Telegram Web Link
إنَّ من دَلُولات الخَور العقليِّ المقيت، والجهلِ المُسْتشري دُونما ارتداعٍ أن ينعتَ المَرءُ إنسيًّا، وبكلِّ ما فيه من شططٍ وزيغٍ، بالخُرق والبلادة من بعد اختلافه معه في رأيٍ معيَّن، ولو كان الأمر مقضيًّا بذلك، لكان النَّاس كلّهم، إذن، رُعْنٌ ومُغفّلون، فيُمسي الرَّأيُ النّحريرُ، وقتئذٍ، في نظر جهولٍ أو هِلْباجة رأيًا غبيًّا ومَعتوهًا، وهذا في أصله، ولا ارتياب، بعيدٌ من جادَّة الحكمة والنّبوغ، وفيه التكاكٌ مبينٌ لا يقف على بِنية فكرٍ قويم، لكنّني لا أُجهِض بذلك، مؤكّدًا، حقيقةَ أنّ هناك آراء لا تجحظ إلّا بسببِ بلاهةٍ مُدقعة، وإنَّ الرّأي المُنبثق لا يُحترم ولا يُقدَّر إلّا إن كان حاذقًا ولبيبًا مُشيَّدًا على الحُجج والقرائن فيه من الصِّحة ما يجعل النّاس له ينتَطِقون ويُقدِّرون، أمّا (طلبُ!) احترام الرّأي بسبب أنّه رأيٌ آخرُ فحسب، ذلك المبدأ الّذي يترجَّل عليه(بسماجةٍ!) المُثقَّفون عمومهم، فإنّما هذا نابعٌ من شخصيّةٍ فيها خُيَلاءٌ فظيعٌ تلتَمِسُ تقدير كلِّ ما يتدفّق من بين شفتيها البقّاقتين، وفيها منهجيَّةٌ ضيْزَى لا تقدر على شيءٍ عدا تهريجٍ وطنطنة، وإنّ للتّهريجِ (الرّشيد!) منافع وعطايا، وثمَّ بُعدٌ منبسطٌ بين احترام الشَّخص نفسه واحترام رأيه، وشتَّان ما هما.
ربِّ يسِّر وأعن !
- كُتب قبل عامين.
إنّك حالَما تُعْرِض عن الكلفة وتشقّ الطّريق في (مداواة!) نفسك منها، فإنّ أوّل ارتِكاسةٍ وتقهقر سيكون من وجعكَ ممّن (يكِيلُونك!) بالمتكلّفين ويساون بينك وبينهم.
إنّك تكدح لتتبدّى كما أنت وتُكال بمن يكدح ليُبدي أحسن ما فيه. وكن على يقين أنّك تمرح بدمية الإعصار فيها خصمك في الجولتين والحكم مرتشى والجمهور أعمى.
إنّك في (كورت) وقاضيها غاشم راغ عن الحق، وإنّ شهودها مفتئتون مدلّسون، في حين أنّ قرائن تجريمك مُبتدعة محبوكة، فإنّك إن ابتغيت أن تتذمّر من هذا فبطآن ما ستتدهور وتنكص على عقبيك، فدع عنك هؤلاء القمّل، لكن دونك أن تفقه أنّها بطولة لا كأس، وأنّ تعداد (الأبوينت) ليس للمتفرّجين، وأنّ أشواطًا أخرى ستكون لك في ملعبك، وأن ثمّ محكمة قسطٍ ستُعمّر لا مظلمة فيها ولا شطط ولا امتداخ، وحده النّظر لذلك اليوم المجموع له النّاس، وذلك يوم الآزفة يشدد من أزرك ويُوطّدك، فلا تسهَ عنه.
لقد تكلّم مَدْخَليّ في خطبة الجمعة عن رضاع الكبير، وشنّر على الإعلام الزّنديق والمُداهن الّذي ينشر هذا الافتئات والخرص على أهل الإسلام، وبارى الثّقلين أن يكون أحد من العلماء قال بالتقام الثّدي نفسه، وأنّ له ألف دينار، وأنّه لا يلفظ بهذا إلّا دجّال أشر يحاول التّزويف أيًّا كان، وأنّ هذا يتشاقق مع السّليقة والعقل قبل الشّريعة نفسها !!!
فقلت للسّائل الّذي أتى يستعلم عن هذا إنّ الألباني يقول بالتقام الثّدي وأنّه لا يصح لو سكب الحليب في إناء فقط، وأنّ هذا لا يُجزِئ، بل لا بدّ من الرّضع.
فلمّا حضر هذا للمَدخلَيّ كان له قولان:
الأوّل: أنّني مزوّر مطّاخ.
فقلت للوسيط: إنّي صادق، وهو لا علم له في المسألة فقط وجاهل بها.
فارتدّ إليه، فنقّب ونبش حتّى وجد ما قلت له، فقال: في الأمر خلاف.
فقلت: سبحانك ربّي أين راح إذن شقاق السّليقة والفطرة والعقل ؟
إنّما تشغيل الدّعابة والطّرفة بِعَوَزٍ إلى ذوقٍ وذلاقةٍ ودمٍ دمثٍ وضحوكٍ وملاحةٍ وحصافة وألمعيّة تنزِل الشّيء منزلته.
فهلّا تنبّهت، يا بنيّ، للبُعد بين استجلاب الجِدّ لدار الدّعابة كما تشغيل بعض الشّيخان وطلبة العلم لكلمات العلم خلال فكاهتهم وهزلهم ونُكاتهم ممّا يحوّل الفكاهة جِدّيّة وبين استحضار النّكتة عند العلم كأن تتفاكه في دار طرح العلم والنّقاش والمحاجّة فيه وتدرسيه إلى درجة يتحوّل الجِدّ طرفة، فإنّما هذا ليس كنظير ذلك، فارحمنا.
إنَّ الحَربَ الّتي نخوضها مع اللّوبي الصِّهْيَوْنِيّ ليست حربًا أيديولوجيّة فقط، بل هي حرب لوجستيّة، وهذا ما يعتمد عليه الاحتلال في معتَركه من بعدِ تجرِبته مع الهولوكوست.
يا أللّه، ماذا ستستقلّ تِيْك الرّقبة الضّخمة من جرائر وأوزار حينما تُعلّق بها كلّ نفس أهرقت تقول يا أللّه، سل ذلك لمَ أراق دمي ؟
إنّ ما تشاهده بين الإسلاميين في هذا الوقت أعظمه نمطيًّا اقتتالات (جسيمة!) جدًّا كمثل هذا الفارق:
رمق حمار وحشيٌّ لخليله فقال له:
أبي أسود وأمّي بيضاء فكيف أراك على نظيري وأمّك البيضاء وأبوك أسود ؟
فلا غرابة، إذًا، أن يلتقيا في الرّأس ويتنابذا في أفراد مسائل في الرّدف، فإنما هو وجه لا يُجيد في المعترك غير الرّكل بحافريه، وقلّما يُحاول مراس حرف أخرى.
مع أنّ الأعراب لقّبوه بالحرفيّ، لأنّ له في الرّكض حرفًا، فأين راحت حرفه ؟
مُستغربٌ من كليهما، (متعصِّبٌ!) في مذهب (التّهوين!) على النّاس، (ومتسامحٌ!) في (التّعسير!) عليهم، وأغرب الغرابة أمرهما دنو ما بينهما سريرة على ظاهر نأيه !!!
أيْ بُنيّ، استردّها بالشَّيْن والزّراية والمنقصة، ولا تبتئس ألبتّة ولا تأسَ، فإنّ تسويةً مُعمّرةً على إجلال أحاسيسك عوض ازداء عقلي وتحقيره لهي من مضغ أدمغة النّاس وعقولهم بالغَيّ فكان زهوقًا !!!
اللّه المستعان.
لقد ردعها منذ أن تزوّجت من التماس العلم، وإنّ الاستجابة أحسن لها لو دريت، ورومها أنفع له لو عرف، ويرفضان إلّا بهجة إبليس !!!
ربّ كلمة رشادٍ في فقه عالم تستحيل في فهم هلابج بلادةً وغيًّا !!
وذلك أنّ ماء الرّشد الفرات إذا انسكب في إناء فهمٍ نقيٍّ ظلّ طاهرًا وإن كان الإناء غير طاهرٍ ترجّس.
إنّما البأس لا زِنة له إلّا إذا آمن عدوّك الكاشح أنّك لا تُجيد استعماله !!
لكنّ حقّ البأس مندثر اندثار الرّغبات، وقوّة الحقّ مُستمرّة استمرار الحقّ سبحانه.
في جادَّات القُرى المُزدَحمةِ بالعجيج والصَّخب، يعتريني شُعورٌ (بالوحدة!) والخواء.
هل ثمَّ إحساسٌ يتعسَّف بوسَطِك كما الإحساس بالتِّيه في بلدٍ يعجّ بالآرمات الدَّالة ؟
إنّ التّيه، يا صديقي، لا اقتران له بالبدن، فثمّ إربٌ مضطرب، ونفسٌ لبِكة، ويراعةٌ تستقي الأزرقَ من دمك، وتُسطِّر على طُلُوْلِك أنكى المراثي !
في هذه الأروقة المحتشدةِ بالعَرَضيين خَلاء... خلاءٌ لا يبصر بالعين المجرّدة، ولا بالفؤاد المُتنعِّم !
خواء، خواءٌ ويراعةٌ وتأوُّه، والمُدن شاحِبة، فمن يُناوِلني، تكرُّمًا بأسًا للقلب؛ لأفدغ هذه اليراعة الجائشة، وأستريح ؟
يطرُق بابي إقدامٌ عارمٌ ورمٌ إلى حذف هذه القناة بذرائع تتجاوز عدد دولات النّفط، والتّطبيع، والدّولار، والامبريال، وأدعو اللّه، على الدّيمومة، ألّا أجترح فعلًا مثل هذا؛ فإنّني أعلمُ، في وهدة قلبي، أنّني سأتحسّر بعدئذٍ مدرارًا وأتضمّخ بالاستياء الّذي يأبى أن ينضب ولاتَ حين حسرة.
The tribal crisis remains intractable.
إنّما الحَصافة شيء متخطّى "لمجرّد" سيلان العمر عليك، بل إنّك لتدركه حينما تزدرده فقط.
قاعدة:
إنّ البُوهة لا يُقرّ بأنّه بوْهة ألبتّة، بل لا يُدرك ذلكَ فيه أصلًا فضلًا عن أن يُقرّ به، وأينما ألْفَيتَ امرَأً يقول لك إنّه كذلك ويعترف، فاعلم أنّه ليس بُوهة، سمّه واهمًا، أو منتفعًا، أو متواضعًا متزأبِقًا يرتدي رداء الصّلف، أو جاهلًا بنفسه، أو متلاعبًا، أو ضعيف شخصيّة، أو مازحًا، أو منصفًا رأى فيه (شذرةً) من الحمق فظنّ أنّه هو… سمّه ذلك أو غيره (فلربّما!) أبصم لك عليه حينئذٍ بالعشرة، لكنّه ليس ببوْهة.
#البوهة بلحن القول تعرفهُ، وللّه المشتكى.
الأستاذ نور الدين | 22 كانون الأول 2019
2025/07/05 23:47:54
Back to Top
HTML Embed Code: