بسم الله الرحمن الرحيم.
{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}..
روي عن الإمام الباقر عليه السلام: «زكاة العلم أن تعلمه عباد الله».
¤ المصدر: الكافي الشريف، كتاب العلم، باب بذل العلم، رقم الحديث 3.
{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}..
روي عن الإمام الباقر عليه السلام: «زكاة العلم أن تعلمه عباد الله».
¤ المصدر: الكافي الشريف، كتاب العلم، باب بذل العلم، رقم الحديث 3.
¤ إحقاق الحق، وظيفة أساسية في زمن الغيبة الكبرى.
إن الإسلام دينٌ رسالي، يحمل رسالة هامة إلى البشرية، ولذلك اعتنى بأن يُجنّد أبناءه ليكونوا تحت راية الحق مشتغلين بتكليفهم ليكونوا دعاة إلى الله، وليرشدوا البشرية إلى سبل الكمال التي تحقق لهم الإنسانية الحقّة، ولذلك وظّفَ المؤمنين بأداء تكاليف كثيرة، ولا سيما في زمن غيبة الإمام لتضاعف المسؤوليات على عاتق أهل الولاية والبصيرة الإيمانية، وهذه التكاليف راجعة إلى جانبين:
۱. الجانب الشخصي: وهو بشكل أساسي متعلق بالوظائف الشرعية الفردية، من قبيل أداء الواجبات وترك المحرّمات، والاشتغال بالمستحبات وتهذيب النفس، وكافة ما يتعلق بصلاح الفرد.
۲. الجانب العام: وهو متعلق بوظيفة الفرد تجاه دينه ومجتمعه، فإن للإنسان المؤمن وظائف ثقيلة في هذا المجال، ومن أهمها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتذكير بمعالم الدين وإحيائها، والنطق بالحق في كل موطنٍ بقدر الإمكان والقدرة، والدفاع عن حريم أهل بيت النبوة المظلومين، ودفع أبالسة الضلال عن ضعفاء شيعة آل محمد عليهم السلام، والاعتناء بفقرائهم وضعفائهم، والإحسان إليهم وتكريمهم، وهذه مسؤولية كبيرة ينبغي للجميع أن يساهم في إنجازها بقدر طاقته، ولا سيّما العلماء وطلبة العلم وأهل البصيرة والسداد من عامة الناس، ليكونوا عاملين تحت راية ولي الله الأعظم عجل الله فرجه الشريف، وقد أدخلوا السرور على قلبه بهذا الجهاد في الدفاع عن الحق ودحض الباطل وخدمة المؤمنين.
إن الإسلام دينٌ رسالي، يحمل رسالة هامة إلى البشرية، ولذلك اعتنى بأن يُجنّد أبناءه ليكونوا تحت راية الحق مشتغلين بتكليفهم ليكونوا دعاة إلى الله، وليرشدوا البشرية إلى سبل الكمال التي تحقق لهم الإنسانية الحقّة، ولذلك وظّفَ المؤمنين بأداء تكاليف كثيرة، ولا سيما في زمن غيبة الإمام لتضاعف المسؤوليات على عاتق أهل الولاية والبصيرة الإيمانية، وهذه التكاليف راجعة إلى جانبين:
۱. الجانب الشخصي: وهو بشكل أساسي متعلق بالوظائف الشرعية الفردية، من قبيل أداء الواجبات وترك المحرّمات، والاشتغال بالمستحبات وتهذيب النفس، وكافة ما يتعلق بصلاح الفرد.
۲. الجانب العام: وهو متعلق بوظيفة الفرد تجاه دينه ومجتمعه، فإن للإنسان المؤمن وظائف ثقيلة في هذا المجال، ومن أهمها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتذكير بمعالم الدين وإحيائها، والنطق بالحق في كل موطنٍ بقدر الإمكان والقدرة، والدفاع عن حريم أهل بيت النبوة المظلومين، ودفع أبالسة الضلال عن ضعفاء شيعة آل محمد عليهم السلام، والاعتناء بفقرائهم وضعفائهم، والإحسان إليهم وتكريمهم، وهذه مسؤولية كبيرة ينبغي للجميع أن يساهم في إنجازها بقدر طاقته، ولا سيّما العلماء وطلبة العلم وأهل البصيرة والسداد من عامة الناس، ليكونوا عاملين تحت راية ولي الله الأعظم عجل الله فرجه الشريف، وقد أدخلوا السرور على قلبه بهذا الجهاد في الدفاع عن الحق ودحض الباطل وخدمة المؤمنين.
في تشيعك لآل محمد: كُن أبا سهل، ولا تكن شلمغانيّاً.
من المفارقات في سيرة أصحاب الأئمة عليهم السلام أنّ بعضهم كان يرى طاعته للإمام طاعةً محضةً لله، وبعضهم كان يرى في مرافقة الإمام سبيلاً إلى الدنيا.
حين نُصِب السفير الثالث للإمام الحجة عجل الله فرجه (الحسين بن روح النوبختي) تفاجأ بعض الشيعة، إذ كانوا يظنون أن أمر السفارة لا ينزوي عن أبي سهل النوبختي؛ لأنه الأكثر أهلية بنظرهم، فسُئلَ ذات يومٍ: كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال: «هم أعلم وما اختاروه»، أي أنّه فوّضَ أمر حركته وخدمته للدين بما يحكم به الإمام من آل محمد عليهم السلام، وأنه لا يقول شيئاً في قباله؛ لأنه يعلم أن ما يفعله الإمام فهو في صلاح حاله.
أما الشلمغاني، فقد كان فقيهاً من كبار فقهاء الشيعة، حتى أنّ كتابه «التكليف» كان في معظم بيوت الشيعة، ولكنه كان يرى في الارتباط بالإمام وكتابة العلم سبيلاً إلى الدنيا، ويرى الإمامة من منظور الوكالة والسفارة وقبض الأخماس والتشريفات فقط، فخسر دنياه بمجرد أن سقطَ في امتحان التسليم وصار يترقى في مراتب الضلال حتّى هلك.
والمعنى: عليك بالإخلاص في تشيعك، ولا تجعله مادةً للمساومة بيعاً وشراءً، فما أكثر المشترين، واعلم أنك إذا عملت بإخلاص، سيضعك إمامك في المكان الذي يريد ويرى فيه صلاحاً لك، ولو على رأس جبل بعيد.
فاليوم: لا زالت هذه الفتنة، فتنة الدنيا والأموال والتشريفات تلاحق كل مؤمن، وإما أن يطفئها بماء إيمانه أو تحرقه بنار شيطنتها، وكثير ابتلي بهذا، فكم كان البعض ظاهره خدمة الدين حتى إذا تغيرت بوصلة المال ظهرت نفسه الحقيقية، نعوذ بالله من شر الفتن ونسأله العصمة والثبات حتى يقر عيوننا بالفرج.
من المفارقات في سيرة أصحاب الأئمة عليهم السلام أنّ بعضهم كان يرى طاعته للإمام طاعةً محضةً لله، وبعضهم كان يرى في مرافقة الإمام سبيلاً إلى الدنيا.
حين نُصِب السفير الثالث للإمام الحجة عجل الله فرجه (الحسين بن روح النوبختي) تفاجأ بعض الشيعة، إذ كانوا يظنون أن أمر السفارة لا ينزوي عن أبي سهل النوبختي؛ لأنه الأكثر أهلية بنظرهم، فسُئلَ ذات يومٍ: كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال: «هم أعلم وما اختاروه»، أي أنّه فوّضَ أمر حركته وخدمته للدين بما يحكم به الإمام من آل محمد عليهم السلام، وأنه لا يقول شيئاً في قباله؛ لأنه يعلم أن ما يفعله الإمام فهو في صلاح حاله.
أما الشلمغاني، فقد كان فقيهاً من كبار فقهاء الشيعة، حتى أنّ كتابه «التكليف» كان في معظم بيوت الشيعة، ولكنه كان يرى في الارتباط بالإمام وكتابة العلم سبيلاً إلى الدنيا، ويرى الإمامة من منظور الوكالة والسفارة وقبض الأخماس والتشريفات فقط، فخسر دنياه بمجرد أن سقطَ في امتحان التسليم وصار يترقى في مراتب الضلال حتّى هلك.
والمعنى: عليك بالإخلاص في تشيعك، ولا تجعله مادةً للمساومة بيعاً وشراءً، فما أكثر المشترين، واعلم أنك إذا عملت بإخلاص، سيضعك إمامك في المكان الذي يريد ويرى فيه صلاحاً لك، ولو على رأس جبل بعيد.
فاليوم: لا زالت هذه الفتنة، فتنة الدنيا والأموال والتشريفات تلاحق كل مؤمن، وإما أن يطفئها بماء إيمانه أو تحرقه بنار شيطنتها، وكثير ابتلي بهذا، فكم كان البعض ظاهره خدمة الدين حتى إذا تغيرت بوصلة المال ظهرت نفسه الحقيقية، نعوذ بالله من شر الفتن ونسأله العصمة والثبات حتى يقر عيوننا بالفرج.
إثارة حول «فتح باب الاجتهاد»
كثيراً ما يُقال: إنّ فقهاءَ الشيعة متفقون على فتح باب الاجتهاد، ولكنّك إذا خالفتهم في النتائج سرعان ما يقفون ضدك، وربما أصدروا الفتاوى بحقّ الآخر بالضلال والانحراف.
وهذا الإشكال ناتجٌ عن سوء فهم عملية الاجتهاد، ويمكننا أن نشير إلى نقطتين في هذا المقام ليتبيّن وهن هذه المقولة:
النقطة الأولى: أن عملية الاجتهاد وإن كانت متاحةً لمن يمتلك مؤهلاتها، إلا أن لها مضماراً محكوماً بقوانينَ لا يمكن للمجتهد أن يتجاوزها، بحيث لو تجاوزها كان منحرفاً عن جادة الصواب، وهذا النوع من التقنين نظامٌ عقلائيٌّ، فمثلاً: لو أن حاكماً خوّلَ جهةً معينةً في قرية أن تعد الطعام للناس، وأن «يجتهدوا» في صناعة الأطعمة المفيدة، فبلا شك أن هذه الجهة وإن كانت قد فتح لها باب الاجتهاد في صناعة الطعام، إلا أنّها مقيدة ب«أصول الطهي» دون أن تخلَّ بالغرض المقصود، لا أنها مخولة لفعل كل شيء يظهر معه تجاوز قوانين الطهي بما لا ينسجم مع ثوابت تلك العمليّة، وهكذا هو الحال في الاجتهاد، فعندما يُفتح باب الاجتهاد للمجتهد، فهو مُلزَمٌ بأن يجتهد بشكل لا يتنافى مع أصول تلك العملية وأدواتها، فمثلاً لو زعمَ شخصٌ عدم صحة حديثٍ في النص على الأئمة عليهم السلام أو قال بعدم وجود دليل على وجود الإمام الثاني عشر بذريعة الاجتهاد، لكان متجاوزاً على كل الأدوات العلمية مهما اختلفت المباني والآراء بين آلاف الفقهاء، وهذا هو الفرق بين الاجتهاد الحقيقي والاجتهاد المزعوم، فالحقيقي مهما انفرد بمبانٍ معينة لا يمكنه أن يخرج بنتائج عبثية تستهين بروح الاجتهاد وحقيقته، والمزعوم هو الذي يطلق الادعاءات التي تنقضها أدوات الاجتهاد الذي يتستر خلفه، فليس كل اجتهاد هو اجتهاد حقيقي، بل قد يكون ضلالاً تقمّصَ ثوب الاجتهاد.
وخير مثال على هذا التفريق، تعامل الأئمة عليهم السلام مع الشيعة، حيث كانت تصلهم بعض الأقوال عن أصحابهم فيخطّؤونها ويكتفون بالتخطئة، وتارة نجد الأئمة عليهم السلام يلعنون فئات أخرى قد بلغت مبلغ الضلال، ولو كانوا في زماننا لربما قُبلت آراؤهم على سبيل الانفتاح والتعددية و«باب الاجتهاد»..
النقطة الثانية: أن عملية الاجتهاد تجري في المسائل الاجتهادية، ولا تجري في الثوابت القطعيّة والمطمأن بكونها من أصول الشارع وضرورياته. فإن زعم أحدهم عدم ثبوت حجيّة كلام الإمام في الفقه والعقائد، لم يَجُزْ الرضى بقوله تحت ذريعة الاجتهاد.
ولا يمكن أن يُفهم هذا على أنه اجتهاد مقبول؛ لأنه استعمال للاجتهاد في غير موضعه المجعول له، ولذلك نرى هذا الاختلاف في الفتوى بين المجتهدين، ولا نراهم يضللون بعضهم؛ لأنهم يعرفون أنّ هذه الأمور نظريّة واجتهادية، وقد قَبِلَ الشارعُ قول المجتهدين في زمن الغيبة وأمضاه لتعبُّد الشيعة به.
وإنما يكون النزاع مع من يخدش الأصول والثوابت المقطوع بصحتها ولا يصح الاجتهاد فيها، فليست عصمة الإمام أو النص عليه كحكم نزح البئر!
كثيراً ما يُقال: إنّ فقهاءَ الشيعة متفقون على فتح باب الاجتهاد، ولكنّك إذا خالفتهم في النتائج سرعان ما يقفون ضدك، وربما أصدروا الفتاوى بحقّ الآخر بالضلال والانحراف.
وهذا الإشكال ناتجٌ عن سوء فهم عملية الاجتهاد، ويمكننا أن نشير إلى نقطتين في هذا المقام ليتبيّن وهن هذه المقولة:
النقطة الأولى: أن عملية الاجتهاد وإن كانت متاحةً لمن يمتلك مؤهلاتها، إلا أن لها مضماراً محكوماً بقوانينَ لا يمكن للمجتهد أن يتجاوزها، بحيث لو تجاوزها كان منحرفاً عن جادة الصواب، وهذا النوع من التقنين نظامٌ عقلائيٌّ، فمثلاً: لو أن حاكماً خوّلَ جهةً معينةً في قرية أن تعد الطعام للناس، وأن «يجتهدوا» في صناعة الأطعمة المفيدة، فبلا شك أن هذه الجهة وإن كانت قد فتح لها باب الاجتهاد في صناعة الطعام، إلا أنّها مقيدة ب«أصول الطهي» دون أن تخلَّ بالغرض المقصود، لا أنها مخولة لفعل كل شيء يظهر معه تجاوز قوانين الطهي بما لا ينسجم مع ثوابت تلك العمليّة، وهكذا هو الحال في الاجتهاد، فعندما يُفتح باب الاجتهاد للمجتهد، فهو مُلزَمٌ بأن يجتهد بشكل لا يتنافى مع أصول تلك العملية وأدواتها، فمثلاً لو زعمَ شخصٌ عدم صحة حديثٍ في النص على الأئمة عليهم السلام أو قال بعدم وجود دليل على وجود الإمام الثاني عشر بذريعة الاجتهاد، لكان متجاوزاً على كل الأدوات العلمية مهما اختلفت المباني والآراء بين آلاف الفقهاء، وهذا هو الفرق بين الاجتهاد الحقيقي والاجتهاد المزعوم، فالحقيقي مهما انفرد بمبانٍ معينة لا يمكنه أن يخرج بنتائج عبثية تستهين بروح الاجتهاد وحقيقته، والمزعوم هو الذي يطلق الادعاءات التي تنقضها أدوات الاجتهاد الذي يتستر خلفه، فليس كل اجتهاد هو اجتهاد حقيقي، بل قد يكون ضلالاً تقمّصَ ثوب الاجتهاد.
وخير مثال على هذا التفريق، تعامل الأئمة عليهم السلام مع الشيعة، حيث كانت تصلهم بعض الأقوال عن أصحابهم فيخطّؤونها ويكتفون بالتخطئة، وتارة نجد الأئمة عليهم السلام يلعنون فئات أخرى قد بلغت مبلغ الضلال، ولو كانوا في زماننا لربما قُبلت آراؤهم على سبيل الانفتاح والتعددية و«باب الاجتهاد»..
النقطة الثانية: أن عملية الاجتهاد تجري في المسائل الاجتهادية، ولا تجري في الثوابت القطعيّة والمطمأن بكونها من أصول الشارع وضرورياته. فإن زعم أحدهم عدم ثبوت حجيّة كلام الإمام في الفقه والعقائد، لم يَجُزْ الرضى بقوله تحت ذريعة الاجتهاد.
ولا يمكن أن يُفهم هذا على أنه اجتهاد مقبول؛ لأنه استعمال للاجتهاد في غير موضعه المجعول له، ولذلك نرى هذا الاختلاف في الفتوى بين المجتهدين، ولا نراهم يضللون بعضهم؛ لأنهم يعرفون أنّ هذه الأمور نظريّة واجتهادية، وقد قَبِلَ الشارعُ قول المجتهدين في زمن الغيبة وأمضاه لتعبُّد الشيعة به.
وإنما يكون النزاع مع من يخدش الأصول والثوابت المقطوع بصحتها ولا يصح الاجتهاد فيها، فليست عصمة الإمام أو النص عليه كحكم نزح البئر!
السؤال: هل تثبت إمامة الإمام بروايته؟ ألا يستلزم ذلك الدور؟
الجواب: في مقام إثباتنا لإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، يجب التفريق بين زمان (عدم اكتمال عدد الأئمة) وزمان (ما بعد اكتمال عدد الأئمة)، فيقال في مقام التفريق: إن هذا الإشكال وارد على المكلف في زمن الإمام الكاظم عليه السلام مثلاً؛ لأن المكلف في ذلك الوقت - بحسب الفرض - لا يؤمن بعصمة الكاظم فلا يقدر على تصديق دعواه في الإمامة، ولذلك كانت سيرة الشيعة قائمة على التصديق بالإمام اللاحق إما من طريق النص من الإمام السابق الذي أحرزوا إمامته بدليل يقيني في رتبة سابقة، أو بمعجزة وما شاكل ذلك من الحجج، ومن ذلك خبر مناظرة هشام والشامي حينما ألزمه بضرورة وجود الحجة، سأله الشامي عن تشخيص الحجة في الخارج، فأشار إلى الصادق عليه السلام، وقال: (هذا الجالس الذي تُشَد إليه الرّحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن جده)، وغيرها من الروايات الكثيرة التي تشير إلى طبيعة منهج المكلفين في التثبت من إمامة الإمام، ما يعني أن الشيعة في زمن (قبل اكتمال عدد الأئمة) لم يكونوا يقبلون رواية الإمام في النص على إمامته إلا بعد إحراز صدقه من جهات أخرى كالنص الموثوق عن إمام أحرزوا ثبوت إمامته، أو بمعجزة، وغير ذلك مما يوجب الوثوق، ولذلك كانوا يمتحنون مدعي الإمامة مع أئمتنا ليتميز لهم المحق من المبطل.
أما في زماننا وهو زمان (ما بعد اكتمال عدد الأئمة) فيكفي لنا في التمسك بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام النص المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله في كون عدد الأئمة اثنا عشر وهو خبر متواتر عندنا وصحيح من طرق متعددة عند أهل السنة ومروي في كتب كُتبت قبل ولادة الإمام الثاني عشر، ولا تضرنا دعوى عدم تواتر النص على الأسماء بل يكفي تواتر النص على العدد؛ لأنه اتضح للعيان أنه لا مصداق لأئمة قرشيين هاشميين من أهل بيت النبوة عددهم اثنا عشر إلا أئمتنا عليهم السلام، ومن يدعي الخلاف فعليه أن يأتي بتعدادهم مرتبين مع بيان الموجب للترتيب الذي يدعيه، والأمر سهل.
الجواب: في مقام إثباتنا لإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، يجب التفريق بين زمان (عدم اكتمال عدد الأئمة) وزمان (ما بعد اكتمال عدد الأئمة)، فيقال في مقام التفريق: إن هذا الإشكال وارد على المكلف في زمن الإمام الكاظم عليه السلام مثلاً؛ لأن المكلف في ذلك الوقت - بحسب الفرض - لا يؤمن بعصمة الكاظم فلا يقدر على تصديق دعواه في الإمامة، ولذلك كانت سيرة الشيعة قائمة على التصديق بالإمام اللاحق إما من طريق النص من الإمام السابق الذي أحرزوا إمامته بدليل يقيني في رتبة سابقة، أو بمعجزة وما شاكل ذلك من الحجج، ومن ذلك خبر مناظرة هشام والشامي حينما ألزمه بضرورة وجود الحجة، سأله الشامي عن تشخيص الحجة في الخارج، فأشار إلى الصادق عليه السلام، وقال: (هذا الجالس الذي تُشَد إليه الرّحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن جده)، وغيرها من الروايات الكثيرة التي تشير إلى طبيعة منهج المكلفين في التثبت من إمامة الإمام، ما يعني أن الشيعة في زمن (قبل اكتمال عدد الأئمة) لم يكونوا يقبلون رواية الإمام في النص على إمامته إلا بعد إحراز صدقه من جهات أخرى كالنص الموثوق عن إمام أحرزوا ثبوت إمامته، أو بمعجزة، وغير ذلك مما يوجب الوثوق، ولذلك كانوا يمتحنون مدعي الإمامة مع أئمتنا ليتميز لهم المحق من المبطل.
أما في زماننا وهو زمان (ما بعد اكتمال عدد الأئمة) فيكفي لنا في التمسك بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام النص المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله في كون عدد الأئمة اثنا عشر وهو خبر متواتر عندنا وصحيح من طرق متعددة عند أهل السنة ومروي في كتب كُتبت قبل ولادة الإمام الثاني عشر، ولا تضرنا دعوى عدم تواتر النص على الأسماء بل يكفي تواتر النص على العدد؛ لأنه اتضح للعيان أنه لا مصداق لأئمة قرشيين هاشميين من أهل بيت النبوة عددهم اثنا عشر إلا أئمتنا عليهم السلام، ومن يدعي الخلاف فعليه أن يأتي بتعدادهم مرتبين مع بيان الموجب للترتيب الذي يدعيه، والأمر سهل.
الحَشويّة المعاصرة في علم الرجال
كما أنّ لأهل التساهل شطحاتهم في علم الرجال، فإنّ بعض المنتسبين إلى دائرة التشدد لا يقلون عنهم تطرّفاً يكاد يشبه تطرّف الحشويّة المتعلقين بظواهر الألفاظ.
ومن ذلك: توقف البعض في بعض روايات إبراهيم بن هاشم القمي، والذي قال فيه السيد الخوئي: (وقع إبراهيم بن هاشم، في إسناد كثير من الروايات تبلغ ستة آلاف وأربعمائة وأربعة عشر مورداً، ولا يوجد في الرواة مثله في كثرة الرواية).
ومن هذه الروايات ما يُقارب رُبع كتاب الكافي وكثير من طرق الصدوق في الفقيه وغيره وعمل مشهور الطائفة برواياته، وغير ذلك مما يبين ركون وسكون علماء الطائفة قديماً وحديثاً إلى رواياته، إلا أنّ البعض ينتظر ثلاثة أحرفٍ ترشده إلى الطريق: الثاء والقاف والتاء المربوطة (ثقة)، وأي تحجّر هذا عند الوقوف على الألفاظ والحروف، وكيف لا يكونُ عمل طائفةٍ أبلغُ من حروفٍ ثلاثة؟
والأعجب من هذا كله: أنّ إبراهيم بن هاشم له 6414 روايةً، يروي عنه ابنه عليّ 6214 رواية من أصل 7140 رواية، أي أنّ الغالبية القصوى من روايات وعلم ابنه علي منقولة منه، ومع ذلك كان الابنُ جليلاً في الطائفة، معتمداً عندها، فإنْ كان حديث الأب بهذا المقدار من المشكوكيّة، فمن أين اكتسب الابنُ هذه الجلالة والوثاقة وهو ليس إلا ناقلاً لعلمِ أبيه؟
ويكفي في وثاقة إبراهيم بن هاشم ما يلي:
1. اعتماد الشيخ الكليني والصدوق عليه في الكافي والفقيه، ولا يُقال إنّه حصل لهم الوثوق بالقرائن برواياته وهذا لا يقتضي التوثيق؛ لأنّ نفس حصول الوثوق بهذا المقدار الكبير الذي يحتوي على آلاف الروايات كاشفٌ عن مقدارٍ عالٍ من الضبط والإتقان.
2. ادّعاء السيّد ابن طاوس الإجماع على وثاقته، ولو قيل بعدم ثبوت الإجماع فيكفي أنّ الحد الأدنى من هذه الدعوى وقوع التوثيق من فئة قليلة من العلماء، وهذا كافٍ في المقام.
3. عدم قدح كبار الرجاليين فيه، وذلك أنّ المقدار الذي نشره إبراهيم بن هاشم ليس مقدار ضئيلاً يمكن التغاضي عنه، بل إنّه مقدار كبير جداً، ولو كان من الفسادِ أو عدم الاعتبار بمكان لقام العلماء بالقدح في رواياته أو لما اعتنوا بتدوين حديثه بهذا الحجم الهائل، كما هو الحال في بعض الرواة المتساهلين والمتهمين بالغلو.
والبحثُ في هذا يستدعي الإطالة والتفصيل بما يستدعي مجلداً كاملاً، فيُكتفى بالاختصار والإيجاز.
كما أنّ لأهل التساهل شطحاتهم في علم الرجال، فإنّ بعض المنتسبين إلى دائرة التشدد لا يقلون عنهم تطرّفاً يكاد يشبه تطرّف الحشويّة المتعلقين بظواهر الألفاظ.
ومن ذلك: توقف البعض في بعض روايات إبراهيم بن هاشم القمي، والذي قال فيه السيد الخوئي: (وقع إبراهيم بن هاشم، في إسناد كثير من الروايات تبلغ ستة آلاف وأربعمائة وأربعة عشر مورداً، ولا يوجد في الرواة مثله في كثرة الرواية).
ومن هذه الروايات ما يُقارب رُبع كتاب الكافي وكثير من طرق الصدوق في الفقيه وغيره وعمل مشهور الطائفة برواياته، وغير ذلك مما يبين ركون وسكون علماء الطائفة قديماً وحديثاً إلى رواياته، إلا أنّ البعض ينتظر ثلاثة أحرفٍ ترشده إلى الطريق: الثاء والقاف والتاء المربوطة (ثقة)، وأي تحجّر هذا عند الوقوف على الألفاظ والحروف، وكيف لا يكونُ عمل طائفةٍ أبلغُ من حروفٍ ثلاثة؟
والأعجب من هذا كله: أنّ إبراهيم بن هاشم له 6414 روايةً، يروي عنه ابنه عليّ 6214 رواية من أصل 7140 رواية، أي أنّ الغالبية القصوى من روايات وعلم ابنه علي منقولة منه، ومع ذلك كان الابنُ جليلاً في الطائفة، معتمداً عندها، فإنْ كان حديث الأب بهذا المقدار من المشكوكيّة، فمن أين اكتسب الابنُ هذه الجلالة والوثاقة وهو ليس إلا ناقلاً لعلمِ أبيه؟
ويكفي في وثاقة إبراهيم بن هاشم ما يلي:
1. اعتماد الشيخ الكليني والصدوق عليه في الكافي والفقيه، ولا يُقال إنّه حصل لهم الوثوق بالقرائن برواياته وهذا لا يقتضي التوثيق؛ لأنّ نفس حصول الوثوق بهذا المقدار الكبير الذي يحتوي على آلاف الروايات كاشفٌ عن مقدارٍ عالٍ من الضبط والإتقان.
2. ادّعاء السيّد ابن طاوس الإجماع على وثاقته، ولو قيل بعدم ثبوت الإجماع فيكفي أنّ الحد الأدنى من هذه الدعوى وقوع التوثيق من فئة قليلة من العلماء، وهذا كافٍ في المقام.
3. عدم قدح كبار الرجاليين فيه، وذلك أنّ المقدار الذي نشره إبراهيم بن هاشم ليس مقدار ضئيلاً يمكن التغاضي عنه، بل إنّه مقدار كبير جداً، ولو كان من الفسادِ أو عدم الاعتبار بمكان لقام العلماء بالقدح في رواياته أو لما اعتنوا بتدوين حديثه بهذا الحجم الهائل، كما هو الحال في بعض الرواة المتساهلين والمتهمين بالغلو.
والبحثُ في هذا يستدعي الإطالة والتفصيل بما يستدعي مجلداً كاملاً، فيُكتفى بالاختصار والإيجاز.
من مميزات زمن الغيبة الكبرى - كما تصفه الروايات الشريفة - كثرة الفتن والغربلة التي يسقط فيها من لا أهلية لهم للركوب في سفينة النجاة، ولا سيما من يأخذ كلام البشر ونظرياتهم في مصاف كلام أئمة الهدى صلوات الله عليهم.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَمٍ يُرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، قلت: وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول يا الله يا رحمن يا رحيم، يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. فقلت: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك. فقال عليه السلام: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَمٍ يُرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، قلت: وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول يا الله يا رحمن يا رحيم، يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. فقلت: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك. فقال عليه السلام: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
نموذج من الأنفاس الأموية في قراءة التاريخ الإسلاميّ
.
.
.
(فإنَّ الحُسين أخطأ خطأ عظيماً في خروجه هذا الذي جرَّ على الأمَّةِ وبال الفُرقة والاختلاف وزعزع عماد أُلفتها إلى يومنا هذا)
الشيخ محمد الخضري بك (ت:1927م).
محاضرات تاريخ الأمم الإسلاميّة، ج2، ص235، الطبعة الثانية، سنة النشر: 1344هجريّة/1927ميلاديّة.
.
.
.
(فإنَّ الحُسين أخطأ خطأ عظيماً في خروجه هذا الذي جرَّ على الأمَّةِ وبال الفُرقة والاختلاف وزعزع عماد أُلفتها إلى يومنا هذا)
الشيخ محمد الخضري بك (ت:1927م).
محاضرات تاريخ الأمم الإسلاميّة، ج2، ص235، الطبعة الثانية، سنة النشر: 1344هجريّة/1927ميلاديّة.
💡 «حلاوة اليقين»..
📜 الإيمان المتحلّي باليقين له لذّة وجماليّة، تكشف لصاحبها جمال كل زاوية من زوايا الدين، والشك لا خير فيه إن كان ديدناً لا معبراً إلى الحقيقة، فالمؤمن يلمس ثمرة يقينه، والوسواسي يتجرّع ثمرة شكوكه غير المبررة.
الوسواسيّ في إيمانه لا يتذوق حلاوة الصلاة كما هو الحال عند صاحب المعرفة اليقينية، ولكن ينبغي لنا جميعاً أن نبني يقيننا على البرهان الجليّ والدليل الصحيح، لذا اطردوا الوسواس باليقين، ولا تبقوا للشبهات أثراً في قلوبكم، تفكّروا.. تفقّهوا، فإن التفقه في الدين يكسو الإيمان كساء الجمال والجلال، ويمنح كل عبادةٍ روحيّة جديدة لها حلاوتها التي يستشعرها قلب المؤمن.
📜 الإيمان المتحلّي باليقين له لذّة وجماليّة، تكشف لصاحبها جمال كل زاوية من زوايا الدين، والشك لا خير فيه إن كان ديدناً لا معبراً إلى الحقيقة، فالمؤمن يلمس ثمرة يقينه، والوسواسي يتجرّع ثمرة شكوكه غير المبررة.
الوسواسيّ في إيمانه لا يتذوق حلاوة الصلاة كما هو الحال عند صاحب المعرفة اليقينية، ولكن ينبغي لنا جميعاً أن نبني يقيننا على البرهان الجليّ والدليل الصحيح، لذا اطردوا الوسواس باليقين، ولا تبقوا للشبهات أثراً في قلوبكم، تفكّروا.. تفقّهوا، فإن التفقه في الدين يكسو الإيمان كساء الجمال والجلال، ويمنح كل عبادةٍ روحيّة جديدة لها حلاوتها التي يستشعرها قلب المؤمن.
كلمة حول دعايات المغرضين في مسألة زواج الصغيرة
يتصدى أذيال الغرب للنيل من الإسلام وتشريعاته بداعي العقلانيّة والتحضر، مع أنهم يغضون الطرفَ عن همجيّة النتاجات الغربيّة التي فرّخوا منها، وإذا أردنا الحديث عن المفاسد والمصالح فأي مصلحةٍ تتحقق في الدفاع عن اللواط -ولن أقول المثلية- بما فيه من إغناء عن الزواج وتحطيم للنظام الأسري ونشرٍ للأمراض المعدية والخبيثة، وأي مصلحةٍ في عشرات الشركات الغربية التي تنتج الأفلام الإباحيّة مع يقينية نتائج الدراسات حول أضرارها النفسيّة والجسميّة والأسريّة، وأين كانت تلك الأصوات حينما شرعت جهات غربية تنادي بتشريع نكاح الحيوانات؟! مع العلم أننا لا نحرز رضا النعجة بنكاح ستيفن وجاك وديفيد لها (!)
أما بخصوص الزواج في الإسلام، فنقول:
۱. الإسلام يحث على الزواج المبكر، لا على زواج الأطفال.
۲. زواج القاصرات لا يلازم ورودهن إلى الحياة الجنسية؛ لأن الجماع مجاز بشرط القدرة، فزواج الصغيرة عقد شرعي، لكنه لا يحقق جواز الجماع، فالتهويلات العلمانية فيها استغباء للعقول.
۳. هذا الزواج مرهون بقرار الولي وموافقته، والمعهود في سيرة العقلاء أن الأولياء لا يفعلون إلا ما يصب في صالح أولادهم، وحتماً جواز هذا النوع من الزواج لا يؤدي إلى تحقيق المصلحة التي ينشدها طالبو الزواج في الأغلب الأعم لذلك هو نادر الوقوع، إلا أنه يستعمل كنافذة لرفع بعض الصعوبات الاجتماعية من قبيل إيقاع المحرمية بين بعض العائلات التي ترغب بذلك، وكأنه أُجيزَ لرفع الحرج والعسر، لا لتحقيق أهداف الزوجية المنصوص عليها في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، فمثلاً يحصل أن تسافر زوجة مفقود أو أسير إلى الحج، وهي بحاجة إلى من يراعيها، فتعقد لشاب مطمأن إليه على ابنتها لإيقاع المحرميّة، وهذا الزواج في المجتمع الإسلامي غالباً ما يكون بهذا الغرض، لا بغرض تشكيل أسرة أو تحقيق أمن جنسي من المحرمات، والتشريع الإلهي وإن جوّز هذا النوع من العقد، لكنه أحاطه بقيود تحمي الأنثى من الأضرار الجسمية، واتكأ على مسألة عقلائية وهي أن الولي غالباً لا يفعل إلا ما ينفع المتولّى الصغير، لذلك لا يُعبأ بتهويلات الآخرين؛ لأنهم لا يدركون سيرة العقلاء، إذ فاقد الشيء لا يعطيه.
يتصدى أذيال الغرب للنيل من الإسلام وتشريعاته بداعي العقلانيّة والتحضر، مع أنهم يغضون الطرفَ عن همجيّة النتاجات الغربيّة التي فرّخوا منها، وإذا أردنا الحديث عن المفاسد والمصالح فأي مصلحةٍ تتحقق في الدفاع عن اللواط -ولن أقول المثلية- بما فيه من إغناء عن الزواج وتحطيم للنظام الأسري ونشرٍ للأمراض المعدية والخبيثة، وأي مصلحةٍ في عشرات الشركات الغربية التي تنتج الأفلام الإباحيّة مع يقينية نتائج الدراسات حول أضرارها النفسيّة والجسميّة والأسريّة، وأين كانت تلك الأصوات حينما شرعت جهات غربية تنادي بتشريع نكاح الحيوانات؟! مع العلم أننا لا نحرز رضا النعجة بنكاح ستيفن وجاك وديفيد لها (!)
أما بخصوص الزواج في الإسلام، فنقول:
۱. الإسلام يحث على الزواج المبكر، لا على زواج الأطفال.
۲. زواج القاصرات لا يلازم ورودهن إلى الحياة الجنسية؛ لأن الجماع مجاز بشرط القدرة، فزواج الصغيرة عقد شرعي، لكنه لا يحقق جواز الجماع، فالتهويلات العلمانية فيها استغباء للعقول.
۳. هذا الزواج مرهون بقرار الولي وموافقته، والمعهود في سيرة العقلاء أن الأولياء لا يفعلون إلا ما يصب في صالح أولادهم، وحتماً جواز هذا النوع من الزواج لا يؤدي إلى تحقيق المصلحة التي ينشدها طالبو الزواج في الأغلب الأعم لذلك هو نادر الوقوع، إلا أنه يستعمل كنافذة لرفع بعض الصعوبات الاجتماعية من قبيل إيقاع المحرمية بين بعض العائلات التي ترغب بذلك، وكأنه أُجيزَ لرفع الحرج والعسر، لا لتحقيق أهداف الزوجية المنصوص عليها في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، فمثلاً يحصل أن تسافر زوجة مفقود أو أسير إلى الحج، وهي بحاجة إلى من يراعيها، فتعقد لشاب مطمأن إليه على ابنتها لإيقاع المحرميّة، وهذا الزواج في المجتمع الإسلامي غالباً ما يكون بهذا الغرض، لا بغرض تشكيل أسرة أو تحقيق أمن جنسي من المحرمات، والتشريع الإلهي وإن جوّز هذا النوع من العقد، لكنه أحاطه بقيود تحمي الأنثى من الأضرار الجسمية، واتكأ على مسألة عقلائية وهي أن الولي غالباً لا يفعل إلا ما ينفع المتولّى الصغير، لذلك لا يُعبأ بتهويلات الآخرين؛ لأنهم لا يدركون سيرة العقلاء، إذ فاقد الشيء لا يعطيه.
🌑 مات رسول الله... وظُلمنا حقنا
◾️روى الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه (الخصال) بسندٍ صحيح:
حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، قال: جاء رجل إلى أخي موسى بن جعفر عليه السلام، فقال له: جعلت فداك، إني أريد الخروج فادع لي. فقال: ومتى تخرج؟ قال: يوم الاثنين. فقال له:
ولم تخرج يوم الاثنين؟ قال: أطلب فيه البركة؛ لأن رسول الله ولد يوم الاثنين. فقال: «كذبوا، ولد رسول الله يوم الجمعة، وما من يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين، يوم مات فيه رسول الله وانقطع فيه وحي السماء، وظلمنا فيه حقنا».
السلام عليك يا رسول الله
ولعن الله ظالمي آل محمد عليهم السلام
◾️روى الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه (الخصال) بسندٍ صحيح:
حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، قال: جاء رجل إلى أخي موسى بن جعفر عليه السلام، فقال له: جعلت فداك، إني أريد الخروج فادع لي. فقال: ومتى تخرج؟ قال: يوم الاثنين. فقال له:
ولم تخرج يوم الاثنين؟ قال: أطلب فيه البركة؛ لأن رسول الله ولد يوم الاثنين. فقال: «كذبوا، ولد رسول الله يوم الجمعة، وما من يوم أعظم شؤماً من يوم الاثنين، يوم مات فيه رسول الله وانقطع فيه وحي السماء، وظلمنا فيه حقنا».
السلام عليك يا رسول الله
ولعن الله ظالمي آل محمد عليهم السلام
هل ليهود العالم حق الاستيطان في فلسطين لأن لهم وجوداً تاريخياً قديماً فيها؟
۱. بحسب بعض الآثار الدينية عند الأديان الثلاثة، فإنها تشير إلى وجود يهوديّ في فترةٍ زمنية معينة، وهذا لا يمنح كل يهودي حق الاستيطان في فلسطين، فاليهودي اليمني مكانه اليمن، واليهودي العراقي مكانه العراق، واليهودي الأوروبي مكانه في أوروبا، وبحكم القوانين الدوليّة المعاصرة فإنّ وحدة الدين أو المذهب لا تسوّغ الانتقال والتملك والإقامة، فالشيعي الأمريكي لا يحق له أن يعد نفسه من ذوي الحق بإيران لكونه شيعياً، كما أن السني المصري لا يملك حقاً وراثياً في سكنى مكة المكرمة، كما أن المسيحي السوري لا يملك حق الإقامة في روما.. وهكذا.
۲. هذا الوجود اليهودي يمنحُ حق الإقامة في فلسطين لليهود الحاملين للهوية الفلسطينية، والاتكاء على القدم الزماني لأهل ديانةٍ ما أو عِرقٍ ما ليس بمقبولٍ في الأعراف الدولية المعاصرة، فمثلاً، مئات الآلاف من السادة الهاشميين الهنود والباكستانيين والإيرانيين لا تقبل مملكة الجهل بأن يستوطنوا في الحجاز، كما أن بعض العرب تعود أنسابهم إلى أصول أعجمية، ولا أحد يقبل بعودتهم إلى بلدان أصولهم كأهل حق بالإقامة، والمدار في حق الإقامة على الهوية الحالية لا على الأسلاف.
۳. لو سلمنا أن إقامة الأسلاف موجبة لانتقال الحق بالإقامة توريثاً، فإن الأغلبية الساحقة من اليهود المقيمين في فلسطين هم من الأشكناز وهم غربيو الهوية ثم السفارديم وهم من أسبانيا والبرتغال، ثم الفلاشا وهم اليهود الأفارقة، وإثبات حقهم بالإقامة متوقف على إثبات فلسطينيتهم أو شرقيتهم على أقل تقدير، فعلى المتصهينين العرب أن يثبتوا شرقيّة وفلسطينية أسيادهم المحتلين قبل أن يكتبوا في الدفاع عن حق يهود العالم في فلسطين.
۱. بحسب بعض الآثار الدينية عند الأديان الثلاثة، فإنها تشير إلى وجود يهوديّ في فترةٍ زمنية معينة، وهذا لا يمنح كل يهودي حق الاستيطان في فلسطين، فاليهودي اليمني مكانه اليمن، واليهودي العراقي مكانه العراق، واليهودي الأوروبي مكانه في أوروبا، وبحكم القوانين الدوليّة المعاصرة فإنّ وحدة الدين أو المذهب لا تسوّغ الانتقال والتملك والإقامة، فالشيعي الأمريكي لا يحق له أن يعد نفسه من ذوي الحق بإيران لكونه شيعياً، كما أن السني المصري لا يملك حقاً وراثياً في سكنى مكة المكرمة، كما أن المسيحي السوري لا يملك حق الإقامة في روما.. وهكذا.
۲. هذا الوجود اليهودي يمنحُ حق الإقامة في فلسطين لليهود الحاملين للهوية الفلسطينية، والاتكاء على القدم الزماني لأهل ديانةٍ ما أو عِرقٍ ما ليس بمقبولٍ في الأعراف الدولية المعاصرة، فمثلاً، مئات الآلاف من السادة الهاشميين الهنود والباكستانيين والإيرانيين لا تقبل مملكة الجهل بأن يستوطنوا في الحجاز، كما أن بعض العرب تعود أنسابهم إلى أصول أعجمية، ولا أحد يقبل بعودتهم إلى بلدان أصولهم كأهل حق بالإقامة، والمدار في حق الإقامة على الهوية الحالية لا على الأسلاف.
۳. لو سلمنا أن إقامة الأسلاف موجبة لانتقال الحق بالإقامة توريثاً، فإن الأغلبية الساحقة من اليهود المقيمين في فلسطين هم من الأشكناز وهم غربيو الهوية ثم السفارديم وهم من أسبانيا والبرتغال، ثم الفلاشا وهم اليهود الأفارقة، وإثبات حقهم بالإقامة متوقف على إثبات فلسطينيتهم أو شرقيتهم على أقل تقدير، فعلى المتصهينين العرب أن يثبتوا شرقيّة وفلسطينية أسيادهم المحتلين قبل أن يكتبوا في الدفاع عن حق يهود العالم في فلسطين.
ليس بـ«الآيفون» وحده يحيا الإنسان..
لعلَّ حالة الضعف والانكسار التي يمرُّ بها المجتمع العربي دفعتْهُ إلى استعظام الآخر في جميع أحواله، وتخيُّله كاملاً رغم أنّ النظرةَ الواقعيّة تشيرُ إلى تكاملٍ في جانبٍ دون آخر، فلطالما سمعنا عن «اليابان» والتي وصلت في أذهاننا إلى حدِّ المثاليّة، لكننا غفلنا عن الجوانب الأخرى التي افتقدها ذلك المجتمع الذي قفرَ قفزة عاليةً في عالم المادّة حتى وصل إلى القمّة، وسقط سقطةً مدويّة في عالم المعنى حتى ارتطم بالقاع.
وهذا يعني أنّه في بعض الحسابات، يتم تجاهل الجانب المعنويّ الذي يفتقده الإنسان الغارق في النظام الغربي للحياة، ويؤدي إلى حذف الجنبة الروحيّة من قائمة العوامل المؤثرة في حياة الإنسان، وهذا له عواقب خطيرة على نمط الاجتماع البشريّ.
اعتماداً على الموقع الرسمي الذي وُجِّه للناطقين باللغة العربيَّة، فإنَّ المجتمع الياباني يُعاني من اختلالٍ اجتماعيٍّ شديدٍ، ومن هذه المظاهر:
1. وفقاً لآخر الإحصاءات الحكومية: 69% من الرجال و59% ليس لديهم شريكٌ حقيقيّ في الحياة، وهذا وضعهم أمام أزمةٍ اجتماعيّة لها آثارها على الاقتصاد وعدد السكان وتماسك البُنية الاجتماعيّة.
2. معدلات الانتحار بلغت سنة 2003 إلى (34.000) حالة وبعد التي واللتيا انخفضت حالات الانتحار في سنة 2015 إلى (24.000) حالة، وهذا أول انخفاض عن عدد (25.000) حالة انتحار منذ العام 1997م، أما الأسباب فقد وزّعها التقرير الحكومي بين ثلاثة أمور: الاقتصاد، المشاكل الصحيّة، المشاكل الاجتماعيّة.
لا أريد أن أواسيَ ضعف مجتمعاتنا العربيّة بقدر ما أريد أن أقول: لا تظنوا أنّ منطلق انتصاركم في حياتكم الاجتماعيّة قائم على إتقانِ صناعة الهاتف الذكيّ وأمثاله، بل منطلق النجاح هو أن نقدرَ على إدارة حياتنا الماديّة والمعنويّة بتوازنٍ، وأن لا نعتقدَ بأنّ الانبهار بالطريق الماديّ يوجب كشف أسباب السعادة والشقاء في الحياة.
ما فائدة مجتمعٍ يمكنه أن يصنع ألف هاتفٍ ذكيّ، ولا يقدر على صناعةِ قلبٍ قويّ؟ما فائدة الإنسان وهو ضعيف الإرادة المعنويّة؟..
خلال البحث عن الجواب سوف تبرز أهمية الإيمان بالله، وما منحه من منافذ روحيّة يحلّق من خلالها الإنسان، ويستلهم الثقة بخالقه، والتوكل عليه، واليقين به؛ ليغدوَ إنساناً أقوى من الإنسان الورقيّ الذي صنعته مجتمعات الجفاف المعنويّ.
لعلَّ حالة الضعف والانكسار التي يمرُّ بها المجتمع العربي دفعتْهُ إلى استعظام الآخر في جميع أحواله، وتخيُّله كاملاً رغم أنّ النظرةَ الواقعيّة تشيرُ إلى تكاملٍ في جانبٍ دون آخر، فلطالما سمعنا عن «اليابان» والتي وصلت في أذهاننا إلى حدِّ المثاليّة، لكننا غفلنا عن الجوانب الأخرى التي افتقدها ذلك المجتمع الذي قفرَ قفزة عاليةً في عالم المادّة حتى وصل إلى القمّة، وسقط سقطةً مدويّة في عالم المعنى حتى ارتطم بالقاع.
وهذا يعني أنّه في بعض الحسابات، يتم تجاهل الجانب المعنويّ الذي يفتقده الإنسان الغارق في النظام الغربي للحياة، ويؤدي إلى حذف الجنبة الروحيّة من قائمة العوامل المؤثرة في حياة الإنسان، وهذا له عواقب خطيرة على نمط الاجتماع البشريّ.
اعتماداً على الموقع الرسمي الذي وُجِّه للناطقين باللغة العربيَّة، فإنَّ المجتمع الياباني يُعاني من اختلالٍ اجتماعيٍّ شديدٍ، ومن هذه المظاهر:
1. وفقاً لآخر الإحصاءات الحكومية: 69% من الرجال و59% ليس لديهم شريكٌ حقيقيّ في الحياة، وهذا وضعهم أمام أزمةٍ اجتماعيّة لها آثارها على الاقتصاد وعدد السكان وتماسك البُنية الاجتماعيّة.
2. معدلات الانتحار بلغت سنة 2003 إلى (34.000) حالة وبعد التي واللتيا انخفضت حالات الانتحار في سنة 2015 إلى (24.000) حالة، وهذا أول انخفاض عن عدد (25.000) حالة انتحار منذ العام 1997م، أما الأسباب فقد وزّعها التقرير الحكومي بين ثلاثة أمور: الاقتصاد، المشاكل الصحيّة، المشاكل الاجتماعيّة.
لا أريد أن أواسيَ ضعف مجتمعاتنا العربيّة بقدر ما أريد أن أقول: لا تظنوا أنّ منطلق انتصاركم في حياتكم الاجتماعيّة قائم على إتقانِ صناعة الهاتف الذكيّ وأمثاله، بل منطلق النجاح هو أن نقدرَ على إدارة حياتنا الماديّة والمعنويّة بتوازنٍ، وأن لا نعتقدَ بأنّ الانبهار بالطريق الماديّ يوجب كشف أسباب السعادة والشقاء في الحياة.
ما فائدة مجتمعٍ يمكنه أن يصنع ألف هاتفٍ ذكيّ، ولا يقدر على صناعةِ قلبٍ قويّ؟ما فائدة الإنسان وهو ضعيف الإرادة المعنويّة؟..
خلال البحث عن الجواب سوف تبرز أهمية الإيمان بالله، وما منحه من منافذ روحيّة يحلّق من خلالها الإنسان، ويستلهم الثقة بخالقه، والتوكل عليه، واليقين به؛ ليغدوَ إنساناً أقوى من الإنسان الورقيّ الذي صنعته مجتمعات الجفاف المعنويّ.
الحدُّ المعرفي بيننا وبين الآخرين.. [الحِكمة والفائدة].
يتساءل كثيرٌ من الشباب حول مسألة رجوع علمائنا إلى بعض الكتب التي لم يؤلّفها علماء إماميَّة، من قبيل كتب ابن عربي وسيّد قطب ومالك بن نبيّ وغيرهم من أهل الفكر ممن ليسوا هم على طريقة أهل البيت (عليهم السلام)، وأنَّ هذا صار مطعناً على بعض علمائنا وفقهائنا، وهنا ينبغي توضيح جملةٍ من الأفكار:
أولاً: إنَّ علماءنا الأعاظم وفقهاءنا الأكابر متفقون على مرجعيَّة أهل البيت (عليهم السلام) الدينية والفكريّة، وأنّهم في سعيهم المعرفي لا يحاولون أن يحيدوا قيدَ أنملة عن هذا الخطّ الإلهي العظيم، وهذا محكَمٌ من المُحكماتِ نُرجِعُ إليه كُلَّ متشابهٍ.
ثانياً: المقدار الذي يتعامل به أهلُ العلم مع أيّ كتابٍ سواء ألَّفَهُ مؤمنٌ إماميِّ أم مخالف ولو من غير دين الإسلام هو المقدار الذي تحصل به الفائدة التي لا تُعارضُ كتاب الله وحديث أهل البيت (عليهم السلام)، ونحن مأمورون بأخذ الحكمة أنّى وُجِدَتْ، والقراءة والاستفادة من أيِّ كتابٍ آخر، ككتاب «في ظلال القرآن» أو «فصوص الحكم»، مثلاً، لا تعني تبنِّي كل ما في هذا الكتاب من حقٍّ مشهود وباطلٍ مُزخرَفٍ، فالعلاقة علاقة علميّة محكومة بميزان الثقلين.
ومن الأساليب الطُّفوليَّة التي يستعملها بعضُ أصحاب القنوات اللندنيّة أمثال عبد الحليم الغزّي وأشباهه أن يأتوا بعبارةٍ باطلةٍ تُخالفُ أهل البيت (عليهم السلام) من كتابٍ ما، ثم يقول للناس: هذا هو الكتاب الذي يرجع إليه علماؤكم للاستفادة! وكأنَّ الكتابَ محصورٌ بتلك العبارة.
وهذا أسلوب الاستخفاف بعقول الناس، يصلحُ لإثارة «من لا عقل له»، أمّا الإنسان العاقل فيعلم أنَّ كُلَّ كتابٍ لا يخلو من خطأ بشريّ، وزلّة إنسانٍ أو سهوٍ وغفلة، فإسقاط فوائد كتابٍ لأجل مقولة واحدة لا ينسجم مع المنهج العلمي، بل ينسجم مع الطرق التحريضيّة، مشبوهة الأهداف والأغراض.
على أنَّ عبارات الباطل والشّطح لا تختص بكتب المخالفين، فعلماء الإماميّة لهم أخطاء أيضاً، فهل من الإنصاف ترك كل كتبهم؟!
والنتيجة: إنَّ علاقةَ أيِّ عالمٍ بأي كتابٍ شيعي وغير شيعي قائمة على الفائدة الموافقة للحقِّ. نعم؛ تختلفُ أذواقُ العلماء وطرق تفكيرهم، فالبعض لا يقبل الاستفادة من كتب ابن عربيّ مثلاً، إلا أنّه لا يحقُّ لأحدٍ أن يتهم غيرهُ باتهامات باطلة لمجرد الاستفادة من كتابٍ له.
ومن خلال تجربتي الشخصيّة، فأنا استفدت من قراءة الكتب على اختلاف الأذواق والمشارب، وما كان محتوياً على الفائدة وليس فيه ما يخالف الثقلين العظيمين أخذتُ به، وما كان مخالفاً لهما تركته، وهذا هو منهج علمائنا الكرام في دراسة ومطالعة أيّ كتابٍ آخر، فاتّهام علمائنا بالانحراف الفكري أو العقائدي لمجرّد الاستفادة من كتابٍ معيّن أمر لا يخلو من إجحافٍ، بل هو عين الإجحاف.
والطريف في الأمرِ، أنَّ عبد الحليم الغزيّ في إحدى حلقاته حول (ملف الظهور والجفر)، قد استفاد من كتاب «المفاجأة» لمحمد عيسى داود، وهو أحد الصوفيّة المصريين، وفي كتابه يزعمُ أنّ لديه الجفر العلوي رغم أنَّ هذا مخالفٌ لروايات أهل البيت (عليهم السلام) التي تنص على أنّه لا ينظر في الجفر إلا نبي أو وصي، ومع ذلك صدّقه عبد الحليم الغزي، والمؤلف الصوفي في كتابه ينقلُ أخباراً عن آخر الزمان، وهو مليء بالأساطير والسخافات التي لا يقبلها عاقلٌ، بل واضحٌ أشدّ الوضوح أنّ الكتاب قد وُضع للتجارة والتلاعب بعقول الناس، وجديرٌ بالجهالِّ المطرودين من قم المقدسة أمثال الغزيّ أن يقتاتوا على أكاذيب الصوفيّة، ثم يأتي بعد التي واللتيا ليتّهم علماءنا بالانحراف ويدعو الناس لتصدق أكاذيب الصوفية..فهل نطبّق أحكامه على العلماء عليه؟ لاستفادته من كتاب الصوفي الكذوب محمد عيسى داود..نسأل الله العافية في الدين والإنصاف.
إبراهيم جواد؛
قم المقدسة (زادها الله شرفاً)
يتساءل كثيرٌ من الشباب حول مسألة رجوع علمائنا إلى بعض الكتب التي لم يؤلّفها علماء إماميَّة، من قبيل كتب ابن عربي وسيّد قطب ومالك بن نبيّ وغيرهم من أهل الفكر ممن ليسوا هم على طريقة أهل البيت (عليهم السلام)، وأنَّ هذا صار مطعناً على بعض علمائنا وفقهائنا، وهنا ينبغي توضيح جملةٍ من الأفكار:
أولاً: إنَّ علماءنا الأعاظم وفقهاءنا الأكابر متفقون على مرجعيَّة أهل البيت (عليهم السلام) الدينية والفكريّة، وأنّهم في سعيهم المعرفي لا يحاولون أن يحيدوا قيدَ أنملة عن هذا الخطّ الإلهي العظيم، وهذا محكَمٌ من المُحكماتِ نُرجِعُ إليه كُلَّ متشابهٍ.
ثانياً: المقدار الذي يتعامل به أهلُ العلم مع أيّ كتابٍ سواء ألَّفَهُ مؤمنٌ إماميِّ أم مخالف ولو من غير دين الإسلام هو المقدار الذي تحصل به الفائدة التي لا تُعارضُ كتاب الله وحديث أهل البيت (عليهم السلام)، ونحن مأمورون بأخذ الحكمة أنّى وُجِدَتْ، والقراءة والاستفادة من أيِّ كتابٍ آخر، ككتاب «في ظلال القرآن» أو «فصوص الحكم»، مثلاً، لا تعني تبنِّي كل ما في هذا الكتاب من حقٍّ مشهود وباطلٍ مُزخرَفٍ، فالعلاقة علاقة علميّة محكومة بميزان الثقلين.
ومن الأساليب الطُّفوليَّة التي يستعملها بعضُ أصحاب القنوات اللندنيّة أمثال عبد الحليم الغزّي وأشباهه أن يأتوا بعبارةٍ باطلةٍ تُخالفُ أهل البيت (عليهم السلام) من كتابٍ ما، ثم يقول للناس: هذا هو الكتاب الذي يرجع إليه علماؤكم للاستفادة! وكأنَّ الكتابَ محصورٌ بتلك العبارة.
وهذا أسلوب الاستخفاف بعقول الناس، يصلحُ لإثارة «من لا عقل له»، أمّا الإنسان العاقل فيعلم أنَّ كُلَّ كتابٍ لا يخلو من خطأ بشريّ، وزلّة إنسانٍ أو سهوٍ وغفلة، فإسقاط فوائد كتابٍ لأجل مقولة واحدة لا ينسجم مع المنهج العلمي، بل ينسجم مع الطرق التحريضيّة، مشبوهة الأهداف والأغراض.
على أنَّ عبارات الباطل والشّطح لا تختص بكتب المخالفين، فعلماء الإماميّة لهم أخطاء أيضاً، فهل من الإنصاف ترك كل كتبهم؟!
والنتيجة: إنَّ علاقةَ أيِّ عالمٍ بأي كتابٍ شيعي وغير شيعي قائمة على الفائدة الموافقة للحقِّ. نعم؛ تختلفُ أذواقُ العلماء وطرق تفكيرهم، فالبعض لا يقبل الاستفادة من كتب ابن عربيّ مثلاً، إلا أنّه لا يحقُّ لأحدٍ أن يتهم غيرهُ باتهامات باطلة لمجرد الاستفادة من كتابٍ له.
ومن خلال تجربتي الشخصيّة، فأنا استفدت من قراءة الكتب على اختلاف الأذواق والمشارب، وما كان محتوياً على الفائدة وليس فيه ما يخالف الثقلين العظيمين أخذتُ به، وما كان مخالفاً لهما تركته، وهذا هو منهج علمائنا الكرام في دراسة ومطالعة أيّ كتابٍ آخر، فاتّهام علمائنا بالانحراف الفكري أو العقائدي لمجرّد الاستفادة من كتابٍ معيّن أمر لا يخلو من إجحافٍ، بل هو عين الإجحاف.
والطريف في الأمرِ، أنَّ عبد الحليم الغزيّ في إحدى حلقاته حول (ملف الظهور والجفر)، قد استفاد من كتاب «المفاجأة» لمحمد عيسى داود، وهو أحد الصوفيّة المصريين، وفي كتابه يزعمُ أنّ لديه الجفر العلوي رغم أنَّ هذا مخالفٌ لروايات أهل البيت (عليهم السلام) التي تنص على أنّه لا ينظر في الجفر إلا نبي أو وصي، ومع ذلك صدّقه عبد الحليم الغزي، والمؤلف الصوفي في كتابه ينقلُ أخباراً عن آخر الزمان، وهو مليء بالأساطير والسخافات التي لا يقبلها عاقلٌ، بل واضحٌ أشدّ الوضوح أنّ الكتاب قد وُضع للتجارة والتلاعب بعقول الناس، وجديرٌ بالجهالِّ المطرودين من قم المقدسة أمثال الغزيّ أن يقتاتوا على أكاذيب الصوفيّة، ثم يأتي بعد التي واللتيا ليتّهم علماءنا بالانحراف ويدعو الناس لتصدق أكاذيب الصوفية..فهل نطبّق أحكامه على العلماء عليه؟ لاستفادته من كتاب الصوفي الكذوب محمد عيسى داود..نسأل الله العافية في الدين والإنصاف.
إبراهيم جواد؛
قم المقدسة (زادها الله شرفاً)
قليل من الوفاء، في يوم اللغة العربية
اعتقادي أن اللغة العربية مدينةٌ لأهل البيت (عليهم السلام) في بقائها ونضارتها وحيويتها، فهم الذين عملوا على حفظها وكان لهم السهم الأوفر في إبقائها، بدءاً بعمل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في علم النحو، وإجرائه نهراً من البلاغة في خطبه العربية التي كانت منهلاً لكل وارد، حتى شهد بذلك غير أتباعه، فقال فيه عبد الحميد بن يحيى الكاتب: (حفظت سبعين خطبةً من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت)، وروي أنّ محفن بن أبي محفن قال لمعاوية -متملقاً-: (جئتك من عند أعيا الناس)، فقال له: (ويحك! كيف يكون أعيا الناس؟! فو الله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره).
أما إحياؤه لعلم النحو عبر تلميذه أبي الأسود الدؤلي فمشهور لا شك فيه، فقد قال الحافظ ابن حبان في ترجمة الدؤلي: (أول من تكلم في النحو بالبصرة)، وقال ابن عساكر الدمشقي في تاريخه: (وهو أول من وضع للناس النحو)، وقال ياقوت الحموي في معجم الأدباء: (وهو أول من تكلم في النحو، وهو من أهل البصرة)، وقال ابن العديم في بغية الطلب: (وهو أول من وضع علم النحو). وقال ابنُ الساعي في الدر الثمين: (وهو أول من وضع علم النّحو، ونسب علم النّحو إليه، لأنّ عليّاً عليه السلام أملاه عليه) وقال ابن خلكان في وفياته: (وهو أول من وضع النحو)، وقال الحافظ الذهبي في سيره: (وقد أمره علي -رضي الله عنه- بوضع شيء في النحو لما سمع اللحن) وقال الشيخ عبد القادر القصاب في كتابه (رسالة في مدح النحو وتاريخه): (وقد تظاهرت الروايات على أنّ أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي، وأنه أخذه أولاً عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما)، وللشيخ شمس الدين سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني رسالةٌ في هذا الشأن بعنوان (رسالة في واضع علم النحو، رداً على الأعور الواسطي).
ولا ننسى أن متون أهل البيت (عليهم السلام) هي أكبر ثروة لغوية، كزبور آل محمد عليهم السلام (الصحيفة السجادية) ونهج البلاغة وخطبهم في الكافي وغيره من كتب الحديث الشريف.
اعتقادي أن اللغة العربية مدينةٌ لأهل البيت (عليهم السلام) في بقائها ونضارتها وحيويتها، فهم الذين عملوا على حفظها وكان لهم السهم الأوفر في إبقائها، بدءاً بعمل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في علم النحو، وإجرائه نهراً من البلاغة في خطبه العربية التي كانت منهلاً لكل وارد، حتى شهد بذلك غير أتباعه، فقال فيه عبد الحميد بن يحيى الكاتب: (حفظت سبعين خطبةً من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت)، وروي أنّ محفن بن أبي محفن قال لمعاوية -متملقاً-: (جئتك من عند أعيا الناس)، فقال له: (ويحك! كيف يكون أعيا الناس؟! فو الله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره).
أما إحياؤه لعلم النحو عبر تلميذه أبي الأسود الدؤلي فمشهور لا شك فيه، فقد قال الحافظ ابن حبان في ترجمة الدؤلي: (أول من تكلم في النحو بالبصرة)، وقال ابن عساكر الدمشقي في تاريخه: (وهو أول من وضع للناس النحو)، وقال ياقوت الحموي في معجم الأدباء: (وهو أول من تكلم في النحو، وهو من أهل البصرة)، وقال ابن العديم في بغية الطلب: (وهو أول من وضع علم النحو). وقال ابنُ الساعي في الدر الثمين: (وهو أول من وضع علم النّحو، ونسب علم النّحو إليه، لأنّ عليّاً عليه السلام أملاه عليه) وقال ابن خلكان في وفياته: (وهو أول من وضع النحو)، وقال الحافظ الذهبي في سيره: (وقد أمره علي -رضي الله عنه- بوضع شيء في النحو لما سمع اللحن) وقال الشيخ عبد القادر القصاب في كتابه (رسالة في مدح النحو وتاريخه): (وقد تظاهرت الروايات على أنّ أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي، وأنه أخذه أولاً عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما)، وللشيخ شمس الدين سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني رسالةٌ في هذا الشأن بعنوان (رسالة في واضع علم النحو، رداً على الأعور الواسطي).
ولا ننسى أن متون أهل البيت (عليهم السلام) هي أكبر ثروة لغوية، كزبور آل محمد عليهم السلام (الصحيفة السجادية) ونهج البلاغة وخطبهم في الكافي وغيره من كتب الحديث الشريف.