ملاحظات نقديّة على كتاب «الموروث الروائي بين النشأة والتأثير»
في عام (2014) صدر أول كتب السيّد كمال الحيدري فيما يتعلّق بنقد التراث الروائيّ، وفي عام (2015) كنتُ قد قرأت أول كتبه وهو (الموروث الروائي بين النشأة والتأثير)، وحيثُ إنَّ الكتاب مليءٌ بالأغلاط والمُبالغات، لم أرَ فائدةً في تناوله بأكمله لعدم استحقاقه ذلك، ولكنّي رأيتُ أنّ أعلق على الأمور الواضحة فيه، فيما يتعلّق بالمنهج أولاً، وبعض التطبيقات العمليّة بالنسبة للروايات التي رماها بالوضع، فكانت حصلية الملاحظات (7) مقالات، وهذا تعريفٌ مختصر بمحتواها، مع الروابط:
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الأولى)
المحتوى: نقد منهجيّة الكتاب، بيان أوهام السيّد الحيدري في شأن الصحيفتين المنسوبتين لعبد الله بن عمرو بن العاص.
الرابط: https://goo.gl/h14jtE
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الثّانية)
المحتوى: نقد دعوى وضع حديث «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
الرابط: https://goo.gl/m23kAx
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الثالثة)
المحتوى: نقد كلام الشيخ طلال الحسن - مقرر كتاب السيد - في أنّ ابن كثير اتّهم ابن العاص في الحديث.
الرابط: https://goo.gl/nYFk4r
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الرابعة)
المحتوى: نقد فكرة تأثر أصحاب الكتب الأربعة بمؤلفي الصحيحين في تبويب الكتب وترتيبها.
الرابط: https://goo.gl/hji68v
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الخامسة)
المحتوى: بيان منهج وجهود الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم والسفراء الأربعة والعلماء في صيانة الحديث وتنقيته، نقد دعوى السيد الحيدري حول احصاءات محققي أهل السنة للكثير من الأحاديث الموضوعة في مسند أحمد بن حنبل وبيان مبالغته.
الرابط: https://goo.gl/7ELWDt
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة السادسة)
المحتوى: نقد دعوى السيد أن لا قائل بصحة الكتب الأربعة في مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، نقد دعوى السيد أن أحاديث التختم باليسار مكذوبة.
الرابط: https://goo.gl/uAGvDW
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة السابعة)
المحتوى: نقد دعوى كذب روايات صلاة الأئمة (عليهم السلام) خلف الظالمين، نقد ما نسبه السيد الحيدري للعلامة الحلي في رأيه حول كتاب سليم.
الرابط: https://goo.gl/qtaf1R
في عام (2014) صدر أول كتب السيّد كمال الحيدري فيما يتعلّق بنقد التراث الروائيّ، وفي عام (2015) كنتُ قد قرأت أول كتبه وهو (الموروث الروائي بين النشأة والتأثير)، وحيثُ إنَّ الكتاب مليءٌ بالأغلاط والمُبالغات، لم أرَ فائدةً في تناوله بأكمله لعدم استحقاقه ذلك، ولكنّي رأيتُ أنّ أعلق على الأمور الواضحة فيه، فيما يتعلّق بالمنهج أولاً، وبعض التطبيقات العمليّة بالنسبة للروايات التي رماها بالوضع، فكانت حصلية الملاحظات (7) مقالات، وهذا تعريفٌ مختصر بمحتواها، مع الروابط:
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الأولى)
المحتوى: نقد منهجيّة الكتاب، بيان أوهام السيّد الحيدري في شأن الصحيفتين المنسوبتين لعبد الله بن عمرو بن العاص.
الرابط: https://goo.gl/h14jtE
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الثّانية)
المحتوى: نقد دعوى وضع حديث «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
الرابط: https://goo.gl/m23kAx
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الثالثة)
المحتوى: نقد كلام الشيخ طلال الحسن - مقرر كتاب السيد - في أنّ ابن كثير اتّهم ابن العاص في الحديث.
الرابط: https://goo.gl/nYFk4r
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الرابعة)
المحتوى: نقد فكرة تأثر أصحاب الكتب الأربعة بمؤلفي الصحيحين في تبويب الكتب وترتيبها.
الرابط: https://goo.gl/hji68v
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة الخامسة)
المحتوى: بيان منهج وجهود الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم والسفراء الأربعة والعلماء في صيانة الحديث وتنقيته، نقد دعوى السيد الحيدري حول احصاءات محققي أهل السنة للكثير من الأحاديث الموضوعة في مسند أحمد بن حنبل وبيان مبالغته.
الرابط: https://goo.gl/7ELWDt
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة السادسة)
المحتوى: نقد دعوى السيد أن لا قائل بصحة الكتب الأربعة في مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، نقد دعوى السيد أن أحاديث التختم باليسار مكذوبة.
الرابط: https://goo.gl/uAGvDW
الموروث الروائي بين الحقيقة ووهم النقد العلمي - (الحلقة السابعة)
المحتوى: نقد دعوى كذب روايات صلاة الأئمة (عليهم السلام) خلف الظالمين، نقد ما نسبه السيد الحيدري للعلامة الحلي في رأيه حول كتاب سليم.
الرابط: https://goo.gl/qtaf1R
البحثُ عن الشهرة، في ميزان أهل البيت (عليهم السلام)
1. روى ثقة الإسلام الكليني بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (طوبى لعبدٍ نُوَمَة، عَرِفه اللهُ ولم يعرفه الناس، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة، ليسوا بالمذاييع البذر ولا بالجفاة المرائين).
2. وروى أيضاً بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام): (طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفهم في الظاهر ولم يعرفوه في الباطن).
فكم يفوِّتُ طالبُ الشهرة من الأجر، الساعي خلفها، وهو كالطبل الفارغ، كثيرٌ ضجيجه، فارغٌ جوفه؟!
والأخطرُ من ذلك أن يكون طلبُ الشهرة بوقع ضجيج تحطيم أسوار الدين، وتكسير أوتاد الشريعة، والسعي بالباطل للباطل.. نعوذُ بالله من الفتنة في ديننا.
1. روى ثقة الإسلام الكليني بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (طوبى لعبدٍ نُوَمَة، عَرِفه اللهُ ولم يعرفه الناس، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة، ليسوا بالمذاييع البذر ولا بالجفاة المرائين).
2. وروى أيضاً بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام): (طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه، ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفهم في الظاهر ولم يعرفوه في الباطن).
فكم يفوِّتُ طالبُ الشهرة من الأجر، الساعي خلفها، وهو كالطبل الفارغ، كثيرٌ ضجيجه، فارغٌ جوفه؟!
والأخطرُ من ذلك أن يكون طلبُ الشهرة بوقع ضجيج تحطيم أسوار الدين، وتكسير أوتاد الشريعة، والسعي بالباطل للباطل.. نعوذُ بالله من الفتنة في ديننا.
ظُلمُ المحدثين ورواةِ الأحاديثِ لأميرِ المؤمنينَ علي بن أبي طالب (عليه السّلام)
قالَ المؤرخ السني ابنُ قتيبةَ الدينوريّ (ت: 276 هجريّة):
[وتحامى كثيرٌ مِنَ المحدثين أن يحدثوا بفضائله كرم الله وجهه أو أن يظهروا ما يجب له، وكل تلك الأحاديث لها مخارج صحاح، وجعلوا ابنه الحسين عليه السلام خارجياً شاقاً لعصا المسلمين حلال الدم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج على أمتي وهم جميع فاقتلوه كائناً من كان) وسووا بينه في الفضل وبين أهل الشورى؛ لأن عمر لو تبين له فضله لقدمه عليهم ولم يجعل الأمر شورى بينهم، وأهملوا مَنْ ذكره أو روى حديثاً من فضائله، حتى تحامى كثيرٌ من المحدثين أن يتحدثوا بها وعنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص ومعاوية كأنهم لا يريدونها بذلك وإنما يريدونه، فإن قال قائل: «أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وأبو سبطيه الحسن والحسين وأصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين» تمعرت الوجوه وتنكرت العيون وطَرَّت حسائك الصدور، وإن ذكر ذاكرٌ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه» و «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وأشباه هذا التمسوا لتلك الأحاديث المخارج لينتقصوه ويبخسوه حقه بغضاً منهم للرافضة وإلزاماً لعلي عليه السلام بسببهم ما لا يلزمه وهذا هو الجهل بعينه].
المصدر: الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة، ص54 - 56، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، الناشر: دار الراية للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة الأولى - 1412 هـ/ 1991م.
قالَ المؤرخ السني ابنُ قتيبةَ الدينوريّ (ت: 276 هجريّة):
[وتحامى كثيرٌ مِنَ المحدثين أن يحدثوا بفضائله كرم الله وجهه أو أن يظهروا ما يجب له، وكل تلك الأحاديث لها مخارج صحاح، وجعلوا ابنه الحسين عليه السلام خارجياً شاقاً لعصا المسلمين حلال الدم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج على أمتي وهم جميع فاقتلوه كائناً من كان) وسووا بينه في الفضل وبين أهل الشورى؛ لأن عمر لو تبين له فضله لقدمه عليهم ولم يجعل الأمر شورى بينهم، وأهملوا مَنْ ذكره أو روى حديثاً من فضائله، حتى تحامى كثيرٌ من المحدثين أن يتحدثوا بها وعنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص ومعاوية كأنهم لا يريدونها بذلك وإنما يريدونه، فإن قال قائل: «أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وأبو سبطيه الحسن والحسين وأصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين» تمعرت الوجوه وتنكرت العيون وطَرَّت حسائك الصدور، وإن ذكر ذاكرٌ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه» و «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وأشباه هذا التمسوا لتلك الأحاديث المخارج لينتقصوه ويبخسوه حقه بغضاً منهم للرافضة وإلزاماً لعلي عليه السلام بسببهم ما لا يلزمه وهذا هو الجهل بعينه].
المصدر: الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة، ص54 - 56، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، الناشر: دار الراية للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة الأولى - 1412 هـ/ 1991م.
💡المعضلة الكبرى: العلم بدون أخلاق
بلا شكٍّ، إنَّ العالِمَ قد مُدِحَ مدحاً عظيماً في القرآن الكريم وعلى لسان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلّا أنّ هذا المدح ليس ناظراً إلى مجرّد العالِم بما هو حاوية للمعلومات، وإنما يأتي المدحُ له من جهة أخرى تتمثل في جانبين:
1. الجانب الذاتي: وهو احتواؤه على الفضيلة الأخلاقيّة والسلوكيّة.
2. الجانب العملي: وهو وقيامه بمهمّة الهداية التي هي وظيفته الشرعية.
وإلا فإنّه يمكن لشخصٍ جامعٍ للمعلومات وقادرٍ على فهمها وبيانها أن يكون من أعلام الضلال والفتنة إن لم يُهذِّب نفسه، ونحن اليوم نرى تجارب متعددة، توفّروا على سبل العلم ومنابعه وأحاطوا ببعضه، إلا أنَّهم ولسوء أخلاقهم أصبحوا ممن يشغل الناس بالفتن بل ويضرّ دينهم بنار الفتنة، وزادوا فوق ذلك أنهم عصوا الله في خصومهم، وزادهم النصح غيّاً والإشفاق غروراً، وهذا ديدن المتكبّر الذي لا خير في علمه، فإنّ من أهمّ أخلاقيات العالم (التواضع)، روي عن المسيح (عليه السلام): (بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر)، وهذا يعني أنَّ نسبة التواضع للعلم كنسبة الماء للأشجار، فإن المتعلم الغارق في غروره وكبريائه لا يثمرُ علماً ولا يبقى له أثرٌ وإن امتلك المال والإعلام، وهذه سنة الله في العالمين:
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).
بلا شكٍّ، إنَّ العالِمَ قد مُدِحَ مدحاً عظيماً في القرآن الكريم وعلى لسان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلّا أنّ هذا المدح ليس ناظراً إلى مجرّد العالِم بما هو حاوية للمعلومات، وإنما يأتي المدحُ له من جهة أخرى تتمثل في جانبين:
1. الجانب الذاتي: وهو احتواؤه على الفضيلة الأخلاقيّة والسلوكيّة.
2. الجانب العملي: وهو وقيامه بمهمّة الهداية التي هي وظيفته الشرعية.
وإلا فإنّه يمكن لشخصٍ جامعٍ للمعلومات وقادرٍ على فهمها وبيانها أن يكون من أعلام الضلال والفتنة إن لم يُهذِّب نفسه، ونحن اليوم نرى تجارب متعددة، توفّروا على سبل العلم ومنابعه وأحاطوا ببعضه، إلا أنَّهم ولسوء أخلاقهم أصبحوا ممن يشغل الناس بالفتن بل ويضرّ دينهم بنار الفتنة، وزادوا فوق ذلك أنهم عصوا الله في خصومهم، وزادهم النصح غيّاً والإشفاق غروراً، وهذا ديدن المتكبّر الذي لا خير في علمه، فإنّ من أهمّ أخلاقيات العالم (التواضع)، روي عن المسيح (عليه السلام): (بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر)، وهذا يعني أنَّ نسبة التواضع للعلم كنسبة الماء للأشجار، فإن المتعلم الغارق في غروره وكبريائه لا يثمرُ علماً ولا يبقى له أثرٌ وإن امتلك المال والإعلام، وهذه سنة الله في العالمين:
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).
💡مثلث النزعة الروحيّة: الأدب، الارتياض، العرفان الشرعيّ.
في ظل وجود موجة ميول روحيّة ملاحظَة عند شريحة واسعة من الناس، وفي ظل وجود من يرغب بتوظيف هذه الميول لأطر أيدلوجيّة معيّنة وأحياناً لمنافع ماديّة وغير ذلك، ينبغي أن نلحظُ ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الميل لمطالعة متون الأدب العرفاني من أشعار وروايات أدبيّة، وهذا الجانب يُستغلّ لتمرير أفكار منافية للضرورات الدينية أحياناً، كما هو الحال في رواية إليف شافاق المعروفة، والتعامل الصحيح مع هذه الحالة أن يكون الاتصال بالأدب الصوفي والعرفاني في مجال التذوق الفنيّ لا أكثر، وعدم إخراج الأدب من سياقه الفني إلى سياقٍ أيدلوجيّ وفكريّ.
الأمر الثاني: الارتياض الروحيّ، وهو جانب عملي ينزع للبحث عنه الشاعرون بالعطش المعنويّ، وحيث إنّ (دكاكين) العرفان متكاثرة، فإنّ بعضها لا يخلو من إشكالٍ شرعيِّ، ولأجل رغبة البعض في ممارسة السلوك الروحيّ، فإنهم لا يكادون يميزون بين الغثّ والسمين، فينخدعون ببعض الدجّالين والمشعوذين والبحث في الارتياض وطرقه وآثاره طويل، لكن ينبغي الاكتفاء بمعياره وهو الميزان الشرعي بمراجعة المختصين في استنباط الأحكام الشرعيّة، وإلا فإنّ بعض طرق الارتياض لا تنتهي إلى الله تبارك وتعالى بل إلى أحضان إبليس.
الأمر الثالث: العرفان الشرعي لا يتجاوز منهج أهل البيت (عليهم السلام) في قراءة القرآن والإكثار من الذكر والصلاة والصيام، ومجاهدة النفس وتربيتها على الصبر على الطاعات وعن المعاصي، ووجوهه الشرعيّة مفصّلة في العديد من كتب الأخلاق وتهذيب النفس والأعمال المستحبة، نسأل الله الوقاية من الزيغ والزلّة..
في ظل وجود موجة ميول روحيّة ملاحظَة عند شريحة واسعة من الناس، وفي ظل وجود من يرغب بتوظيف هذه الميول لأطر أيدلوجيّة معيّنة وأحياناً لمنافع ماديّة وغير ذلك، ينبغي أن نلحظُ ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الميل لمطالعة متون الأدب العرفاني من أشعار وروايات أدبيّة، وهذا الجانب يُستغلّ لتمرير أفكار منافية للضرورات الدينية أحياناً، كما هو الحال في رواية إليف شافاق المعروفة، والتعامل الصحيح مع هذه الحالة أن يكون الاتصال بالأدب الصوفي والعرفاني في مجال التذوق الفنيّ لا أكثر، وعدم إخراج الأدب من سياقه الفني إلى سياقٍ أيدلوجيّ وفكريّ.
الأمر الثاني: الارتياض الروحيّ، وهو جانب عملي ينزع للبحث عنه الشاعرون بالعطش المعنويّ، وحيث إنّ (دكاكين) العرفان متكاثرة، فإنّ بعضها لا يخلو من إشكالٍ شرعيِّ، ولأجل رغبة البعض في ممارسة السلوك الروحيّ، فإنهم لا يكادون يميزون بين الغثّ والسمين، فينخدعون ببعض الدجّالين والمشعوذين والبحث في الارتياض وطرقه وآثاره طويل، لكن ينبغي الاكتفاء بمعياره وهو الميزان الشرعي بمراجعة المختصين في استنباط الأحكام الشرعيّة، وإلا فإنّ بعض طرق الارتياض لا تنتهي إلى الله تبارك وتعالى بل إلى أحضان إبليس.
الأمر الثالث: العرفان الشرعي لا يتجاوز منهج أهل البيت (عليهم السلام) في قراءة القرآن والإكثار من الذكر والصلاة والصيام، ومجاهدة النفس وتربيتها على الصبر على الطاعات وعن المعاصي، ووجوهه الشرعيّة مفصّلة في العديد من كتب الأخلاق وتهذيب النفس والأعمال المستحبة، نسأل الله الوقاية من الزيغ والزلّة..
الحوض الممتلئ بالماء النّقي لا يتغيّر لونه إذا سقط فيه الحِبر الأسود، وذلك لأنَّ النقاء غالبٌ عليه، ولكن إذا كان مستوى الماء ضحلاً فإنّه سيكتسبُ لون الحبر الذي يسقطُ فيه، وكذلك الإنسان الممتلئ بالمعرفة النقيّة لا يمكن للأفكار السوداء والمشوّهة أن تطغى على كيانه الفكريّ؛ لأنّه حصَّنَ نفسه من الانفعال بالآخر، وامتلك المعيار المميز بين الحق والباطل، وهذه وظيفة الشباب المسلم أن يكون فاعلاً غير منفعلٍ، بعد التحلي بالمعرفة الصحيحة والأخلاق الحميدة على نهج أهل البيت (عليهم السلام)..
📜 «واسْتَعمِلْنِي بِما تَسْألُنِي غَداً عَنْهُ»..
يبين الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه الشريف ميزاناً للأفعال، يستطيع الإنسان أن يشخِّصَ من خلاله قيمة أعماله: هل هي نافعة أم لا؟ هل هي ضرورية أم ترفيّة؟ حيث يصبح «السؤال الأخروي» وما يترتب عليه من نتائج مصيرية هو الأساس الذي يمنح العمل قيمته، وبذلك يكون كل عمل ينتهي إلى الله تعالى هو عمل مرغوب ومطلوب؛ لأنه باب لنيل الرضا والرحمة الإلهية، أما الأعمال التي تنتهي إلى غايات بشرية ودنيوية فهي لا تحقق المطلوب، بل هي شَرَكٌ يسقط الإنسان في قيده الأبديّ، ليبقى سجين النفس المظلمة، ومن هنا ينبغي علينا تقييم كل عمل قبل الولوج فيه، لنتخيّر بين الارتقاء أو السقوط.
يبين الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه الشريف ميزاناً للأفعال، يستطيع الإنسان أن يشخِّصَ من خلاله قيمة أعماله: هل هي نافعة أم لا؟ هل هي ضرورية أم ترفيّة؟ حيث يصبح «السؤال الأخروي» وما يترتب عليه من نتائج مصيرية هو الأساس الذي يمنح العمل قيمته، وبذلك يكون كل عمل ينتهي إلى الله تعالى هو عمل مرغوب ومطلوب؛ لأنه باب لنيل الرضا والرحمة الإلهية، أما الأعمال التي تنتهي إلى غايات بشرية ودنيوية فهي لا تحقق المطلوب، بل هي شَرَكٌ يسقط الإنسان في قيده الأبديّ، ليبقى سجين النفس المظلمة، ومن هنا ينبغي علينا تقييم كل عمل قبل الولوج فيه، لنتخيّر بين الارتقاء أو السقوط.
رغم طول مدة إمامة الإمام علي بن محمد الهادي (صلوات الله عليه) إلا أنه لم تتوفر في زمانه مساحة واسعة للمناورة كما كان في عصر الإمامين الباقرين (عليهما السلام)، فقد كان التضييق والحَجْر والسجن والمراقبة مانعاً قوياً من الحركة الواسعة بين الشيعة، وهذا هو السبب الأول في تغييب شمس الإمامة بشكل كبير، ومع ذلك بقيت إمامته مرحلةً مهمة في الارتفاع بالمعارف الإلهية، ولو لم يكن لهذه الحقبة إلا «الزيارة الجامعة الكبيرة» لكفاها علواً وشرفاً، حيث بلغت هذه الزيارة عالي المقام في معرفة الإمام، وشكلت تطوراً ملحوظاً في هذا الباب، وأي شيء مؤثر كمعرفة الإمام في ارتقاء الإنسان المؤمن؟! ويبقى هذا الإنجاز في تلك الفترة المظلمة محفوظاً بعد أن كان باب معرفة الإمام مُضَيّقاً في العهود الأولى للتشيع، وبهذا يمكننا القول باطمئنان أن فترة إمامة الإمام الهادي (عليه السلام) كانت عهداً جديداً في الترقي في معرفة الإمام والولوج في عالم أسرار هذا الفضاء الواسع، وإن كنا نتحسر على فقدان الكثير من كنوز الإمامة لما لحق إمامنا الغريب المظلوم من سجن وتضييق وأذى.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمعرفة حجته، وأن يجعل ذلك مستقراً لا مستودعاً، بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين.
🏴 عظم الله لكم الأجر بشهادة الإمام أبي الحسن صلوات الله عليه..
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمعرفة حجته، وأن يجعل ذلك مستقراً لا مستودعاً، بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين.
🏴 عظم الله لكم الأجر بشهادة الإمام أبي الحسن صلوات الله عليه..
💡حربٌ نفسيةٌ على النهي عن المنكر..
لم أعثر في يومٍ من حياتي على متديِّنٍ متشرّعٍ يُكفِّرُ النّاسَ لأجل مخالفةٍ شرعيّة مهما كان عظم جنايتها، ولم أجد من يرتّب آثارَ الكفرِ على مخالفي الأحكام الشرعية أو الآداب الإسلامية.
وخلال تصدّي المؤمنين للنهي عن المنكر توجد ألعوبة يُخوَّفُ بها الناهون عن المنكر على قاعدة: (الهجوم خيرُ وسيلةٍ للدفاع)، فترى بعض المدافعين عن العُصاة أو مخالفي الأدب العُرفيّ والشرعي يقولون لأصحابهم: (الآن يأتيكَ من يكفّرك).. (ربما يسلّون عليك سيوفهم)، .. ومن هذا القبيل، حيث يتم تصوير الناهي عن المنكر على أنّه «داعشيّ»، والهدفُ من هذا إيجاد رادعٍ نفسيٍّ في قلوب الناهين عن المنكر، فبدلاً من أن يستمروا في القيام بمهمّةٍ هي من أشرف ما كلّف الأنبياء أتباعهم بها، يرون أنفسهم مضطرين لنفي تهمة التكفير واستحلال القتل، مع أنّ هذه كذبة باردة لا أصل لها؛ لأن معظم الناهين عن المنكر مقيّدون بفتاوى الفقهاء الذين يرسمون حدوداً متينة بين الإنسان المسلم والوقوع في التكفير وغيره، ولكن أصبحت هذه التهمة حرباً نفسيةً لإضعاف موقف أولئك الطيبين الذين أخذتهم الغيرة على الدين وما تبقى فينا من إنسانيّة .. ينبغي لهؤلاء أن لا يضعف موقفهم بسبب تلك اللغة، فهذه لغة يمكن أن نضعها تحت عنوان: الإرهاب الفكريّ في مواجهة النهي عن المنكر وتجاوز الآداب الإسلاميّة الراقية..
لم أعثر في يومٍ من حياتي على متديِّنٍ متشرّعٍ يُكفِّرُ النّاسَ لأجل مخالفةٍ شرعيّة مهما كان عظم جنايتها، ولم أجد من يرتّب آثارَ الكفرِ على مخالفي الأحكام الشرعية أو الآداب الإسلامية.
وخلال تصدّي المؤمنين للنهي عن المنكر توجد ألعوبة يُخوَّفُ بها الناهون عن المنكر على قاعدة: (الهجوم خيرُ وسيلةٍ للدفاع)، فترى بعض المدافعين عن العُصاة أو مخالفي الأدب العُرفيّ والشرعي يقولون لأصحابهم: (الآن يأتيكَ من يكفّرك).. (ربما يسلّون عليك سيوفهم)، .. ومن هذا القبيل، حيث يتم تصوير الناهي عن المنكر على أنّه «داعشيّ»، والهدفُ من هذا إيجاد رادعٍ نفسيٍّ في قلوب الناهين عن المنكر، فبدلاً من أن يستمروا في القيام بمهمّةٍ هي من أشرف ما كلّف الأنبياء أتباعهم بها، يرون أنفسهم مضطرين لنفي تهمة التكفير واستحلال القتل، مع أنّ هذه كذبة باردة لا أصل لها؛ لأن معظم الناهين عن المنكر مقيّدون بفتاوى الفقهاء الذين يرسمون حدوداً متينة بين الإنسان المسلم والوقوع في التكفير وغيره، ولكن أصبحت هذه التهمة حرباً نفسيةً لإضعاف موقف أولئك الطيبين الذين أخذتهم الغيرة على الدين وما تبقى فينا من إنسانيّة .. ينبغي لهؤلاء أن لا يضعف موقفهم بسبب تلك اللغة، فهذه لغة يمكن أن نضعها تحت عنوان: الإرهاب الفكريّ في مواجهة النهي عن المنكر وتجاوز الآداب الإسلاميّة الراقية..
وهم النهضة، حقيقة كتاب «عقائد الإمامية بين الأصيل والدخيل»
هذا الملف يعرض حقيقةَ مزاعم النهضة التي يطلقها محمد حسين ترحيني مع تقمصه لباس البحث العلمي والتحقيق والتنوير، وذلك عبر تبيين جزء صغير من السرقات والمخالفات العلمية التي ارتكبها، حيث أغار على كتب غيره ونسخ منها ما شاء ولصق دون أن ينسب تلك المطالب لأصحابها، ثم قدم نفسه بعنوان المحقق والباحث، وأخذ الإعلامي يحيى أبو زكريا بالترويج له ولكتابه وكأنه محقق خبير في شأن التراث الإسلامي، وهنا اليوم نقف وقفة علمية بعيداً عن المسائل الشخصية، لنقيّم دعاوى ترحيني وفق منطق وأسس البحث العلمي وأخلاقياته..
رابط التحميل (ميديا فاير):
https://bit.ly/2GUOJP7
رابط التحميل (جوجل درايف):
https://goo.gl/GLq2nK
ولتحميله من قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/mesbah_qom/93
...
#وهم_النهضة
#الخميس_موعدكم
هذا الملف يعرض حقيقةَ مزاعم النهضة التي يطلقها محمد حسين ترحيني مع تقمصه لباس البحث العلمي والتحقيق والتنوير، وذلك عبر تبيين جزء صغير من السرقات والمخالفات العلمية التي ارتكبها، حيث أغار على كتب غيره ونسخ منها ما شاء ولصق دون أن ينسب تلك المطالب لأصحابها، ثم قدم نفسه بعنوان المحقق والباحث، وأخذ الإعلامي يحيى أبو زكريا بالترويج له ولكتابه وكأنه محقق خبير في شأن التراث الإسلامي، وهنا اليوم نقف وقفة علمية بعيداً عن المسائل الشخصية، لنقيّم دعاوى ترحيني وفق منطق وأسس البحث العلمي وأخلاقياته..
رابط التحميل (ميديا فاير):
https://bit.ly/2GUOJP7
رابط التحميل (جوجل درايف):
https://goo.gl/GLq2nK
ولتحميله من قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/mesbah_qom/93
...
#وهم_النهضة
#الخميس_موعدكم
إيضاح
يُطرح سؤالٌ: لماذا لم نناقش شبهات ترحيني واكتفينا ببيان سرقاته وعدم التزامه بالأمانة العلمية وإكثاره للنسخ واللصق في كتابه بحيث صادر جهود الآخرين.
وهنا أحب أن أكتب توضيحاً مختصراً:
أولاً: الإخوة لم يقدّموا كل ما لديهم، وهذا جُزءٌ من نشاطهم، وسيعرضون بعض الأمور العلمية التي تتعلق بكتابه من جهة الإشكالات وغيرها، فضلاً عن تناول الشبهات التي تطرح بالساحة عموماً.
ثانياً: ليس من الصواب أن تتم مناقشة ترحيني فيما (جمّع) من كتب الآخرين ونسبه لنفسه؛ لأننا إن شئنا الردّ بشكل مختصر أو وافٍ فإننا سنناقش من نقلَ عنهم، ومجرد نسخه ولصقه لا يُعطيه شأنيّة (الباحث) بحيث نلتفت إلى ما يقول، ونعدّه في عداد الباحثين والمحققين الذين يجوز الالتفات إليهم، فمثله ينبغي إهمال ما يقول، وحينها نرد على الشبهات من المصادر الأصلية التي نقل عنها، وإلّا فإنّ القول بضرورة مناقشة كتابه المليء بالنسخ واللصق يفتح الباب لكل من هبّ ودبّ لينسخ عن (قوقل) وما يجده من كتبٍ ثم يأتي للناس ويقول: هيا، ناقشوني فيما نسختُ وسرقتُ، وإلا فأنتم جهلة ولا تعلمون شيئاً.
----------
وهم النهضة، حقيقة كتاب «عقائد الإمامية بين الأصيل والدخيل»
هذا الملف يعرض حقيقةَ مزاعم النهضة التي يطلقها محمد حسين ترحيني مع تقمصه لباس البحث العلمي والتحقيق والتنوير، وذلك عبر تبيين جزء صغير من السرقات والمخالفات العلمية التي ارتكبها، حيث أغار على كتب غيره ونسخ منها ما شاء ولصق دون أن ينسب تلك المطالب لأصحابها، ثم قدم نفسه بعنوان المحقق والباحث، وأخذ الإعلامي يحيى أبو زكريا بالترويج له ولكتابه وكأنه محقق خبير في شأن التراث الإسلامي، وهنا اليوم نقف وقفة علمية بعيداً عن المسائل الشخصية، لنقيّم دعاوى ترحيني وفق منطق وأسس البحث العلمي وأخلاقياته..
رابط التحميل (ميديا فاير):
https://bit.ly/2GUOJP7
رابط التحميل (جوجل درايف):
https://goo.gl/GLq2nK
ولتحميله من قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/mesbah_qom/93
...
#وهم_النهضة
يُطرح سؤالٌ: لماذا لم نناقش شبهات ترحيني واكتفينا ببيان سرقاته وعدم التزامه بالأمانة العلمية وإكثاره للنسخ واللصق في كتابه بحيث صادر جهود الآخرين.
وهنا أحب أن أكتب توضيحاً مختصراً:
أولاً: الإخوة لم يقدّموا كل ما لديهم، وهذا جُزءٌ من نشاطهم، وسيعرضون بعض الأمور العلمية التي تتعلق بكتابه من جهة الإشكالات وغيرها، فضلاً عن تناول الشبهات التي تطرح بالساحة عموماً.
ثانياً: ليس من الصواب أن تتم مناقشة ترحيني فيما (جمّع) من كتب الآخرين ونسبه لنفسه؛ لأننا إن شئنا الردّ بشكل مختصر أو وافٍ فإننا سنناقش من نقلَ عنهم، ومجرد نسخه ولصقه لا يُعطيه شأنيّة (الباحث) بحيث نلتفت إلى ما يقول، ونعدّه في عداد الباحثين والمحققين الذين يجوز الالتفات إليهم، فمثله ينبغي إهمال ما يقول، وحينها نرد على الشبهات من المصادر الأصلية التي نقل عنها، وإلّا فإنّ القول بضرورة مناقشة كتابه المليء بالنسخ واللصق يفتح الباب لكل من هبّ ودبّ لينسخ عن (قوقل) وما يجده من كتبٍ ثم يأتي للناس ويقول: هيا، ناقشوني فيما نسختُ وسرقتُ، وإلا فأنتم جهلة ولا تعلمون شيئاً.
----------
وهم النهضة، حقيقة كتاب «عقائد الإمامية بين الأصيل والدخيل»
هذا الملف يعرض حقيقةَ مزاعم النهضة التي يطلقها محمد حسين ترحيني مع تقمصه لباس البحث العلمي والتحقيق والتنوير، وذلك عبر تبيين جزء صغير من السرقات والمخالفات العلمية التي ارتكبها، حيث أغار على كتب غيره ونسخ منها ما شاء ولصق دون أن ينسب تلك المطالب لأصحابها، ثم قدم نفسه بعنوان المحقق والباحث، وأخذ الإعلامي يحيى أبو زكريا بالترويج له ولكتابه وكأنه محقق خبير في شأن التراث الإسلامي، وهنا اليوم نقف وقفة علمية بعيداً عن المسائل الشخصية، لنقيّم دعاوى ترحيني وفق منطق وأسس البحث العلمي وأخلاقياته..
رابط التحميل (ميديا فاير):
https://bit.ly/2GUOJP7
رابط التحميل (جوجل درايف):
https://goo.gl/GLq2nK
ولتحميله من قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/mesbah_qom/93
...
#وهم_النهضة
في طريق آل محمد عليهم السلام..
إذا التزم المؤمن بتعاليم أئمة الهدى عليهم السلام وأراد الإقدام على عملٍ في خدمتهم، فإن من أهم الخصال التي ينبغي له أن يتمسك بها :
١. الإخلاص لله تعالى، بنفي إرادة العمل لقصد شيء آخر غيره تبارك وتعالى، وهذا يحتاج إلى جهاد نفس عظيم، ففي الخبر عن الصادق عليه السلام: «الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ».
٢. عدم الخوف مما سوى الله: وذلك أن الذي يجعل في قلبه خشيةَ غير الله، يصاب بالوهن، والسائر في طريق آل محمد عليهم السلام يحتاج إلى عزم إلهي، ينفي به كل خوفٍ من غير الله، وهذه من خصال الأنبياء والمرسلين: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا».. وبقاء الخوف من الله وحده بابٌ من أبواب القرب الإلهي، حيث يكون للعبد لطف خاص ينعم الله به عليه ويستعين به العبد في مجاهدته في سبيلهم، وفي الخبر عن الصادق عليه السلام: «مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَ شَيْءٍ وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ»، وهذه الرواية من أسرارهم الجليلة التي تحتاج إلى مزيد تأمل وعناية وفيها من اللطائف ما لا يخفى على أهل التدبر.
نسأل الله أن يجعلنا من العاملين المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم..
إذا التزم المؤمن بتعاليم أئمة الهدى عليهم السلام وأراد الإقدام على عملٍ في خدمتهم، فإن من أهم الخصال التي ينبغي له أن يتمسك بها :
١. الإخلاص لله تعالى، بنفي إرادة العمل لقصد شيء آخر غيره تبارك وتعالى، وهذا يحتاج إلى جهاد نفس عظيم، ففي الخبر عن الصادق عليه السلام: «الْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ».
٢. عدم الخوف مما سوى الله: وذلك أن الذي يجعل في قلبه خشيةَ غير الله، يصاب بالوهن، والسائر في طريق آل محمد عليهم السلام يحتاج إلى عزم إلهي، ينفي به كل خوفٍ من غير الله، وهذه من خصال الأنبياء والمرسلين: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا».. وبقاء الخوف من الله وحده بابٌ من أبواب القرب الإلهي، حيث يكون للعبد لطف خاص ينعم الله به عليه ويستعين به العبد في مجاهدته في سبيلهم، وفي الخبر عن الصادق عليه السلام: «مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَ شَيْءٍ وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ»، وهذه الرواية من أسرارهم الجليلة التي تحتاج إلى مزيد تأمل وعناية وفيها من اللطائف ما لا يخفى على أهل التدبر.
نسأل الله أن يجعلنا من العاملين المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم..
#يوم_المبعث
مما ينبغي تذاكره في يوم المبعث وصف أمير المؤمنين عليه السلام لسيد الأنبياء والمرسلين: «طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ»، وفي هذا عدة إشارات:
أولاً: إن القيام بوظيفة الهداية لا ينسجم مع الركون والجلوس لانتظار قدوم المرضى إلى الطبيب الروحي والمعنوي، فالتأسي الحقيقي هو أن يكون حامل الهدى في حالة نشاط وحركة دائمة لإخماد الباطل ونفيه، وإحقاق الحق وإعلائه، مع الارتفاع عن أوهام الاعتبارات والشأنيّة وغيرها من المثبطات عن التأسي بسيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله.
ثانياً: إن المصلح الإلهي لا يقتصر أسلوبه على اللطف واللين في مواجهة الباطل خلال إحياء القلوب وهدايتها، بل ينبغي أن يتصرف الهادي وفقاً للسلوك المناسب للحالة الماثلة بين يديه، فتارة «يحكم المراهم» واستعمال المراهم كناية عن الرفق واللين، وتارة أخرى «يُحْمِي المواسم» والميسم هو الذي يُكوىٰ به المريض بالنار، في إشارة إلى الغلظة والشدة في إقامة أمر الله، وما يردده بعضهم من اقتصار سيرة الأنبياء والأئمة والعلماء على المعاملة بالحسنى أمر تُكذّبه الدلائل الواضحة، وذلك أن إقامة الحق لا تستمر ولا تستقيم بالمداراة والليونة دائماً، وهذا التنويع بين الرفق والشدة هو المنهج النبوي في إحياء القلوب وتثبيت الحق.
وعملية الهداية بحسب الخطبة الشريفة عن أمير المؤمنين عليه السلام تستهدف إفناء (الغفلة) و(الحيرة) و(عدم الاستضاءة بأضواء الحكمة) في قلوب الناس، فهي عملية نقل من الجهل والاضطراب إلى الهداية والعلم والحكمة ونور البصيرة والاقتداء بالأئمة السالكين إلى الله.
أسعد الله أيامكم، وجعلنا وإياكم من الثابتين المتمسكين بشجرة النبوة المثمرة المونقة بضياء الإمامة .. 🌸❤️
مما ينبغي تذاكره في يوم المبعث وصف أمير المؤمنين عليه السلام لسيد الأنبياء والمرسلين: «طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ»، وفي هذا عدة إشارات:
أولاً: إن القيام بوظيفة الهداية لا ينسجم مع الركون والجلوس لانتظار قدوم المرضى إلى الطبيب الروحي والمعنوي، فالتأسي الحقيقي هو أن يكون حامل الهدى في حالة نشاط وحركة دائمة لإخماد الباطل ونفيه، وإحقاق الحق وإعلائه، مع الارتفاع عن أوهام الاعتبارات والشأنيّة وغيرها من المثبطات عن التأسي بسيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله.
ثانياً: إن المصلح الإلهي لا يقتصر أسلوبه على اللطف واللين في مواجهة الباطل خلال إحياء القلوب وهدايتها، بل ينبغي أن يتصرف الهادي وفقاً للسلوك المناسب للحالة الماثلة بين يديه، فتارة «يحكم المراهم» واستعمال المراهم كناية عن الرفق واللين، وتارة أخرى «يُحْمِي المواسم» والميسم هو الذي يُكوىٰ به المريض بالنار، في إشارة إلى الغلظة والشدة في إقامة أمر الله، وما يردده بعضهم من اقتصار سيرة الأنبياء والأئمة والعلماء على المعاملة بالحسنى أمر تُكذّبه الدلائل الواضحة، وذلك أن إقامة الحق لا تستمر ولا تستقيم بالمداراة والليونة دائماً، وهذا التنويع بين الرفق والشدة هو المنهج النبوي في إحياء القلوب وتثبيت الحق.
وعملية الهداية بحسب الخطبة الشريفة عن أمير المؤمنين عليه السلام تستهدف إفناء (الغفلة) و(الحيرة) و(عدم الاستضاءة بأضواء الحكمة) في قلوب الناس، فهي عملية نقل من الجهل والاضطراب إلى الهداية والعلم والحكمة ونور البصيرة والاقتداء بالأئمة السالكين إلى الله.
أسعد الله أيامكم، وجعلنا وإياكم من الثابتين المتمسكين بشجرة النبوة المثمرة المونقة بضياء الإمامة .. 🌸❤️
بشارة السماء (١)
المهدوية ومنهج الإشكال العلمي
عبر قرون متمادية، طرحت الفرق المخالفة للتشيع إشكالات كثيرة على الاعتقاد بالإمام الثاني عشر، ولا ينبغي أن يكون كم الإشكالات مفاجئاً للناظر، فالمسألة ليست بالكمّ، وإنما في الكيف ومدى ملائمة المنهج العلمي الذي تنبسط من خلاله وتتفرع منه.
والبديهي أن ليس كل هذه الإشكالات على ذات النسق من الجديّة والاهتمام، فالتساؤلات حول الأصل العقلي للإمامة أو الامتداد التاريخي لهذا الاعتقاد ربما تكون تساؤلات جادة، ولكن أن يتناول مسلمٌ مسألة طول عمر الإمام كإشكالٍ جاد فهنا تبدو العبثيّة في أجلى صورها، أو أن ينظر الباحث إلى الواقع ثم يحاول تصوير الفكرة المخالفة على أنها منقوضة به دون وجود دليل يرجّح، فهذا عبث أيضاً، ومنه ينكشف أن هذا المتكلم لا يملك سوى الادعاء وهو سهل! صناعة الإشكال ينبغي أن تكون منطلقة من الأصل العلمي المحكَم، لا بممارسة العبث وفرض استحسانات ظنية، فعلى سبيل المثال:
إن فكرة «المُخَلِّص» موجودة في الأديان السابقة.
فهنا تجد العبثي يطرح إشكالاً استحسانياً وهو أن فكرة المهدي مجرد إرث من خرافات الحضارات السابقة.
هل ترى هذا دليلاً؟! هل مجرد توغل الفكرة في التاريخ البشري يلازم كونها خرافة؟!
ولنفترض أن فكرة «المُخَلِّص» لم توجد من قبل، فهنا بنفس الرؤية الاستحسانية سيطرح إشكالاً: هل من المعقول أن مشروعاً إلهياً يمثل نعمة للبشرية وأوج السعادة الإنسانية لا يبشر الله به في كتبه السماوية كما بشّر بنبوة خاتم الأنبياء؟
فالمسألة عند أهل الاستحسان مجرد تقليب للكلام لا أكثر، ولا تستند إلى أصل برهاني يكون مائزاً بين الحق والباطل.
ومثال آخر: تعليل بعض المشككين بأن فكرة المهدوية نتجت عن الظلم الواقع على الشيعة، فإن هذا الاستدلال لا ينتج أمراً واقعياً ملموساً، فهو مجرد ربط ذهني لا أكثر، نظير شبهة الملحدين بأن فكرة الإله نتجت لخوف الإنسان من الطبيعة!
ومع ذلك يمكن أن يقال أيضاً: لعلم الله بأن الظلم سيعم الأرض، قضى الله بأن يكون إمام يملأ الأرض عدلاً، أليس هذا الاحتمال وجيهاً؟! ..
وهكذا، ينبغي علينا أن نفرّق بين الإشكال الاستحساني الذي يتعامل مع الوقائع كما لو أنها قطعة من الطين، يتصرف بها كيف يشاء، ثم يفترض أنها دليل حاسم، وبين الأدلة والبراهين الناتجة عن أصول علمية محضة.
إن الاعتقاد بالإمام المهدي أمرٌ ضارب بجذوره قبل ولادته، حيث كان متوغلاً في عمق الفكر الإمامي، وهذا ما سنذكر تفاصيل بيانه فيما يلي خلال الأيام المقبلة.
أسعد الله أيامكم بالأعياد الشعبانية المباركة ..❤️🌸
المهدوية ومنهج الإشكال العلمي
عبر قرون متمادية، طرحت الفرق المخالفة للتشيع إشكالات كثيرة على الاعتقاد بالإمام الثاني عشر، ولا ينبغي أن يكون كم الإشكالات مفاجئاً للناظر، فالمسألة ليست بالكمّ، وإنما في الكيف ومدى ملائمة المنهج العلمي الذي تنبسط من خلاله وتتفرع منه.
والبديهي أن ليس كل هذه الإشكالات على ذات النسق من الجديّة والاهتمام، فالتساؤلات حول الأصل العقلي للإمامة أو الامتداد التاريخي لهذا الاعتقاد ربما تكون تساؤلات جادة، ولكن أن يتناول مسلمٌ مسألة طول عمر الإمام كإشكالٍ جاد فهنا تبدو العبثيّة في أجلى صورها، أو أن ينظر الباحث إلى الواقع ثم يحاول تصوير الفكرة المخالفة على أنها منقوضة به دون وجود دليل يرجّح، فهذا عبث أيضاً، ومنه ينكشف أن هذا المتكلم لا يملك سوى الادعاء وهو سهل! صناعة الإشكال ينبغي أن تكون منطلقة من الأصل العلمي المحكَم، لا بممارسة العبث وفرض استحسانات ظنية، فعلى سبيل المثال:
إن فكرة «المُخَلِّص» موجودة في الأديان السابقة.
فهنا تجد العبثي يطرح إشكالاً استحسانياً وهو أن فكرة المهدي مجرد إرث من خرافات الحضارات السابقة.
هل ترى هذا دليلاً؟! هل مجرد توغل الفكرة في التاريخ البشري يلازم كونها خرافة؟!
ولنفترض أن فكرة «المُخَلِّص» لم توجد من قبل، فهنا بنفس الرؤية الاستحسانية سيطرح إشكالاً: هل من المعقول أن مشروعاً إلهياً يمثل نعمة للبشرية وأوج السعادة الإنسانية لا يبشر الله به في كتبه السماوية كما بشّر بنبوة خاتم الأنبياء؟
فالمسألة عند أهل الاستحسان مجرد تقليب للكلام لا أكثر، ولا تستند إلى أصل برهاني يكون مائزاً بين الحق والباطل.
ومثال آخر: تعليل بعض المشككين بأن فكرة المهدوية نتجت عن الظلم الواقع على الشيعة، فإن هذا الاستدلال لا ينتج أمراً واقعياً ملموساً، فهو مجرد ربط ذهني لا أكثر، نظير شبهة الملحدين بأن فكرة الإله نتجت لخوف الإنسان من الطبيعة!
ومع ذلك يمكن أن يقال أيضاً: لعلم الله بأن الظلم سيعم الأرض، قضى الله بأن يكون إمام يملأ الأرض عدلاً، أليس هذا الاحتمال وجيهاً؟! ..
وهكذا، ينبغي علينا أن نفرّق بين الإشكال الاستحساني الذي يتعامل مع الوقائع كما لو أنها قطعة من الطين، يتصرف بها كيف يشاء، ثم يفترض أنها دليل حاسم، وبين الأدلة والبراهين الناتجة عن أصول علمية محضة.
إن الاعتقاد بالإمام المهدي أمرٌ ضارب بجذوره قبل ولادته، حيث كان متوغلاً في عمق الفكر الإمامي، وهذا ما سنذكر تفاصيل بيانه فيما يلي خلال الأيام المقبلة.
أسعد الله أيامكم بالأعياد الشعبانية المباركة ..❤️🌸
بشارة السماء (٢)
الامتداد التاريخي لنصوص الإمامة
يعتبرُ بعض المشككين في نصوص إمامة الإمام الثاني عشر أن فكرة النص على اثني عشر إمام من جملة مخترعات زمن الغيبة، ومع أن هؤلاء لا يقدِّمون دليلاً واقعيَّاً محكماً على ذلك الادّعاء، نراهم يجازفون بإطلاق النتائج، وقبل الحديث عن نصوص الإمامة والغيبة وامتدادها التاريخي في كتب الشيعة في القرون الأولى، ينبغي أن نلقي نظرة مختصرة على أجواء الحديث في كتب أهل السنة، فنقول:
مما لا شك فيه أن حُفَّاظ الحديث من أهل السنة قد دوّنوا في كتبهم حديث النبي صلى الله عليه وآله في النص على أن الخلفاء اثنا عشر، كلهم من قريش، وهنا ملاحظات جديرة بالاهتمام:
١. إن هذا النص قد روي في كتب سنيّة قد أُلّفت قبل ولادة الإمام الثاني عشر، فقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده، وأبو داود وُلد سنة (١٣٣ هجرية) أي في زمن الصادق عليه السلام، ومات سنة (٢٠٤ هجرية) أي في بداية زمن إمامة الجواد عليه السلام.
وروى الحديث علي بن الجعد في مسنده، وعلي مات سنة (٢٣٣ هجرية) أي قبل زمن الغيبة بما يقارب (٢٧) سنة، مع التنبيه على أنه لم يكتب المسند في آخر سنة من عمره.
وروى الحديث أيضاً أحمد بن حنبل، الذي ولد سنة (١٦٤ هجرية) ومات سنة (٢٤١ هجرية) أي قبل شهادة الإمام الهادي عليه السلام بثلاثة عشر سنة.
وفي هذا السياق، ينبغي عد هذا الحديث من معاجز التشيع وبراهينه الساطعة، حيث رواه بأسانيد معتبرة من انتفت لديه دواعي الكذب، وكان غافلاً عن كون هذا الحديث حجة للشيعة الإمامية، وفي هذا يقول الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه):
(ويُلاحظ هنا أن البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري، وفي ذلك مغزى كبير؛ لأنه يبرهن على أن هذا الحديث قد سُجّل عن النبي قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمة الأثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له؛ لأن الأحاديث المزيفة التي تنسب إلى النبي، وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً، لا تسبق ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاساً له، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أن الحديث المذكور سبق التسلسل التأريخي للأئمة الاثني عشر، وضُبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أن هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع، وإنما تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن الهوى، فقال: إن الخلفاء من بعدي اثنا عشر. وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي، ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف) [انظر: بحث حول المهدي:٦٦-٦٧].
٢. يُلاحظ في متن الرواية أن نفس النص النبوي كان مثاراً للجدل بين الصحابة، حيث ارتفعت الأصوات وعلا الضجيج، إلى درجة أن الصحابي راوي الحديث (جابر بن سَمُرة) لم يسمع تمام الحديث من النبي صلى الله عليه وآله، بل استدرك بقية كلام النبي صلى الله عليه وآله بسؤال أبيه الذي كان حاضراً في المجلس، ويصف جابر المشهد قائلاً: (ثُمَّ قَالَ كَلِمةً أصمَّنِيْهَا النَّاسُ)، ما يعني أن الضجيج قد ارتفعَ من الحاضرين كردة فعل تجاه ما قاله النبي صلى الله عليه وآله حيث علت الأصوات إلى حد العجز عن الاستماع ما حدا بالصحابي ليعبّرَ عن شدة الضجيج بكونه كالأصم الذي لا يسمع، ما يكشف عن أن هذا النص ذو حساسيّةٍ شديدة بالنسبة لبعض الصحابة الأوائل، وأنه ليس إنباءً عن عدد معين لأشخاص عاديين،.. هذا المشهد جدير بالتأمل حقاً!
٣. تميّز هذا الحديث بالاختلاف الفاحش في تفسيره عند علماء الفرق الأخرى حيث اختار كل شارح رأياً مختلفاً، مع انعدام الضابطة التي على أساسها حدَّدَ كلُّ مفسِّرٍ مصاديقه، حتّى أن بعضهم أدخلَ يزيد بن معاوية فيهم كابن تيمية، مع إشارته إلى أن هؤلاء الاثني عشر قد بشّرت بهم التوراة، فقال: (وهؤلاء الاثنا عشر خليفة هم المذكورون في التوراة، حيث قال في بشارته بإسماعيل: «وسيلد اثني عشر عظيماً») [منهاج السنة: ٢٤١:٨] مع أن هذا التبرير غير مقنع، إذ كيف يبشر الله بالفسقة ومهلكي الحرث والنسل كالخلفاء الأمويين أمثال معاوية ويزيد؟!
ولعل فطرة اليهود في التعامل مع هذه البشارة كانت أنقى وأقوم من عقلية ابن تيمية الفاسدة، فقد كان المتشرفون بالإسلام من اليهود يختارون التشيع؛ لأنهم يرون أئمتنا (عليهم السلام) المصداق الأوفى للبشارة الإلهية في التوراة، وشهد على ذلك ابن تيمية نفسه فقال: (وكثير من اليهود إذا أسلم يتشيع؛ لأنه رأى في التوراة ذكر الاثني عشر) [منهاج السنة: ٢٤٢:٨].. فسبحان الله! كيف أعمى الهوى الأموي أمثال ابن تيمية إلى درجة أن يجعل خلفاء بني أمية ممن يبشر الله تعالى بهم منذ آلاف السنين، وكيف تبصّر اليهودي بحقيقة البشارة الإلهية في التوراة.
👇تكملة👇
الامتداد التاريخي لنصوص الإمامة
يعتبرُ بعض المشككين في نصوص إمامة الإمام الثاني عشر أن فكرة النص على اثني عشر إمام من جملة مخترعات زمن الغيبة، ومع أن هؤلاء لا يقدِّمون دليلاً واقعيَّاً محكماً على ذلك الادّعاء، نراهم يجازفون بإطلاق النتائج، وقبل الحديث عن نصوص الإمامة والغيبة وامتدادها التاريخي في كتب الشيعة في القرون الأولى، ينبغي أن نلقي نظرة مختصرة على أجواء الحديث في كتب أهل السنة، فنقول:
مما لا شك فيه أن حُفَّاظ الحديث من أهل السنة قد دوّنوا في كتبهم حديث النبي صلى الله عليه وآله في النص على أن الخلفاء اثنا عشر، كلهم من قريش، وهنا ملاحظات جديرة بالاهتمام:
١. إن هذا النص قد روي في كتب سنيّة قد أُلّفت قبل ولادة الإمام الثاني عشر، فقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده، وأبو داود وُلد سنة (١٣٣ هجرية) أي في زمن الصادق عليه السلام، ومات سنة (٢٠٤ هجرية) أي في بداية زمن إمامة الجواد عليه السلام.
وروى الحديث علي بن الجعد في مسنده، وعلي مات سنة (٢٣٣ هجرية) أي قبل زمن الغيبة بما يقارب (٢٧) سنة، مع التنبيه على أنه لم يكتب المسند في آخر سنة من عمره.
وروى الحديث أيضاً أحمد بن حنبل، الذي ولد سنة (١٦٤ هجرية) ومات سنة (٢٤١ هجرية) أي قبل شهادة الإمام الهادي عليه السلام بثلاثة عشر سنة.
وفي هذا السياق، ينبغي عد هذا الحديث من معاجز التشيع وبراهينه الساطعة، حيث رواه بأسانيد معتبرة من انتفت لديه دواعي الكذب، وكان غافلاً عن كون هذا الحديث حجة للشيعة الإمامية، وفي هذا يقول الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه):
(ويُلاحظ هنا أن البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري، وفي ذلك مغزى كبير؛ لأنه يبرهن على أن هذا الحديث قد سُجّل عن النبي قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمة الأثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له؛ لأن الأحاديث المزيفة التي تنسب إلى النبي، وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً، لا تسبق ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاساً له، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أن الحديث المذكور سبق التسلسل التأريخي للأئمة الاثني عشر، وضُبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أن هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع، وإنما تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن الهوى، فقال: إن الخلفاء من بعدي اثنا عشر. وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي، ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف) [انظر: بحث حول المهدي:٦٦-٦٧].
٢. يُلاحظ في متن الرواية أن نفس النص النبوي كان مثاراً للجدل بين الصحابة، حيث ارتفعت الأصوات وعلا الضجيج، إلى درجة أن الصحابي راوي الحديث (جابر بن سَمُرة) لم يسمع تمام الحديث من النبي صلى الله عليه وآله، بل استدرك بقية كلام النبي صلى الله عليه وآله بسؤال أبيه الذي كان حاضراً في المجلس، ويصف جابر المشهد قائلاً: (ثُمَّ قَالَ كَلِمةً أصمَّنِيْهَا النَّاسُ)، ما يعني أن الضجيج قد ارتفعَ من الحاضرين كردة فعل تجاه ما قاله النبي صلى الله عليه وآله حيث علت الأصوات إلى حد العجز عن الاستماع ما حدا بالصحابي ليعبّرَ عن شدة الضجيج بكونه كالأصم الذي لا يسمع، ما يكشف عن أن هذا النص ذو حساسيّةٍ شديدة بالنسبة لبعض الصحابة الأوائل، وأنه ليس إنباءً عن عدد معين لأشخاص عاديين،.. هذا المشهد جدير بالتأمل حقاً!
٣. تميّز هذا الحديث بالاختلاف الفاحش في تفسيره عند علماء الفرق الأخرى حيث اختار كل شارح رأياً مختلفاً، مع انعدام الضابطة التي على أساسها حدَّدَ كلُّ مفسِّرٍ مصاديقه، حتّى أن بعضهم أدخلَ يزيد بن معاوية فيهم كابن تيمية، مع إشارته إلى أن هؤلاء الاثني عشر قد بشّرت بهم التوراة، فقال: (وهؤلاء الاثنا عشر خليفة هم المذكورون في التوراة، حيث قال في بشارته بإسماعيل: «وسيلد اثني عشر عظيماً») [منهاج السنة: ٢٤١:٨] مع أن هذا التبرير غير مقنع، إذ كيف يبشر الله بالفسقة ومهلكي الحرث والنسل كالخلفاء الأمويين أمثال معاوية ويزيد؟!
ولعل فطرة اليهود في التعامل مع هذه البشارة كانت أنقى وأقوم من عقلية ابن تيمية الفاسدة، فقد كان المتشرفون بالإسلام من اليهود يختارون التشيع؛ لأنهم يرون أئمتنا (عليهم السلام) المصداق الأوفى للبشارة الإلهية في التوراة، وشهد على ذلك ابن تيمية نفسه فقال: (وكثير من اليهود إذا أسلم يتشيع؛ لأنه رأى في التوراة ذكر الاثني عشر) [منهاج السنة: ٢٤٢:٨].. فسبحان الله! كيف أعمى الهوى الأموي أمثال ابن تيمية إلى درجة أن يجعل خلفاء بني أمية ممن يبشر الله تعالى بهم منذ آلاف السنين، وكيف تبصّر اليهودي بحقيقة البشارة الإلهية في التوراة.
👇تكملة👇
#تكملة
ومن هنا، نلاحظ أن علماءنا الذين كتبوا في إثبات الغيبة اهتموا بالنص بروايته السنية وبالبشارة التوراتية، وقد نحا هذا النحو الشيخ النعماني في كتاب (الغيبة) والشيخ الكراجكي في كتاب (الاستبصار في النص على الأئمة الأطهار) وكذلك شيخ الطائفة في كتابه (الغيبة)، فراجع.
وسيأتي الكلام عن الامتداد التاريخي لنصوص الإمامة في كتب الشيعة الأوائل..
يتبع ..
ومن هنا، نلاحظ أن علماءنا الذين كتبوا في إثبات الغيبة اهتموا بالنص بروايته السنية وبالبشارة التوراتية، وقد نحا هذا النحو الشيخ النعماني في كتاب (الغيبة) والشيخ الكراجكي في كتاب (الاستبصار في النص على الأئمة الأطهار) وكذلك شيخ الطائفة في كتابه (الغيبة)، فراجع.
وسيأتي الكلام عن الامتداد التاريخي لنصوص الإمامة في كتب الشيعة الأوائل..
يتبع ..
بشارة السماء (٣)
الامتداد التاريخي للنَّص على الإمام الثاني عشر في كتب الشيعة*
بعد أن أشرنا إلى حضور حديث الخلفاء الاثني عشر في كتب أهل السنة قبل ولادة الإمام الثاني عشر، ينبغي أن نشيرَ إلى وجود روايات النص في كتب الشيعة في القرن الأوّل والثاني، أي قبل وقوع زمن الغيبة بسنوات طويلة، فنقول:
من المعروف أنّ أصحاب الأئمة (عليهم السلام) قد دوّنوا كثيراً من الأحاديث في مصنّفاتهم، وتراكمت هذه المصنّفات حتى اجتمعت عند العلماء وعُرِفَتْ لاحقاً باسم (الأصول الأربعمائة)، وتشكل هذه الأصول محور التراث الشيعيّ بشكل أساسي.
والتجوّل في جُملتها يكشفُ عن الأسس العقائديّة والفكريّة التي مثّلت المذهب الشيعيّ، ومن المؤسف أنّ غالبية نسخ هذه الأصول لم تصلنا، حيث أدرجوا معظمها في الكتب الأربعة فقلَّ الاعتناء بها بعد تدوين الكتب الأربعة من قِبل المحمّدين الثلاثة، إلا أنّه يمكن استشكاف بعض مرويّات هذه الأصول بطرقٍ لا يهمنا بحثها الآن، وإن كان تطبيقها على الكتب المعنية بنصوص الإمامة مهم في هذا الباب، إلا أننا نرجئه إلى مقام آخر.
والذي يهمّنا في المقام، هو استشكاف النّظرة الإجماليّة للاعتقاد بالإمامة في هذه الكتب التي دوّنت خلال قرنين، والثابت من خلال كلمات العلماء والمتكلّمين الذين اطّلعوا على نسخها، أنّها أشارت إلى النصّ على الأئمة (عليهم السلام) وغيبة الثاني عشر منهم بشكل كثيف، وننقل في المقام أقوال جملة من العلماء الذين وقفوا على عددٍ كبيرٍ من الأصول الأربعمائة التي كتبها أصحاب الأئمة في القرن الأول والثاني الهجريّ.
١. شهادة الشيخ الصدوق.
(وذلك أنَّ الأئمة قد أخبروا بغيبته ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نُقل عنهم واستُحفِظَ في الصحف ودُوِّنَ في الكتب المؤلفة من قبل أن تقعَ الغيبة بمئتي سنة أو أقل أو أكثر، فليس أحد من أتباع الأئمة إلا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودوَّنهُ في مصنفاته، وهي الكتب التي تعرف بـ«الأصول» مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد عليهم السلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين) [كمال الدين وتمام النعمة، ج١، ص٤٩-٥٠).
ولا يخفى عليك أنَّ هذه شهادةٌ متينةٌ؛ لأنها صادرةٌ عمن وقع إليه كثيرٌ من أصول الشيعة القدماء من أصحاب الأئمّة ومن تلك الأصول ما ثبتت له الشهرة فاستُغنِيَ عن التحقق من اعتباره بطلب الإسناد، ومنها ما ثبت بأصحّ الأسانيد عن أجلّاء الطائفة، ومنها ما هو مشهودٌ له بالقرائن التي تورث الاطمئنان لصحّة تلك الأصول، وهي تشيرُ إلى كثافة النصوص في مصنّفات الأصحاب.
٢. شهادة الشيخ الكراجكي.
(هذه الأخبار مُضَمَّنةٌ في كتب سلفهم المعروفة بالأصول عندهم، مما قد مات مؤلفوها رحمهم الله قبل الغيبة وكمال عدة الأئمة صلوات الله عليهم وسلامه، وكان الأمرُ موافقاً لما رووه من غير اختلافٍ، والإخبار بالكائن قبل كونه لا يكون إلا من الله سبحانه ويؤخذ عن رسول الله) [انظر: تحقيق رسالة الاستبصار في النص على الأئمة الأطهار، المُدرَجة في (ميراث حديث شيعه، ج٢، ص١١٧)].
٣. شهادة الشيخ الطبرسي.
(ومن جُملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسنُ بن محبوب الزرّاد، وقد صنَّفَ كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة أشهرُ من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخبرُ المخبَـرَ، وحصل كل ما تضمَّنَـهُ الخبرُ بلا اختلافٍ) [إعلام الورى بأعلام الهدى، ص ٤٣٠].
فهذه شهادات عمّن تابع الأصول الروائيّة التي تمثل لُبَّ التراث الشيعي عقائدياً وفقهياً، ومن باب التوسّع أذكر نموذجاً من النّماذج التي تُثبت امتداد أحاديث النّص إلى القرون المتقدمة، فمن ذلك ما رواه أبو سعيد العصفري (عباد بن يعقوب الرواجني) بسنده عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّي وأحد عشر من ولدي وأنتَ يا علي زرُّالأرض أعني أوتادها وجبالها وقال: وتد الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الأحد عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم يُنظَروا).
وهذه الرواية يرويها الشيخ الكليني في كتابه (الكافي) عن أصل عبّاد بسندٍ صحيح، وكذلك الشيخ الطوسيّ مع وجود تصحيفاتٍ يسيرةٍ عالجناها في بحوث أخرى، وهذا الأصل قد وصلنا ضمن (١٦) أصلاً وصلت نسخها إلينا، وقد حقِّق المحقق ضياء الدين المحموديّ مجموعة الأصول الستة عشر التي وصلتنا ومن ضمنها أصل أبي سعيد العصفريِّ، واعتمدَ على نُسَخٍ نفيسة قد ذكرها في مقدمة تحقيقه، منها: نسخة بخط الشيخ الفقيه المحدث المتبحر محمد بن الحسن الحر العاملي، وهذه صورةٌ عن نسخةٍ من نسخ أصل أبي سعيد العُصفري محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإيرانيّ.
والحاصل: إنّ هذا يشيرُ بوضوحٍ إلى أن النص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) يرجع إلى ما قبل زمن الغيبة بعشرات السنين، ويؤكد على أن نصوص الإمامة لها امتدادها العميق في التراث الإمامي القديم، ويمكن تثبيت ذلك من خلال دراسة نماذج أخرى تماثل هذا النموذج، والحمد لله رب العالمين.
الامتداد التاريخي للنَّص على الإمام الثاني عشر في كتب الشيعة*
بعد أن أشرنا إلى حضور حديث الخلفاء الاثني عشر في كتب أهل السنة قبل ولادة الإمام الثاني عشر، ينبغي أن نشيرَ إلى وجود روايات النص في كتب الشيعة في القرن الأوّل والثاني، أي قبل وقوع زمن الغيبة بسنوات طويلة، فنقول:
من المعروف أنّ أصحاب الأئمة (عليهم السلام) قد دوّنوا كثيراً من الأحاديث في مصنّفاتهم، وتراكمت هذه المصنّفات حتى اجتمعت عند العلماء وعُرِفَتْ لاحقاً باسم (الأصول الأربعمائة)، وتشكل هذه الأصول محور التراث الشيعيّ بشكل أساسي.
والتجوّل في جُملتها يكشفُ عن الأسس العقائديّة والفكريّة التي مثّلت المذهب الشيعيّ، ومن المؤسف أنّ غالبية نسخ هذه الأصول لم تصلنا، حيث أدرجوا معظمها في الكتب الأربعة فقلَّ الاعتناء بها بعد تدوين الكتب الأربعة من قِبل المحمّدين الثلاثة، إلا أنّه يمكن استشكاف بعض مرويّات هذه الأصول بطرقٍ لا يهمنا بحثها الآن، وإن كان تطبيقها على الكتب المعنية بنصوص الإمامة مهم في هذا الباب، إلا أننا نرجئه إلى مقام آخر.
والذي يهمّنا في المقام، هو استشكاف النّظرة الإجماليّة للاعتقاد بالإمامة في هذه الكتب التي دوّنت خلال قرنين، والثابت من خلال كلمات العلماء والمتكلّمين الذين اطّلعوا على نسخها، أنّها أشارت إلى النصّ على الأئمة (عليهم السلام) وغيبة الثاني عشر منهم بشكل كثيف، وننقل في المقام أقوال جملة من العلماء الذين وقفوا على عددٍ كبيرٍ من الأصول الأربعمائة التي كتبها أصحاب الأئمة في القرن الأول والثاني الهجريّ.
١. شهادة الشيخ الصدوق.
(وذلك أنَّ الأئمة قد أخبروا بغيبته ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نُقل عنهم واستُحفِظَ في الصحف ودُوِّنَ في الكتب المؤلفة من قبل أن تقعَ الغيبة بمئتي سنة أو أقل أو أكثر، فليس أحد من أتباع الأئمة إلا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودوَّنهُ في مصنفاته، وهي الكتب التي تعرف بـ«الأصول» مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد عليهم السلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين) [كمال الدين وتمام النعمة، ج١، ص٤٩-٥٠).
ولا يخفى عليك أنَّ هذه شهادةٌ متينةٌ؛ لأنها صادرةٌ عمن وقع إليه كثيرٌ من أصول الشيعة القدماء من أصحاب الأئمّة ومن تلك الأصول ما ثبتت له الشهرة فاستُغنِيَ عن التحقق من اعتباره بطلب الإسناد، ومنها ما ثبت بأصحّ الأسانيد عن أجلّاء الطائفة، ومنها ما هو مشهودٌ له بالقرائن التي تورث الاطمئنان لصحّة تلك الأصول، وهي تشيرُ إلى كثافة النصوص في مصنّفات الأصحاب.
٢. شهادة الشيخ الكراجكي.
(هذه الأخبار مُضَمَّنةٌ في كتب سلفهم المعروفة بالأصول عندهم، مما قد مات مؤلفوها رحمهم الله قبل الغيبة وكمال عدة الأئمة صلوات الله عليهم وسلامه، وكان الأمرُ موافقاً لما رووه من غير اختلافٍ، والإخبار بالكائن قبل كونه لا يكون إلا من الله سبحانه ويؤخذ عن رسول الله) [انظر: تحقيق رسالة الاستبصار في النص على الأئمة الأطهار، المُدرَجة في (ميراث حديث شيعه، ج٢، ص١١٧)].
٣. شهادة الشيخ الطبرسي.
(ومن جُملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسنُ بن محبوب الزرّاد، وقد صنَّفَ كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة أشهرُ من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخبرُ المخبَـرَ، وحصل كل ما تضمَّنَـهُ الخبرُ بلا اختلافٍ) [إعلام الورى بأعلام الهدى، ص ٤٣٠].
فهذه شهادات عمّن تابع الأصول الروائيّة التي تمثل لُبَّ التراث الشيعي عقائدياً وفقهياً، ومن باب التوسّع أذكر نموذجاً من النّماذج التي تُثبت امتداد أحاديث النّص إلى القرون المتقدمة، فمن ذلك ما رواه أبو سعيد العصفري (عباد بن يعقوب الرواجني) بسنده عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّي وأحد عشر من ولدي وأنتَ يا علي زرُّالأرض أعني أوتادها وجبالها وقال: وتد الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الأحد عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم يُنظَروا).
وهذه الرواية يرويها الشيخ الكليني في كتابه (الكافي) عن أصل عبّاد بسندٍ صحيح، وكذلك الشيخ الطوسيّ مع وجود تصحيفاتٍ يسيرةٍ عالجناها في بحوث أخرى، وهذا الأصل قد وصلنا ضمن (١٦) أصلاً وصلت نسخها إلينا، وقد حقِّق المحقق ضياء الدين المحموديّ مجموعة الأصول الستة عشر التي وصلتنا ومن ضمنها أصل أبي سعيد العصفريِّ، واعتمدَ على نُسَخٍ نفيسة قد ذكرها في مقدمة تحقيقه، منها: نسخة بخط الشيخ الفقيه المحدث المتبحر محمد بن الحسن الحر العاملي، وهذه صورةٌ عن نسخةٍ من نسخ أصل أبي سعيد العُصفري محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإيرانيّ.
والحاصل: إنّ هذا يشيرُ بوضوحٍ إلى أن النص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) يرجع إلى ما قبل زمن الغيبة بعشرات السنين، ويؤكد على أن نصوص الإمامة لها امتدادها العميق في التراث الإمامي القديم، ويمكن تثبيت ذلك من خلال دراسة نماذج أخرى تماثل هذا النموذج، والحمد لله رب العالمين.
بشارة السماء (٤) || فقرة الأسئلة
السؤال: سمعت مقطعاً للشيخ المغامسي على اليوتيوب، يقول فيه: بحكم العقل لا يمكننا أن ننكر طول عمر المهدي، لكن هذا يحتاج إلى دليل خاص به، أخرجنا الدجال بدليل خاص، وأخرجنا إبليس بدليل خاص، وأخرجنا المسيح بدليل خاص، ولا يوجد لدينا دليل واحد نخرج به المهدي.
الجواب: يمكن إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) حياً في زماننا هذا من خلال عدة مسالك، أذكر منها:
المسلك الأول: بالنقاش في إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ إن إمامة ووجود صاحب الزمان (عليه السلام) فرعٌ عن أصلٍ، وتثبيت إمامة آبائه يُفضي إلى الإذعان بإمامته.
المسلك الثاني: من خلال نظرةٍ جامعةٍ لبعض الأحاديث الصحيحة في كتب أهل السنة والجماعة يمكن استنباط ضرورة وجود أئمة من قريش تبقى إمامتهم إلى يوم القيامة، وتفصيل الأحاديث المنظورة كالتالي:
١. حديث الاثني عشر خليفة كلهم من قريش، وقد أشرتُ إلى صحته في منشور سابق.
٢. حديث آخر ولفظه: (الخلافة في قريش إلى قيام الساعة) رواه ابن أبي عاصم في السنة، وقال الألباني: (إسناده جيّد).
٣. حديث آخر ولفظه: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان)، رواه مسلم في صحيه، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه، وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأحمد في مسنده وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، وقال المحقق حسين سليم أسد: (إسناده صحيح)..
وهذه الأحاديث تشيرُ إلى أن خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) هم اثنا عشر خليفة من قريش، ومدّة خلافة هؤلاء في عهد الإسلام إلى قيام الساعة وانتهاء البشريّة، وإلا فإن كانت خلافة الخلفاء القرشيين ممتدّة إلى قيام الساعة وفقاً للمنظور العاديّ فإنه لا بد أن يكون آلاف الخلفاء وحينها لا معنى لتخصيص العدد بـ(١٢)..
والحديث الثالث أكثرُ صراحةً في كون الخلافة المقصودة هي إمامة أهل البيت عليهم السلام؛ لأنه إخبارٌ عن بقاء الخلافة في قريش إلى فناء البشرية وقيام الساعة، وهذا هذا لا ينطبق الآن إلا عليهم، أما ما سواهم، فقد اتّخذوا خلفاءَ من العرب غير القرشيين بل ومن العجم، بل لم تبقَ خلافة حيث قُضي عليها، فكيف سينطبق عندهم مفهوم خلافة اثني عشر قرشي وتبقى خلافة القرشيين عندهم إلى قيام الساعة؟!
فالأئمة عندنا اثنا عشر، وهم قرشيّون، وخلافتهم باقية إلى قيام الساعة، أما وفقاً للمنهج الذي يعتمده الطرف المقابل فقد رأينا اضطرابهم الشديد في تفسير حديث الخلفاء الاثني عشر من قريش، وعدم إمكان تطبيق الحديث الثالث على ما عندهم، فإنّ القيد عندهم قد انتقض بخلافة غير القرشيّ بل بزوال الخلافة.
والحاصل: إنّ الظاهر من مجموع الأحاديث هو خلافةُ اثني عشر خليفة من قريش وتبقى الخلافة في قريش بهم إلى قيام الساعة، وهذا ينطبقُ على أئمتنا، ولازمه القول ببقاء وجود الإمام الثاني عشر، وإلا انتقضت هذه القيود عندنا وعندهم، فيكون كلام النبي (صلى الله عليه وآله) لغواً، وهذا محال.
السؤال: سمعت مقطعاً للشيخ المغامسي على اليوتيوب، يقول فيه: بحكم العقل لا يمكننا أن ننكر طول عمر المهدي، لكن هذا يحتاج إلى دليل خاص به، أخرجنا الدجال بدليل خاص، وأخرجنا إبليس بدليل خاص، وأخرجنا المسيح بدليل خاص، ولا يوجد لدينا دليل واحد نخرج به المهدي.
الجواب: يمكن إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) حياً في زماننا هذا من خلال عدة مسالك، أذكر منها:
المسلك الأول: بالنقاش في إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ إن إمامة ووجود صاحب الزمان (عليه السلام) فرعٌ عن أصلٍ، وتثبيت إمامة آبائه يُفضي إلى الإذعان بإمامته.
المسلك الثاني: من خلال نظرةٍ جامعةٍ لبعض الأحاديث الصحيحة في كتب أهل السنة والجماعة يمكن استنباط ضرورة وجود أئمة من قريش تبقى إمامتهم إلى يوم القيامة، وتفصيل الأحاديث المنظورة كالتالي:
١. حديث الاثني عشر خليفة كلهم من قريش، وقد أشرتُ إلى صحته في منشور سابق.
٢. حديث آخر ولفظه: (الخلافة في قريش إلى قيام الساعة) رواه ابن أبي عاصم في السنة، وقال الألباني: (إسناده جيّد).
٣. حديث آخر ولفظه: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان)، رواه مسلم في صحيه، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه، وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأحمد في مسنده وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، وقال المحقق حسين سليم أسد: (إسناده صحيح)..
وهذه الأحاديث تشيرُ إلى أن خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) هم اثنا عشر خليفة من قريش، ومدّة خلافة هؤلاء في عهد الإسلام إلى قيام الساعة وانتهاء البشريّة، وإلا فإن كانت خلافة الخلفاء القرشيين ممتدّة إلى قيام الساعة وفقاً للمنظور العاديّ فإنه لا بد أن يكون آلاف الخلفاء وحينها لا معنى لتخصيص العدد بـ(١٢)..
والحديث الثالث أكثرُ صراحةً في كون الخلافة المقصودة هي إمامة أهل البيت عليهم السلام؛ لأنه إخبارٌ عن بقاء الخلافة في قريش إلى فناء البشرية وقيام الساعة، وهذا هذا لا ينطبق الآن إلا عليهم، أما ما سواهم، فقد اتّخذوا خلفاءَ من العرب غير القرشيين بل ومن العجم، بل لم تبقَ خلافة حيث قُضي عليها، فكيف سينطبق عندهم مفهوم خلافة اثني عشر قرشي وتبقى خلافة القرشيين عندهم إلى قيام الساعة؟!
فالأئمة عندنا اثنا عشر، وهم قرشيّون، وخلافتهم باقية إلى قيام الساعة، أما وفقاً للمنهج الذي يعتمده الطرف المقابل فقد رأينا اضطرابهم الشديد في تفسير حديث الخلفاء الاثني عشر من قريش، وعدم إمكان تطبيق الحديث الثالث على ما عندهم، فإنّ القيد عندهم قد انتقض بخلافة غير القرشيّ بل بزوال الخلافة.
والحاصل: إنّ الظاهر من مجموع الأحاديث هو خلافةُ اثني عشر خليفة من قريش وتبقى الخلافة في قريش بهم إلى قيام الساعة، وهذا ينطبقُ على أئمتنا، ولازمه القول ببقاء وجود الإمام الثاني عشر، وإلا انتقضت هذه القيود عندنا وعندهم، فيكون كلام النبي (صلى الله عليه وآله) لغواً، وهذا محال.