في ضوء ذلك نطرح السؤال التالي :
ماهي العلاقة بين ذكر معارف الدين والتوحيد والرسالة الخاتمة وبين إعلان الولاية بهذا الشكل وفي وقت مميز وحسّاس كالرجوع من حجّة الوداع ؟
ولايخفى أيضاً أن هذا اليوم سمّي في النصوص المعتبرة عيداً أكبر ! وأنه من أعظم الأعياد ! وهو في السماء يوم العهد المعهود ! وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ ! ومابعث الله نبيّاً إلاّ وهو يحفظ حرمة هذا اليوم ! والسؤال المهم هنا :
يتبع⬅️

#الرسالة_أعظم_من_النبوة||

لماذا صار عيداً بل عيداً أكبر وأعظم من الأعياد الأخرى في الإسلام ؟
يمكن أن يقال في جواب ذلك :
إن النبوّة أمر غيبي ، والرسالة أمر غيبي أعظم من النبوّة لأنها تمثل الواسطة بين عالم الشهادة وبين عالم الغيب والملكوت ، وأعني بالواسطة هنا الرابطة الوجودية والتكوينية بين عالمنا المشهود وبين عالم الغيب ، ولولا هذه الرابطة لهلك هذا العالم في ظلمات المادة والشهوات والدنيا الفانية .. وذلك لبعده عن عالم الكمال الحقيقي وعالم النور الذي لايعتريه الفناء والزوال .. قال تعالى :
يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . [المائدة ١٦] .

يتبع⬅️

#النبوة_الخاتمة_أعلى_مراتب_الإرتباط_بالله||

ومن هنا أيضاً ينصّ القرآن :
وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ. الانبياء 107.
.. ولولا هذه الرحمة العظمى لكنّا من الهالكين .. بل إننا نرى مع بعثة آلاف الرسل والأنبياء هذا الفساد والظلم والإنحراف على طول التاريخ البشري !! فكيف يمكن أن نتصوّر العالم والحياة الإنسانية بدون الأنبياء والرسالات السماوية ؟!!
ولاشك أن النبوّة الخاتمة هي أعلى مراتب الارتباط بالله سبحانه وتعالى بحيث جعلها الله خاتمة لرسالاته السماوية وأنها مهيمنة على جميع الكتب الإلهية بما فيها من معارف التوحيد والعلم بالله سبحانه وأسمائة الحسنى وصفاته العليا .

يتبع⬅️

#ولاية_إلهية_معصومة||

ولاشك أيضاً أن هذه العلاقة الوجودية بين عالمنا وعالم الغيب لابد أن تستمر حتى بعد موت النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وانتقاله الى الملكوت الأعلى ... ولا أعني هنا الجهة التشريعية بل أقصد الجهة التكوينية التي تحفظ هذا العالم المشهود من الضلال والهلاك .. وهذا الحفظ لايكون إلاّ بولاية إلهية معصومة قادرة على إدراك هذا الدور والمهمة العظمى في حفظ العالم تكويناً وتشريعاً .. وبالتالي سيكون إعلان هذه الولاية واستمرارها عيداً .. ويوم فرح حقيقي لأنه يمثل الفوز المبين من النجاة من الضلال والإنحراف وتحقق القرب والإرتباط بالله سبحانه .. وأن هذا العيد سيكون ( أكبر ) و ( أعظم ) لأن الأعياد الأخرى كعيد الفطر وعيد الأضحى ستكون فروعاً لهذا العيد الأكبر ! بمعنى أنه لولا هذا الارتباط الذي تمثلّه الولاية الإلهية الحقّة لما تحقق عندنا عيد فطر ولا عيد أضحى !! لأن الصوم والحجّ وجميع الأحكام الشرعية الفرعية إنما هي نتائج وثمار الأرتباط الحقيقي بعالم الغيب والألوهية الذي يتجلّى في استمرار الولاية الحقّة .

يتبع⬅️

#عيد_الغدير_الركن_المكمل_للدين||

في ضوء ذلك أيضاً يتضح معنى إكمال الدين وإتمام النعمة الذي نادى به القرآن : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي !
فعيد الغدير وما أعلن فيه من أمر الولاية هو الركن المكمّل للدين .. فكان بذلك عيداً أكبر .. ويوماً إلهياً عظيماً يستحب فيه الصوم والدعاء والزيارة والتقرب والإنابة الى الله عزّ وجلّ.
وإذا كانت مائدة عيسى عليه السلام عيداً .. فكيف لاتكون مائدة الولاية الإلهية النازلة يوم الغدير عيداً للأولين والآخرين ؟!
قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. المائدة 114.

محمود نعمة الجياشي
النجف الأشرف