Telegram Web Link
��منهج_الصحابة_في_متابعة_الرسول_8�.pdf
795 KB
🕋الطريق إلى الحجة المبرورة 🕋

🕋خطة سير النبي صلى الله عليه وسلم في حجة🕋

🕋منهجية الصحابة في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم🕋

✍️تأليف د.عادل الحمد✍️

👇الحلقة في أول تعليق👇

#رابطة_علماء_المسلمين
#الحج_المبرور
#حج_1445هـ
#حجاج_بيت_الله
الطريق إلى الحجة المبرورة (8)
منهجية الصحابة فِي متابعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم:
لعل من أهمِّ الأسباب الَّتِي أدت إلى هَذَا الانحراف فِي خطَّة سير إداريي حملات الحجِّ هو مخالفتهم لمنهجيَّة الصحابة فِي متابعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وتعليم النَّاس هَذِهِ المنهجيَّة.
ومن أفضل ما قرأت فِي هَذَا الموضوع ما كتبه الشَّيخ عبدالرحمن عبدالخالق رحمه الله فِي كتابه اللَّطيف (الطريق إلى حجٍّ مبرور) والذي عالج فيه هَذِهِ المسألة بشكل واضح، أقتطف منه هَذِهِ الفقرات:
قال الشيخ رحمه الله: ((يقسم العلماء أمور العبادة إلى أركان وواجبات ومستحبَّات أو سنن. فالأركان ما كان بمثابة الهيكل الضَّروري للعبادة الذي إذا انهدم ركن منه انهدمت العبادة، والواجب بمثابة الجزء اللازم الذي يطلب فعله وجوبًا، ولكن لا يؤثر تركه سهوًا أو عمدًا فِي صحة العبادة وقبولها، وأما المستحبَّات أو ما يسميه بعضهم بالسنن فهي أجزاء تكميلية تحسينية تضفي على العبادة رونقًا وحلاوةً وتحسينًا، ولا يطلب فعلها وجوبًا، وليس تاركها بمذموم شرعًا، وإن كان فاعلها مأجورًا مثابًا.
وهذا التقسيم جميل فِي ذاته حسن من حيث المنطق والصواب، إذ يضع أيدينا على الأهم فالأهم فِي العبادة فلا نضيع ا لأمور اللازمة الضرورية فِي سبيل تحصيل الأمور التحسينية التكميلية.
وهذا الأمر – أعني وضع كلِّ جزء من العبادة فِي درجته ومنزلته – هو غاية علم الفقه، فهمُّ الفقيه أن يقدر قيمة كل جزء من أجزاء التكليف وأن يعطيه الحكم المناسب؛ ليكون السير فِي أمور العبادة على نور وبصيرة))( ).
((والحق أن البحث الفقهي التقنيني لأدنى صورة ممكنة تصح العبادة بها قلَّص العبادة وشلَّها، وأفقدها ليس فقط رونقها وبهاءها، ولكن هيكلها ومضمونها، وقد رأيت بنفسي من يعتمد على مثل هَذِهِ الأقوال السالفة فيؤدي حجًّا يكاد أن يكون خلوًا من الشكل والمضمون))( ).
((ولا أشك أنَّنَا سنضلُّ الطَّريق إلى الحجِّ الصَّحيح بل وإلى كل عبادة صحيحة إن نحن درسناها على أساس الهيكلية اللازمة أولاً ثُمَّ الواجب ثانيًا ثُمَّ المستحبَّات ثالثًا!
بل الفقه فِي ذلك أن نسأل كيف حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحجّ مثل حجِّه، وكيف صلَّى فنصلي مثل صلاته، وهكذا، ثُمَّ يكون وزننا لجزئيات العبادة بعد ذلك على أساس الأمر اللازم بها فنهتمُّ به، والأمر المخير الذي لا يلزمنا فنحرص عليه ما استطعنا ولا نبطل عملنا إن تركناه. وهذا هو الفقه الذي كان عليه الصحابة الكرام، وسأضرب على ذلك مثالًا.
لا يشكُّ فقيهٌ وعالمٌ أن تقبيل الحجر الأسود من المستحبات، فليس تقبيله واجبًا ولا ركنًا ولكن انظر كيف يعلم ابن عمر رضي الله عنه رجلًا سأله عن حكم تقبيل الحجر الأسود.
روى البخاري رحمه الله فِي صحيحه بإسناده عن الزبير قال: سَــأَلَ رَجُــــلٌ ابْنَ عُمَــــرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَـنِ اسْتِلاَمِ الحَجَــــرِ، فَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُــولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُـهُ وَيُقَبِّلُهُ» قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ، أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ، قَـالَ: «اجْعَـلْ أَرَأَيْتَ بِاليَمَـنِ، رَأَيْتُ رَسُــولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ».
انظر إلى هَذَا الفقه العجيب من ابن عمر رضي الله عنهما وهو يُعلِّم هَذَا السائل حكم تقبيل الحجر الأسود واستلامه. فأنَّه ما زاد على إخباره برؤية الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يستلمه ويُقبِّله، ولم يكن ابن عمر يجهل أن هَذَا أمر من مستحبَّات الحجِّ ومكمِّلاته، ولكنه ترك سائله يحاول جاهدًا فعل هَذَا الأمر والاقتداء بسنة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ليكون له بذلك الأجر والمثوبة. ولقد حاول سائله أن يجد لنفسه فسحة فِي إفتاء ابن عمر له بترك استلام الحجر وتقبيله، فقال له مكررًا: أرأيتَ إن غُلبتُ، أرأيتَ إن زُحمتُ. فقال له اترك أرأيت باليمن!
فإما أن يكون السائل من أهل اليمن فقال له اترك أرأيت فِي بلدك وحاول أن تقتدي برسولك صلى الله عليه وسلم، وإما أن يكون ابن عمر أراد اترك أرأيت بعيدًا بعد اليمن، وحاول أن تستلم الحجر وتُقبِّله امتثالاً لفعل نبيك صلى الله عليه وسلم، فإن غُلبت حقيقة وإن زُحمت حقيقة ولم تجد وقتًا ومتَّسعًا لفعل ذلك فلا شكَّ أنك ستجد الفتوى جاهزة عند أربابها، ولكن بعد وقوع الأمر وفشلك فِي تطبيق هَذِهِ السنَّة))( ).
((فلا يكن همُّك أن تؤدي حجَّك على أقل صورة مستطاعة، وليكن همُّك وغايتك أن تمتثل أمرَ ربِّك الذي قال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]، فأمر بالإتمام، وليكن همُّك أيضًا الاقتداء بسُنَّة نبيِّك صلى الله عليه وسلم الذي قال: ((خذوا عني مناسككم)) واعلم أنَّ الحجَّ إن سنح لك مرَّة فِي عمرك فقد لا يسنح لك أخرى، ولن تستطيع تعويض ما نقص لك ثانية.
فليكن سؤالك أولاً وقبل كل شيء: كيف حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فحُجَّ مثل حجِّه، فإن فاتك شيء بعد أن جهدت فِي تحصيله وأتعبت نفسك فِي الإتيان به، فاسأل أهل العلم عن حكم ذلك، وأقول اسأل أهل العلم وسيكون بحثك عن أهل العلم عسيرًا، فاصبر فإنهم قلة - والله - فِي وقت كثُرَ فيه الأدعياء))( ).
نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل حسن يوسف الحمد
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
صفة التكبير في العشر ذي الحجة
اختلف العلماء في صفة التكبير في العشر الأولى من ذي الحجة على أقوال:

الأول: "الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله ، الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد"
الثاني: "الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله ، الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد"
الثالث: "الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله ، الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد ."
والأمر واسع في هذا لعدم وجود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة معينة.
#رابطة_علماء_المسلمين
#عشر_ذو_الحجة
#التكبير
صفة_الحج_والعمرة_وأحكامهما،_أ_د_كامل_صلاح.pdf
585.5 KB
📗صفة الحج والعمرة واحكامهما📗

✍️تأليف أ.د كامل صبحي صلاح✍️

🔵للقراءة والتحميل على التلقرام🔵

#رابطة_علماء_المسلمين
#الحج_المبرور
#حج_1445هـ
#حجاج_بيت_الله
#ذو_الحجة
��الإرشاد في حملات الحج_9�.pdf
734.7 KB
🕋الطريق إلى الحجة المبرورة 🕋

🕋خطة سير النبي صلى الله عليه وسلم في حجة🕋

🕋الإرشاد في حملات الحج🕋

✍️تأليف د.عادل الحمد✍️

👇الحلقة في أول تعليق👇

#رابطة_علماء_المسلمين
#الحج_المبرور
#حج_1445هـ
#حجاج_بيت_الله
الطريق إلى الحجة المبرورة (9)
الإرشاد فِي حملات الحجِّ:
تُلزَم حملات الحجِّ من قبل إدارة بعثة الحجِّ الحكومية بوجود مُرشد للحجَّاج معها لتعليمهم أحكام النُّسك، وهذا أمر طيب، ولكن ما واقع المرشدين فِي هَذِهِ الحملات، وما الصعوبات الَّتِي يواجهونها فِي عملهم؟ وما موقعهم من الخطَّة الإدارية فِي حملات الحجِّ؟
غالب حملات الحجِّ تُخطِّط لمسيرة الحُجَّاج ثُمَّ تُمليها على المُرشد، وعليه أن يوجه الإرشاد والأقوال بما يتناسب مع الخطَّة الإدارية وليس العكس.
بل بعض هذه الحملات تشترط على المُرشد ألَّا يقول بخلاف رأي الإدارة فِي مسائل الحجِّ، وإلَّا لن يؤخذ معهم فِي المرَّات القادمة!
فيقع المُرشد فِي حَيْرَة من أمره، بين أن يُبَيِّن الحقَّ الذي يدين الله به ويُرشد النَّاس للهدي النَّبَوِي وتكون النتيجة ألَّا يخرج معهم مرة ثانية، وبين أن يسكت ويُضيِّع على الحُجَّاج أجورًا عظيمة، أو بين أن يُوقعهم فِي حَرج ونَقص فِي حجَّتهم، حتى يوافق رأي الإدارة ويستمر فِي الحجِّ معهم!
وأحسب أنَّ المُرشد الذي آتاه الله علمًا ونورًا وبصيرةً بالهدي النَّبَوِي فِي الحجِّ، لن يَغشَّ الحُجَّاج وسَيُبَيِّن لهم الحقَّ ولو أغضب إدارة حملات الحجِّ.
ونصيحتي لإخواني المُرشدين فِي الحجِّ أن يتَّقوا الله فِي الحُجَّاج؛ فإنَّهم أمانة فِي أعناقهم فلا يضيعونهم لِعَرَضٍ من الدنيا قليل.
إدارة بعثات الحجِّ الحكومية:
لا يختلف الكلام عن إدارة بعثات الحجِّ الحكومية عمَّا ذكرنا عن إدارة حملات الحجِّ، فهناك تشابه واضح وملموس فِي المسائل الَّتِي مرَّت يمكن لإدارة بعثات الحجِّ الاستفادة منها.
ولكن هنا سؤال لإدارة بعثات الحجِّ الحكومية:
هل خُطَّتكم مبنيَّة على خُطَّة سير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ أم أنَّها مخالفة لها؟ وهل لكم دور فِي تحقيق الحاجِّ الحَجَّةَ المبرورةَ؟
ويمكن معَرَفَة الإجابة من خلال عرض بعض النُّقاط:
الأولى:
توزيع مساحات الأرض فِي مِنَى لا يتناسب مع الأعداد المرخَّص لها من قبل إدارة بعثة الحجِّ لكلِّ حملة، مما يحرج إدارة حملات الحجِّ فِي مسألة البقاء فِي مِنَى.
كنا نحجُّ سابقًا من البحرين بأعدادٍ أكثر بكثير من هَذِهِ الأعداد الحالية فِي هَذِهِ الأعوام المتأخرة، فقد كانت تصل أعداد الحُجَّاج إلى أحد عشر ألف حاجٍّ، واليوم عدد الحُجَّاج ثلاثة آلاف حاجٍّ!
وكان النَّاس سابقًا يجلسون فِي مِنَى من اليوم الثامن حتى نهاية أيَّام التَّشرِيق، ولا يعرفون السَّكن فِي مَكَّة أيَّام الحجِّ إلا بعد انتهاء النُّسك، فأين الخلل؟ هل قلصت مساحة مِنَى الَّتِي تُعطى لأهل البحرين؟ وإذا كان كذلك فلماذا لا يُرخص للعدد الذي يتيسَّر له البقاء فِي مِنَى حسب المساحة المعطاة؟!
قد تتعذَّر إدارة بعثة الحجِّ الحكومية بأن إدارة حملات الحجِّ لا تستفيد من مِنَى ولا تجلس فيها، وهذا خطأ إدارة حملات الحجِّ بلا شكَّ، ولكن الخطأ لا يُعالَج بخطأ مثله.
بإمكان إدارة بعثة الحجِّ الحكوميَّة أن تمنح المساحة الكافية لإدارة حملة الحجِّ الَّتِي توافق خُطَّتها الهدي النَّبَوِي فِي البقاء فِي مِنَى طوال أيَّام التَّشرِيق، وتمنع تمامًا من يسلك مسلك المرور على مِنَى أيَّام التَّشرِيق للرمي والتجول فيها بضع ساعات ثُمَّ يخرج إلى سكنه فِي مكة.
بإمكان إدارة بعثة الحج الحكومية كذلك أن تُرخِّص للأعداد المناسبة للمساحة المُعطاة فِي مِنَى بما يكفي للبقاء لمن أراد فتكون عونًا لإدارة حملات الحجِّ على تطبيق هدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي المبيت فِي مِنَى.
الثانية:
توزيع الأرض فِي مزدلفة، يقال فيه مثل ما قيل فِي أرض مِنَى، ويُضاف عليها أنَّ بعض إدارة حملات الحجِّ تعلن بصراحة أن إدارة بعثة الحجِّ الحكومية تُلزمهم بالخروج من مزدلفة ليلًا وعدم المبيت، فإن كان هَذَا واقعًا فعلًا تصريحًا أو تلميحًا، فهو مخالفٌ لهدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ ولا يجوز لأحد أن يُلزم النَّاس بمخالفة هدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل حسن يوسف الحمد
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
فضل التكبير في العشر الأولى من ذي الحجة / لفضيلة الشيخ د. صالح بن علي الوادعي
#العشر #عشر_ذي_الحجة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من وصايا العشر / العناية بقوت الأهل - لفضيلة الشيخ د. صالح بن علي الوادعي
#العشر #عشر_ذي_الحجة
حول حديث نهي المضحي عن الأخذ من شعره وأظفاره ..لا يجوز التشكيك في السنة الصحيحة:
بقلم الشيخ د. عبد الآخر حماد
#الأضحى #عيد_الأضحى #الأضحية

الحمد لله وبعد : فقد ذكرت في مقال سابق خلاف العلماء في مسألة أخذ من أراد الأضحية من شعره وأظفاره في أيام عشر ذي الحجة ، وأنَّ من العلماء من قال بكراهة ذلك فقط ، ومنهم قال بالتحريم .وذكرت أن الذي نميل إليه هو القول بالتحريم ،وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله ،وذلك عملاً بحديث أم سلمة في صحيح مسلم ( 1977) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة ،وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) وفي رواية : ( فلا يمس من شعره وبشره شيئاً ) .

ثم رأيت كلاماً لبعض المعاصرين مفاده التشكيك في هذا القول ، وأنه قول المتشددين الذين يريدون أن يفرضوا رأيهم على الناس ويلزموiم به . كما أعاد بعضهم نشر كلام للشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ، الرئيس السابق للمحاكم الشرعية بقطر ،كان قد نشره في مقال بمجلة الأمة عدد ذي الحجة 1403ه ، ومضمونه التشكيك في حديث أم سلمة حيث قال : ( هذا الحديث ورد من طريق أم سلمه وحدها، ولم يروه أحد من الصحابة غيرها، وقد أنكرت عائشة على أم سلمة هذا الحديث مبينة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق من أحرموا بالحج، وذلك لكون أهل المدينة يهلون بالحج عند طلوع هلال ذي الحجة، قالت: ولقد فتلت قلائد هدى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمتنع من شيء كان مباحاً ،أي لا من الطيب ولا من النساء، ولا غير ذلك من شعره وأظفاره ) .وقد وقفت على كلام قريب من هذا للدكتور عصام البشير وزير الأوقاف السوداني السابق ،ومن قبله وقفت على كلام بنفس المعنى للشيخ القرضاوي رحمه الله . وتعليقاً على ذلك كله أقول وبالله التوفيق :

1-إن اعتبارهم انفراد أم سلمة برواية الحديث مدعاةً للتشكيك في صحته ، هو اعتبار غير صحيح . والصحيح أن انفراد الصحابي برواية حديث ليس بقادح فيه .وهذه دواوين السنة مملوءة بالأحاديث التي لم يروها غير صحابي واحد ، ومع ذلك فهي -متى ما صح سندها إلى ذلك الصحابي- متلقاة من الأمة بالقبول .فحديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، مثلاً ،وهو فاتحة صحيح البخاري ،لم يروه إلا عمر رضي الله عنه ، ومع ذلك فهو أحد الأحاديث العظام ،التي عليها مدار الإسلام كما ذكره الإمام النووي وغيره .

2-ومع ذلك فلم تنفرد أم سلمة بذكر هذا الحكم ،بل كان كثير من الصحابة يقولون به، كما في مستدرك ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ (4/ 221) ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﻗﺎﻝ: ( جاء رجل من عتيك فحدث سعيد ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ أن ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳَﻌْﻤﺮ يقول : من اشترى أضحية في العشر فلا ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻭأظفاره . قال ﺳﻌﻴﺪ: نعم ، فقلت : عمن يا أبا محمد؟ قال : عن ﺃﺻﺤﺎﺏ رسول الله ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ). والخبر صححه الشيخ الألباني في الإرواء (4/ 377 ، 378) ، ثم قال :( وفي هذا دليل على أن هذا الحديث كان مشهوراً بين الصحابة رضي الله عنهم ، حتى رواه ابن المسيب عن جماعة منهم ، وهو وإن لم يصرح بالرفع عنهم ،فله حكم الرفع ؛لأنه لا يقال بالاجتهاد والرأي ).

3-وكذا لا يصح قولهم :إن عائشة أنكرت على أم سلمة ، لأنها إنما أنكرت على ابن عباس ، كما أخرجه البخاري ( 1700) ومسلم ( 1321) عن ﻋَﻤْﺮﺓ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ : ( أن زياداً ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ: ﺇﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﺃﻫﺪﻯ ﻫﺪﻳﺎً ﺣَﺮُﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳَﺤﺮُﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺤﺮ ﻫﺪﻳﻪ. ﻗﺎﻟﺖ ﻋﻤﺮﺓ: ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ : ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺃﻧﺎ ﻓﺘﻠﺖ ﻗﻼ‌ﺋﺪ ﻫﺪﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﺪﻱ، ﺛﻢ ﻗﻠﺪﻫﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﺪﻳﻪ، ﺛﻢ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﻣﻊ أَبي ﻓﻠﻢ ﻳَﺤﺮُﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷﻲﺀ ﺃﺣﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻧﺤﺮ ﺍﻟﻬﺪي ).فعائشة أنكرت على ابن عباس لما جعل مَن أهدى هدياً للبيت الحرام في حكم الحاج من كل وجه ، ولم تتعرض لما جاء في حديث أم سلمة من النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار فقط .

4-نعم قد يُرى تعارض ظاهر بين حديثي أم سلمة وعائشة ؛ من حيث كون حديث عائشة يدل بظاهره على أنه لا يحرم شيء على المُهدي ( ومثله المضحي ) ، وحديث أم سلمة يدل عليه أنه يحرم عليه الأخذ من الشعر والأظفار .وقد أشرت في مقال سابق إلى ما ذكره ابن قدامة في الجمع بينهما في المغني ( 11/ 96) من أن حديث عائشة عام ، وحديث أم سلمة خاص ، أي يحمل حديث عائشة على غير ما ذكر في حديث أم سلمة ، بمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يجتنب النساء ولا الطيب ولا اللباس ،ولا غير ذلك مما يتكرر ، وأما ما لا يفعل إلا كل عدة أيام كقص الشعر ،وقلم الأظفار ،فالظاهر أن عائشة لم تُرده بخبرها، فيُعمل فيه بحديث أم سلمة .
هذا ﻭقد أجاب الإمام ﺃﺣﻤﺪ بجواب آخر ،حيث ذكر كما في ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻻ‌ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ( 17 / 234 ) أنه ﺫﻛﺮ الحديثين ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ ، فلم يُفده بشيء في الجمع بينهما ﻗﺎﻝ: ( ﻓﺬﻛﺮﺗﻪ ﻟﻴﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ: ﺫﺍﻙ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ،ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺚ ﺑﺎﻟﻬﺪﻱ ﻭﺃﻗﺎﻡ، ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﻀﺤﻲ ﺑﺎﻟﻤِﺼْﺮ، ﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ: ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﻗﻮﻝ) . أي يحمل حديث عائشة كما ذكر ابن القيم في تهذيب السنن ( 7/ 347) على صاحب الهدي ، وحديث أم سلمة على صاحب الأضحية ، فحديث عائشة يدل على أن من بعث بهديه ، وأقام في أهله فإنه يُقيم حلالاً ،ولا يكون مُحرماً بإرسال الهدي، وأما حديث أم سلمة فيدلُّ على أن مَن أراد أن يُضحِّي أمسكَ في العشر عن أخذ شعره وظفره. ثم قال رحمه الله : ( فأيّ منافاة بينهما ؟ ولهذا كان أحمد وغيره يعمل بكلا الحديثين، هذا في موضعه، وهذا في موضعه ).
وبعد : فنحن -وإنْ ملنا إلى القول بالتحريم ، ولو من باب الخروج من خلاف العلماء - لا ننكر عل من قال بالقول الآخر ،لأنه في النهاية قول طائفة من أهل العلم ، بل هو قول الجمهور . لكنا ننكر على من يشكك في الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تلقتها الأمة بالقبول . ففرق كبير بين من اعتبر ما جاء في حديث عائشة قرينةً تصرف النهي الوارد في حديث أم سلمة من التحريم إلى الكراهة فقط ، وبين من أراد التشكيك في حديث صحيح تلقته الأمة بالقبول . هذا والله تعالى أعلم .

د. عبد الآخر حماد
عضو رابطة علماء المسلمين
3/ 12/ 1445هـ- 9/ 6/ 2024م
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من وصايا عشر ذي الحجة - الاستغفار
لفضيلة الشيخ د. صالح الوادعي
#العشر #عشر_ذي_الحجة #الاستغفار
��الأمر ليس بجديد_10�.pdf
829.6 KB
🕋الطريق إلى الحجة المبرورة 🕋

🕋خطة سير النبي صلى الله عليه وسلم في حجة🕋

🕋الأمر ليس بجديد🕋

✍️تأليف د.عادل الحمد✍️

👇الحلقة في أول تعليق👇

#رابطة_علماء_المسلمين
#الحج_المبرور
#حج_1445هـ
#حجاج_بيت_الله
الطريق إلى الحجة المبرورة (10)
الأمر ليس بجديد
من توفيق الله أنِّي وقفت على مقالٍ كتبه الشَّيخ عبدالله بن حميد رحمه الله عام 1385ه، يردُّ فيه على مقال كُتب فِي صحيفة سعوديَّة يزعم فيه كاتب المقال أنَّ موافقة خُطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ هي من التَّعسير على الحُجَّاج. وقد أوردت غالب الردِّ فِي المسائل الَّتِي نحتاج إليها فِي هَذِهِ الرسالة:
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد: تعقيب وتنبيه حول مقال [الحجُّ بين التَّعسير والتَّيسير]
نشرت جريدة البلاد بعدديها الصادرين فِي 6 محرم، وفي 12 منه، سنة 1385ه، كلمتين للأستاذين الفاضلين: صالح محمد جمال، وأخيه أحمد محمد جمال؛ ومع شكري لهما وتقديري لمواقفهما الإسلاميَّة، بارك الله فيهما، وفي علومهما، غير أنَّه لابدَّ من إيضاح ما ورد من الخطأ فِي كلمتيهما.
قال الأخ الفاضل صالح فِي كلمته بعنوان: "الحجُّ بين التَّعسير والتَّيسير": ذكَّرني هَذَا الاقتراح، بما يعمد إليه خطباء المساجد عندنا، فِي كل عام فِي موسم الحجِّ، من إيراد صفة حجِّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحث الحُجَّاج أن يحجُّوا كما حجَّ تمامًا... إلخ.
أقول: ناهيك بهذا شرفًا وفضلاً، من أنَّ المسلمين يحجُّون كما حجَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأنَّ فيهم من يأمر بذلك، ويحثُّ عليه، ويُرغِّب فيه؛ فإنَّ الله أمرنا باتِّباعه، والتمسُّك بهديه. فقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، فهل يجوز لنا أن نُغيِّر فِي شرع الله ودينه؟ وفي صفة الحجِّ وهيئته؟ بحجَّة الفروق الزمنيَّة، واختلاف الوسائل العصريَّة؟! فيختصُّ الشَّرع فِي أناس كانوا فبانوا؟!.
لا أظنُّ أنَّ أحدًا من المسلمين يقول بهذا، أو يعيب على من حثَّ بالاقتداء بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ، أو الصَّلاة، أو الزَّكاة، والصوم، وغيرها من شرائع الإسلام، فقد قال عبد الله بن مسعود: "اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا، فَقَدْ كُفِيتُمْ"، وقال: "إِنَّكُمُ الْيَوْمَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْهَدْيِ الْأَوَّلِ".
مع أنَّ الحثَّ هو الحضُّ، والتَّرغيب وليس الإلزام والإيجاب، فهل يريد الأخ أن لا يذكر شيء أبدًا مما جاء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي صفة الحجِّ؟!.
...
ثم قال الأستاذ: ولو أراد الحجيج كلُّهم أن يأخذوا بدعوة هؤلاء الخُطباء لدُقَّت الأعناق... إلخ.
أقول: لو تمسَّك النَّاس بحجِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدوا فيه الخَير والبركة والهدوء، والرَّاحة التَّامة؛ فهذا الحجيج ينصرفون من عرفات إلى مزدلفة دفعة واحدة، وما دُقَّت الأعناق، ولا كُسِّرت الرواحل، ولا تعطَّلت الحركة، وما حصل إلا الخير. ثُمَّ هم ينفرون من مِنَى دفعة واحدة إلى مكة، ولا يبقى إلا القليل على كثرتهم.
وهؤلاء الخطباء لم يأتوا بشيء من عنديَّاتهم، أو استحساناتهم، حتى نترك أقوالهم، أو يمنعون من صيغ الخطب، الَّتِي يلقونها، وهي إيراد صفة حجِّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما تفضلتم بذلك.
وبعد أن فُرض الحجُّ، أمر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أن يُنادى فِي الناس، بأنَّه سيحجُّ هَذَا العام، ليقتدوا بأفعاله، وليعلمهم طريقة أداء المناسك، فهل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أراد من هَذَا العمل، ومن قوله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم" تكليف أُمَّته والشقِّ عليهم؟! لا والله. ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة: 128]. وإذا لم نَتَّبع هدي الرَّسُول ونقتدي به، فمن نتَّبع؟ وكيف نُعَلِّم الجاهل، إذا كان حجُّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فيه تكليف؟!
ثم قال الأخ صالح: ولولا رحمة الله الَّتِي تمثَّلت فِي اختلاف المذاهب الأربعة لكان الحجُّ عملية جدَّ شاقَّة.
أقول: أصحاب المذاهب الأربعة لم يقصدوا مخالفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لغرض التوسعة على الناس، وليست أقوالهم شرعًا يُتبع إذا خالفت النَّصَّ، بل كلٌّ منهم يتحرى ما أمر به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أو فعله، أو أقرَّه، لا أنهم يأتون بأحكام جديدة لم تستند على دليل!
وهذا الاختلاف إنما نشأ عن حُسن نيَّة وتطلُّب للحقِّ، وإلا فكلُّهم مُجْمِعون على أنَّ أي قول يقولونه مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضرب به عرض الحائط، قال هَذَا المعنى أبو حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد.
والخلاف: ليس رحمة، بل هو مذموم؛ ذمَّه القرآن والسنة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[الأنعام: 159]، ﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود: 119-118]، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: 105]، ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: 115]. ولو كان الخلاف رحمة لما كان الإجماع - الذي هو الأصل الثالث - حُجَّة.
وفي حديث العرباض بن سارية: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ".
وجـــــاء فِي صحيــــح مسلم، عـــــن عبــــد الله بن عمــــرو بن العاص  قال: هَجَّرْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فسمع أصوات رجلين اختلفا فِي آية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرى فِي وجهه الغضب، قال: "إنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم فِي الكتاب" وفي حديث آخر: "أبهذا أمرتكم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟! وإنما أهلك من كان قبلكم كثرة التنازع فِي أمر دينهم، واختلافهم على أنبيائهم".
وبالجملة: فهذه الآيات، والأحاديث، والآثار، كلُّها تذمُّ الاختلاف، وتعيبه، وتمنع منه، وما يروى: "اختلاف أمتي رحمة" لا أصل له، كما قاله السيوطي، وابن الديبع، والسخاوي فِي المقاصد الحسنة. بل الرحمة والخير فِي الاجتماع؛ والشرُّ والبلاء فِي الفرقة والاختلاف، ومعناه ليس بصحيح، لأن المعنى: يكون الحثّ على الاختلاف، والتفرُّق، وعدم الاتفاق، طلبًا لتوسعة الرحمة.
والذي تعطيه عبارة الأخ فِي قوله: ولولا رحمة الله الَّتِي تمثَّلت فِي اختلاف المذاهب الأربعة،... إلخ، ما يدلُّ على أن الرحمة لم تتمثَّل وتحصل إلا بعد وجود هَذِهِ المذاهب الأربعة، وكثرة الخلاف؛ وأعتقد أن الأخ لا يقصد هذا، وإنما هي سبقة قلم.
قال الأخ: ولو أراد الحجيج كلُّهم أن يخرجوا دفعة واحدة من مَكَّة فيخرجوا يوم التروية، متَّجهين إلى مِنَى، ليصلوا بها الظُّهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر اليوم التاسع، ثُمَّ يتحرك كل الحجيج دفعة واحدة أيضًا إلى عرفات، لو وقع هَذَا فعلًا، لما تحركت سيارة واحدة من مكة... إلى أن قال: ولو تحرَّكوا من مِنَى كلهم فِي صبيحة اليوم التاسع، لانتهى وقت الوقوف قبل أن يصل كلُّ الحجيج إلى عرفات.
أقول: لو خرجوا دفعةً واحدةً لتيسَّر أمرهم، ما داموا متَّبِعين لهدي الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ولوجدوا فيه الرَّاحة، والطمأنينة، وهذا يحصل فعلًا بدفعهم من عرفات إلى مزدلفة، وكالنفر الأول من مِنَى إلى مكة، ولا يحصل إلا الخير. ومع هذا، فإن الخطباء لم يُقرِّروا وجوب الخروج فِي اليوم الثامن؛ بل لو خرج الحجيج قبله أو بعده إلى عرفات، جاز. والمبيت بمنى اللَّيلة التاسعة، سنّة بغير خلاف. ثُمَّ لو لم يأت عَرَفَة إلا ليلة النحر قبل طلوع الفجر، صحَّ حجُّه.
نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل حسن يوسف الحمد
2024/06/27 07:25:43
Back to Top
HTML Embed Code: