؛
لا سكينةَ إلا بك، ولا تعويل إلا على جُودك، ولا سعادةَ إلا منك، أنت الذي لولا فضله ورحمته لهُتِكت أستارنا، وفُضِحَتْ أوزارنا، وأظلمت أنوارنا.. لا إله إلا أنت، أنت البر الرحيم، الحَيِيُّ الجميل الكريم،
سبحانك وبحمدك لا نُحصي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسك!
-وجدان العلي.
لا سكينةَ إلا بك، ولا تعويل إلا على جُودك، ولا سعادةَ إلا منك، أنت الذي لولا فضله ورحمته لهُتِكت أستارنا، وفُضِحَتْ أوزارنا، وأظلمت أنوارنا.. لا إله إلا أنت، أنت البر الرحيم، الحَيِيُّ الجميل الكريم،
سبحانك وبحمدك لا نُحصي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسك!
-وجدان العلي.
.
موعظة وتذكير 📮 :
قالَ الأصمعي: أقبلتُ ذاتَ مرةٍ من مسجدِ البصرة إذ طلعَ أعرابي جلف جاف على قعودٍ له مُتقلدًا سيفَهُ، وبيدهِ قوسَه، فدنا وسلّم، وقال: ممّن الرجل؟ قلت: من بني أصمع، قال: أنتَ الأصمعي؟ قلت: نعم. قال: ومن أينَ أقبلت؟ قلت: من موضع يُتلى فيه كلامُ الرَّحمن، قال: وللرّحمنِ كلامٌ يتلوهُ الآدميون؟! قلت: نعم، قال: فاتلُ علي منهُ شيئًا، فقرأت: ﴿والذَّارِياتِ ذَروًا﴾ إلى قوله: ﴿وفِي السَّمَاءِ رِزقُكُم..﴾، فقال: يا أصمعي حسبُك!! ثم قامَ إلى ناقتِهِ فنحرها وقطّعها بجلدها، وقال: أعنِّي على توزِيعِها، ففرقناها على مَن أقبلَ وأدبر، ثم عمد إلى سيفهِ وقوسهِ فكسرهما ووضعهما تحتَ الرحل، وولّى نحو البادية وهو يقول: ﴿وفِي السَّمَاءِ رِزقُكُم ومَا تُوعَدُون﴾، فمقتُّ نفسي ولُمتها، ثم حججتُ مع الرشيد، فبينما أنا أطوفُ إذا أنا بصوتٍ رقِيق، فالتفتُّ فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحلٌ مُصفر، فسلَّم علي وأخذ بيدي، وقال: اتلُ علي كلامَ الرحمن، وأجلسني من وراء المقام، فقرأت: ﴿والذَّارِياتِ ذَروًا﴾ حتى وصلتُ إلى قوله تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رزقُكُم وما تُوعَدُون﴾، فقال الأعرابي: لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقًّا، وقال: وهل غير هذا؟ قلت: نعم، يقول اللّٰه تبارك وتعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ والأَرضِ إنَّهُ لحَقٌّ مِثلَ ما أنَّكُم تَنطِقُون﴾، قال: فصاحَ الأعرابي وقال: يا سُبحان اللّٰه! من الذي أغضبَ الجليل حتى حلف! ألم يُصدِّقوهُ في قَولِهِ حتى ألجئوهُ إلى اليمين؟ فقالها ثلاثًا وخرجت بها نفسه.
📚[تفسير القرطبي، (7\40-41)].
موعظة وتذكير 📮 :
قالَ الأصمعي: أقبلتُ ذاتَ مرةٍ من مسجدِ البصرة إذ طلعَ أعرابي جلف جاف على قعودٍ له مُتقلدًا سيفَهُ، وبيدهِ قوسَه، فدنا وسلّم، وقال: ممّن الرجل؟ قلت: من بني أصمع، قال: أنتَ الأصمعي؟ قلت: نعم. قال: ومن أينَ أقبلت؟ قلت: من موضع يُتلى فيه كلامُ الرَّحمن، قال: وللرّحمنِ كلامٌ يتلوهُ الآدميون؟! قلت: نعم، قال: فاتلُ علي منهُ شيئًا، فقرأت: ﴿والذَّارِياتِ ذَروًا﴾ إلى قوله: ﴿وفِي السَّمَاءِ رِزقُكُم..﴾، فقال: يا أصمعي حسبُك!! ثم قامَ إلى ناقتِهِ فنحرها وقطّعها بجلدها، وقال: أعنِّي على توزِيعِها، ففرقناها على مَن أقبلَ وأدبر، ثم عمد إلى سيفهِ وقوسهِ فكسرهما ووضعهما تحتَ الرحل، وولّى نحو البادية وهو يقول: ﴿وفِي السَّمَاءِ رِزقُكُم ومَا تُوعَدُون﴾، فمقتُّ نفسي ولُمتها، ثم حججتُ مع الرشيد، فبينما أنا أطوفُ إذا أنا بصوتٍ رقِيق، فالتفتُّ فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحلٌ مُصفر، فسلَّم علي وأخذ بيدي، وقال: اتلُ علي كلامَ الرحمن، وأجلسني من وراء المقام، فقرأت: ﴿والذَّارِياتِ ذَروًا﴾ حتى وصلتُ إلى قوله تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رزقُكُم وما تُوعَدُون﴾، فقال الأعرابي: لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقًّا، وقال: وهل غير هذا؟ قلت: نعم، يقول اللّٰه تبارك وتعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ والأَرضِ إنَّهُ لحَقٌّ مِثلَ ما أنَّكُم تَنطِقُون﴾، قال: فصاحَ الأعرابي وقال: يا سُبحان اللّٰه! من الذي أغضبَ الجليل حتى حلف! ألم يُصدِّقوهُ في قَولِهِ حتى ألجئوهُ إلى اليمين؟ فقالها ثلاثًا وخرجت بها نفسه.
📚[تفسير القرطبي، (7\40-41)].
رِفَانْ!
Photo
.
إنَّما نَزلَ هذا القُرآنُ لِهدايةِ قلقِ البشرِيّة.
- فريد الأنصاري.
إنَّما نَزلَ هذا القُرآنُ لِهدايةِ قلقِ البشرِيّة.
- فريد الأنصاري.
واللهِ بتنا نرفعُ أيادينا فنستحي أن ندعوَ الله شيئًا و بطون إخواننا خاوية، بتنا نستحي من النعم حولنا، من دفء المنزل، أطباق الوجبة المكوّمة، سكون الشوارع في آخر الليل، يا أهل النعم لا تغفلوا عن إخوانكم، فليكونوا كل الدعاء، و النوايا في الخبيئة الصالحة، و المناجاة في دلجة الليالي.
رِفَانْ!
✉️:
تَحَمّل مسؤوليّة تفاصيلك..
خُذ مهامك على محمل الجِدّ، واعلم أنّ الحياة صَعبٌ جُلّها، والأيّام تمضي بلا استئذان، واللّحظة تفوت بلا شعور، والفرصة قد لا تعود، فافتَح بابًا بينك والجهد، وإن أتَتكَ منه ريحٌ عاصفة، فتلك طبيعة الحياة!
لا تقلق، واخرج قليلًا من طلب المثاليّة في كلّ شيء! عِش الكَدّ كأنّه خيارك الوحيد، والمحاولة كأنّها كلّ أنفاسك، والخطوة كأنّك لا ترى سواها، وخذ من الإخلاص زادًا تصل به مبتغاك، وإن أخذ الألم شيئًا من ملامحك، وأكَلَ البلاء قطعةً من قلبك، وغَيَّرَت الأيّام جزءًا من شخصيّتك، لا تنكسر!
تَذَكّر لَمَ بدأت؟ لِمَ كلّ هذا التَّعَب؟ مَن يَحمِلُ الجَبَل لا تهدمه حَصاة، ومَن واجَهَ المَوج لا تُغرقه قطرة، إيّاكَ أن تنطفئ، لا تترك غرسك، الزم ثغرك، ولا تَنسَ اللّه! ..
#قُصي 🌿
خُذ مهامك على محمل الجِدّ، واعلم أنّ الحياة صَعبٌ جُلّها، والأيّام تمضي بلا استئذان، واللّحظة تفوت بلا شعور، والفرصة قد لا تعود، فافتَح بابًا بينك والجهد، وإن أتَتكَ منه ريحٌ عاصفة، فتلك طبيعة الحياة!
لا تقلق، واخرج قليلًا من طلب المثاليّة في كلّ شيء! عِش الكَدّ كأنّه خيارك الوحيد، والمحاولة كأنّها كلّ أنفاسك، والخطوة كأنّك لا ترى سواها، وخذ من الإخلاص زادًا تصل به مبتغاك، وإن أخذ الألم شيئًا من ملامحك، وأكَلَ البلاء قطعةً من قلبك، وغَيَّرَت الأيّام جزءًا من شخصيّتك، لا تنكسر!
تَذَكّر لَمَ بدأت؟ لِمَ كلّ هذا التَّعَب؟ مَن يَحمِلُ الجَبَل لا تهدمه حَصاة، ومَن واجَهَ المَوج لا تُغرقه قطرة، إيّاكَ أن تنطفئ، لا تترك غرسك، الزم ثغرك، ولا تَنسَ اللّه! ..
#قُصي 🌿
رِفَانْ!
Photo
.
من شُروط الحجاب الشَّرعي :
أنْ يَكون ساتِرًا للبدن ، فضْفاضًا ، لا يَشف و لا يصف ، لا يَكون مبخَّرًا و لا مطيبًا ، لا يُشبه لباس الرِّجال و لا الكَافرات.
فانظري إلى حجابك هل تَستوفي فيه هذه الشُّروط ؟
فإن كان نعم = ثبّتك الله على ذلِك.
و إن كان لا = فمتىٰ تَستقيم النَّفس و تُطع كلام ربّها ؟
لا تَكوني فتنةً ، أيَليقُ بكِ هذا ؟
تَخرجين بحجاب يحتاج فَوقه حجاب يستركِ ! لا و الله لا يليق.
أعزَّكِ الله و أكرمكِ و وضع لكِ حِجابًا يستركِ و يصونكِ .
- أم عمير.
من شُروط الحجاب الشَّرعي :
أنْ يَكون ساتِرًا للبدن ، فضْفاضًا ، لا يَشف و لا يصف ، لا يَكون مبخَّرًا و لا مطيبًا ، لا يُشبه لباس الرِّجال و لا الكَافرات.
فانظري إلى حجابك هل تَستوفي فيه هذه الشُّروط ؟
فإن كان نعم = ثبّتك الله على ذلِك.
و إن كان لا = فمتىٰ تَستقيم النَّفس و تُطع كلام ربّها ؟
لا تَكوني فتنةً ، أيَليقُ بكِ هذا ؟
تَخرجين بحجاب يحتاج فَوقه حجاب يستركِ ! لا و الله لا يليق.
أعزَّكِ الله و أكرمكِ و وضع لكِ حِجابًا يستركِ و يصونكِ .
- أم عمير.
-
﴿يَومَ يَبعَثُهُمُ اللَّهُ جَميعًا فَيُنَبِّئُهُم بِما عَمِلوا أَحصاهُ اللَّهُ وَنَسوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ﴾ [المجادلة: ٦]
يوم يبعثهم الله جميعًا لا يغادر منهم أحدًا، فيخبرهم بما عملوا في الدنيا من الأعمال القبيحة، أحصاه الله عليهم، فلم يفته من أعمالهم شيء، ونسوه هم فوجدوه مكتوبًا في صحائفهم التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، والله على كل شيء مُطَّلع لا يخفى عليه من أعمالهم شيء.
- المختصر
﴿يَومَ يَبعَثُهُمُ اللَّهُ جَميعًا فَيُنَبِّئُهُم بِما عَمِلوا أَحصاهُ اللَّهُ وَنَسوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ﴾ [المجادلة: ٦]
يوم يبعثهم الله جميعًا لا يغادر منهم أحدًا، فيخبرهم بما عملوا في الدنيا من الأعمال القبيحة، أحصاه الله عليهم، فلم يفته من أعمالهم شيء، ونسوه هم فوجدوه مكتوبًا في صحائفهم التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، والله على كل شيء مُطَّلع لا يخفى عليه من أعمالهم شيء.
- المختصر
رِفَانْ!
﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾[الشرح: ٥-٦]
ِ
وقوله: ﴿فإنَّ مع العُسْرِ يُسْراً. إنَّ مع العُسْرِ يُسْراً﴾: بشارةٌ عظيمةٌ أنَّه كلَّما وُجِدَ عسرٌ وصعوبةٌ؛ فإنَّ اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضبٍّ؛ لدخل عليه اليسر فأخرجه؛ كما قال تعالى: ﴿سيجعل اللهُ بعدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾، وكما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وإنَّ الفرج مع الكرب، وإنَّ مع العسر يسراً ».
وقوله: ﴿فإنَّ مع العُسْرِ يُسْراً. إنَّ مع العُسْرِ يُسْراً﴾: بشارةٌ عظيمةٌ أنَّه كلَّما وُجِدَ عسرٌ وصعوبةٌ؛ فإنَّ اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضبٍّ؛ لدخل عليه اليسر فأخرجه؛ كما قال تعالى: ﴿سيجعل اللهُ بعدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾، وكما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وإنَّ الفرج مع الكرب، وإنَّ مع العسر يسراً ».
رِفَانْ!
﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾[الشرح: ٥-٦]
ِ
وتعريف العسر في الآيتين يدلُّ على أنَّه واحدٌ، وتنكير اليسرِ يدلُّ على تكراره؛ فلن يغلب عسرٌ يسرين.
وتعريف العسر في الآيتين يدلُّ على أنَّه واحدٌ، وتنكير اليسرِ يدلُّ على تكراره؛ فلن يغلب عسرٌ يسرين.
رِفَانْ!
﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾[الشرح: ٥-٦]
ِ
وفي تعريفه بالألف واللاَّم الدالِّ - على الاستغراق والعموم يدل على أنَّ كلَّ عسرٍ وإنْ بلغ من الصعوبة ما بلغ؛ فإنَّه في آخره التيسير ملازمٌ له.
- تفسير السعدي
وفي تعريفه بالألف واللاَّم الدالِّ - على الاستغراق والعموم يدل على أنَّ كلَّ عسرٍ وإنْ بلغ من الصعوبة ما بلغ؛ فإنَّه في آخره التيسير ملازمٌ له.
- تفسير السعدي
.
خُذِ الأمورَ بالعقيدةِ تهون، تخيَّلْ شُهداء غزوة أُحد، حمزة قد بُقِرَ بطنه، ومُثِّلَ به، وها هو مطروحٌ على الأرضِ وقد غطَّى التُّرابُ وجهه، يا له من مشهدٍ أليمٍ لو رأيته هكذا معزولاً عن الحكاية كلّها!
ولكنَّكَ الآن تعرفُ أنّه سيّد الشهداء، وأنه لو قيلَ له في ذلك اليوم: أَتُحِبُّ أن ترجعَ إلى الدُّنيا؟!
لقال: وما يفعلُ المرءُ في الدُّنيا وقد حطَّ رحاله في الجنَّةِ أخيراً؟!
تخيَّلْ فتى قُريشٍ الوسيم المدلَّل مصعب بن عمير، ذاكَ الذي كانت ثيابه تُغسلُ بماءِ الورد، ويُجلَبُ له الطِّيبُ من شتّى أصقاع الأرض، فإنَّ مُرَّ في الطريقِ بعدَ مروره منها يُقال: مرَّ من هنا مصعب!
ها قد انتهى به المطافُ صريعاً على الأرض، قُطعَ ذراعاه اللذان كان يحملُ بهما اللواء، والنَّبيُّ ﷺ ينظرُ إليه فيذرفُ دمعاً عليه ويقولُ: كنتُ أعرفه، كان ألينَ فتى في قريش!ولم يجدوا له كفناً يستره في ذاك اليوم!
وإنَّكَ لو قرأتَ هذه الصّفحة من كتاب حياة مصعب فقط لربما قُلتَ: يا للنهاية البائسة!ولكنَّكَ اليومَ تعرِفُ مضمون الكتاب كلّه، وتعرفُ أنَّ ذاك اليوم كان أسعد أيام مصعب بن عُميرٍ!
وإنَّكَ لو رأيتَ اللحظةَ التي أُضرمتْ فيها نار الأخدود، وبدأ الملكُ الظالم وجنوده يُلقون المؤمنين، لرُبَّما قُلتَ، جهلاً بما غابَ عنك من الحكاية يا له من مَلِكٍ منتصرٍ قضى على خصومه في يومٍ واحد! ويا لهؤلاء البائسين كيف كانت نهايتهم!
ولكنَّكَ الآن تعرفُ الحكاية كلّها من أَلِفِهَا إلى يائها، تعرفُ وتُؤمنُ أن المرءَ يمكنُ أن يخرجَ من الدُّنيا منتصراً ولو خرجَ مقتولاً،وأنَّ المرء، كذلكَ، يمكنه أن يخرجَ من الدُّنيا مهزوماً ولو استطاع أن يذبحَ خصمه! أنتَ تعرفُ هذا جيِّداً، تعرفُ أنَّ أصحاب الأخدود في الجنَّة خالدين فيها أبداً، وتعرفُ أن الملكَ الظالم قد هُزم فقِسْ على ما مضى!
وإنَّكَ لو ولجتَ غُرفةَ تعذيب فرعون في اللحظة التي اطمأنَّ فيها أنَّ الزيتَ قد غَلَى بما يكفي ليذيبَ اللحمَ عن العظمِ، وبدأ يُلقي أولاد الماشطة واحداً إِثْرَ واحدٍ، فما تلبثُ أن تطفو عظامهم، والماشطةُ ترقبُهم دون أن تنبسَ ببنتِ شَفةٍ، غير جملتها الخالدة: ربي وربُّكَ الله! لقلتَ، جهلاً بما قد سلفَ: يا لقساوة هذه الأم ولكنَّكَ سُرعان ما سترى أنَّ دورها قد حان، وأنها لن تطلبَ من فرعون إلا طلباً أخيراً، اِجمعْ عِظامي وعظامَ أولادي وادفنّا في قبرٍ واحدٍ!
ستقولُ، وقد غابتْ عنك مطالع الحكاية، وما وقفتَ على القصيد مُذ أوَّل الطَّللِ: أما كان بإمكانها أن تُبقي على نفسها وأولاده ولكنّكَ الآنَ الآنَ تحديداً، تعرفُ الحكايةَ كلّها، تعرفُ أنّ ماشطةً قد أذلَّتْ كبرياءَ مَلِكٍ كان يقولُ أنا ربكم الأعلى الآن أنتَ تعرفُ أنَّ النَّبي ﷺ قد شمَّ رائحتها ورائحة أولادها في السَّماء كالمسكِ ليلة عُرِجَ به إليها!الآن والآن فقط، أنتَ تعلمُ أن بعض القتلة مهزومون على أيدي ضحاياهم، فإنَّ النَّصرَ ليس في البقاء على قيد الحياة، وإنما في الثبات على العقيدة والمبدأ!ولكَ أن تتخيَّلَ فقط أن نبيَّ اللهِ زكريا قد نُشرَ بالمنشار، وأنَّ رأس السَّيِّدِ الحَصُورِ يحيى قد قُدِّمَ مهراً لبغيٍّ! أمَّا الآن وقد أُسدِلتِ السِّتارة وانفضَّ الجمعُ فاسمعها منِّي: حتى وإنْ تمزّقتِ الأجسادُ، فالأرواحُ في أجواف طيرٍ خُضرٍ، تسرحُ في الجنّةِ حيث شاءتْ، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش! فلا تبكِ عليهم ابكِ على نفسكَ ما يريدُ الشَّهيدُ السَّاجدُ من دُنيايَ ودُنياكَ ولأيِّ شيءٍ ترجعُ امرأةٌ كان آخر عهدها بالدُّنيا أنَّها نامت بثوب صلاتها كي لا تظهر عورتها إذا ما انتشلوها من تحت الأنقاض؟!
وما الجميلُ في دُنيايَ ودُنياكَ حتى يتركَ أطفال غزَّة إبراهيم عليه السّلام وسارة ويرجعون إليها؟!
لا تبكِ عليهم يا صاحبي، ابكِ على نفسكَ، فإنَّه لو قيل الآن لشهداء قوّات النُّخبة يوم العبور المجيد تمنُّوا، لقالوا: اللهُمَّ عُبوراً كلَّ يومٍ، وشهادةً كلَّ يوم، فإنما يوم سَعْدِ الحُرِّ حين يغتسلُ بدمه!
- أدهم شرقاوي.
خُذِ الأمورَ بالعقيدةِ تهون، تخيَّلْ شُهداء غزوة أُحد، حمزة قد بُقِرَ بطنه، ومُثِّلَ به، وها هو مطروحٌ على الأرضِ وقد غطَّى التُّرابُ وجهه، يا له من مشهدٍ أليمٍ لو رأيته هكذا معزولاً عن الحكاية كلّها!
ولكنَّكَ الآن تعرفُ أنّه سيّد الشهداء، وأنه لو قيلَ له في ذلك اليوم: أَتُحِبُّ أن ترجعَ إلى الدُّنيا؟!
لقال: وما يفعلُ المرءُ في الدُّنيا وقد حطَّ رحاله في الجنَّةِ أخيراً؟!
تخيَّلْ فتى قُريشٍ الوسيم المدلَّل مصعب بن عمير، ذاكَ الذي كانت ثيابه تُغسلُ بماءِ الورد، ويُجلَبُ له الطِّيبُ من شتّى أصقاع الأرض، فإنَّ مُرَّ في الطريقِ بعدَ مروره منها يُقال: مرَّ من هنا مصعب!
ها قد انتهى به المطافُ صريعاً على الأرض، قُطعَ ذراعاه اللذان كان يحملُ بهما اللواء، والنَّبيُّ ﷺ ينظرُ إليه فيذرفُ دمعاً عليه ويقولُ: كنتُ أعرفه، كان ألينَ فتى في قريش!ولم يجدوا له كفناً يستره في ذاك اليوم!
وإنَّكَ لو قرأتَ هذه الصّفحة من كتاب حياة مصعب فقط لربما قُلتَ: يا للنهاية البائسة!ولكنَّكَ اليومَ تعرِفُ مضمون الكتاب كلّه، وتعرفُ أنَّ ذاك اليوم كان أسعد أيام مصعب بن عُميرٍ!
وإنَّكَ لو رأيتَ اللحظةَ التي أُضرمتْ فيها نار الأخدود، وبدأ الملكُ الظالم وجنوده يُلقون المؤمنين، لرُبَّما قُلتَ، جهلاً بما غابَ عنك من الحكاية يا له من مَلِكٍ منتصرٍ قضى على خصومه في يومٍ واحد! ويا لهؤلاء البائسين كيف كانت نهايتهم!
ولكنَّكَ الآن تعرفُ الحكاية كلّها من أَلِفِهَا إلى يائها، تعرفُ وتُؤمنُ أن المرءَ يمكنُ أن يخرجَ من الدُّنيا منتصراً ولو خرجَ مقتولاً،وأنَّ المرء، كذلكَ، يمكنه أن يخرجَ من الدُّنيا مهزوماً ولو استطاع أن يذبحَ خصمه! أنتَ تعرفُ هذا جيِّداً، تعرفُ أنَّ أصحاب الأخدود في الجنَّة خالدين فيها أبداً، وتعرفُ أن الملكَ الظالم قد هُزم فقِسْ على ما مضى!
وإنَّكَ لو ولجتَ غُرفةَ تعذيب فرعون في اللحظة التي اطمأنَّ فيها أنَّ الزيتَ قد غَلَى بما يكفي ليذيبَ اللحمَ عن العظمِ، وبدأ يُلقي أولاد الماشطة واحداً إِثْرَ واحدٍ، فما تلبثُ أن تطفو عظامهم، والماشطةُ ترقبُهم دون أن تنبسَ ببنتِ شَفةٍ، غير جملتها الخالدة: ربي وربُّكَ الله! لقلتَ، جهلاً بما قد سلفَ: يا لقساوة هذه الأم ولكنَّكَ سُرعان ما سترى أنَّ دورها قد حان، وأنها لن تطلبَ من فرعون إلا طلباً أخيراً، اِجمعْ عِظامي وعظامَ أولادي وادفنّا في قبرٍ واحدٍ!
ستقولُ، وقد غابتْ عنك مطالع الحكاية، وما وقفتَ على القصيد مُذ أوَّل الطَّللِ: أما كان بإمكانها أن تُبقي على نفسها وأولاده ولكنّكَ الآنَ الآنَ تحديداً، تعرفُ الحكايةَ كلّها، تعرفُ أنّ ماشطةً قد أذلَّتْ كبرياءَ مَلِكٍ كان يقولُ أنا ربكم الأعلى الآن أنتَ تعرفُ أنَّ النَّبي ﷺ قد شمَّ رائحتها ورائحة أولادها في السَّماء كالمسكِ ليلة عُرِجَ به إليها!الآن والآن فقط، أنتَ تعلمُ أن بعض القتلة مهزومون على أيدي ضحاياهم، فإنَّ النَّصرَ ليس في البقاء على قيد الحياة، وإنما في الثبات على العقيدة والمبدأ!ولكَ أن تتخيَّلَ فقط أن نبيَّ اللهِ زكريا قد نُشرَ بالمنشار، وأنَّ رأس السَّيِّدِ الحَصُورِ يحيى قد قُدِّمَ مهراً لبغيٍّ! أمَّا الآن وقد أُسدِلتِ السِّتارة وانفضَّ الجمعُ فاسمعها منِّي: حتى وإنْ تمزّقتِ الأجسادُ، فالأرواحُ في أجواف طيرٍ خُضرٍ، تسرحُ في الجنّةِ حيث شاءتْ، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش! فلا تبكِ عليهم ابكِ على نفسكَ ما يريدُ الشَّهيدُ السَّاجدُ من دُنيايَ ودُنياكَ ولأيِّ شيءٍ ترجعُ امرأةٌ كان آخر عهدها بالدُّنيا أنَّها نامت بثوب صلاتها كي لا تظهر عورتها إذا ما انتشلوها من تحت الأنقاض؟!
وما الجميلُ في دُنيايَ ودُنياكَ حتى يتركَ أطفال غزَّة إبراهيم عليه السّلام وسارة ويرجعون إليها؟!
لا تبكِ عليهم يا صاحبي، ابكِ على نفسكَ، فإنَّه لو قيل الآن لشهداء قوّات النُّخبة يوم العبور المجيد تمنُّوا، لقالوا: اللهُمَّ عُبوراً كلَّ يومٍ، وشهادةً كلَّ يوم، فإنما يوم سَعْدِ الحُرِّ حين يغتسلُ بدمه!
- أدهم شرقاوي.