Telegram Web Link
آلهي.

قد عاد يوسف الى يعقوب بعد ان أبيضت عيناه من الحزن.
قد عاد يوسف الى أهله بعد ان مسهم الضر بغيابه.
الهي، قد انتهى بعد يوسف عن قومه بعد ان جاؤوا ببضعاة مزجاة.


آلهي.

قد تفطرت قلوبنا، وسفكت بالظلم دمائنا، وأريقت دموعنا من الحزن.
قد مسّنا الضر، والكرب، والهم والغم بغيابه.
قد جئنا ببضاعة مزجاة، وبقلوب مزجاة بالألم، وبأرواح مزجاة بالكرب، وبعيون مزجاة بحسرة الفراق.

فهلا أعدت لنا غائبنا؟
سيدي يا بقية الله.

قد بلغ الظلم حده.
وقد تمادى الطغيان في غيه.
وازداد الجور في بغيه.
وتعالى العدوان في رأيه.

فمتى يا سيدي تقطع مَّدَه!
وتفني من الوجود ركنه!
وتقطع في الظلم حبله!
وتبيد من الجور أمده!
سيدي يا بقية الله.

إليك لا لغيرك شكوانا.
فقد هجر دين جدك.
واحرق كتاب ربك.
وقُتل أولياؤك وشيعتك في كل مكان.
وحرف ما حرف من دينكم، وظهر ما ظهر من البدع.

سيدي، كم ذا القعود ودينكم، قد هدمت قواعده الرفيعة.
سيدي، كم ذا القعود وشيعتكم، قد ضاقت بهم الأرض الوسيعة.
سيدي، كم ذا القعود وقرآنكم، قد أحرقت آياته المضيئة.
سيدي، كم ذا القعود وشرعكم، قد بدلت أحكامه المنيعة.
سيدي، ما أحوجنا لك حينما تشتد علينا الفتن.
سيدي، ما أحوجنا لك حينما لا نجد ملجأ ولا مغيث في الشبهات.
سيدي، ما أحوجنا لك ونحن نرى دين جدك قد هدمت قواعده الرفيعة؟
سيدي، ما أحوجنا لك ونحن نرى إنه لم يبق من الإسلام الا أسمه.
سيدي، ما أحوجنا لك حينما يحتار اللبيب ولا يعرف الملجأ والمغيث له.
سيدي، ما أحوجنا لك رغم كل الذي جرى، وأنت أدرى وأعلم به.
يا حاضراً لم تره العيون.
ويا غائباً لم يغب عن القلوب.

سيدي، كم متى ومتى يجب أن نقول؟
ألم تقرح العيون ونحن ننادي: متى يا ابن الحسن؟
ألم تصدع القلوب ونحن نقول: متى يا يوسف الزهراء؟
ألم تتمزق الأحشاء ونحن نأن: متى يا صاحبنا؟

متى؟ متى؟ والى متى ونحن ننادي متى يا غائبنا؟
كم نحن مساكين، يا بقية الله!


كم نحن مساكين، حينما نقرأ ان أصحاب الأئمة كانوا يذهبون لأئمتهم ويرونهم متى شاؤوا، ونحن نتحسر على لحظة بلقائك!

كم نحن مساكين، حينما نقرأ ان أصحاب الأئمة يسألون الأئمة عن أبسط الأمور وأصغرها فتطمئن به قلوبهم، ونحن نتصادم يومياً بالشبهات والفتن ولا ملجأ لنا بغيبتك!

كم نحن مساكين، حينما نرى أصحاب الأئمة يلجأون لنور الله في الأرض، ونحن تحيط بنا الظلمات من كل جانب.


كم نحن مساكين سيدي؟
سيدي.. يا مهجة قلب الزهراء.

تجوب الأرض غريباً وحيداً، وأنت سيدها.
تواسي المريض منا بمرضه، وأنت الذي بك تشفى كل الجروح.
وتواسي الفقير منا بفقره، وأنت الذي يملك الأرض وما فيها.
وتشتاق الينا، وتشفق علينا، وتتلطف بنا، وأنت الذي معك الله ولا فاقة بك الى غيره.
ترعانا بلطفك، وتتصدق علينا بعطفك، وأنت الذي بفضلك استقرت الأرض والسماء.

مع كل هذا، فأنت تعاني وحيداً في سجن الغيبة، ونحن قد طاب وهنأ لنا العيش بفراقك وبعدك عنا، يا أبانا الرؤوف.
سيدي يا بقية الله.

كيف لنا أن نهدأ ونحن لا ندري أيهما أسبق لنا الموت أم رؤيتك؟

بل كيف يمكن لنا الهنأ والراحة في غيبتك عنا؟

هل وجدنا مثلك فاستبدلناه بك؟
أم هل انقضت أوجاعنا وهمومنا فاستغنينا عنك؟

سيدي، مالنا!
كل ذرة فينا تفتقدك، وكل خلية فينا تتوجع لبعدك، فما لنا نسيناك وهجرناك واعتدنا العيش بدونك!
هل لغائب مثلك أن ينسى؟
بل هل لغائب مثلك أن يعوض!
سيدي، لو جمعنا الدنيا بما حوت، لما أغنت عن أنملة منك، فكيف استغنينا عنك رغم ضعفنا وفاقتنا!
مولاي يا صاحب الزمان.

اذا أنتهى الكلام، حلت الدموع محله.
لكن، ماذا اذا سالت الدموع حتى جفت لفراقك؟
بل، ماذا اذا سقيت الأرض وأرتوت من الدماء في انتظارك؟
بل، ماذا اذا نضحت الحياة من القرابين الزكية التي قدمت في طريقك؟
سيدي يا بقية الله.

لو عرفناك كما يجب أن نعرفك، وأدركنا نعمة وجودك كما أنعم الله علينا بها.

لأستكثرنا الدقيقة الواحدة في غيابك.
وأستثقلنا اللحظة في فراقك.
ولصعب علينا كل آن في بعدك.
ولمتنا جزعاً وشوقاً لك.

فكيف وقد حجبك الله عنا لألف من السنين؟
قد تمر في حياتنا الكثير من الأحداث والأمور التي نتحسر عليها ونحزن لها.
وقد تضيع منا أمور نراها مهمة فترهقنا الحسرة عليها.

لكن، أكثر وأشد وأعظم حسرة، والحسرة الحقيقية هي أن تضيع السنين من أعمارنا ونحن في البعد عن بقية الله صاحب زماننا.

لو كان معنا فحالنا لا يصبح أفضل، بل سينقلب من حال الى حال.
فحالنا الأن وحال قلوبنا كالأرض القاحلة التي أنقطع عنها الماء المعين، فاذا عاد سيدها عاد لها الماء المعين..

أترون ما أعظمها من حسرة؟
سيدي يا بقية الله.

مهما طالت ظلمة الأيام بغيابك،
فلا بد أن تشرق يوماً بظهورك،
وسيجتمع أنصارك وتقيموا دولة العدل الإلهية ولن يضركم تخاذل أحد عنكم، لأن الله معكم ولا فاقة بكم لغيره!

لكن أنا وأمثالي يا سيدي، كيف بنا ومن لنا؟
كيف إن أدركنا الموت قبل ظهورك؟

ما حالنا وما مآلنا وقد قضينا عمرنا في الظلمات!
تعصف بنا الفتن يميناً شمالاً، نتقدم تارة ونتراجع أخرى، لا مفزع ولا أمل لنا في الظلمات الا نورك الغائب!
سيدي يا بقية الله.


كان جدك أمير المؤمنين يتأوه شوقاً لرؤيتك وأنصارك.
وكان جدك الصادق يبكي بكاء الواله الثكلى لغيبتك، متمنياً أن يقضي حياته في خدمتك.

سيدي، وقد رحل أبيك العسكري وجدك الجواد في عشرينيات عمرهم الشريف، مضحين لأجلك، بعد ان أحكم الطغاة ظلمهم لقرب ولادتك.

سيدي، ان كانت هذه تضحيات وأشواق ودموع آبائك المعصومين، فماذا عنا؟
بماذا نضحي لك اذا كان الأئمة المعصومين قد ضحوا بأرواحهم الزكية!
ما قيمة أرواحنا أمام أرواحهم؟
بل، على ماذا نبكي وماذا نتمنى اذا كان صادق العترة يتمنى خدمتك؟

سيدي، لو قضينا أيام وساعات ولحظات عمرنا في خدمتك، والبكاء لغيبتك، والتضحية لأجلك، فهل سنوفي جزء من حقك وحق عترتك؟
سيدي يا بقية.

ترى كيف تكون حياة من فقد الشموس الطالعة؟ وغابت عنه الأقمار المنيرة، وأبتعدت الأنجم الزاهرة؟
هل يرى في حياته غير الظلام؟
هل يمكن أن يبصر النور في غيابك؟
لو جبنا الأرض طولاً وعرضاً، فهل نتخلص من الظلام ونحن قد فقدنا الشموس الطالعة والأقمار المنيرة والأنجم الزاهرة؟؟

متى سينتهي هذا الظلام سيدي؟
متى سترجع وتعيد النور الى حياتنا؟
متى تعود وتعود معك أرواحنا التي ذبلت وسط الظلام؟
الهي.

إنك تبتلي العبد لتعوضه بجميل عوضك.
فان صبر عوضته عوضاً عظيماً من حيث لا يحتسب وأكثر مما يرجو.

الهي.

بماذا ستعوضنا عن سنين غيبة قائمنا؟
بماذا ستعوضنا عن أعمارنا التي فنيت بألم الفراق!
بماذا ستعوضنا عن أرواحنا التي ذبلت لجزع الغيبة!
بماذا ستعوضنا عن قلوبنا التي ذابت في الإنتظار!

الهي.

لو ملكتنا الدنيا بأسرها ورزقتنا ما نشاء في الجنان، لما كان هذا عوضاً كافياً عن سنين الغيبة…!
فلا يكفينا الا أن تشبع عيوننا من نور وليك وحجتك..!
سيدي، يا ابن الخيرة المهذبين.
يا أبن الأطايب المطهرين.
يا أبن العترة المضطهدين.
يا ابن السادة المظلومين.
يا ابن القادة المبعدين.
يا ابن الهداة المشردين.
يا ابن الحجج المهجورين.

أما آن لغيبتك أن تنقضي!
أما آن لبعدك أن ينتهي؟
أما آن لنورك أن ينجلي؟
أما آن لغربتك أن تنتهي؟
إلهي، قد جمعت شمل يوسف بيعقوب بعد إن أبيضت عيناه من الحزن لفراقه.

إلهي، قد رددت ادريس الى قومه بعد أن ضجوا وجزعوا اليك لفراقه وما لاقوه في غيبته.

إلهي، قد عفوت عن قوم يونس ورردت يونس إليهم بعد أن فرقوا الإم عن ولدها وضجوا لك بالبكاء والأنين.

إلهي، قد رد موسى الى قومه من الميقات بعد أن تفرق وتاه قومه لغيبته.


إلهي، إن لم تبيض بالحزن عيوننا، فقد احمرت الأرض بدمائنا!

إلهي، إن كان قوم إدريس قد جزعوا لك لغيبة إدريس، فقد جزع الجزع من جزعنا!

إلهي، إن كان قوم يونس قد فرقوا بين الام وولدها وضجوا لك بالبكاء والأنين، فقد فرقت رؤوسنا عن أجسادنا، وقد أنّت الأرض لأنيننا، وبكت السماء لغربتنا!

إلهي، إن تفرق وتاه قوم موسى لغيبته عنهم أربعين يوماً وأخيه هارون بينهم، فنحن لألف من السنين بلا إمام هدى ولا علم يرى!

إلهي، قد رددت إليهم أوليائهم بعد الذي جرى لهم، وها نحن ترى ما ترى فينا، وتسمع ما تسمع!
سيدي يا بقية الله.

بحجم جروحك نفتقدك.
بقدر آلامك نترقبك.
بمدى البعد عنك ننتظرك.
وبشدة قسوة فراقك نئن إليك!


سيدي، لقد طالت الأيام والسنين، وطال البعد والفراق، وبعد الأمد وقست القلوب، وأمتلئت الصدور حزناً، والعيون شوقاً، وأزدادت غربتنا ألماً ووحدة، ولا زلت عنا بعيد!
ولا زلت عنا غريب!
ولا زلت عنا غائب الى أمد مجهول!
لا ندري، أندركه، أم يدركنا الموت؟
أتتكحل عيوننا برؤيتك؟ أم سيسبقك التراب اليها؟
سيدي يا بقية الله.

إليك لا لغيرك شكوانا.
فقد هجر دين جدك.
واحرق كتاب ربك.
وقُتل أولياؤك وشيعتك في كل مكان.
وحرف ما حرف من دينكم، وظهر ما ظهر من البدع.

سيدي، كم ذا القعود ودينكم، قد هدمت قواعده الرفيعة.
سيدي، كم ذا القعود وشيعتكم، قد ضاقت بهم الأرض الوسيعة.
سيدي، كم ذا القعود وقرآنكم، قد أحرقت آياته المضيئة.
سيدي، كم ذا القعود وشرعكم، قد بدلت أحكامه المنيعة.
جاء في الرواية أنه اذا ظهر القائم يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزؤون بنور الامام.

انا لا أعلم ما هو شكل الحياة حينئذ وأين يذهبان الشمس والقمر.
لكن، الذي نعلمه أننا سنكتفي بمهدينا عن كل شيء، فمعه لا نحتاج لشيء وربما حتى للشمس والقمر..

أتدركون أي جناية عظيمة جنيناها على أنفسنا !
أترون عظم ما أقترفت أيدينا !
هل تشعرون أي نعمة عظيمة قد حرمنا الله ؟!

الويل لنا، هل طاب لنا العيش بفراق ولينا ومنقذنا، حتى نهنأ بالعيش بدونه ولا نضج لله في طلبه..!
2024/09/29 18:17:10
Back to Top
HTML Embed Code: