Forwarded from إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
ال #البشير_الإبراهيمي
أَيْ شبابَ الإسلام:
حَمَلةَ الأمانةِ ومُستودَعَ الآمالِ وبُنَاةَ المُستقبَلِ وطلائعَ العهدِ الجديد.
خُذُوها فصيحةً صريحةً لا تتستَّر بجلبابٍ، ولا تتوارى بحجابٍ.
إنَّ عِلَّتَكم التي أَعْيَتِ الأطِبَّاءَ واستعصَتْ على حِكمةِ الحُكَماءِ هي مِنْ ضعفِ أخلاقكم ووهنِ عزائمكم؛ فدَاوُوا الأخلاقَ بالقرآن تَصلُحْ وتَستقِمْ، وأُسُّوا العزائمَ بالقرآن تَقْوَ وتَشْتَدَّ.
وإنَّ الذي قعَدَ بأُمَّتِكم عن الصالحات وأَعدَّها لها في أُخرَيَاتِ القافلة هو اختلافُ قلوبِها وتشتُّتُ أهوائِها؛ فأَجمِعُوا على القرآن آخِرَها كما جمَعَ محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أوَّلَها، يُنتِج لكم هذا الآخِرُ ما أَنتجَه ذلك الأوَّلُ مِنْ عزائمَ شِدَادٍ، وألسنةٍ حِدادٍ، وهِمَمٍ كبيرةٍ، وعقولٍ نيِّرةٍ(١٢).
وإنَّ أوَّلَ أُمَّتِكم شبيهٌ بآخِرِها عزوفًا عن الفضائل، وانغماسًا في الرذائل(١٣)؛ فلم يَزَلْ بها هذا القرآنُ حتَّى أَخرجَ مِنْ رُعَاةِ النَّعَم رُعَاةَ الأُمَم، وأَخرجَ مِنْ خُمولِ الأُمِّيَّةِ أَعلامَ العِلمِ والحكمة؛ فإِنْ زعَمَ زاعمٌ أنَّ الزمانَ غيرُ الزمان، فقولوا: ولكنَّ الإنسانَ هو الإنسان.
وإنَّ هذا القرآنَ وَسِعَ الحياةَ الأبديَّةَ فبيَّنها حتَّى فَهِمها الناسُ واعتقدوها وسَعَوْا لها سَعْيَها، فكيف لا يَسَعُ حياتَكم هذه..؟!
أَيْ شبابَ الإسلام، إنَّ الأوطان تجمع الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمع الألسنةَ(١٤)، وإنَّما الذي يجمع الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها هو الدِّينُ، فلا تَلتمِسُوا الوَحدَةَ في الآفاق الضيِّقةِ، ولكِنِ الْتَمِسُوها في الدِّين والْتَمِسوها مِنَ القرآن، تجدوا الأُفُقَ أَوسعَ، والدارَ أَجمعَ، والعديدَ أَكثرَ، والقُوَى أَوفرَ(١٥).
قال الشبخ فركوس معلقا :
(15)فهذا خطابٌ توجيهيٌّ إلى الشباب المسلم مذكِّرا إيَّاهم بأنَّ الأوطانَ إن كانت تجمعُ الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمعُ الألسنةَ فإنَّ الدِّينَ يجمعُ الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها، وقد وصَّاهم الله تعالى أَنْ يقيموا الدِّينَ ويجتمعوا عليه، ونهاهم عن الاختلاف والفُرقة فيه، وأَخبرَهم أنَّ صراطَ اللهِ المستقيمَ الذي لا اعوجاجَ فيه عن الحقِّ هو السبيلُ الأوحدُ المُوصِلُ إليه وإلى دارِ كرامته، فهو واجبٌ اتِّباعُه والعملُ به واتِّخاذُه منهجًا لنيلِ الفوز والفلاحِ، وإدراكِ الآمال الأفراح، وتحقيقِ السعادة في الدَّارَيْن، دون طُرُقِ الضَّلالة والغِواية مِنَ البِدَع والحوادث والشُّبُهات، والمِراء والخصومات في الدِّين وغيرِها، وحذَّرهم تحذيرًا مِنْ كُلِّ ما يؤدِّي إلى التَّردِّي والشَّتات والهلاكِ ـ كما تقدَّم ذكره ـ.
ولا يخفى أنَّ رابطةَ الإسلام والأخوَّةَ الإيمانيةَ بين الأفرادِ أقوى مِنْ رابطةِ اللِّسان وأمتنُ من رابطةِ الوطن؛ فإنَّا نُكِنُّ مِنَ المودَّة والحبِّ والإخاء للمسلم غيرِ العربيِّ ما لا يستحقُّه العربيُّ غيرُ المسلم
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
أَيْ شبابَ الإسلام:
حَمَلةَ الأمانةِ ومُستودَعَ الآمالِ وبُنَاةَ المُستقبَلِ وطلائعَ العهدِ الجديد.
خُذُوها فصيحةً صريحةً لا تتستَّر بجلبابٍ، ولا تتوارى بحجابٍ.
إنَّ عِلَّتَكم التي أَعْيَتِ الأطِبَّاءَ واستعصَتْ على حِكمةِ الحُكَماءِ هي مِنْ ضعفِ أخلاقكم ووهنِ عزائمكم؛ فدَاوُوا الأخلاقَ بالقرآن تَصلُحْ وتَستقِمْ، وأُسُّوا العزائمَ بالقرآن تَقْوَ وتَشْتَدَّ.
وإنَّ الذي قعَدَ بأُمَّتِكم عن الصالحات وأَعدَّها لها في أُخرَيَاتِ القافلة هو اختلافُ قلوبِها وتشتُّتُ أهوائِها؛ فأَجمِعُوا على القرآن آخِرَها كما جمَعَ محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أوَّلَها، يُنتِج لكم هذا الآخِرُ ما أَنتجَه ذلك الأوَّلُ مِنْ عزائمَ شِدَادٍ، وألسنةٍ حِدادٍ، وهِمَمٍ كبيرةٍ، وعقولٍ نيِّرةٍ(١٢).
وإنَّ أوَّلَ أُمَّتِكم شبيهٌ بآخِرِها عزوفًا عن الفضائل، وانغماسًا في الرذائل(١٣)؛ فلم يَزَلْ بها هذا القرآنُ حتَّى أَخرجَ مِنْ رُعَاةِ النَّعَم رُعَاةَ الأُمَم، وأَخرجَ مِنْ خُمولِ الأُمِّيَّةِ أَعلامَ العِلمِ والحكمة؛ فإِنْ زعَمَ زاعمٌ أنَّ الزمانَ غيرُ الزمان، فقولوا: ولكنَّ الإنسانَ هو الإنسان.
وإنَّ هذا القرآنَ وَسِعَ الحياةَ الأبديَّةَ فبيَّنها حتَّى فَهِمها الناسُ واعتقدوها وسَعَوْا لها سَعْيَها، فكيف لا يَسَعُ حياتَكم هذه..؟!
أَيْ شبابَ الإسلام، إنَّ الأوطان تجمع الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمع الألسنةَ(١٤)، وإنَّما الذي يجمع الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها هو الدِّينُ، فلا تَلتمِسُوا الوَحدَةَ في الآفاق الضيِّقةِ، ولكِنِ الْتَمِسُوها في الدِّين والْتَمِسوها مِنَ القرآن، تجدوا الأُفُقَ أَوسعَ، والدارَ أَجمعَ، والعديدَ أَكثرَ، والقُوَى أَوفرَ(١٥).
قال الشبخ فركوس معلقا :
(15)فهذا خطابٌ توجيهيٌّ إلى الشباب المسلم مذكِّرا إيَّاهم بأنَّ الأوطانَ إن كانت تجمعُ الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمعُ الألسنةَ فإنَّ الدِّينَ يجمعُ الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها، وقد وصَّاهم الله تعالى أَنْ يقيموا الدِّينَ ويجتمعوا عليه، ونهاهم عن الاختلاف والفُرقة فيه، وأَخبرَهم أنَّ صراطَ اللهِ المستقيمَ الذي لا اعوجاجَ فيه عن الحقِّ هو السبيلُ الأوحدُ المُوصِلُ إليه وإلى دارِ كرامته، فهو واجبٌ اتِّباعُه والعملُ به واتِّخاذُه منهجًا لنيلِ الفوز والفلاحِ، وإدراكِ الآمال الأفراح، وتحقيقِ السعادة في الدَّارَيْن، دون طُرُقِ الضَّلالة والغِواية مِنَ البِدَع والحوادث والشُّبُهات، والمِراء والخصومات في الدِّين وغيرِها، وحذَّرهم تحذيرًا مِنْ كُلِّ ما يؤدِّي إلى التَّردِّي والشَّتات والهلاكِ ـ كما تقدَّم ذكره ـ.
ولا يخفى أنَّ رابطةَ الإسلام والأخوَّةَ الإيمانيةَ بين الأفرادِ أقوى مِنْ رابطةِ اللِّسان وأمتنُ من رابطةِ الوطن؛ فإنَّا نُكِنُّ مِنَ المودَّة والحبِّ والإخاء للمسلم غيرِ العربيِّ ما لا يستحقُّه العربيُّ غيرُ المسلم
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
Forwarded from إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
قال #البشير_الإبراهيمي
أَيْ شبابَ الإسلام:
حَمَلةَ الأمانةِ ومُستودَعَ الآمالِ وبُنَاةَ المُستقبَلِ وطلائعَ العهدِ الجديد.
خُذُوها فصيحةً صريحةً لا تتستَّر بجلبابٍ، ولا تتوارى بحجابٍ.
إنَّ عِلَّتَكم التي أَعْيَتِ الأطِبَّاءَ واستعصَتْ على حِكمةِ الحُكَماءِ هي مِنْ ضعفِ أخلاقكم ووهنِ عزائمكم؛ فدَاوُوا الأخلاقَ بالقرآن تَصلُحْ وتَستقِمْ، وأُسُّوا العزائمَ بالقرآن تَقْوَ وتَشْتَدَّ.
وإنَّ الذي قعَدَ بأُمَّتِكم عن الصالحات وأَعدَّها لها في أُخرَيَاتِ القافلة هو اختلافُ قلوبِها وتشتُّتُ أهوائِها؛ فأَجمِعُوا على القرآن آخِرَها كما جمَعَ محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أوَّلَها، يُنتِج لكم هذا الآخِرُ ما أَنتجَه ذلك الأوَّلُ مِنْ عزائمَ شِدَادٍ، وألسنةٍ حِدادٍ، وهِمَمٍ كبيرةٍ، وعقولٍ نيِّرةٍ(١٢).
وإنَّ أوَّلَ أُمَّتِكم شبيهٌ بآخِرِها عزوفًا عن الفضائل، وانغماسًا في الرذائل(١٣)؛ فلم يَزَلْ بها هذا القرآنُ حتَّى أَخرجَ مِنْ رُعَاةِ النَّعَم رُعَاةَ الأُمَم، وأَخرجَ مِنْ خُمولِ الأُمِّيَّةِ أَعلامَ العِلمِ والحكمة؛ فإِنْ زعَمَ زاعمٌ أنَّ الزمانَ غيرُ الزمان، فقولوا: ولكنَّ الإنسانَ هو الإنسان.
وإنَّ هذا القرآنَ وَسِعَ الحياةَ الأبديَّةَ فبيَّنها حتَّى فَهِمها الناسُ واعتقدوها وسَعَوْا لها سَعْيَها، فكيف لا يَسَعُ حياتَكم هذه..؟!
أَيْ شبابَ الإسلام، إنَّ الأوطان تجمع الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمع الألسنةَ(١٤)، وإنَّما الذي يجمع الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها هو الدِّينُ، فلا تَلتمِسُوا الوَحدَةَ في الآفاق الضيِّقةِ، ولكِنِ الْتَمِسُوها في الدِّين والْتَمِسوها مِنَ القرآن، تجدوا الأُفُقَ أَوسعَ، والدارَ أَجمعَ، والعديدَ أَكثرَ، والقُوَى أَوفرَ(١٥).
قال الشبخ فركوس معلقا :
(12)وصدَقَ الإمامُ مالكٌ رحمه الله ـ فيما نُقِل عنه بعبارات مختلفة ـ قوله: «لا يُصلِح آخِرَ هذه الأمَّةِ إلَّا ما أَصلحَ أوَّلَها» أو «لا يَصلُح آخِرُ هذه الأمَّةِ إلَّا بما صلَحَ به أوَّلُهَا» أو «لَنْ يأْتِيَ آخرُ هَذِهِ الأُمَّة بأَهدى مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُها»؛ [انظر: «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢٣/ ١٠)، «الشفاء» للقاضي عياض (٢/ ٨٨)، «الموافقات» للشاطبي (٣/ ٤٩٧)].
(13) يعني: قبل مجيء الرِّسالة وقبل انضواءِ مَنِ انضوى منهم تحت لوائها كما يدلُّ عليه ما بعده؛ وإلَّا فهُم أكملُ في ذلك مِنْ كُلِّ مَنْ جاء بعدهم.
(14)هذا، وإذا كانت اللغةُ تجمعُ الألسنةَ إلَّا أنَّ اللهُ تعالى اختارَ لغةَ العربِ لسانًا لدينه: قرآنًا وسنَّةً وتشريعًا وعبادةً، وامتنَّ بذلك على المسلمين عامَّةً والعربِ خاصَّةً، وما اختيارُها إلَّا لأنها أغنَى اللغاتِ اتِّساعًا، وأَحْكَمُها بيانًا، وأقواها دليلًا وبرهانًا.
قال الشافعيُّ ـ رحمه الله ـ في [«الرسالة» (٤٢) و«تفسيره» (٢/ ١٠١٦)]: «ولسانُ العربِ أَوْسَعُ الألسنةِ مَذْهَبًا، وأَكْثَرُها ألفاظًا، ولا نعلمه يُحيطُ بجميعِ عِلْمِه إنسانٌ غير نبيٍّ، ولكنَّه لا يذهب منه شيءٌ على عامَّتِها حتَّى لا يكونَ موجودًا فيها مَن يعرفه، والعلمُ به عند العربِ كالعلمِ بالسنَّةِ عند أهل الفقه».
وهذه اللغةُ لا تَزال عنصرًا قويًّا وعاملًا مُساعِدًا لنشرِ الإسلام والإقبالِ عليه؛ لذلك كان الباعثُ الأساسيُّ للاهتمام باللغة العربية وتدوينِها وتصحيحِها ونشرِها وحفظِ التراث اللغويِّ وتنقيته مِن الدخيل الأعجميِّ أثناءَ الفتوحاتِ وما بَعْدَها إنما هو الإسلامُ بجميعِ دعائمه ومقوِّماته، وما انتهض أُناسٌ مِن الأعاجم لخدمةِ لغةِ العرب غيرةً مِن جَوْرِ الأعجمية التي هي لغةُ آبائهم وأجدادهم، لا لشيءٍ إلَّا لأنها لغةُ الفضيلةِ الإنسانيةِ التي لا تُفَرِّقُ بين العربيِّ والأعجميِّ، والقرشيِّ والحبشيِّ؛ فهي لغةُ مساواةٍ بين جميعِ المؤمنين التي أكَّدَها القرآنُ الكريم ورَعَاها الإسلامُ في مَضامِينِه وخصائصه؛ [انظر: مقالي في الموقع: «اللغة العربية.. وتآمُرُ الأعداءِ عليها»].
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير.
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
أَيْ شبابَ الإسلام:
حَمَلةَ الأمانةِ ومُستودَعَ الآمالِ وبُنَاةَ المُستقبَلِ وطلائعَ العهدِ الجديد.
خُذُوها فصيحةً صريحةً لا تتستَّر بجلبابٍ، ولا تتوارى بحجابٍ.
إنَّ عِلَّتَكم التي أَعْيَتِ الأطِبَّاءَ واستعصَتْ على حِكمةِ الحُكَماءِ هي مِنْ ضعفِ أخلاقكم ووهنِ عزائمكم؛ فدَاوُوا الأخلاقَ بالقرآن تَصلُحْ وتَستقِمْ، وأُسُّوا العزائمَ بالقرآن تَقْوَ وتَشْتَدَّ.
وإنَّ الذي قعَدَ بأُمَّتِكم عن الصالحات وأَعدَّها لها في أُخرَيَاتِ القافلة هو اختلافُ قلوبِها وتشتُّتُ أهوائِها؛ فأَجمِعُوا على القرآن آخِرَها كما جمَعَ محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أوَّلَها، يُنتِج لكم هذا الآخِرُ ما أَنتجَه ذلك الأوَّلُ مِنْ عزائمَ شِدَادٍ، وألسنةٍ حِدادٍ، وهِمَمٍ كبيرةٍ، وعقولٍ نيِّرةٍ(١٢).
وإنَّ أوَّلَ أُمَّتِكم شبيهٌ بآخِرِها عزوفًا عن الفضائل، وانغماسًا في الرذائل(١٣)؛ فلم يَزَلْ بها هذا القرآنُ حتَّى أَخرجَ مِنْ رُعَاةِ النَّعَم رُعَاةَ الأُمَم، وأَخرجَ مِنْ خُمولِ الأُمِّيَّةِ أَعلامَ العِلمِ والحكمة؛ فإِنْ زعَمَ زاعمٌ أنَّ الزمانَ غيرُ الزمان، فقولوا: ولكنَّ الإنسانَ هو الإنسان.
وإنَّ هذا القرآنَ وَسِعَ الحياةَ الأبديَّةَ فبيَّنها حتَّى فَهِمها الناسُ واعتقدوها وسَعَوْا لها سَعْيَها، فكيف لا يَسَعُ حياتَكم هذه..؟!
أَيْ شبابَ الإسلام، إنَّ الأوطان تجمع الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمع الألسنةَ(١٤)، وإنَّما الذي يجمع الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها هو الدِّينُ، فلا تَلتمِسُوا الوَحدَةَ في الآفاق الضيِّقةِ، ولكِنِ الْتَمِسُوها في الدِّين والْتَمِسوها مِنَ القرآن، تجدوا الأُفُقَ أَوسعَ، والدارَ أَجمعَ، والعديدَ أَكثرَ، والقُوَى أَوفرَ(١٥).
قال الشبخ فركوس معلقا :
(12)وصدَقَ الإمامُ مالكٌ رحمه الله ـ فيما نُقِل عنه بعبارات مختلفة ـ قوله: «لا يُصلِح آخِرَ هذه الأمَّةِ إلَّا ما أَصلحَ أوَّلَها» أو «لا يَصلُح آخِرُ هذه الأمَّةِ إلَّا بما صلَحَ به أوَّلُهَا» أو «لَنْ يأْتِيَ آخرُ هَذِهِ الأُمَّة بأَهدى مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُها»؛ [انظر: «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢٣/ ١٠)، «الشفاء» للقاضي عياض (٢/ ٨٨)، «الموافقات» للشاطبي (٣/ ٤٩٧)].
(13) يعني: قبل مجيء الرِّسالة وقبل انضواءِ مَنِ انضوى منهم تحت لوائها كما يدلُّ عليه ما بعده؛ وإلَّا فهُم أكملُ في ذلك مِنْ كُلِّ مَنْ جاء بعدهم.
(14)هذا، وإذا كانت اللغةُ تجمعُ الألسنةَ إلَّا أنَّ اللهُ تعالى اختارَ لغةَ العربِ لسانًا لدينه: قرآنًا وسنَّةً وتشريعًا وعبادةً، وامتنَّ بذلك على المسلمين عامَّةً والعربِ خاصَّةً، وما اختيارُها إلَّا لأنها أغنَى اللغاتِ اتِّساعًا، وأَحْكَمُها بيانًا، وأقواها دليلًا وبرهانًا.
قال الشافعيُّ ـ رحمه الله ـ في [«الرسالة» (٤٢) و«تفسيره» (٢/ ١٠١٦)]: «ولسانُ العربِ أَوْسَعُ الألسنةِ مَذْهَبًا، وأَكْثَرُها ألفاظًا، ولا نعلمه يُحيطُ بجميعِ عِلْمِه إنسانٌ غير نبيٍّ، ولكنَّه لا يذهب منه شيءٌ على عامَّتِها حتَّى لا يكونَ موجودًا فيها مَن يعرفه، والعلمُ به عند العربِ كالعلمِ بالسنَّةِ عند أهل الفقه».
وهذه اللغةُ لا تَزال عنصرًا قويًّا وعاملًا مُساعِدًا لنشرِ الإسلام والإقبالِ عليه؛ لذلك كان الباعثُ الأساسيُّ للاهتمام باللغة العربية وتدوينِها وتصحيحِها ونشرِها وحفظِ التراث اللغويِّ وتنقيته مِن الدخيل الأعجميِّ أثناءَ الفتوحاتِ وما بَعْدَها إنما هو الإسلامُ بجميعِ دعائمه ومقوِّماته، وما انتهض أُناسٌ مِن الأعاجم لخدمةِ لغةِ العرب غيرةً مِن جَوْرِ الأعجمية التي هي لغةُ آبائهم وأجدادهم، لا لشيءٍ إلَّا لأنها لغةُ الفضيلةِ الإنسانيةِ التي لا تُفَرِّقُ بين العربيِّ والأعجميِّ، والقرشيِّ والحبشيِّ؛ فهي لغةُ مساواةٍ بين جميعِ المؤمنين التي أكَّدَها القرآنُ الكريم ورَعَاها الإسلامُ في مَضامِينِه وخصائصه؛ [انظر: مقالي في الموقع: «اللغة العربية.. وتآمُرُ الأعداءِ عليها»].
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير.
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
Forwarded from إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
قال الشيخ #البشير_الإبراهيمي
وقد قوَّى أمَلَنا في رجوعهم إليه وإقبالِهِم عليه ما نراه مِنِ اصطباغِ الحركة الإصلاحيَّة الحديثة بالصبغة القرآنيَّة، فهي سائرةٌ إلى غايته، داعيةٌ إليه، مُرشِدةٌ به، مُستدِلَّةٌ بآياته، به تصول وبه تحارب، وعليه تحامي ودونه تُنافِح، وما الحركةُ الإصلاحيَّةُ في يومنا هذا بضئيلةِ الأثر ولا هي بقليلةِ الأتباع، وإنَّ هذا لَمَوضعُ الرَّجاءِ في رجوع المسلمين إلى القرآن(١١).
قال الشيخ فركوس معلقا:
(11) ليس مُرادُ المصنِّفِ مجرَّدَ الرجوعِ إلى الكتاب والاكتفاءَ به عن السُّنَّة ومعارضَتَها به فيما سَكَتَ عنه ونطقَتْ به مِنَ الأخبار والأحكام ـ كما هو صنيعُ القرآنيِّين ـ إذ طردُ هذا لا يمكن، وهو مِنْ أقبحِ البِدَع؛ فكما أنه لا يكون مُمتثِلًا لأمرِ الله المُجْمَلِ بالصلاة مَنْ لم يعتبر ـ في الجملة ـ شروطَها وهيئاتِها الواردةَ في السُّنَّة، فإنه لا يكون عاملًا بالكتاب مَنْ ضَرَبَ به بيانَه مِنَ السُّنَّة أو عارَضَ السُّنَّةَ ـ فيما استقلَّتْ بحُكمِه ـ بسكوتِ القرآن عنه، وإنَّما مُرادُه هو: الرجوعُ إلى الكتاب، ومِنَ الرجوعِ إليه: الرجوعُ إلى بيانه في السُّنَّة؛ عملًا بعمومِ قولِه تعالى:
﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٧﴾ [الحشر]، وقولِه: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١ قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢﴾ [آل عمران]، وقولِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا ٥٩﴾ [النساء]، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا ٣٦﴾ [الأحزاب]، وقولِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١﴾ [الحُجُرات]، وغيرها من الآيات، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ: «بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ»، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ»؛ [أخرجه ابنُ ماجه في «افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم» بابُ تعظيمِ حديثِ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، والتغليظِ على مَنْ عارضه (١٢) مِنْ حديثِ المِقدام بنِ معدي كَرِبَ الكِنديِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٨١٨٦)]؛
وما استقلَّتِ السُّنَّةُ بحُكمه عن الكتاب فهو كمِثْلِ ما وَرَد فيها مِنْ بيانه؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أُوتِيَ القرآنَ ومِثْلَه مِنَ السُّنَّة معه، وجَعَلَ ما حرَّم اللهُ كما حرَّم رسولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، وما كان في السُّنَّة فهو في كتاب الله؛ لأنها بيانٌ لِمَا أجملَتْه آياتُ الأمر بطاعة النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ومنها الآياتُ المذكورة، ولأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أَبْطَلَ مِنَ الشروط ما لم يكن في كتاب الله، وهو المخالِفُ لمدلولِ الكتاب والسُّنَّة.
#تنبيه:
قد يُظَنُّ مِنْ هذا البابِ صنيعُ بعضِ الأئمَّة رحمهم الله مِنْ معارَضةِ بعض السُّنَّة كالآحاد بعمومات الكتاب واعتذارِهم عن تخصيصه أو نسخِه بها لِظنِّيَّتها في الثبوت، وهذا الصنيعُ ـ مع مرجوحِيَّته على الصحيح ـ ليس مِنْ باب الاكتفاء بالقرآن عن السُّنَّة؛ لاعتبارهم السُّنَّةَ ـ في الجملة ـ بشروطٍ اشترطوها في أحوالٍ ـ مع اختلافهم في تلك الشروط ـ وقُصاراها في هذا الموضعِ اشتراطُهم تواتُرَها لأجلِ نسخِ المتواتر أو تخصيصِه، فلْيُتنبَّهْ
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
وقد قوَّى أمَلَنا في رجوعهم إليه وإقبالِهِم عليه ما نراه مِنِ اصطباغِ الحركة الإصلاحيَّة الحديثة بالصبغة القرآنيَّة، فهي سائرةٌ إلى غايته، داعيةٌ إليه، مُرشِدةٌ به، مُستدِلَّةٌ بآياته، به تصول وبه تحارب، وعليه تحامي ودونه تُنافِح، وما الحركةُ الإصلاحيَّةُ في يومنا هذا بضئيلةِ الأثر ولا هي بقليلةِ الأتباع، وإنَّ هذا لَمَوضعُ الرَّجاءِ في رجوع المسلمين إلى القرآن(١١).
قال الشيخ فركوس معلقا:
(11) ليس مُرادُ المصنِّفِ مجرَّدَ الرجوعِ إلى الكتاب والاكتفاءَ به عن السُّنَّة ومعارضَتَها به فيما سَكَتَ عنه ونطقَتْ به مِنَ الأخبار والأحكام ـ كما هو صنيعُ القرآنيِّين ـ إذ طردُ هذا لا يمكن، وهو مِنْ أقبحِ البِدَع؛ فكما أنه لا يكون مُمتثِلًا لأمرِ الله المُجْمَلِ بالصلاة مَنْ لم يعتبر ـ في الجملة ـ شروطَها وهيئاتِها الواردةَ في السُّنَّة، فإنه لا يكون عاملًا بالكتاب مَنْ ضَرَبَ به بيانَه مِنَ السُّنَّة أو عارَضَ السُّنَّةَ ـ فيما استقلَّتْ بحُكمِه ـ بسكوتِ القرآن عنه، وإنَّما مُرادُه هو: الرجوعُ إلى الكتاب، ومِنَ الرجوعِ إليه: الرجوعُ إلى بيانه في السُّنَّة؛ عملًا بعمومِ قولِه تعالى:
﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٧﴾ [الحشر]، وقولِه: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١ قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢﴾ [آل عمران]، وقولِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا ٥٩﴾ [النساء]، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا ٣٦﴾ [الأحزاب]، وقولِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١﴾ [الحُجُرات]، وغيرها من الآيات، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ: «بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ»، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ»؛ [أخرجه ابنُ ماجه في «افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم» بابُ تعظيمِ حديثِ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، والتغليظِ على مَنْ عارضه (١٢) مِنْ حديثِ المِقدام بنِ معدي كَرِبَ الكِنديِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٨١٨٦)]؛
وما استقلَّتِ السُّنَّةُ بحُكمه عن الكتاب فهو كمِثْلِ ما وَرَد فيها مِنْ بيانه؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أُوتِيَ القرآنَ ومِثْلَه مِنَ السُّنَّة معه، وجَعَلَ ما حرَّم اللهُ كما حرَّم رسولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، وما كان في السُّنَّة فهو في كتاب الله؛ لأنها بيانٌ لِمَا أجملَتْه آياتُ الأمر بطاعة النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ومنها الآياتُ المذكورة، ولأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أَبْطَلَ مِنَ الشروط ما لم يكن في كتاب الله، وهو المخالِفُ لمدلولِ الكتاب والسُّنَّة.
#تنبيه:
قد يُظَنُّ مِنْ هذا البابِ صنيعُ بعضِ الأئمَّة رحمهم الله مِنْ معارَضةِ بعض السُّنَّة كالآحاد بعمومات الكتاب واعتذارِهم عن تخصيصه أو نسخِه بها لِظنِّيَّتها في الثبوت، وهذا الصنيعُ ـ مع مرجوحِيَّته على الصحيح ـ ليس مِنْ باب الاكتفاء بالقرآن عن السُّنَّة؛ لاعتبارهم السُّنَّةَ ـ في الجملة ـ بشروطٍ اشترطوها في أحوالٍ ـ مع اختلافهم في تلك الشروط ـ وقُصاراها في هذا الموضعِ اشتراطُهم تواتُرَها لأجلِ نسخِ المتواتر أو تخصيصِه، فلْيُتنبَّهْ
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
Telegram
إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
الحق فوق كل أحد، والجزائر فبل كل شيء.
#ابن_باديس
@irchadelhair_bot 👈للتواصل
#ابن_باديس
@irchadelhair_bot 👈للتواصل
Forwarded from إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
والعدل بين جميعِ أفراد المجتمع كذبا وزورًا، وترسيخِ حُكمِ الشَّعب لنفسِه بنفسه أو حكمِ الأكثريَّةِ أو الأكثرِ تأثيرًا تحت مسمَّى الشُّورى ـ خداعًا ومَيْنًا ـ دون اعتبارٍ لأحكامِ الشَّرع ولا مراعاةٍ للأصلح؛ فكُلٌّ يعطي صورةً مزوَّرةً عن الإسلام سواءٌ وَفْقَ المفهوم الاشتراكيِّ أو وفق المفهومِ الرأسماليِّ أو المفهومِ الدِّيمقراطيِّ، وإِنْ كان بين هذه النُّظُمِ وبين شريعة الإسلام تشابهٌ جزئيٌّ إلَّا أنه لا يَلْزَمُ ـ تقعيدًا ـ وجودُ المشابهة الكُلِّيَّة، فإنَّه ما مِنْ شيئين إلَّا وهما يتَّفِقان في شيءٍ ولو في الوجود أو المعلوميَّة؛ ولكنَّهما يتباينانِ في أمورٍ شتَّى أخرى؛ وأهلُ الشُّبَه والتلبيس يتعلَّقون بمواضعِ المشابهةِ ويُغفِلون مواضعَ المباينةِ.
وهكذا في سلسلة التَّلبيسات ودوَّامةِ المغالطات يقف الإسلامُ ـ في مضمونه وأحكامِه ومقاصده ـ خاليًا مِنْ هذا التَّزويرِ لحقيقته؛ وعاريًا مِنَ التزييف لأصالته، إذ بالمقارنة العامَّةِ اليسيرة مع ما هو معلومٌ مِنْ دِين الإسلام بالضرورةِ تنكشف هذه الصُّوَرُ المزوَّرةُ المزيَّفةُ للإسلام الذي هو بريءٌ منها جميعًا لأنَّ ما تُبايِنُه فيه أعظمُ بكثيرٍ ممَّا تُشابِهُه فيه
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
وهكذا في سلسلة التَّلبيسات ودوَّامةِ المغالطات يقف الإسلامُ ـ في مضمونه وأحكامِه ومقاصده ـ خاليًا مِنْ هذا التَّزويرِ لحقيقته؛ وعاريًا مِنَ التزييف لأصالته، إذ بالمقارنة العامَّةِ اليسيرة مع ما هو معلومٌ مِنْ دِين الإسلام بالضرورةِ تنكشف هذه الصُّوَرُ المزوَّرةُ المزيَّفةُ للإسلام الذي هو بريءٌ منها جميعًا لأنَّ ما تُبايِنُه فيه أعظمُ بكثيرٍ ممَّا تُشابِهُه فيه
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
Telegram
إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
الحق فوق كل أحد، والجزائر فبل كل شيء.
#ابن_باديس
@irchadelhair_bot 👈للتواصل
#ابن_باديس
@irchadelhair_bot 👈للتواصل
Forwarded from إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
قال الشيخ #البشير_الإبراهيمي :
ولعلَّ لِتلك الأُمَمِ الكتابيَّة ما يُشبِهُ العُذرَ في المصير الذي صارت إليه لِضَياعِ كُتُبِها التي هي منبعُ الهدايةِ بين التحريف والتبديل والنسيان والتأويل؛ أمَّا هذه الأُمَّةُ فإنَّ حبل اللهِ المَتينَ فيها ممدودٌ، وبابَ الفقه فيه مفتوحٌ غيرُ مسدودٌ، ووارِدُ مَنهَلِه العذبِ غيرُ مُحَلَّإٍ(١) ولا مطرودٍ؛ ولكِنْ تَناوَلَه أوَّلُهُم بالتأويل، وآخِرُهم بالتعطيل، حتَّى اتَّخَذوه مهجورًا(٢)، وجعلوا تفسيرَه وفهمَه أمرًا محظورًا؛ فحُرِموا ما فيه مِنْ شفاءٍ ورحمةٍ، وعلمٍ وحكمةٍ، وبلاغٍ وبيانٍ، وهديٍ وفرقانٍ، ونورٍ وحياةٍ، وعصمةٍ ونجاةٍ، وباقياتٍ صالحاتٍ؛ فلم يَزالوا لاهِينَ بالانتساب الصُّوريِّ إليه(٣).
قال الشيخ فركوس معلقا:
(١) حَلَّأَهُ عن الماءِ تَحْلِيئًا وتَحْلِئةً: طَرَدَهُ ومَنَعَهُ؛ [«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (٤٧)].
(٢) وهذا مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا ٣٠﴾ [الفرقان] فهذه شكوَى الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مِنْ قومه الذين أعرضوا عن القرآنِ وهجَرُوه حُكمًا ودراسةً وتعليمًا وتلاوةً وتبيانًا وغيرها مِنْ أنواع الهجر، وتركوا كُلَّ شيءٍ يتعلَّق به قولًا وعملًا، وقد بيَّن اللهُ تعالى أنَّ الباعثَ على هذا الصنيعِ هو العداوةُ المؤدِّيةُ ـ بطريقٍ أو بآخَرَ ـ إلى الجدلِ المذمومِ والمُهاترة الكلاميَّةِ بالقبيح والباطل مِنَ الألفاظ، وهجرِ الأقوال والأفعال كما يفعله الأعداءُ الذين لا يَصلُحون للخير ولا ينقادون لحُكم الله ولا يقبلون التَّحاكمَ إليه ولا أحكامِه، ولا العملَ به والسَّيرَ خلفه، وهؤلاء الخَلْقُ أعداءٌ لهم سلفٌ صنعوا كصنيعهم مع الرُّسُل مِنْ قبلُ كما قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا مِّنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الفُرقان: ٣١].
قال ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ في [«الفوائد» (٨٢)] ما نصُّه:
«هجرُ القرآنِ أنواعٌ:
ـ أحَدُها: هجرُ سماعِه، والإيمانِ به، والإصغاءِ إليه.
ـ والثاني: هجرُ العملِ به، والوقوفِ عند حلاله وحرامه وإِنْ قَرَأه وآمَنَ به.
ـ والثالث: هجرُ تحكيمِه والتَّحاكمِ إليه في أصول الدِّين وفروعه، واعتقادُ أنه لا يفيد اليقينَ، وأنَّ أدلَّتَه لفظيَّةٌ لا تحصِّل العِلمَ.
ـ والرابع: هجرُ تدبُّرِه وتفهُّمِه، ومعرفةِ ما أراد المتكلِّمُ به منه.
ـ والخامس: هجرُ الاستشفاء والتَّداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاءَ دائِه مِنْ غيره، ويهجر التَّداويَ به. وكُلُّ هذا داخلٌ في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا ٣٠﴾ [الفُرقان]».
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
ولعلَّ لِتلك الأُمَمِ الكتابيَّة ما يُشبِهُ العُذرَ في المصير الذي صارت إليه لِضَياعِ كُتُبِها التي هي منبعُ الهدايةِ بين التحريف والتبديل والنسيان والتأويل؛ أمَّا هذه الأُمَّةُ فإنَّ حبل اللهِ المَتينَ فيها ممدودٌ، وبابَ الفقه فيه مفتوحٌ غيرُ مسدودٌ، ووارِدُ مَنهَلِه العذبِ غيرُ مُحَلَّإٍ(١) ولا مطرودٍ؛ ولكِنْ تَناوَلَه أوَّلُهُم بالتأويل، وآخِرُهم بالتعطيل، حتَّى اتَّخَذوه مهجورًا(٢)، وجعلوا تفسيرَه وفهمَه أمرًا محظورًا؛ فحُرِموا ما فيه مِنْ شفاءٍ ورحمةٍ، وعلمٍ وحكمةٍ، وبلاغٍ وبيانٍ، وهديٍ وفرقانٍ، ونورٍ وحياةٍ، وعصمةٍ ونجاةٍ، وباقياتٍ صالحاتٍ؛ فلم يَزالوا لاهِينَ بالانتساب الصُّوريِّ إليه(٣).
قال الشيخ فركوس معلقا:
(١) حَلَّأَهُ عن الماءِ تَحْلِيئًا وتَحْلِئةً: طَرَدَهُ ومَنَعَهُ؛ [«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (٤٧)].
(٢) وهذا مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا ٣٠﴾ [الفرقان] فهذه شكوَى الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مِنْ قومه الذين أعرضوا عن القرآنِ وهجَرُوه حُكمًا ودراسةً وتعليمًا وتلاوةً وتبيانًا وغيرها مِنْ أنواع الهجر، وتركوا كُلَّ شيءٍ يتعلَّق به قولًا وعملًا، وقد بيَّن اللهُ تعالى أنَّ الباعثَ على هذا الصنيعِ هو العداوةُ المؤدِّيةُ ـ بطريقٍ أو بآخَرَ ـ إلى الجدلِ المذمومِ والمُهاترة الكلاميَّةِ بالقبيح والباطل مِنَ الألفاظ، وهجرِ الأقوال والأفعال كما يفعله الأعداءُ الذين لا يَصلُحون للخير ولا ينقادون لحُكم الله ولا يقبلون التَّحاكمَ إليه ولا أحكامِه، ولا العملَ به والسَّيرَ خلفه، وهؤلاء الخَلْقُ أعداءٌ لهم سلفٌ صنعوا كصنيعهم مع الرُّسُل مِنْ قبلُ كما قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا مِّنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الفُرقان: ٣١].
قال ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ في [«الفوائد» (٨٢)] ما نصُّه:
«هجرُ القرآنِ أنواعٌ:
ـ أحَدُها: هجرُ سماعِه، والإيمانِ به، والإصغاءِ إليه.
ـ والثاني: هجرُ العملِ به، والوقوفِ عند حلاله وحرامه وإِنْ قَرَأه وآمَنَ به.
ـ والثالث: هجرُ تحكيمِه والتَّحاكمِ إليه في أصول الدِّين وفروعه، واعتقادُ أنه لا يفيد اليقينَ، وأنَّ أدلَّتَه لفظيَّةٌ لا تحصِّل العِلمَ.
ـ والرابع: هجرُ تدبُّرِه وتفهُّمِه، ومعرفةِ ما أراد المتكلِّمُ به منه.
ـ والخامس: هجرُ الاستشفاء والتَّداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاءَ دائِه مِنْ غيره، ويهجر التَّداويَ به. وكُلُّ هذا داخلٌ في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا ٣٠﴾ [الفُرقان]».
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
Forwarded from إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
قال الشيخ #البشير_الإبراهيمي :
ولعلَّ لِتلك الأُمَمِ الكتابيَّة ما يُشبِهُ العُذرَ في المصير الذي صارت إليه لِضَياعِ كُتُبِها التي هي منبعُ الهدايةِ بين التحريف والتبديل والنسيان والتأويل؛ أمَّا هذه الأُمَّةُ فإنَّ حبل اللهِ المَتينَ فيها ممدودٌ، وبابَ الفقه فيه مفتوحٌ غيرُ مسدودٌ، ووارِدُ مَنهَلِه العذبِ غيرُ مُحَلَّإٍ(١) ولا مطرودٍ؛ ولكِنْ تَناوَلَه أوَّلُهُم بالتأويل، وآخِرُهم بالتعطيل، حتَّى اتَّخَذوه مهجورًا(٢)، وجعلوا تفسيرَه وفهمَه أمرًا محظورًا؛ فحُرِموا ما فيه مِنْ شفاءٍ ورحمةٍ، وعلمٍ وحكمةٍ، وبلاغٍ وبيانٍ، وهديٍ وفرقانٍ، ونورٍ وحياةٍ، وعصمةٍ ونجاةٍ، وباقياتٍ صالحاتٍ؛ فلم يَزالوا لاهِينَ بالانتساب الصُّوريِّ إليه(٣).
قال الشيخ فركوس معلقا:
(٣) الانتساب إلى الإسلام الصُّوريِّ هو: الاعتزاءُ إلى الصُّورة المزوَّرةِ على الإسلام وعلى أحكامه وشرائعه والانتماء إليها؛ إمَّا كُلِّيًّا أو جزئيًّا؛ حيث يظهر الإسلامُ بشكلٍ غيرِ مُطابِقٍ للحقيقة والواقع، وذلك التزويرُ تَولَّد بسببِ فِرَقٍ مُنحرِفةٍ وطوائفَ ضالَّةٍ تنتسب إلى الإسلام اسْمِيًّا وإِنْ كان كثيرٌ منها لم يخرج منه؛ وتعملُ على إبعاد المسلمين عن تربِيَتِهم على الإسلام المصفَّى بأخذه بجميعِ شرائعه وأحكامِه، وذلك بوسائل التَّضليل والتَّلبيس والهدم مِنَ الداخل؛ والمعلومُ أنَّ الصورةَ المضلَّلةَ والمزوَّرةَ لا تعكس حقيقةَ الإسلام بحالٍ وإِنْ تَسمَّتْ باسْمِه.
ومِنَ الصُّوَر المنسوبةِ إلى الإسلام كَذِبًا وزُورًا:
تلك الأسماءُ الحديثةُ ذاتُ الدلالاتِ والمفاهيم والأحكامِ اللَّاصقة بأصحابها، والمُنتشرةُ في مَجالَيِ الاقتصاد والسِّياسة مِثل مذاهبِ: الاشتراكيَّة والرَّأسماليَّة والدِّيمقراطيَّة وغيرِها ممَّا قدَّمها أنصارُها المنتسبون إلى الإسلام المتظاهرون به على أنَّها هي الإسلامُ الحقيقيُّ لِتَروجَ على النَّاس، إذ فسَّروه بها وادَّعَوْا أنها نماذجُ متوافقةٌ مع المنظور الإسلاميِّ؛ وكُلٌّ بحسبه: فعند أنصار المذهب الاشتراكيِّ المنتسبين إلى الإسلام يقدِّمونه على أنه يتضمَّن مبادئَ اشتراكيَّةً، ويحقِّق بين النَّاس العدالةَ الاجتماعيَّةَ بمفهومهم القائم على المُساواة لا المُواساة بين النَّاس، وأنصارُ المذهب الرأسماليِّ المنتسبون إلى الإسلام يقدِّمونه على أنه يعترف بالمِلكيَّة الفرديَّة بمفهومهم ويحميها، ويفتح مجالَ حُرِّيَّةِ العمل والكسبِ والتِّجارةِ واسعًا، ولا يَسُدُّ أبوابَ المنافسة الشَّريفةِ ـ بمفهومهم ـ في تحصيلِ الثَّرواتِ، وأنصارُ المذهب الدِّيمقراطيِّ المنتسبون إلى الإسلام يقدِّمونه على أنه يدعو إلى الإخاء الصحيح بمنظورهم وإلى تحقيق مبادئ الحُرِّيَّة بين النَّاس بقَدْرِ ما يمكن أَنْ يكون الإنسانُ حرًّا لا بقيدٍ إلَّا قيد انتهاءِ حُرِّيَّتِه حين تبدأ حُرِّيَّةُ الآخَرِين مِنَ المخلوقين وحقوقُهم، دون اعتبارٍ لحقِّ الخالق، وإلى تحقيقِ مبادئ المساواة بمفهومهم تحت مسمَّى القِسطِ والعدل بين جميعِ أفراد المجتمع كذبا وزورًا، وترسيخِ حُكمِ الشَّعب لنفسِه بنفسه أو حكمِ الأكثريَّةِ أو الأكثرِ تأثيرًا تحت مسمَّى الشُّورى ـ خداعًا ومَيْنًا ـ دون اعتبارٍ لأحكامِ الشَّرع ولا مراعاةٍ للأصلح؛ فكُلٌّ يعطي صورةً مزوَّرةً عن الإسلام سواءٌ وَفْقَ المفهوم الاشتراكيِّ أو وفق المفهومِ الرأسماليِّ أو المفهومِ الدِّيمقراطيِّ، وإِنْ كان بين هذه النُّظُمِ وبين شريعة الإسلام تشابهٌ جزئيٌّ إلَّا أنه لا يَلْزَمُ ـ تقعيدًا ـ وجودُ المشابهة الكُلِّيَّة، فإنَّه ما مِنْ شيئين إلَّا وهما يتَّفِقان في شيءٍ ولو في الوجود أو المعلوميَّة؛ ولكنَّهما يتباينانِ في أمورٍ شتَّى أخرى؛ وأهلُ الشُّبَه والتلبيس يتعلَّقون بمواضعِ المشابهةِ ويُغفِلون مواضعَ المباينةِ.
وهكذا في سلسلة التَّلبيسات ودوَّامةِ المغالطات يقف الإسلامُ ـ في مضمونه وأحكامِه ومقاصده ـ خاليًا مِنْ هذا التَّزويرِ لحقيقته؛ وعاريًا مِنَ التزييف لأصالته، إذ بالمقارنة العامَّةِ اليسيرة مع ما هو معلومٌ مِنْ دِين الإسلام بالضرورةِ تنكشف هذه الصُّوَرُ المزوَّرةُ المزيَّفةُ للإسلام الذي هو بريءٌ منها جميعًا لأنَّ ما تُبايِنُه فيه أعظمُ بكثيرٍ ممَّا تُشابِهُه فيه
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
ولعلَّ لِتلك الأُمَمِ الكتابيَّة ما يُشبِهُ العُذرَ في المصير الذي صارت إليه لِضَياعِ كُتُبِها التي هي منبعُ الهدايةِ بين التحريف والتبديل والنسيان والتأويل؛ أمَّا هذه الأُمَّةُ فإنَّ حبل اللهِ المَتينَ فيها ممدودٌ، وبابَ الفقه فيه مفتوحٌ غيرُ مسدودٌ، ووارِدُ مَنهَلِه العذبِ غيرُ مُحَلَّإٍ(١) ولا مطرودٍ؛ ولكِنْ تَناوَلَه أوَّلُهُم بالتأويل، وآخِرُهم بالتعطيل، حتَّى اتَّخَذوه مهجورًا(٢)، وجعلوا تفسيرَه وفهمَه أمرًا محظورًا؛ فحُرِموا ما فيه مِنْ شفاءٍ ورحمةٍ، وعلمٍ وحكمةٍ، وبلاغٍ وبيانٍ، وهديٍ وفرقانٍ، ونورٍ وحياةٍ، وعصمةٍ ونجاةٍ، وباقياتٍ صالحاتٍ؛ فلم يَزالوا لاهِينَ بالانتساب الصُّوريِّ إليه(٣).
قال الشيخ فركوس معلقا:
(٣) الانتساب إلى الإسلام الصُّوريِّ هو: الاعتزاءُ إلى الصُّورة المزوَّرةِ على الإسلام وعلى أحكامه وشرائعه والانتماء إليها؛ إمَّا كُلِّيًّا أو جزئيًّا؛ حيث يظهر الإسلامُ بشكلٍ غيرِ مُطابِقٍ للحقيقة والواقع، وذلك التزويرُ تَولَّد بسببِ فِرَقٍ مُنحرِفةٍ وطوائفَ ضالَّةٍ تنتسب إلى الإسلام اسْمِيًّا وإِنْ كان كثيرٌ منها لم يخرج منه؛ وتعملُ على إبعاد المسلمين عن تربِيَتِهم على الإسلام المصفَّى بأخذه بجميعِ شرائعه وأحكامِه، وذلك بوسائل التَّضليل والتَّلبيس والهدم مِنَ الداخل؛ والمعلومُ أنَّ الصورةَ المضلَّلةَ والمزوَّرةَ لا تعكس حقيقةَ الإسلام بحالٍ وإِنْ تَسمَّتْ باسْمِه.
ومِنَ الصُّوَر المنسوبةِ إلى الإسلام كَذِبًا وزُورًا:
تلك الأسماءُ الحديثةُ ذاتُ الدلالاتِ والمفاهيم والأحكامِ اللَّاصقة بأصحابها، والمُنتشرةُ في مَجالَيِ الاقتصاد والسِّياسة مِثل مذاهبِ: الاشتراكيَّة والرَّأسماليَّة والدِّيمقراطيَّة وغيرِها ممَّا قدَّمها أنصارُها المنتسبون إلى الإسلام المتظاهرون به على أنَّها هي الإسلامُ الحقيقيُّ لِتَروجَ على النَّاس، إذ فسَّروه بها وادَّعَوْا أنها نماذجُ متوافقةٌ مع المنظور الإسلاميِّ؛ وكُلٌّ بحسبه: فعند أنصار المذهب الاشتراكيِّ المنتسبين إلى الإسلام يقدِّمونه على أنه يتضمَّن مبادئَ اشتراكيَّةً، ويحقِّق بين النَّاس العدالةَ الاجتماعيَّةَ بمفهومهم القائم على المُساواة لا المُواساة بين النَّاس، وأنصارُ المذهب الرأسماليِّ المنتسبون إلى الإسلام يقدِّمونه على أنه يعترف بالمِلكيَّة الفرديَّة بمفهومهم ويحميها، ويفتح مجالَ حُرِّيَّةِ العمل والكسبِ والتِّجارةِ واسعًا، ولا يَسُدُّ أبوابَ المنافسة الشَّريفةِ ـ بمفهومهم ـ في تحصيلِ الثَّرواتِ، وأنصارُ المذهب الدِّيمقراطيِّ المنتسبون إلى الإسلام يقدِّمونه على أنه يدعو إلى الإخاء الصحيح بمنظورهم وإلى تحقيق مبادئ الحُرِّيَّة بين النَّاس بقَدْرِ ما يمكن أَنْ يكون الإنسانُ حرًّا لا بقيدٍ إلَّا قيد انتهاءِ حُرِّيَّتِه حين تبدأ حُرِّيَّةُ الآخَرِين مِنَ المخلوقين وحقوقُهم، دون اعتبارٍ لحقِّ الخالق، وإلى تحقيقِ مبادئ المساواة بمفهومهم تحت مسمَّى القِسطِ والعدل بين جميعِ أفراد المجتمع كذبا وزورًا، وترسيخِ حُكمِ الشَّعب لنفسِه بنفسه أو حكمِ الأكثريَّةِ أو الأكثرِ تأثيرًا تحت مسمَّى الشُّورى ـ خداعًا ومَيْنًا ـ دون اعتبارٍ لأحكامِ الشَّرع ولا مراعاةٍ للأصلح؛ فكُلٌّ يعطي صورةً مزوَّرةً عن الإسلام سواءٌ وَفْقَ المفهوم الاشتراكيِّ أو وفق المفهومِ الرأسماليِّ أو المفهومِ الدِّيمقراطيِّ، وإِنْ كان بين هذه النُّظُمِ وبين شريعة الإسلام تشابهٌ جزئيٌّ إلَّا أنه لا يَلْزَمُ ـ تقعيدًا ـ وجودُ المشابهة الكُلِّيَّة، فإنَّه ما مِنْ شيئين إلَّا وهما يتَّفِقان في شيءٍ ولو في الوجود أو المعلوميَّة؛ ولكنَّهما يتباينانِ في أمورٍ شتَّى أخرى؛ وأهلُ الشُّبَه والتلبيس يتعلَّقون بمواضعِ المشابهةِ ويُغفِلون مواضعَ المباينةِ.
وهكذا في سلسلة التَّلبيسات ودوَّامةِ المغالطات يقف الإسلامُ ـ في مضمونه وأحكامِه ومقاصده ـ خاليًا مِنْ هذا التَّزويرِ لحقيقته؛ وعاريًا مِنَ التزييف لأصالته، إذ بالمقارنة العامَّةِ اليسيرة مع ما هو معلومٌ مِنْ دِين الإسلام بالضرورةِ تنكشف هذه الصُّوَرُ المزوَّرةُ المزيَّفةُ للإسلام الذي هو بريءٌ منها جميعًا لأنَّ ما تُبايِنُه فيه أعظمُ بكثيرٍ ممَّا تُشابِهُه فيه
مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
Telegram
إرشاد الحائر إلى تاريخ و علماء الجزائر
الحق فوق كل أحد، والجزائر فبل كل شيء.
#ابن_باديس
@irchadelhair_bot 👈للتواصل
#ابن_باديس
@irchadelhair_bot 👈للتواصل
Forwarded from مصطفى صادق الرافعي (مُحَمَّد فتحي)
فما بَقِيَتْ في نفسِ رجُلٍ ولا امرأةٍ شهوةٌ إلى الدنيا، وفرغَ كلُّ إنسانٍ من باطلِه، كما يفرغُ مَن أيقَنَ أن ليس بينه وبين قبرِه إلا ساعة؛ وظهرَ لهم الموتُ في حقيقةٍ جديدةٍ بالغةِ الرَّوعِ لا يراها الأبناءُ في موتِ آبائهِم وأُمَّهاتِهم، ولا الآباءُ والأُمَّهاتُ في مَوتِ مَن وَلَدوا، ولا المُحِبُّ في مَوتِ حبيبِه، ولا الحميمُ في موتِ حميمِه..
[بنته الصغيرة (١) || وحي القلم]
[بنته الصغيرة (١) || وحي القلم]
Forwarded from تصاميم دعوية••🌱
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
متصلة بعمر 10 سنوات اللهم بارك تقول : متى ألبس الحجاب؟؟
المقطع جميل وردّ الشيخ أجمل وأجمل.
المقطع جميل وردّ الشيخ أجمل وأجمل.
Forwarded from « قيامة الشعر »
أعرابيٌّ يشكو:
"شكوتُ فَقالت: "كلُّ هذا" تبرّمًا
بِحبّي، أراحَ اللهُ قلبكَ مِن حُبّي
فَلمّا كتمتُ الحُبَّ قالت: لَشدَّ ما
صبرتَ وما هذا بفعل شجيْ القلبِ
وأدنو فَتُقصيني فَأبعد طالبًا
رضاها، فَتعتدّ التّباعدَ مِن ذنبي
فَشكواي تُؤذيها وصبري يَسوءُها
وتجزعُ مِن بُعدي، وتنفرُ مِن قُربي
فَيا قومِ هل مِن حيلةٍ تعرفونَها؟
أَشيروا بها، واستوجبوا الأجرَ في الصَّبِّ".
#قيامة_الشعر
"شكوتُ فَقالت: "كلُّ هذا" تبرّمًا
بِحبّي، أراحَ اللهُ قلبكَ مِن حُبّي
فَلمّا كتمتُ الحُبَّ قالت: لَشدَّ ما
صبرتَ وما هذا بفعل شجيْ القلبِ
وأدنو فَتُقصيني فَأبعد طالبًا
رضاها، فَتعتدّ التّباعدَ مِن ذنبي
فَشكواي تُؤذيها وصبري يَسوءُها
وتجزعُ مِن بُعدي، وتنفرُ مِن قُربي
فَيا قومِ هل مِن حيلةٍ تعرفونَها؟
أَشيروا بها، واستوجبوا الأجرَ في الصَّبِّ".
#قيامة_الشعر
قيل: تسارَرَ أَبخَرُ وأصَمُّ، فقال له الأصمُّ: قد فهمتُ، ثم فارقه.
فسأله رجلٌ، فقال: والله لا أدري غيرَ أنه فسا في أذني.
وحُكي أن أَبخَرَ تزوج بامرأة، فلما ضاجعها عافَتهُ، وتولَّت عنه بوجهها، ثم أنشدت تقول:
يا حِبُّ والرحمنِ إن فاكا ... أهلكني فولِّني قفاكا
إذا غدوتَ فاتخذ سِواكا ... من عُرفُطٍ إن لم تجد أراكا
لا تقربَنِّي بالذي سَوَّاكا ... إني أراك ماضغًا خَـ... كا
_
الأبخر: الذي له رائحة فم كريهة.
_
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 347
فسأله رجلٌ، فقال: والله لا أدري غيرَ أنه فسا في أذني.
وحُكي أن أَبخَرَ تزوج بامرأة، فلما ضاجعها عافَتهُ، وتولَّت عنه بوجهها، ثم أنشدت تقول:
يا حِبُّ والرحمنِ إن فاكا ... أهلكني فولِّني قفاكا
إذا غدوتَ فاتخذ سِواكا ... من عُرفُطٍ إن لم تجد أراكا
لا تقربَنِّي بالذي سَوَّاكا ... إني أراك ماضغًا خَـ... كا
_
الأبخر: الذي له رائحة فم كريهة.
_
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 347
رثى بعضُهم محمد َ بنَ يحيى بعد موته فقال:
سألتُ الندى والجودَ مالي أراكما ... تبدَّلتُما ذُلًّا بعِزٍّ مُؤبَّدِ؟
وما بالُ رُكنِ المجدِ أمسى مُهدَّما؟ ... فقالا: أُصبنا بابن يحيى محمَّدِ
فقلت: فهلَّا مِتُّما عند موتِهِ ... فقد كنتما عبدَيهِ في كل مَشْهَدِ
فقالا: أقمنا كي نُعَزَّى بفقدهِ ... مسافةَ يومٍ ثم نتلوهُ في غَدِ
___
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 367
سألتُ الندى والجودَ مالي أراكما ... تبدَّلتُما ذُلًّا بعِزٍّ مُؤبَّدِ؟
وما بالُ رُكنِ المجدِ أمسى مُهدَّما؟ ... فقالا: أُصبنا بابن يحيى محمَّدِ
فقلت: فهلَّا مِتُّما عند موتِهِ ... فقد كنتما عبدَيهِ في كل مَشْهَدِ
فقالا: أقمنا كي نُعَزَّى بفقدهِ ... مسافةَ يومٍ ثم نتلوهُ في غَدِ
___
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 367
#تدبَّر.
أين آدمُ؟
أين الأولون والآخرون؟
أين نوحٌ شيخُ المرسلين؟
أين إدريسُ رفيعُ ربِّ العالمين؟
أين إبراهيمُ خليلُ الرحمن؟
أين موسى الكليم من بين سائر النبيين؟ أين عيسى روح الله وكلمته رأس الزاهدين، وإمام السائحين؟
أين محمدٌ خاتمُ النبيين؟
أين أصحابه الأبرار؟
أين الأمم الماضية؟
أين الملوك السالفة؟
أين القرون الخالية؟
أين الذين نُصبت على مَفارقهم التيجان؟
أين الذين قهروا الأبطال والشجعان؟
أين الذين دانت لهم المشارقُ والمغارب؟
أين الذين اغترُّوا بالأجناد؟
أين أصحابُ الوزراءِ والقُوَّاد؟
أين أصحاب السطوة والأعوان؟
أين أصحاب الأعمال والولايات؟
أين الذين خَفَقَت على رؤوسهم الألوية والرايات؟
أين الذين قادوا الجنود والعساكر؟
أين الذين عمروا القصورَ والدساكر (الدساكر: أبنية تُشبه القصور)؟
أين الذين أعطَوا النصرَ في مواطن الحروب والمواقف؟
أين الذين آمنوا بسطوتهم كلَّ خائف؟
أين الذين ملأوا ما بين الخافقَين فخرًا وعِزًّا؟
أين الذين فرشوا القصورَ حريرا وقَزًّا؟
أين الذين تضعضعت لهم الأرضُ هَيبَةً وعزا؟
هل تُحِسُّ منهم من أحد أو تسمع لهم (رِكزا)*؟
أفناهم اللهُ مفني الأمم، وأبادهم مبيدُ الرِّمم،
وأخرجهم من سعة القصور، إلى ضيقٍ تحت الجنادل والصخور،
فأصبحوا لا تُرى إلا مساكنُهم،
لم ينفعهم ما جمعوا، ولا أغنى عنهم ما اكتسبوا،
أسلمهم الأحياءُ والأولياء، وهجرهم الإخوانُ والأصفياء، ونسِيَهم الأقرباءُ والأبعداء،
ولو نطقوا لأنشدوا:
مُقيمٌ بالحُجُونِ رهينَ رَمسٍ ~ وأهلي راحلون بكلِّ وادِ
كأني لم أكن لهمو حبيبًا ~ ولا كانوا الأحِبَّةَ في السَّوادِ
فعوجوا بالسَّلامِ فإن أَبَيتُم ~ فأوموا بالسلام على البِعادِ
_
*في الأصل (ذكرا)
_
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 376
أين آدمُ؟
أين الأولون والآخرون؟
أين نوحٌ شيخُ المرسلين؟
أين إدريسُ رفيعُ ربِّ العالمين؟
أين إبراهيمُ خليلُ الرحمن؟
أين موسى الكليم من بين سائر النبيين؟ أين عيسى روح الله وكلمته رأس الزاهدين، وإمام السائحين؟
أين محمدٌ خاتمُ النبيين؟
أين أصحابه الأبرار؟
أين الأمم الماضية؟
أين الملوك السالفة؟
أين القرون الخالية؟
أين الذين نُصبت على مَفارقهم التيجان؟
أين الذين قهروا الأبطال والشجعان؟
أين الذين دانت لهم المشارقُ والمغارب؟
أين الذين اغترُّوا بالأجناد؟
أين أصحابُ الوزراءِ والقُوَّاد؟
أين أصحاب السطوة والأعوان؟
أين أصحاب الأعمال والولايات؟
أين الذين خَفَقَت على رؤوسهم الألوية والرايات؟
أين الذين قادوا الجنود والعساكر؟
أين الذين عمروا القصورَ والدساكر (الدساكر: أبنية تُشبه القصور)؟
أين الذين أعطَوا النصرَ في مواطن الحروب والمواقف؟
أين الذين آمنوا بسطوتهم كلَّ خائف؟
أين الذين ملأوا ما بين الخافقَين فخرًا وعِزًّا؟
أين الذين فرشوا القصورَ حريرا وقَزًّا؟
أين الذين تضعضعت لهم الأرضُ هَيبَةً وعزا؟
هل تُحِسُّ منهم من أحد أو تسمع لهم (رِكزا)*؟
أفناهم اللهُ مفني الأمم، وأبادهم مبيدُ الرِّمم،
وأخرجهم من سعة القصور، إلى ضيقٍ تحت الجنادل والصخور،
فأصبحوا لا تُرى إلا مساكنُهم،
لم ينفعهم ما جمعوا، ولا أغنى عنهم ما اكتسبوا،
أسلمهم الأحياءُ والأولياء، وهجرهم الإخوانُ والأصفياء، ونسِيَهم الأقرباءُ والأبعداء،
ولو نطقوا لأنشدوا:
مُقيمٌ بالحُجُونِ رهينَ رَمسٍ ~ وأهلي راحلون بكلِّ وادِ
كأني لم أكن لهمو حبيبًا ~ ولا كانوا الأحِبَّةَ في السَّوادِ
فعوجوا بالسَّلامِ فإن أَبَيتُم ~ فأوموا بالسلام على البِعادِ
_
*في الأصل (ذكرا)
_
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 376
أجود الشِّعرِ ما رأيتَه مُتلاحمَ الأجزاء، سهلَ المخارج، فتعلم بذلك أنه قد أُفرغ إفراغا واحدا، وسُبك سبكًا واحدا، فهو يجري على اللسان كما يجري الدِّهان.
___
البيان والتبين.
ج 1 ص 65
___
البيان والتبين.
ج 1 ص 65
قال أبو الطيب - عفا الله عنه -
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ ~ رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى
هذا هو بيت القصيد، يقول: من لم يعرف قدر نفسه غرورًا وإعجابًا وذهابًا بها خفيت عليه عيوبه، فرأى الناس من عيوبه ما لا يرى واستقبحوا منه ما استحسن، وإنه لبلاء عظيم …
___
شرح عبد الرحمن البرقوقي
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ ~ رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى
هذا هو بيت القصيد، يقول: من لم يعرف قدر نفسه غرورًا وإعجابًا وذهابًا بها خفيت عليه عيوبه، فرأى الناس من عيوبه ما لا يرى واستقبحوا منه ما استحسن، وإنه لبلاء عظيم …
___
شرح عبد الرحمن البرقوقي
Forwarded from « قيامة الشعر »
"أيّها النّائمونَ حولي هنيئًا
هكذا كنتُ حينَ كنتُ خَلِيًّا
مَن رآني فَلا يُديمنّ لحظًا
وليكنْ مِن جليسهِ سامِرِيّا".
#قيامة_الشعر
هكذا كنتُ حينَ كنتُ خَلِيًّا
مَن رآني فَلا يُديمنّ لحظًا
وليكنْ مِن جليسهِ سامِرِيّا".
#قيامة_الشعر
Forwarded from « قيامة الشعر »
"وَبِتنا عَلى رُغمِ الحَسودِ وَبَينَنا
حَديثٌ كَريحِ المِسكِ شيبَ بِهِ الخَمرُ
حَديثٌ لَوَ اَنَّ المَيتَ يَحيا بِبَعضِهِ
لَأَصبَحَ حَيًّا بَعدَ ما ضَمَّهُ القَبرُ
فَوَسَّدتُهُ كَفّي وَبِتُّ ضَجيعَهُ
وَقُلتُ لِلَيلي طُل فَقَد رَقَدَ البَدرُ
فَلَمّا أَضاءَ الصُّبحُ فَرَّقَ بَينَنا
وَأَيُّ نَعيمٍ لا يُكَدِّرُهُ الدَّهرُ!".
#صريع_الغواني
#قيامة_الشعر
حَديثٌ كَريحِ المِسكِ شيبَ بِهِ الخَمرُ
حَديثٌ لَوَ اَنَّ المَيتَ يَحيا بِبَعضِهِ
لَأَصبَحَ حَيًّا بَعدَ ما ضَمَّهُ القَبرُ
فَوَسَّدتُهُ كَفّي وَبِتُّ ضَجيعَهُ
وَقُلتُ لِلَيلي طُل فَقَد رَقَدَ البَدرُ
فَلَمّا أَضاءَ الصُّبحُ فَرَّقَ بَينَنا
وَأَيُّ نَعيمٍ لا يُكَدِّرُهُ الدَّهرُ!".
#صريع_الغواني
#قيامة_الشعر
#وه_وه
تزوج عليٌّ -رضي الله عنه- من ابنة امرئ القيس بن عدي، فولدت له جاريةً، فكانت تخرج معه إلى المسجد وهي صغيرة، فيقال لها : من أخوالك؟ فتقول : وه وه ، تعني من بني كلب.
البداية والنهاية لابن كثير -رحمه الله-.
تزوج عليٌّ -رضي الله عنه- من ابنة امرئ القيس بن عدي، فولدت له جاريةً، فكانت تخرج معه إلى المسجد وهي صغيرة، فيقال لها : من أخوالك؟ فتقول : وه وه ، تعني من بني كلب.
البداية والنهاية لابن كثير -رحمه الله-.
#دُرَّةٌ_من_دُرَرِ الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -.
وأيضا؛ فإنه سبحانه اقتضت حكمتُه خلقَ آدم وذريته في تركيبٍ
مُستلزم لداعي الشهوة والغضب، وداعي العقل والعلم؛ فإنه سبحانه خلق فيه
العقل والشهوة ونصبهما داعيين لمقتضياتهما؛ ليتمَّ مرادُه، ويظهر
لعباده عزته في حكمته وجبروته، ورحمته وبره، ولطفه في سلطانه
وملكه.
فاقتضت حكمته ورحمته أن أذاق أباهم وَبيلَ مخالفته، وعرفه ما تَجني
عواقبُ إجابةِ الشهوة والهوى؛ ليكون أعظم حذرا فيها وأشد هروبا.
وهذا كحال رجل سائر على طريق قد كَمَنت الأعداء في جَنَباته، وخلفه
وأمامه، وهو لا يشعر بها، فإذا أصيب منها مرة بمصيبة استعد في سيره،
وأخذ أُهْبَةَ عدوِّه، وأعدَّ له ما يدفعه به. ولولا أنه ذاق ألمَ إغارة عدوه عليه
وتبييته له لما سمحت نفسه بالاستعداد والحذر وأخذ العُدَّة.
فمن تمام نعمة الله على آدم وذريته أن أراهم ما فعل العدوُّ بهم وبأبيهم
فاستعدوا له وأخذو أهبته.
فإن قيل: كان من الممكن أن لا يسلط عليهم العدو.
قيل: قد تقدم أنه سبحانه خلق آدم وذريته على بِنية وتركيب مستلزم
لمخالطتهم لعدوهم وابتلائهم به، ولو شاء لخلقهم كالملائكة الذين هم
عقول بلا شهوات، فلم يكن لعدوهم طريقٌ إليهم، ولكن لو خلقوا هكذا
لكانوا خلقا آخر غير بني آدم؛ فإن بني آدم قد ركبوا على العقل والشهوة.
___
مفتاح دار السعادة.
ص 13
وأيضا؛ فإنه سبحانه اقتضت حكمتُه خلقَ آدم وذريته في تركيبٍ
مُستلزم لداعي الشهوة والغضب، وداعي العقل والعلم؛ فإنه سبحانه خلق فيه
العقل والشهوة ونصبهما داعيين لمقتضياتهما؛ ليتمَّ مرادُه، ويظهر
لعباده عزته في حكمته وجبروته، ورحمته وبره، ولطفه في سلطانه
وملكه.
فاقتضت حكمته ورحمته أن أذاق أباهم وَبيلَ مخالفته، وعرفه ما تَجني
عواقبُ إجابةِ الشهوة والهوى؛ ليكون أعظم حذرا فيها وأشد هروبا.
وهذا كحال رجل سائر على طريق قد كَمَنت الأعداء في جَنَباته، وخلفه
وأمامه، وهو لا يشعر بها، فإذا أصيب منها مرة بمصيبة استعد في سيره،
وأخذ أُهْبَةَ عدوِّه، وأعدَّ له ما يدفعه به. ولولا أنه ذاق ألمَ إغارة عدوه عليه
وتبييته له لما سمحت نفسه بالاستعداد والحذر وأخذ العُدَّة.
فمن تمام نعمة الله على آدم وذريته أن أراهم ما فعل العدوُّ بهم وبأبيهم
فاستعدوا له وأخذو أهبته.
فإن قيل: كان من الممكن أن لا يسلط عليهم العدو.
قيل: قد تقدم أنه سبحانه خلق آدم وذريته على بِنية وتركيب مستلزم
لمخالطتهم لعدوهم وابتلائهم به، ولو شاء لخلقهم كالملائكة الذين هم
عقول بلا شهوات، فلم يكن لعدوهم طريقٌ إليهم، ولكن لو خلقوا هكذا
لكانوا خلقا آخر غير بني آدم؛ فإن بني آدم قد ركبوا على العقل والشهوة.
___
مفتاح دار السعادة.
ص 13
أمّا الشتائمُ التي أسمعها واللّعناتُ التي تُصوّبُ إليَّ فهي أشبهُ الأشياءِ عندي بذلك البَرَدِ المتساقطِ الذي يتناثرُ من الجوِ على ردائي ثم ينزلقُ عنه إلى الأرض فأدوسه بقدميّ.
--------------
المنفلوطي -رحمه الله تعالى-.
--------------
المنفلوطي -رحمه الله تعالى-.