Telegram Web Link
إذا أذِنَ اللهُ في حاجةٍ ... أتاك النجاحُ علىٰ رِسلِهِ

فلا تسألِ النَّاسَ مِن فَضلِهِمْ ... ولٰكِنْ سَلِ اللهَ مِـــــن فَضلِهِ
____
سلم الخاسر
___
المستطرف ج 2 ص 42
"وحسبُك مِن ذي الرُّمّة رئيس المُشبّهين الإسلاميّين أنّه كان يقول: إذا قلتُ: «كأنَّ»، ولم أجد مخلصًا منها؛ فقطع الله لساني.

ولقد فتن النّاسَ ابن المعتزّ بتشبيهاته، وأسكرهم أبو نُواس بخمريّاته، ورفّتْ قلوبهم على زهديّات أبي العتاهيّة، وجرَتْ دموعهم لمراثي أبي تمام، وابتهجَتْ أنفسهم بمدائح البُحتُريّ وروضيّات الصّنوبريّ ولطائف كشاجم.

فَمَن رجع بصره في ذلك، وسلك في الشِّعر ببصيرة المعرّيّ، وكانت له أداة ابن الرّوميّ، وفيه غزل ابن أبي ربيعة، وصبابة ابن الأحنف، وطبع ابن بُرد، وله اقتدار مسلم، وأجنحة ديك الجنّ، ورقّة ابن الجهم، وفخر أبي فراس، وحنين ابن زيدون، وأنفة الرَّضِيّ، وخطرات ابن هانِئ، وفي نفسه مِن فكاهة أبي دلامة، ولعينيه بصر ابن خفاجة بمحاسن الطّبيعة، وبين جنبيه قلب أبي الطّيّب = فقد استحقّ أن يكون شاعر دهره وصنّاجة عصره".

#صون_القريض (نظرات الرّافعيّ في الشّعر والشّعراء)، لعبد الرّحمن بن حسن قائد.
#قيامة_الشعر
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
"والكَلِمَةُ مُرادٌ بِها الكَلامُ، عَبَّرَ عَنِ الكَلامِ بِكَلِمَةٍ إشارَةً إلى أنَّهُ مُنْتَظِمٌ في مَعْنًى واحِدٍ دالٍّ عَلى المَقْصُودِ دَلالَةً سَرِيعَةً فَشُبِّهَ بِالكَلِمَةِ الواحِدَةِ في سُرْعَةِ الدَّلالَةِ وإيجازِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿كَلّا إنَّها كَلِمَةٌ هو قائِلُها﴾ [المؤمنون: ١٠٠]، وقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ: «أصْدَقُ كَلِمَةٍ قالَها شاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: ألا كُلُّ شَيْءٍ ما خَلا اللَّهَ باطِلُ».

وبُيِّنَتِ الكَلِمَةُ بِجُمْلَةِ ﴿إنَّهم لَهُمُ المَنصُورُونَ﴾، أيِ الكَلامُ المُتَضَمِّنُ وعْدَهم بِأنْ يَنْصُرَهُمُ اللَّهُ عَلى الَّذِينَ كَذَّبُوهم وعادَوْهم، وهَذِهِ بِشارَةٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ عَقِبَ تَسْلِيَتِهِ لِأنَّهُ داخِلٌ في عُمُومِ المُرْسَلِينَ".

#التحرير_والتنوير لابن عاشور.
#قيامة_الشعر
لما افتقرتُ لِصَحْبي ما وَجَدتُهُمُ ... لَجَأتُ للهِ لَبَّاني وأَغناني

واهًا على بَذلِ وَجهي للورى سَفَهًا ... فلو بَذَلتُ إلى مولاي والاني
_
قاله بعضُ أهل الفضل.
_

المستطرف ج 2 ص 43
كأنَّ التَّواني أنكحَ العَجزَ بِنتَهُ ... وساق إليها حينَ زَوَّجها مَهرا

فِراشًا وطيئًا ثم قال لها اتَّكي ... فإنكما لا بُدَّ أن تَلِدا الفَقرا.
_
هلال بن العلاء الرفاء.
__
#التواني هو الكَسَل، وتضييع الحزم، وعدم القيام على مصالح النفس، وترك التسبُّب والاحتراف، والإحالة على المقادير، وهذا من أقبح الأفعال.
وأما #التَّأنِّي فإنه خِلاف التواني، وهو الرفق، ورفض العَجَلة، والنظر في العواقب.
___
المستطرف ج 2 ص 50، 51
الباب الخامس والخمسون.
إذا لم يُسَالِمك الزَّمانُ فحَارِب ... وبَاعِد إذا لم تَنتَفِع بالأَقَارِبِ

و لا تَحتَقِر كَيدَ الضَّعيفِ فرُبَّما ... تَمُوتُ الأفاعي من سُمُومِ العَقَاربِ

فقد هَدَّ قِدَمًا عَرش بلقِيسَ هُدهُدٌ ... وخَرَّبَ فَأرٌ قبلَ ذا سَدَّ مأرَبِ

إذا كان رَأسُ المَالِ عُمرَكَ فاحتَرِز ... عليه من التَضييعِ في غَير واجِبِ

فبَينَ اختِلافِ اللَّيلِ و الصُّبحِ مَعرَكٌ ... يَكِرُّ علينا جَيشُه بالعَجَائبِ
___
المستطرف ج 2 ص 136
قال مُطرِّفٌ: ما نزل بي مكروهٌ قَطُّ فاستعظمتُه إلا ذكرتُ ذنوبي فاستصغرتُه.
___
المستطرف ج 2 ص 67
لا أرى الشعر إلا في أمثال هذه الأشعار!

قال قائلهم:

ما كنتُ أعلمُ ما في البَينِ من حُرَقٍ .... حتى تَنادَوا بأنْ قد جِيءَ بالسُّفُنِ

قامت تُوَدِّعني والدَّمعُ يغلِبُها ... فَهَمهَمَت بعضَ ما قالت ولم تُبِنِ

مالت إليَّ وضمَّتني لترشُفَني ... كما يَميلُ نسيمُ الريحِ بالغُصُنِ

وأعرَضَت ثم قالت وَهْي باكيةٌ ... يا ليتَ معرفتي إياكَ لم تَكُنِ

وقال آخر:

قفي ودّعينا يا سعادُ بنظرةٍ ... فقد حان منا يا سعادُ رحيلُ

فيا جنَّةَ الدنيا ويا غايةَ المنى ... ويا سُؤلَ نفسي هل إليكِ سبيلُ؟

وكنتُ إذا ما جِئتُ جئتُ لعلَّةٍ ... فأفنيتُ عِلَّاتي فكيف أقولُ؟

فما كلُّ يومٍ لي بأرضكِ حاجَةٌ ... ولا كلُّ يومٍ لي إليكِ وُصُولُ

___
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 186
ذَكَرَ الحِمى فصبا وكان قدِ ارعوى
صبٌّ على عرشِ الغرامِ قدِ استوى

تجري مدامِعُهُ ويَـخفقُ قلبُهُ
مهما جرى ذِكرُ العَقيقِ مع اللِّوى

و إذا تألَّقٌ بارقٌ من بارقٍ
فهناك ينشرُ مِن هواهُ ما انطوى

فخذوا أحاديثَ الهوى عن صادقٍ
ما ضلَّ في شرعِ الغرامِ وما غوى

و بمهجتي رَشَأٌ أطالت عُذَّلي
فيه الملامَ وقد حوى ما قد حوى

قالوا أفيهِ سوى رشاقةِ قَدِّهِ
و فُتورِ عينيهِ وهل موتي سوى

ما أَبصَرَتهُ الشمسُ إلا واكتَسَت
خَجَلًا و لا غصنُ النَّقا إلا التوى

يروي الأراكُ محاسنًا عن ثَغرِهِ
يا طِيبَ ما نقلَ الأراكُ وما روى
_
جمال الدين بن مطروح
_
المستطرف للأبشيهي
ج 2. ص 215
● لا تَأْسَ على ما فاتك؛ فإنما كان وديعةً من ودائع الدهر أَعَارَكَهَا بُرهَةً من الزمان، ثم استرَدَّها.

- المنفلوطي
منظومة الأسماء الحسنى للإمام الدردير رحمه الله
ابن عطاء الله السَّكندريّ رحمه الله
عبَثَ النَّسِيمُ بقَدِّهِ فتأوَّدَا*
وسرَى الحَيَاءُ بخَدِّهِ فتوَرَّدَا

رَشَأٌ تَفَرَّدَ فيه قلبيَ بالهَوى
لمَّا غَدَا بجمَالِهِ مُتَفَرِّدَا

قاسُوهُ بالغُصنِ الرَّطِيبِ جهَالَةً
تاللَّهِ قد ظلَمَ المُشبِّهُ و اعتَدَى

حُسنُ الغُصونِ إذا اكتَسَت أوراقُها
وتراهُ أحسنَ ما يكونُ مُجَرَّدا
_
*تأوَّدَ: انحنى وتثنَّى.
_
صفي الدين الحِلِّي
___
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 215
Forwarded from أبو فِهر محمود محمد شاكر (مُحَمَّد فتحي)
ونحن الذين نتحدثُ عن الشِّعرِ وعن تذوُّقِ الشِّعر، نقولُ أنَّ الشرطَ الأوَّلَ في جَودةِ الشِّعرِ (أو جَودةِ الفنِّ عامّةً) أن يكونَ الشاعرُ "صادقًا". وهذا شرطٌ صحيحٌ بلا رَيب. ولكنْ ما السبيلُ إلى مَعرفةِ ذلك؟ أن يقولَ لنا الشاعرُ بلسانِه أنه صادق، أو يكتُبَ على رأسِ كُلِّ قصيدةٍ "أنا صادق"؟ أم أقنَعُ أنا بأنْ أفترِضَ افتراضًا أنه صادق، فيكون عندئذٍ صادقًا! كِلا هذين باطلٌ لأوَّلِ وَهلة. لم تَبْق، إذَن، وسيلةٌ لمعرفةِ صِدقِه إلا من خلالِ الشِّعرِ نفسِه، أي من خلالِ أحرُفِه وكلماتِه وجُمَلِه وتراكيبِه ومعانيه. ومن أين يُعرَفُ صِدقُه في هذا؟ وكيف؟ ينبغي هنا أن نَحترِسَ من الوَهْمِ الذي يجعلُ مُجَرَّدَ مُطابقةِ ما يقولُه الشاعرُ لما نعتقدُه نحن أو نتوَّهمُه دليلٌ على صِدقِه في شِعرِه. فهذا باطلٌ أيضًا، لأنَّ مُخالفتَه كلَّ المُخالفةِ في الاعتقادِ أو التوهُّم، مُمكِنٌ أيضًا أن يكونَ فيما قاله صادقًا كلَّ الصِّدقِ وإن لم يقع كلامُه عندنا مَوقِعَ الرِّضى والقبولِ والتسليم. فلم يَبْق إلا طريقٌ واحدٌ: أن يكونَ الكلامُ المُرَكَّبُ من الأحرُفِ والكلماتِ والجُمَلِ والتراكيب، وما تُؤدِّي إليه من المعاني، كلها حاملًا لآثارٍ عالقةٍ في جميعِها، أستطيعُ أنا أو أنتَ بالاعتمادِ على "التذوُّقِ" الذي وصفتُه لك، وكما وصفتُه لك، أن نُحِسَّه إحساسًا ما، وبطريقةٍ واعيةٍ مُنظَّمَةٍ بصيرة، قادرةٍ على الاعتمادِ على هذه الحاسَّةِ السادسةِ التي تُنشِئُ "الكلام" فينا، والتي تُطِيقُ أن "تتذوَّقَ" الكلامَ الآتي إليها من خارجٍ.

[المتنبي ليتني ما عرفته (٣) || جمهرة المقالات]
Forwarded from أبو فِهر محمود محمد شاكر (مُحَمَّد فتحي)
اشتدَّ لصوقُ "اللسان" بالقُدرةِ على البيانِ لُصوقًا يستعصى على الفصلِ والانفصام، لأنه هو الآن مُترجِمُها الوحيدُ في البناءِ كُلِّه، ولأنه هو وحدهُ المُبَلِّغُ عنها كلَّ ما تُنشِئُه من "كلام"، ولأنه هو وحدهُ مُظهِرُ عملَها المُنفرِدَ بالدلالةِ على كُمونِها في هذا البناء. فكذلك صار عملاهُ في "النطق" و"التذوق" عملينِ أخَوَينِ شقيقينِ مُتعانقين ثاوِيَينِ في وطنٍ واحد، وكاد يكونُ هذا الوطنُ مِلْكًا خالصًا للقُدرةِ على البيانِ، و"النطق" هو أسنَى الأخوينِ شرفًا، وأعلاهُما سُلطانًا وغلبةً على "اللسان"، والنُّطقُ هو قرينُ "الإبانة" أحدُ عملَي "القدرة على البيان"، فلا جرمَ أن يكونَ أخوهُ الضعيفُ القاصر، وهو عملُ "اللسان" في "التذوق" قرينًا لعملِها في "الاستبانة"، لشدةِ التشابُهِ بين العملين، (التذوق، والاستبانة) في طلبِ التمييزِ بين الأشياء، وفي تبيُّنِ الخصائصِ الكامنةِ فيها، ثمَّ في سُرعةِ الفعل، وفي سُرعةِ انقضاءِ الفِعل، وفي سُرعةِ الحُكمِ على الشيءِ الذي وقعَ عليه الفِعلُ.

[المتنبي ليتني ما عرفته (٣) || جمهرة المقالات]
من عادة الشعراء وصفهم محبوبهم بخُلف الوعد، ومثال ذلك قولُ كعبِ بن زهير -رضي الله عنه-: "كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا ... وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلَّا الْأَبَاطِيلُ"

وقول عمرَ ابن أبي ربيعة -رحمه الله- "كلما قلتُ متى مِيعادُنا ... ضَحِكَت هِندٌ وقالت: بعد غَدْ!"

والأمثلة على هذا لا تحصى، لكنَّ ابنَ اسرائيلَ له رأي آخر، فقال في محبوبته " لا تَحسبَنَّ الخُلفَ شِيمَةَ مِثلِها ... وَعَدَت ولكنَّ الزَّمانَ يُسَوِّفُ!"
قال حكيمٌ: إياكَ وإخوان النبيذ، فبينما أنت مُتوَّجٌ عندهم مخدوم مُكرَّمٌ مُعظَّم، إذ زَلَّت بك القدمُ فجرُّوك على شَوكِ السَّلَم، فاحفظ قول القائل فيه:

وكلُّ أُناسٍ يحفظون حريمَهم ... وليس لأصحاب النَّبيذِ حريمُ

فإن قلتُ هذا لم أقل عن جهالةٍ ... ولكنني بالفاسقين عليمُ.
_
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 308
_
قلت: النبيذ: الخمر، وتقاس عليه المخدرات أيضا، فمدمنها يبيع ماله أهله وولده ونفسه لأجلها.
أعاذنا الله منها، ومن أهلها.
انفرد الرشيدُ وعيسى بنُ جعفر ومعه الفضلُ بن يحيى، فإذا هو من بشيخِ الأعرابِ على حمارٍ -وهو رَطبُ العينين- فقال له الفضلُ: هل أدلك على دواءٍ لعينيك؟
قال: ما أحوجني إلى ذلك!
قال الفضل: خذ عيدان الهواء،
وغُبارَ الماءِ،
فصيِّرهُ في قِشر بيضِ الذَّرِّ (أي: صِغار النَّمل)
واكتحل به ينفعك.
فانحنى الشيخُ وضرطَ ضرطةً قوية، وقال: خذ هذه في لحيتك أجرةً لوصفتِك، وإن زدتَ زدناك.

فضحك الرشيد حتى استلقى على ظهر دابَّته.
___
المستطرف للأبشيهي
ج 2 ص 317
ال #البشير_الإبراهيمي

أَيْ شبابَ الإسلام:

حَمَلةَ الأمانةِ ومُستودَعَ الآمالِ وبُنَاةَ المُستقبَلِ وطلائعَ العهدِ الجديد.

خُذُوها فصيحةً صريحةً لا تتستَّر بجلبابٍ، ولا تتوارى بحجابٍ.

إنَّ عِلَّتَكم التي أَعْيَتِ الأطِبَّاءَ واستعصَتْ على حِكمةِ الحُكَماءِ هي مِنْ ضعفِ أخلاقكم ووهنِ عزائمكم؛ فدَاوُوا الأخلاقَ بالقرآن تَصلُحْ وتَستقِمْ، وأُسُّوا العزائمَ بالقرآن تَقْوَ وتَشْتَدَّ.

وإنَّ الذي قعَدَ بأُمَّتِكم عن الصالحات وأَعدَّها لها في أُخرَيَاتِ القافلة هو اختلافُ قلوبِها وتشتُّتُ أهوائِها؛ فأَجمِعُوا على القرآن آخِرَها كما جمَعَ محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أوَّلَها، يُنتِج لكم هذا الآخِرُ ما أَنتجَه ذلك الأوَّلُ مِنْ عزائمَ شِدَادٍ، وألسنةٍ حِدادٍ، وهِمَمٍ كبيرةٍ، وعقولٍ نيِّرةٍ(١٢).

وإنَّ أوَّلَ أُمَّتِكم شبيهٌ بآخِرِها عزوفًا عن الفضائل، وانغماسًا في الرذائل(١٣)؛ فلم يَزَلْ بها هذا القرآنُ حتَّى أَخرجَ مِنْ رُعَاةِ النَّعَم رُعَاةَ الأُمَم، وأَخرجَ مِنْ خُمولِ الأُمِّيَّةِ أَعلامَ العِلمِ والحكمة؛ فإِنْ زعَمَ زاعمٌ أنَّ الزمانَ غيرُ الزمان، فقولوا: ولكنَّ الإنسانَ هو الإنسان.

وإنَّ هذا القرآنَ وَسِعَ الحياةَ الأبديَّةَ فبيَّنها حتَّى فَهِمها الناسُ واعتقدوها وسَعَوْا لها سَعْيَها، فكيف لا يَسَعُ حياتَكم هذه..؟!
أَيْ شبابَ الإسلام، إنَّ الأوطان تجمع الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمع الألسنةَ(١٤)، وإنَّما الذي يجمع الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها هو الدِّينُ، فلا تَلتمِسُوا الوَحدَةَ في الآفاق الضيِّقةِ، ولكِنِ الْتَمِسُوها في الدِّين والْتَمِسوها مِنَ القرآن، تجدوا الأُفُقَ أَوسعَ، والدارَ أَجمعَ، والعديدَ أَكثرَ، والقُوَى أَوفرَ(١٥).

قال الشبخ فركوس معلقا :

(15)فهذا خطابٌ توجيهيٌّ إلى الشباب المسلم مذكِّرا إيَّاهم بأنَّ الأوطانَ إن كانت تجمعُ الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمعُ الألسنةَ فإنَّ الدِّينَ يجمعُ الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها، وقد وصَّاهم الله تعالى أَنْ يقيموا الدِّينَ ويجتمعوا عليه، ونهاهم عن الاختلاف والفُرقة فيه، وأَخبرَهم أنَّ صراطَ اللهِ المستقيمَ الذي لا اعوجاجَ فيه عن الحقِّ هو السبيلُ الأوحدُ المُوصِلُ إليه وإلى دارِ كرامته، فهو واجبٌ اتِّباعُه والعملُ به واتِّخاذُه منهجًا لنيلِ الفوز والفلاحِ، وإدراكِ الآمال الأفراح، وتحقيقِ السعادة في الدَّارَيْن، دون طُرُقِ الضَّلالة والغِواية مِنَ البِدَع والحوادث والشُّبُهات، والمِراء والخصومات في الدِّين وغيرِها، وحذَّرهم تحذيرًا مِنْ كُلِّ ما يؤدِّي إلى التَّردِّي والشَّتات والهلاكِ ـ كما تقدَّم ذكره ـ.

ولا يخفى أنَّ رابطةَ الإسلام والأخوَّةَ الإيمانيةَ بين الأفرادِ أقوى مِنْ رابطةِ اللِّسان وأمتنُ من رابطةِ الوطن؛ فإنَّا نُكِنُّ مِنَ المودَّة والحبِّ والإخاء للمسلم غيرِ العربيِّ ما لا يستحقُّه العربيُّ غيرُ المسلم

مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
قال #البشير_الإبراهيمي

أَيْ شبابَ الإسلام:

حَمَلةَ الأمانةِ ومُستودَعَ الآمالِ وبُنَاةَ المُستقبَلِ وطلائعَ العهدِ الجديد.

خُذُوها فصيحةً صريحةً لا تتستَّر بجلبابٍ، ولا تتوارى بحجابٍ.

إنَّ عِلَّتَكم التي أَعْيَتِ الأطِبَّاءَ واستعصَتْ على حِكمةِ الحُكَماءِ هي مِنْ ضعفِ أخلاقكم ووهنِ عزائمكم؛ فدَاوُوا الأخلاقَ بالقرآن تَصلُحْ وتَستقِمْ، وأُسُّوا العزائمَ بالقرآن تَقْوَ وتَشْتَدَّ.

وإنَّ الذي قعَدَ بأُمَّتِكم عن الصالحات وأَعدَّها لها في أُخرَيَاتِ القافلة هو اختلافُ قلوبِها وتشتُّتُ أهوائِها؛ فأَجمِعُوا على القرآن آخِرَها كما جمَعَ محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أوَّلَها، يُنتِج لكم هذا الآخِرُ ما أَنتجَه ذلك الأوَّلُ مِنْ عزائمَ شِدَادٍ، وألسنةٍ حِدادٍ، وهِمَمٍ كبيرةٍ، وعقولٍ نيِّرةٍ(١٢).

وإنَّ أوَّلَ أُمَّتِكم شبيهٌ بآخِرِها عزوفًا عن الفضائل، وانغماسًا في الرذائل(١٣)؛ فلم يَزَلْ بها هذا القرآنُ حتَّى أَخرجَ مِنْ رُعَاةِ النَّعَم رُعَاةَ الأُمَم، وأَخرجَ مِنْ خُمولِ الأُمِّيَّةِ أَعلامَ العِلمِ والحكمة؛ فإِنْ زعَمَ زاعمٌ أنَّ الزمانَ غيرُ الزمان، فقولوا: ولكنَّ الإنسانَ هو الإنسان.

وإنَّ هذا القرآنَ وَسِعَ الحياةَ الأبديَّةَ فبيَّنها حتَّى فَهِمها الناسُ واعتقدوها وسَعَوْا لها سَعْيَها، فكيف لا يَسَعُ حياتَكم هذه..؟!
أَيْ شبابَ الإسلام، إنَّ الأوطان تجمع الأبدانَ، وإنَّ اللُّغاتِ تجمع الألسنةَ(١٤)، وإنَّما الذي يجمع الأرواحَ ويُؤلِّفُها ويَصِلُ بين نَكِرَاتِ القلوبِ فيعرِّفها هو الدِّينُ، فلا تَلتمِسُوا الوَحدَةَ في الآفاق الضيِّقةِ، ولكِنِ الْتَمِسُوها في الدِّين والْتَمِسوها مِنَ القرآن، تجدوا الأُفُقَ أَوسعَ، والدارَ أَجمعَ، والعديدَ أَكثرَ، والقُوَى أَوفرَ(١٥).

قال الشبخ فركوس معلقا :

(12)وصدَقَ الإمامُ مالكٌ رحمه الله ـ فيما نُقِل عنه بعبارات مختلفة ـ قوله: «لا يُصلِح آخِرَ هذه الأمَّةِ إلَّا ما أَصلحَ أوَّلَها» أو «لا يَصلُح آخِرُ هذه الأمَّةِ إلَّا بما صلَحَ به أوَّلُهَا» أو «لَنْ يأْتِيَ آخرُ هَذِهِ الأُمَّة بأَهدى مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُها»؛ [انظر: «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢٣/ ١٠)، «الشفاء» للقاضي عياض (٢/ ٨٨)، «الموافقات» للشاطبي (٣/ ٤٩٧)].

(13) يعني: قبل مجيء الرِّسالة وقبل انضواءِ مَنِ انضوى منهم تحت لوائها كما يدلُّ عليه ما بعده؛ وإلَّا فهُم أكملُ في ذلك مِنْ كُلِّ مَنْ جاء بعدهم.

(14)هذا، وإذا كانت اللغةُ تجمعُ الألسنةَ إلَّا أنَّ اللهُ تعالى اختارَ لغةَ العربِ لسانًا لدينه: قرآنًا وسنَّةً وتشريعًا وعبادةً، وامتنَّ بذلك على المسلمين عامَّةً والعربِ خاصَّةً، وما اختيارُها إلَّا لأنها أغنَى اللغاتِ اتِّساعًا، وأَحْكَمُها بيانًا، وأقواها دليلًا وبرهانًا.
قال الشافعيُّ ـ رحمه الله ـ في [«الرسالة» (٤٢) و«تفسيره» (٢/ ١٠١٦)]: «ولسانُ العربِ أَوْسَعُ الألسنةِ مَذْهَبًا، وأَكْثَرُها ألفاظًا، ولا نعلمه يُحيطُ بجميعِ عِلْمِه إنسانٌ غير نبيٍّ، ولكنَّه لا يذهب منه شيءٌ على عامَّتِها حتَّى لا يكونَ موجودًا فيها مَن يعرفه، والعلمُ به عند العربِ كالعلمِ بالسنَّةِ عند أهل الفقه».

وهذه اللغةُ لا تَزال عنصرًا قويًّا وعاملًا مُساعِدًا لنشرِ الإسلام والإقبالِ عليه؛ لذلك كان الباعثُ الأساسيُّ للاهتمام باللغة العربية وتدوينِها وتصحيحِها ونشرِها وحفظِ التراث اللغويِّ وتنقيته مِن الدخيل الأعجميِّ أثناءَ الفتوحاتِ وما بَعْدَها إنما هو الإسلامُ بجميعِ دعائمه ومقوِّماته، وما انتهض أُناسٌ مِن الأعاجم لخدمةِ لغةِ العرب غيرةً مِن جَوْرِ الأعجمية التي هي لغةُ آبائهم وأجدادهم، لا لشيءٍ إلَّا لأنها لغةُ الفضيلةِ الإنسانيةِ التي لا تُفَرِّقُ بين العربيِّ والأعجميِّ، والقرشيِّ والحبشيِّ؛ فهي لغةُ مساواةٍ بين جميعِ المؤمنين التي أكَّدَها القرآنُ الكريم ورَعَاها الإسلامُ في مَضامِينِه وخصائصه؛ [انظر: مقالي في الموقع: «اللغة العربية.. وتآمُرُ الأعداءِ عليها»].

مقتطف من #الكلمة_الشهرية رقم 163 «فلسفة جمعية العلماء» - الحلقة الثانية - الجزء الأخير.
https://www.tg-me.com/irchad_elhair
2024/09/29 09:33:52
Back to Top
HTML Embed Code: