Telegram Web Link
🏴 «وَثَبِّت لي قَدَمَ صِدقٍ عِندَكَ مَعَ الحُسَينِ..»

يبقىٰ الإيمان في القلب معرّضاً لخطر الزوال أو الضعف، والإيمان الزائل هو ما عبّرت عنه روايات أهل البيت (عليهم السلام) بالإيمان «المستودَع»، وهذا النوع يمكثُ في القلب لبعض العلل الآنيّة، وسرعان ما يزول، وهنا ينبغي للمرء أن يحذر بخوفٍ شديدٍ، ويفزع إلى تحسس قلبه دوماً، ويحاول أن يتفحّص مدى استحكام الإيمان في نفسه، فإنّ البحث عن موهنات الإيمان وآفاته يقي من الوقوع في شِراك الشيطان وحبائله، فلعلّ أحدنا يعبدُ الله على حرفٍ، ومثل هذه العبادة تنتهي إلى الخسران المبين.
ومما لا ريب فيه أن طريق النجاة من زلّات الأقدام والثبات على صراط الحقّ منحصرٌ بولاية سيد الشهداء (عليه السلام)، فإن البشرى بقدم الصدق عند الله تبارك وتعالى خاصة لأهل الإيمان، «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ»، وأي إيمان يمكن أن يتحقق بدون معرفة سيد الشهداء عليه السلام ؟! إن قدم الصدق هي ثمرة الإيمان بالله تعالى ومعرفة سيد الشهداء عليه السلام، وبدون حصول هذه المعرفة بقوّةٍ لن ينال العبد إيماناً راسخاً، ولن تثبت قدمه حيث تزل الأقدام، وحينها ربما ينسلخ عن إيمانه المستودع، وينخرط في صفوف أولياء الشيطان وجنده، نسأل الله أن يرزقنا العافية في الدين، ويختمَ لنا بحسن العاقبة، ويجعلَ الإيمان به ومعرفة حجته (صلوات الله عليه) إيماناً مستقراً لا مستودعاً، إنه ولي الإحسان.
ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الغدير

📜 روى الشيخ الكليني في (الكافي) بسند صحيح :
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَيْنَةَ، عن زرارة والفُضَيْلِ بن يَسَار وبُكَيْرِ بن أعيَن ومحمد بن مسلم وبُرَيْدِ بن معاوية وأبي الجارود جميعاً:
عن أبي جعفرٍ عليه السلام، قال: "أَمَرَ اللهُ - عزَّ وجلَّ - رسولَهُ بِولايةِ عليٍّ، وَأَنْزَلَ عليه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) وَفَرَضَ ولايةَ أُولِي الأَمْرِ، فَلَمْ يَدرُوا ما هِيَ؟ فَأَمَرَ اللهُ محمَّداً صلى الله عليه وآله أنْ يُفَسِّرَ لَهُمُ الولايةَ كما فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلاةَ والزَّكاةَ والصَّوْمَ والحَجَّ، فَلَمَّا أتاهُ ذلك مِنَ اللهِ، ضاقَ بذلك صَدْرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، وَتَخَوَّفَ أنْ يَرتَدُّوا عن دِينِهِمْ وأنْ يُكَذِّبُوهُ، فَضَاقَ صَدْرُهُ، وَرَاجَعَ رَبَّهُ عزَّ وجلَّ، فَأَوْحَى اللهُ - عزَّ وجلَّ - إليه: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللهِ - تعالى ذِكْرُهُ - فَقَامَ بِولايةِ عليٍّ عليه السلام يوم غَدِيرِ خُمٍّ، فَنَادَى: الصَّلاة جَامِعَة، وَأَمَرَ النَّاسَ أنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الغَائِبَ".
💎 قال عمر بن أُذَيْنَةَ: قالوا جميعاً غير أبي الجارود: وقال أبو جعفرٍ عليه السلام: "وكانتِ الفريضةُ تَنْزِلُ بعد الفريضة الأخرى، وكانتِ الولايةُ آخِرَ الفرائض، فَأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)".
💎 قال أبو جعفرٍ عليه السلام: "يَقُولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: لا أُنْزِلُ عليكم بعد هذه فريضةً، قد أَكْمَلْتُ لكم الفرائض".

📚 الكافي للكليني ج٢ ص١٢-١٤، كتاب الحُجَّة، باب ما نَصَّ اللهُ عزَّ وجلَّ ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحداً فواحداً، رقم الحديث ٤.
💡حديث الغدير وآفات التأويل

إنّ النصّ النبوي الذي قاله على رؤوس الأشهاد في غدير خم واضح الدلالة بما في ذلك المقام والمقال من قرائن موضّحة للمراد، بحيث إنّ الحاضر في تلك اللحظة يفهمُ المراد من كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالبداهة، ولولا العناد المذهبيّ والتعصّب المقيت لكانت هذه العبارة خالية من العقبات المذهبيّة التي حاولت التشويش عليها، ولعرف المسلمون تكليفهم تجاه أمير المؤمنين (عليه السلام).

مما أذكره من حوارٍ حصل مع أحد السلفيّة، وقد طُرحت جملة من النصوص النبويّة في حقّ استخلاف أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجاب بجملةٍ من التأويلات المجافية للبرهان والإنصاف، حيث لم يبقِ نصّاً إلا وقام بتأوّله بطريقة عجيبة، فقلبَ المحاور السّؤال عليه، وقال له: لو أراد النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّ ينصّ على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وأن يجعله خليفةً للمسلمين، ماذا تتوقع أن تكون العبارة التي يستعملها؟ ومثل هذا السؤال على ضوء طريقتهم في تأويل النصوص يمثّل إحراجاً عظيماً لهم؛ لأنّه لن يبقى نصٌّ إلا وتعرّض للتأويل، ولذلك أذعن ذلك الشخص في النهاية وأقرّ بأنّ اللغة العربية لا تساعد على إيجاد مثل هذه العبارة، فأوقع نفسه في إحراجٍ أعظم من سابقه.

أسعد الله أيامكم بذكرى عيد الغدير المبارك؛ أسأل الله تبارك وتعالى بحق محمد وآل محمد أن يجعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، الثابتين على نهجه، وأن يحسن عاقبتنا بالموت على ولايته ومحبّته وطاعته.
إحياء الغدير في مدينة الكوفة

تُعدّ «حادثة الغدير» بما تكتنز من دلالاتٍ من المراحل المفصليّة في إيضاح ملامح النظام السياسيّ والدينيّ في الإسلام، ولذلك كان بقاء حضورها في أوساط المسلمين حصانةً لعقيدة المجتمع ومعرفته بحقيقة النظام الإسلاميّ والنظام القرشي البديل، ووقايةً من تزييف الوعي مع تعاقب الأجيال، وهذا الأمر كان يستدعي بذل المزيد من الجهد لبقاء الحادثة حيّة في ذاكرة المسلمين عبر التاريخ.
إلى حدّ ما، كان لحضور الجمع الكبير مساهمة في نشر الحديث المتعلّق بالواقعة، ولكن مع مرور الأجيال، وتفرّق الجمع، واختلاف الاهتمامات، كان لهذه العوامل وغيرها دور في تقليل الاهتمام بنشره، إلى حدّ غياب الواقعة عن جملة من الصحابة وغيرهم.
ومع ما رُوي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الحادثة: (فليبلّغ الشاهد الغائب)، وبملاحظة كمّ الناقلين يُعلم أنّ المجتمع الإسلامي قد قصّر في حقّ عليّ (عليه السلام)، ولذلك أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) على عاتقه إشعال جذوة البصيرة في المجتمع الإسلامي، فبثّ الحديث في مناشداته في المدينة المنورة والبصرة والكوفة ومناطق أخرى، إلّا أنّ حظّ الكوفة المشرّفة من الغدير كان أكثر من حظّ سائر الأمصار، حيث تكرّر إلقاء الحديث على مسامعهم مراراً، وفي جموع تعمّد أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يحشد لها النّاس بأكبر حد ممكن، وبذلك حملت الكوفة رسالةَ الغدير، فأهلها الذين ذابوا في حبّ وصيّ المصطفى بذلوا كل غالٍ ونفيسٍ لبثّ هذا الحديث في أوساط المسلمين، وقدّموا قرابين الحبّ والولاء على طريق الغدير العلويّ.

لقد كان إصرار أمير المؤمنين (عليه السلام) في مناشدته ممتلئاً بالحرص على إحياء الغدير مرّة أخرى، وذلك باستنطاق الصحابة أمام الناس للإقرار بما سمعوه من النبيّ (صلى الله عليه وآله)، ليُبثّ الحديث في نطاق أوسع، ولقد كان الحاصل كذلك، حيث رسخت مناشدته في الكوفة كـ«غدير ثانٍ» يبثّ الروح مرّة أخرى فيما كاد أن يغيب بسبب إهمال المسلمين وتقصيرهم في أداء حقّ إمامهم، وهذه الخطوة لا تقلّ أهميّة عن قتال معاوية، وهي من أعظم جهود أمير المؤمنين (عليه السلام) في حفظ الصورة الحقيقية للنظام الديني والسياسيّ للإسلام قبل أن تنال منه الأكاذيب الأمويّة والعباسيّة، وحيث إنّ هذه المناشدة الأخيرة في مدينة الكوفة، والتي حشد لها المسلمين قبل شهادته بمائة يوم مما حضر بقوّة في كتب الحديث والتاريخ، رأيتُ أنّ أكوّن صورةً وافيةً عنها، لنفهم مقطعاً صغيراً من الحياة الجهاديّة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فدّونت هذا الكتاب حُبّاً بأبي تراب.. ورغبةً في حفظ جهاده العظيم لإحياء الغدير وإبقاء استمراريّته بين الأجيال اللاحقة، وقد وصلت الأمانة، ونسأل الله أن يوفّقنا لحفظ العهود.

هذا الكتاب، دراسةٌ توثيقيّة للنصوص الحديثية والتاريخيّة حول «الغدير الثاني» الذي عقده أمير المؤمنين (عليه السلام) في مدينة الكوفة، حيث عرّف الغائبين عنه، وعلّم الجاهلين به، وقد دارت هذه الدراسة حول ثلاثة محاور:
1. تتبع النصوص الحديثية والتاريخيّة الموثّقة لحادثة المناشدة.
2. الدراسة الرجاليّة لجملة من الأسانيد، وبيان إقرار علماء السنة بصحّتها.
3. بيان الدلالات والقرائن التي حفلت بها نصوص حديث الغدير وحديث المناشدة.

📚إحياء الغدير في مدينة الكوفة، دراسة حول مناشدة الرحبة
🖋️⁩ إبراهيم جواد
تحميل الكتاب:
http://alfeker.net/library.php?id=4955
تحميل الكتاب عبر قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/mesbah_qom/315
الغدير، مظهر التوحيد الحقيقي

امتحان التوحيد الواقعيّ للمسلمين لم يكن في الحج، فالله لم يميز المؤمن من المنافق بالطواف حول الكعبة، وإنما جعلَ المائز هو حُب علي عليه السلام وولايته.

الإقرارُ اللساني بالتوحيد سهلٌ يسيرٌ، ولكن الله جعل بيان تحقيق التوحيد الفعلي منوطاً بالولاية، فإن إبليس قد عبد الله ستة آلاف سنة ملقلقاً بلسانه عبارات التوحيد الظاهري بين سجود وركوع وتسبيح، ولكن حينما امتُحِن بجوهر التوحيد وحقيقته «الولاية» وعُرِضت عليه ولاية خليفة الله سقط بالاستكبار عنها.

فالنطق بكلمة التوحيد وترديدها في العبادات والجهر بها في الحج لا يشبه إلا دعوى إبليس التي استمر بتكراراها لمدة ستة آلاف سنة، وإنما الذي يبين صدق هذه الدعوى هو امتحان الولاية، الذي ابتدأ بامتحان إبليس في ولاية آدم عليه السلام والتسليم بخلافته لله في أرضه، وانتهى بامتحان الولاية الأعظم، بولاية علي صلوات الله عليه في غدير خم.

وهنا يظهر مدى ارتباط ظاهر التوحيد بحقيقته وجوهره، وإلى ذلك أشار الإمام الرضا صلوات الله عليه في حديث السلسلة الذهبية بعد ما ذكر كلمة التوحيد، فقال: «...، بشروطها، وأنا من شروطها».
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهتَدَى ﴾ ثم أومأ بيده إلى صدره: (إلى ولايتنا...)»، فنرى أن الحجّ دون انضمام الولاية لا يكفي في تماميّة التوبة والإيمان والعمل الصالح، ولا يكون لوحده عنصراً محققاً للهداية بدون الاعتقاد بولاية خليفة الله في أرضه.

#غدير_الحق
#جوهر_التوحيد
لاحظنا هذه الأيام تعاطفاً جميلاً مع غابات الأمازون في قضية الحرائق، وتعبيراً عن قلق متزايد من الآثار السلبية على مناخ الكرة الأرضية، وأن ذلك ربما يفضي إلى تغييرات مؤذية، وهذا القلق في حد نفسه أمرٌ في غاية الأهمية، إذ إن الحرص على مستقبل آمن للمجتمع البشري من الأمور التي تستدعي الاهتمام والاعتناء وبذل الجهد في سبيل ذلك.
ولكن المؤسف أننا لا نلحظ أو لا ندقق في التغييرات الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية التي تنتجها «حرائق» الغرب، والتي تدمّر المجتمع البشريّ على الصعيد الذاتي والأسري والاجتماعي، وربما بسبب قلة الاهتمام ننجرف خلف تلك الأوهام، ونلعق بعض العسل المسموم عن غير دراية. كل ما تفعله الحضارة الغربيّة الماديّة هو أنّها تمارس العبث بالنظام الفطري الذي فُطر الإنسان عليه كما أن الحرائق تعبث بالنظام البيئي وتهدد توازنه وانتظامه،.. ألا يشعر بعض المنبهرين بالنموذج الغربي أنّ حرائقهم التي تعبث بالنظام الفطري أخطر من حرق غابات الأمازون؟

على مستوى الأسرة؛
من يتحمل مسؤولية التفكك الأسري والعقوق وتحجيم السلطة التربوية للآباء وامتلاء دور المسنين؟

على مستوى الأمن الجنسيّ؛
من الذي يتحمل مسؤولية الحرية المطلقة في إتاحة ذلك الأمر، مع ما يخلّفه من أمراض جسدية وإجهاض إجرامي وآفات اجتماعية تهدد تماسك الأسرة؟
من فكّر بمساءلة الشركات الغربية على إنتاج آلاف الأفلام الإباحية مع قطع الأطباء بضررها؟ ألا يستشعر هؤلاء خطر وضرر حرائق مواقعهم المؤذية والمفسدة؟

على المستوى السياسي؛
ألم يشعر المجتمع الغربي بخطورة «حرائق» اليمن؟ والله لو اكتفينا بهذا السؤال لكفانا، مع أن مخازيهم في عالم السياسة أكثر من أن تُحصى! ولو لم يكن عليهم من عارٍ سوى حرب اليمن لكفى ذلك ليلطّخ وجوههم بالعار إلى أبد الدهر!

وهكذا بالنسبة للمجال الاقتصادي، والمجال الأخلاقي، حيث أفسدوا السلوك الفطري المعتدل، وابتلي العالم بجشع الرأسمالية وسحق طبقة الفقراء وتشجيع ثقافة الاستهلاك التّرفي، وغير ذلك من مصائب المجتمع الذي شوّه الشيطان فطرته ودفعه إلى قلب حياة الآخرين إلى ضنك وعناء!

إن الحرائق التي أشعلها المجتمع الغربي بنصبه لأولئك الساسة قد امتدت إلى منطقتنا على كافة المستويات، وهي حرائق خانقة إلى حدّ الموت، ولكننا بالكاد نستشعر خطورة تلك السياسات، وربما قام بعض المغفلين بجلد الذات وتمجيد تلك الحضارة لرقيها المادي فقط، غافلين عن حرائقهم التي أفنت سعادة البشرية ودمّرت مستقبل عشرات الشعوب في آسيا وأفريقيا.
📓إهداء سورة التوحيد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)

«رحم الله السيّد [عبد الكريم] الكشميريّ، كان يقول: في النجف، كان السيد مصطفى الخميني يتردد إليّ، وكان دائماً مشغولاً بالذكر، فقلت له: سيد مصطفى، ما هو الذكر الذي تقوله؟ فقال: (أقرأ سورة التوحيد، قال لي أبي: اقرأها ألف مرة في اليوم، وأهدِها إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه هو أصل التوحيد)».

سماحة الشيخ جعفر ناصري (حفظه الله)

#روضة_المؤمن
مصباح الهداية
روضه1، آیت الله استاد میرباقری – هِیْئَت ثٰارَالْلّٰه قُمْ - شب چهارم محرم 1441 ه.ق
تشنه ام تشنه ز پا تا سر من می سوزد
کار زهرست که بال و پر من می سوزد

بس که در سینه ی خود شعله ی ماتم دارم
از دم و بازدمم بستر من می سوزد

باز هم روی لبم قصّه ی مادر گل کرد
باز هم در نظرم مادر من می سوزد

بر لبم روضه ی «لا یوم کیوم العاشور»
عالم از زمزمه ی آخر من می سوزد

چشم وا کردم و دیدم که به صحرای غمی
خیمه هایی ست که دور و بر من می سوزد

دختری می دود و روی لبش این آواست:
عمّه دریاب مرا معجر من می سوزد

حجله ای زیر سم اسب به پا شد دیدم
با تن له شده نیلوفر من می سوزد

در سراشیبی گودال در آغوش حسین
تن بی دست گل پرپر من می سوزد

آخرین زمزمه از تشنه ی گودال آمد:
قطره ای آب - خدا - حنجر من می سوزد

آن طرف غارت پیراهن و خُود و نعلین
این طرف لطمه زنان خواهر من می سوزد


شعر: مسلم بشيرى
روضه خوانى: سيد محمد مهدى ميرباقرى
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا).

«الشاكلة» من الأمور الباطنيّة، وهي تتجلّى عبر «العمل»، فإذا برز الإنسان إلى ميدان العمل، ظهرت طبيعة شاكلته، واستبان مستوى همّته وعقله، فمن الناس من تكون همّته دانية، ومنهم من تكون همّته عالية، فتارةً قد تجدُ شخصاً يهتمُّ لمعالي الأمور المتعلّقة بالحقّ - تبارك وتعالى - وأوليائه، فيدأب في العناية بها، وفهمها، والعمل بها، والدعوة إليها، وتارةً قد يكون اشتغال المرء بسفاسف الأمور، وإضاعة الوقت في ما لا نفع فيه، وبذل الجهد فيما لا حاجة له، مع إبراز عصبيّة وجاهليّة، فحينها تكون الطّامة أكبر وأعظم، ومن كان على هذه الشاكلة، عليه أن يعمل بجدّ لإصلاح شاكلته.
إصلاح الشاكلة يحتاج إلى إخلاصٍ عظيمٍ، وجهد دؤوب في العبادة والتقرّب إلى الله بالدعاء والتوسّل والصلاة، والتوجّه إلى عنايات الأئمة المعصومين عليهم السلام، ومعرفة قدرهم، وأهميّة التوجّه التامّ إليهم لما عندهم من المعارف الإلهيّة الحقّة.
• هو الشّافي

قال الشيخ تقيّ الدين إبراهيم بن علي الكفعميّ في حاشيته على (البلد الأمين):
[ورأيتُ في بعض كتب أصحابنا مرويٌّ عن الصادق عليه السلام أنه من كان به علّة فليقل عقيب الصبح أربعين مرة «بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، حسبنا الله ونعم الوكيل، تبارك الله أحسن الخالقين، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، ..  ورأيت في بعض كتب أصحابنا أن رجلاً أصيب بداءٍ عجّز الأطباء دواؤه، ويئس من برئه، فنظر يوماً في كتاب وإذا أوله: روي عن الصادق عليه السلام أنه من كان به علة فليقل عقيب الصبح أربعين مرة هذه الكلمات (ذكر ما أوردناه أول الحاشية) ففعل الرجل ذلك أربعين مرة فبرئ بإذن الله.
كان والدي الشيخ زين الإسلام والمسلمين علي بن الحسن بن محمد بن صالح الجبعي - برّد الله مضجعه وأكرم مرجعه - ذا اعتقادٍ عظيمٍ بمضمون هذه الرواية، وكان يذكر ما تضمنته كل يوم عقيب الفجر أربعين مرة، لا يألو جهداً في ذلك، لأنه رحمه الله تزوّج امرأة شريفة من أهل بيت كبير، فأصابها ورم في جسدها كله، ألزمها الفراش أشهراً، فقلق والدي لذلك قلقاً عظيماً، فذكر هذه الرواية فأمرها - رحمه الله - أن تقول ما ذكرناه عقيب صلاة الفجر أربعين مرة، ففعلت ذلك، فبرأت بإذن الله تعالى].
📚البلد الأمين، ص٩٠ (الحاشية).

#روضة_المؤمن
🏴 كلمة في حق الإمام المجتبىٰ (ع)

في ذكرى شهادة الإمام الحسن عليه السلام، يمكن أن نقول: إنه من المؤسف أن تمضي هذه العصور، ونحن لا زلنا نركز في سيرة الإمام الحسن عليه السلام على بيان مبررات سلوكه السياسي، أو دفع الشبهات التي ألصقت به كيداً من بني أميّة وأتباعهم، وبذلك بقينا بعيدين عن تناول سيرته كشخصية إلهية؛ ذات أبعاد معرفية وروحية عميقة، تمثل دروساّ للإنسان المؤمن، ومنهاجاً له في حياته.

ومع هذا الحال المؤسف؛ أحب التنويه إلى بعض النقاط فيما يتعلق بسياسته، على أمل أن تكون مقدمة للجواز إلى فهم أسرار سيرته (عليه السلام):

إن منهج التحليل التاريخيّ الذي يستند إلى ملازمات باطلة لا يمكنه أن يقرأ التاريخ بعين منصفة ورؤية علمية، ومن أمثلة ذلك: من يبني على دلالة المهادنة على الضعف وحب الراحة، ودلالة الحرب على الشجاعة والبطولة دائماً، والصحيح أن كلا المسلكين تتضح دلالتهما عند ظهور السياق الذي يولدان فيه، فربما كانت المهادنة دليلاً على الحكمة، وربما كانت الحرب دليلاً على التهور والحماقة. وفي عالم السياسة وتدبير شؤون المجتمع البشري لا يلتزمون بتلك الدلالات دوماً، بل يقدّرون كل فعل بحسب سياقه وأسبابه وآثاره.
ومن الواضح أنه لا يُلتزم في عالم السياسة بوحدة السلوك السياسي دائماً، وإنما الالتزام منحصرٌ بتحقيق الأهداف والمبادئ العليا، ولذلك نرى الدول تحارب أحياناً، وتفاوض، وتهادن، ثم تقاتل، .. إلخ، وهكذا. وهذا التعدد في السلوك ليس تناقضاً في سيرة الدول، وإنما لأن هذه السلوكيات المختلفة هي عبارة عن أساليب وطرق إلى تحقيق الأهداف والمبادئ الأساسية التي تؤمن بها، فهي مجرد تفاصيل تتعلق بحقيقة الظروف الراهنة في الوقت.
إذا اتضح لنا هذا، فنقول: مقتضى الإنصاف أن نعتقد أنّ ما فعله الإمام الحسن عليه السلام لا يقلّ أهميةً عن فعل أيّ إمام آخر، فهذه السياسة الإلهية تركيبة متجانسة، لا يمكن التفكيك بينها، أو الاستغناء ببعضها عن الآخر؛ لأنها كلها تندرج تحت إطار جامع وهو العنوان العريض الذي يمثل جملة الأهداف والمبادئ في سيرة الأئمة عليهم السلام وهو (حفظ الإسلام)، وذلك بإحياء القرآن وتعاليمه، ونشر سنة النبي صلى الله عليه وآله، وما سوى ذلك تفاصيل خارجية تتعلق بحقيقة الظروف الراهنة آنذاك وما تتطلبه، فإن المهادنة في عهد الإمام الحسن عليه السلام أو الثورة في عهد الإمام الحسين عليه السلام عملان لمقصد واحد وهو تحقيق ذلك العنوان الأهم. وهُمَا وإن اختلفا شكلاً، لكنهما متحدان مضموناً ومقصداً، فهما سلوكان تم العمل وفقاً لهما بما ينسجم مع ظروف الواقع ومتطلبات تحقيق العنوان الأعلى (حفظ الإسلام)، فالمحورية والموضوعية لذلك العنوان، وأما الطريق إلى ذلك فهو مبني على ما يتطلبه تحقيق ذلك العنوان من سلوك معيّن.

وبناءً على ذلك: فإن تقسيم التشيع إلى حسنيّ وحسيني من أكثر الأمور إجحافاً بحق الإمام المجتبى عليه السلام، فغالباً ما يأخذ توصيف "التشيع الحسني" في كلام بعض المثقفين جانبَ الضعف والاستسلام والمهادنة الخاضعة الذليلة. وإذا كان مجرد السكوت - لظروف قاسية - يعد مسلكاً حسنياً ضعيفاً، فأصحاب هذا التحليل ملزمون بتقسيم حياة أمير المؤمنين عليه السلام إلى حقبة حسنية وحقبة حسينية، باعتبار أنّه لم يقاتل الثلاثة وقاتل معاوية، في حين أن منهج أمير المؤمنين عليه السلام واحد، ومسلكه واحد، وشخصيته واحدة، بل يلزمهم القبول بذلك في شأن النبي صلى الله عليه وآله، في حين أن الواقع خلافه. والصحيح أن هذا التفاوت منشؤه اختلاف الظروف الخارجية، لا اختلاف الشخصية أو تناقضها. وإذا التزموا بذلك في حق أمير المؤمنين عليه فإنهم ينقضون عمدة أدلتهم في ذلك التحليل التاريخي الفاسد.

وفي هذا السياق؛ ينبغي لنا أن نطالع بعض الوثائق التاريخية المهمة التي تكشف عن حقيقة المشهد السياسي في عهد الإمام الحسن عليه السلام، ومن جملة هذه النصوص القيّمة دعاؤه في القنوت، فقد روى السيد ابن طاوس (رحمه الله) في كتابه «مهج الدعوات» قنوتات متعددة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، ومن ضمنها قنوتاً عن الإمام أبي محمد الحسن بن علي المجتبى صلوات الله عليه، ويدور هذا القنوت الشريف حول أمرين، أولهما التمجيد والثناء على الحق تبارك وتعالى بعبارات توحيديّة عظيمة، وعبودية محضة، فينبغي للعبد أن يستفيد من هذا النهج المبارك في مناجاة الحق سبحانه وتعالى، وأن لا يغفل عن ذلك. وأما ثانيهما - وهو القسم الأكبر - فهو بيان لحقيقة المشهد السياسي بلسان الإمام الذي طالما تعرض للتشويه نبزاً وتهمةً، ففيه إيضاح لمظلوميته وتقاعس الأمة الإسلامية عن نصرته وقعودهم عن مواجهة الاستكبار الأمويّ، وفي هذا المقطع يبرز الإمام جملة من النقاط المهمة، ومنها:

- يتبع -
• بيان آثار التخاذل عن نصرة الحق ونتائجه على الأمة الإسلامية، فقد وصف ذلك بقوله مخاطباً الحق تبارك وتعالى: (تَشْهَدُ الِانْفِعَالَ، وَتَعْلَمُ الِاخْتِلَالَ، وَتَرَى تَخَاذُلَ أَهْلِ الْخَبَالِ، وَجُنُوحَهُمْ إِلَى مَا جَنَحُوا إِلَيْهِ مِنْ عَاجِلٍ فَانٍ وَحُطَامٍ عُقْبَاهُ حَمِيمٌ آنٍ)، فهو يذمّ التخاذل والركون للدنيا والقعود عن مواجهة الباطل، ويشير إلى ثمرة ذلك التكاسل وما خلفه من ضعف واختلال وفساد، وبذلك بيّن حقيقة أنّ ما آلت إليه الأمور لم يكن إلا لضعف بصيرة الأمة وتساهلها في مواجهة شيطنة معاوية.

• سعي الإمام إلى بذل كل ما يملك من جهد ليدفع ضلال المضلين وفتن بني أمية عن الإسلام والمسلمين، وفي ذلك قال: (اللَّهُمَّ فَقَدْ تَعْلَمُ أَنِّي مَا ذَخَرْتُ جُهْدِي وَلَا مَنَعْتُ وُجْدِي حَتَّى انْفَلَّ حَدِّي وَبقِيتُ وَحْدِي).
ولا تخفى هاهنا الإشارة إلى أن تحول المسار السياسي لم يكن خياراً محبذاً للإمام، وإنما كان نتيجة الخذلان، فإن بقاء الإمام وحيداً مخذولاً من الأمة، ومستضعفاً من الطواغيت كان من عوامل التحول من القتال إلى المهادنة.

• بيان الوجه في عقد "الهدنة" السياسية مع معاوية بن أبي سفيان، حيث أراد به كفّ عدوانه وحقن دماء من بقي من أهل الإيمان والولاية ترجيحاً لمصلحة الإسلام في تلك الظروف الحرجة، كما فعل أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال: (فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلاَّ أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ اَلْمَوْتِ، فَأَغْضَيْتُ عَلَى اَلْقَذَى، وَشَرِبْتُ عَلَى اَلشَّجَا، وَصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ اَلْكَظْمِ وَعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ اَلْعَلْقَم).
وإلى هذا أشار في قنوته تأسياً بأمير المؤمنين عليه السلام، فقال في قنوته: (فَاتَّبَعْتُ طَرِيقَ مَنْ تَقَدَّمَنِي فِي كَفِّ الْعَادِيَةِ، وَتَسْكِينِ الطَّاغِيَةِ عَنْ دِمَاءِ أَهْلِ الْمُشَايَعَةِ)، فكما كفّ أمير المؤمنين عليه السلام عن قتال طواغيت السقيفة ترجيحاً لمصلحة أهل الحق، ودفعاً لضرر أعظم، تجرّع الإمام الحسن عليه السلام من ذلك الكأس المرّ المليء بالعلقم، ومع ذلك ناله من الأذى والتهمة ما ناله، وكأنه هو السبب في تقصير الأمة عن إجابة نداء إمامها وولي أمرها.

• دعاء الإمام على الظالمين في خاتمة القنوت؛ فيه جلاء للأبصار التي أصابتها غشاوة، وبيانٌ أنه لم "يصالح" ولم يتنازل عن حقه، ولا رضي بالطاغية، وإنما هو القهر والغصب والأذى الذي ما انفك عن سيرة أهل البيت عليهم السلام مذ ارتحل خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله.

فليُراجع القنوت بتمامه للاطلاع على كافة مضامينه بدقة. وكم هو جدير أن يُطالَع هذا القنوت ولو مرة في العمر، لنقف على معالم المشهد السياسي الذي ظُلم فيه ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعرض للتشويه بسببه، فإنه كان منبراً إلهياً لبيان جهاد الإمام وسعيه، وتعرضه للخذلان والاستضعاف، وموقفه من القاعدين والظالمين على حد سواء.
📚 دعاء سريع الإجابة

📜روى الشيخ الكلينيّ في (الكافي) بسند صحيح:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمَّار، قال: قال لي‏ أبو عبد الله عليه السلام ابْتِدَاءً مِنْهُ: «يَا مُعَاوِيَةُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَجُلًا أَتى‏ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَشَكَا إلَيْهِ الْإِبْطَاءَ فِي الْجَوَابِ فِي دُعَائِهِ؟! فَقَالَ لَهُ: فأَيْنَ‏ أَنْتَ عَنِ‏ الدُّعَاءِ السَّرِيعِ‏ الْإِجَابَةِ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ‏: مَا هُوَ؟
قَالَ: قُلِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ‏ الْأَعْظَمِ، الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ، الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ‏، النُّورِ الْحَقِّ، الْبُرْهَانِ الْمُبِينِ، الَّذِي هُوَ نُورٌ مَعَ نُورٍ، وَنُورٌ مِنْ نُورٍ، وَنُورٌ فِي نُورٍ، وَنُورٌ عَلى‏ نُورٍ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِِّ نُورٍ، وَنُورٌ يُضِي‏ءُ بهِ كُلُّ ظُلْمَةٍ، وَيُكْسَرُ بِهِ كُلُّ شِدَّةٍ، وَكُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، وَكُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، لَا تَقِرُّ بِهِ أَرْضٌ، وَلَا تَقُومُ‏ بِهِ سَمَاءٌ، وَيَأْمَنُ بِهِ كُلُّ خَائِفٍ، وَيَبْطُلُ بِهِ سِحْرُ كُلِّ سَاحِرٍ، وَبَغْيُ كُلِّ بَاغٍ، وَحَسَدُ كُلِّ حَاسِدٍ، وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ الْبَرُّ وَالْبَحْرُ، وَيَسْتَقِلُّ بِهِ الْفُلْكُ‏ حِينَ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْمَلَكُ، فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَهُوَ اسْمُكَ الْأَعْظَمُ‏ الْأَعْظَمُ، الْأَجَلُّ الْأَجَلُّ، النُّورُ الْأَكْبَرُ، الَّذِي سَمَّيْتَ بِهِ‏ نَفْسَكَ، وَاسْتَوَيْتَ بِهِ عَلى‏ عَرْشِكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، أَسْأَلُكَ‏ بِكَ وَبِهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا».

📚 الكافي للكليني ج٤ ص٥٥٤-٥٥٥، كتاب الدُّعاء، باب دعوات موجَزَات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة، رقم الحديث ١٧.

#روضة_المؤمن
«حاكمية الله» أساس الصراع بين الحق والباطل، وإليها ترجع كافة أسبابه، وكما أنها سبب في تمرّد الباطل وتجبره، هي سبب أيضاً في نكوص الواقفين في جبهة الحق من دون غير معرفة ويقين، لذلك كان التسليم لله ورسوله وأئمة الحق هو أصل الإيمان المتين، ولو قيل إن مرارة الحق وصعوبة امتحانه كامنة في التسليم بالحاكمية وما يتبعها لما كان ذلك جزافاً. ربما تجد في هذه الجموع من يبرز شوقه لانتظار الحكومة الإلهية بقيادة الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام، إلا أن هذه الجموع المدّعية ستواجه امتحان التسليم للحاكمية الإلهية في أجلى صورها مذ بعث الله الأنبياء عليهم السلام، وبذلك تحصل الغربلة، ولذلك ينبغي أن يدعو المؤمن بدعاء الغريق في زمن الغيبة، وأن يسأل اللهَ الثبات على الحق عند ظهور دولة العدل، وأن يوطّن نفسه على قبول الحق ولو كان مراً.
فوائد حول التراث الإسلاميّ (٤)

من ضروريّات البحث العلميّ أن يعمل الباحث على تطوير مكتبته وذلك عبر تحسين مستوى الطبعات المتوفّرة لديه، بالإعراض عن الكتب ذات التحقيق الرديء واقتناء الكتب الأفضل تحقيقاً من غيرها، وأن يتعهّد بتحديثها أولاً بأول.
وهذا الأمر سوف يكون مساعداً على اجتناب الاستدلالات السقيمة التي تستندُ إلى طبعاتٍ مشوِّهةٍ للنصوص، ومغيّرة لمعالمها، ومحرّفة لمعانيها، وهذا ينبغي أن يكون محطّ نظر الباحثين ولا سيّما طلاب العلوم الدينيّة.
وكذلك الحال بالنّسبة لكتب الأدعية التي تُتداول بين عامّة الناس للتعبّد بها، وربما كان بعضها معتَمداً في البحوث والدراسات العلميّة.
ولأهميّة الموضوع أذكر مثالاً، ولعلّي أذكر نماذج أخرى لاحقاً.

كتاب «الكلم الطيّب والغيث الصيّب» تأليف السيّد علي خان المدنيّ الشيرازي رحمه الله، المتوفى سنة (١١٢٠) هجريّة.

نُشِرَ هذا الكتاب ثلاث مرّات:
١. بتحقيق علي محمد طه البروجرديّ، نشرت مؤسسة الدعاء العالميّة الطبعة الثالثة منه، (١٤٣٣هـ).
٢. بتحقيق قاسم حسين عوض، (١٤٣٥هـ).
٣. بتحقيق الشيخ عبد الحليم عوض الحليّ، (١٤٣٩هـ)، نشره مجمع الإمام الحسين عليه السلام العلميّ لتحقيق تراث أهل البيت (عليهم السلام) التابع للعتبة الحسينية.

وقبل التعرّض لبعض نماذج الاختلال في الطبعة الأولى، ينبغي أن نشيرَ إلى أنّ طبعة البروجرديّ قد اعتمد في تحقيقها على نسخةٍ واحدةٍ عثر عليها في مكتبة مدرسة آية الله السيد الگلپایگاني في قم المقدّسة، أمّا طبعة عوض فقد اعتمد فيها على طبعة مكتبة النجاح في طهران، ولم يعتمد على نسخةٍ خطيّةٍ كما يبدو، أمّا طبعة الحليّ فقد اعتمد فيها على خمس نسخ خطيّة ذكرها بالتفصيل في مقدمة تحقيقه، ونذكرها بنحو مختصر عمّا ذكره:
النسخة الأولى: نسخت في (دزفول)، سنة ١٣١٤ ه‍. كاملة، وخطها جيد.
النسخة الثانية: نسخها محمد صادق بن محمد باقر بن أبو الحسن بن نور الله بن فرج الله بن عبد الغفار بن شاه محمد الموسوي الغفاري الدزفولي، سنة ١٣٣١ ه‍، كاملة، وخطها جيد.
النسخة الثالثة: نسخها إسماعيل بن منير الدين، سنة ١٣٥٠ه‍.
النسخة الرابعة: نسخها الحاج إسماعيل الشيرازي، سنة ١٢٧٦ه‍.
النسخة الخامسة: نسخها محمد إسماعيل المتخلص بالتوحيد ابن المرحوم المغفور الوصال رحمه الله، سنة ١٢٨٢ ه‍.

وهذه المزيّة نقطة قوّة لصالح الطبعة الأخيرة؛ لأنّ ذلك يفسح مجالاً لضبطٍ أكثر دقّة، وتلفيقٍ حسنٍ للمتن اعتماداً على أكثر من نسخة، فالنسخة الواحدة ربما لا يمكن معها التحرّك بأريحية في تصحيح المتن، ولذلك ابتليت الطبعة الأولى بجملة من الاختلالات التي أضعفت جودة التحقيق. وفي المقام، نذكر جملة من النماذج المبينة للفارق بين الطبعتين:

النموذج الأوّل:
١. ط. بروجردي، ص١٨: (اللهم إنّه ليس في السموات دورات، ولا في الأرض غمرات، ولا في الشجر ورقات).
٢. ط. الحليّ، ص١٣-١٤: (اللهم إنه ليس في السماوات دورات، ولا في الأرض سكنات، ولا في البحار غمرات، ولا في الشجر ورقات).

النموذج الثاني:
١. ط بروجرديّ، ص١٩: (سمعت في رجب ثلاث وتسعين وألف ...الأمين مير إسماعيل بن حسين).
٢. ط. الحليّ، ص١٥: (سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف .. الأمير إسماعيل بن حسين).

النموذج الثالث:
١. ط. بروجردي، ص٢٠: (فإذا اشتدت الأمر..).
٢. ط. الحلي، ص١٧: (فإذا اشتدّ الأمر).

النموذج الرابع:
١. ط. بروجردي، ص٢١: (يا سيداه يا مولاه يا غياثاه).
٢. ط. الحليّ، ص١٨: (يا سيداه يا سيداه يا سيّداه، يا مولاه يا مولاه، يا غياثاه).

النموذج الخامس:
١. ط. بروجرديّ، ص٢٣: (يا شديد المحال أذللت بعزّتك..).
٢. ط. الحليّ، ص٢١: (يا شديد المحال، يا عزيز، أذللت بعزتك..).

النموذج السادس:
١. ط. بروجرديّ، ص٢٤: (بسم الله الرحمن الرحيم، يا من إذا تضايقت الحاجات).
٢. ط. الحليّ، ص٢٢: (بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم يا من إذا تفاقمت الأمور طُرحت عليه، ويا من إذا تضايقت الحاجات..).

النموذج السابع:
١. ط. بروجردي، ص٢٤: (ويا من إذا أُغلقت الأبواب فتحَ باباً لا يَهْتَدِيْ إلّا إليه)!
٢. ط. الحليّ، ص٢٣: (ويا من إذا غُلِّقت الأبواب فتح باباً يُهتَدى إليه).

النموذج الثامن:
١. ط. بروجردي، ص٢٤: (سؤال من لا يجد لذنبه غافراً غيرك، ولا لحاجته قاضياً سواك).
٢. ط. الحليّ، ص٢٣: (سؤال من لا يجد لذنبه غافراً غيرك، ولا لهمّه مفرجاً ولا لحاجته قاضياً سواك).

النموذج التاسع:
١. ط. بروجرديّ، ص٣٤: (يا سامع كل صوت، يا محيي النفوس بعد الموت،..).
٢. ط. الحلي، ص٤٦: (يا سامع كل صوت، يا جامع كل فوت، يا محيي النفوس بعد الموت).

وهكذا ابتليت طبعة البروجرديّ بإسقاط بعض الكلمات والجمل من بعض الأدعيّة، فضلاً عن التصحيفات التي ابتليت بها، وذلك للاعتماد على نسخةٍ واحدةٍ.

له تتمة .. #يتبع
ومن الجدير بالذّكر، أنّ طبعة البروجرديّ قد انفردت بذكر الدّعاء المعروف بـ«دعاء المعراج» الذي يرويه الكفعميّ في مصباحه، والذي يبدأ بقوله: (اللَّهُم إني أسألك يا من أقرّ له بالعبودية كل معبود،...)، ولم أره في طبعتَيْ عوض والحليّ، فهل هو من ملحقات النسخة التي اعتمد عليها التي أضافها النّساخ؟ أم أنّه من أصل الكتاب وقد سقط من بقيّة نسخ الكتاب؟ لعلّ الأول أقرب، لا سيّما وأن البروجرديّ قد صرّح في مقدمة تحقيقه للكتاب أنه اعتمد على نسخةٍ للكتاب ضمن مجموعة (أدعية)، فلعلّه من أدعيةٍ أخرى ضمن ذلك المجموع، وينبغي المزيد من النظر للجزم بالنتيجة.

ولم يُسعفني الوقت للمقارنة بين طبعتي قاسم عوض والشيخ الحليّ إلا بمقدار يسير، ومن ذلك المقدار لم يظهر لي تقدّم الأولى على الثانية. نعم؛ طبعة عوض أفضل حالاً من طبعة البروجرديّ، وإجمالاً: أميلُ إلى كون طبعة الشيخ الحليّ - وهي نادرة الأخطاء فيما رأيت - أحقّ بالاقتناء، وتليها طبعة قاسم عوض، وأما طبعة البروجرديّ فلم يوفّق العامل عليها لإخراجها بشكل متقن يليق بالكتاب.
ولنبلونَّكُم .. (1)

لقد ظُلم الدّين مراراً بسبب إساءة فهمه، وعدم استعداد الناقدين للإصغاء إلى تعاليمه مع إرادةٍ صادقةٍ للفهم والبحث بإنصاف، ومن وجوه الظلم التي استمرّت دائرة لعقودةٍ طويلةٍ المقولة التي صنّفت الدين على أنّه «أفيون الشعوب»، حيث هُوجمَ مراراً بتهمة العمل على تخدير المجتمعات، ومحاولته إرضائها بكل ما يقع عليها، حتّى لو وقع الظلم على طبقة الفقراء من قِبل طبقة الأغنياء.
وقد فسّر البعضُ حقيقة حضور الدّين في الحضارات البشريّة بأنّه لمّا كان الدين مخدّراً مُسكتاً لطبقة الضعفاء، وموجباً لهيمنة طبقة الأغنياء الأقوياء عليهم، أصبح يمثّل ضرورةً لوجوده في كافّة المجتمعات، وبغض النظر عن الخوض في نقد هذا الاتّهام، إلّا أنّ هذه الأفكار قد تسرّبت إلى مجتمعنا الإسلاميّ عند بعض المثقّفين، وقد لاحظنا - من قبلُ - سخريتهم من «الوعّاظ» بلسانّ شموليّ ونقدهم التهكّمي إزاء الحثّ على مفاهيم أخلاقيّة نبيلة من قبيل: الصبر، الزهد، الإيمان، التوكّل، الإيمان المُطلق بالغيب..إلخ، مفسّرين مثل هذه المواعظ بأنّها تخديرٌ للنفس وإقناع لها بما هي عليه من انحطاط وتراجع، وهذا الانحراف في فهم هذه المفردات الأخلاقيّة الدينيّة يرجعُ إلى التأثّر بالثقافة الماديّة، والقصور في فهم آثار هذه الأخلاق على النّفس والمجتمع.

وفي ظلّ الهجمة الفكريّة والاقتصاديّة التي يشنُّها العدوّ ضدّ مجتمعنا الإسلاميّ، لا بدّ من الإصرار على استحضار هذه المفاهيم بشكل دائم مع بيانها بالشكل الصحيح بعيداً عن تلك التفاسير الخاطئة، بل إنّ الوقت مناسبٌ جداً لبيان أهميّة وتأثير هذه المفاهيم في صيانة المجتمعات عن الهزيمة والإحباط، فهي عاملٌ أساسيّ في تثبيت النفس أمام زلازل الفتن والتمحيص والغربلة، ولها حظّ وافر في صناعة الشخصيّة المتديّنة وفقاً لما أراده الله تعالى.
إنّ المعركة مع العدوّ المتآمر ذات مخاطر كبيرة، والاتّكاء على الجانب الماديّ دون التعويل على الجانب الغيبيّ عبر تعميق الارتباط الوثيق بالله - تبارك وتعالى - هو هزيمةٌ مبكّرة، ولذلك علينا أن لا نتهاون في تعزيز حضور هذه المفاهيم في الثقافة الإسلاميّة عند عموم النّاس؛ لأنّ غيابها يمثّل انكساراً خطيراً، فلا يخفى أنّ هذا الصراع تنتجُ عنه آلام كثيرة، ونحن بحاجة في ظلّ تصاعد الضغط على مجتمعاتنا إلى تعزيز حضور الجانب الغيبي والأخلاقيّ في ثقافتنا، وذلك بتقوية الارتباط بالحقّ تبارك وتعالى، وتلقين النّفس على الصّبر والتوكّل واليقين وعدم الخوف مما سوى الله، فإنّ هذا يمثّل ضرورةً من ضرورات الإنسان في حياته، ولا سيّما مع ما نشهده في هذه المرحلة من تمحيص وابتلاء، ..
ولنبلونَّكُم .. (2)

فيما يخصّ مسألة ابتلاء الله لعباده المؤمنين، ينبغي أن نُلاحظ مفردات (الفتنة، التمحيص، الابتلاء، التمييز) في القرآن الكريم وحديث أهل البيت (عليهم السلام) حيث يمكننا من خلال ذلك الوقوف على أهمّ المحاور الأساسيّة في المسألة المهمة.
ومما قضيته من وقتٍ في محاولة تعقّب هذه النصوص وتأملها، يمكنني أن أجزم أنّ مسألة الفتنة في الدّين وتمحيص المؤمنين من أكثر المسائل السلوكيّة التي ذُكرت في القرآن الكريم وكلمات أئمة الهدى (صلوات الله عليهم)، وذلك لأنّ دعوى الإيمان من العبد لا تعبر قنطرة القبول من دون الورود إلى ميدان الامتحان والتمحيص والبلاء، ولذلك تركّزت هذه النصوص الإلهية حول جملة من المحاور الأساسيّة، منها:
1. الارتباط الوثيق بين الإيمان والابتلاء، وهذا يشملُ بالخصوص شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، والذي روي عنه قوله: «لو أحبّنِي جَبَلٌ لتَهافَتَ».
2. الآثار المعنويّة والأخرويّة للصابرين في مواجهة الابتلاءات، وما بيّنه الأئمّة (عليهم السلام) في الثواب العظيم لأهل الرضا واليقين بالله تبارك وتعالى.
3. أسلوب الأئمّة (عليهم السلام) في التربية العمليّة للمؤمنين.

إنّ نصوص الثقلين تمثّل كنوزاً معرفيّة ومعنويّة تهذّب نفس الإنسان، وتدفعه نحو الاستقامة، وتقيه آفات الفتن وصعوبات التمحيص؛ لأنّها تكشفُ له أسرار طريق الابتلاء الإلهي من أوّله إلى آخره، ولذلك لا ينبغي للمؤمن أن يتغافل عنها أو يهملها، فيفوّت بذلك خيراً كثيراً، ولذلك سوف نتعرّض لها فيما يأتي.
2025/07/06 05:27:41
Back to Top
HTML Embed Code: