يستعرض هذا الكتاب تاريخ المُحَدِّثات من النساء خلال عشرة قرون، منذ ظهور الإسلام حتى مُستهلِّ العصر العُثماني (أي من القرن الأول إلى العاشر الهجري)، ويستمد الكتاب أهميته من نُدرة ما كُتِب عن المُحَدِّثات المسلمات في التاريخ، بالإضافة إلى كونه أول دراسة تحليلية للمُحَدِّثات من النساء في التاريخ الإسلامي.
https://bsr.onl/54596
https://bsr.onl/54596
بصائر
المرأة ونقل المعرفة الدينية في الإسلام
الكتاب الذي نعرض له اليوم من تأليف الدكتورة أسماء سيد -باحثة من أصول هندية وتعمل أستاذاً مساعداً للدراسات الإسلامية بجامعة كاليفورنيا- وترجمه إلى العربية الدكتور أحمد العدوي، الأستاذ المساعد بكلية الإلهيات في جامعة جناق قلعة في تركيا. يستكشفُ هذا الكتاب تاريخ…
*) حكى لنا عاملٌ عن بداية تعرّفه بأبي يرحمه الله ، أنه كان يصلح له جهازًا ويجاذبه أطراف الحديث ، فعلم منه أبي أن تلك الليلة توافق ذكرى يوم مولد ابنته . ثم لما انتهى الإصلاح وانصرف أبي ، فوجئ العامل بعودته بعد حين ومعه كيسٌ فيه عروسة (دُمْيَة) وهدايا لابنته . يقول لنا العامل : "كان ذلك الكيس عندي بالدنيا كلها ، وما أنسى للحاجّ صنيعه أبدًا" . ويَشهَدُ الله على صدقه لمّا علم بوفاته تأثر غاية التأثر وقرر أن يجري بنفسه عنه صدقة .
*) وحكى لنا كهربائيٌ أنّ والدي – يرحمه الله - اتصل به يومًا لعطل عنده ، فردَّ عليه معتذرًا لأنه أصيب في حادث وما عاد ينزل ورشته . ثم فوجئ الكهربائي بصديق له أتاه في بيته وسلّمه مبلغًا من المال هدية من أبي ، لأنه – يرحمه الله – قدَّر أنه عامل باليومية وسيمنعه الحادث عن التكسب لفترة وقد رزق حديثًا بفتاة وليدة .
*) وحكى لي أخي أنه كان يومًا في صيدلية مزدحمة مع أبي يرحمه الله ، ودخلت سيدة بوصفة أدوية تطلبها لابنها المريض ، وعلى وجهها أمارات التوهان والتردد ، فبادرها أبي وعرفها بنفسه أنه طبيب ، فشاورته في الوصفة والأدوية وأبي يوضح لها ما أشكل عليها ويزكّي لها أدوية دون أدوية أو يقترح عليها بدائل . ثم أشار أبي لأحد العاملين وطلب منه ما طلب من الأدوية . فلمّا تسلّمت السيدة الكيس وهَمَّتْ بإخراج النقود منعها أبي ، وقال لها : "ارجعي لولدك يا حاجّة ، وربّي يُعافيه" . فغادرت السيدة وهي تلهج بالشكر في ذهول من ذلك الإحسان (الذي لم يبدُ وقتها أن له داعيًا إذ كانت السيدة تظهر قادرة على الدفع) .
مما حفظناه عن أبي يرحمه الله تعالى : "الناس معادن ، وكُلٌّ يعمل على شاكلته ، وعمل المعروف لا يحتاج عزومة ولا ينتظر شُكُورًا" . وكان أبي قدوة حَقّة في أصالة المعدن واحتساب صنائع المعروف : يبادر بإجابة حاجة استبان له موضعها دون انتظار سؤال المحتاج ، ويهمّ بخير تراءى له دون مماطلة ، ويسارع لواجب حضر وجوبه دون انتظار طلب أو توجيه .
الله وحده المستعان على كل حال ، والحمد لله الذي إليه المَرَدُّ والحساب ، ولا يضيع عنده عمل عامل . واللهَ أسألُ أن يكون أبي ممن بُشِّروا بقوله تعالى : {إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} [الإنسان : 6] .
#أبي_عبد_الرحمن
(كتاب قيد الإعداد عن مواقف وضيئة ودروس تربوية من حياته المباركة بحمد الله)
*) وحكى لنا كهربائيٌ أنّ والدي – يرحمه الله - اتصل به يومًا لعطل عنده ، فردَّ عليه معتذرًا لأنه أصيب في حادث وما عاد ينزل ورشته . ثم فوجئ الكهربائي بصديق له أتاه في بيته وسلّمه مبلغًا من المال هدية من أبي ، لأنه – يرحمه الله – قدَّر أنه عامل باليومية وسيمنعه الحادث عن التكسب لفترة وقد رزق حديثًا بفتاة وليدة .
*) وحكى لي أخي أنه كان يومًا في صيدلية مزدحمة مع أبي يرحمه الله ، ودخلت سيدة بوصفة أدوية تطلبها لابنها المريض ، وعلى وجهها أمارات التوهان والتردد ، فبادرها أبي وعرفها بنفسه أنه طبيب ، فشاورته في الوصفة والأدوية وأبي يوضح لها ما أشكل عليها ويزكّي لها أدوية دون أدوية أو يقترح عليها بدائل . ثم أشار أبي لأحد العاملين وطلب منه ما طلب من الأدوية . فلمّا تسلّمت السيدة الكيس وهَمَّتْ بإخراج النقود منعها أبي ، وقال لها : "ارجعي لولدك يا حاجّة ، وربّي يُعافيه" . فغادرت السيدة وهي تلهج بالشكر في ذهول من ذلك الإحسان (الذي لم يبدُ وقتها أن له داعيًا إذ كانت السيدة تظهر قادرة على الدفع) .
مما حفظناه عن أبي يرحمه الله تعالى : "الناس معادن ، وكُلٌّ يعمل على شاكلته ، وعمل المعروف لا يحتاج عزومة ولا ينتظر شُكُورًا" . وكان أبي قدوة حَقّة في أصالة المعدن واحتساب صنائع المعروف : يبادر بإجابة حاجة استبان له موضعها دون انتظار سؤال المحتاج ، ويهمّ بخير تراءى له دون مماطلة ، ويسارع لواجب حضر وجوبه دون انتظار طلب أو توجيه .
الله وحده المستعان على كل حال ، والحمد لله الذي إليه المَرَدُّ والحساب ، ولا يضيع عنده عمل عامل . واللهَ أسألُ أن يكون أبي ممن بُشِّروا بقوله تعالى : {إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} [الإنسان : 6] .
#أبي_عبد_الرحمن
(كتاب قيد الإعداد عن مواقف وضيئة ودروس تربوية من حياته المباركة بحمد الله)
❤2
حَدَثتْ معنا – أنا وأختي – واقعة لا أنساها ونحن في بداية المرحلة الإعدادية ، في مدرسة خارج مصر . كان في صفّنا فتاة متشبهة بالصبيان ، اسمها "أحلام" ، تسبب الشغب والأذى ، وتتصيد كل حين فريسة تتنمّر عليها هي وعصبتها . فطالني وأختي منها أذى يومًا ، وتم تصعيد الأمر لسكرتيرة المدرسة ، التي قررت بدورها أن تصعّد الأمر لأولياء أمرنا ، خاصة وأن أحلام "ذات سوابق" عندهم . وكان والدنا - رحمه الله - أسبق للحضور من والد أحلام . فلما أخطرونا في الصفّ بحضور والدنا ، نزلنا ثلاثتنا لمكتب السكرتيرة في مبنى الإدارة ، وجرينا أنا وأختي على والدي نحتضنه ، والتزمته كل واحدة من جانب تقبله على خدّه ، وهو يسلّم علينا بدوره ويسألنا عن أحوالنا ، في ذهول من السكرتيرة التي بدا لها أننا في مقام زيارة استئناس عائلية لا استدعاء مدرسي! ولها العذر ؛ إذ كانت الآنسة حديثة عهد بمعرفة والدي ونهج معاملته لنا وتاريخه مع مدارسنا السابقة . كان والدي – رحمه الله ورضي عنه – درعًا حصينًا لنا لا سيفًا مُصْلتًا علينا ، وكان حافظًا صَيِّنًا لنا كل الصيانة ، فما سمح أبدًا ليَدٍ أن تمتد علينا بضربة ولا لأحد – مهما يكن منصبه – أن يتطاول علينا بكلمة ، وعلّمنا ألا تقبل أبدًا بامتهان أو إيذاء تحت مسمّى التربية والتأديب ، ولا أن نرضخ لنهج العقاب الجماعي الذي يهواه المعلّمون ويشملون فيه المهذب والمشاغب والمحسن والمسيء . وما كان يأخذ بمقالة أحد عنّا قبل أن يسمع منّا ، ويُقدّم كلمتنا على كل كلمة ، ويسمع لشهادتنا فوق كل شهادة . لذلك كنا نحب زياراته لمدارسنا في مناسبة وغير مناسبة ، ونتطلع لها لنفاخر ونباهي به صاحباتنا . وكذلك أحبها كلّ من عرفوه من المعلمين والمديرين ، وكانوا يتلمّسون لها الأسباب!
فلمّا فرغنا من السلام العائلي ، التفتنا لأحلام فإذا هي منكمشة في وقفتها ، وقد حلّت نظرة كسيرة محلّ الشرر الذي كان يتطاير من عينيها على الدوام ، تهيّبًا من أبي وتوجّسًا مما سيفعله بها . فما كان من أبي حين رآها إلا أن ابتسم لها ابتسامته التي يلين لها الحديد ، وقال لها : "أأنت أحلام؟ هذا اسم جميل" . فاحمرّ وجهها استحياء وابتسمت في رضا وخفّضت بصرها للأرض ، وأنا وأختي متعجبتان من ذلك التحوّل الأنثوي في شخصها! وما راعنا إلا زوبعة عاتية هبّت بدخول والد أحلام : رجل ممشوق القوام يرتدي الزي العسكري والحذاء الثقيل . هجم والد أحلام عليها وهو ينتزع حزام بنطاله من وسطه ، صائحًا : "سوّدتِ وجهي يا بنت الـ ... أنا سأربّيك" . فانتفض أبي واقفًا ، وسارع يحتضن الرجل الهائج بكامل بدنه ليحجزه عن ابنته ، وأمسك بقوة بيده التي فيها الحزام ، وهو يقول له : "يا رجل ، اتّقِ الله في ابنتك" ؛ "يا رجل أي تربية هذه؟!" . فاستمرّ الرجل يرعد ويزبد ويحاول الوصول لأحلام التي تفجّرت دموعها أنهارًا وعلا نحيبها وهي تخبئ وجهها بكفّيها ، فسارعنا نحوها أنا وأختي لنشدها بعيدًا . وألهم الله السكرتيرة المفزوعة شيئًا من رشدها ، فنهضت من كرسيها وهي تكاد تلتصق بالحائط من الذعر ، وأشارت لنا أن نخرج بحذر لخارج المكتب ، ولحقتنا هي بالطبع وهي تجري جريًا خفيفًا على أطراف حذائها ذي الكعب العالي ، وقد ظننتها في البداية لحقتنا حفاظًا على حياتها ، ثمّ اتضح أنها سارعت لتبلغ المديرة .
وقفنا نحن البنات الثلاثة في الردهة نترقّب ، وأحلام تردد في جزع : "أبي سيقتلني!" . وسارع للمكتب رجلان من العاملين إثر علوّ الأصوات ، ووالد أحلام لا يرتدع عن غيّه ، بل - إذا لم تخنّي الذاكرة - كانت حصيلة الشدّ والجذب مع أبي والرجال أن قلب الرجل في هيجانه مكتب السكرتيرة نفسه! ولمّا رجعت السكرتيرة مع المديرة ودخلتا مسرح الإثارة ، خرج والدي هنيهة يطمئن علينا ، ولمّا رأى أحلام أخذها في حضنه وراح يمسح على شعرها ويهدئ من روعها ، واستكانت هي في حضنه وخبأت وجهها في صدره وهي تبكي بحرقة وترتجف بانفعال . فطمأنها أبي أنّ أباها لن يضرها ، ثم أخرج من محفظته مبلغًا كريمًا أعطاه لنا وطلب منا أن نأخذ أحلام ونذهب لمقصف المدرسة فنشتري منه حلوى وعصيرًا .
فانصرفنا بالفعل وتمتعنا بما نَفَحَنا به أبي ، يرحمه الله . ثم عدنا لمبنى الإدارة ، ووقفنا ننظر من شباك غرفة السكرتيرة . فوجدنا الوضع على ما عهدناه حين يكون أبي حاضرًا : تحولت ساحة العراك لمجلس تذكير وعِظة ، اجتمع فيه والد أحلام والمديرة والسكرتيرة وغيرهم ، وتسللت بعض الطالبات من جهات النوافذ الأخرى ، كلهم يستمعون مشدوهين لكلام أبي الطيب وفصاحته البليغة وبيانه الأخّاذ . وكان والد أحلام قد طأطأ رأسه وراح يهزّها بين الحين والآخر موافقًا كلام أبي ، وقد خمد لهيب الغضب في عينيه . ونالت الآنسة السكرتيرة والمديرة حظهما من الموعظة حين نبه أبي الإدارة لضرورة التعامل بالحسنى مع خلافات الصغار ، ومعاونتهم على تهوينها لا تكبيرها وتصعيدها وإفزاع الأهل بالبلاغات المُبالغة .
فلمّا فرغنا من السلام العائلي ، التفتنا لأحلام فإذا هي منكمشة في وقفتها ، وقد حلّت نظرة كسيرة محلّ الشرر الذي كان يتطاير من عينيها على الدوام ، تهيّبًا من أبي وتوجّسًا مما سيفعله بها . فما كان من أبي حين رآها إلا أن ابتسم لها ابتسامته التي يلين لها الحديد ، وقال لها : "أأنت أحلام؟ هذا اسم جميل" . فاحمرّ وجهها استحياء وابتسمت في رضا وخفّضت بصرها للأرض ، وأنا وأختي متعجبتان من ذلك التحوّل الأنثوي في شخصها! وما راعنا إلا زوبعة عاتية هبّت بدخول والد أحلام : رجل ممشوق القوام يرتدي الزي العسكري والحذاء الثقيل . هجم والد أحلام عليها وهو ينتزع حزام بنطاله من وسطه ، صائحًا : "سوّدتِ وجهي يا بنت الـ ... أنا سأربّيك" . فانتفض أبي واقفًا ، وسارع يحتضن الرجل الهائج بكامل بدنه ليحجزه عن ابنته ، وأمسك بقوة بيده التي فيها الحزام ، وهو يقول له : "يا رجل ، اتّقِ الله في ابنتك" ؛ "يا رجل أي تربية هذه؟!" . فاستمرّ الرجل يرعد ويزبد ويحاول الوصول لأحلام التي تفجّرت دموعها أنهارًا وعلا نحيبها وهي تخبئ وجهها بكفّيها ، فسارعنا نحوها أنا وأختي لنشدها بعيدًا . وألهم الله السكرتيرة المفزوعة شيئًا من رشدها ، فنهضت من كرسيها وهي تكاد تلتصق بالحائط من الذعر ، وأشارت لنا أن نخرج بحذر لخارج المكتب ، ولحقتنا هي بالطبع وهي تجري جريًا خفيفًا على أطراف حذائها ذي الكعب العالي ، وقد ظننتها في البداية لحقتنا حفاظًا على حياتها ، ثمّ اتضح أنها سارعت لتبلغ المديرة .
وقفنا نحن البنات الثلاثة في الردهة نترقّب ، وأحلام تردد في جزع : "أبي سيقتلني!" . وسارع للمكتب رجلان من العاملين إثر علوّ الأصوات ، ووالد أحلام لا يرتدع عن غيّه ، بل - إذا لم تخنّي الذاكرة - كانت حصيلة الشدّ والجذب مع أبي والرجال أن قلب الرجل في هيجانه مكتب السكرتيرة نفسه! ولمّا رجعت السكرتيرة مع المديرة ودخلتا مسرح الإثارة ، خرج والدي هنيهة يطمئن علينا ، ولمّا رأى أحلام أخذها في حضنه وراح يمسح على شعرها ويهدئ من روعها ، واستكانت هي في حضنه وخبأت وجهها في صدره وهي تبكي بحرقة وترتجف بانفعال . فطمأنها أبي أنّ أباها لن يضرها ، ثم أخرج من محفظته مبلغًا كريمًا أعطاه لنا وطلب منا أن نأخذ أحلام ونذهب لمقصف المدرسة فنشتري منه حلوى وعصيرًا .
فانصرفنا بالفعل وتمتعنا بما نَفَحَنا به أبي ، يرحمه الله . ثم عدنا لمبنى الإدارة ، ووقفنا ننظر من شباك غرفة السكرتيرة . فوجدنا الوضع على ما عهدناه حين يكون أبي حاضرًا : تحولت ساحة العراك لمجلس تذكير وعِظة ، اجتمع فيه والد أحلام والمديرة والسكرتيرة وغيرهم ، وتسللت بعض الطالبات من جهات النوافذ الأخرى ، كلهم يستمعون مشدوهين لكلام أبي الطيب وفصاحته البليغة وبيانه الأخّاذ . وكان والد أحلام قد طأطأ رأسه وراح يهزّها بين الحين والآخر موافقًا كلام أبي ، وقد خمد لهيب الغضب في عينيه . ونالت الآنسة السكرتيرة والمديرة حظهما من الموعظة حين نبه أبي الإدارة لضرورة التعامل بالحسنى مع خلافات الصغار ، ومعاونتهم على تهوينها لا تكبيرها وتصعيدها وإفزاع الأهل بالبلاغات المُبالغة .
ومرّت ساعات ثم نادونا ، فدخلت وأختي غرفة السكرتيرة مباشرة ووقفنا بجوار أبي ، بينما تلكأت أحلام في الدخول حتى أشار لها والدي مبتسمًا ، وتَبِعَ والدُها إشارَةَ والدي وقال لها : "لأجل خاطر ذا الرجل المبارك لن أعاقبك ، لكن تعديني أن تحسني التصرف والأدب ولا تصلني شكوى منك مرة أخرى" . ثم نهض وصافح أبي بحرارة وتبادلا التحيات والأحضان . وشعرت أحلام بالاطمئنان فتشجّعت وتقدّمت ووقفت بجواري أنا وأختي . ولما انصرف والد أحلام ، تبعه والدي ، وتبعنا نحن والدنا لتوديعه بالقبلات والأحضان كما ابتدءناه ، وأحلام واقفة غير بعيد منا . فلما فرغنا ، ناداها أبي ، فجاءته جريًا وبادرت باحتضناه ، فمسح أبي على رأسها بحنان ، وقال : "أحلام قطّة وديعة وبنت مطيعة" . ويشهد الله من يومها ما عرفنا أحلام إلا وديعة وادعة!
وكذلك كان أبي يدفع بالتي هي أحسن ما استطاع ، فكم من ذي عداوة انقلب لولي حميم ،لكن وكم من لئيم لم يردعه الحُسن عن سوئه ولا زاده كرم الأخلاق إلا لؤمًا ..
وكلّ يفضي إلى ما قدّم ، فللمحسن إحسانه وعلى المسيء إساءته .
والحمد لله رب العالمين .
#أبي_عبد_الرحمن
(كتاب قيد الإعداد عن مواقف وضيئة ودروس تربوية من حياته المباركة بحمد الله)
وكذلك كان أبي يدفع بالتي هي أحسن ما استطاع ، فكم من ذي عداوة انقلب لولي حميم ،لكن وكم من لئيم لم يردعه الحُسن عن سوئه ولا زاده كرم الأخلاق إلا لؤمًا ..
وكلّ يفضي إلى ما قدّم ، فللمحسن إحسانه وعلى المسيء إساءته .
والحمد لله رب العالمين .
#أبي_عبد_الرحمن
(كتاب قيد الإعداد عن مواقف وضيئة ودروس تربوية من حياته المباركة بحمد الله)
❤2
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
إفطار لصائمين في غرب إفريقيا صدقة عن الوالد الفاضل والعالم الصادق د. عبد الرحمن عبد اللطيف النمر ، رحمه الله تعالى ، تطوّع به معارف - جزاهم الله خيرا - ممن شهدوا أثره في إحسانه للخلق وتربيته لأولاده ونشر العلم النافع .
شكر الله للمسؤول المنظّم أ. كريم حسين
شكر الله للمسؤول المنظّم أ. كريم حسين
تيسّر بفضل الله جمع غالب المبلغ المطلوب لحفر بئر في النيجر ، صدقة عن والدي د. عبد الرحمن عبد اللطيف النمر ، رحمه الله ورضي عنه وأرضاه . من أحب المساهمة فيه مأجورًا فليتفضّل بالتواصل مع أ. كريم حسين :
حساب الفيسبوك
https://www.facebook.com/kareem.hussein.3139
رقم الواتس
+201003754912
حساب الفيسبوك
https://www.facebook.com/kareem.hussein.3139
رقم الواتس
+201003754912
استقلّ أخي وأبي - يرحمه الله - مرة سيارة أجرة . فكان نصيبهما سائق متحدّث ، راح يسرد تفاصيل شؤون حياته ومصاعبها على مدى ساعة كاملة ، وأبي يسمع له ويرد عليه بعبارات : الله المستعان ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لله عاقبة الأمور ، آجَرَك الله ، أخلَف الله عليك خيرًا ، الحمد لله على كل حال ، هذه رحمة من الله ، إنا لله وإنا إليه راجعون ... فلما انقضت الساعة وفرغَت جَعبَتُه من الحكايا ، سكت هُنيهة التفت لأبي وقال :
- "تسمحلي أقوللك حاجة يا حاج؟"
- فردّ أبي : "تفضل ؛ خيرًا؟"
- "والله أنا أشتغل سائقًا من سنوات ، وعلى مدى 55 عامًا من عمري ما شهدتُ أحدًا مثلك ، كل كلامه ذِكرٌ لله! كلّه حرفيًّا!"
- فأجاب أبي : "هذا من فضل ربي"!
*****
وكان السائق محقًّا في ذلك كل الحقّ ، ويشهد بذلك كلّ من عرف والدي أو جَمعَه به مجلس ولو لفترة وجيزة ..
كان – رحمه الله ورضي عنه – ذَكَّارًا شكَّارًا ..
حتى إنّ آخر كلامه – يرحمه الله – وهو في أشد حالات الإعياء حين أفاق قليلًا من النومة التي لم يأذن الله تعالى له بقيام بعدها : "الحمد لله على كل حال ، ونعوذ بالله من حال أهل النار" . وكانت تلك من أكثر صيغ الحمد التي سمعناه يرددها ويردّ بها على مدى سنوات عِشرَتنا له .
#أبي_عبد_الرحمن
(كتاب قيد الإعداد عن مواقف وضيئة ودروس تربوية من حياته المباركة بحمد الله)
- "تسمحلي أقوللك حاجة يا حاج؟"
- فردّ أبي : "تفضل ؛ خيرًا؟"
- "والله أنا أشتغل سائقًا من سنوات ، وعلى مدى 55 عامًا من عمري ما شهدتُ أحدًا مثلك ، كل كلامه ذِكرٌ لله! كلّه حرفيًّا!"
- فأجاب أبي : "هذا من فضل ربي"!
*****
وكان السائق محقًّا في ذلك كل الحقّ ، ويشهد بذلك كلّ من عرف والدي أو جَمعَه به مجلس ولو لفترة وجيزة ..
كان – رحمه الله ورضي عنه – ذَكَّارًا شكَّارًا ..
حتى إنّ آخر كلامه – يرحمه الله – وهو في أشد حالات الإعياء حين أفاق قليلًا من النومة التي لم يأذن الله تعالى له بقيام بعدها : "الحمد لله على كل حال ، ونعوذ بالله من حال أهل النار" . وكانت تلك من أكثر صيغ الحمد التي سمعناه يرددها ويردّ بها على مدى سنوات عِشرَتنا له .
#أبي_عبد_الرحمن
(كتاب قيد الإعداد عن مواقف وضيئة ودروس تربوية من حياته المباركة بحمد الله)
ندوة بناء الشخصية القوية ، التسجيل الكامل على قناتنا : https://cutt.us/5qNiq
أهدى الله تعالى أبي للوجود يوم الخميس ، 17 شعبان 1370 هـ ، الموافق 24 مايو 1951 م .
واستردّه يوم الأحد الموافق 10 رمضان 1441 هـ ، الموافق 3 مايو 2020 م .
ومدى عمره المبارك 71 عامًا بالتقويم الهجري ، و69 عامًا إلا 17 يومًا بالتقويم الميلادي .
ويوافق اليوم يوم أحد ، وأول أيام عيد الفطر المبارك ، وذكرى يوم ميلاد أبي بالتقويم الميلادي .
وكانت كل ذكرى لميلاد أبي عندنا عيدًا .. وستظلّ ما أَحْيَانا الله حتى يُتوَّجَ عيدُ الذكرى بعيد اللُّقيا إن شاء الله تعالى . رحمه الله ورضي عنه وجعله من المُكرمين ، وجعلنا له سترًا من النار بما أحسَنَ لنا غاية الإحسان .
[مرفق صورة لصفحة من مفكرات أبي السنويّة (سنة 1973) ، التي كان يفتتحها دائمًا بآية قرآنية تمثّل دعوة أو أمنية لذلك العام ، وكان - يرحمه الله - حَسَن الخطّ والترتيب في كتابته .. كما كلّ شأنه] .
#أبي_عبد_الرحمن
واستردّه يوم الأحد الموافق 10 رمضان 1441 هـ ، الموافق 3 مايو 2020 م .
ومدى عمره المبارك 71 عامًا بالتقويم الهجري ، و69 عامًا إلا 17 يومًا بالتقويم الميلادي .
ويوافق اليوم يوم أحد ، وأول أيام عيد الفطر المبارك ، وذكرى يوم ميلاد أبي بالتقويم الميلادي .
وكانت كل ذكرى لميلاد أبي عندنا عيدًا .. وستظلّ ما أَحْيَانا الله حتى يُتوَّجَ عيدُ الذكرى بعيد اللُّقيا إن شاء الله تعالى . رحمه الله ورضي عنه وجعله من المُكرمين ، وجعلنا له سترًا من النار بما أحسَنَ لنا غاية الإحسان .
[مرفق صورة لصفحة من مفكرات أبي السنويّة (سنة 1973) ، التي كان يفتتحها دائمًا بآية قرآنية تمثّل دعوة أو أمنية لذلك العام ، وكان - يرحمه الله - حَسَن الخطّ والترتيب في كتابته .. كما كلّ شأنه] .
#أبي_عبد_الرحمن
بعث أحدهم لأبي - يرحمه الله - يومًا رابط مقالة عن فنّ المداراة بين الزوجين ، ويبدو أن ذلك القارئ خلط بين مفهوم الاختلاف الذي ينشأ عنه تكامل بين الزوجين ، والتناقض الذي يوقِع الفرقة والشقاق . فكان هذا الرد من أبي .
https://soundcloud.com/ar-elnimr/x8ejgdvjoheo
https://soundcloud.com/ar-elnimr/x8ejgdvjoheo
SoundCloud
رسالة عن التوافق الزوجي : التكامل والتناقض والمداراة
بعث أحدهم لأبي - يرحمه الله - يومًا رابط مقالة عن فنّ المداراة بين الزوجين ، ويبدو أن ذلك القارئ خلط بين مفهوم الاختلاف الذي ينشأ عنه تكامل بين الزوجين ، والتناقض الذي يوقِع الفرقة والشقاق . فكان هذا
الأمراض النفسيّة والروحيّة خاصة لها صلة أكيدة بمدى صحة تصور الإنسان عن ربه، فثَمّة تصور واحد فقط هو المتّسق مع طبيعة تركيب الوجود وخلقة مخلوقاته. وأيّة تصورات أخرى فيها ثغرات ووجوه خلل، يتأثر بها أصحابها بحسبهم حين يصلون لمنعطفات وجودية لا تُسعِفُهم فيها تصوراتهم. فكم ممّن يؤمن بوجود إله أو "قوة عليا"، ثم يقع في لَبْس : كيف يسمح ذلك الإله بالشر؟ أو كيف يَقبَل بتعذيب طفل صغير بالمرض؟ أو يخلق كائنًا مُشوّهًا؟ إلى آخر تلك الألغاز الوجودية المستعصية على الجواب والتقبّل معًا في تلك التصورات. فتسبب بالتالي لأصحابها نوعًا من الضِّيق الروحي، الذي قد يتفاقم على المدى لمختلف أنواع الأمراض النفسية.
👍2
لا علاقة للطموح أو التفوق بالمقارنة بالآخرين. إذ الطموح مرهون بداية بحِسّ مسؤولية الفرد عن حياته وجدّيته في استثمارها وتعظيمه لشأن قيامه لربه يوم الحساب. ومرهون ثانيًا بطاقات المرء وسياقه وظروفه. ومرهون ثالثًا بالتوق والتطلع لذات المعالي، لا لذات الآخرين ولا لذات مطامحهم بعينها.
ولم ترد لفظة التنافس في القرآن إلا مرة واحدة، في قوله تعالى : {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين : 26]. وسوى ذلك استُعملت ألفاظ "المسابقة" و"المسارعة"، ودلالتهما غير دلالة التنافس. وسياقاتهم جميعًا في القرآن والسنة تدعو دعوة عامة للمسارعة في الخيرات إجمالًا والمسابقة لرضوان الله بمختلف الصور، حيثما تبدّى لكلّ أحد بما يستطيع. ولا تدعو أبدًا لعقد المقارنات المحمومة والسباقات المستميتة مع الغير على نحو ما يجري اليوم.
ولم ترد لفظة التنافس في القرآن إلا مرة واحدة، في قوله تعالى : {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين : 26]. وسوى ذلك استُعملت ألفاظ "المسابقة" و"المسارعة"، ودلالتهما غير دلالة التنافس. وسياقاتهم جميعًا في القرآن والسنة تدعو دعوة عامة للمسارعة في الخيرات إجمالًا والمسابقة لرضوان الله بمختلف الصور، حيثما تبدّى لكلّ أحد بما يستطيع. ولا تدعو أبدًا لعقد المقارنات المحمومة والسباقات المستميتة مع الغير على نحو ما يجري اليوم.
لا بأس في التنقل بين مجالات الاشتغال وتجريب مختلف الميول أو المهارات، كمرحلة من مراحل التعرف على طاقات الذات وبناءها. لكن لا بدّ من التنبه لوجه آخر يلتبس بهذا القصد ويختلف عن مفهوم المرونة، وهو "الأرنبية". والمقصود بالأرنبية القفز بإفراط بين المهارات والتشتت بين كثرة المُجَرّبات، دون جدية حقيقية أو دون منهجية صحيحة. فصاحبها يَمَلّ سريعًا ويهرب كثيرًا ويتدلل غالبًا ويتذمر دائمًا، ولا يراجع نفسه في جدّية قصده وحقيقة نواياه مما يفعل أو يترك. فلا يزداد بكل ذلك التجريب إلا شعورًا بالخواء الداخلي والضغط الخارجي، بدل أن تملأه كل تلك الخبرات وتربّيه كل تلك التجارب.
من كتاب #الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة
من كتاب #الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة
وإذا لم يكن ثَمَّة مَفرّ من أن نكون خطّائين، فلنكن إذن من خير الخطّائين : التوّابون.
#الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة
#الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة