إلهي الحنون
بعد أن يمر كل ما قدرته لي
هبني شيئًا حقيقيا
شيئًا واحدًا فقط
ألمسه بيديّ هاتين دون فزعٍ أو خيبةٍ..
بعد أن يمر كل ما قدرته لي
هبني شيئًا حقيقيا
شيئًا واحدًا فقط
ألمسه بيديّ هاتين دون فزعٍ أو خيبةٍ..
أحتاج إلى إشارة منك،
إشارة تخبرني بأن كل هذا السواد سينجلي ولو بعد حين..
أحتاج أن تضع لي نقطة ضوء في نهاية هذا النفق الضيق والمظلم..
أن تدلني إلى زهرة غافية في هذا الحقل المحروق،
أن تُسمعني صوت قرقعة مفاتيح خلف هذه الأبواب الكئيبة الموصدة..
أحتاج يا الله لحافز صغير
كي أصمد.
إشارة تخبرني بأن كل هذا السواد سينجلي ولو بعد حين..
أحتاج أن تضع لي نقطة ضوء في نهاية هذا النفق الضيق والمظلم..
أن تدلني إلى زهرة غافية في هذا الحقل المحروق،
أن تُسمعني صوت قرقعة مفاتيح خلف هذه الأبواب الكئيبة الموصدة..
أحتاج يا الله لحافز صغير
كي أصمد.
صباح الخير بدون نفس، أمّا بعد..
كم مرة تمنّيتوا تفتحوا الباب على مصراعيه هاربين من كل شيء، بلا التزامات من أنفسكم حتى، تاركين خلفكم الفزع والقلق ينهش المُتبقي من أيامكم، متنازلين ومتخففين تمامًا عن الانتماء لأي شيء؟
كم مرة تمنّيتوا تفتحوا الباب على مصراعيه هاربين من كل شيء، بلا التزامات من أنفسكم حتى، تاركين خلفكم الفزع والقلق ينهش المُتبقي من أيامكم، متنازلين ومتخففين تمامًا عن الانتماء لأي شيء؟
الاِضطهاد الوحيد الذي يمارسه الانسان على نفسه هو محاولته بأن يكون جيدًا إلى الأبد.
ستظلُّ تجمعُ صورتي وتلمُّها
وأنا انتثرتُ قصائداً وأغاني
وتظلُّ تبحثُ عن خيالٍ هاربٍ
شبح يُشابهني ولن تلقاني
في كُلِّ ركن قد تركت حكايةً
وزرعتني عمداً بكل مكانِ
لا شيء يُمكنه إعادة ما مضى
أنا لن أعودَ وأنتَ لن تنساني
_روضة الحاج
وأنا انتثرتُ قصائداً وأغاني
وتظلُّ تبحثُ عن خيالٍ هاربٍ
شبح يُشابهني ولن تلقاني
في كُلِّ ركن قد تركت حكايةً
وزرعتني عمداً بكل مكانِ
لا شيء يُمكنه إعادة ما مضى
أنا لن أعودَ وأنتَ لن تنساني
_روضة الحاج
المشاعر التي تغيرت بسبب الإدراك -لا تعود- المُدرك ليس كالغاضب، المُدرك لا يعود، لا يعود أبدًا.
يا اللَّه أنا متعب من فوات الفرص، وتأجيل الأحلام، وتمزق السبل، متعب لأنني أريد ولا يسعني الوصول، متعب وخائف ومملوء بالحذر، ألهِمني يا الله الرُشد واليُسر ولا تعسّر لي أمرًا، ساعدني يارب ولا تتركني لحيرتي وجهدي.. آمين.
كلنا هاربون يا صديقي مِن الملل ومن الأماكن ومن الأشخاص، كل منا لديه سبب للهروب مختلف عن الآخر، ولكن نحنُ مجتمعون في الهرب مِن شيءٍ ما.
طردوني من العمل
وقالوا: أذهب
واعمل عند الله.
وها أنا يا رب
شاب ثلاثة وعشرون عاما
أعزب. .و أب ل 3 أحلام
وأرغب في العمل لديك..
أنا أجيد الكثير من المهارات
كالطهي مثلا..
لذلك يمكنني إن أعمل لديك طباخا
أقطف نجمتين وأعجنهما جيداً
وأضيف إليهما ماء سحابة عذبة،
ثم إنني صبور جداً،
ويمكنني الإنتظار حتى تطلع الشمس
وتقوم بتسوية العجين،
سأحمل الطعام بنفسي
وأطوف على الفقراء الذين ناموا بلا عشاء
وأضع الكثير منه
على وسائدهم المبقعة بالخيبات،
قبل طردي كنت أحمل البضائع
وأنقلها إلى المخازن الواسعة
فلماذا لأ توظفني لديك حمالا؟
سوف أحمل السحب على كتفي
وأظلل بها رؤوس الأرامل
اللواتي يبعن الخضار في شوارع مدينتنا..
أنا قوي يا الله
يمكنني إن أحمل جبلا عظيما لأثبت به
قلب امرأة غرق ولدها
وهو يحاول الوصول إلى أحلامه
التي تنتظره على الجانب الآخر من البحر،
ثم إنني أجيد التفاوض
ولدي مهارة عقد الصفقات
مما يؤهلني لاقناع الشيطان
بإن يكفر عن ذنبه ويسجد لك
رُبما بهذا يدخل كل البشر الجنة..
أنا أخاف من النار
منذ إن احترق قلب أخي وهو يبحث
عن رغيف لطفله الجائع..
أطعموني بعدها آلاف الأرغفة
لكني مازلت جائعا يا الله.
في الأعياد
أنفخ (البلالين)
فهل يؤهلني ذلك للعمل لديك
كنافخ بوق؟
سأكون رقيقا جداً
وسأنفخ ببطء
ولن أرهب الموتى إذ يقومون مع النفخ،
بل رُبما أستبدل الناي بالبوق
وأعزف لهم ألحانا مبهجة.
آه.. نسيت إن أخبرك
أنا أجيد الكتابة
وأفكر في إن أعمل كملاك
يسجل كل ما يفعله رجل ما..
اختر لي رجلا يا رب
شريطة إن يكون غنيا..
سأجلس فوق كتفه الأيسر
وأسجل كل سيئاته..
أريد إن أذهب معه إلى الفنادق الفاخرة
وأكتب في سجله:
إنه يضاجع امرأة بيضاء
شعرها أسود
وعيناها عسليتان
وجسدها لين مثل الإسفنج
ولديها كومة من الأطفال الجوعى
يلعبون في حي شعبي
ريثما تعود إليهم بالطعام.
أريد إن أذهب معه إلى حانة..
أنا لأ أشرب الخمر يا الله
فنحن الفقراء نسكر من مشاكلنا
لكني أريد إن أعرف
كيف يسكر الأغنياء؟.
كثيراً ما قلمت أظافري
فلماذا لأ تجربني في تقليم أظافر الشمس..
لقد طالت يا الله
لدرجة أنها تغرسها في رؤوس العمال
الذين يعملون في المصانع البعيدة..
العامل من هؤلاء
يعود إلى بيته برأس متورم
بينما أصحاب المصانع
يحصون أرباحهم في المكاتب المكيفة..
لقد طردوني يا الله
وها أنا ذا
شاب ثلاثة وعشرون عاما
أعزب و أعول ثلاثة أحلام
وعاطل عن العمل
فهل لديك وظيفةلي..؟!!
وقالوا: أذهب
واعمل عند الله.
وها أنا يا رب
شاب ثلاثة وعشرون عاما
أعزب. .و أب ل 3 أحلام
وأرغب في العمل لديك..
أنا أجيد الكثير من المهارات
كالطهي مثلا..
لذلك يمكنني إن أعمل لديك طباخا
أقطف نجمتين وأعجنهما جيداً
وأضيف إليهما ماء سحابة عذبة،
ثم إنني صبور جداً،
ويمكنني الإنتظار حتى تطلع الشمس
وتقوم بتسوية العجين،
سأحمل الطعام بنفسي
وأطوف على الفقراء الذين ناموا بلا عشاء
وأضع الكثير منه
على وسائدهم المبقعة بالخيبات،
قبل طردي كنت أحمل البضائع
وأنقلها إلى المخازن الواسعة
فلماذا لأ توظفني لديك حمالا؟
سوف أحمل السحب على كتفي
وأظلل بها رؤوس الأرامل
اللواتي يبعن الخضار في شوارع مدينتنا..
أنا قوي يا الله
يمكنني إن أحمل جبلا عظيما لأثبت به
قلب امرأة غرق ولدها
وهو يحاول الوصول إلى أحلامه
التي تنتظره على الجانب الآخر من البحر،
ثم إنني أجيد التفاوض
ولدي مهارة عقد الصفقات
مما يؤهلني لاقناع الشيطان
بإن يكفر عن ذنبه ويسجد لك
رُبما بهذا يدخل كل البشر الجنة..
أنا أخاف من النار
منذ إن احترق قلب أخي وهو يبحث
عن رغيف لطفله الجائع..
أطعموني بعدها آلاف الأرغفة
لكني مازلت جائعا يا الله.
في الأعياد
أنفخ (البلالين)
فهل يؤهلني ذلك للعمل لديك
كنافخ بوق؟
سأكون رقيقا جداً
وسأنفخ ببطء
ولن أرهب الموتى إذ يقومون مع النفخ،
بل رُبما أستبدل الناي بالبوق
وأعزف لهم ألحانا مبهجة.
آه.. نسيت إن أخبرك
أنا أجيد الكتابة
وأفكر في إن أعمل كملاك
يسجل كل ما يفعله رجل ما..
اختر لي رجلا يا رب
شريطة إن يكون غنيا..
سأجلس فوق كتفه الأيسر
وأسجل كل سيئاته..
أريد إن أذهب معه إلى الفنادق الفاخرة
وأكتب في سجله:
إنه يضاجع امرأة بيضاء
شعرها أسود
وعيناها عسليتان
وجسدها لين مثل الإسفنج
ولديها كومة من الأطفال الجوعى
يلعبون في حي شعبي
ريثما تعود إليهم بالطعام.
أريد إن أذهب معه إلى حانة..
أنا لأ أشرب الخمر يا الله
فنحن الفقراء نسكر من مشاكلنا
لكني أريد إن أعرف
كيف يسكر الأغنياء؟.
كثيراً ما قلمت أظافري
فلماذا لأ تجربني في تقليم أظافر الشمس..
لقد طالت يا الله
لدرجة أنها تغرسها في رؤوس العمال
الذين يعملون في المصانع البعيدة..
العامل من هؤلاء
يعود إلى بيته برأس متورم
بينما أصحاب المصانع
يحصون أرباحهم في المكاتب المكيفة..
لقد طردوني يا الله
وها أنا ذا
شاب ثلاثة وعشرون عاما
أعزب و أعول ثلاثة أحلام
وعاطل عن العمل
فهل لديك وظيفةلي..؟!!
يجب على الأيام أن تتحرك بشكلٍ ما
عليها أن تتلاعب بدهشتي، هذا الركود
يُخرج الانسان عن طوره .
عليها أن تتلاعب بدهشتي، هذا الركود
يُخرج الانسان عن طوره .
وكان علينا أيضاً أن نقتني الأملَ دائماً في قلوبنا كذريعةٍ وحيدةٍ للحياة وأن نُربي الدمع كأسماك كثيرةٍ لامعة في برك عيوننا وأن نتعلمَ الخوف،الخوف الذي نختبئ فيه دائماً كخندقٍ آمنٍ ووحيد"
_محمد النعيمات
_محمد النعيمات
كنتَ تمرّ ياحب حاملا كيسَ النجوم على ظهركَ
فنتبعكَ على دراجاتنا الهوائية.
لانعرف الآن أنـّا صرنا نتبع، مـَن عند أول منعطف سيتوارى:
نلتفتُ فنراه عالقا على الأسلاك،
التي وضعناها لإصطياد العدو.
هل أنتَ عدوّنا ياحب وهل قلوبنا ساحة حرب؟
فنتبعكَ على دراجاتنا الهوائية.
لانعرف الآن أنـّا صرنا نتبع، مـَن عند أول منعطف سيتوارى:
نلتفتُ فنراه عالقا على الأسلاك،
التي وضعناها لإصطياد العدو.
هل أنتَ عدوّنا ياحب وهل قلوبنا ساحة حرب؟
"مَشَينا خفيفين، لئلاَّ نُزعِج ندى الطريق. ولم نَحنِ غصنًا، لم نُوقظ النسيم، لم نُودِّع الأصدقاء، لم نَقُل كلمة. فقط، مَشَينا"
وكل صباحٍ
أبحث عنّي وعنّي
وأسأل عن نفسي بيني وبيني
اتمتم
أين المدار
يا فجرُ
قد تاه وضاع مِنّي
شلالُ حُزنٍ
عمّا مضىٰ
أنهار خوفٍ
من جمر الغظا
ابعثرُ قصاصاتي
أفتشُ أوراقي
وأراجع ذكرياتي
فتصحو من الغافيات الكثير
ذكرياتٌ ليست تقالْ
واوهامٌ وهمومٌ ثقالْ
اشتهي بعيداً عن مداها السّفرْ
الى السماء
نحو حبيبٍ مُطاعٍ إذ أمرْ
ضياعٌ هُنا
فمتى اللقاءُ يا أنا ؟
لعلي
إما بحتُ لو جلست لديك
أو كتبتُ أو قرأتُ عليك
لعلي ألاقيَ
روحي الهارب مني إليك
لعلي غفرتُ لروحي أوزار نفسي فاغفو قليلا على ساعديك !
- خالد القدسي
أبحث عنّي وعنّي
وأسأل عن نفسي بيني وبيني
اتمتم
أين المدار
يا فجرُ
قد تاه وضاع مِنّي
شلالُ حُزنٍ
عمّا مضىٰ
أنهار خوفٍ
من جمر الغظا
ابعثرُ قصاصاتي
أفتشُ أوراقي
وأراجع ذكرياتي
فتصحو من الغافيات الكثير
ذكرياتٌ ليست تقالْ
واوهامٌ وهمومٌ ثقالْ
اشتهي بعيداً عن مداها السّفرْ
الى السماء
نحو حبيبٍ مُطاعٍ إذ أمرْ
ضياعٌ هُنا
فمتى اللقاءُ يا أنا ؟
لعلي
إما بحتُ لو جلست لديك
أو كتبتُ أو قرأتُ عليك
لعلي ألاقيَ
روحي الهارب مني إليك
لعلي غفرتُ لروحي أوزار نفسي فاغفو قليلا على ساعديك !
- خالد القدسي
مُرهف.
وحيدًا تُلاقيني الليالي بثُقلِها.
هذا اللّيل يطول ، وقلبي يتعفّن مع كل دقيقة تقريبًا.
لا أعلمُ ما الذي يُمكنني قوله للعالم وأنا على حافّة الهاوية الآن ، لكنّ قلبي وعقلي معطوبان منذ الوهلة الاولى ، لطالما شككتُ بأنّ الله خلق معي كل هذه الانحناءات والصدوع والشكوك والقلق والفَزع، ولقد تيقّنت البارحة من ذلك.
إننّي أشعُر بالإشمئزاز من نفسي في الحقيقة، ولا أخفيكم أننّي في لحظاتٍ كثيرة تمنّيتُ أن أتقيأ روحي ، فلقد سئمتُها وسئمتني ، وفي لحظاتٍ أخرى كنتُ أُمسكها داخل أضلعي وبشدّدة ، أتشبثُ بها بقوّة، ثمّ يكونُ مصيري أن أُحاربَ روحي فتقتلني ، أو أسدُّ منافذها فتكتُمني ، أو أصفعها فتُلقيني أرضًا ، هكذا.. في عراكٍ دائم.
ثمّ إننّي مللتُ كثيرًا ، نعم مللتُ جدًا ، لكننّي هذه المرّة مللتُ من نفسي فقط ، مللتُ من المحاولات الكثيرة وأللّا متناهية في التغيُّر ، لقد خطوتُن خطواتٍ كثيرة نحو الأمام ، ومددتُّ يديَّ وأرجلي وجوارحي لأسدَّ بها كل الدروب السيئة ، مضيتُ في سُبلٍ كثيرةٍ وطويلة، ثمّ حين وصلتُ لها .. وجدتُّ آخرها فارغًا.
لقد خانني اليقين ، اليقين الذي أحملهُ في صدري طيلة الرحلة ، لقد كان قلبي مثقوبًا دون أن أشعر .. حتّى تسرّب منهُ هذا اليقين قطرةً قطرة ، ثم حين وصلتُ الى نهاية الطّريق وجدّتني خاويًا ، فارغًا إلّا من الشّك والخوف.
بحثتُ عن الطمأنينة مطوّلًا ، أتيتُ خائفًا راكضًا أفتّشُ في كل هذه الوجوه .. علّي أجدُ من يُمسك يديّ بقوّة وبدفء ، ومن يُدخلني إلى قلبهِ دون أن أُهديه شيئًا يستحق ، وأن يُغلق عليَّ في داخله بإحكام مهما بلغت أخطائي في حقّه.
آلمني كثيرًا وكسرني أننّي لم أجد الحقيقة ، أيَّ حقيقةٍ كانت .. أيّ حقيقةٍ ملموسة ومحسوسة ، سواءً في لمسة يد ، أو حضنٍ ما ، أو نظرةٍ لامعةٍ مُختلفة وأخّاذة.. بدى لي المكانُ مرعبًا ، وأننّي مجبرٌ على البقاء هناك مهما حاولتُ الخروج.
لم أستطع أن أكونَ شجاعًا ، وكل محاولاتي أو إثباتاتي في كوْني كذلك فشلت جميعها الآن ، أنا جبان ، جبانٌ جدًا ، وبإمكان نصٍّ عابر أن يُثير في روحي القلق ، وأن يقلبها رأسًا على عقب.
أشعُر أننّي مُشتت ، مُفتت ، مقطّعٌ إلى أشلاء ، ولا أحدَ قادرٌ على جمعي وإعادة تشكيلي ، متناثرٌ هنا وهناك من فرط إنكساراتي ، ومن هشاشتي أيضًا.
لا أحد يُصّدق معنى الوحدة التي أشعرُ بها وأقصدها دائمًا وكنتُ أنكرها مؤخّرًا بكل ما أوتيت من قوّة لكنّها ثابتة شامخة أزليّة كوشمٍ أو ذنبٍ غير قابلة للتهميش لأكثر من ليالٍ معدودات ثم تعود بحُلّةٍ أبهى وأوضح وأصدق وأثبت من المرّة التي سبقتها تقف في وجه نكراني وتعاليَّ مرتدية ابتسامة سخرية عريضة من الذين استبدلتهم بها كأنها تقول “أرأيت؟ مردِّك لي.” ، هذه الوحدة لم تكن شعورًا عاديًّا بإمكانه أن يعلق في قلبي لفترةٍ ويمر .. كلّا ، إنّها دائمة ، تُشكّل عائقًا كبيرًا أمامي ، تمنعني من فعل أشياء كثيرة ، تنتظرني في نهاية الطرقات ، المحطات ، الشوارع ، نهاية الحفلات ، ونهاية الوقت الذي أمضيه مع ما يسمّى بالأصدقاء ، لا بدَّ أنّها لعنة!.
لا أعلمُ ما الذي يُمكنني قوله للعالم وأنا على حافّة الهاوية الآن ، لكنّ قلبي وعقلي معطوبان منذ الوهلة الاولى ، لطالما شككتُ بأنّ الله خلق معي كل هذه الانحناءات والصدوع والشكوك والقلق والفَزع، ولقد تيقّنت البارحة من ذلك.
إننّي أشعُر بالإشمئزاز من نفسي في الحقيقة، ولا أخفيكم أننّي في لحظاتٍ كثيرة تمنّيتُ أن أتقيأ روحي ، فلقد سئمتُها وسئمتني ، وفي لحظاتٍ أخرى كنتُ أُمسكها داخل أضلعي وبشدّدة ، أتشبثُ بها بقوّة، ثمّ يكونُ مصيري أن أُحاربَ روحي فتقتلني ، أو أسدُّ منافذها فتكتُمني ، أو أصفعها فتُلقيني أرضًا ، هكذا.. في عراكٍ دائم.
ثمّ إننّي مللتُ كثيرًا ، نعم مللتُ جدًا ، لكننّي هذه المرّة مللتُ من نفسي فقط ، مللتُ من المحاولات الكثيرة وأللّا متناهية في التغيُّر ، لقد خطوتُن خطواتٍ كثيرة نحو الأمام ، ومددتُّ يديَّ وأرجلي وجوارحي لأسدَّ بها كل الدروب السيئة ، مضيتُ في سُبلٍ كثيرةٍ وطويلة، ثمّ حين وصلتُ لها .. وجدتُّ آخرها فارغًا.
لقد خانني اليقين ، اليقين الذي أحملهُ في صدري طيلة الرحلة ، لقد كان قلبي مثقوبًا دون أن أشعر .. حتّى تسرّب منهُ هذا اليقين قطرةً قطرة ، ثم حين وصلتُ الى نهاية الطّريق وجدّتني خاويًا ، فارغًا إلّا من الشّك والخوف.
بحثتُ عن الطمأنينة مطوّلًا ، أتيتُ خائفًا راكضًا أفتّشُ في كل هذه الوجوه .. علّي أجدُ من يُمسك يديّ بقوّة وبدفء ، ومن يُدخلني إلى قلبهِ دون أن أُهديه شيئًا يستحق ، وأن يُغلق عليَّ في داخله بإحكام مهما بلغت أخطائي في حقّه.
آلمني كثيرًا وكسرني أننّي لم أجد الحقيقة ، أيَّ حقيقةٍ كانت .. أيّ حقيقةٍ ملموسة ومحسوسة ، سواءً في لمسة يد ، أو حضنٍ ما ، أو نظرةٍ لامعةٍ مُختلفة وأخّاذة.. بدى لي المكانُ مرعبًا ، وأننّي مجبرٌ على البقاء هناك مهما حاولتُ الخروج.
لم أستطع أن أكونَ شجاعًا ، وكل محاولاتي أو إثباتاتي في كوْني كذلك فشلت جميعها الآن ، أنا جبان ، جبانٌ جدًا ، وبإمكان نصٍّ عابر أن يُثير في روحي القلق ، وأن يقلبها رأسًا على عقب.
أشعُر أننّي مُشتت ، مُفتت ، مقطّعٌ إلى أشلاء ، ولا أحدَ قادرٌ على جمعي وإعادة تشكيلي ، متناثرٌ هنا وهناك من فرط إنكساراتي ، ومن هشاشتي أيضًا.
لا أحد يُصّدق معنى الوحدة التي أشعرُ بها وأقصدها دائمًا وكنتُ أنكرها مؤخّرًا بكل ما أوتيت من قوّة لكنّها ثابتة شامخة أزليّة كوشمٍ أو ذنبٍ غير قابلة للتهميش لأكثر من ليالٍ معدودات ثم تعود بحُلّةٍ أبهى وأوضح وأصدق وأثبت من المرّة التي سبقتها تقف في وجه نكراني وتعاليَّ مرتدية ابتسامة سخرية عريضة من الذين استبدلتهم بها كأنها تقول “أرأيت؟ مردِّك لي.” ، هذه الوحدة لم تكن شعورًا عاديًّا بإمكانه أن يعلق في قلبي لفترةٍ ويمر .. كلّا ، إنّها دائمة ، تُشكّل عائقًا كبيرًا أمامي ، تمنعني من فعل أشياء كثيرة ، تنتظرني في نهاية الطرقات ، المحطات ، الشوارع ، نهاية الحفلات ، ونهاية الوقت الذي أمضيه مع ما يسمّى بالأصدقاء ، لا بدَّ أنّها لعنة!.