العَينُ تُبصِرُ مَن تَهوى وَتَفقِدُهُ
وَناظِرُ القَلبِ لا يَخلو مِنَ النَظَرِ
وَناظِرُ القَلبِ لا يَخلو مِنَ النَظَرِ
"ومن شأن هذا كله أن يجعل صاحب هذه النفس يعيش على الأرض غريباً عنها، وكأنه روح شاردة ألقي بها من عالم آخر". "وليس له بعد هذا إلا أن يحيى في وحدة هائلة مع نفسه، وحدة هي في الآن نفسه اجتماع إلى أعلى درجة، لأن نفسه ستكون حينئذ عالماً بأكمله، إذ هو خليط هائل من الأنفس المتعددة المنقسمة على نفسها". "ومن ناحية أخرى فإن الوحدة مع النفس الخاصة هي في الوقت عينه وحدة مع الكون بأسره. لهذا ترى صاحبها يشعر بدخول الوجود كله في نفسه". "حتى تصير الجبال والأمواج والسموات بضعة مني ومن روحي، كما أني أنا بضعة منها".
خطاي تتمرجح بين الحقيقة المنشودة والظلام الداكن الفارغ الأجوف. ثمة حركة صوت مقطوعة ضمن سياق هذه النغمات. هناك خواء في الصدر، ينتج عنه شعور ببرود خفيف. هناك ما أريد قوله ولا أستطيع، ليس لعدم تمكن أو خشية من شيء، بل لاستحالة هذه الروح إلى كيان جامد متصلب في داخل جدار من البرَد.لا يقود هذا الشعور بالوحدة إلا إلى شيء واحد: حل كل هذه المشكلات قابع هنا.. في الداخل.. في داخلي.
لقد امتلكت نفساً أمّارة بالسوء، وقلباً لا يرى في سوئه أخطاءً ومعصياتٍ وظلماً جباراً لا تغفره طاعة. امتلكت يداً لا تلمس الأشياء من حولها، وخطوات لا تصل، ورغبات لا تتحقق. لقد امتلكت شكوى لا تنقطع، ولهيباً في الروح لا يخمد. إني أنا الآن، في عين هذا الظل المترامي في كل مكان، ألتقي حقيقة الأشياء كلها، إنني أنشد مُلكاً خفياً كاذباً صنعته من الوهم وآمنت به ومشيت خلفه، وعلقت حياتي البائسة على الوصول إليه.. طريق مخز يسلكه الرجل في حياته، طريق شائك يستقي منه الإنسان ذلاً وإهانة لا ينتهيان.. ولا أعرف حقاً مغزى ذلك كله، وإني لأستغرب كيف لإنسان أن يكذب على نفسه، وأن يستمر بكذبه سنوات من العمر لا يمكن تجاهل أعدادها. ماذا قد يستفيد إنسان إن كذب على نفسه؟ فما أكثر ما يكذب الناس على أنفسهم دون طائل غير إشباع رغبة مريضة في داخلهم.
أن أعيش مثلما يعيش أي إنسان، وأن أتحدث بذات الكلمات والنبرات، وأن أبتغي مبتغاهم، وأكرر فعلهم.. كان يمكن من البدء ألا أضيع في دوامة أبدية من الجهل بالواقع والمستقبل، ولكن هذا ما رماه القدر وتلقته روحي، وإني لإنسان لا أقاوم الإيمان بل أضمه بين شغاف قلبي.
أرى بعيني ما لا يمكن لغيري أن يراه، أرى شبحاً يحاصر روحي ويشد أوثقة من الخيش حول أطرافي. شبح يحاول اقتناصي وأفر منه بحظ ركيك، أحاول.. أحاول بكل ركة أن أفر، وأن رغبةً تصعد من علياء هذا الجوف بأن أستسلم لأرى ما تقود إليه نهاية هذا النزال..
خطاي تتمرجح بين الحقيقة المنشودة والظلام الداكن الفارغ الأجوف. ثمة حركة صوت مقطوعة ضمن سياق هذه النغمات. هناك خواء في الصدر، ينتج عنه شعور ببرود خفيف. هناك ما أريد قوله ولا أستطيع، ليس لعدم تمكن أو خشية من شيء، بل لاستحالة هذه الروح إلى كيان جامد متصلب في داخل جدار من البرَد.لا يقود هذا الشعور بالوحدة إلا إلى شيء واحد: حل كل هذه المشكلات قابع هنا.. في الداخل.. في داخلي.
لقد امتلكت نفساً أمّارة بالسوء، وقلباً لا يرى في سوئه أخطاءً ومعصياتٍ وظلماً جباراً لا تغفره طاعة. امتلكت يداً لا تلمس الأشياء من حولها، وخطوات لا تصل، ورغبات لا تتحقق. لقد امتلكت شكوى لا تنقطع، ولهيباً في الروح لا يخمد. إني أنا الآن، في عين هذا الظل المترامي في كل مكان، ألتقي حقيقة الأشياء كلها، إنني أنشد مُلكاً خفياً كاذباً صنعته من الوهم وآمنت به ومشيت خلفه، وعلقت حياتي البائسة على الوصول إليه.. طريق مخز يسلكه الرجل في حياته، طريق شائك يستقي منه الإنسان ذلاً وإهانة لا ينتهيان.. ولا أعرف حقاً مغزى ذلك كله، وإني لأستغرب كيف لإنسان أن يكذب على نفسه، وأن يستمر بكذبه سنوات من العمر لا يمكن تجاهل أعدادها. ماذا قد يستفيد إنسان إن كذب على نفسه؟ فما أكثر ما يكذب الناس على أنفسهم دون طائل غير إشباع رغبة مريضة في داخلهم.
أن أعيش مثلما يعيش أي إنسان، وأن أتحدث بذات الكلمات والنبرات، وأن أبتغي مبتغاهم، وأكرر فعلهم.. كان يمكن من البدء ألا أضيع في دوامة أبدية من الجهل بالواقع والمستقبل، ولكن هذا ما رماه القدر وتلقته روحي، وإني لإنسان لا أقاوم الإيمان بل أضمه بين شغاف قلبي.
أرى بعيني ما لا يمكن لغيري أن يراه، أرى شبحاً يحاصر روحي ويشد أوثقة من الخيش حول أطرافي. شبح يحاول اقتناصي وأفر منه بحظ ركيك، أحاول.. أحاول بكل ركة أن أفر، وأن رغبةً تصعد من علياء هذا الجوف بأن أستسلم لأرى ما تقود إليه نهاية هذا النزال..
من منبع ما، ما زلت غير قادر بعد على تبيان جميع ملامحه.. صعدت روحي لتعانق قطرات الندى في الغيوم البعيدة. ومنذ تلك اللحظة، وحتى هذه اللحظة، ما زال شوق في قلبي إلى أشياء أعرف صورتها في قلبي، لكن عيني لم تستطع رؤيتها بعد.