Telegram Web Link
بشارة السماء (٤) || فقرة الأسئلة

السؤال: سمعت مقطعاً للشيخ المغامسي على اليوتيوب، يقول فيه: بحكم العقل لا يمكننا أن ننكر طول عمر المهدي، لكن هذا يحتاج إلى دليل خاص به، أخرجنا الدجال بدليل خاص، وأخرجنا إبليس بدليل خاص، وأخرجنا المسيح بدليل خاص، ولا يوجد لدينا دليل واحد نخرج به المهدي.

الجواب: يمكن إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) حياً في زماننا هذا من خلال عدة مسالك، أذكر منها:

المسلك الأول: بالنقاش في إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ إن إمامة ووجود صاحب الزمان (عليه السلام) فرعٌ عن أصلٍ، وتثبيت إمامة آبائه يُفضي إلى الإذعان بإمامته.

المسلك الثاني: من خلال نظرةٍ جامعةٍ لبعض الأحاديث الصحيحة في كتب أهل السنة والجماعة يمكن استنباط ضرورة وجود أئمة من قريش تبقى إمامتهم إلى يوم القيامة، وتفصيل الأحاديث المنظورة كالتالي:
١. حديث الاثني عشر خليفة كلهم من قريش، وقد أشرتُ إلى صحته في منشور سابق.
٢. حديث آخر ولفظه: (الخلافة في قريش إلى قيام الساعة) رواه ابن أبي عاصم في السنة، وقال الألباني: (إسناده جيّد).
٣. حديث آخر ولفظه: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان)، رواه مسلم في صحيه، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه، وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأحمد في مسنده وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، وقال المحقق حسين سليم أسد: (إسناده صحيح)..

وهذه الأحاديث تشيرُ إلى أن خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) هم اثنا عشر خليفة من قريش، ومدّة خلافة هؤلاء في عهد الإسلام إلى قيام الساعة وانتهاء البشريّة، وإلا فإن كانت خلافة الخلفاء القرشيين ممتدّة إلى قيام الساعة وفقاً للمنظور العاديّ فإنه لا بد أن يكون آلاف الخلفاء وحينها لا معنى لتخصيص العدد بـ(١٢)..
والحديث الثالث أكثرُ صراحةً في كون الخلافة المقصودة هي إمامة أهل البيت عليهم السلام؛ لأنه إخبارٌ عن بقاء الخلافة في قريش إلى فناء البشرية وقيام الساعة، وهذا هذا لا ينطبق الآن إلا عليهم، أما ما سواهم، فقد اتّخذوا خلفاءَ من العرب غير القرشيين بل ومن العجم، بل لم تبقَ خلافة حيث قُضي عليها، فكيف سينطبق عندهم مفهوم خلافة اثني عشر قرشي وتبقى خلافة القرشيين عندهم إلى قيام الساعة؟!
فالأئمة عندنا اثنا عشر، وهم قرشيّون، وخلافتهم باقية إلى قيام الساعة، أما وفقاً للمنهج الذي يعتمده الطرف المقابل فقد رأينا اضطرابهم الشديد في تفسير حديث الخلفاء الاثني عشر من قريش، وعدم إمكان تطبيق الحديث الثالث على ما عندهم، فإنّ القيد عندهم قد انتقض بخلافة غير القرشيّ بل بزوال الخلافة.
والحاصل: إنّ الظاهر من مجموع الأحاديث هو خلافةُ اثني عشر خليفة من قريش وتبقى الخلافة في قريش بهم إلى قيام الساعة، وهذا ينطبقُ على أئمتنا، ولازمه القول ببقاء وجود الإمام الثاني عشر، وإلا انتقضت هذه القيود عندنا وعندهم، فيكون كلام النبي (صلى الله عليه وآله) لغواً، وهذا محال.
بشارة السماء (٥) || فقرة الأسئلة

• كيف يمكننا التوفيق مع روايات أهل السنة المتواترة التي تقول أن المهدي اسمه محمد بن عبد الله؟

الجواب: هذا الخبر ليس من الأخبار المتواترة عند أهل السنّة، بل هو من أخبار الآحاد، فقد روي بأسانيد عن عبد الله بن مسعود وأبي الطفيل، ولم يصح عن أبي الطفيل شيء مما روي عنه في هذا الباب، وهم يصححون الخبر عن عبد الله بن مسعود، وهذا المقدار لا يكفي لإثبات التواتر.

• هل تؤيدون أن الضربة النووية في دمشق كعلامة من علامات الظهور؟

الجواب: لا يصحّ جعل الأحداث الحاليّة دليلاً على قرب الظهور أو بُعده، ولا ينبغي لنا أن نقوم بتحليل الأحداث السياسيّة وإسقاطها على الروايات بنحوٍ مركّب من الظنون التي لا تنفع في كشف الواقع، ولهذا يجبُ علينا التمسّك بالأمور القطعيّة وعدم الالتفات إلى ما يُقال هنا وهناك؛ لأنّ ذلك مبنيٌّ على الظنون والمتشابهات، وليس لنا أن نتعبّد بهذه الأمور.
وقد سبق أن وقعت بعض التخمينات وإسقاط بعض الوقائع على بعض الروايات ولم يصدق ذلك وخالفهُ الواقع وفي هذا درسٌ لنا لكي لا نتعجّل بالأحكام الظنيّة.
ومن ذلك ما قاله الشيخ العلامة المجلسيّ (قدّس الله نفسه الزكيّة) عند الحديث عن خبر (كأنّي بقومٍ قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحقّ فلا يُعطَونه .. فلا يدفعونها إلا إلى صاحبكم).
فحمل الشيخُ (رحمه الله) القوم الخارجين بالمشرق على الدولة الصفويّة وأن لازم دفعها إلى الصاحب هو اتصال دولتهم بدولة العدل الإلهيِّ، وفي هذا قال ما نصّه:
(لا يبعد أن يكون إشارة إلى الدولة الصفوية شيدها الله تعالى ووصلها بدولة القائم عليه السلام) [بحار الأنوار، ج52، ص243].
وذكر ذلك عنه تلميذه السيّد نعمة الله الجزائري، فقال:
(إذا تحققت هذا فاعلم أنّه قد وردت أخبارٌ مجملةٌ، وقد نقلها الأصحابُ على إجمالها، ولم يتعرّضوا لبيان معناها، وذلك أنها أخبار متشابهة يجب علينا الإذعان لها من باب التسليم، ولمّا انتهت النوبة إلى شيخنا المحقق رئيس المحدثين وخاتمة المجتهدين المولى المجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار - أدام الله إفاداته وأجزل في الآخرة مثوباته وسعاداته - توجّه إلى إيضاحها وتفسيرها وطبّق بعضها على وقت تعيين ظهور الدولة الصفويّة أعلى الله منار بنيانها وشيّد رفيعَ أركانها ..إلخ) [الأنوار النعمانية، ج٢، ص٦٨-٦٩]
ثم ذكر الحديث الآنف الذكر ونقل عن شيخه ما نصّه: (إنه لا يخفى على أهل البصائر أنه لم يخرج من المشرق سوى أرباب السلسلة الصفويّة وهو الشاه إسماعيل أعلى الله مقامه في دار المقامة، وقوله «لا يدفعونها إلا إلى صاحبكم» المراد به القائم عليه السلام، فيكون في هذا الحديث إشارةٌ إلى اتصال دولة الصفوية بدولة المهدي عليه السلام فهم الذين يسلّمون له المُلك له عند نزوله بلا نزاعٍ ولا جدال) [الأنوار النعمانيّة، ج٢، ص٦٩].

وفي زماننا الحاضر، قد ذهب بعض الإخوة إلى أن داعش هو السفياني، وقد أبيدت دولتهم على أيدي المجاهدين، وتكلّم في ذلك الوقت سماحة السيد حسن نصر الله عن خطأ التطبيق وخطورته [راجع: الإمام المهدي وأخبار الغيب: ٦٨-٨٠]
ولا زال بعض المتكلمين في هذه المسائل يخرج بتطبيقات جديدة ويستحدث علامات أخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فاللازم في مثل هذه القضايا أن نقوم بتكليفنا الشرعي تجاه دين الله وأن نبقى متمسّكين بمنهج أهل البيت (عليهم السلام) ولا نتخلف عنهم بإهمال الوظائف الشرعيّة، أما الفَرَجُ فهو من عند الله تبارك وتعالى، وإنَّ اللهَ لا يعجلُ لعجلة عباده كما ورد في الخبر، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
عبثيّة الظنون

ذكرتُ في جواب سابق أن مشكلة تطبيق الروايات المختصة بآخر الزمان هي أن الظنون هي العمدة في الإخبار عن الوقائع، وهذا من الرجم بالغيب بدون برهان بيّن.

ومن طرائف العبث في فهم وتوجيه تلك الأخبار ما نقله أحد أعلام المحققين الصوفيّة السيد أحمد بن الصديق الغماري عن أحدهم في حمل روايات السفياني على الاتحاد السوفياتي باستدلال لا يخلو من طرافة، واستقرب الغماري كلامه.
قال ما نصه:
«قال لي علي صالح الأسيوطي الفلكي في المذاكرة: قد اتضح لنا أن السفياني الوارد ذكره في أشراط الساعة إنما هو تحريفٌ من الرواة حيث يذكرونه بالنون آخراً، نسبة إلى أبي سفيان صخر بن حرب، وإنما هو السفياتي بالتاء نسبة إلى السفيات وهي الروسيا.
قلتُ: وهذا محتملٌ قريبٌ جداً، فإنهم في الصدر الأول كانوا لا ينقطون الحروف، فإذا قرأوا مادة السفياتي فلا يقرأونها إلا بالنون لأن ذلك هو المعروف المعهود لهم» [جؤنة العطار، ج١، ص٨٩، الفائدة رقم ١٣٩].

لا تعليق :)
📝 ليلة النصف من شعبان، ليلة العبادة.

تكاد احتفالات النصف من شعبان تشبه رأس السنة الميلادية، اللهو بالألعاب النارية والاهتمام بالزينة أكثر من رواج المفاهيم المعنوية، الناس في الشوارع، أغلب النساء حجابهن رديء، ولا يخلو الحال من اختلاط قبيح في بعض الأماكن، أما حرم السيدة المعصومة عليها السلام فليس فيه ذاك الازدحام الذي يناسب ليلةً هي ثاني ليلة بعد ليلة القدر.

جاهد أئمتنا (عليهم السلام) لجعل هذه الليلة محوريةً في عالم الترقي المعنويّ، وإذا بنا بذريعة «إحياء الأمر» قد غطّينا الأمرَ نفسه، فضيّعنا ليلة «العبادة» حتى صارت مزيجاً من تشهّي الأطعمة واسترواح النفس بالخروج إلى الشوارع للتفرج والتنزّه، فضلاً عن كثافة حضور الدراجات النارية التي يتجول أصحابها في وسط الازدحام، وغير ذلك مما يبعث على التأسف وغياب العقلانية والتنظيم لأمور حياتنا.
قيل: لا تمنعوا الناس من إظهار الفرح والسرور، فهذا تضييق عليهم.
وقلنا: إن الاعتراض ليس على أصل الفرح والسرور بل هو مستحب، ولكن المطلوب هو التقيد بنظام أهل البيت عليهم السلام وسننهم الأكيدة، فإن الروايات الشريفة شددت على أن هذه ليلة محض العبادة والعبادة المحضة فقط. فمن يريد أن يقترح شيئاً فليجعله في يوم ١٥ شعبان فهو خالٍ .. ولا يزاحم المستحب.


إبراهيم جواد
قم المقدسة - ١٥ شعبان ١٤٣٩ هجرية.
بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله..
التوفيقُ الإلهيّ لا يرتبط بالعوامل الماديَّة المحسوسة فقط، وإنْ كانت مؤثِّرة في الحصول، إلّا أن الجانب الآخر وهو الجانب الإلهيّ هو المؤثّر الحقيقيّ، وسرُّ ذلك يكمن في الصلاح الذي يوجِب الارتقاء إلى مقام الولاية الإلهيّة، وهذا المقام مورد التأييدات الربّانية والألطاف الرحمانيّة، فإنّ المُصلِحَ لنفسه ومحيطه ينعمُ في كنف الولاية الإلهيّة حيث لا خوفٌ ولا حُزنٌ.. «أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»..
من خلال ملاحظة طويلة الأمد، شعرتُ أنَّ بعض الناس تصاب بالضجر عند التذكير بالموت، وربما اتهمت المُذكِّر بالسوداويّة والشؤم، مع أن الموت هو أحد الحقائق التي لا ريب فيها أبداً، وتذكره من سنن الأنبياء والأولياء، «واَللَّهِ لاَبْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ اَلطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ»، فالذي ينبغي أن يكون هو التذكر الدائم للموت؛ لما فيه من الموعظة والتهذيب وتقويم السلوك، ولا سيّما إماتة النفس الفرعونيّة المتجبّرة، وإقلال طمعها في الدنيا، وإشخاص بصرها إلى الآخرة، فإن تذكر الموت مدعاة إلى الاعتراف بالضعف والعجز والافتقار إلى الله تبارك وتعالى، وفي هذا روي عن الإمام الباقر عليه السلام: «مَا أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِنْسَانٌ إِلَّا زَهِدَ فِي الدُّنْيَا»..
.
.
.
.
روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
«لوْلَا ثَلَاثَةٌ فِي ابْنِ آدَمَ مَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ شَيْ‏ءٌ: الْمَرَضُ وَالْمَوْتُ وَالْفَقْرُ، وَكُلُّهُنَّ فِيهِ وَإِنَّهُ لَمَعَهُنَّ وَثَّابٌ».
الموسيقى والتشخيص

في مسألة إجازة استماع الموسيقى غير اللهوية، قول المكلف عند استنكار بعض أنواع الموسيقى: «هذا تشخيصه أنها غير لهوية» لا يعني سقوط المساءلة والتدقيق؛ لأن لهوية بعض الموسيقى المنتشرة ثابتة لا ريب فيها، وإذا لم تكن لهوية، فلا موسيقى لهوية على هذا الكوكب.
ثم إن التستر خلف التشخيص قد يكون ذريعة لإسكات المعترضين في دار الدنيا، ولكن في يوم الحساب حيث لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها سيكون السؤال عن أدلة هذا التشخيص، وهل هي ناشئة عن ترجيح علمي أم مجرد إسقاط للنتائج المطلوبة إطاعةً للهوى؟! نسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة.
الإخلاص لله

الإخلاص لله أساس عملي في كل حال من أحوال العبد، وهو في العبادة من أهم مقوماتها، وبدونه تنتفي حقيقة العبادة، وينقلب العمل إلى شركٍ محض، يوقف العبدَ عن التطلع إلى إكمال مسيره إلى رضوان ربه، فإنه إن أشرك في عبادته بأن أراد بها الجاه أو الرياء أو التفاخر فقد ضيّع عمله، وأفسد إخلاصه حيث جعل نظره إلى غير الله، ولذلك ينبغي أن يكون قصد القلب متجهاً إلى الله وحده، فإنه هو الإله الذي تجب له العبادة الخالصة، وهذه مرتبة أساسيّة من مراتب الإخلاص في العبادة، ولا يمكن تصحيح العمل بدونها، وتحتاج إلى مراقبةٍ شديدة من النفس، فإنها تنتظر ساعات الغفلة لتحظى بالأمر بالسوء، ..

ومن الإخلاص لله أيضاً عدم الاستهانة بالذنوب مهما صغرت، فإن خطورة المعصية جليلة عظيمة وإن كانت من الصغائر، والاستهانة بها استخفاف بمقام العبوديّة الذي ينبغي أن يراعي العبد فيه شرائطه وآدابه، كما أن فيه تهاوناً بحق المولى سبحانه، فلذلك تجب رعاية أعلى درجات الاحتياط في استشعار خطورة الذنب الصغير، فإن النار من مُستصغَر الشرر..
.
.
.
روى الشيخ الطوسي بسندٍ صحيحٍ عن أبي هاشم الجعفري، قال: سمعتُ أبا محمد عليه السلام يقول:
«من الذنوب التي لا تُغفَر، قول الرجل: (ليتني لا أؤاخذ إلا بهذا)».
فقلتُ في نفسي: (إنّ هذا لهو الدقيق، ينبغي للرجل أن يتفقّدَ من أمره ومن نفسه كلَّ شيءٍ)، فأقبل عليَّ أبو محمد عليه السلام فقال:
«يا أبا هاشم، صدقتَ، فالزم ما حدّثت به نفسُكَ، فإنّ الإشراكَ في الناس أخفى من دبيب الذرِّ على الصّفا• في الليلة المظلمة، ومن دبيب الذرِّ على المِسْحِ•• الأسود».

• الصفا: الحجر الأملس.
•• المِسح: بكسر الميم، البساط من الشعر يعد للجلوس عليه.
الله، الرحمانُ شديد العقاب..

الذين يحاولون تحديث الدين بصناعة تصوّرٍ جديد حول الرحمة الإلهية، بأن الله رحيم رؤوف لا يُنسب إليه التعذيب والتنكيل، يشاركون - علموا أم جهلوا - في الإفساد في الأرض، حيث ينفون وجود رادع وعقوبة على أي عملٍ، كما أن من يخوّف الناس بالله بنحو لا ترغيب فيه يساهم في بناء تدين جافّ لا ترتقي فيه الروح ذات الأمل الخافت، فلا تطمع بكرمٍ ولا تهفو إلى رحمةٍ، بل تبقى مرتبكةً في الخوف فقط، وإنما الحق في الجمع بين الأمل بالرحمة والعمل خوف العقوبة، ليطمع العبد بالدرجات العلى ويبقى على خوفٍ يقوّم سلوكه فلا يستزله الشيطان، قال تعالى: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)، فالرجاء للرحمة والخوف من العذاب مقترنان في نفوس العابدين، وفي هذا روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللهِ وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللهِ»..
يُقال: المرأة عورة، وقد حُمل هذا على التشبيه، وأنه تشبيه مستقبَحٌ، فهل هذا صحيح؟!

هذه العبارة مألوفة في بعض الروايات وكلمات الفقهاء (رضوان الله عليهم)، فيقولون: «المرأة عورة»، وهذه الكلمة وفقاً للغة العربية لا إشكال فيها، والمحاولة المذكورة هي للخروج من الحرج من إطلاق هذه العبارة بحملها على التشبيه، ويزيد الطين بلة أن يُقال: إنّ هذا الإطلاق لم يكن تشبيهاً موفَّقاً، وهذا الاشتباه ناشئ عن عدم معرفة المعنى اللغويّ لكلمة «العورة»، والظاهر أنّ التحرّج من مثل هذا الإطلاق هو التسوية بين معنى العورة والسوأة المحرّج على سترها بشدّة، فظُنَّ أن الأمر تشبيهٌ لمناسبة ما بينهما!
والصحيح: إنّ العورةَ ليست هي السوأة، وإن عبارة «المرأة عورة» ليست تشبيهاً من الأساس، فالأصلُ في العورة هو (ما ينبغي ستره ويستقبح كشفه وتركه، فهو مما يحتاج إلى ستر وحراسة وصيانة) كما أشارت إلى هذا كلمات اللغويين على اختلاف بيانها.
وفي هذا يقول ابن فارس في (مقاييس اللغة): (ومن الباب العورة، واشتقاقها من الذي قدمنا ذكره، وأنه مما حمل على الأصل، كأن العورة شيء ينبغي مراقبته لخلوه) بمعنى: أنّ العورة مما يحتاج إلى تحفُّظ وعناية وستر، وعبّر الخليل الفراهيدي بقوله: (وكل أمر يستحى منه فهو عورة) والأصل في هذا الجذر أنّه يُطلق على كُل ما يحتاج إلى تحصين أو ستر، وفي هذا قال الفيومي في مصباحه: (وكلّ شيء يستره الإنسان أنفة وحياء فهو عورة)، وفي هذا المعنى قال تعالى حاكياً قول بعض المنافقين: (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً)، فالعورة هنا ليست السوأة ولا تشبيه بها، وإنما يريدون أن يقولوا: إنّنا نستأذن لمغادرة الحرب؛ لأن بيوتنا بحاجة إلى تحفُّظٍ وستر وعناية منا.
إذا اتضح هذا عُرِفَ سِرُّ إطلاق «العورة» على المرأة، فإنّ الشريعة الإلهيّة قد أكّدت على تستر المرأة بما يناسب كمال عفافها، فجعلها مما ينبغي أن يُعتنى بأحوالها أشدّ العناية ويُستحى من تعريضها لكل أجنبيّ، حفظاً لجانب الستر والعفاف، ورعاية للأدب..
ولمناسبة المقام للأصل استُعملَت هذه الكلمة في وصفها، وقد أخطأ من قال إنه تشبيهٌ قبيح، فقد أبعد النُّجعة!
🔺 نظام العلية والمعلولية.

«المسألة الأخرى التي بقيت غامضةً في مجال التوجهات الفكرية التي تبناها ديفيد هيوم تتلخص فيما يلي: لو لم تكن هناك أية علاقة عليّة بين العلل والمعلولات، ولم يحدث في عالم الوجود سوى توالٍ وتعاقب للأحداث، فهذا يعني إمكانية صدور كل شيء من أي شيء كان! مثلاً، يمكن لشجرة الجوز أن تثمر عن قطارٍ مكونٍ من قاطرة ومئات العربات المليئة بأعداد كبيرة من ديفيد هيوم وبروتاغوراس وسائر الشكوكيين، ثم من الممكن لهذا القطار أن يتحول إلى عارضة زجاجية مليئة بالتماثيل الذهبية التي كانت قبل ذلك مسافرين»..

الشيخ محمد تقي الجعفري؛
تحليل نقدي لنظريات ديفيد هيوم على ضوء أربع مسائل فلسفية، ص٣٢، ترجمة: أسعد الكعبي.
🔎المجهر لكشف الحقائق🔍

🔺 جديد أعمالنا [تحت المجهر].

فضيحة الشيخ السلفي عاصم هيثم (كشف أكاذيبه وتدليساته).

🔗 إعداد وتقديم : حسين رضا.

🎥 لمشاهدة الحلقة. 🔽🔽🔽
https://youtu.be/PHmbZjFsELg
#يوم_البقيع_العالمي

وللوهابية جرائم أخرى غير الاعتداء على حُرمة البقيع، منها هدم ضريح حمزة (عليه السلام) وعبد الله بن عباس (رضي الله عنه).
.
.
.
«كتب أهالي البلدة الطيّبة (المدينة) في عريضةٍ إلى المحضر العالي قائلين: ...، وقد دعا ذلك المتمرد أهالي البلدة الطيبة إلى دينه الباطل، وقال إنهم إنْ رضوا بهذا الأمر فسوف لا يلحق بهم أذى وضرر، إلا أنهم إن عارضوا فسوف يتعرضون دوماً لضغوطه وأذاه. وهدمَ - فضلاً عن ذلك - زاوية من المسجد الشريف لسيدنا حمزة وكسر ضريحه المنيف ونهب الثريا والبساط والأشياء النحاسية والستائر النفيسة كما حطّم الباب الشريف للإمام علي ... وهدمَ قبة عبد الله بن عباس».
انظر: وثائق نجد، تقارير أمراء العثمانيين المعاصرين لظهور محمد بن عبد الوهاب واستقرار أول دولة لآل سعود في نجد والحجاز، ص333، الوثيقة رقم 32.
نقلاً عن أرشيف رئاسة الوزراء في الجمهورية التركية برقم [HAT-00093-03789-00001].
#يوم_البقيع_العالمي

«وإنما هدمنا بيت السيدة خديجة، وقبة المولد، وبعض الزوايا المنسوبة لبعض الأولياء، حسماً لتلك المادة، وتنفيراً عن الإشراك بالله ما أمكن لعظم شأنه، فإنه لا يُغفَر».
شيخ الإرهاب والتكفير: محمد بن عبد الوهاب
الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ج١، ص٢٣٣.

جريمة الفئة الضالة - الوهابية - بحق أئمة أهل البيت عليهم السلام في البقيع لا يمكن أن تُنسى، وسيأتي يوم القصاص لا محالة.. يومَ يُجتث أصل الشجرة الخبيثة من بلاد الحرمين.
دور المحكمات واليقينيات في فهم الإمامة

تفسير الإمامة الذي تحاول بعض الجهات الحداثويّة ترويجه يبتني بكل صراحة على نفي العصمة والنصّ وتنزيل الإمام منزلةَ سائر فقهاء المسلمين المجتهدين، إلا أنه بنظرهم أقرب إلى النصوص الخالية من التشويش؛ إذ إن «أهل البيت أدرى بما فيه»، فيكون الإمام بنظرهم عالم مجتهد، يقرأ القرآن الكريم ونصوص النبي وأمير المؤمنين عليهما وآلهما السلام، ويحاول أن يفهمها، ويفتي وفقاً لفهمه وتقديره وقد يصيبُ وقد يُخطئ.
وهذا التفسير ينبغي أن يُعرضَ على المفردات اليقينية عندنا قبلَ الدخول في التفاصيل الجزئيّة، وهذا منهجٌ ينبغي للشباب أن يعتمدوه في مواجهة الشبهات، وهو عدم الركض خلف تفاصيل القوم الجزئية قبل الاتفاق على تحرير الكلام في تفسير الكبريات اليقينية التي لا يشك في ثبوتها ذو علمٍ وإنصافٍ، ومن أهمها: حديث الثقلين، وحديث الغدير، وفي المقام ينبغي أن تُطرح عدة أسئلةٍ مهمة، ومنها:

• هل الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام) وفقاً للرأي الحداثويّ تُشكّلُ مصداقاً وافياً لعبارة: (ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً)؛ لا سيّما وأن غير المعصوم قد يقدّم تفسيراً خاطئاً للمعارف الإلهية، وقد يأخذ بالناس شرقاً وغرباً، لا سيما مع ابتعاده عن عصر النص، وهذا وترٌ يضرب عليه نفس أهل الحداثة في قضية فهم النصوص الدينية!
وهذا الطرح إجمالاً، شبيه بطرح الإمامة في المذهب الزيديّ الذي يجعل بابها مفتوحاً للهاشميين الحسنيين والحسينيين، بحيث يتوفّر مستوفي الشروط على منصب الإمامة، فلو ابتليت الأمّة بألف حسنيّ وألف حسيني فيهم ما اشترطوه من شروطٍ بالظن والرأي، فسيصبح لدينا ألفي إمامٍ بفضل الله ومنّته، وهذا التوجّه مُنافٍ لروح الدين الإسلامي الذي يحاول توحيد المجتمع بضوابط تجعله أقرب لنظم الأمر، فكيف بهذا التصور الذي يجعل باب الإمامة سبيلاً إلى تكوين الأحزاب والفرق المتناحرة بغطاء شرعي ديني؟! والحروب بين أئمة الزيدية على مر السنين شاهدٌ قويٌّ على عدم صوابية هذا الرأي، فالهدفُ من مشروع الإمامة هو تكليف الأمة بالاجتماع على إمام واحد يوحّد أمرها ويجمع كلمتها ويقوّم أمر دينها، لا توليد نظريات تعمل على تفريخ عشرات الأئمة المتناحرين، وهذه ثغرةٌ في التصور المنسوب للإسلام ينبغي للحداثويين أن يسدّوها، ولن يأبهوا للأمر؛ لأن تفريغ الإسلام من محتواه المنضبط والمقنن لا يشكل غصة لديهم، بل هي الفوضى في الدين، وليس وراء عبادان قرية!

• لو سلّمنا بإخراج الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام) عن دائرة السياسة وفقاً لتنظيراتهم، واقتصرنا على مرجعية أهل البيت الدينية الاجتهادية، فما هو النظام السياسي في الإسلام؟ فإما أن الله قد خطّ للحكومة الإسلامية بياناً ينضبطُ به زمامها، أو أنه جعلها أمراً قابلاً للتنافس، وهو الذي أثبتت الشواهد التاريخية أنه مظنة للفتنة والاقتتال منذ اللحظة الأولى لوفاة النبي (صلى الله عليه وآله).
إن تصوير الإسلام بدون رؤيةٍ للنظام السياسي تنفي الفرقة وذرائع التنافس تصويرٌ ساذج، ويدل على أن واضعه غير حكيم، إذ إن الرؤية الفضفاضة للنظام السياسي بابٌ للفوضى، وتركه مفتوحاً يوجبُ الفُرقة والتشتت، فكما قيل إنه لم يُسَلّ سيفٌ في الإسلام كما سُلّ في شأن الاقتتال على الحكم السياسي، فهل غفل إله الحداثة الحكيم عن سد تلك الثغرة؟!

إذاً: ينبغي لأصحاب الأفكار المستنيرة تقديم قراءة جادّة لا تتجاوز ولا تقفز عن محكمات الإسلام وأهمها: حديث الغدير، حديث الثقلين، وذلك لبيان ماهية المرجعية الدينية والسياسية، بدون أن يقوم «المتنوّرون الإصلاحيون» بإعادة تدوير مُخلّفات السقيفة 'بعرضها العريض' وسائر مخرجاتها وتبعاتها التاريخية، فما يقومون به إلى الآن لا حداثة فيه، بل هو إعادة تدوير لبعض الرؤى المذهبية القديمة، وقد بليت وبان فسادها، وهذا لا يلائم برستيج الحداثة والتجديد، والله الموفق.
إنّ مجرد التذكير والتنبيه للوقوف عند أحكام الله تعالى، ولا سيّما ما يقع محلاً لتجاذب الأهواء، لا يعد كافياً إذا كان الطرف المقابل يُقحم نفسه في الشبهات، ويترك طريق الاحتياط، بل هو محتاج أيضاً إلى التوفيق الإلهي لتشع على روحه أنوار البصائر الإلهية، ويحتاج إلى إيقاظ روحه وإنقاذها من غشاوة الغفلة «بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِه بَصِيْرَة»، وإلا فمن كانت نفسه في ظلمات الهوى، فإنه لن ينتفع بنصح الآخرين إذا استمر في طريق الغواية «وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»، وفي حديث الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظاً فَإِنَّ مَوَاعِظَ اَلنَّاسِ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُ شَيْئاً».
إذاً، عملية الهداية مركبة من المدد الإلهي، والمؤمن المشفق الناصح، والضمير الحيّ والمتيقظ، الذي يمارس المحاسبة الشديدة للنفس الأمارة بالسوء، والعادلة عن بر الأمان إلى سبيل مليء بمصائد الشيطان، وبفقدان أحد أجزاء هذا الدواء الروحي، فإن جميع الأمراض الروحية ستكون عصيّةً على العلاج.
.
.
.
.
«الْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: تَوْفِيقٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَوَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَبُولٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ»
الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام.
«لونٌ جديد» في مواعظ الترغيب والترهيب

غالباً ما نُلاحظ أنَّ الله تبارك وتعالى يُرغِّبُ عبادَه الذين يعملون الصالحات بالمزيد من البشرى بنيل الرضا الإلهي والثواب العظيم، كما نجدُ أنّه يُحذِّرُ العاصين من خطورة البقاء على المعصية لما فيها من الفساد والمهلكة، بينما نجدُ عند بعض الدعاة اليوم حالةً عكسيّة تكادُ أن تسودَ في أدبيات بعض الخطابات، فنجدُ دائماً محاولة التهوين من أمر العصيان، فنجد اللين للمرأة السافرة وأنّها مع أنّها عاصية إلا أنّها قد تكون أفضل لحُسن أخلاقها أو التزامها بالصلاة، ونحن نقول: إنّ هذه الطاعات منها أمرٌ حسن، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا الكلام مما يبعث على الاطمئنان في النفس بكفاية ذلك مع غض الطرف عن تلك المعصية، إذ في معصيتها أمران خطيران، هما: سبق الإصرار والعَمد، والتكرار والمواظبة، وهذا يحتاج إلى دقّ ناقوس الخطر ممن يرى في معصية الله مهلكةً.
وفي الجانب الآخر نجدُ ممن ينهج ذلك النهج ممارسة لغة التخويف والترهيب لزوّار سيد الشهداء (عليه السلام) أو الملتزمين بالعبادات والشعائر، وفي الواقع نحنُ جميعاً بحاجةٍ إلى تخويفٍ وترهيب من المعصية وسوء العاقبة، إلا أنني أتعجبُ من هذه اللهجة المخوِّفة لخصوص هؤلاء في ظلّ التعاطي بلغة قد تُفهم خطأ على أنها طمأنة لأهل الزلّات، كلنا بحاجة إلى الموعظة الحسنة ترغيباً وترهيباً، ولكن غَلَبة نَفَس الترهيب للمطيعين واللين مع العاصين أمرٌ في غاية الغرابة، وإنْ كان الشارع قد استعمله في بعض المواضع إلا أنّه اتخذ العكس نهجاً، حيث أكثر من ترغيب المطيعين وترهيب العاصين، ولا أدري ما مدى نجاعة هذه الأساليب العكسيّة .. وإنْ كنتُ أرى أننا جميعاً بحاجة إلى من يذكّرنا بالله تعالى، لنكفّ عن المعصية ونزداد من الطاعة قبل فوات الأوان، وما أبرئ نفسي إنّ النفس لأمّارة بالسوء..
📚 صدر حديثاً..

«إحياء الغدير في مدينة الكوفة»
دراسة حول مناشدة الرحبة التي أقامها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في مدينة الكوفة؛ تذكيراً بحادثة الغدير المباركة وإحياءً لذكرها، لتبقى الولاية الإلهية يقيناً راسخاً في قلوب المؤمنين، وفيها بيانٌ لنكات محورية في هذه المناشدة وشرح لبعض انعكاساتها، مع بيان موجز حول حديث الغدير المبارك..
📜 الصحيفة السجادية..

تعتبر الحقبة التي صدرت فيها الصحيفة السجّادية المباركة من أكثر العصور ظلاماً وانحطاطاً في تاريخ الأمّة الإسلامية، حيثُ كانت الأمة في عمق الانهيار الأخلاقيّ والروحيّ والمعرفيّ، حين وصلت إلى أكثر المستويات انحطاطاً بسفك دماء آل محمد (عليهم السلام)، والأمّة حينها بين مُعتَدٍ آثم وخاذلٍ خانعٍ وضعيفٍ خائرٍ، ..
رغم كل هذا السقوط والانحطاط، بدأ الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه) بمحاولة تصويب مسار هذه الأمة التائهة عن راعيها ومرشدها الحقيقيّ، فألقى إليهم شيئاً من النور الذي يوقظ الضمائر، ويحيي الأرواح، ويرفد العقول بالمعرفة الإلهيّة الحقّة،لعل ذلك ينير لهم الطريق، ويهديهم إلى سبيل الرشاد، .. وهكذا قام الإمام بهذا الدور الجليل من خلال عبادةٍ عظيمة ورفيعة الشأن.

وفي عصرنا الحاضر، لا أرى أننا بحاجة إلى كثيرٍ من المواعظ، يكفي أن نلقي بأرواحنا وضمائرنا بين هذه الأدعية اليسيرة لعلّنا نسترجعُ شيئاً من إنسانيّتنا وأخلاقيّات الإسلام والقرآن، فمثل هذه الأمة التي بلغت من ضعف الوعي والروح والمعرفة إلى مستويات تبعث على الأسف والأسى بحاجة إلى علاج لتدينها ووعيها، فقد أصبحت مطيّة للفاسدين، ومرتعاً لفتن المستكبرين، .. لذا ينبغي الرجوع إلى هذا العلاج العظيم، والتنعّم بمحضر هذه السطور الجليلة، والتعمّق في فهم هذه المعاني الشريفة، وفهم أسرارها بدقّة لعلنا نستفيد منها في معالجة أمراضنا في هذه الجوانب المذكورة، ولله الأمر من قبل ومن بعد، والعاقبةُ للمتقين..

https://www.tg-me.com/mesbah_qom
..
2025/07/07 22:09:52
Back to Top
HTML Embed Code: