Telegram Web Link
سيدي يا بقية الله.


ان كانت غيبتك مصيبة، فغيبتك عن قلوبنا مصيبة أعظم.

وان كان بعدك عن ديارنا بلية، فبعدك عن قلوبنا أشد بلية.

وان كان فقدنا لك مأساة، فنسيانك في قلوبنا أشد وأقسى.

وان كان فراقك مر، ففراقنا لذكرك أقسى وأمر.
إقبل يا ابن فاطمة، فإنا بحاجة إليك.
إقبل يا ابن فاطمة، فالرقاب طوع يديك.
إقبل يا ابن فاطمة، فالطاعة رهن شفتيك.
إقبل يا ابن فاطمة، فالأرواح قربان بين يديك.
إقبل يا ابن فاطمة، فالنفوس تائقة اليك.
إقبل يا ابن فاطمة، فالعيون متشوقة لسيفك.
إقبل يا ابن فاطمة، فلا شأن لنا بغيرك.
إقبل يا ابن فاطمة، فقد تحطمت الأرواح ترقباً لطلعتك.
إقبل يا ابن فاطمة، فقد تمزقت القلوب شوقاً لمقدمك.
إقبل إقبل، إقبل …  يا ابن فاطمة.
يا بقية الله.

تولمك ذنوبنا شفقة منك علينا.
وتسوؤك أعمالنا، رحمة منك بنا.

سيدي، ان الله معك ولا فاقة بك لغيره.
ونحن، لا أحد معنا ان تركتنا أو غضبت علينا!

سيدي، نرسل السكاكين تلو السكاكين الى قلبك بأعمالنا!
ثم تمسح بيدك على قلوبنا رأفة بنا!
سيدي يا بقية.

ترى كيف تكون حياة من فقد الشموس الطالعة؟ وغابت عنه الأقمار المنيرة، وأبتعدت الأنجم الزاهرة؟
هل يرى في حياته غير الظلام؟
هل يمكن أن يبصر النور في غيابك؟
لو جبنا الأرض طولاً وعرضاً، فهل نتخلص من الظلام ونحن قد فقدنا الشموس الطالعة والأقمار المنيرة والأنجم الزاهرة؟؟

متى سينتهي هذا الظلام سيدي؟
متى سترجع وتعيد النور الى حياتنا؟
متى تعود وتعود معك أرواحنا التي ذبلت وسط الظلام؟
سيدي يا بقية الله.


كان جدك أمير المؤمنين يتأوه شوقاً لرؤيتك وأنصارك.
وكان جدك الصادق يبكي بكاء الواله الثكلى لغيبتك، متمنياً أن يقضي حياته في خدمتك.

سيدي، وقد رحل أبيك العسكري وجدك الجواد في عشرينيات عمرهم الشريف، مضحين لأجلك، بعد ان أحكم الطغاة ظلمهم لقرب ولادتك.

سيدي، ان كانت هذه تضحيات وأشواق ودموع آبائك المعصومين، فماذا عنا؟
بماذا نضحي لك اذا كان الأئمة المعصومين قد ضحوا بأرواحهم الزكية!
ما قيمة أرواحنا أمام أرواحهم؟
بل، على ماذا نبكي وماذا نتمنى اذا كان صادق العترة يتمنى خدمتك؟

سيدي، لو قضينا أيام وساعات ولحظات عمرنا في خدمتك، والبكاء لغيبتك، والتضحية لأجلك، فهل سنوفي جزء من حقك وحق عترتك؟
سيدي يا بقية الله.


ان كانت غيبتك مصيبة، فغيبتك عن قلوبنا مصيبة أعظم.

وان كان بعدك عن ديارنا بلية، فبعدك عن قلوبنا أشد بلية.

وان كان فقدنا لك مأساة، فنسيانك في قلوبنا أشد وأقسى.

وان كان فراقك مر، ففراقنا لذكرك أقسى وأمر.
قد طال الأمد، يا ابن العسكري.
وقد قست القلوب، يا ابن الهادي.
وقد ملئت ظلماً جوراً، يا ابن الجواد.
وقد اشتدت الغربة، يا ابن الرضا.
وقد طال سجن الغيبة، يا ابن الكاظم.
وقد لبثت فينا أكثر مما لبث نوح في قومه، يا ابن الصادق.
وقد اميتت السن واحيت البدع، يا ابن الباقر.
وقد زادت عللنا وجروحنا، يا ابن السجاد.
وقد تكاثرت قرابيننا وضحايانا، يا ابن الحسين.
وقد زادونا تشريداْ وتطريداً وتنكيلاً، يا ابن الأمير.
وقد تلاعبوا وغيروا بدين جدك، يا ابن محمد.

فماذا يهيجك يا ابن الحسن؟
سيدي با بقية الله.

أعمارنا تتقدم يوماً بعد يوم.
نقترب للموت أكثر يوماً بعد يوم.
قلوبنا تقسوا، ظروفنا تسوء يوماً بعد يوم.
الشبهات تكثر، والثبات على الدين يصعب، يوماً بعد يوم.
غربتك وغربتنا تشتد، ألمك وألمنا يزداد، مصائبك ومصائبنا تتعاظم، يوماً بعد يوماً بعد يوم…

ومع كل هذا وذاك سيدي، فإنا بقلوبنا القاسية، وبمصائبنا وهمومنا وبلايانا، لا ننتظر سوى طلعتك، واشراقة نورك.

ننتظرها، يوماً بعد يوم، وساعة بعد ساعة، ولحظة بعد لحظة.
وكل لحظة في انتظارك، بحجم دهر مع غيرك.
يا ابن من قبل الحر بعد أن جعجع به وبعياله.
يا أبن من قبل وأكرم وتلطف بقاتله ابن ملجم.
يا ابن من تمكن من أعدائه فعفا عنهم قائلاً "إذهبوا فأنتم الطلقاء".
يا ابن من قبل الظالمين والجاحدين له وتاب عليهم بعد عظيم جناياتهم عليه.
يا ابن من لم يفرقوا في لطفهم بين المحبين والمبغضين، وشملوا بعطفهم المطيعين والعاصين.


يا ابن الحسن سيدي، أنا محب لك، وقد جنيت على نفسي وعليك بتقصيري وإسرافي وذنوبي، فهل تقبلني بدرني وأوساخي وسواد قلبي؟
يا حاضراً لم تره العيون.
ويا غائباً لم يغب عن القلوب.

سيدي، كم متى ومتى يجب أن نقول؟
ألم تقرح العيون ونحن ننادي: متى يا ابن الحسن؟
ألم تصدع القلوب ونحن نقول: متى يا يوسف الزهراء؟
ألم تتمزق الأحشاء ونحن نأن: متى يا صاحبنا؟

متى؟ متى؟ والى متى ونحن ننادي متى يا غائبنا؟
حينما نرى يتيماً قد فقد أباه، أو مثكولة فقدت ابنها، ستتألم قلوبنا شفقة عليهم، سنتعاطف معهم ونحزن لحالهم، لأنهم فقدوا عزيزاً عليهم بعد أن كان بقربهم وبجوارهم دائماً.

لكن… ما حالنا نحن؟ وهل هنالك من يستحق الشفقة أكثر منا، وقد غاب عنا أعز مخلوق إمامنا الرؤوف منذ أكثر من ألف عام؟
لا طيب الله العيش في حياة غاب عنها المهدي..
تكسف الشمس لدقائق، فنضج لله بالصلاة والدعاء وطلب الرحمة، ونتذكر غضب الله ورحمته…
فكيف لنا أن نلتفت لهذه الآية الالهية.
ونغفل عن آيته العظمى، وشمسه الأكبر، ونوره الأجلى، وقد غاب عنا منذ أكثر من ألف عام !؟
جاء في الرواية أنه اذا ظهر القائم يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزؤون بنور الامام.

انا لا أعلم ما هو شكل الحياة حينئذ وأين يذهبان الشمس والقمر.
لكن، الذي نعلمه أننا سنكتفي بمهدينا عن كل شيء، فمعه لا نحتاج لشيء وربما حتى للشمس والقمر..

أتدركون أي جناية عظيمة جنيناها على أنفسنا !
أترون عظم ما أقترفت أيدينا !
هل تشعرون أي نعمة عظيمة قد حرمنا الله ؟!

الويل لنا، هل طاب لنا العيش بفراق ولينا ومنقذنا، حتى نهنأ بالعيش بدونه ولا نضج لله في طلبه..!
يا بقية الله.

قد بعث الله 124 ألف نبي، و124 ألف وصي، كلهم كانوا ظاهرين بين قومهم حاضرين معهم، ومن غاب عنهم فغاب لسنين أو أقل ثم رجع.

وبعد كل هؤلاء الحجج الظاهرين، الذين لم تقدر البشرية نعمة وجودهم وحضورهم معهم، نفذ الله في مثل هذا اليوم أقسى عقوبة على البشرية، بحجبك عنهم، وإعماء عيون الخلق عن النظر اليك، والحضور بين يديك، كي تستشعر البشرية عظم جنايتها، وحاجتها لوجود الحجة معها.

ونحن الآن يا بقية الله نود ان نقول لك: وحقك علينا نحن نفتقدك، ونستشعر مأساتنا لغيبتك عنا، ونعلم عظم النعمة التي فرطنا بها.
يا بقية الله

رحل جدك رسول الله بعد أن استنقذنا من الشرك والضلالة.
يا بقية الله، كل الأنبياء جاؤوا وشعارهم "ما أسالكم عليه من أجر"، الا جدك قال " لا أسالكم عليه أجراً الا المودة في القربى".

يا بقية الله، قد رحل القربى جميعاً ولم تؤد الأمة حق المودة لرسول الله فيهم.
ولم يبق منهم أحداً غيرك، ورسول الله وعترته يسألون أمتهم المودة فيك.

لكن عذراً، فقد ضيعنا حق رسول الله علينا اذ نسيناك وهجرناك، وآثرنا أهوائنا عليك.

فهلا عدنا وأعدتنا اليك لنكن ممن يحفظ حق المودة لرسول الله فيك.
الهي.

إنك تبتلي العبد لتعوضه بجميل عوضك.
فان صبر عوضته عوضاً عظيماً من حيث لا يحتسب وأكثر مما يرجو.

الهي.

بماذا ستعوضنا عن سنين غيبة قائمنا؟
بماذا ستعوضنا عن أعمارنا التي فنيت بألم الفراق!
بماذا ستعوضنا عن أرواحنا التي ذبلت لجزع الغيبة!
بماذا ستعوضنا عن قلوبنا التي ذابت في الإنتظار!

الهي.

لو ملكتنا الدنيا بأسرها ورزقتنا ما نشاء في الجنان، لما كان هذا عوضاً كافياً عن سنين الغيبة…!
فلا يكفينا الا أن تشبع عيوننا من نور وليك وحجتك..!
يا بقية الله

كيف حالك بعد ألف عام من الغياب والبعد الفراق والألم والمصائب؟

ماذا صنع الغياب بك! وبعينيك! وبقلبك!

أين أستقرت بك النوى!
أين استقرت بأوجاعك النوى!
أين أستقرت بعينيك النوى!
أين استقرت بقلبك النوى!
سيدي، ما أحوجنا لك حينما تشتد علينا الفتن.
سيدي، ما أحوجنا لك حينما لا نجد ملجأ ولا مغيث في الشبهات.
سيدي، ما أحوجنا لك ونحن نرى دين جدك قد هدمت قواعده الرفيعة؟
سيدي، ما أحوجنا لك ونحن نرى إنه لم يبق من الإسلام الا أسمه.
سيدي، ما أحوجنا لك حينما يحتار اللبيب ولا يعرف الملجأ والمغيث له.
سيدي، ما أحوجنا لك رغم كل الذي جرى، وأنت أدرى وأعلم به.
يا بقية الله..

لئن كان قدري أن لا أجتمع معك في الدنيا، جزاءً لما اقترفت يدي.
فان أملي بك في الحساب أن لا يفرق الله بيني وبينك، فاني غارق في هواي، مسرف في ذنوبي وليس لدي ما أتمسك به، وأتكئ عليه، سوى ولايتكم والبراءة من عدوكم، بها أتقرب الى الله، وأطفئ لهب الجحيم الهاوية.

واني لا أظن قلباً استعر بنار فراقك، أن يعاقبه الله بنار عذابه.
يا بقية الله

ان الله تعالى فطر الخلق على الحاجة اليك..
فلا يلام من تفطر قلبه لفراقك.
ولا يلام من تمزقت أحشاءه لبعدك.
ولا يلام من ذبلت عيناه لعماها عنك.

بل، من جفاك هو الملام سيدي..!
ماذا رأى منك لتستحق منه الجفاء !
بل، ما الذي شوه فطرته لكي يغفل عنك
وينسى حاجته إليك..!
2024/11/19 22:19:10
Back to Top
HTML Embed Code: