
ومن حيل الشيطان أنه يجعل الإنسان يركز على ما يثبط عن الثبات، فيرى الصورة مضخم فيها السلبيات والانتكاسات، ويغفل عن الأمور الحسنة التي تنشط للاقتداء والثبات، لذا يجب على العبد أن يلزم الأذكار والاستعاذة ويتحصن من كيد الشيطان ويحذره
والحرص الحرص على صحبة صالحة تعين على الخير، فهذا من أعظم أسباب الثبات، وليقرأ المسلم ويتأمل أحوال الأنبياء وأتباعهم بإحسان في كل زمان، فهذا مما يعين وينشط كذلك
وعلينا بالدعاء واللجوء لله أن يشفي صدورنا ويثبت قلوبنا على الخير، مع الاستعاذة من الفتن والابتعاد عن أسبابها بقدر الاستطاعة
ومن المهم أن نقرأ عن أسماء الله الحسنى ونتعلم معانيها ونعايشها، وخير ما يعين على ذلك القرآن الكريم مع تفسير ميسر مثل تيسير الكريم الرحمن للسعدي، وكذلك الكتب المختصرة المتخصصة مثل كتاب (لأنك الله) لعلي الفيفي، ففي ذلك ما يعرف بالله تعالى ويزيد المحبة والأنس به
ومما ينبغى الانتباه له موضوع الشعور بالذنب ولوم النفس، فهو إذا كان بقدر يعين على محاسبة النفس والإنابة لله وتجديد التوبة فهو حسن، لكن إذا صار بحيث يورث القنوط أو المبالغة في جلد النفس واليأس من إصلاحها، ويمنع الفرح بالطاعة التي تحصل، فهذا مدخل للشيطان، يجب سده باستشعار الرجاء وسعة رحمة الله والتركيز على الحسنات لأنها تمحو السيئات، وعدم الوقوع في أسر الماضي، فالعبرة بالخواتيم والتوبة تجب ما قبلها
وأما شهوة المعاصي التي قد تقع لبعض الناس فيشعر بالإحباط من نفسه، فاشتهاء المعاصي قد يحصل، والدنيا فيها زينة وشهوات، والمشكلة الأكبر تكون في أن نفتن بهذه الدنيا ونكون عبيدا لها، أما مجرد الاشتهاء فهو أمر قد يحصل ويكون من باب الابتلاء
لكن على الإنسان أن يحذر من الاسترسال مع الخواطر السيئة، ويحاول صرف تفكيره عن المعاصي إلى الطاعات أو المباحات على الأقل، وعليه أن يشغل نفسه بما ينفعها في دينها ودنياها، لأن الفراغ يساعد على تطور التفكير في الشهوات المحرمة، وباب المباحات واسع جدا، فليأخذ منها ما يعين على العفاف وشغل نفسه عن المحرم
والعبد إذا ترك شهوته لله أورثه الله نورا في قلبه وراحة في نفسه، حتى أنه ربما يجد بعد فترة أنه صار يتقزز من المعاصي ويرغب عنها، وهذا لا يمنع انه تاتيه خواطر ووسواس أحيانا، لكن يصير أقل عرضة للتفكير المسترسل في هذه الأمور
لذلك يا عبد الله ويا أمة الله ينبغي أن يجاهد الإنسان نفسه، ويصبر حتى يحصل هذا الأمر، ولا ييأس مهما طال الوقت، فالله يرى صبرك ويحبه، وثق أنه لا يضيع أجر من صبر له، وسيجد أثر ذلك بإذن الله ويحمده
وليحذر محاولة إرضاء الضمير بالدخول في انحرافات الفكر والشبهات وأهلها، فهذا يوقع في إشكالات أكبر كما هو مشاهد
للجزء الثاني (https://www.tg-me.com/ttangawi/1745)
كلمات في الثبات 1/2
يتعرض المسلم وهو يحاول التمسك بدينه في زماننا لفتن وتحديات، فيلاحظ مثلا التفنن المعاصر في تسويق المعاصي وبهرجتها وربط مصطلحات السعادة وعيش الحياة بها بصورة ممنهجة مكثفة، ويلاحظ التظاهر بالسعادة ممن يتوسعون في مظاهر الاستمتاع الدنيوي أو يبالغون في التعبير عن ذلك وتوثيقه في المقاطع
ويلاحظ من جهة أخرى التشويه الممنهج للتمسك بالدين وربطه بالتخلف عن التطور والحرمان من " الحياة الطبيعية " و "السعادة"، أو تصويره بأنه ظاهرة منتهية الصلاحية تجاوزها الزمن، وكل من يدخل فيها سينتكس وينطفئ حماسه أو يصاب بأمراض نفسية.. آلخ الأسطوانة
ثم يأتي الشيطان مع ذلك ليساعد من الداخل شياطين الخارج، فيوسوس للإنسان المتدين بانسداد الأفق وسوداودية الحياة وباليأس من ثباته وإصلاح نفسه، وإذا وقع في شيء من الذنوب وسوس بأنه دليل نفاق وعدم صدق أو استحالة ثبات، إلى أن يدخله في حالة صراع وضيق، وربما وسوس له بالشبهات التي يستحل بها بعض المحرمات ليريح ضميره، ليأخذه في طريق الانحراف الفكري المظلم
وبعد تصوير هذا الحال الذي استوحيته من سؤال فتاة عن توجيه للخلاص أقول :
يجب أن ندرك أن تركيز التفكير على الدنيا وأحوال الناس فيها يضعف عزمنا على الثبات
إننا معاشر المسلمين في رحلة مؤقتة للابتلاء، غايتها أن نعبد الله تعالى ونطيعه، ونحن نفعل ذلك لأنه سبحانه يستحق العبادة وحده، فهو الخالق المتصف بالكمال وهو المنعم، وهو الذي يملكنا، وبيده سعادتنا ومصيرنا إلى جنة أو نار
ونحن في هذه الدنيا في دار عبور لا استقرار، وسيمر كل هؤلاء الناس الذين نشاهد أحوالهم وتمضي معهم الأعمال، فيسعدون سعادة الأبد أو يشقون شقاوة الأبد
ثم الناس ليسوا سواء، فهناك كثر من الله عليهم بالثبات، وقد يمرون بابتلاءات ترفع أجورهم وفيها مصالح وحكم يعلمها خالقهم، فليس وجود بعض من ينتكس شبهة تشكل على وجوب الثبات، ولا وجود ابتلاءات كذلك، بل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وإذا أحب الله عبدا ابتلاه، وأنه يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
ومن حيل الشيطان أنه يجعل الإنسان يركز على ما يثبط عن الثبات، فيرى الصورة مضخم فيها السلبيات والانتكاسات، ويغفل عن الأمور الحسنة التي تنشط للاقتداء والثبات، لذا يجب على العبد أن يلزم الأذكار والاستعاذة ويتحصن من كيد الشيطان ويحذره
والحرص الحرص على صحبة صالحة تعين على الخير، فهذا من أعظم أسباب الثبات، وليقرأ المسلم ويتأمل أحوال الأنبياء وأتباعهم بإحسان في كل زمان، فهذا مما يعين وينشط كذلك
وعلينا بالدعاء واللجوء لله أن يشفي صدورنا ويثبت قلوبنا على الخير، مع الاستعاذة من الفتن والابتعاد عن أسبابها بقدر الاستطاعة
ومن المهم أن نقرأ عن أسماء الله الحسنى ونتعلم معانيها ونعايشها، وخير ما يعين على ذلك القرآن الكريم مع تفسير ميسر مثل تيسير الكريم الرحمن للسعدي، وكذلك الكتب المختصرة المتخصصة مثل كتاب (لأنك الله) لعلي الفيفي، ففي ذلك ما يعرف بالله تعالى ويزيد المحبة والأنس به
ومما ينبغى الانتباه له موضوع الشعور بالذنب ولوم النفس، فهو إذا كان بقدر يعين على محاسبة النفس والإنابة لله وتجديد التوبة فهو حسن، لكن إذا صار بحيث يورث القنوط أو المبالغة في جلد النفس واليأس من إصلاحها، ويمنع الفرح بالطاعة التي تحصل، فهذا مدخل للشيطان، يجب سده باستشعار الرجاء وسعة رحمة الله والتركيز على الحسنات لأنها تمحو السيئات، وعدم الوقوع في أسر الماضي، فالعبرة بالخواتيم والتوبة تجب ما قبلها
وأما شهوة المعاصي التي قد تقع لبعض الناس فيشعر بالإحباط من نفسه، فاشتهاء المعاصي قد يحصل، والدنيا فيها زينة وشهوات، والمشكلة الأكبر تكون في أن نفتن بهذه الدنيا ونكون عبيدا لها، أما مجرد الاشتهاء فهو أمر قد يحصل ويكون من باب الابتلاء
لكن على الإنسان أن يحذر من الاسترسال مع الخواطر السيئة، ويحاول صرف تفكيره عن المعاصي إلى الطاعات أو المباحات على الأقل، وعليه أن يشغل نفسه بما ينفعها في دينها ودنياها، لأن الفراغ يساعد على تطور التفكير في الشهوات المحرمة، وباب المباحات واسع جدا، فليأخذ منها ما يعين على العفاف وشغل نفسه عن المحرم
والعبد إذا ترك شهوته لله أورثه الله نورا في قلبه وراحة في نفسه، حتى أنه ربما يجد بعد فترة أنه صار يتقزز من المعاصي ويرغب عنها، وهذا لا يمنع انه تاتيه خواطر ووسواس أحيانا، لكن يصير أقل عرضة للتفكير المسترسل في هذه الأمور
لذلك يا عبد الله ويا أمة الله ينبغي أن يجاهد الإنسان نفسه، ويصبر حتى يحصل هذا الأمر، ولا ييأس مهما طال الوقت، فالله يرى صبرك ويحبه، وثق أنه لا يضيع أجر من صبر له، وسيجد أثر ذلك بإذن الله ويحمده
وليحذر محاولة إرضاء الضمير بالدخول في انحرافات الفكر والشبهات وأهلها، فهذا يوقع في إشكالات أكبر كما هو مشاهد
للجزء الثاني (https://www.tg-me.com/ttangawi/1745)
Telegram
قناة د. طارق عنقاوي
كلمات في الثبات 2/2 (للجزء الأول : https://www.tg-me.com/ttangawi/1744)
وأما تلك المظاهر المحرمة التي يسمونها حياة ويحتفلون بها، فالحياة الحقيقية هي التي تكون متفقة مع طبيعة الدنيا وهدف وجودها وغاية خلقنا فيها، وغير ذلك وهم وغفلة يستفيق صاحبها ولو بعد حين ويندم،…
وأما تلك المظاهر المحرمة التي يسمونها حياة ويحتفلون بها، فالحياة الحقيقية هي التي تكون متفقة مع طبيعة الدنيا وهدف وجودها وغاية خلقنا فيها، وغير ذلك وهم وغفلة يستفيق صاحبها ولو بعد حين ويندم،…
كلمات في الثبات 2/2 (للجزء الأول : https://www.tg-me.com/ttangawi/1744)
وأما تلك المظاهر المحرمة التي يسمونها حياة ويحتفلون بها، فالحياة الحقيقية هي التي تكون متفقة مع طبيعة الدنيا وهدف وجودها وغاية خلقنا فيها، وغير ذلك وهم وغفلة يستفيق صاحبها ولو بعد حين ويندم، وقد لا ينفع الندم وقتها
انظر عبد الله لنعمة الطاعة وأنك على الفطرة مع الصالحين والملائكة وسائر المخلوقات التي تطيع الله تعالى، وانظري أمة الله للنهاية الحسنة، ولا تنظري لمن سقطوا وانحرفوا نحو نهايات أخرى، فتغتري بمظاهر مؤقتة مصيرها الزوال
وقد جعل الله لنا متسعا في المباحات، لكن الشيطان يجعلنا نركز على الممنوع مثل ما حصل مع أبينا ادم حين ترك كل الجنة وأغراه بتلك الشجرة
فالواقع الذي يصور في المشاهد أو يوحى به بالتلاعب بالمصطلحات هو وهم شيطاني، والواقع الحقيقي مرتبط بسبب وجودنا وغاية خلقنا وسنن الله تعالى في وجودنا التي لا تتبدل، وأقرأ مثلا قوله تعالى : ﴿ أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ۩ ﴾ [الحج - ١۸]
وتأمل في صفات الملائكة وحديث القرآن عن عبادتهم ودعائهم للمؤمنين، تجد أن في الوجود حركة غالبة دؤوبة لا تتوقف، وأن ما يوحى لك بأنه واقع حتمي وتطور نهائي لا رجعة فيه هو مجرد شذوذ ووهم! والتاريخ أيضا شاهد بهذا
وتذكر أنك ستموت وحدك وتدفن وحدك وتسأل وحدك وتحاسب وحدك وتواجه مصيرك وحدك، فالجانب المصيري في حياتك لا يحدده من يعيشون "الحياة الطبيعية" المزعومة، وهي حياة الوهم والشرود عن حقائق الوجود والتمرد على أمر الذي يملك هذا الوجود ويدبره ويحدد مصيره
فلنحذر الغفلة ولنفق من هذا الوهم، ولنترك قليلا تلك المقاطع والصور والزخرفات المصطنعة، وحينها سنجد دلائل الحقائق بادية بأدنى تأمل، ومنثورة في كل مخلوق وكل مشهد، بل في أنفسنا، قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت - ٥٣]
#رسائل_العبودية
#رسائل_الوعي
#رسائل_الثبات
#رسائل_الغربة
#دحض_الأباطيل
وأما تلك المظاهر المحرمة التي يسمونها حياة ويحتفلون بها، فالحياة الحقيقية هي التي تكون متفقة مع طبيعة الدنيا وهدف وجودها وغاية خلقنا فيها، وغير ذلك وهم وغفلة يستفيق صاحبها ولو بعد حين ويندم، وقد لا ينفع الندم وقتها
انظر عبد الله لنعمة الطاعة وأنك على الفطرة مع الصالحين والملائكة وسائر المخلوقات التي تطيع الله تعالى، وانظري أمة الله للنهاية الحسنة، ولا تنظري لمن سقطوا وانحرفوا نحو نهايات أخرى، فتغتري بمظاهر مؤقتة مصيرها الزوال
وقد جعل الله لنا متسعا في المباحات، لكن الشيطان يجعلنا نركز على الممنوع مثل ما حصل مع أبينا ادم حين ترك كل الجنة وأغراه بتلك الشجرة
فالواقع الذي يصور في المشاهد أو يوحى به بالتلاعب بالمصطلحات هو وهم شيطاني، والواقع الحقيقي مرتبط بسبب وجودنا وغاية خلقنا وسنن الله تعالى في وجودنا التي لا تتبدل، وأقرأ مثلا قوله تعالى : ﴿ أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ۩ ﴾ [الحج - ١۸]
وتأمل في صفات الملائكة وحديث القرآن عن عبادتهم ودعائهم للمؤمنين، تجد أن في الوجود حركة غالبة دؤوبة لا تتوقف، وأن ما يوحى لك بأنه واقع حتمي وتطور نهائي لا رجعة فيه هو مجرد شذوذ ووهم! والتاريخ أيضا شاهد بهذا
وتذكر أنك ستموت وحدك وتدفن وحدك وتسأل وحدك وتحاسب وحدك وتواجه مصيرك وحدك، فالجانب المصيري في حياتك لا يحدده من يعيشون "الحياة الطبيعية" المزعومة، وهي حياة الوهم والشرود عن حقائق الوجود والتمرد على أمر الذي يملك هذا الوجود ويدبره ويحدد مصيره
فلنحذر الغفلة ولنفق من هذا الوهم، ولنترك قليلا تلك المقاطع والصور والزخرفات المصطنعة، وحينها سنجد دلائل الحقائق بادية بأدنى تأمل، ومنثورة في كل مخلوق وكل مشهد، بل في أنفسنا، قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت - ٥٣]
#رسائل_العبودية
#رسائل_الوعي
#رسائل_الثبات
#رسائل_الغربة
#دحض_الأباطيل
Telegram
قناة د. طارق عنقاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ومصطفاه
كلمات في الثبات 1/2
يتعرض المسلم وهو يحاول التمسك بدينه في زماننا لفتن وتحديات، فيلاحظ مثلا التفنن المعاصر في تسويق المعاصي وبهرجتها وربط مصطلحات السعادة وعيش الحياة بها بصورة ممنهجة مكثفة، ويلاحظ التظاهر بالسعادة…
كلمات في الثبات 1/2
يتعرض المسلم وهو يحاول التمسك بدينه في زماننا لفتن وتحديات، فيلاحظ مثلا التفنن المعاصر في تسويق المعاصي وبهرجتها وربط مصطلحات السعادة وعيش الحياة بها بصورة ممنهجة مكثفة، ويلاحظ التظاهر بالسعادة…
شتان بين منهجين :
▪️منهج من يرى عناية الله تعالى بهذه الأمة وحفظه دينها وتسخيره لذلك العلماء وعصمته لمجموعهم من الضلالة، وعلى أثر ذلك يعتني بتراث المسلمين ويستفيد منه، وإن تخلل بعضه خلل وأمور دخيلة لم تطبق عليها الأمة، فالأمة لم يزل فيها خيرية على خطى سلفها، ولم تزل العلوم تزدهر بجهود متصلة في كل زمان، وفي مساحة العذر مع بيان الخطأ متسع عن ضيق الاطراح ودفن الصواب
▪️ ومنهج يهدم تراث المسلمين لقرون بالطعن والإسقاط لعلمائهم والتزهيد في علومهم، متذرعا بالاكتفاء بعلوم السلف وكأنها علوم قاصرة ظهرت في حقبة قديمة واحترقت، ويدعو للانكباب على ما وجد في تلك الحقبة دون نظر لاستقراء وفهم العلماء المحققين له، ودون نظر لامتداداته في جهود العلماء المتبعين لهم بإحسان
فهذا الاخير منهج جدير بالاطراح، ولو جاء من مدعي عناية بعلم السلف ومنهجهم، فما كل من ادعى أمرا صح له ادعاؤه
ومن العجب الذي رأيته في كلام بعض هؤلاء الترويج لنظرية مؤامرة تاريخية لتفسير رواج علم بعض العلماء الذين وقعوا في زلات لا يتابعون عليها، فيدعون أن السبب هو أن السلطة كانت بيد المذهب الفلاني الفقهي أو العقدي، وبذلك يظنون أنهم يطرحون الثناء عليهم من الكافة فيما أصابوا فيه ونفعوا به الأمة، وهل هذا إلا نظير للطرح الحداثي عن تأثر كبار المحدثين بمثل هذا !
فمثل هذا التنظير والخيال الواسع يفتح باب الطعن حتى في السلف
منشورات سابقة عن هذا الانحراف :
https://www.tg-me.com/ttangawi/1592
https://www.tg-me.com/ttangawi/1595
https://www.tg-me.com/ttangawi/1596
https://www.tg-me.com/ttangawi/1601
https://www.tg-me.com/ttangawi/1603
#إضاءة_منهجية
▪️منهج من يرى عناية الله تعالى بهذه الأمة وحفظه دينها وتسخيره لذلك العلماء وعصمته لمجموعهم من الضلالة، وعلى أثر ذلك يعتني بتراث المسلمين ويستفيد منه، وإن تخلل بعضه خلل وأمور دخيلة لم تطبق عليها الأمة، فالأمة لم يزل فيها خيرية على خطى سلفها، ولم تزل العلوم تزدهر بجهود متصلة في كل زمان، وفي مساحة العذر مع بيان الخطأ متسع عن ضيق الاطراح ودفن الصواب
▪️ ومنهج يهدم تراث المسلمين لقرون بالطعن والإسقاط لعلمائهم والتزهيد في علومهم، متذرعا بالاكتفاء بعلوم السلف وكأنها علوم قاصرة ظهرت في حقبة قديمة واحترقت، ويدعو للانكباب على ما وجد في تلك الحقبة دون نظر لاستقراء وفهم العلماء المحققين له، ودون نظر لامتداداته في جهود العلماء المتبعين لهم بإحسان
فهذا الاخير منهج جدير بالاطراح، ولو جاء من مدعي عناية بعلم السلف ومنهجهم، فما كل من ادعى أمرا صح له ادعاؤه
ومن العجب الذي رأيته في كلام بعض هؤلاء الترويج لنظرية مؤامرة تاريخية لتفسير رواج علم بعض العلماء الذين وقعوا في زلات لا يتابعون عليها، فيدعون أن السبب هو أن السلطة كانت بيد المذهب الفلاني الفقهي أو العقدي، وبذلك يظنون أنهم يطرحون الثناء عليهم من الكافة فيما أصابوا فيه ونفعوا به الأمة، وهل هذا إلا نظير للطرح الحداثي عن تأثر كبار المحدثين بمثل هذا !
فمثل هذا التنظير والخيال الواسع يفتح باب الطعن حتى في السلف
منشورات سابقة عن هذا الانحراف :
https://www.tg-me.com/ttangawi/1592
https://www.tg-me.com/ttangawi/1595
https://www.tg-me.com/ttangawi/1596
https://www.tg-me.com/ttangawi/1601
https://www.tg-me.com/ttangawi/1603
#إضاءة_منهجية
Telegram
قناة د. طارق عنقاوي
#إضاءة_منهجية
القفز لمنهج السلف فوق العلماء من بوابة بعض المعاصرين (1) : مدخل تأصيلي عام 👇🏻
https://www.tg-me.com/ttangawi/1593
القفز لمنهج السلف فوق العلماء من بوابة بعض المعاصرين (1) : مدخل تأصيلي عام 👇🏻
https://www.tg-me.com/ttangawi/1593
رسائل..
شتان بين منهجين : ▪️منهج من يرى عناية الله تعالى بهذه الأمة وحفظه دينها وتسخيره لذلك العلماء وعصمته لمجموعهم من الضلالة، وعلى أثر ذلك يعتني بتراث المسلمين ويستفيد منه، وإن تخلل بعضه خلل وأمور دخيلة لم تطبق عليها الأمة، فالأمة لم يزل فيها خيرية على خطى سلفها،…
بعض الإيضاحات تتعلق بهذا المنشور:
1/ تركيزي في المنشور كان على جانب الهدم في هذا المنهج، والذي يتجلّى في مقولات هدمية صريحة وقفت عليها، ولا يهمني أن أناقش جوانب قد يحتمل بعضها النقاش -ولو في بعض الشخصيات بقدر ما-، ولا التشعب مع قضايا لا تنبني عليها القضية الأساسية التي أركز عليها، وإن كان قد يكون لها نوع تعلّق.
2/ المنشور موجه لمن يقررون صراحة التشنيع على طائفة واسعة من الرموز العلمية التي لم يزل العلماء يحتفون بنتاجها، وهم مع تشنيعهم هذا يطعنون ويسقطون ويزهدون في ذلك النتاج، أما من يحذر من أخطاء أو حتى يبدّع ثم يقرّر أنّ ذلك لا ينافي الانتفاع والإقرار بالمحاسن، فالمنشور لم يكتب له من حيث الأصل.
3/ احتفى المنشور بعلوم السلف، ونصّ على أنّها ليست مجرد علوم قاصرة ظهرت في حقبة واحترقت، وذكر أنّ ما بعدها هو امتداد لها. وأودّ أن أضيف هنا أنّ هذا الامتداد ليس مجرد تلخيص وتبسيط، بل فيه قياسات واستخراج لقواعد وتركيب لنظريات متكاملة استقر تأثيرها في علوم المسلمين، وهذا من تراث الأمة الذي يعين على فهم الشرع وتنزيله مع اختلاف الأحوال وطروء النوازل في كل زمان ومكان، ولا يصح اطراحه بدعوى ما دخل على بعض من شارك فيه من بدع وكلاميات يمكن تمييزها ونقدها
4/ المنشور لا ينفي التأثير التاريخي للسياسة في المذاهب العقدية المخالفة لأهل السنة وانتشارها، فأصل ذلك ليس محل نزاع، لكن الذي ركزت عليه هو ما في تراث أهل السنة من ثناء العلماء ورواج بعض النتاج العلمي الذي قدمه بعض من وقعت لهم مخالفات عقدية، فلا يصح جعل هذا الثناء والقبول من علماء أهل السنة من تأثير السلطة بتفسير تآمري متخيّل للتخلص من حمولة ذلك الثناء، ولا يبرر ذلك وجود استضعاف لأهل السنة في بعض الأزمنة يبرر بعض المداراة في بعض المواقف الفردية، ففرق بين المداراة في مواقف فردية وبين التقريرات العلمية التي تكتب وتنسب بعد ذلك قطعا لأصحابها فتلتبس، والخلط بين المقامين يفتح باب التشكيك في جملة كبيرة من تراثنا بأنه قد يكون فيه ما هو من قبيل المداراة لدفع الاستضعاف، فيؤول ذلك لما حذرت منه من هدم التراث.
5/ تقدير خطأ العالم وتصنيفه على أنّه زلة مغمورة أو جزء من مجموعة أخطاء عقدية توجب مزيد تشديد في وصفه، يرجع كثيراً لفهم حال الشخصية وضبط خطئها والنظر في بقية أقوالها وعموم منهجها وموقف العلماء منها، وكثير من طلاب العلم – فضلاً عن العوام- ليسوا على علم تفصيلي بذلك، بل يقلدون ما شاع عند جماهير مشاهير العلماء المتأخرين من الاعتذار لكثير من الشخصيات، وهذا أسلم في التقليد، فالسلامة هي الأصل في المنسوبين للعلم والفضل ممن كثر الثناء عليهم بين العلماء، والخطأ في العذر مع عدم تبيّن الحال وضبط قواعد الحكم أسلم، وغايته أنّه تقليد مقلد لمن يصح تقليده، وهو أسلم من تقليد من لا يعرف حاله عند كثير من العلماء لمجرد أنّه يدّعي أنّه أعلم بمقولات السلف وتنزيلها ويشنّع على من يخالفه.
بل أكثر من يُدعى اليوم لقبول التبديع والإسقاط لا يعرفون ضوابط الحكم على المخالف على التفصيل، وإنما أحسن أحوالهم أنهم يعرفون تقريرات أهل السنة بأدلتها وبطلان ما يخالفها، وأما مراتب المخالفة وما يترتب على المخالف وما وقع في الحكم عليه من خلاف وتفصيل فلا يعرفونه، فكيف يخاطبون بأن يفرعوا على ذلك تبديع وتشنيع أصحاب مصنفات لم تزل محل ثناء وقبول العلماء إلى أئمة زماننا من المشاهير المتبوعين، وأي تحقيق علمي يصلون له بسماع هذه الدعوات، غاية ما في الأمر أن هذا شأن تخصصي يناقش بين طلاب العلم المتخصصين، وأما نثره في عوام الناس أو حتى عوام الطلبة فليس من الفقه، وهو مظنة ما نراه من إسقاط وهدم، وتطوير عوام الطلبة وضيقي العطن لهذه المقولة لأقصى حد يتجاوز ما يقرره أصحابها في الأصل.
والناظر في بعض من أخذوا أصل هذه المقولات ثم طوّروها بالجهالة وحبّ الانتصار في الخصومات يرى ما يؤسف حقا، فكثير منهم صار اشتغاله بالمناكفة في هذه القضية وما يشبهها، ولا يظهر فيما يشتغل به أنه يطور نفسه علميا ويتفقه في علم السلف، فلا هو بالذي انتمى حقا للسلف ولا هو بالذي سلم الناس من سفاهته ونزقه بسكوته عما لا يحسن، بل قد بلغ الحال ببعضهم أن ثار حتى على من يزعم أنّه يقتدي به في هذا المنهج واصطدم به ولقي منه التوبيخ!
هذا بعض ما رأيت أهمية توضيحه مما يمس المنشور مباشرة، وأسأل الله أن يبصرنا بالحق ويعيذنا من الضلال
1/ تركيزي في المنشور كان على جانب الهدم في هذا المنهج، والذي يتجلّى في مقولات هدمية صريحة وقفت عليها، ولا يهمني أن أناقش جوانب قد يحتمل بعضها النقاش -ولو في بعض الشخصيات بقدر ما-، ولا التشعب مع قضايا لا تنبني عليها القضية الأساسية التي أركز عليها، وإن كان قد يكون لها نوع تعلّق.
2/ المنشور موجه لمن يقررون صراحة التشنيع على طائفة واسعة من الرموز العلمية التي لم يزل العلماء يحتفون بنتاجها، وهم مع تشنيعهم هذا يطعنون ويسقطون ويزهدون في ذلك النتاج، أما من يحذر من أخطاء أو حتى يبدّع ثم يقرّر أنّ ذلك لا ينافي الانتفاع والإقرار بالمحاسن، فالمنشور لم يكتب له من حيث الأصل.
3/ احتفى المنشور بعلوم السلف، ونصّ على أنّها ليست مجرد علوم قاصرة ظهرت في حقبة واحترقت، وذكر أنّ ما بعدها هو امتداد لها. وأودّ أن أضيف هنا أنّ هذا الامتداد ليس مجرد تلخيص وتبسيط، بل فيه قياسات واستخراج لقواعد وتركيب لنظريات متكاملة استقر تأثيرها في علوم المسلمين، وهذا من تراث الأمة الذي يعين على فهم الشرع وتنزيله مع اختلاف الأحوال وطروء النوازل في كل زمان ومكان، ولا يصح اطراحه بدعوى ما دخل على بعض من شارك فيه من بدع وكلاميات يمكن تمييزها ونقدها
4/ المنشور لا ينفي التأثير التاريخي للسياسة في المذاهب العقدية المخالفة لأهل السنة وانتشارها، فأصل ذلك ليس محل نزاع، لكن الذي ركزت عليه هو ما في تراث أهل السنة من ثناء العلماء ورواج بعض النتاج العلمي الذي قدمه بعض من وقعت لهم مخالفات عقدية، فلا يصح جعل هذا الثناء والقبول من علماء أهل السنة من تأثير السلطة بتفسير تآمري متخيّل للتخلص من حمولة ذلك الثناء، ولا يبرر ذلك وجود استضعاف لأهل السنة في بعض الأزمنة يبرر بعض المداراة في بعض المواقف الفردية، ففرق بين المداراة في مواقف فردية وبين التقريرات العلمية التي تكتب وتنسب بعد ذلك قطعا لأصحابها فتلتبس، والخلط بين المقامين يفتح باب التشكيك في جملة كبيرة من تراثنا بأنه قد يكون فيه ما هو من قبيل المداراة لدفع الاستضعاف، فيؤول ذلك لما حذرت منه من هدم التراث.
5/ تقدير خطأ العالم وتصنيفه على أنّه زلة مغمورة أو جزء من مجموعة أخطاء عقدية توجب مزيد تشديد في وصفه، يرجع كثيراً لفهم حال الشخصية وضبط خطئها والنظر في بقية أقوالها وعموم منهجها وموقف العلماء منها، وكثير من طلاب العلم – فضلاً عن العوام- ليسوا على علم تفصيلي بذلك، بل يقلدون ما شاع عند جماهير مشاهير العلماء المتأخرين من الاعتذار لكثير من الشخصيات، وهذا أسلم في التقليد، فالسلامة هي الأصل في المنسوبين للعلم والفضل ممن كثر الثناء عليهم بين العلماء، والخطأ في العذر مع عدم تبيّن الحال وضبط قواعد الحكم أسلم، وغايته أنّه تقليد مقلد لمن يصح تقليده، وهو أسلم من تقليد من لا يعرف حاله عند كثير من العلماء لمجرد أنّه يدّعي أنّه أعلم بمقولات السلف وتنزيلها ويشنّع على من يخالفه.
بل أكثر من يُدعى اليوم لقبول التبديع والإسقاط لا يعرفون ضوابط الحكم على المخالف على التفصيل، وإنما أحسن أحوالهم أنهم يعرفون تقريرات أهل السنة بأدلتها وبطلان ما يخالفها، وأما مراتب المخالفة وما يترتب على المخالف وما وقع في الحكم عليه من خلاف وتفصيل فلا يعرفونه، فكيف يخاطبون بأن يفرعوا على ذلك تبديع وتشنيع أصحاب مصنفات لم تزل محل ثناء وقبول العلماء إلى أئمة زماننا من المشاهير المتبوعين، وأي تحقيق علمي يصلون له بسماع هذه الدعوات، غاية ما في الأمر أن هذا شأن تخصصي يناقش بين طلاب العلم المتخصصين، وأما نثره في عوام الناس أو حتى عوام الطلبة فليس من الفقه، وهو مظنة ما نراه من إسقاط وهدم، وتطوير عوام الطلبة وضيقي العطن لهذه المقولة لأقصى حد يتجاوز ما يقرره أصحابها في الأصل.
والناظر في بعض من أخذوا أصل هذه المقولات ثم طوّروها بالجهالة وحبّ الانتصار في الخصومات يرى ما يؤسف حقا، فكثير منهم صار اشتغاله بالمناكفة في هذه القضية وما يشبهها، ولا يظهر فيما يشتغل به أنه يطور نفسه علميا ويتفقه في علم السلف، فلا هو بالذي انتمى حقا للسلف ولا هو بالذي سلم الناس من سفاهته ونزقه بسكوته عما لا يحسن، بل قد بلغ الحال ببعضهم أن ثار حتى على من يزعم أنّه يقتدي به في هذا المنهج واصطدم به ولقي منه التوبيخ!
هذا بعض ما رأيت أهمية توضيحه مما يمس المنشور مباشرة، وأسأل الله أن يبصرنا بالحق ويعيذنا من الضلال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
بين أولويات الفرد وفرض النماذج!
واقع اليوم يفرض الكثير من التحديات والثغرات، وأبواب الدين وأنواع الواجبات وأساليب القيام بها تتعدد، ولكل إنسان قدرات واهتمامات وصفات شخصية تساعده في أمور دون أخرى، وهذا كله يفرض التنوع والاختلاف السائغ
إذا أضفنا لذلك وجود الخلاف في بعض المسائل الشرعية، واختلاف النظر في فهم الواقع وترتيب المصالح والمفاسد، سواء كان ذلك عند البعض سائغا أو غير سائغ، فهذا أيضا يفضي لتعدد النماذج والطرائق في مواجهة التحديات وسد الثغرات التي فتحت على المسلمين منذ زمن وتتزايد في هذا العصر
ومع هذا كله يحتاج الأمر لإدارة هذا الاختلاف، وهنا أيضا تختلف الأنظار وتتعدد النماذج، بدءا من تصنيف الخلاف على أنه انحراف أو اجتهاد، والحكم على المخالف، والنظر في الأصلح في طريقة التعامل معه وبيان حاله
وإذا أخذ الناظر في تحليل ذلك كله فلا بد أن يلاحظ التعقيد في العوامل المؤثرة فيه، ولا يصح أن يرده كله إلى عامل واحد دوما، ولا يصلح لمثل هذا المقام رجل المسألة الواحدة كما يقال أو حتى المنهمك في التخصص الواحد
وهذا الخلل ملاحظ في بعض التحليلات، فتوصيف المواقف يرجع لتصنيفات شرعية تراثية عند بعضهم، أو يرجع إلى أوصاف تتعلق بالاتجاهات الفكرية والفلسفات المعاصرة عند الآخر، أو ينطلق من تخصص إنساني معين وقراءة للواقع يطغى عليها هذا التخصص
يبدأ بعد هذا الخلل مع ضيق العطن ممارسة فرض النماذج، فإما أن تتبنى نموذجي في التحليل ثم في العمل والتفاعل مع الواقع، أو أسقط عليك ما عندي من قوالب جاهزة، بين تصنيف وتشخيص ووصم بالجبن وغير ذلك من المعائب
والذي يحتاجه الإنسان الفاعل في هذا الواقع المتشابك هو الهدوء والتأمل المستمر، ومحاولة النأي عن الانسياق وراء الانفعالات الآنية، وأن يسعى باستمرار للنضج والتأثير الموافق لمقاصد الشرع بعيدا عن الأسر للنماذج والقوالب
وأما المتابع الذي يتلقى في غالب حاله، فيحتاج للتمسك بالمحكمات، والاهتمام ببناء النفس علميا وتربيتها إيمانيا، ولا يدخل في صراعات وجدليات لا تنفعه ولا ينفع هو بالدخول فيها
ومن المهم أن نفهم أن تحديات أزمنة الفتن تفرض شيئا من التحير خاصة إذا أصر الإنسان على أن يكون له رأي في كل شيء ولم يرتب أولوياته ويعرف مكانه اللائق به في العلم والعمل، فليس من الحكمة أن يضع الإنسان نفسه في غير موضعها، غافلا عن غاية خلقه الأساسية وما تقتضيه من العمل لآخرته وفق مناهج الشرع وأولوياته
بصرنا الله بما ينفعنا وأعاننا على ما يرضاه منا، والحمد لله
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
بين أولويات الفرد وفرض النماذج!
واقع اليوم يفرض الكثير من التحديات والثغرات، وأبواب الدين وأنواع الواجبات وأساليب القيام بها تتعدد، ولكل إنسان قدرات واهتمامات وصفات شخصية تساعده في أمور دون أخرى، وهذا كله يفرض التنوع والاختلاف السائغ
إذا أضفنا لذلك وجود الخلاف في بعض المسائل الشرعية، واختلاف النظر في فهم الواقع وترتيب المصالح والمفاسد، سواء كان ذلك عند البعض سائغا أو غير سائغ، فهذا أيضا يفضي لتعدد النماذج والطرائق في مواجهة التحديات وسد الثغرات التي فتحت على المسلمين منذ زمن وتتزايد في هذا العصر
ومع هذا كله يحتاج الأمر لإدارة هذا الاختلاف، وهنا أيضا تختلف الأنظار وتتعدد النماذج، بدءا من تصنيف الخلاف على أنه انحراف أو اجتهاد، والحكم على المخالف، والنظر في الأصلح في طريقة التعامل معه وبيان حاله
وإذا أخذ الناظر في تحليل ذلك كله فلا بد أن يلاحظ التعقيد في العوامل المؤثرة فيه، ولا يصح أن يرده كله إلى عامل واحد دوما، ولا يصلح لمثل هذا المقام رجل المسألة الواحدة كما يقال أو حتى المنهمك في التخصص الواحد
وهذا الخلل ملاحظ في بعض التحليلات، فتوصيف المواقف يرجع لتصنيفات شرعية تراثية عند بعضهم، أو يرجع إلى أوصاف تتعلق بالاتجاهات الفكرية والفلسفات المعاصرة عند الآخر، أو ينطلق من تخصص إنساني معين وقراءة للواقع يطغى عليها هذا التخصص
يبدأ بعد هذا الخلل مع ضيق العطن ممارسة فرض النماذج، فإما أن تتبنى نموذجي في التحليل ثم في العمل والتفاعل مع الواقع، أو أسقط عليك ما عندي من قوالب جاهزة، بين تصنيف وتشخيص ووصم بالجبن وغير ذلك من المعائب
والذي يحتاجه الإنسان الفاعل في هذا الواقع المتشابك هو الهدوء والتأمل المستمر، ومحاولة النأي عن الانسياق وراء الانفعالات الآنية، وأن يسعى باستمرار للنضج والتأثير الموافق لمقاصد الشرع بعيدا عن الأسر للنماذج والقوالب
وأما المتابع الذي يتلقى في غالب حاله، فيحتاج للتمسك بالمحكمات، والاهتمام ببناء النفس علميا وتربيتها إيمانيا، ولا يدخل في صراعات وجدليات لا تنفعه ولا ينفع هو بالدخول فيها
ومن المهم أن نفهم أن تحديات أزمنة الفتن تفرض شيئا من التحير خاصة إذا أصر الإنسان على أن يكون له رأي في كل شيء ولم يرتب أولوياته ويعرف مكانه اللائق به في العلم والعمل، فليس من الحكمة أن يضع الإنسان نفسه في غير موضعها، غافلا عن غاية خلقه الأساسية وما تقتضيه من العمل لآخرته وفق مناهج الشرع وأولوياته
بصرنا الله بما ينفعنا وأعاننا على ما يرضاه منا، والحمد لله
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اما بعد.
الصدق بين القيمة الخلقية والخديعة الفردانية! (١/٢)
من المقولات المنتشرة في عصرنا: كن نفسك.. وربما غلفت بغلاف الصدق فيقال: كن صادقا مع نفسك، ويعنون بذلك أن تطابق بظاهرك باطنك، ويقرّرون بأنّ في ذلك الراحة والسعادة، وعادة ما تساق هذه المقولات بإطلاق دون تقييد.
ولا يمكن أن تكون مطابقة باطن النفس بما فيها من تنوع في الأفكار والرغبات والأحاسيس والأهواء هي قيمة الصدق المحمودة بإطلاق، ولو حاول إنسان أن يكون صادقا بهذا المعنى فيفعل ما بدا له ولو كان مستقبحا عند العقلاء لعدّ مسيئاً ولم يحمد أحد له فعله بدعوى أنّه من الصدق.
وقد جاء في الحديث المتفق عليه: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه)، قال النووي: " معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه "، ففعل الزنا تصديق لما يدور في النفس.
وإنّما تكون مطابقة الباطن محمودة باعتبارين:
الأول: أن يستقيم الباطن بأن يكون حقاً، لكونه فطرة سليمة، وضمان سلامة الفطرة عرضها على الوحي، لأنا نعلم أن التحريف يصيب داخل الإنسان بالمؤثرات الخارجية، كما في حديث (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه..) الحديث، ولذلك أنزلت الشرائع، فهي تصحح الظاهر وتردّ الباطن لميزان الحقّ.
الثاني: أن يطابق بتعديل الباطن، فبدلاً من أن يفكّر في تغيير ظاهره لموافقة باطن باطل، يغيّر هذا الباطن إلى حقّ، فتكون المطابقة بالحق، وفي هذا تصحيح لما في النفس من باطل، وردّ له لما فيها من فطرة وصواب، ولهذا تحمد النفس اللوامة، ويحمد إصلاح النفس، ودواخل النفس تتنازع، خاصة إذا اعتبرنا تأثير الهداية وإلهام الخير مقابل الوسوسة الشيطانية، فتغليب الخير باطناً وظاهراً هو الصدق المحمود.
ويرجع الصدق الأعظم إلى الصدق مع الله تعالى، فأنت عبد مخلوق، وغيرك مخلوق، والحق سبحانه هو الذي يحمد لذاته، وتكون موافقته لذاته في محبوباته وتصديق ما يخبر به هو المعيار الثابت الذي لا يشوبه نقص ولا تبديل، وهنا يأتي صدقك في عبوديته بطاعته ظاهرا وباطنا ولو جاء ذلك خلافا لرغبة النفس.
يقول تعالى : ﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّدِقِينَ} ، ثم يقول ﴿ مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ} الآية من سورة التوبة
ففي هذه الآيات من هذه السورة التي أكثرت من الحديث عن المنافقين الذين يخالف ظاهرهم باطنهم، جعل الله تعالى الصدق في عدم إيثار النفس على نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالصدق هنا لم يكن في رغبة النفس بل في خلافها صدقاً مع الله تعالى في عهد العبودية، فيكون عمله مطابقاً لهذا العهد المركوز في فطرته والموافق حقيقة لخلقته ومصلحته في الدارين.
إنّ مدح مطابقة ما في النفس واعتباره معيارا بإطلاق من أثر النزعة الفردانية التي ولدت لنا مفردات مثل تحقيق الذات وتوكيدها وعدم الاهتمام بما يقوله الآخرون وما إلى ذلك، وأيضا تقديس المشاعر الداخلية وكأنّ باطن الإنسان مصدر حق بإطلاق.
ولهذه المعاني صلة أيضاً بعبادة اللذة الفردية والسعي في تعظيمها وجعلها هي الهدف الأعظم من الحياة، ومحاولة إشباع ذلك بالاستهلاك واللهث المادي وراء مغذيات اللذة المؤقتة، وكل ذلك مخالف لمبدأ العبودية، وفيه حقيقة تعاسة الإنسان لمصادمته لسنن الحياة وطبيعة الاحتياجات النفسية الفطرية التي تطلب العبودية لله تعالى ولا تسكن لغيره جل في علاه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار..) الحديث.
ومن أثر تصحيح الرؤية في هذه القضية قبول عدم المطابقة على أنه خير من المطابقة أحيانا!
فعدم المعصية رغم أن الشخص يشتهيها في داخله هو عدم مطابقة محمودة، وهي في نفسها تطابق الفطرة والعبودية.
بل يمكن أن يكون الإنسان مقيما على معصية على استحياء وانكسار ويكون ذلك غير مطابق لبعض الفطرة وكمال العبودية من وجه كونه معصية، ومطابقا من وجه آخر هو الاعتراف والانكسار، ويكون ذلك خيرا له من مطابقة داخل فاسد بإطلاق يدعوه لعدم التناقض مطلقا، ويقول له كن صادقا وأظهر معصيتك وجاهر بها واطرد عليها في كل حين!
ولهذا دخل الشيطان على بعض الناس من هذا الباب، فشنع في نفوسهم انهم يتناقضون في اختلاف حالهم من بلد لآخر، أو بين وقت لآخر، وبدلا من التصحيح قادهم لاطراد الخطأ، كل ذلك كرها لعدم المطابقة وتزيينا لمطابقة باطلة باسم الصدق، وهو من جنس تصديق الفرج لشهوة الحرام!
يتبع..
للجزء الثاني : https://www.tg-me.com/ttangawi/1751
الصدق بين القيمة الخلقية والخديعة الفردانية! (١/٢)
من المقولات المنتشرة في عصرنا: كن نفسك.. وربما غلفت بغلاف الصدق فيقال: كن صادقا مع نفسك، ويعنون بذلك أن تطابق بظاهرك باطنك، ويقرّرون بأنّ في ذلك الراحة والسعادة، وعادة ما تساق هذه المقولات بإطلاق دون تقييد.
ولا يمكن أن تكون مطابقة باطن النفس بما فيها من تنوع في الأفكار والرغبات والأحاسيس والأهواء هي قيمة الصدق المحمودة بإطلاق، ولو حاول إنسان أن يكون صادقا بهذا المعنى فيفعل ما بدا له ولو كان مستقبحا عند العقلاء لعدّ مسيئاً ولم يحمد أحد له فعله بدعوى أنّه من الصدق.
وقد جاء في الحديث المتفق عليه: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه)، قال النووي: " معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه "، ففعل الزنا تصديق لما يدور في النفس.
وإنّما تكون مطابقة الباطن محمودة باعتبارين:
الأول: أن يستقيم الباطن بأن يكون حقاً، لكونه فطرة سليمة، وضمان سلامة الفطرة عرضها على الوحي، لأنا نعلم أن التحريف يصيب داخل الإنسان بالمؤثرات الخارجية، كما في حديث (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه..) الحديث، ولذلك أنزلت الشرائع، فهي تصحح الظاهر وتردّ الباطن لميزان الحقّ.
الثاني: أن يطابق بتعديل الباطن، فبدلاً من أن يفكّر في تغيير ظاهره لموافقة باطن باطل، يغيّر هذا الباطن إلى حقّ، فتكون المطابقة بالحق، وفي هذا تصحيح لما في النفس من باطل، وردّ له لما فيها من فطرة وصواب، ولهذا تحمد النفس اللوامة، ويحمد إصلاح النفس، ودواخل النفس تتنازع، خاصة إذا اعتبرنا تأثير الهداية وإلهام الخير مقابل الوسوسة الشيطانية، فتغليب الخير باطناً وظاهراً هو الصدق المحمود.
ويرجع الصدق الأعظم إلى الصدق مع الله تعالى، فأنت عبد مخلوق، وغيرك مخلوق، والحق سبحانه هو الذي يحمد لذاته، وتكون موافقته لذاته في محبوباته وتصديق ما يخبر به هو المعيار الثابت الذي لا يشوبه نقص ولا تبديل، وهنا يأتي صدقك في عبوديته بطاعته ظاهرا وباطنا ولو جاء ذلك خلافا لرغبة النفس.
يقول تعالى : ﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّدِقِينَ} ، ثم يقول ﴿ مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ} الآية من سورة التوبة
ففي هذه الآيات من هذه السورة التي أكثرت من الحديث عن المنافقين الذين يخالف ظاهرهم باطنهم، جعل الله تعالى الصدق في عدم إيثار النفس على نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالصدق هنا لم يكن في رغبة النفس بل في خلافها صدقاً مع الله تعالى في عهد العبودية، فيكون عمله مطابقاً لهذا العهد المركوز في فطرته والموافق حقيقة لخلقته ومصلحته في الدارين.
إنّ مدح مطابقة ما في النفس واعتباره معيارا بإطلاق من أثر النزعة الفردانية التي ولدت لنا مفردات مثل تحقيق الذات وتوكيدها وعدم الاهتمام بما يقوله الآخرون وما إلى ذلك، وأيضا تقديس المشاعر الداخلية وكأنّ باطن الإنسان مصدر حق بإطلاق.
ولهذه المعاني صلة أيضاً بعبادة اللذة الفردية والسعي في تعظيمها وجعلها هي الهدف الأعظم من الحياة، ومحاولة إشباع ذلك بالاستهلاك واللهث المادي وراء مغذيات اللذة المؤقتة، وكل ذلك مخالف لمبدأ العبودية، وفيه حقيقة تعاسة الإنسان لمصادمته لسنن الحياة وطبيعة الاحتياجات النفسية الفطرية التي تطلب العبودية لله تعالى ولا تسكن لغيره جل في علاه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار..) الحديث.
ومن أثر تصحيح الرؤية في هذه القضية قبول عدم المطابقة على أنه خير من المطابقة أحيانا!
فعدم المعصية رغم أن الشخص يشتهيها في داخله هو عدم مطابقة محمودة، وهي في نفسها تطابق الفطرة والعبودية.
بل يمكن أن يكون الإنسان مقيما على معصية على استحياء وانكسار ويكون ذلك غير مطابق لبعض الفطرة وكمال العبودية من وجه كونه معصية، ومطابقا من وجه آخر هو الاعتراف والانكسار، ويكون ذلك خيرا له من مطابقة داخل فاسد بإطلاق يدعوه لعدم التناقض مطلقا، ويقول له كن صادقا وأظهر معصيتك وجاهر بها واطرد عليها في كل حين!
ولهذا دخل الشيطان على بعض الناس من هذا الباب، فشنع في نفوسهم انهم يتناقضون في اختلاف حالهم من بلد لآخر، أو بين وقت لآخر، وبدلا من التصحيح قادهم لاطراد الخطأ، كل ذلك كرها لعدم المطابقة وتزيينا لمطابقة باطلة باسم الصدق، وهو من جنس تصديق الفرج لشهوة الحرام!
يتبع..
للجزء الثاني : https://www.tg-me.com/ttangawi/1751
Telegram
قناة د. طارق عنقاوي
الصدق بين القيمة الخلقية والخديعة الفردانية! (٢/٢) - للجزء الأول : https://www.tg-me.com/ttangawi/1750
= ولو بقي هؤلاء في تناقض لكان خيرا لهم، لكن تضخيم الذات وفلسفة كن نفسك وهذه المعزوفات الرنانة جعلتهم يستعظمون التناقض، والتناقض هنا يمكن أن يجتمع مع الاعتراف بالضعف…
= ولو بقي هؤلاء في تناقض لكان خيرا لهم، لكن تضخيم الذات وفلسفة كن نفسك وهذه المعزوفات الرنانة جعلتهم يستعظمون التناقض، والتناقض هنا يمكن أن يجتمع مع الاعتراف بالضعف…
الصدق بين القيمة الخلقية والخديعة الفردانية! (٢/٢) - للجزء الأول : https://www.tg-me.com/ttangawi/1750
= ولو بقي هؤلاء في تناقض لكان خيرا لهم، لكن تضخيم الذات وفلسفة كن نفسك وهذه المعزوفات الرنانة جعلتهم يستعظمون التناقض، والتناقض هنا يمكن أن يجتمع مع الاعتراف بالضعف والانكسار للرب، ونفس لوامة خير من نفس مستكبرة تبرر الخطأ وتستحله بطريقة أو أخرى لتهرب من وخز الضمير وشهود عيوب النفس باسم ترك التناقض.
ومن أوجه تفضيل عدم المطابقة أحيانا ترجيح أعلى المصلحتين، كترك إنكار منكر يجر إنكاره لمنكر أكبر، أو عدم إنكاره بطريقة صريحة، وقد يرى بعض الناس أن من الصدق إظهار المساوئ في العلن بقالب الندم والاعتراف بالقصور، وهذا وإن كان قد يعد عند البعض شجاعة، لكنه يخالف مقصدا قدمه الشرع وهو الستر، ما يؤكد على ضرورة الضبط لرؤية الإنسان للصدق المحمود تبعا للشرع واتساقا مع العبودية.
#رسائل_العبودية
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
#دحض_الأباطيل
= ولو بقي هؤلاء في تناقض لكان خيرا لهم، لكن تضخيم الذات وفلسفة كن نفسك وهذه المعزوفات الرنانة جعلتهم يستعظمون التناقض، والتناقض هنا يمكن أن يجتمع مع الاعتراف بالضعف والانكسار للرب، ونفس لوامة خير من نفس مستكبرة تبرر الخطأ وتستحله بطريقة أو أخرى لتهرب من وخز الضمير وشهود عيوب النفس باسم ترك التناقض.
ومن أوجه تفضيل عدم المطابقة أحيانا ترجيح أعلى المصلحتين، كترك إنكار منكر يجر إنكاره لمنكر أكبر، أو عدم إنكاره بطريقة صريحة، وقد يرى بعض الناس أن من الصدق إظهار المساوئ في العلن بقالب الندم والاعتراف بالقصور، وهذا وإن كان قد يعد عند البعض شجاعة، لكنه يخالف مقصدا قدمه الشرع وهو الستر، ما يؤكد على ضرورة الضبط لرؤية الإنسان للصدق المحمود تبعا للشرع واتساقا مع العبودية.
#رسائل_العبودية
#إضاءة_منهجية
#رسائل_الوعي
#دحض_الأباطيل
Telegram
رسائل..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اما بعد.
الصدق بين القيمة الخلقية والخديعة الفردانية! (١/٢)
من المقولات المنتشرة في عصرنا: كن نفسك.. وربما غلفت بغلاف الصدق فيقال: كن صادقا مع نفسك، ويعنون بذلك أن تطابق بظاهرك باطنك، ويقرّرون بأنّ في ذلك الراحة…
الصدق بين القيمة الخلقية والخديعة الفردانية! (١/٢)
من المقولات المنتشرة في عصرنا: كن نفسك.. وربما غلفت بغلاف الصدق فيقال: كن صادقا مع نفسك، ويعنون بذلك أن تطابق بظاهرك باطنك، ويقرّرون بأنّ في ذلك الراحة…
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.
بين شيطنتين!
ننتبه كثيرا إلى شيطنة المخالف من غيرنا، حين يصوّر على أنّه كتلة شر محض لا خير فيه، فننزعج من ذلك التصوير الظالم، ولكن قلّما ننتبه إلى الشيطنة الداخلية، والتي يكون التصوير فيها من الشيطان نفسه، فيجعلنا نتصور من يزل أو يخطأ على غير صورته، فلا نرى فيه إلا قصد الشر وصفات الشر، فنظلمه في دواخلنا، ثم ننتقل لمرحلة شيطنته في عيون الآخرين بلا رحمة، لأنّا قبلنا عنه صورة منزوعة الخير
وليست هذه دعوة للاتجاه المعاكس، الذي لا يتصوّر إنساناً أضمر الشر وهويه وصيره قائدا له، فهذه الصورة موجودة، ومحاولة محوها من الوجود تضفي سذاجة في الوعي، وتخلّ بالمواقف المناسبة التي يجب اتباعها تجاه نوع من البشر لا يزال موجوداً
بل المراد أن نعي بوعينا، فننتبه لما يجري في دواخلنا ولا ننساق مع وساوس خفية تقودنا لتصورات لا تطابق الواقع، وحين يحصل هذا الوعي مع العلم بمنازل الأعمال في الشرع والتفريق بين الخير والشر في ضوء معاييره، حينها تكون التصورات والأحكام أقرب للصواب
فلننتبه لتأثير الشيطان في دواخلنا، كما ننتبه لشيطنة الناس الجائرة التي تكون من خارجنا، دون إفراط ولا تفريط، مع الأناة والاعتراف بجهل النفس وعدم وضعها في مواضع حكم على الآخرين ليست مؤهلة لها، خاصة في مواضع الاشتباه واختلاط الخير والشر
#رسائل_الوعي
ذو صلة:
https://www.tg-me.com/ttangawi/1524
بين شيطنتين!
ننتبه كثيرا إلى شيطنة المخالف من غيرنا، حين يصوّر على أنّه كتلة شر محض لا خير فيه، فننزعج من ذلك التصوير الظالم، ولكن قلّما ننتبه إلى الشيطنة الداخلية، والتي يكون التصوير فيها من الشيطان نفسه، فيجعلنا نتصور من يزل أو يخطأ على غير صورته، فلا نرى فيه إلا قصد الشر وصفات الشر، فنظلمه في دواخلنا، ثم ننتقل لمرحلة شيطنته في عيون الآخرين بلا رحمة، لأنّا قبلنا عنه صورة منزوعة الخير
وليست هذه دعوة للاتجاه المعاكس، الذي لا يتصوّر إنساناً أضمر الشر وهويه وصيره قائدا له، فهذه الصورة موجودة، ومحاولة محوها من الوجود تضفي سذاجة في الوعي، وتخلّ بالمواقف المناسبة التي يجب اتباعها تجاه نوع من البشر لا يزال موجوداً
بل المراد أن نعي بوعينا، فننتبه لما يجري في دواخلنا ولا ننساق مع وساوس خفية تقودنا لتصورات لا تطابق الواقع، وحين يحصل هذا الوعي مع العلم بمنازل الأعمال في الشرع والتفريق بين الخير والشر في ضوء معاييره، حينها تكون التصورات والأحكام أقرب للصواب
فلننتبه لتأثير الشيطان في دواخلنا، كما ننتبه لشيطنة الناس الجائرة التي تكون من خارجنا، دون إفراط ولا تفريط، مع الأناة والاعتراف بجهل النفس وعدم وضعها في مواضع حكم على الآخرين ليست مؤهلة لها، خاصة في مواضع الاشتباه واختلاط الخير والشر
#رسائل_الوعي
ذو صلة:
https://www.tg-me.com/ttangawi/1524
Telegram
قناة د. طارق عنقاوي
كن واعيا بوعيك!
تتشكل أحيانا ميول قوية في نفوسنا للرفض أو القبول للأفكار، وقد نسير معها ونبني عليها متكاسلين عن التوقف للتساؤل: ما هذا الميول؟ أهو حكم عقلي بني على أساس سليم؟ أو هو شعور نفسي يحتاج لمسائلة أعمق: ما باعثه وما الأفكار الخفية التي تقف وراءه؟…
تتشكل أحيانا ميول قوية في نفوسنا للرفض أو القبول للأفكار، وقد نسير معها ونبني عليها متكاسلين عن التوقف للتساؤل: ما هذا الميول؟ أهو حكم عقلي بني على أساس سليم؟ أو هو شعور نفسي يحتاج لمسائلة أعمق: ما باعثه وما الأفكار الخفية التي تقف وراءه؟…
لمحبي السوداوية وتشويه التاريخ :
التاريخ الإسلامي بما فيه من محاسن وإخفاقات هو في مداه الكبير منحنى صعود للبشر، يعرف ذلك من عرف الجاهلية، وأما من يظن أن في الحياة الدنيا نشاط بشري نزعت منه صفات البشر، فهذا يحتاج أن يتذكر أن الدنيا دار ابتلاء وأن الإسلام لم يأتي لاقتلاع طبيعة البشر بل بإصلاحها، ولم يأت لينقل الناس من دار الابتلاء والنقص لدار الجزاء والكمال قبل أن ينتهي الامتحان
ومن سنن الدنيا أن يظهر للفساد آثار بما كسبت أيدي الناس، ويظهر للعدل والصلاح آثار من بركة الطاعة، وطبيعة هذا التداول السنني تقتضي أن يظهر أثر ذلك في حركة التاريخ فيتلون بآثار الأحوال، ويعتبر الإنسان فينيب ويعتصم بحبل الله
#رسائل_الوعي
التاريخ الإسلامي بما فيه من محاسن وإخفاقات هو في مداه الكبير منحنى صعود للبشر، يعرف ذلك من عرف الجاهلية، وأما من يظن أن في الحياة الدنيا نشاط بشري نزعت منه صفات البشر، فهذا يحتاج أن يتذكر أن الدنيا دار ابتلاء وأن الإسلام لم يأتي لاقتلاع طبيعة البشر بل بإصلاحها، ولم يأت لينقل الناس من دار الابتلاء والنقص لدار الجزاء والكمال قبل أن ينتهي الامتحان
ومن سنن الدنيا أن يظهر للفساد آثار بما كسبت أيدي الناس، ويظهر للعدل والصلاح آثار من بركة الطاعة، وطبيعة هذا التداول السنني تقتضي أن يظهر أثر ذلك في حركة التاريخ فيتلون بآثار الأحوال، ويعتبر الإنسان فينيب ويعتصم بحبل الله
#رسائل_الوعي