Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
هجوم بري وجوي على مدينة غزة في محيط مجمع الشفاء الطبي، خلّف عشرات الضحايا والجرحى.
لا زالوا يُقتلون على مرأى العالم والمسلمين ومسمعهم.. ولهم كل يوم عطاءٌ من الدم
لا زالوا يُقتلون على مرأى العالم والمسلمين ومسمعهم.. ولهم كل يوم عطاءٌ من الدم
مصباح الهداية
الفيديو كاملاً: https://www.youtube.com/watch?v=eS-UETP-PfI
في سياق قراءة تاريخ المجتمعات وعلاقتها بالأديان، يُلحظ أنّ كثيراً من المجتمعات -لعللٍ مختلفةٍ- لا تقدر على الأخذ بالدّين بصبغته الأوّليّة، وإنّما تمارسه وتصبغه بصبغتها بشكل تدريجيّ، وخلال ذلك تقوم بوضع لمساتها الخاصّة عليه تأثّراً منها بثقافتها وعاداتها وأفكارها، وهذا الأمر -مع مرور الوقت- يجعلُ بين المجتمعات والدّين طبقاتٍ تاريخيّة تحمل أنواعاً من التغيير في العقائد والسلوك والآداب، وهذا القانون الاجتماعيّ حقيقة واقعيّة حتميّة، ناشئة من طبيعة السّلوك البشريّ، فالذّهن البشريّ لا يمكنه الاستقرار، وإنّما هو في حالةٍ من الجَوَلانِ والصعود والهبوط، ولأجل ذلك كانت الإمامةُ أهمَّ دعائم الإسلام؛ فإنّ الطبيعة البشريّة تقتضي التغيير زيادةً ونقصاً، ولا بدّ من حامٍ يذود عن حمى الدّين، فكان الإمام المعصوم، وفي ذلك روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): (لن تخلو الأرض من رجلٍ يعرفُ الحقَّ، فإذا زاد الناسُ فيه، قال: «قد زادوا»، وإذا نقصوا عنه، قال: «قد نقصوا»...).
ودين الإسلام بما فيه من حكمةٍ وبصيرةٍ قد وضع حاجزاً أمام النّاس وسلوكهم -اللاواعي أحياناً- فجعل الكتاب والسنّة معياراً حقّاً لضبط أصول الإيمان والآداب والسّلوك على مستوى المظهر والجوهر، فيأبى إحداث تغيير في مسار التديّن بنحو يتنافر مع صبغته ومبادئه وأهدافه.
ونحن اليوم نعيشُ في حقبة ما بعد العولمة، حيث نشهد أمواجاً متلاطمة من نشأة أفكارٍ وآدابٍ وعاداتٍ مختلفة وكثيرة، ومجتمعاتنا في الفترة الأخيرة -للأسف- بسبب ضعف تمسّكها بالهويّة الإسلاميّة، وانسياقاً خلف استحساناتها وفساد أذواقها بدأت تتّجه نحو تغييرات كثيرة ملأى بالمفاسد الجمّة، وقد أصابت جوانب كثيرة، وفي هذا المقام سوف أتحدّث عن جنبة المراسم الدينيّة العباديّة، ومنها: الشّعائر الحسينيّة، قراءة القرآن.
وأنا أطالع العجائب والغرائب في هذين الميدانَيْن، لا أستطيع أن أنفكّ عن التفكير في تأثير حقبة ما بعد العولمة علينا، وأنّ هذه الحقبة ليست بريئةً من إلقائها بظلالها على واقع مراسمنا الدينيّة، فعالم اليوم هو عالم الموسيقى، هذا العالم المزعج والمقرف، ولن أتحدّث من منطلق دينيّ الآن، ولكن من نظرة عقلانيّة متّزنة. عالم اليوم هو عالم الجنون والولع بالموسيقى والدندنة والطرب والتنغيم، حتّى في بلد إسلاميّ كالذي أعيش فيه، ففي السيّارة تسمع الموسيقى، وفي المحلّات التجاريّة تسمع الموسيقى، وفي المطاعم تسمع الموسيقى، وعند الحلّاق تسمع الموسيقى، وفي ملاهي الأطفال تسمع الموسيقى، غلوٌّ فاحشٌ وفظيعٌ ومقرفٌ ومزعجٌ جداً. ولو أنّ الله فرض على عباده سماع الموسيقى لما كانوا بهذه الحالة. أمشي في وسط هؤلاء النّاس وأشعر أنّني في حفلة جنون بشريّ صاخبة. هذا المجتمع المريض المجنون الذي أُشرب في قلبه الموسيقى والأنغام والأنس بالدندنة والطرب لن يتّجه إلى شعائره الدينيّة سليماً معافىً، بل سينقل إليها جنونه وولعه، وهذا ما حصل فعلاً، فلقد رأينا في جملةٍ وافرةٍ من اللطميات ما يندى له الجبين، فالحزن على الحسين عليه السّلام الذي ينبغي أن يُزار بالوقار والسّكينة -كما في الروايات- أصبح حزن القفز والأصوات الغريبة الشبيهة بالدّيسكو. فصارت بعض هيئات العزاء عبارة عن قفزٍ، وأضواء حمراء، وأصوات "ديسكويّة"، ومظاهر خالية من الوقار والخضوع والتذلل في محضر الحسين عليه السّلام. ولقد كلّمني أحدُهم -وأنا أعرفُ وَلَعَهُ بالغناء والموسيقى فضلاً عن رقّة دينه (وهو ليس شيعياً)- فأخبرني أنّه تعجبه بعض اللطميات الشيعيّة، وأرسل لي بعضها فإذا هي عينُ الغناء والرّقص، وليست من العِبْرَة والعَبْرة في شيء، بل هي قفزٌ وكلمات تافهة وسخيفة وألحان لا تناسب إلّا علي الدّيك أو حمّو بيكا! فهل تظنُّ بربِّك أن هذا أتى من فراغ؟! أو أنّ النّاس استساغوا هذا الانحطاط والهبوط من دون علّة؟!
ثمّ انتقلت البليّة إلى ما يُسمّى بـ"محافل القرآن"، والتي ينبغي أن تكون متقيّدة بضوابط الكتاب والسنّة عند تلاوته فتستحضر التدبّر والتلاوة الحزينة وخشوع القلوب وإخباته ووقار الجوارح وسكونها، وإذا بنا نراها محافل لمن يكون أكثر إجادةً في طول نَفَسِه أو تنغيمه الطربيّ أو إتقان الألحان المشبوهة التي تثير بهجة المستمع، وكأنّنا جلوسٌ في محفلٍ من محافل "الدندنة"، بل هي ليست إلا "ستار أكاديمي إسلاميّ" باسم القرآن، حيث ترى هزّ الرؤوس والتلويح بالأيدي والتّصفيق والتركيز على الصّوت والإعادة بغرض التلذّذ والابتهاج بحُسن النّغمة لا أكثر وغير ذلك ممّا هو شأنُ أهل الغناء!
رُوي عن الصّادق عليه السّلام: "إنّ القرآنَ نزلَ بالحُزنِ، فاقرؤوه بالحُزنِ"، ورُوي عن الباقر عليه السّلام: "..، إنَّما هو اللِّيْنُ والرّقة والدّمعة والوَجَلُ"، فهل في محافلنا شيء من هذا؟!
ودين الإسلام بما فيه من حكمةٍ وبصيرةٍ قد وضع حاجزاً أمام النّاس وسلوكهم -اللاواعي أحياناً- فجعل الكتاب والسنّة معياراً حقّاً لضبط أصول الإيمان والآداب والسّلوك على مستوى المظهر والجوهر، فيأبى إحداث تغيير في مسار التديّن بنحو يتنافر مع صبغته ومبادئه وأهدافه.
ونحن اليوم نعيشُ في حقبة ما بعد العولمة، حيث نشهد أمواجاً متلاطمة من نشأة أفكارٍ وآدابٍ وعاداتٍ مختلفة وكثيرة، ومجتمعاتنا في الفترة الأخيرة -للأسف- بسبب ضعف تمسّكها بالهويّة الإسلاميّة، وانسياقاً خلف استحساناتها وفساد أذواقها بدأت تتّجه نحو تغييرات كثيرة ملأى بالمفاسد الجمّة، وقد أصابت جوانب كثيرة، وفي هذا المقام سوف أتحدّث عن جنبة المراسم الدينيّة العباديّة، ومنها: الشّعائر الحسينيّة، قراءة القرآن.
وأنا أطالع العجائب والغرائب في هذين الميدانَيْن، لا أستطيع أن أنفكّ عن التفكير في تأثير حقبة ما بعد العولمة علينا، وأنّ هذه الحقبة ليست بريئةً من إلقائها بظلالها على واقع مراسمنا الدينيّة، فعالم اليوم هو عالم الموسيقى، هذا العالم المزعج والمقرف، ولن أتحدّث من منطلق دينيّ الآن، ولكن من نظرة عقلانيّة متّزنة. عالم اليوم هو عالم الجنون والولع بالموسيقى والدندنة والطرب والتنغيم، حتّى في بلد إسلاميّ كالذي أعيش فيه، ففي السيّارة تسمع الموسيقى، وفي المحلّات التجاريّة تسمع الموسيقى، وفي المطاعم تسمع الموسيقى، وعند الحلّاق تسمع الموسيقى، وفي ملاهي الأطفال تسمع الموسيقى، غلوٌّ فاحشٌ وفظيعٌ ومقرفٌ ومزعجٌ جداً. ولو أنّ الله فرض على عباده سماع الموسيقى لما كانوا بهذه الحالة. أمشي في وسط هؤلاء النّاس وأشعر أنّني في حفلة جنون بشريّ صاخبة. هذا المجتمع المريض المجنون الذي أُشرب في قلبه الموسيقى والأنغام والأنس بالدندنة والطرب لن يتّجه إلى شعائره الدينيّة سليماً معافىً، بل سينقل إليها جنونه وولعه، وهذا ما حصل فعلاً، فلقد رأينا في جملةٍ وافرةٍ من اللطميات ما يندى له الجبين، فالحزن على الحسين عليه السّلام الذي ينبغي أن يُزار بالوقار والسّكينة -كما في الروايات- أصبح حزن القفز والأصوات الغريبة الشبيهة بالدّيسكو. فصارت بعض هيئات العزاء عبارة عن قفزٍ، وأضواء حمراء، وأصوات "ديسكويّة"، ومظاهر خالية من الوقار والخضوع والتذلل في محضر الحسين عليه السّلام. ولقد كلّمني أحدُهم -وأنا أعرفُ وَلَعَهُ بالغناء والموسيقى فضلاً عن رقّة دينه (وهو ليس شيعياً)- فأخبرني أنّه تعجبه بعض اللطميات الشيعيّة، وأرسل لي بعضها فإذا هي عينُ الغناء والرّقص، وليست من العِبْرَة والعَبْرة في شيء، بل هي قفزٌ وكلمات تافهة وسخيفة وألحان لا تناسب إلّا علي الدّيك أو حمّو بيكا! فهل تظنُّ بربِّك أن هذا أتى من فراغ؟! أو أنّ النّاس استساغوا هذا الانحطاط والهبوط من دون علّة؟!
ثمّ انتقلت البليّة إلى ما يُسمّى بـ"محافل القرآن"، والتي ينبغي أن تكون متقيّدة بضوابط الكتاب والسنّة عند تلاوته فتستحضر التدبّر والتلاوة الحزينة وخشوع القلوب وإخباته ووقار الجوارح وسكونها، وإذا بنا نراها محافل لمن يكون أكثر إجادةً في طول نَفَسِه أو تنغيمه الطربيّ أو إتقان الألحان المشبوهة التي تثير بهجة المستمع، وكأنّنا جلوسٌ في محفلٍ من محافل "الدندنة"، بل هي ليست إلا "ستار أكاديمي إسلاميّ" باسم القرآن، حيث ترى هزّ الرؤوس والتلويح بالأيدي والتّصفيق والتركيز على الصّوت والإعادة بغرض التلذّذ والابتهاج بحُسن النّغمة لا أكثر وغير ذلك ممّا هو شأنُ أهل الغناء!
رُوي عن الصّادق عليه السّلام: "إنّ القرآنَ نزلَ بالحُزنِ، فاقرؤوه بالحُزنِ"، ورُوي عن الباقر عليه السّلام: "..، إنَّما هو اللِّيْنُ والرّقة والدّمعة والوَجَلُ"، فهل في محافلنا شيء من هذا؟!
مصباح الهداية
الفيديو كاملاً: https://www.youtube.com/watch?v=eS-UETP-PfI
وإنّه لمن المخزي أن نقرأ القرآن فنجدُ بعض أهل الكتاب قد خشعت قلوبهم وهم يستمعون إلى كتاب الله، وأنّ آياته كانت تزيدُ إيمان أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأمّا قومنا فصمٌّ بكمٌ عميٌ لا يعقلون، ولا كأنّهم إلى القرآن يستمعون.
قال تعالى: (اللهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزّمر:23].
وقال تعالى: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً. قُلْ آمِنُوا بِهِ أوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ للأذْقَانِ سُجَّداً. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. وَيَخِرُّونَ للأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء: 106-108].
وقال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وأنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 82-83].
وقال تعالى: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
وقال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [التوبة: 124].
فهذه الأوصاف (تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربّهم)، (يخرّون للأذقان سُجّداً.. ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)، (أعينهم تفيض من الدّمع)، (وجلت قلوبهم)، (فزادتهم إيماناً)، تبيّن مدى تأثير القرآن الكريم في نفوسهم وقلوبهم. وواللهِ إنّ قراءة قصص الأنبياء في القرآن الكريم كفيلة أن تخلع القلوب من أماكنها وهي تبيّن جهادهم وصبرهم وحكمتهم في هداية هذا الخلق.
وأما محافلنا فليست إلّا لاختبار الحناجر وإطالة النَّفَس والتنغيم الطّربي "ممممممم الله الله الله.." مع هزّ الرؤوس والابتسامات السخيفة التي تدلّ على أنّ مولانا "مسَلْطِنْ" وقد "زَهْزَهَ" وكأنّه جالسٌ في "غُرْزَةٍ" مع مطربين من الأراذل والأوباش، على طريقة مستمعي قارئ القرآن بل المغنّي "الشيخ محمود الشحّات" حيث طلبوا منه -بعد وصلةٍ غنائيّةٍ طربيّةٍ بالقرآن وقد وقعوا تحت تأثير ألحانه-: "البَسْمَلَة اللي بتخُشِّ في النَّخَاشِيْش" -الفيديو على اليوتيوب لكم أن تشاهدوه وتضحكوا وتبكوا-!
وأكثر تفاهةً وسخافةً من هذا من يبرّر أنّ هذه المحافل نالت إعجاب كثيرٍ من النّاس أو تأثّرهم، ولو علم الحقّ لعرف أنّ هذه عليه وليست له؛ فأيّ عاقل بعد أن يرى هذا العالم المولَع بالطرب والأنغام والألحان وتأثر المجتمعات به يمكن أن يتّخذ هذه الأذواق الفاسدة دليلاً؟ وأيّ حجّة فيها بعد الكتاب والسنّة؟!
وفي المقام تبريرات أخرى ليست إلا مصداقاً لما وصفتُ به تفكير كثير من الإسلاميّين حيث قلتُ إنّهم "يقومون بعَقْدِ مصالحةٍ تلفيقيّة بين الإسلام وانفعال مجتمعاتنا بالثقافة الغربية، وفقاً لمنطق (امشِ مع الشيطان خطوات وأقنعه بالرجوع معك)، لكن ما يظهره الواقع هو أننا مشينا مع الشيطان خطوةً لإعادته معنا، فإذا بنا نكمل الطريق معه"، وقد تكلّمت سابقاً عن سياسة "تعطير البعر" التلفيقية عند كثيرٍ من فئات العمل الإسلاميّ، فلا داعي للاستطراد هنا.
وأمّا من يبرّر بأنّ هذه محافل جيّدة والأمر لا يخلو من جهات خلل فيها، فليعلم أنّ لا أنصافَ حلول مع القرآن، وهذه ليست أخطاء عابرة، بل هي ضربةٌ في عمق شأنيّة القرآن ومكانته، واستخفاف بحرمته ومقامه، والسكوت عنها يعني السّماح لكرة الثلج أن تتدحرج وتكبر، فمن كان يتخيّل قبل سنوات أن نصل إلى ما وصلنا إليه في العزاء وقراءة القرآن؟ وليس ما نحن فيه الآن إلّا إثماً من آثام السكوت على مستصغر الشّرر.. فهذه المحافل إمّا أن تُلغى كليّاً، وإمّا أن تؤسّس على هدي الكتاب والسنّة، ولا أنصاف حلول في البين.
عالمُ اليوم فيه كثيرٌ من الأصنام التي ينبغي أن تُحطّم، في ملفّات كثيرة، ويلزمنا جهادٌ عظيمٌ لإنجاز ذلك ذبّاً عن شعائرنا وديننا، "إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ"، "إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ".
قال تعالى: (اللهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزّمر:23].
وقال تعالى: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً. قُلْ آمِنُوا بِهِ أوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ للأذْقَانِ سُجَّداً. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. وَيَخِرُّونَ للأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء: 106-108].
وقال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وأنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 82-83].
وقال تعالى: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
وقال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [التوبة: 124].
فهذه الأوصاف (تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربّهم)، (يخرّون للأذقان سُجّداً.. ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)، (أعينهم تفيض من الدّمع)، (وجلت قلوبهم)، (فزادتهم إيماناً)، تبيّن مدى تأثير القرآن الكريم في نفوسهم وقلوبهم. وواللهِ إنّ قراءة قصص الأنبياء في القرآن الكريم كفيلة أن تخلع القلوب من أماكنها وهي تبيّن جهادهم وصبرهم وحكمتهم في هداية هذا الخلق.
وأما محافلنا فليست إلّا لاختبار الحناجر وإطالة النَّفَس والتنغيم الطّربي "ممممممم الله الله الله.." مع هزّ الرؤوس والابتسامات السخيفة التي تدلّ على أنّ مولانا "مسَلْطِنْ" وقد "زَهْزَهَ" وكأنّه جالسٌ في "غُرْزَةٍ" مع مطربين من الأراذل والأوباش، على طريقة مستمعي قارئ القرآن بل المغنّي "الشيخ محمود الشحّات" حيث طلبوا منه -بعد وصلةٍ غنائيّةٍ طربيّةٍ بالقرآن وقد وقعوا تحت تأثير ألحانه-: "البَسْمَلَة اللي بتخُشِّ في النَّخَاشِيْش" -الفيديو على اليوتيوب لكم أن تشاهدوه وتضحكوا وتبكوا-!
وأكثر تفاهةً وسخافةً من هذا من يبرّر أنّ هذه المحافل نالت إعجاب كثيرٍ من النّاس أو تأثّرهم، ولو علم الحقّ لعرف أنّ هذه عليه وليست له؛ فأيّ عاقل بعد أن يرى هذا العالم المولَع بالطرب والأنغام والألحان وتأثر المجتمعات به يمكن أن يتّخذ هذه الأذواق الفاسدة دليلاً؟ وأيّ حجّة فيها بعد الكتاب والسنّة؟!
وفي المقام تبريرات أخرى ليست إلا مصداقاً لما وصفتُ به تفكير كثير من الإسلاميّين حيث قلتُ إنّهم "يقومون بعَقْدِ مصالحةٍ تلفيقيّة بين الإسلام وانفعال مجتمعاتنا بالثقافة الغربية، وفقاً لمنطق (امشِ مع الشيطان خطوات وأقنعه بالرجوع معك)، لكن ما يظهره الواقع هو أننا مشينا مع الشيطان خطوةً لإعادته معنا، فإذا بنا نكمل الطريق معه"، وقد تكلّمت سابقاً عن سياسة "تعطير البعر" التلفيقية عند كثيرٍ من فئات العمل الإسلاميّ، فلا داعي للاستطراد هنا.
وأمّا من يبرّر بأنّ هذه محافل جيّدة والأمر لا يخلو من جهات خلل فيها، فليعلم أنّ لا أنصافَ حلول مع القرآن، وهذه ليست أخطاء عابرة، بل هي ضربةٌ في عمق شأنيّة القرآن ومكانته، واستخفاف بحرمته ومقامه، والسكوت عنها يعني السّماح لكرة الثلج أن تتدحرج وتكبر، فمن كان يتخيّل قبل سنوات أن نصل إلى ما وصلنا إليه في العزاء وقراءة القرآن؟ وليس ما نحن فيه الآن إلّا إثماً من آثام السكوت على مستصغر الشّرر.. فهذه المحافل إمّا أن تُلغى كليّاً، وإمّا أن تؤسّس على هدي الكتاب والسنّة، ولا أنصاف حلول في البين.
عالمُ اليوم فيه كثيرٌ من الأصنام التي ينبغي أن تُحطّم، في ملفّات كثيرة، ويلزمنا جهادٌ عظيمٌ لإنجاز ذلك ذبّاً عن شعائرنا وديننا، "إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ"، "إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ".
Forwarded from مِداد (محمد بدر الدين)
#ليلة_القدر
🔹ما هي أهمّ الأعمال التي ينبغي لنا الالتفات إليها في ليلة القدر المباركة والاشتغال بها حتّى مطلع الفجر؟
🔸كيف يمكننا أن نستثمر الوقت في ليلة القدر بأبرز الأعمال العبادية المعتبرة التي حثّ عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام؟
00:00 فضل ليلة القدر
06:05 سؤال للتأمّل
09:25 يجب بذل الجهد
11:02 ضرورة ترتيب الأولويات بين الأعمال
16:30 استثمار هذه الليلة بما ثبت استحبابه
17:34 أوَّلا: كيف نقسّم ليلة القدر؟
19:22 ثانيًا: الغسل ليلة 19 و21 و23
20:39 ثالثًا: صلاة ال 100 ركعة من أهم الأعمال
27:20 رابعًا: أبرز الأدعية المعتبرة في كتاب الكافي
29:55 دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة
32:13 دعاء سريع الإجابة
33:18 الدعاء جامع للدنيا والآخرة
34:15 دعاء الإلحاح
34:44 الدعاء الجامع
36:10 خامسًا: مقترح من أدعية الصحيفة السجادية المباركة
38:54 سادسًا: زيارة الإمام الحسين (ع)
39:15 تجدّد الحزن على مصابنا بأمير المؤمنين (ع)
39:37 خاتمة
المقطع الكامل على قناة اليوتيوب مدته 40 د. أسأل الله أن يكون عونًا للمؤمنين في إحياء هذه الليلة المباركة، وسوف أسعى جاهدًا إن شاء الله لرفع ملف الأدعية والأعمال على قناة التلغرام قبل المساء إن استطعت.
🖥للمشاهدة: https://youtu.be/IM_NQY-zHvE
📲 التلغرام: https://www.tg-me.com/meedaad
نسألكم الدعاء في هذه الليلة المباركة
🔹ما هي أهمّ الأعمال التي ينبغي لنا الالتفات إليها في ليلة القدر المباركة والاشتغال بها حتّى مطلع الفجر؟
🔸كيف يمكننا أن نستثمر الوقت في ليلة القدر بأبرز الأعمال العبادية المعتبرة التي حثّ عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام؟
00:00 فضل ليلة القدر
06:05 سؤال للتأمّل
09:25 يجب بذل الجهد
11:02 ضرورة ترتيب الأولويات بين الأعمال
16:30 استثمار هذه الليلة بما ثبت استحبابه
17:34 أوَّلا: كيف نقسّم ليلة القدر؟
19:22 ثانيًا: الغسل ليلة 19 و21 و23
20:39 ثالثًا: صلاة ال 100 ركعة من أهم الأعمال
27:20 رابعًا: أبرز الأدعية المعتبرة في كتاب الكافي
29:55 دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة
32:13 دعاء سريع الإجابة
33:18 الدعاء جامع للدنيا والآخرة
34:15 دعاء الإلحاح
34:44 الدعاء الجامع
36:10 خامسًا: مقترح من أدعية الصحيفة السجادية المباركة
38:54 سادسًا: زيارة الإمام الحسين (ع)
39:15 تجدّد الحزن على مصابنا بأمير المؤمنين (ع)
39:37 خاتمة
المقطع الكامل على قناة اليوتيوب مدته 40 د. أسأل الله أن يكون عونًا للمؤمنين في إحياء هذه الليلة المباركة، وسوف أسعى جاهدًا إن شاء الله لرفع ملف الأدعية والأعمال على قناة التلغرام قبل المساء إن استطعت.
🖥للمشاهدة: https://youtu.be/IM_NQY-zHvE
📲 التلغرام: https://www.tg-me.com/meedaad
نسألكم الدعاء في هذه الليلة المباركة
YouTube
كيف نختار أهم الأعمال في ليلة القدر ؟ - برنامج مقترح || السيد محمد بدر الدين
#ليلة_القدر #شهر_رمضان
ما هي أهم الأعمال التي ينبغي لنا الالتفات إليها في ليلة القدر المباركة والاشتغال بها حتى مطلع الفجر؟ وكيف يمكننا أن نستثمر الوقت في ليلة القدر بأبرز الأعمال العبادية المعتبرة التي حثّ عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام؟
00:00 فضل ليلة…
ما هي أهم الأعمال التي ينبغي لنا الالتفات إليها في ليلة القدر المباركة والاشتغال بها حتى مطلع الفجر؟ وكيف يمكننا أن نستثمر الوقت في ليلة القدر بأبرز الأعمال العبادية المعتبرة التي حثّ عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام؟
00:00 فضل ليلة…
Forwarded from وثائق عن حقيقة الوهابية 🔻
🏴 عظَّم اللهُ أجوركم..
مُنتَخبٌ من فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ودلائل مظلوميّته
1- بسندٍ معتبر عن الإمام الحسن (ع): أمير المؤمنين (ع) ما سبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون
2- إحاطة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالعلوم الإلهيّة ومعرفته بالقرآن
3- الشيخ الوهابي العثيمين: عليّ بن أبي طالب كان يرى نفسَه أولى بالخلافة
4- خصوصيّة فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في فتح خيبر
5- بأسانيد صحيحة: النبيّ (ص) يُقاتل على التنزيل، وعليّ (ع) يُقاتل على التأويل
6- حديث صحيح: أشقى الآخرين قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
7- أحد الصّحابة: جاء لعليٍّ من المناقب ما لو أنّ منقباً منها قُسِّم بين الناس لأوسعهم خيراً
8- الازدواجيّة عند الحافظ الذهبيّ: حديث «لا يحبّك إلا مؤمنٌ..» أنموذجاً
9- كلام المؤرخ ابن قتيبة الدينوري حول ظلم المحدثين لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)
10-امتناع التابعي سعيد بن جبير من ذكر منقبة لأمير المؤمنين (ع) خوفاً من بطش بني أمية
مُنتَخبٌ من فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ودلائل مظلوميّته
1- بسندٍ معتبر عن الإمام الحسن (ع): أمير المؤمنين (ع) ما سبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون
2- إحاطة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالعلوم الإلهيّة ومعرفته بالقرآن
3- الشيخ الوهابي العثيمين: عليّ بن أبي طالب كان يرى نفسَه أولى بالخلافة
4- خصوصيّة فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في فتح خيبر
5- بأسانيد صحيحة: النبيّ (ص) يُقاتل على التنزيل، وعليّ (ع) يُقاتل على التأويل
6- حديث صحيح: أشقى الآخرين قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
7- أحد الصّحابة: جاء لعليٍّ من المناقب ما لو أنّ منقباً منها قُسِّم بين الناس لأوسعهم خيراً
8- الازدواجيّة عند الحافظ الذهبيّ: حديث «لا يحبّك إلا مؤمنٌ..» أنموذجاً
9- كلام المؤرخ ابن قتيبة الدينوري حول ظلم المحدثين لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)
10-امتناع التابعي سعيد بن جبير من ذكر منقبة لأمير المؤمنين (ع) خوفاً من بطش بني أمية
Blogspot
بالوثائق المصورة || بسندٍ معتبر عن الإمام الحسن (ع): أمير المؤمنين (ع) ما سبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون
عليٌّ (ع) إمامُ الفضيلة والتّقوى
لطالما اتّهم من لا عقل له أميرَ المؤمنين (عليه السّلام) بأنّه لم يكن يُحسِنُ السّياسة، وأنّه لقي مصيره بسبب عدم إحسانه لتجاوز عقبات الواقع بسياسته.
والحال أنّنا لا بدّ أن نقف على تعريف "السياسة" التي يقصدونها، فهل هي الالتزام بالقيم الإلهيّة ونهج الفضيلة أم الميكافيليّة التي تجوّز إماتة المبادئ والمثل العليا لأجل التوصّل إلى مكتسباتٍ تزول بزوال الوقت وتبقى تبعاتها الثقيلة على رسالة الإسلام وعدالته؟
لم تغب هذه الأفكار عن محضر أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد عُرِضَ عليه أن يكون (سياسيّاً) من الطراز النّفعيّ الذي يميت المبادئ والقيم، ويهضم حقوق النّاس لأجل تحصيل بعض المكتسبات، يروي الثّقفيّ في (الغارات) أنّ طائفةً من أصحاب عليّ -عليه السّلام- مشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين، أعطِ هذه الأموال، وفَضِّلْ هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومَنْ تخافُ خِلافَهُ من النَّاس وفراره.
فقال: أتأمروني أن أطلب النَّصر بالجَوْرِ؟! والله لا أفعل ما طلعت شمسٌ وما لاح في السّماء نجمٌ، واللهِ لو كان مالهم لي لواسَيْتُ بينهم، فكيف وإنَّما هي أموالهم؟!
فمثل هذه الأفكار لم تكن غائبةً عنه، ولم يكن يجهلها من قبل أن تُعرَض عليه، وهو العارف بدخائل الطبائع البشريّة، وهو العالِم بأنّ المال يمكنه أن يفعل فعله ويستميل النّفوس إليه، ولكنه أبى أن يستثمر أموال المسلمين لمنافعَ موهومة، وآثر هدى الله على حِيل البشر وشيطنتهم.
وهكذا مضى عليٌّ -صلوات الله عليه- مُعرِضاً عن الحيل الشيطانيّة التي تقتل رسالة الإسلام، مستمسكاً بهدى القرآن وسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى لقي ربَّه، وما على وجه الأرض خلق أصدق وأبرّ منه..
لطالما اتّهم من لا عقل له أميرَ المؤمنين (عليه السّلام) بأنّه لم يكن يُحسِنُ السّياسة، وأنّه لقي مصيره بسبب عدم إحسانه لتجاوز عقبات الواقع بسياسته.
والحال أنّنا لا بدّ أن نقف على تعريف "السياسة" التي يقصدونها، فهل هي الالتزام بالقيم الإلهيّة ونهج الفضيلة أم الميكافيليّة التي تجوّز إماتة المبادئ والمثل العليا لأجل التوصّل إلى مكتسباتٍ تزول بزوال الوقت وتبقى تبعاتها الثقيلة على رسالة الإسلام وعدالته؟
لم تغب هذه الأفكار عن محضر أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد عُرِضَ عليه أن يكون (سياسيّاً) من الطراز النّفعيّ الذي يميت المبادئ والقيم، ويهضم حقوق النّاس لأجل تحصيل بعض المكتسبات، يروي الثّقفيّ في (الغارات) أنّ طائفةً من أصحاب عليّ -عليه السّلام- مشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين، أعطِ هذه الأموال، وفَضِّلْ هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومَنْ تخافُ خِلافَهُ من النَّاس وفراره.
فقال: أتأمروني أن أطلب النَّصر بالجَوْرِ؟! والله لا أفعل ما طلعت شمسٌ وما لاح في السّماء نجمٌ، واللهِ لو كان مالهم لي لواسَيْتُ بينهم، فكيف وإنَّما هي أموالهم؟!
فمثل هذه الأفكار لم تكن غائبةً عنه، ولم يكن يجهلها من قبل أن تُعرَض عليه، وهو العارف بدخائل الطبائع البشريّة، وهو العالِم بأنّ المال يمكنه أن يفعل فعله ويستميل النّفوس إليه، ولكنه أبى أن يستثمر أموال المسلمين لمنافعَ موهومة، وآثر هدى الله على حِيل البشر وشيطنتهم.
وهكذا مضى عليٌّ -صلوات الله عليه- مُعرِضاً عن الحيل الشيطانيّة التي تقتل رسالة الإسلام، مستمسكاً بهدى القرآن وسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى لقي ربَّه، وما على وجه الأرض خلق أصدق وأبرّ منه..
Forwarded from تراث الإماميّة في الحديث وعلومه
#الفوائد_العلمية (13) || حديثٌ يُتناقل في ذكر مقتل أمير المؤمنين (عليه السّلام) لا أصل له
قال السيّد محسن الأمين (رحمه الله) في ترجمة المحدّث الميرزا النوريّ (رحمه الله): (وكان يقرأ بنفسه في مجالس الذكرى التي يقيمها في داره لوفيات أهل البيت عليهم السلام، وحضرتُ يوماً في بعض تلك المجالس فسمعتُه يقول: إنّ الكلام المنسوب إلى الأصبغ بن نباتة أنه خاطب به أمير المؤمنين عليه السلام لمّا ضربه ابن ملجم الذي فيه: «إنّ البرد لا يزلزل الجبل الأشم، ولفحة الهجير لا تجفِّفُ البحر الخضم، والليث يضرى إذا خش، والصل يقوى إذا ارتعش» لا أصل له، ولم يُروَ في كتابٍ. وتذكّرتُ ما سمعتُه من بعض علماء جبل عامل الذين درسوا في العراق وسمعوا هذا الكلام من أفواه الخطباء فظنُّوه حقّاً لِمَا فيه من التزويق والتسجيع الفارع، ولم يعلموا أنّه موضوع؛ لبُعدهم عن الاطّلاع على التاريخ والآثار وتقصيرهم في ذلك، فكان يُعجَبُ بهذا الكلام ويكرِّرُ تلاوته ثم إنِّي حينما ألَّفْتُ في سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام فتّشْتُ فلم أجد له أثراً).
📚 أعيان الشيعة، ج6، ص143.
قال السيّد محسن الأمين (رحمه الله) في ترجمة المحدّث الميرزا النوريّ (رحمه الله): (وكان يقرأ بنفسه في مجالس الذكرى التي يقيمها في داره لوفيات أهل البيت عليهم السلام، وحضرتُ يوماً في بعض تلك المجالس فسمعتُه يقول: إنّ الكلام المنسوب إلى الأصبغ بن نباتة أنه خاطب به أمير المؤمنين عليه السلام لمّا ضربه ابن ملجم الذي فيه: «إنّ البرد لا يزلزل الجبل الأشم، ولفحة الهجير لا تجفِّفُ البحر الخضم، والليث يضرى إذا خش، والصل يقوى إذا ارتعش» لا أصل له، ولم يُروَ في كتابٍ. وتذكّرتُ ما سمعتُه من بعض علماء جبل عامل الذين درسوا في العراق وسمعوا هذا الكلام من أفواه الخطباء فظنُّوه حقّاً لِمَا فيه من التزويق والتسجيع الفارع، ولم يعلموا أنّه موضوع؛ لبُعدهم عن الاطّلاع على التاريخ والآثار وتقصيرهم في ذلك، فكان يُعجَبُ بهذا الكلام ويكرِّرُ تلاوته ثم إنِّي حينما ألَّفْتُ في سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام فتّشْتُ فلم أجد له أثراً).
📚 أعيان الشيعة، ج6، ص143.