من إدلب

#حكايتي_في_الفرع_١١

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد

في تاريخ / ١٢ / ٦ / ٢٠٢٣ / اعتقلت للمرة الثانية على يدِ جهاز الأمن العام التابع للجولاني، وذلك على خلفية تسجيلي لمقطع فيديو معترضا فيه على سياسة الجولاني القمعية الأمنية في التعامل مع المخالفين والرافضين للنهج الأمني الذي يتبعه جهاز الاستخبارات العام لدى الجولاني.

وضحت خلاله حتمية فشل هذه السياسة الاستخباراتة ومٱلاتها وانعكاساتها وسلبياتها التي ستعود على المحرر بالويلات في حال استمرار الجولاني على هذا النحو وبنفس الطريقة.

لاسيما وأنها بلغت مبلغاً لم يعد يطاق من كم الأفواه واسكات الأصوات الحرة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بل وزج كل ناصح رافض لهذا النهج في السجن دون تهم أو محاكمات حقيقية.

طبعاً كانت طريقة الإعتقال طريقة عصابات المافيا، من تقييد اليدين إلى الخلف ووضع الطِماش على العينين واقتيادي إلى أحد الأفرع الأمنية التي بات عددها في إدلب أكثر من عدد أفران الخبز.

مكثت في المنفردة عشرون يوما لم أخرج فيها إلى محقق أو قاضي أو حتى إلى باحة التنفس، وفي كل هذه المدة كانوا قد سلطوا علي بعض السجانين يكيلون لي التهم والشتائم وأحيانا الضرب.

فصار هاجسي ومرادي أن أخرج للتحقيق لأعرف ما التهمة التي سيتهمونني بها، في حين كان مجرد سماع صوت أقدام السجان تطرق الأرض وهو متجه إلى قسم المنفردات يثير الرعب بل وتكاد تنخلع منه قلوب اثنين من الرجال كانوا قد وضعوهم معي في منفردة مساحتها لا تتجاوز متر وربع بمتر وربع، فتصيبهم الرعشة وتصفر وجوههم خوفا من أن يكون السجان متوجه إليهم ليسوقهم إلى الشبح والتعذيب.

إلى أن جاءت ساعة الفرج بالنسبة لي ألا وهي الخروج للتحقيق ويا ليتني لم أعش لتلك الساعة.
حيث أنهم اخرجوني مقيد اليدين إلى الخلف مغطى العينين بخرقة تفوح منها رائحة كريهة لم أعرف ما تلك الرائحة حتى سألت أحد السجناء القدامى يوم نقلوني إلى المهجع، قال لي تلك رائحة الدم يا صاحبي.

نعود للحظة دخولي إلى المحقق.

جلست مقيدا مطمشا، فقال لي أهلااا أبو شاهر من زمان حابين نستضيفك عندنا.
وافتتح كلامه: قائلاً، كيف بتحكي عالشيخ وهو يصرخ ويقول من أنتم لتحكوا عالشيخ، الشيخ قائد المحرر غصباً عنكم وعن كل الذين يعيشون في المحرر، وراح يرمي التهم جزافاً ويقول نحن أخذناها ببوز البارودة فهمت ولا لاء نحن أخذناها بالقوة.

هنا سألته ممكن أعرف من الذي يحقق معي، أقصد صفته أو رتبته، فقال لي: وقوله هو بيت القصيد والشاهد الذي أريده من كلامي الذي سقته، وأقسم بالله العظيم على ما سأقوله.

قال لي، أنا الرائد أبو علي محقق في فرع أمن الدولة في الشام انشقيت عن النظام سنة ٢٠١٨ هاا شو بدك غيرو.

هنا نزل كلامه علي كالصاعقة فهان علي ما قاسيت من وحشة المنفردة وضيقها وحرها ورطوبتها وأصوات الرجال المعذبين من حولي وهم يتلوون من الألم.

طبعا أنا لست أدري إذا ما كان قد صدق بتعريفه عن نفسه أم كان من الكاذبين، لكن الذي أقطع وأجزم فيه بأنه أراد أن يوصل لي ويرسخ في عقلي بأننا في معتقلات مشابهة لمعتقلات النظام ويحقق معنا محققٌ لطالما كان يحقق ويعذب المجاهدين والثوار في غياهب سجون النصيرية.
فقلت في نفسي، أبعد اثنا عشر سنة من الجهاد ( يحقق معي ضابط في أمن الدولة انشق من كم سنة)

فحسبنا الله ونعم الوكيل

https://www.tg-me.com/shahmalwan

2.8K views12:27