Telegram Web Link
تذكير
📚 يبدأ مجلس مدارسة القرآن الليلة في تمام الساعة 10.30 مساءً بتوقيت مكة المكرمة

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
تذكير
📚 يبدأ مجلس مدارسة القرآن الليلة في تمام الساعة ٩.٣٠ مساءً بتوقيت مكة المكرمة

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
بوّب البخاري في صحيحه بتبويب دقيق : ( بَابُ سُؤَالِ المُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً، فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ القَمَرِ) .
فليس في الأحاديث أن المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشق لهم القمر شقين، بل سألوا آية غير معينة ؛ ولأجل ذلك لم يكن لزاما أن يحل بهم العذاب لما كذبوا وقالوا (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) .
وأما ما أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" من حديث موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن ابن عباس أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم " إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَشُقَّ الْقَمَرَ لَنَا فِرْقَتَيْنِ... " :
فحديث ضعيف ، لا تقوم به حجة ولا تعارض به الأحاديث الصحيحة .
قال ابن حجر رحمه الله : أخرجه " أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِل من وَجه ضَعِيف عَن ابن عَبَّاسٍ " .
انتهى من " فتح الباري " (7/182) .

وهناك وجه آخر لدفع التعارض الذي ظنه السائل :
وهو أن الآية التي يعجل الهلاك للمكذبين بها ، إنما هي الآية العامة التي ظهرت لعموم المشركين ، فكذبوا بها ، ولم تكن خاصة بقوم منهم ، أو رآها القليل من الناس .
وقد أشار ابن الجوزي والخطابي رحمها الله إلى هذا المعنى .
قال ابن الجوزي رحمه الله : " وَاعْلَم أَن انْشِقَاق الْقَمَر من الْآيَات الَّتِي فاق بهَا على الْأَنْبِيَاء، فَلَيْسَ لَهُم مثلهَا؛ لِأَنَّهُ أَمر خَارج عَن الْأُمُور الأرضية.
وَقد اعْترض قوم فَقَالُوا: كَيفَ نقل هَذَا نقل آحَاد والخلق قد رَأَوْهُ؟
فَالْجَوَاب: أن هَذَا أَمر طلبه قوم من أهل مَكَّة ، فَأَرَاهُم تِلْكَ الْآيَة لَيْلًا، وَأكْثر النَّاس نيام وَفِي أسمارهم وأشغالهم .
وَإِنَّمَا رَآهُ الْقَلِيل مِمَّن لم يطْلب، وَلَو ظهر لجَمِيع الْخلق ، ثمَّ لم يُؤمنُوا : لبُغِتوا بِالْعَذَابِ ، كَمَا جرى للأمم المكذبة بِالْآيَاتِ الحسية، قَالَ عز وَجل: (وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ) [الْإِسْرَاء: 59] . الْمَعْنى: كذبُوا فأهلكوا، وَلَو أرسلناها فَكَذَّبْتُمْ ، لأهلكتكم.
والإشارات إِلَى الْآيَات الحسية، كناقة صَالح " .
انتهى من "كشف المشكل من حديث الصحيحين" لابن الجوزي (1/286) .

وقال الخطابي رحمه الله : " وقد أنكر هذا الخبر منكرون وقالوا: لو كان له حقيقة لم يجز أن يخفى أمره على عوامِّ الناس ، ولتواترت به الأخبار ، عن قرن إلى قرن ، لأنه أمر ، مصدره عن حسٍّ ومشاهدة ، فالناس فيه شركاء ، وهم مطالبون بفطر العقول ، ومن جهة دواعي النفوس ، بذكر كل أمر عجيب ، ونقل كل خبر غريب ، فلو كان لما روي من ذلك أصلٌ ، لكان قد خُلِّد ذكره في الكتب ، ودوِّن في الصحف ، ولكان أهل السِّير وأهل التنجيم والحفظة على الأزمان ، وأهل العناية بالتاريخ ، يعرفونه ، ولا ينكرونه ، إذ كان لا يجوز الإطباق منهم على تركه وإغفاله مع جلالة شأنه وجلاء أمره ؟
والجواب: أن الأمر في هذا خارج عمَّا ذهبوا إليه ، من قياس الأمور النادرة الغريبة إذا ظهرت لعامّة الناس ، واستفاض العلم بها عندهم ، وذلك أن هذا شيءٌ طلبه قوم خاصٌّ من أهل مكة ، على ما رواه أنس بن مالك ، فأراهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليلاً ، لأن القمر آية الليل ، ولا سلطان له بالنهار ، وأكثر الناس في الليل تنام ومُستكنُّون بأبنية وحجب ، والأيقاظ البارزون منهم في البوادي والصَّحارى ، قد يتفق أن يكونوا في ذلك الوقت مشاغيل بما يُلهيهم من سمر وحديث ، وبما يهمّهم من شغل ومهنة ، ولا يجوز أن يكونوا لا يزالون مقنعي رؤوسهم ، رافعين لها إلى السماء ، مترصِّدين مركز القمر من الفلك ، لا يغفلون عنه ، حتى إذا حدث بجرم القمر حدثٌ من الانشقاق أبصروه في وقت انشقاقه ، قبل التئامه واتِّساقه .
وكثيراً ما يقع للقمر الكسوف ، فلا يشعر به الناس ، حتى يخبرهم الآحاد منهم والأفراد من جماعتهم ، وإنما كان ذلك في قدر اللحظة التي هي مُدْرَك البصر .
ولو أحبّ الله أن تكون معجزات نبيّه عليه السلام أموراً واقعةً تحت الحسِّ ، قائمةً للعيان ، حتى يشترك في معاينته الخاصة والعامة : لفعل ذلك ، ولكنه سبحانه قد جرت سُنَّته بالهلاك والاستئصال في كل أمّة أتاها نبيُّها بآيةٍ عامة ، يُدركها الحسُّ ، فلم يؤمنوا بها .
وخصَّ هذه الأمة بالرحمة فجعل آية نبيها التي دعاهم إليها ، وتحدَّاهم بها : عقليَّة ، وذلك لما أُوتوُه من فضل العقول ، وزيادة الأفهام ، ولئلا يهلكوا ، فيكون سبيلهم سبيل من هلك من سائر الأمم المسخوط عليهم المقطوع دابرهم ، فلم يبق لهم عين ولا أثرٌ .
والحمد لله على لطفه بنا ، وحسن نظره لنا ، وصلى الله على نبيه المصطفى وعلى آله وسلم كثيراً " انتهى، من "أعلام السنن، شرح صحيح البخاري" (3/1617-1620) .
2024/09/21 10:00:20
Back to Top
HTML Embed Code: