Telegram Web Link
لن تتغلّب على هذا الصيف اللّزج سوى بقراءة روايات من حجم كبير... 😏
تقول زيدي سميث في سطر من سطور هذه الرواية: " في الأيام الباردة يستطيع المرء أن يرى نفسه، وفي اليوم الحار لا يستطيع".

على نفس المود يا عزيزتي زيدي والله😅
دفاعًا الروائي العالمي
ليلى عبدالله

يطرح كتاب " اكتمال العالم" تأليف فرجينيا وولف وآخرون، ترجمة وتقديم الكاتبة العراقية " لطفية الدليمي" الصادرة عن دار المدى 2019م. عدة قضايا ثقافية وأدبية ومعرفية، هي عبارة عن ظواهر صارت عالمية في الأعوام الأخيرة.

في إحدى مقالات الكتاب، ثمة مقالة بعنوان " دفاعا عن الروائي العالمي" يتناول فيه الناقد والشاعر الأمريكي " آدم كيرش" حديثًا مطولاً عن الروائي الذي أصبح عالميًّا، وصارت رواياته تتصدر عوالم الجوائز واعترافًا واسعًا من النقاد في كافة أنحاء العالم وفي هذا يقول كيرش :" قد يظن المرء بعد هذا أن فكرة ( الأدب العالمي) التي نعني بها على وجه التحديد طريقة الكتابة والقراءة التي تتعامل مع العالم بكليته باعتباره موضوعها والجمهور القارئ لها ستكون حظوة نقدية تتسامى فوق كل المساءلات الحجاجية؛ لكن واقع الحال يبدو إشكاليًّا على نحو شديد التعقيد".

فهو يرى أن الأدب تحديدًا يتأثر بالوضع السياسي، والثقافة تسعى عبر خيالاتها إلى كسر الحواجز التي صنعها الحكومات وفي هذه الحال فإن القراءة هي الوسيلة المثلى لمعايشة حياة أقل وطأة، حياة تزخر بما يبتغيه المرء ولو على الصعيد الخيالي.

غير أن هذه الفكرة المثالية عن الأدب وتأثيره على الإنسان لم يمنع النقاد إلى وضع " الأدب العالمي" تحت لائحة الاتهام، والسؤال الأكثر الحاحا هنا: هل هذه الروايات هي فعلا عالمية؟ وما الذي جعلها عالمية؟ "

عندما نتناول بالحديث الرواية العالمية، على سبيل المثال فحسب، فنحن إنما نتحدث في واقع الحال عن مجموعة صغيرة من الروايات التي تُرجمت إلى لغات عدة– الإنكليزية والفرنسية بخاصة- بفعل الحظ الطيب أو لأسباب أخرى، وهكذا صارت هذه الروايات موضوع مباحث شتى بعد أن أشبعت نقاشا على المستوى العالمي" غير أن الآليات المؤسساتية كما يرى المختصون في الثقافة والنقد التي يتم من خلالها انتخاب الروايات والاحتفاء بنخبة معينة ومختارة من الروائيين والكتاب يشوبها للشبهات والتشكك على الدوام.

ويتساءل هؤلاء النقاد عن مدى تأثير ( الحظ ) في عالمية كل من أعمال أورهان باموق وروبرتو بولانيو أو إيليا فيرانتي؛ فهل الأعمال الروائية لهؤلاء الروائيين هي حقا الأفضل والأكثر أصالة بين الروايات الأخرى المكتوبة بذات اللغات التي كتبت بها هذه الروايات، أم أن العملية بمجملها هي حسابات تجارية فحسب؟!

ويذهب رأي بعض محرري صحيفة نقد أمريكية إلى كون الأدب العالمي هو مجرد وعاء فارغ لترسيخ التفاخر الذاتي العابر لدى الأقليات النخبوية العالمية، وبحسب هذا الرأي، فإن الاحتفاء بأي منتج أدبي لابد أن يتم تحييده ومن ثم تدجينه من جانب النسق النيوليبرالي المتغول الحاكم في العالم؛ فالمحصلة هو أن كل ناشري الكتب هم في الغالب أذرع صغيرة للتجمعات الرأسمالية العملاقة بفعل تمويل سخي منها، فكيف يمكن أن يحظى أدب خارج هذا السياق بمباركة هؤلاء؟!
"كنتُ لأصيرَ شجرة
لو لم تهزمني
رغبتي في المشي".

علي عكور
كيف نقرأ الأدب؟
تمارين في فك غوامض الكتابات الأدبية

ليلى عبدالله

عديدة هي الكتب التي تعنى بكشف غوامض النصوص الأدبية، وعلى كثرتها فإن قليلاً منها فحسب تضع القارئ في مختبرها لقراءة النصوص الأدبية بأسلوب مغاير، ويعد الكاتب والناقد البريطاني المعاصر " تيري ايغلتون" من النقاد الذين أتاحوا عبر مؤلفاتهم النقدية المنوعة في القبض على اهتمام القارئ لقراءة النصوص بجدية عبر كتابه الصادر بالعربية " كيف نقرأ الأدب"؟ ترجمة د. محمد درويش، الدار العربية للعلوم ناشرون.

عنوان الكتاب الذي جاء بصيغة استفهام تدفع القارئ دفعًا لاكتشاف ما يريد ايغلتون قوله. قسم الكتاب إلى عدة فصول وكل فصل يحمل عنصرًا من عناصر الكتابة الأدبية، يطل علينا في الفصل الأول متحدثًا عن أهمية الافتتاحات الأدبية للنصوص، ويستعرض أمثلة كثيرة في هذا الشأن، على سبيل المثال الجملة الاستهلالية المقتضبة في رواية "موبي ديك" للروائي ملفيل التي تبدأ بعبارة :" call me.Ismael"هو خطاب موجه إلى القارئ ومثلها هي كل الخطابات، إنه يفضح اللعبة القصصية، فالاعتراف بوجود قارئ يعني الإقرار بأن هذه الرواية واقعية وهو ما تريد الروايات الواقعية الإقدام عليه، إذ تسعى عموما إلى التظاهرة أنها ليست روايات أبدا، بل تقاريرًا مطابقة للواقع؛ لأن إدراك وجود قارئ يعني المغامرة بتدمير مسحتها الواقعية".

غير أن هذه الواقعية لها أهميتها في العصر الفيكتوري، ففي القرن التاسع عشر كانت الطبقات العاملة تنصح بقراءة الأدب ليعايشوا الحياة التي تستحيل لهم عبر الخيال كركوب الخيل للصيد أو الزواج بفيكونت مادامت غير قادرة على ممارسة هذه الأشياء في الواقع المر!

ينتقل ايغلتون إلى الفصل الثاني في حديث عن الشخصيات في الرواية، ويبدأ الفصل بقوله:" إن إحدى أكثر الوسائل شيوعًا لفحص الطابع الأدبي لمسرحية أو رواية هي معاملة شخصياتها وكأنهم أناس اعتياديون".

لكن تلك الاعتيادية لا تعني أن تكون الشخصية مطابقة للواقع كليًّا، بل يرى أن الشخصية في الحكاية يجب أن تتمايز بخواص معينة يجعلها مختلفة عن غيرها من شخوص الواقع حتى يكون الأدب مبتكرًا، إذ إن ما يجعل شخصية توم سوير مميزة في الصفات التي لا يتشارك فيها مع هاك فين . كما أن الليدي ماكبث تأتي أهميتها في كونها امرأة عنيدة وذات إرادة صلبة وليس في كونها امرأة عادية تتألم وتضحك وتحزن وتعطس، وهنا يكمن أهمية خلق الشخصيات في الأعمال الأدبية.

غير أنه يعود ويطرح تساؤلاً مخيفًا في الفصل نفسه، عن تلك الشخصيات التي تبقى مصيرها مجهولاً " عندما يختفي هيثكليف من منطقة مرتفعات ويذرنغ مدة من الزمان مكتنفة بالأسرار، فإن الرواية لا تخبرنا عن الوجهة التي يفرّ إليها" بمعنى أن الشخصيات ينتهي دورها بمجرد وقوف السرد ويضمحلون نحو عالم اللاوجود، بمعنى ليس لديها تاريخ قبلي، وليس لها مستقبل!

منتقلاً بذلك ايغلتون لطرح وجهات نظره في الفصل الثالث، متحدثًا عن السرد، وعن كيفية اختيار الشخصيات السرد، متمثلاً في رواية وليم غولدنغ المعروفة سيد الذباب، التي تدور عن مجموعة من تلاميذ المدرسة على جزيرة صحراوية ينقلبون رويدًا رويدًا إلى متوحشين.

يرى ايغلتون إن اختيار الأطفال ليكونوا شخصيات في عمل أدبي يساعد في جعل القضية مقنعة أكثر مما ينبغي، فالأطفال غير اجتماعيين، وتتسم عوالمهم بالبراءة والصدق.
متحدثًا أيضا عن الراوي الذي يتدخل في مصائر شخصياته، موغلاً في الحديث عن شخصيات لم ينصفها كتابها كما يرى، كشخصية آنا كارنينا مثلا للروائي توليستوي، فهو وضع حدًا لاندفاعاتها العاطفية بالموت أمام قطار، هذا المصير البشع لمخلوقة رائعة ككارنينا كان تدخلاً فظًّا من الكاتب لإنهاء مصير شخصية من شخصياتهم يعد تشويها لمعنى الحياة، مفسرًا بقوله :" إن هذا المؤلف الذي يتصرف تصرف " يهوذا" أصابه الهلع عندما شاهد الحياة المزدهرة التي جسدتها بطلته فتخلص منها على نحو جبان بأن دفعها تحت القطار" لاسيما في العصر الفيكتوري الذين آمنوا بأن إحدى وظائف الفن هي رفع معنويات القارئ!

مسهبًا الحديث بعد ذلك عن سمات الأعمال الحداثوية وما بعد الحداثوية التي جاءت لا تعنى بتقديم حلول قدر ما تعنى بتقديم مشكلاتها عبر شخصيات مختلفة، وهي لا تنتهي عادة بالنصابين وقد علقوا من أرجلهم فوق أعمدة الكهرباء أو بمجموعة من الزيجات السعيدة، بل تصنع الشخصية بكامل أعطابها الاجتماعية والأخلاقية تعايش مجتمعًا تختلف وجهات نظره في محاكمتها؛ فالكتابات الواقعية تنظر إلى العالم بكونه منفتحًا بينما الكتابات الحداثوية تميل إلى النظر بوصفها نصًا، وكلمة " النص " هنا تعني مادة ما محبوكة بخيوط معقدة .
أما في الفصل الرابع الذي عني فيه بالتفسير يطل على القارئ بعبارته:" إن العمل الأدبي لا يمكن أن يعني شيئا ما لي أنا وحدي فأنا قد أرى فيه شيئا ما لا يراه غيري، لكن ما أراه ينبغي من حيث المبدأ أن يكون قابلاً لمشاركة الآخرين معه كي نسميه معنى" .
منطلقًا إلى اختلاف تفسيرات النصوص الأدبية وفقا لقارئه، فلكل قارئ موقفه وأفكاره بل موقفه التاريخي تجاه ما يقرأ، ومن هنا يضع أحكامه ورؤاه تجاه نص ما، دون أن يسقط أهمية الشخصيات ودورها في التأثير على القارئ، كما ذهب سابقا أن الشخصيات الطفولية في نص من النصوص من شأنها أن تصنع تأثيرًا مقنعًا إذا ما اختيرت في حكاية ما، الأمر نفسه حين يختار الكاتب لحكايته شخصيات يتيمة الأبوين، فالأيتام شخصيات شاذة وغير سوية، وبلا جذور، وحين يتناولها كاتب ما فإنه سيكون متحررًا مسؤولية من يحيطون بهم، فما من تاريخ يملكونه ليعوق تقدمهم في نص ما، ولا تنتمي لشبكة معقدة من الأقرباء بل بوسعها أن تتقدم وحيدة، وهذا الانقطاع هو ما يدفع السرد إلى الحركة، ويجعله انسيابيًّا، لهذا اليتامى تعد شخصيات نموذجية في الأعمال الأدبية، ووسائل مفيدة لسرد القصص لاسيما في الروايات الحداثوية التي تنتهي غالبا بشخص ما يخرج وحيدًا وحزينًا، تكون مشكلاته عالقة بلا حلول، ولكنه في الوقت نفسه هو شخص متحرر من الالتزامات الاجتماعية والمنزلية كذلك.

على نقيض الروايات الواقعية التي تتكئ على شخوص لها تاريخ واضح، لها مسؤوليات وسلسلة من الأمور التي ترتبط بها ولا يمكن أن تتجاوزها ببساطة، كما أن الكاتب هنا مطالب أن يقدم نهايات توفيقية تلائم القارئ الذي يرى أن الفن جاء ليقدم له درسًا عن الحياة التي يعيشها، الحكاية التي تعكس حياته في واقع هي امتداد لواقعه الشخصي، لذا يجد الكاتب نفسه مرتبط بهذا الواقع، ولا يكاد ينفك عنه، وأن على حكايته أن تراعي إبراز هذا الجانب في الحكاية.

أما في الفصل الخامس، وهو الفصل الأخير في الكتاب يتحدث فيه ايغلتون عن ثيمة القيمة طارحًا استفهامًا : "ما هو الذي يجعل من العمل الأدبي عملا جيّدًا أو رديئًا أو وسطًا ليس بالجيد ولا بالرديء؟" كأنه امتداد مختصر لسؤاله الكبير الذي يحمل عنوان كتابه: كيف نقرأ الأدب ؟
لاشك أن هناك عديد من العناصر التي يضعها القارئ بباله حين يفسر نصًا من النصوص ليحاكمها وفق ذلك، كعمق البصيرة والواقعية، الوحدة الشكلية ونيل الاعجاب الشامل، التعقيد الأخلاقي والابتكار اللفظي، والرؤية التخيلية وغيرها.

منطلقًا من عدة أفكار عن الخيال والابتكار واللغة، فهو يذهب إلى أن الخيال الإبداعي يعيد صياغة هذا العالم على وفق رغباتنا، لاسيما حين يكون الخيال خلاصًا من ثقل الواقع المحيط بالإنسان، ويكمن قوة هذا الخيال حين يكون منفذًا لخوض عوالم تسحب القارئ إلى وجه أقل اضطرابًا، وأكثر راحة.

بينما اللغة تعد أحد أهم وسائل الابتكار في النص الأدبي، وهو بمثابة تحدٍّ لقدرات الكاتب في التعبير، فكل كلمة نستعملها تبلى ويبهت لمعانها وتستهلك وتفقد ملامحها بسبب بلايين الاستعمالات السابقة، فايغلتون يرى أن فضيلة الأدب الحقيقية تكمن في أنه يعيد كلام البشر بمنحه فيضًا ورونقًا، وبهذا نستعيد قدرًا من انسانيتنا المكبوتة لاسيما إن مقدارًا هائلاً من اللغة الأدبية مستنسخ وغزير.

في النهاية يرى أن الخلود في الأعمال الأدبية لها وجهة نظر، لأن الأعمال الأدبية كلها نتاج ظروف تاريخية معينة، "وإن وصفت بعض الأعمال على أنها خالدة إنما هو أسلوب للتعبير عن ميلها للبقاء مدة أطول من بطاقات الهوية أو قوائم المشتريات ولكن حتى في هذه الحالة لا يدوم ذلك إلى الأبد".
مختتمًا كتابه الشيّق بطرح نماذج من كتابات أدبية في مجالات مختلفة تكون بمثابة تمارين تدّرب القارئ على خوض غمار تحليل النصوص الأدبية أو مقاربة ذلك، منطلقًا من العناصر التي طرحها في كل فصل من فصول الكتاب.
‏﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ﴾
‏«لا أشعرُ بالذنب لِكوني إنسانة منطويَة، برغم ذلك ولأن وحدتي مؤلمة أندم أحيانًا. ولكن عندما أتَوغَّل في هذا العالم يراودني إحساسٌ بالسقوط الأخلاقي؛ كمن يبحث عن حبٍ في وكر دعارة.» سوزان سونتاغ
شاهدت هذا الفيلم مرتين، والسبب الذي دفعني لذلك ناهيك عن احترافية التصوير وأداء الفنانتين البديع هي اللهجة السودانية المحببّة.

لهجة تفيض بالدّعة والعذوبة🌱
في "فهرس الملوك" تميل ليلى عبد الله إلى محاولة التجريب، والسعي إلى كسر التوقعات لدى القارئ..
كما تميّزت بتعدد الرواة وتراث الممالك وقضايا معاصرة..

شكرا للكاتب الصحافي السوري عارف حمزة على هذه التغطية الشاملة والقراءة الواعية لمجموعتي القصصية " فهرس الملوك " في موقع الجزيرة نت الثقافي.

https://www.aljazeera.net/culture/2024/7/8/%d8%aa%d8%b9%d8%af%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%82%d8%b5%d8%b5-%d9%82%d8%b5%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%83
" الكبار يعرفوننا وكأنهم يرون صور آبائنا وأجدادنا في وجوهنا".

قصة "ممرّ العربات"| محمود الرحبي
2024/09/30 11:36:16
Back to Top
HTML Embed Code: