أقوال علماء الإماميّة في نفي الغلوّ (1) || العلّامة المجلسيّ (ت: 1110هـ).
"ولا تعتقد أنهم خلقوا العالَم بأمر الله تعالى؛ فإنّا قد نُهينا في صحاح الأخبار عن القول به، ولا عبرةَ بما رواه البرسي وغيره من الأخبار الضعيفة".
العلامة محمد باقر المجلسي (رضوان الله عليه)
📚 رسالة العقائد، ص٦٤-٦٥.
"ولا تعتقد أنهم خلقوا العالَم بأمر الله تعالى؛ فإنّا قد نُهينا في صحاح الأخبار عن القول به، ولا عبرةَ بما رواه البرسي وغيره من الأخبار الضعيفة".
العلامة محمد باقر المجلسي (رضوان الله عليه)
📚 رسالة العقائد، ص٦٤-٦٥.
أقوال علماء الإماميّة في نفي الغلوّ (2) || السيّد المرتضى (ت: 436هـ)
نفي الخلق والرّزق عن النبيّ والأوصياء (عليهم السلام) من الأمور الواضحة عند علماء الإماميّة منذ القِدم، وأمّا الأقوال المستحدثة فهي أبعد من الحق، وما لها من حجّة ولا برهان، وإن دُقّق فيها فسنجد رجوع جذورها إلى فرق الضّلال المنبوذة.
نفي الخلق والرّزق عن النبيّ والأوصياء (عليهم السلام) من الأمور الواضحة عند علماء الإماميّة منذ القِدم، وأمّا الأقوال المستحدثة فهي أبعد من الحق، وما لها من حجّة ولا برهان، وإن دُقّق فيها فسنجد رجوع جذورها إلى فرق الضّلال المنبوذة.
أقوال علماء الإماميّة في نفي الغلوّ (3) ||الشيخ محمّد بن يعقوب الكلينيّ (ت: 329هـ).
ممّن نصّ على اختصاص الله بالخلق، ثقة الإسلام الشيخ الجليل محمّد بن يعقوب الكلينيّ، قال: "وليس لأحدٍ في خلق الرّوح الحسّاس الدرّاك أمرٌ ولا سَبَبٌ، هو المتفرِّدُ بخلق الأرواح والأجسام".
📚 الكافي، ج1، ص213.
ممّن نصّ على اختصاص الله بالخلق، ثقة الإسلام الشيخ الجليل محمّد بن يعقوب الكلينيّ، قال: "وليس لأحدٍ في خلق الرّوح الحسّاس الدرّاك أمرٌ ولا سَبَبٌ، هو المتفرِّدُ بخلق الأرواح والأجسام".
📚 الكافي، ج1، ص213.
أقوال علماء الإماميّة في نفي الغلوّ (4) ||الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ (ت: 1104هـ)
قال: "وقد دلّت الأدلّة العقليّة والنقليّة على أنّ الله هو المخصوص بخلق الأجسام والأرواح والعقول وغيرها".
📚 الفوائد الطوسيّة، ص277، الفائدة 62.
قال: "وقد دلّت الأدلّة العقليّة والنقليّة على أنّ الله هو المخصوص بخلق الأجسام والأرواح والعقول وغيرها".
📚 الفوائد الطوسيّة، ص277، الفائدة 62.
أقوال علماء الإماميّة في نفي الغلوّ (5) ||الشيخ محمد باقر المجلسيّ (ت: 1110هـ)
قال: "(قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ) يدلُّ على عدم جواز نسبة الخلق إلى الأنبياء والأئمّة عليهم السّلام، وكذا قوله تعالى: (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيءٍ) يدلُّ على عدم جواز نسبة الخلق والرزق والإماتة والإحياء إلى غيره سبحانه، وأنّه شركٌ.
أقولُ: دلالة تلك الآيات على نفي الغلو والتّفويض بالمعاني التي سنذكرها ظاهرةٌ، والآيات الدّالة على ذلك أكثر من أن تُحصَى؛ إذ جميع آيات الخلق ودلائل التّوحيد والآيات الواردة في كفر النّصارى وبطلان مذهبهم دالةٌ عليه".
📚بحار الأنوار، ج25، ص262.
قال: "(قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ) يدلُّ على عدم جواز نسبة الخلق إلى الأنبياء والأئمّة عليهم السّلام، وكذا قوله تعالى: (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيءٍ) يدلُّ على عدم جواز نسبة الخلق والرزق والإماتة والإحياء إلى غيره سبحانه، وأنّه شركٌ.
أقولُ: دلالة تلك الآيات على نفي الغلو والتّفويض بالمعاني التي سنذكرها ظاهرةٌ، والآيات الدّالة على ذلك أكثر من أن تُحصَى؛ إذ جميع آيات الخلق ودلائل التّوحيد والآيات الواردة في كفر النّصارى وبطلان مذهبهم دالةٌ عليه".
📚بحار الأنوار، ج25، ص262.
هل يصح الاستناد إلى ما روي من قولهم: (نزهونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم) لتصحيح جميع أخبار فضائل أهل البيت عليهم السّلام؟
✍🏻 الشيخ حسن فوزي فوّاز
رابط الإجابة: http://basaer-qom.com/q32
✍🏻 الشيخ حسن فوزي فوّاز
رابط الإجابة: http://basaer-qom.com/q32
basaer-qom
هل يصحّ الاستناد إلى رواية: «نزّهونا عن الرّبوبيّة وقولوا فينا ما شئتم» لتصحيح جميع أخبار الفضائل؟
فضل قراءة سورة القدر مائة مرة عصر يوم الجمعة
روى الشيخ الصّدوق بإسناده عن أبي الحسن موسى بن جعفر -صلوات الله عليه-: «إنَّ للهِ عزّ وجلّ يوم الجُمُعةِ ألف نفحةٍ من رحمته، يعطي كُلَّ عبدٍ منها ما يشاء، فمن قرأ (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) بعد العصر يوم الجمعة مائة مرّة وهب اللهُ له تلك الألف ومثلَها».
📚الأمالي، ص703، رقم الحديث 963، المجلس 88، ح11.
روى الشيخ الصّدوق بإسناده عن أبي الحسن موسى بن جعفر -صلوات الله عليه-: «إنَّ للهِ عزّ وجلّ يوم الجُمُعةِ ألف نفحةٍ من رحمته، يعطي كُلَّ عبدٍ منها ما يشاء، فمن قرأ (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) بعد العصر يوم الجمعة مائة مرّة وهب اللهُ له تلك الألف ومثلَها».
📚الأمالي، ص703، رقم الحديث 963، المجلس 88، ح11.
📝كلام إمامَي الزيديّة أحمد بن الحسين الهارونيّ وأحمد بن الحسين بن أبي هاشم في إثبات الهجوم على دار فاطمة عليها السّلام
قال إمام الزيديّة أحمد بن الحسين الهارونيّ (ت: 411هـ) في كتابه (التّبصرة) عند حديثه حول عدم الإجماع على خلافة أبي بكر: (وذلك أن من يدّعي الإجماع على إمامة غيره لا يدّعي البيعة عن كلّ أحدٍ من الصّحابة، وإنّما نقول: وجدناهم في آخر أمر أبي بكر بين مبائعٍ ومُظهِرٍ للرّضى، وساكتٍ، والسّكوت لا يدل على الرّضى إلّا إذا سَلِمَتِ الأحوالُ، وقد ثبت أنّه جرى حينئذٍ هناك أمورٌ من القهر والحمل والإلجاء، والسّكوت مع هذه الأحوال لا يدل على الرضى.
فإن قيل: وما تلك الأمور التي ادّعيتم فيها القهر والحمل والإلجاء؟
قيل له: هي ما نطقت به الأخبار، واتصلت بصحّتها الآثار، أنّ الزُّبير لمّا امتنع من البيعة حُمِل عليه، وانتهى الأمر إلى أن كُسِرَ سيفُه، وأنّ عمّار بن ياسر ضُرِبَ، وأنّ سلمان استُخِفَّ به، وأنّ فاطمة -عليها السّلام- هجموا على دارها لمّا تأخر عليٌّ عليه السلام عن البيعة، وأنّ سعد بن عبادة لما أظهر الكراهة اضطرّ إلى مفارقة المدينة، ثُمّ رُشِقَ بسهمٍ في أيّام عمر ومات، وإذا صحّ هذا الذي ذكرناه -وهو يسيرٌ من كثيرٍ- بان أنّ السّكوت معه لا يدل على الرّضى)، انظر: التبصرة في التوحيد والعدل، ص79-83 (ط. عبد الكريم جدبان).
وقد احتجّ بهذا المطلب أيضاً تلميذُه الإمام أحمد بن الحسين بن أبي هاشم المعروف بـ«مانكديم»، فقد قال في ردّ تلك الدّعوى نفسها: (وجوابنا أنّ هذا إنّما يصحُّ لو ثبت أنّ الصّحابة كانوا بين مبايع ومتابع وساكتٍ سكوتاً يدلّ على الرّضى، وهذه صورة الإجماع، ونحن لا نسلّم ذلك، فمعلومٌ أنّ عليّاً عليه السّلام لمّا امتنع عن البيعة هجموا على دار فاطمة، وكذلك فإنّ عمّاراً ضُرِبَ، وأنّ زبيراً كُسِرَ سيفه، وسلمان استُخِفّ به، فكيف يُدّعى الإجماعُ مع هذا كلّه؟! وكيف يُجعَل سكوت من سكت دليلاً على الرّضى؟!)، انظر: شرح الأصول الخمسة، ص756.
قال إمام الزيديّة أحمد بن الحسين الهارونيّ (ت: 411هـ) في كتابه (التّبصرة) عند حديثه حول عدم الإجماع على خلافة أبي بكر: (وذلك أن من يدّعي الإجماع على إمامة غيره لا يدّعي البيعة عن كلّ أحدٍ من الصّحابة، وإنّما نقول: وجدناهم في آخر أمر أبي بكر بين مبائعٍ ومُظهِرٍ للرّضى، وساكتٍ، والسّكوت لا يدل على الرّضى إلّا إذا سَلِمَتِ الأحوالُ، وقد ثبت أنّه جرى حينئذٍ هناك أمورٌ من القهر والحمل والإلجاء، والسّكوت مع هذه الأحوال لا يدل على الرضى.
فإن قيل: وما تلك الأمور التي ادّعيتم فيها القهر والحمل والإلجاء؟
قيل له: هي ما نطقت به الأخبار، واتصلت بصحّتها الآثار، أنّ الزُّبير لمّا امتنع من البيعة حُمِل عليه، وانتهى الأمر إلى أن كُسِرَ سيفُه، وأنّ عمّار بن ياسر ضُرِبَ، وأنّ سلمان استُخِفَّ به، وأنّ فاطمة -عليها السّلام- هجموا على دارها لمّا تأخر عليٌّ عليه السلام عن البيعة، وأنّ سعد بن عبادة لما أظهر الكراهة اضطرّ إلى مفارقة المدينة، ثُمّ رُشِقَ بسهمٍ في أيّام عمر ومات، وإذا صحّ هذا الذي ذكرناه -وهو يسيرٌ من كثيرٍ- بان أنّ السّكوت معه لا يدل على الرّضى)، انظر: التبصرة في التوحيد والعدل، ص79-83 (ط. عبد الكريم جدبان).
وقد احتجّ بهذا المطلب أيضاً تلميذُه الإمام أحمد بن الحسين بن أبي هاشم المعروف بـ«مانكديم»، فقد قال في ردّ تلك الدّعوى نفسها: (وجوابنا أنّ هذا إنّما يصحُّ لو ثبت أنّ الصّحابة كانوا بين مبايع ومتابع وساكتٍ سكوتاً يدلّ على الرّضى، وهذه صورة الإجماع، ونحن لا نسلّم ذلك، فمعلومٌ أنّ عليّاً عليه السّلام لمّا امتنع عن البيعة هجموا على دار فاطمة، وكذلك فإنّ عمّاراً ضُرِبَ، وأنّ زبيراً كُسِرَ سيفه، وسلمان استُخِفّ به، فكيف يُدّعى الإجماعُ مع هذا كلّه؟! وكيف يُجعَل سكوت من سكت دليلاً على الرّضى؟!)، انظر: شرح الأصول الخمسة، ص756.
مصباح الهداية
Video
السّفيه أمير القريشيّ: ثقافةٌ نحويّةٌ في حدود الآجروميّة!
من آثام الدّهر وهوانه أنّ المسائل العلميّة خرجت عن ميدان أهل العلم إلى ميدان الجهّال النّاعقين الذين لا حظّ لهم من العلم، ولا نصيب لهم من المطالعة والمعرفة. وقد كنتُ ولا زلتُ نابذاً لفكرة الردّ على هذا السّفيه؛ فإنّه مملوّ بالجهل من رأسه إلى أخمص قدمه، إلّا أنّ بعض السّفاهات توجبُ البيان لشدّة جرأة أصحابها على ارتكاب الموبقات.
في المرّة الماضية، استهزأ القريشيّ بقراءة (اهدنا الصّراط) بالزّاي؛ ظنّاً منه أنّ العرب على لسانٍ واحدٍ في اللّفظ، وكأنّه يرى العرب القدماء كانوا يتكلّمون بالطريقة التي تُقرأ بها نشرات الأخبار في زماننا الحاضر، والآن يُطلق جهالةً أُخرى ظنّاً منه أنّ العرب على طريقةٍ واحدةٍ في الإعراب، وأنّهم ما كانوا يتجاوزون فيه الذي تعلَّمه في الآجروميّة -إنْ كان قد درسها-.
في هذا المقطع، يزعم القريشيّ السّفيه أنّ القرآن فيه مشاكل نحويّة، مستدلّاً بما جاء في بعض القراءات في قوله تعالى: (إنَّ هَذَانِ لسَاحِرَانِ)، معتقداً أنّ هذا خطأ قطعيّ لا يختلفُ فيه عاقلان، والحال أنّ هذه الآية قد قُرِئَتْ بوجوهٍ عديدة، وكلّ وجهٍ ذو مستنداتٍ في لسان العرب، ومن هذه الوجوه:
1- (إنْ هَذَانِ لساحران) بتخفيف (إنْ)، وهنا لا إشكال في هذه القراءة؛ لأنّ (إنْ) يجوز أنْ لا تعمل، فيكون ما بعدها مبتدأ وخبراً.
2- (إنَّ هَذَيْنِ لساحران)، وهي موافقةٌ في الإعراب، إلّا أنّه أُخِذَ عليها مخالفة رسم المصحف. وهذه قراءة أبي عمرٍو البصريّ.
3- (إنَّ هَذَانِ لساحران)، وهي القراءة التي قد يُتوهّم أنّها مبنيّة على خطأ نحويٍّ فاحشٍ يمكن أن يدركه بعض البسطاء أمثال هذا المتطفِّل.
وحاصل الكلام في المسألة: أنّ هذه القراءة قد ذُكرت لها وجوهٌ تصحِّحُها، وقد اختلف من تكلّم في القراءات حولها، فقبلوا بعضها وردّوا بعضها، وفي المقام نذكرها بما يلائم الحال:
الوجه الأوّل: أنّ (إنَّ) بمعنى (نَعَم)؛ وحينئذٍ فلا اسم لها ولا خبر، قال ابن الورّاق في «علل النّحو»: (وأما «إنّ» التي بمعنى «نعم»، فإنّما استُعمِلَتْ على هذا الوجه؛ لأنّ «نعم» إيجاب واعتراف، و«إنّ» تحقيق وإثبات، فلتضارعهما في المعنى حُمِلَتْ «إنّ» على «نعم»)، وقال ابن جِنّي في «اللّمع»: (وتكون «إنَّ» بمعنى «نَعَم» فلا تقتضي اسماً ولا خبراً).
وقال أبو جعفر النحّاس في «إعراب القرآن»: (وحكى سيبويه: أنّ «إنّ» تأتي بمعنى أجل)، ثمّ ذكر روايةً وفيها أنّ النبيّ كان يبتدأ خطبه بقول: (إنّ الحمدُ لله..)، ثم نقل عن عمير بن المتوكّل أنّه قال: (إعرابه عند أهل العربية في النّحو «إنّ الحمد لله» بالنّصب، إلّا أنّ العرب تجعل «إنّ» في معنى «نعم»، كأنّه أراد: «نعم الحمد لله »، وذلك أنّ خطباء الجاهلية كانت تفتتح في خطبتها بـ«نعم»).
وممّا وقع على هذا النّحو من أشعار العرب قول الشّاعر:
قالوا غَدَرْتَ فقلتُ «إنّ» ورُبّما ** نال العُلا وشَفَى الغليلَ الغَادِرُ
ومنه أيضاً ما حُكِي عن بعض الأعراب:
فقلتُ سلامٌ قُلْنَ «إنّ» ورحمةٌ ** عليكَ فقد حان الذين تراقب
الوجه الثّاني: أنّ هذه لغةٌ معروفةٌ عند بعض العرب من بني الحارث وبني الهُجيم وبني العنبر وزبيد وعذرة ومراد وخثعم وكنانة، وقد سُمعت من العرب، وحكاها أئمّة اللّغة، والمحكيّ عنهم أنّهم يجرون التثنية في الرّفع والنصب والجرّ على نفس الوجه، قال أبو إسحاق الزجّاج في «معاني القرآن وإعرابه»: (وأمّا الاحتجاج في «إنّ هذان» بتشديد «إنّ» ورفع «هذان» فحكى أبو عبيدة عن أبي الخطّاب -وهو رأس من رؤساء الرواة- أنها لغةٌ لكِنَانةَ، يجعلون ألف الاثنين في الرّفع والنّصب والخفض على لفظٍ واحدٍ، يقولون: «أتاني الزّيدان»، و«رأيتُ الزّيدان»، و«مررتُ بالزيدان»، وهؤلاء ينشدون:
فأطرقَ إطراقَ الشُّجاعِ ولو رأى ** مساغاً لنابَاهُ الشُّجاع لصمَّما
وهؤلاء أيضاً يقولون: «ضربتُه بين أذناه»، و«مَنْ يشتري مِنِّي الخُفَّانِ؟»، وكذلك روى أهل الكوفة أنّها لغةٌ لبني الحارث بن كعب).
وممّا وقع على هذا النّحو من أشعارهم قول الشّاعر:
إنّ أباها وأبا أباها ** قد بلغا في المجد غايتاها
وقول الشّاعر:
واهاً لسلمى ثم واهاً واها ** يا ليتَ عيناها لنا وفَاهَا
وموضع الخلخال من رجلاها ** بثمنٍ نُرضِي به أباها
وقول الشّاعر:
تزوّدَ منّا بين أذناه ضربةً ** دعتْهُ إلى هابي التُّراب عقيم
وقول الشّاعر:
فإنّ بجنبا سَحْبَلٍ ومضيقه ** مراق دمٍ لن يبرح الدَّهرَ ثاويا
وهذا الوجه من أجود الوجوه، وهو مبنيٌّ على أنّ القرآن قد جرى في بعض الكلمات على بعض لغات العرب، وهذا القول له شواهده المفصَّلة في موضعها.
الوجه الثالث: أنّ اسم «إنّ» ضمير القِصّة وهو «ها» في كلمة «هذان»، وليست هاء التنبيه.
الوجه الرّابع: أنّ اسم «إنّ» ضمير الشّأن وهو محذوفٌ، وقوله: «هذان لساحران» في محل رفع خبر «إنّ».
من آثام الدّهر وهوانه أنّ المسائل العلميّة خرجت عن ميدان أهل العلم إلى ميدان الجهّال النّاعقين الذين لا حظّ لهم من العلم، ولا نصيب لهم من المطالعة والمعرفة. وقد كنتُ ولا زلتُ نابذاً لفكرة الردّ على هذا السّفيه؛ فإنّه مملوّ بالجهل من رأسه إلى أخمص قدمه، إلّا أنّ بعض السّفاهات توجبُ البيان لشدّة جرأة أصحابها على ارتكاب الموبقات.
في المرّة الماضية، استهزأ القريشيّ بقراءة (اهدنا الصّراط) بالزّاي؛ ظنّاً منه أنّ العرب على لسانٍ واحدٍ في اللّفظ، وكأنّه يرى العرب القدماء كانوا يتكلّمون بالطريقة التي تُقرأ بها نشرات الأخبار في زماننا الحاضر، والآن يُطلق جهالةً أُخرى ظنّاً منه أنّ العرب على طريقةٍ واحدةٍ في الإعراب، وأنّهم ما كانوا يتجاوزون فيه الذي تعلَّمه في الآجروميّة -إنْ كان قد درسها-.
في هذا المقطع، يزعم القريشيّ السّفيه أنّ القرآن فيه مشاكل نحويّة، مستدلّاً بما جاء في بعض القراءات في قوله تعالى: (إنَّ هَذَانِ لسَاحِرَانِ)، معتقداً أنّ هذا خطأ قطعيّ لا يختلفُ فيه عاقلان، والحال أنّ هذه الآية قد قُرِئَتْ بوجوهٍ عديدة، وكلّ وجهٍ ذو مستنداتٍ في لسان العرب، ومن هذه الوجوه:
1- (إنْ هَذَانِ لساحران) بتخفيف (إنْ)، وهنا لا إشكال في هذه القراءة؛ لأنّ (إنْ) يجوز أنْ لا تعمل، فيكون ما بعدها مبتدأ وخبراً.
2- (إنَّ هَذَيْنِ لساحران)، وهي موافقةٌ في الإعراب، إلّا أنّه أُخِذَ عليها مخالفة رسم المصحف. وهذه قراءة أبي عمرٍو البصريّ.
3- (إنَّ هَذَانِ لساحران)، وهي القراءة التي قد يُتوهّم أنّها مبنيّة على خطأ نحويٍّ فاحشٍ يمكن أن يدركه بعض البسطاء أمثال هذا المتطفِّل.
وحاصل الكلام في المسألة: أنّ هذه القراءة قد ذُكرت لها وجوهٌ تصحِّحُها، وقد اختلف من تكلّم في القراءات حولها، فقبلوا بعضها وردّوا بعضها، وفي المقام نذكرها بما يلائم الحال:
الوجه الأوّل: أنّ (إنَّ) بمعنى (نَعَم)؛ وحينئذٍ فلا اسم لها ولا خبر، قال ابن الورّاق في «علل النّحو»: (وأما «إنّ» التي بمعنى «نعم»، فإنّما استُعمِلَتْ على هذا الوجه؛ لأنّ «نعم» إيجاب واعتراف، و«إنّ» تحقيق وإثبات، فلتضارعهما في المعنى حُمِلَتْ «إنّ» على «نعم»)، وقال ابن جِنّي في «اللّمع»: (وتكون «إنَّ» بمعنى «نَعَم» فلا تقتضي اسماً ولا خبراً).
وقال أبو جعفر النحّاس في «إعراب القرآن»: (وحكى سيبويه: أنّ «إنّ» تأتي بمعنى أجل)، ثمّ ذكر روايةً وفيها أنّ النبيّ كان يبتدأ خطبه بقول: (إنّ الحمدُ لله..)، ثم نقل عن عمير بن المتوكّل أنّه قال: (إعرابه عند أهل العربية في النّحو «إنّ الحمد لله» بالنّصب، إلّا أنّ العرب تجعل «إنّ» في معنى «نعم»، كأنّه أراد: «نعم الحمد لله »، وذلك أنّ خطباء الجاهلية كانت تفتتح في خطبتها بـ«نعم»).
وممّا وقع على هذا النّحو من أشعار العرب قول الشّاعر:
قالوا غَدَرْتَ فقلتُ «إنّ» ورُبّما ** نال العُلا وشَفَى الغليلَ الغَادِرُ
ومنه أيضاً ما حُكِي عن بعض الأعراب:
فقلتُ سلامٌ قُلْنَ «إنّ» ورحمةٌ ** عليكَ فقد حان الذين تراقب
الوجه الثّاني: أنّ هذه لغةٌ معروفةٌ عند بعض العرب من بني الحارث وبني الهُجيم وبني العنبر وزبيد وعذرة ومراد وخثعم وكنانة، وقد سُمعت من العرب، وحكاها أئمّة اللّغة، والمحكيّ عنهم أنّهم يجرون التثنية في الرّفع والنصب والجرّ على نفس الوجه، قال أبو إسحاق الزجّاج في «معاني القرآن وإعرابه»: (وأمّا الاحتجاج في «إنّ هذان» بتشديد «إنّ» ورفع «هذان» فحكى أبو عبيدة عن أبي الخطّاب -وهو رأس من رؤساء الرواة- أنها لغةٌ لكِنَانةَ، يجعلون ألف الاثنين في الرّفع والنّصب والخفض على لفظٍ واحدٍ، يقولون: «أتاني الزّيدان»، و«رأيتُ الزّيدان»، و«مررتُ بالزيدان»، وهؤلاء ينشدون:
فأطرقَ إطراقَ الشُّجاعِ ولو رأى ** مساغاً لنابَاهُ الشُّجاع لصمَّما
وهؤلاء أيضاً يقولون: «ضربتُه بين أذناه»، و«مَنْ يشتري مِنِّي الخُفَّانِ؟»، وكذلك روى أهل الكوفة أنّها لغةٌ لبني الحارث بن كعب).
وممّا وقع على هذا النّحو من أشعارهم قول الشّاعر:
إنّ أباها وأبا أباها ** قد بلغا في المجد غايتاها
وقول الشّاعر:
واهاً لسلمى ثم واهاً واها ** يا ليتَ عيناها لنا وفَاهَا
وموضع الخلخال من رجلاها ** بثمنٍ نُرضِي به أباها
وقول الشّاعر:
تزوّدَ منّا بين أذناه ضربةً ** دعتْهُ إلى هابي التُّراب عقيم
وقول الشّاعر:
فإنّ بجنبا سَحْبَلٍ ومضيقه ** مراق دمٍ لن يبرح الدَّهرَ ثاويا
وهذا الوجه من أجود الوجوه، وهو مبنيٌّ على أنّ القرآن قد جرى في بعض الكلمات على بعض لغات العرب، وهذا القول له شواهده المفصَّلة في موضعها.
الوجه الثالث: أنّ اسم «إنّ» ضمير القِصّة وهو «ها» في كلمة «هذان»، وليست هاء التنبيه.
الوجه الرّابع: أنّ اسم «إنّ» ضمير الشّأن وهو محذوفٌ، وقوله: «هذان لساحران» في محل رفع خبر «إنّ».
مصباح الهداية
Video
الوجه الخامس: ما رُوي عن عائشة أنّ كتابة (هذان) من خطأ الكاتب، وما رُوي عن عثمان أنّ في القرآن لحناً ستقيمه العربُ بألسنتها، وهاتانِ من أخبار الآحاد التي لا تجدي في هذا الباب، فضلاً عن أنّ هاتين الرّوايتين ليس لهما حظّ من الاعتبار عند الشّيعة، ولم يرتضِهما أهل الحديث وغيرهم من أهل السنّة. قال إسماعيل بن محمّد الأصبهانيّ الملقّب بـ«قوّام السنّة» في كتابه «إعراب القرآن» بعد ذكر روايتي عائشة وعثمان: (وهذا الخبران لا يصحّحهما أهل النّظر).
وقال الفخر الرّازيّ في تفسيره: (أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدّفتين كلام الله تعالى وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحناً وغلطاً، فثبت فساد ما نُقِلَ عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما أنّ فيه لحناً وغلطاً).
💡تنبيه على جهالةٍ أخرى:
لا يخفى أنّ هذا المتكلّم جاهلٌ مفرط في الجهالة، وكأنّه أخذ على نفسه عهداً أن يفضح جهله عند المخالف والمؤالف، فإنّه قد زعم أنّ كتاب «نهج البلاغة» للشّريف الرّضيّ معتبرٌ عند المسلمين بما فيهم أهل السنّة، وهذا أيضاً من هوان الدّهر أن يتصدّى للتحدّث باسم التشيّع من لا يميّز بين الكتب عند الفِرَق، فإنّ من أوضح الواضحات عند من علم طرفاً من علوم الحديث عند العامّة أنّ كتاب «نهج البلاغة» غير معتبرٍ عندهم كافّة، فإنّ مؤلّفه ليس موثّقاً عندهم، كما أنّ متونه غير مسندة، ولم يعدّه أحد من مصادر الحديث المعتبرة لديهم، بل إنّ بعضهم قد أفرط وبالغ فادّعى أنّ خطبه من اختلاق الشريف الرضيّ رحمه الله، فكيف يُقال إنّ كتاب «نهج البلاغة» كتاب سنّي شيعي؟! وهل هذا إلّا حُمقٌ وقلّة حياءٍ من العلم وأهله؟! ولا عجب أن يكون القريشيّ بمثل هذا المستوى من الانحطاط المعرفيّ؛ فإنّه إلى الخصيبيّ وأمثاله أميل، والخصيبيّ يشبهه في الجهل بالحديث والتاريخ وعلوم القرآن وغير ذلك، ولقد أجاد القائل:
وكُلُّ شكلٍ لشكله إلْفٌ ** أمَا ترى الفيلَ يألَفُ الفِيْلا
نسأل الله أن يعيذنا من الجهل وأهله، إنّه سميعٌ مجيبٌ.
وقال الفخر الرّازيّ في تفسيره: (أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدّفتين كلام الله تعالى وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحناً وغلطاً، فثبت فساد ما نُقِلَ عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما أنّ فيه لحناً وغلطاً).
💡تنبيه على جهالةٍ أخرى:
لا يخفى أنّ هذا المتكلّم جاهلٌ مفرط في الجهالة، وكأنّه أخذ على نفسه عهداً أن يفضح جهله عند المخالف والمؤالف، فإنّه قد زعم أنّ كتاب «نهج البلاغة» للشّريف الرّضيّ معتبرٌ عند المسلمين بما فيهم أهل السنّة، وهذا أيضاً من هوان الدّهر أن يتصدّى للتحدّث باسم التشيّع من لا يميّز بين الكتب عند الفِرَق، فإنّ من أوضح الواضحات عند من علم طرفاً من علوم الحديث عند العامّة أنّ كتاب «نهج البلاغة» غير معتبرٍ عندهم كافّة، فإنّ مؤلّفه ليس موثّقاً عندهم، كما أنّ متونه غير مسندة، ولم يعدّه أحد من مصادر الحديث المعتبرة لديهم، بل إنّ بعضهم قد أفرط وبالغ فادّعى أنّ خطبه من اختلاق الشريف الرضيّ رحمه الله، فكيف يُقال إنّ كتاب «نهج البلاغة» كتاب سنّي شيعي؟! وهل هذا إلّا حُمقٌ وقلّة حياءٍ من العلم وأهله؟! ولا عجب أن يكون القريشيّ بمثل هذا المستوى من الانحطاط المعرفيّ؛ فإنّه إلى الخصيبيّ وأمثاله أميل، والخصيبيّ يشبهه في الجهل بالحديث والتاريخ وعلوم القرآن وغير ذلك، ولقد أجاد القائل:
وكُلُّ شكلٍ لشكله إلْفٌ ** أمَا ترى الفيلَ يألَفُ الفِيْلا
نسأل الله أن يعيذنا من الجهل وأهله، إنّه سميعٌ مجيبٌ.