#وقفات_مع_سورة_النور
قال صاحب الظلال رحمه الله:
"ولقد شاع في وقت من الأوقات أن النظرة المباحة، والحديث الطليق، والاختلاط الميسور، والدعابة المرحة بين الجنسين، والاطلاع على مواضع الفتنة المخبوءة، شاع أن كل هذا تنفيس وترويح، وإطلاق للرغبات الحبيسة، ووقاية من الكبت، ومن العقد النفسية، وتخفيف من حدة الضغط، وما وراءه من اندفاع غير مأمون ... إلخ.
شاع هذا على إثر انتشار بعض النظريات المادية القائمة على تجريد الإنسان من خصائصه التي تفرقه من الحيوان، والرجوع به إلى القاعدة الحيوانية الغارقة في الطين! -وبخاصة نظرية فرويد- ولكن هذا لم يكن سوى فروض نظرية، رأيت بعيني في أشد البلاد إباحية وتفلتا من جميع القيود الاجتماعية والأخلاقية والدينية والإنسانية، ما يكذبها وينقضها من الأساس.
نعم، شاهدت في البلاد التي ليس فيها قيد واحد على الكشف الجسدي، والاختلاط بكل صوره وأشكاله، أن هذا كله لم ينته بتهذيب التفس وترويضها. إنما انتهى إلى سعار مجنون لا يرتوي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمإ والاندفاع!
وشاهدت الأمراض النفسية والعقد التي كان مفهوما أنها لا تنشأ إلا من الحرمان، وإلا من التلهف على الجنس الآخر المحجوب، شاهدتها بوفرة ومعها الشذوذ بكل أنواعه، ثمرة مباشرة للاختلاط الكامل الذي لا يقيده قيد ولا يقف عند حد، وللصداقات بين الجنسين تلك التي يباح معها كل شيء!
إن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين الحيوي؛ لأن الله قد ناط به امتداد الحياة على هذه الأرض، وتحقيق الخلافة لهذا الإنسان فيها، فهو ميل دائم يسكن فترة ثم يعود، وإثارته في كل حين تزيد من عرامته، وتدفع به إلى الإفضاء المادي للحصول على الراحة، فإذا لم يتم هذا تعبت الأعصاب المستثارة.
وكان هذا بمثابة عملية تعذيب مستمرة! والنظرة تثير، والحركة تثير، والضحكة تثير، والدعابة تثير، والنبرة المعبرة عن هذا الميل تثير، والطريق المأمون هو تقليل هذه المثيرات بحيث يبقى هذا الميل في حدوده الطبيعية، ثم يلبي تلبية طبيعية، وهذا هو المنهج الذي يختاره الإسلام، مع تهذيب الطبع، وشغل الطاقة البشرية بهموم أخرى في الحياة، غير تلبية دافع اللحم والدم، فلا تكون هذه التلبية هي المنفذ الوحيد!"
(في ظلال القرآن. بتصرف)
الحكمة من تشريع الحجاب والأمر بغض البصر
قال صاحب الظلال رحمه الله:
"ولقد شاع في وقت من الأوقات أن النظرة المباحة، والحديث الطليق، والاختلاط الميسور، والدعابة المرحة بين الجنسين، والاطلاع على مواضع الفتنة المخبوءة، شاع أن كل هذا تنفيس وترويح، وإطلاق للرغبات الحبيسة، ووقاية من الكبت، ومن العقد النفسية، وتخفيف من حدة الضغط، وما وراءه من اندفاع غير مأمون ... إلخ.
شاع هذا على إثر انتشار بعض النظريات المادية القائمة على تجريد الإنسان من خصائصه التي تفرقه من الحيوان، والرجوع به إلى القاعدة الحيوانية الغارقة في الطين! -وبخاصة نظرية فرويد- ولكن هذا لم يكن سوى فروض نظرية، رأيت بعيني في أشد البلاد إباحية وتفلتا من جميع القيود الاجتماعية والأخلاقية والدينية والإنسانية، ما يكذبها وينقضها من الأساس.
نعم، شاهدت في البلاد التي ليس فيها قيد واحد على الكشف الجسدي، والاختلاط بكل صوره وأشكاله، أن هذا كله لم ينته بتهذيب التفس وترويضها. إنما انتهى إلى سعار مجنون لا يرتوي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمإ والاندفاع!
وشاهدت الأمراض النفسية والعقد التي كان مفهوما أنها لا تنشأ إلا من الحرمان، وإلا من التلهف على الجنس الآخر المحجوب، شاهدتها بوفرة ومعها الشذوذ بكل أنواعه، ثمرة مباشرة للاختلاط الكامل الذي لا يقيده قيد ولا يقف عند حد، وللصداقات بين الجنسين تلك التي يباح معها كل شيء!
إن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين الحيوي؛ لأن الله قد ناط به امتداد الحياة على هذه الأرض، وتحقيق الخلافة لهذا الإنسان فيها، فهو ميل دائم يسكن فترة ثم يعود، وإثارته في كل حين تزيد من عرامته، وتدفع به إلى الإفضاء المادي للحصول على الراحة، فإذا لم يتم هذا تعبت الأعصاب المستثارة.
وكان هذا بمثابة عملية تعذيب مستمرة! والنظرة تثير، والحركة تثير، والضحكة تثير، والدعابة تثير، والنبرة المعبرة عن هذا الميل تثير، والطريق المأمون هو تقليل هذه المثيرات بحيث يبقى هذا الميل في حدوده الطبيعية، ثم يلبي تلبية طبيعية، وهذا هو المنهج الذي يختاره الإسلام، مع تهذيب الطبع، وشغل الطاقة البشرية بهموم أخرى في الحياة، غير تلبية دافع اللحم والدم، فلا تكون هذه التلبية هي المنفذ الوحيد!"
(في ظلال القرآن. بتصرف)
❤6👍3
(١)
وردت أسماء الله تعالى في ختام ثلاث آيات متتاليات في سورة النساء تدور حول نشوز الزوج، والعدل ببن الزوجات، والفرقة بين الزوجين، وهذه الأسماء هي:
(الخبير - الغفور - الرحيم - الواسع - الحكيم)
📖 الآية الأولى: قوله تعالى:
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ
وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
[النساء: 128]
✍ وإن امرأة خافت من زوجها انصرافا عن عشرتها إلى غيرها لشئ كرهه منها؛ فلا حرج عليهما أن يتصالحا على وضع شئ من حقها من المبيت أو النفقة؛ مقابل أن يمسكها ولا يطلقها؛ فتقول: لا تطلقني، وأنت في حِلً من شأني، وهذا الصلح خير من الفرقة والطلاق.
وأحضرت أنفس النساء الشح، وهو هنا: إفراط حرصِ المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها؛ فتشح بذلك على ضرتها.
فيه حث للزوج بأن يحسن الى زوجته، ويتقي الله فيها؛ فإن الله خبير بما في باطنه من التقوى وإرادة الإحسان؛ فموفيه جزاءه.
وإن تحسنوا أيها الرجال إلى نسائكم؛ فتصبروا على ما قد تكرهونه منهن، وتبقوا على عشرتهن بالمعروف بدلا من تطليقهن، وتتقوا الله فيهن بترك الجور عليهن، وترك إمساكهن على كره منهن مع بخسهن حقهن؛ فإن الله خبير بما تعملون من الإحسان إليهن، أو الجور عليهن، لا يخفي عليه شيء من عملكم، ويحصيه عليكم، حتى يوفِّيكم جزاءَ ذلك: المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته.
(يتبع إن شاء الله)
وردت أسماء الله تعالى في ختام ثلاث آيات متتاليات في سورة النساء تدور حول نشوز الزوج، والعدل ببن الزوجات، والفرقة بين الزوجين، وهذه الأسماء هي:
(الخبير - الغفور - الرحيم - الواسع - الحكيم)
📖 الآية الأولى: قوله تعالى:
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ
وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
[النساء: 128]
✍ وإن امرأة خافت من زوجها انصرافا عن عشرتها إلى غيرها لشئ كرهه منها؛ فلا حرج عليهما أن يتصالحا على وضع شئ من حقها من المبيت أو النفقة؛ مقابل أن يمسكها ولا يطلقها؛ فتقول: لا تطلقني، وأنت في حِلً من شأني، وهذا الصلح خير من الفرقة والطلاق.
وأحضرت أنفس النساء الشح، وهو هنا: إفراط حرصِ المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها؛ فتشح بذلك على ضرتها.
مناسبة ختام الآية باسمه تعالى (الخبير):
فيه حث للزوج بأن يحسن الى زوجته، ويتقي الله فيها؛ فإن الله خبير بما في باطنه من التقوى وإرادة الإحسان؛ فموفيه جزاءه.
وإن تحسنوا أيها الرجال إلى نسائكم؛ فتصبروا على ما قد تكرهونه منهن، وتبقوا على عشرتهن بالمعروف بدلا من تطليقهن، وتتقوا الله فيهن بترك الجور عليهن، وترك إمساكهن على كره منهن مع بخسهن حقهن؛ فإن الله خبير بما تعملون من الإحسان إليهن، أو الجور عليهن، لا يخفي عليه شيء من عملكم، ويحصيه عليكم، حتى يوفِّيكم جزاءَ ذلك: المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته.
(يتبع إن شاء الله)
❤5👍5
لا أدري أي شيطان مريد ذاك الذي أقنع المتصدرين على اختلاف مشاربهم، أن دعم المسلم المجاهد يكون بإقراره على المنكر في الوقت الذي هو أحوج ما يكون فيه إليه إلى إصلاح ما بينه وبين الله!
تدعون امتلاك البصيرة وبُعد النظر، ولكنكم تغضون الطرف - قصدًا أو عمدًا - عن الفتنة التي تعصف بعقائد وقلوب - وعقول! - المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
الداعم للمقاومة حقًا لا يزين لها ركوب المنكرات بدعاوى ساقطة شرعًا وواقعًا؛ أبينا العمل بمقتضى الشرع فتوالت الأقدار المُبَصِّرة ولكننا - إلا من رحم ربي - أُشربنا تسويغ الأهواء حتى صارت لنا مذهبًا!
من الذي أقنعكم أن ثمة تناقضًا بين أن أقول إن نحري دون نحر أخي، وبين أن أخذ على يديه وأصرخ في وجهه إذا ولغ فيما يُسخط الله أن لا تهلك نفسك بنفسك واتق الله!
لقد صارت والله فتاويكم خنجرًا في ظهور الدعاة والمصلحين، وصار الكثير منهم يحسب ألف حساب قبل أن يتكلم في هذه القضية، وإن جاء بالحق المبين، خشية غضبة الجماهير المشحونة، وما ذلك إلا بعض آثار تسويغكم لطامة تلو الأخرى.
تدعون امتلاك البصيرة وبُعد النظر، ولكنكم تغضون الطرف - قصدًا أو عمدًا - عن الفتنة التي تعصف بعقائد وقلوب - وعقول! - المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
الداعم للمقاومة حقًا لا يزين لها ركوب المنكرات بدعاوى ساقطة شرعًا وواقعًا؛ أبينا العمل بمقتضى الشرع فتوالت الأقدار المُبَصِّرة ولكننا - إلا من رحم ربي - أُشربنا تسويغ الأهواء حتى صارت لنا مذهبًا!
من الذي أقنعكم أن ثمة تناقضًا بين أن أقول إن نحري دون نحر أخي، وبين أن أخذ على يديه وأصرخ في وجهه إذا ولغ فيما يُسخط الله أن لا تهلك نفسك بنفسك واتق الله!
لقد صارت والله فتاويكم خنجرًا في ظهور الدعاة والمصلحين، وصار الكثير منهم يحسب ألف حساب قبل أن يتكلم في هذه القضية، وإن جاء بالحق المبين، خشية غضبة الجماهير المشحونة، وما ذلك إلا بعض آثار تسويغكم لطامة تلو الأخرى.
👍9💯2❤1💔1
(٢)
ورد الاسمان الكريمان الغفور الرحيم في سياق الأمر بالعدل بين الزوجات في قوله تعالى:
📖 {وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ
وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}
[النساء: 129]
✍ أي: ولن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم في محبتهن والإقبال عليهن؛ ولو حرصتم على التسوية بينهن في ذلك؛ لأن ذلك مما لا تملكونه.
فلا يحملكم مافي قلوبكم من المحبة والهوى لبعضهن، على الميل لهن كل الميل؛ فتجوروا على الأخرى فيما أوجب الله لها من المبيت والنفقة والعشرة بالمعروف؛ فتصير بذلك كالمعلقة؛ فلا هي ذات زوج، ولا هي أيم تملك أمر نفسها.
وعليكم بالإصلاح بالعدل بين الزوجات فيما قسم الله لهن من المبيت والنفقة والعشرة بالمعروف، واتقوا الله فيهن ولا تبخسوا إحداهن حقها.
الغفور هو الذي يستر عليكم ما قد سلف منكم من تعليق إحدى الزوجات، وبخسها حقها الذي كتب الله لها.
الرحيم الذي يتجاوز عما لا تملكونه من الميل القلبي لإحداهن، ولا يؤاخذكم بالعقوبة عليه؛ بل يرحم ضعفكم ويتجاوز عنكم، مادمتم مصلحين متقين.
ورد الاسمان الكريمان الغفور الرحيم في سياق الأمر بالعدل بين الزوجات في قوله تعالى:
📖 {وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ
وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}
[النساء: 129]
✍ أي: ولن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم في محبتهن والإقبال عليهن؛ ولو حرصتم على التسوية بينهن في ذلك؛ لأن ذلك مما لا تملكونه.
فلا يحملكم مافي قلوبكم من المحبة والهوى لبعضهن، على الميل لهن كل الميل؛ فتجوروا على الأخرى فيما أوجب الله لها من المبيت والنفقة والعشرة بالمعروف؛ فتصير بذلك كالمعلقة؛ فلا هي ذات زوج، ولا هي أيم تملك أمر نفسها.
وعليكم بالإصلاح بالعدل بين الزوجات فيما قسم الله لهن من المبيت والنفقة والعشرة بالمعروف، واتقوا الله فيهن ولا تبخسوا إحداهن حقها.
مناسبة ختام الآية الكريمة بالاسمين الغفور الرحيم:
الغفور هو الذي يستر عليكم ما قد سلف منكم من تعليق إحدى الزوجات، وبخسها حقها الذي كتب الله لها.
الرحيم الذي يتجاوز عما لا تملكونه من الميل القلبي لإحداهن، ولا يؤاخذكم بالعقوبة عليه؛ بل يرحم ضعفكم ويتجاوز عنكم، مادمتم مصلحين متقين.
❤6👍3
شر بقاع الأرض المولات.. محلاتها ومطاعمها وكافيهاتها؛ مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شر بقاع الارض الأسواق" وقال: "وفيها يركز الشيطان رايته".
وإنما كانت الأسواق بهذه المنزلة؛ لما فيها من مخالفات البيوع والحلف الكاذب؛ فكيف اذا انضم إلى ذلك مخالفات النساء وتبرجهن الفاضح واختلاطهن بالرجال!
فمن كانت له حاجة إلى شئ منها؛ فلا يدخلها إلا مجتازا مسرعا، مشفقا على نفسه من العذاب وأسبابه، لا يمكث فيها مختارا راضيا؛ فضلا عن أن يكون متسكعا مستمتعا، وقانا الله وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وإنما كانت الأسواق بهذه المنزلة؛ لما فيها من مخالفات البيوع والحلف الكاذب؛ فكيف اذا انضم إلى ذلك مخالفات النساء وتبرجهن الفاضح واختلاطهن بالرجال!
فمن كانت له حاجة إلى شئ منها؛ فلا يدخلها إلا مجتازا مسرعا، مشفقا على نفسه من العذاب وأسبابه، لا يمكث فيها مختارا راضيا؛ فضلا عن أن يكون متسكعا مستمتعا، وقانا الله وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
👍7❤5👏3
(٣)
قال تعالى:
📖 {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ
وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}
[النساء: 130]
✍ مر في الآيتين السابقتين إرشاد الزوجين إلى الصلح والإحسان والتقوى؛ فإن غلب عليهما الشح؛ فأبت المرأة النزول عن شئ من حقها في المبيت والنفقة، وأبى هو الإحسان إليها بإيفائها حقها؛ فليس ثم إلا الفراق.
ولما كان الطلاق بداية طريق مجهول، وكل من الرجل والمرأة يغلب عليه التشاؤم مما هو مقبل عليه، ناسب ذلك ختام الآية بما فيه شفاء للصدور من الهواجس واليأس والقنوط بقول الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}.
هو الواسع تبارك وتعالى الذي يوسع على كل من الرجل والمرأة ما ضاق عليهما في حياتهما من الشقاق وسوء العشرة، ويفتح لهما من أبواب الخير ما يرضي كلا منهما؛ إذا لم يكن بغي من أحدهما على الآخر.
وهو الحكيم عز وجل فيما يتخير لهما من صنوف العِوَض التي تجبر كلا منهما؛ إما بزيجة صالحة، أو عفة تغني عن الزواج، أو رزق واسع، أو عمل طيب يشغل عما هنالك من مواجع وآلام.
الخبير عز وجل:
حث للزوج بأن يحسن الى زوجته، ويتقي الله فيها؛ فلا يمسكها مضارة لها، وبخس لحقها وهي كارهة، وأن الله خبير بما في باطنه من التقوى وإرادة الإحسان؛ فموفيه جزاءه.
الغفور عز وجل:
خطاب للزوج في تجاوز الله عنه لما يصدر عنه من ميل غير متعمد لإحدى زوجاته لما في قلبه من المحبة والهوى، مادام لا يحمله ميله إليها على الجور على الأخرى في حقها في المبيت والنفقة والعشرة بالمعروف.
الرحيم عز وجل:
برفع العقوبة عن الأزواج إذا تابوا من الجور على نسائهم.
ورحيم بتشريعه صفح المرأة عن بعض حقها مقابل إمساكها بدلا من تطليقها.
الواسع عز وجل:
وعد للزوجين بإغنائهما من فضله إن تفرقا؛ فلا وجه لبقاء العشرة على كره منهما، وتباغض بينهما، وتضييع لحدود الله؛ مخافة ضيق الحال بالطلاق.
الحكيم عز وجل:
بشرى لهما بأن من حكمته تعالى أن يوسع على كل منهما بما يناسبه ويكفيه ويغنيه.
فلله الحمد على ما أعطى وما منع، واسعا حكيما خبيرا غفورا رحيما؛ يغفر الذنوب ويجبر الكسور، فلا يقنط من رحمته إلا هالك.
قال تعالى:
📖 {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ
وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}
[النساء: 130]
✍ مر في الآيتين السابقتين إرشاد الزوجين إلى الصلح والإحسان والتقوى؛ فإن غلب عليهما الشح؛ فأبت المرأة النزول عن شئ من حقها في المبيت والنفقة، وأبى هو الإحسان إليها بإيفائها حقها؛ فليس ثم إلا الفراق.
ولما كان الطلاق بداية طريق مجهول، وكل من الرجل والمرأة يغلب عليه التشاؤم مما هو مقبل عليه، ناسب ذلك ختام الآية بما فيه شفاء للصدور من الهواجس واليأس والقنوط بقول الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}.
مناسبة ختام الآية بالاسمين الكريمين: الواسع الحكيم:
هو الواسع تبارك وتعالى الذي يوسع على كل من الرجل والمرأة ما ضاق عليهما في حياتهما من الشقاق وسوء العشرة، ويفتح لهما من أبواب الخير ما يرضي كلا منهما؛ إذا لم يكن بغي من أحدهما على الآخر.
وهو الحكيم عز وجل فيما يتخير لهما من صنوف العِوَض التي تجبر كلا منهما؛ إما بزيجة صالحة، أو عفة تغني عن الزواج، أو رزق واسع، أو عمل طيب يشغل عما هنالك من مواجع وآلام.
فهذه خمس من الأسماء الحسنى ختمت بها ثلاث آيات متتاليات في أحكام الصلح والعدل والفرقة بين الزوجين، ولكل منها دلالة إيمانية ينبغي الالتفات إليها في المعاملات بين الزوجين، وهي:
(الخبير - الغفور - الرحيم - الواسع - الحكيم)
الخبير عز وجل:
حث للزوج بأن يحسن الى زوجته، ويتقي الله فيها؛ فلا يمسكها مضارة لها، وبخس لحقها وهي كارهة، وأن الله خبير بما في باطنه من التقوى وإرادة الإحسان؛ فموفيه جزاءه.
الغفور عز وجل:
خطاب للزوج في تجاوز الله عنه لما يصدر عنه من ميل غير متعمد لإحدى زوجاته لما في قلبه من المحبة والهوى، مادام لا يحمله ميله إليها على الجور على الأخرى في حقها في المبيت والنفقة والعشرة بالمعروف.
الرحيم عز وجل:
برفع العقوبة عن الأزواج إذا تابوا من الجور على نسائهم.
ورحيم بتشريعه صفح المرأة عن بعض حقها مقابل إمساكها بدلا من تطليقها.
الواسع عز وجل:
وعد للزوجين بإغنائهما من فضله إن تفرقا؛ فلا وجه لبقاء العشرة على كره منهما، وتباغض بينهما، وتضييع لحدود الله؛ مخافة ضيق الحال بالطلاق.
الحكيم عز وجل:
بشرى لهما بأن من حكمته تعالى أن يوسع على كل منهما بما يناسبه ويكفيه ويغنيه.
فلله الحمد على ما أعطى وما منع، واسعا حكيما خبيرا غفورا رحيما؛ يغفر الذنوب ويجبر الكسور، فلا يقنط من رحمته إلا هالك.
❤4
{حورٌ مَقصوراتٌ فِي الخِيام}
قال العلامة الشنقيطي:
"كون المَرأة لا تَخرُج مِن بَيتِهِا مِن صِفَاتِ جمَالِهَا."
- أضواءُ البيان (6/314).
قال العلامة الشنقيطي:
"كون المَرأة لا تَخرُج مِن بَيتِهِا مِن صِفَاتِ جمَالِهَا."
- أضواءُ البيان (6/314).
❤14👍2
صباح حزين!!
وصل بنا الاستضعاف والهوان إلى درجة غير مسبوقة، وإسرائيل تمرح في أراضينا لا يخيفها شعب ولا قيادة، وتفعل ما يحلو لها كما تشاء بغير رقيب ولا حسيب.
نحن عاجزون عن عمل شئ لنصرة إخواننا، ولا يمكن الاكتفاء بكوننا في مقاعد المتفرجين ؛ فلنعد العدة على الأقل حتى إذا أذن مؤذن الجهاد لم نكن غافلين.
كتبت د. ليلى حمدان:
"حديث الإعداد، فنون الإعداد، علوم الإعداد، هي التي يجب أن تشغل عقول وأهداف ومعارف المسلمين اليوم.
فطوبى لمن أنشأ في نفسه وفي ذريته جيلا يعرف سيف عصره ورمح زمانه وحربة واقعه وسهم قدواته!"
بتحريض الناس على الإعداد وتذكيرهم به، والتواصي بفنون الإعداد العملية من لياقة بدنية، وكفاءة ذهنية، ومهارات تقنية، وتزكية النفس وتجريدها من حب الدنيا وارادتها وتمام الاقبال على الآخرة والرغبة فيما عند الله، وإتقان العلوم الشرعية، والعلوم العسكرية والجه.ها.دية.
اللهم هيى لأمتنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، وينصر دينك، وتعلو كلمتك.
وصل بنا الاستضعاف والهوان إلى درجة غير مسبوقة، وإسرائيل تمرح في أراضينا لا يخيفها شعب ولا قيادة، وتفعل ما يحلو لها كما تشاء بغير رقيب ولا حسيب.
نحن عاجزون عن عمل شئ لنصرة إخواننا، ولا يمكن الاكتفاء بكوننا في مقاعد المتفرجين ؛ فلنعد العدة على الأقل حتى إذا أذن مؤذن الجهاد لم نكن غافلين.
كتبت د. ليلى حمدان:
"حديث الإعداد، فنون الإعداد، علوم الإعداد، هي التي يجب أن تشغل عقول وأهداف ومعارف المسلمين اليوم.
فطوبى لمن أنشأ في نفسه وفي ذريته جيلا يعرف سيف عصره ورمح زمانه وحربة واقعه وسهم قدواته!"
بتحريض الناس على الإعداد وتذكيرهم به، والتواصي بفنون الإعداد العملية من لياقة بدنية، وكفاءة ذهنية، ومهارات تقنية، وتزكية النفس وتجريدها من حب الدنيا وارادتها وتمام الاقبال على الآخرة والرغبة فيما عند الله، وإتقان العلوم الشرعية، والعلوم العسكرية والجه.ها.دية.
اللهم هيى لأمتنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، وينصر دينك، وتعلو كلمتك.
❤6💔2👍1
فَبَشَّرْنَاهَا
تابع/ بنات النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها (ج٢)
(٢)
قال النبي ﷺ:
”يا فاطمةُ، ألا ترضين أن تكوني سيِّدةَ نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمَّة”.
صحيح البخاري.
لقد كانت فاطمة ابنة نبي الله ﷺ وإمام المسلمين جميعًا، فلم يزدها عظم شأن أبيها إلا تواضعًا وتقوى وخشية من الله تعالى، لذلك غلب على حياتها الزهد والورع والرضا بما قسمه الله تعالى، فكانت قليلة المهر، مهرها درع، يسيرة المؤونة، فما تجاوز متاعها قطيفة، ووسادة من جلد حَشْوُها ليفٌ، وقِرْبة.
وقد زوّج النبي ﷺ فاطمة -رضي الله عنها- لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة، بعد غزوة بدر؛ وكان سنُّها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا، وكان سنُّ عليٍّ رضي الله عنه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر.
وقيل وكان عمرها ثمانية عشر عامًا، وكان عُمر علي رضي الله عنه نحوًا من ثلاث وعشرين سنة.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
"جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيلٍ ، وَقِرْبَةٍ، وَوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ" .
والخميلة: القَطيفَة.
والقربة: هي ما يتخذ للسقاء.
والأدم: وَهُوَ الْجلد.
والليف : مَا يخرج من أصُول سعف النّخل يحشى بهَا الوسائد.
ولعل من أعظم ما يستفاد من ذلك ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الزهد، حتى إن جهاز فاطمة بنت رسول الله ﷺ، وهي سيدة نساء الجنة، قطيفة لها خمائل، وإناء، ووسادة حشوها من أصول سعف النخل؛ فرضي الله عنها وأرضاها.
وكان لها من البنين: الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومن البنات: أم كلثوم، التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزينب التي تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
كانت فاطمة تطحن وتعجن خبزها بيديها، وتدير شؤون بيتها، في بيوت بدائية ليست كبيوتنا اليوم، تشعل النار وتجلب الماء وتقوم بكل تفصيل بنفسها، ما يتطلب بذل الجهد المضاعف والتعب والعناء!
وفي ذلك يروى علي رضي الله عنه: شكت فاطمة -رضي الله عنها- ما تلقى في يدها من الرَّحَى، فأتت النبي ﷺ تسأله خادمًا فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته.
فقال رسول الله ﷺ:
"والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم".
فرجعا، فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما، إذا غطت رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما، فثارا، فقال: مكانكما، ثم قال:
"ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟"
قالا: بلى.
فقال: "كلمات علمنيهن جبريل، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين".
قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فقال له ابن الكواء: ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، نعم، ولا ليلة صفين.
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية:
"كانت فاطمة رضي الله عنها صابرةً مع علي بن أبي طالب على جهد العيش وضيقه”.
وحين نتحدث عن فاطمة فنحن نتحدث عن امرأة كملت من بين النساء، فأصبحت قرة عين لزوجها الذي أحبها وأكرمها على فقره، وتعاونا على البر والتقوى ولم يتفرقا إلا وكلاهما راضٍ عن الآخر.
ولما بلغ النبي ﷺ أن أبا الحسن هم بخطبة بنت أبي جهل؛ فقال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:
"وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ, فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ”.
البخاري ومسلم.
قال ابن القيم رحمه الله:
“وَفِي مَنْعِ عَلِيّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَبَيْنَ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ حِكْمَةٌ بَدِيعَةٌ، وَهِيَ: أَنّ الْمَرْأَةَ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَرَجَتِهِ تَبَعٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا ذَاتَ دَرَجَة عَالِيَةٍ وَزَوْجُهَا كَذَلِكَ كَانَتْ فِي دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ بِنَفْسِهَا وَبِزَوْجِهَا .
وَهَذَا شَأْنُ فَاطِمَةَ وَعَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا .
وَلَمْ يَكُنْ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِيَجْعَلَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ مَعَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، لَا بِنَفْسِهَا، وَلَا تَبَعًا، وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ مَا بَيْنَهُمَا، فَلَمْ يَكُنْ نِكَاحُهَا عَلَى سَيّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مُسْتَحْسَنًا، لَا شَرْعًا، وَلَا قَدَرًا .
وقد أَشَارَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ:
"وَاَللّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ وَبِنْتُ عَدُوّ اللّهِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ أَبَدًا" فَهَذَا إمّا أَنْ يَتَنَاوَلَ دَرَجَةَ الْآخَرِ بِلَفْظِهِ أَوْ إشَارَتِهِ”.
انتهى من “زاد المعاد ” (5/119).
(يتبع إن شاء الله..
الجزء الثالث والأخير)
قال النبي ﷺ:
”يا فاطمةُ، ألا ترضين أن تكوني سيِّدةَ نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمَّة”.
صحيح البخاري.
الزيجة المباركة
لقد كانت فاطمة ابنة نبي الله ﷺ وإمام المسلمين جميعًا، فلم يزدها عظم شأن أبيها إلا تواضعًا وتقوى وخشية من الله تعالى، لذلك غلب على حياتها الزهد والورع والرضا بما قسمه الله تعالى، فكانت قليلة المهر، مهرها درع، يسيرة المؤونة، فما تجاوز متاعها قطيفة، ووسادة من جلد حَشْوُها ليفٌ، وقِرْبة.
وقد زوّج النبي ﷺ فاطمة -رضي الله عنها- لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة، بعد غزوة بدر؛ وكان سنُّها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا، وكان سنُّ عليٍّ رضي الله عنه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر.
وقيل وكان عمرها ثمانية عشر عامًا، وكان عُمر علي رضي الله عنه نحوًا من ثلاث وعشرين سنة.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
"جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيلٍ ، وَقِرْبَةٍ، وَوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ" .
والخميلة: القَطيفَة.
والقربة: هي ما يتخذ للسقاء.
والأدم: وَهُوَ الْجلد.
والليف : مَا يخرج من أصُول سعف النّخل يحشى بهَا الوسائد.
ولعل من أعظم ما يستفاد من ذلك ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الزهد، حتى إن جهاز فاطمة بنت رسول الله ﷺ، وهي سيدة نساء الجنة، قطيفة لها خمائل، وإناء، ووسادة حشوها من أصول سعف النخل؛ فرضي الله عنها وأرضاها.
وكان لها من البنين: الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومن البنات: أم كلثوم، التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزينب التي تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
الخدمة والصبر على ضيق العيش
كانت فاطمة تطحن وتعجن خبزها بيديها، وتدير شؤون بيتها، في بيوت بدائية ليست كبيوتنا اليوم، تشعل النار وتجلب الماء وتقوم بكل تفصيل بنفسها، ما يتطلب بذل الجهد المضاعف والتعب والعناء!
وفي ذلك يروى علي رضي الله عنه: شكت فاطمة -رضي الله عنها- ما تلقى في يدها من الرَّحَى، فأتت النبي ﷺ تسأله خادمًا فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته.
فقال رسول الله ﷺ:
"والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم".
فرجعا، فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما، إذا غطت رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما، فثارا، فقال: مكانكما، ثم قال:
"ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟"
قالا: بلى.
فقال: "كلمات علمنيهن جبريل، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين".
قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فقال له ابن الكواء: ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، نعم، ولا ليلة صفين.
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية:
"كانت فاطمة رضي الله عنها صابرةً مع علي بن أبي طالب على جهد العيش وضيقه”.
وحين نتحدث عن فاطمة فنحن نتحدث عن امرأة كملت من بين النساء، فأصبحت قرة عين لزوجها الذي أحبها وأكرمها على فقره، وتعاونا على البر والتقوى ولم يتفرقا إلا وكلاهما راضٍ عن الآخر.
ولما بلغ النبي ﷺ أن أبا الحسن هم بخطبة بنت أبي جهل؛ فقال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:
"وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ, فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ”.
البخاري ومسلم.
قال ابن القيم رحمه الله:
“وَفِي مَنْعِ عَلِيّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَبَيْنَ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ حِكْمَةٌ بَدِيعَةٌ، وَهِيَ: أَنّ الْمَرْأَةَ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَرَجَتِهِ تَبَعٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا ذَاتَ دَرَجَة عَالِيَةٍ وَزَوْجُهَا كَذَلِكَ كَانَتْ فِي دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ بِنَفْسِهَا وَبِزَوْجِهَا .
وَهَذَا شَأْنُ فَاطِمَةَ وَعَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا .
وَلَمْ يَكُنْ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِيَجْعَلَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ مَعَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، لَا بِنَفْسِهَا، وَلَا تَبَعًا، وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ مَا بَيْنَهُمَا، فَلَمْ يَكُنْ نِكَاحُهَا عَلَى سَيّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مُسْتَحْسَنًا، لَا شَرْعًا، وَلَا قَدَرًا .
وقد أَشَارَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ:
"وَاَللّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ وَبِنْتُ عَدُوّ اللّهِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ أَبَدًا" فَهَذَا إمّا أَنْ يَتَنَاوَلَ دَرَجَةَ الْآخَرِ بِلَفْظِهِ أَوْ إشَارَتِهِ”.
انتهى من “زاد المعاد ” (5/119).
(يتبع إن شاء الله..
الجزء الثالث والأخير)
👍5❤4
نسمع كثيرا عن نشوز الزوجات؛ فهل للأزواج نشوز؟!
لطالما كان وصف النشوز عالقا في أذهاننا بالمرأة سيئة الخلق، التي تتعالى على زوجها، وتأبى الانقياد لقوامته؛ ومن صور النشوز التي ذكرها العلماء:
ترك المرأة طاعة زوجها، أو تركها معاشرته الزوجية، أو الخروج من البيت بغير إذنه، أو إدخال إلى بيته من يكره، أو إضاعة ماله، أو عدم التزين له، أو سوء خلقها معه.
المراد بنشوز الزوج ليس العصيان؛ لأن الزوجة لا طاعة لها على زوجها، ولكن المراد ارتفاعه عنها؛ وهذا النشوز يتمثل في إحدى صورتين:
- الأولى: بغيه وعدوانه عليها، وسوء عشرته بضرب أو سب أو تقصير في النفقة والسكنى والملبس، أو فسقه وفجوره.
- الثانية: نفوره منها، وكراهته لها، وإعراضه عنها، ورغبته بالفرقة، سواء كان ذلك لعيب فيها أو لا، وسواء كان العيب قدرًا طارئًا عليها كمرض أو تقدم في السن، أو غير ذلك مما يجعله لا يرغب في استمرار الزوجية بينهما، راغبا في فراقها لقصور طاقته عن القيام بحقوقها.
وقد يكون العكس، وهو أن الرجل يقوم به حال من مرض أو أشغال قاهرة تمنعه من أداء حقوقه الزوجية؛ فيرى الرجل في مثل هذه الأحوال والظروف: أن الطلاق هو الحل الأمثل!!
وعلاج نشوز الزوج في الصورة الأولى؛ يكون برفع أمره إلى القاضي لإنصاف الزوجة ورد مظلمتها، وكف بغي الزوج وعدوانه.
فهذا التقصير الحاصل من الزوج على وجه الظلم والبغي، ليس هو النشوز الذي تتنازل المرأة لأجله عن شئ من حقوقها، والوارد في قوله تعالى:
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
[النساء: 128]
فالآية الكريمة تعالج النشوز في صورته الثانية، والذي لا يتعلق ببغي الزوج وظلمه؛ فشرع الله تعالى للزوجة أن تسقط عن زوجها شئ من حقها، مقابل استدامة الحياة الزوجية بينهما، بغير أن يلحقه في ذلك إثم ولا تفريط.
وقد رخص الله تعالى لعباده في هذا الصلح، مراعاة لمصالح عدة لعل من أهمها: تأمين حاجة الزوجة لبقائها مع رجلها، على وجه يحقق لها الاستقرار النفسي والمعيشي.
ليس الصلح حلا ملزما لأي من الطرفين؛ -وإن كان فيه خير لهما كما أرشد إلى ذلك الشارع الحكيم- ولكن إذا رأى الزوج أن العشرة بينهما بالمعروف لم تعد ممكنة؛ فبإمكانه ألا يفعل، وكذلك بإمكان المرأة ألا تقبل خيار الصلح والتنازل عن شيء من حقوقها، وتؤثر الفراق بالمعروف، والحصول على حقوقها كاملة.
ومن تأمل في هذا التشريع؛ لمس فيه الرفق بالزوجين والتيسير عليهما في تسيير أمورهما بغير عنت ولا مشقة ولا ظلم لأيهما؛ وإنما مراعاة احتياجات كل منهما ومشاعره، وسير الأمر بالتراضي والتشاور وطيب النفس، وحتي في أشد الأحوال تأزما فإن الشرع الحنيف يجعل لكل من الزوجين من أمره يسرا. قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[النحل: 90]
لطالما كان وصف النشوز عالقا في أذهاننا بالمرأة سيئة الخلق، التي تتعالى على زوجها، وتأبى الانقياد لقوامته؛ ومن صور النشوز التي ذكرها العلماء:
ترك المرأة طاعة زوجها، أو تركها معاشرته الزوجية، أو الخروج من البيت بغير إذنه، أو إدخال إلى بيته من يكره، أو إضاعة ماله، أو عدم التزين له، أو سوء خلقها معه.
فما هي صور نشوز الزوج على امرأته؟
المراد بنشوز الزوج ليس العصيان؛ لأن الزوجة لا طاعة لها على زوجها، ولكن المراد ارتفاعه عنها؛ وهذا النشوز يتمثل في إحدى صورتين:
- الأولى: بغيه وعدوانه عليها، وسوء عشرته بضرب أو سب أو تقصير في النفقة والسكنى والملبس، أو فسقه وفجوره.
- الثانية: نفوره منها، وكراهته لها، وإعراضه عنها، ورغبته بالفرقة، سواء كان ذلك لعيب فيها أو لا، وسواء كان العيب قدرًا طارئًا عليها كمرض أو تقدم في السن، أو غير ذلك مما يجعله لا يرغب في استمرار الزوجية بينهما، راغبا في فراقها لقصور طاقته عن القيام بحقوقها.
وقد يكون العكس، وهو أن الرجل يقوم به حال من مرض أو أشغال قاهرة تمنعه من أداء حقوقه الزوجية؛ فيرى الرجل في مثل هذه الأحوال والظروف: أن الطلاق هو الحل الأمثل!!
علاج نشوز الرجل
وعلاج نشوز الزوج في الصورة الأولى؛ يكون برفع أمره إلى القاضي لإنصاف الزوجة ورد مظلمتها، وكف بغي الزوج وعدوانه.
فهذا التقصير الحاصل من الزوج على وجه الظلم والبغي، ليس هو النشوز الذي تتنازل المرأة لأجله عن شئ من حقوقها، والوارد في قوله تعالى:
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
[النساء: 128]
فالآية الكريمة تعالج النشوز في صورته الثانية، والذي لا يتعلق ببغي الزوج وظلمه؛ فشرع الله تعالى للزوجة أن تسقط عن زوجها شئ من حقها، مقابل استدامة الحياة الزوجية بينهما، بغير أن يلحقه في ذلك إثم ولا تفريط.
الحكمة من الصلح وحكمه
وقد رخص الله تعالى لعباده في هذا الصلح، مراعاة لمصالح عدة لعل من أهمها: تأمين حاجة الزوجة لبقائها مع رجلها، على وجه يحقق لها الاستقرار النفسي والمعيشي.
هل يجب على أيّ من الزوجين القبول بهذا الصلح؟
ليس الصلح حلا ملزما لأي من الطرفين؛ -وإن كان فيه خير لهما كما أرشد إلى ذلك الشارع الحكيم- ولكن إذا رأى الزوج أن العشرة بينهما بالمعروف لم تعد ممكنة؛ فبإمكانه ألا يفعل، وكذلك بإمكان المرأة ألا تقبل خيار الصلح والتنازل عن شيء من حقوقها، وتؤثر الفراق بالمعروف، والحصول على حقوقها كاملة.
ومن تأمل في هذا التشريع؛ لمس فيه الرفق بالزوجين والتيسير عليهما في تسيير أمورهما بغير عنت ولا مشقة ولا ظلم لأيهما؛ وإنما مراعاة احتياجات كل منهما ومشاعره، وسير الأمر بالتراضي والتشاور وطيب النفس، وحتي في أشد الأحوال تأزما فإن الشرع الحنيف يجعل لكل من الزوجين من أمره يسرا. قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[النحل: 90]
👍6❤1
من كريم أخلاق الرجل: أن تغلبه امرأته فينزل على رأيها؛ لا لضعفه، بل لكريم خُلُقه.
ومن أسوء الرجال عِشْرةً: الذي يغلب امرأته دائما، ويُنزلها على رأيه.
رُوي عن معاوية رضي الله عنه:
"إنهنّ يغلبنَ الكرامَ، ويغلبهن اللئام"
و في حديث أم زرعٍ مدحت إحداهن زوجَها فقالت:
"وأنا أغلبه، والناسَ يغلب."
لكاتبه
ومن أسوء الرجال عِشْرةً: الذي يغلب امرأته دائما، ويُنزلها على رأيه.
رُوي عن معاوية رضي الله عنه:
"إنهنّ يغلبنَ الكرامَ، ويغلبهن اللئام"
و في حديث أم زرعٍ مدحت إحداهن زوجَها فقالت:
"وأنا أغلبه، والناسَ يغلب."
لكاتبه
❤6👍1
عندما تلتقط الكاميرات صورا لعشرات الألوف في حفل مختلط راقص، يقول البعض: إن هذه النسبة ليست كبيرة في شعب يبلغ أكثر من ١٢٠ مليون نسمة.
والحق أن التأسف على هذه الصور ليس سببه أننا نفترض أن الصورة بمفردها دليل على أننا شعب ماجن. الخطورة أن هذه مجرد صورة لحفل واحد لجمهور مطرب واحد. ومثلها عشرات الصور لعشرات المطربين وهو ما يعني أن ملايين الشباب يحضرون هذه الحفلات أو يدفعون ثمنها لأبنائهم.
أضف إلى ذلك الملايين من مشاهدي مقاطع هذه الحفلات على يوتيوب.
أضف إلى ذلك ملايين المصريين المنشغلين بالتحفيل والتحليل والسب في مباريات الكرة وسط هذه الكارثة التي يعيشها إخوانهم على بعد كيلومترات، وفيهم للأسف إسلاميون ملتحون.
أضف إلى ذلك ملايين الشباب والكبار المتابعين للمسلسلات والأفلام والمنشغلين بتحليل وتقييم وترشيح هذه الأعمال.
نعم لا يزعم عاقل أن الشعب كله يفعل هذه التفاهات. لكن المؤكد هو أن ملايين المصريين غارقون فيها. وهذا ما نريد قوله: الخبث كثير.
تكمن الخطورة في كثرة الخبث. لا يشترط أن يكون الشعب كله خبيثا لتنزل العقوبة بل يهلك المفسدون ويهلك الصالحون معهم إذا كثر الخبث.
هذا ما نخشاه وهذا ما نتأسف عليه عندما ننشر هذه الصور لاسيما إذا كان حالنا لا يسر كما ترى. يستحي الشاب المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لكي لا يُسخر منه وتداهن الفتاة المختمرة - وأحيانًا المنتقبة - المتبرجات فتصفق في الأفراح خلف العروس الراقصة وتجامل المتبرجات بكلمات معلومة ك "كنتِ قمر" وما شاء الله عليكِ ربنا يسعدك"، ويريح الآباء والأمهات ضمائرهم بعبارة "مش قادرين عليه" وهم يدفعون إليه ثمن حفلة المطرب ويعطونها ثمن لباس التبرج مع أنهم يبذلون جهدا أسطوريا لينجح أبناؤهم في التعليم الدنيوي.
نعم في الأمة أخيار لكن هذا لا يكفي لنطمئن ونضع في بطوننا بطيخة صيفي. كثر الخبث وهذا هو المرعب وهذا ما تخبرنا به الصور والواقع. وإلا فلماذا نعيش هذا الذل والهوان؟!
حسام عبد العزيز
والحق أن التأسف على هذه الصور ليس سببه أننا نفترض أن الصورة بمفردها دليل على أننا شعب ماجن. الخطورة أن هذه مجرد صورة لحفل واحد لجمهور مطرب واحد. ومثلها عشرات الصور لعشرات المطربين وهو ما يعني أن ملايين الشباب يحضرون هذه الحفلات أو يدفعون ثمنها لأبنائهم.
أضف إلى ذلك الملايين من مشاهدي مقاطع هذه الحفلات على يوتيوب.
أضف إلى ذلك ملايين المصريين المنشغلين بالتحفيل والتحليل والسب في مباريات الكرة وسط هذه الكارثة التي يعيشها إخوانهم على بعد كيلومترات، وفيهم للأسف إسلاميون ملتحون.
أضف إلى ذلك ملايين الشباب والكبار المتابعين للمسلسلات والأفلام والمنشغلين بتحليل وتقييم وترشيح هذه الأعمال.
نعم لا يزعم عاقل أن الشعب كله يفعل هذه التفاهات. لكن المؤكد هو أن ملايين المصريين غارقون فيها. وهذا ما نريد قوله: الخبث كثير.
تكمن الخطورة في كثرة الخبث. لا يشترط أن يكون الشعب كله خبيثا لتنزل العقوبة بل يهلك المفسدون ويهلك الصالحون معهم إذا كثر الخبث.
هذا ما نخشاه وهذا ما نتأسف عليه عندما ننشر هذه الصور لاسيما إذا كان حالنا لا يسر كما ترى. يستحي الشاب المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لكي لا يُسخر منه وتداهن الفتاة المختمرة - وأحيانًا المنتقبة - المتبرجات فتصفق في الأفراح خلف العروس الراقصة وتجامل المتبرجات بكلمات معلومة ك "كنتِ قمر" وما شاء الله عليكِ ربنا يسعدك"، ويريح الآباء والأمهات ضمائرهم بعبارة "مش قادرين عليه" وهم يدفعون إليه ثمن حفلة المطرب ويعطونها ثمن لباس التبرج مع أنهم يبذلون جهدا أسطوريا لينجح أبناؤهم في التعليم الدنيوي.
نعم في الأمة أخيار لكن هذا لا يكفي لنطمئن ونضع في بطوننا بطيخة صيفي. كثر الخبث وهذا هو المرعب وهذا ما تخبرنا به الصور والواقع. وإلا فلماذا نعيش هذا الذل والهوان؟!
حسام عبد العزيز
👍10💔3
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي قدْ أعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ وبُرْداهُ، إذْ خُسِفَ به الأرْضُ، فَهو يَتَجَلْجَلُ في الأرْضِ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».
(مسلم)
هذا الحديث تنخلع له القلوب؛ يمثل خاتمة رجل يمشي معجبًا بنفسه؛ يتيه زهوًا بشعره وثيابه؛ فبلعته الأرض التي يتبختر فوقها؛ فغاص في أعماقها؛ فهو يتجلجل ويتدحرج فيها؛ فهذا عذابه في البرزخ إلي يوم القيامة؛ إذ كما أراد العلو في الأرض بغير الحق؛ جازاه الله بنقيض مقصوده بالخسف إلى أسفل سافلين.
قال تعالى:
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}
[الإسراء:37]
ثم ترى الحمقى والمغفلين يزيدون في عتو وغرور هذا المختال؛ بنصب صنم ارتفاعه ١٢ مترًا يجسد خيلائه، ويضاعف سيئاته؛ فاللهم أرنا فيه وفي أتباعه عجائب قدرتك؛ فإنه يظن أن لن يقدر عليه أحد.
«بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي قدْ أعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ وبُرْداهُ، إذْ خُسِفَ به الأرْضُ، فَهو يَتَجَلْجَلُ في الأرْضِ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».
(مسلم)
هذا الحديث تنخلع له القلوب؛ يمثل خاتمة رجل يمشي معجبًا بنفسه؛ يتيه زهوًا بشعره وثيابه؛ فبلعته الأرض التي يتبختر فوقها؛ فغاص في أعماقها؛ فهو يتجلجل ويتدحرج فيها؛ فهذا عذابه في البرزخ إلي يوم القيامة؛ إذ كما أراد العلو في الأرض بغير الحق؛ جازاه الله بنقيض مقصوده بالخسف إلى أسفل سافلين.
قال تعالى:
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}
[الإسراء:37]
ثم ترى الحمقى والمغفلين يزيدون في عتو وغرور هذا المختال؛ بنصب صنم ارتفاعه ١٢ مترًا يجسد خيلائه، ويضاعف سيئاته؛ فاللهم أرنا فيه وفي أتباعه عجائب قدرتك؛ فإنه يظن أن لن يقدر عليه أحد.
👍11👏2
#وقفات_مع_سورة_النور
"في الآيتين المعروضتين هنا نماذج من تقليل فرص الاستثارة والغواية والفتنة من الجانبين:
وغض البصر من جانب الرجال أدب نفسي، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن في الوجوه والأجسام، كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم!
وحفظ الفرج هو الثمرة الطبيعية لغض البصر، أو هو الخطوة التالية لتحكيم الإرادة، ويقظة الرقابة، والاستعلاء على الرغبة في مراحلها الأولى، ومن ثم يجمع بينهما في آية واحدة، بوصفهما سببا ونتيجة، أو باعتبارهما خطوتين متواليتين في عالم الضمير وعالم الواقع، كلتاهما قريب من قريب.
ذلك أزكى لهم... فهو أطهر لمشاعرهم، وأضمن لعدم تلوثها بالانفعالات الشهوية في غير موضعها المشروع النظيف، وعدم ارتكاسها إلى الدرك الحيواني الهابط، وهو أطهر للجماعة وأصون لحرماتها وأعراضها، وجوها الذي تتنفس فيه.
والله هو الذي يأخذهم بهذه الوقاية، وهو العليم بتركيبهم النفسي وتكوينهم الفطري، الخبير بحركات نفوسهم وحركات جوارحهم: إن الله خبير بما يصنعون.
فلا يرسلن بنظراتهن الجائعة المتلصصة، أو الهاتفة المثيرة، تستثير كوامن الفتنة في صدور الرجال..
ولا يبحن فروجهن إلا في حلال طيب، يلبي داعي الفطرة في جو نظيف، لا يخجل الأطفال الذين يجيئون عن طريقه عن مواجهة المجتمع والحياة!"
(في ظلال القرآن)
"في الآيتين المعروضتين هنا نماذج من تقليل فرص الاستثارة والغواية والفتنة من الجانبين:
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
[النور:30]
وغض البصر من جانب الرجال أدب نفسي، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن في الوجوه والأجسام، كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم!
وحفظ الفرج هو الثمرة الطبيعية لغض البصر، أو هو الخطوة التالية لتحكيم الإرادة، ويقظة الرقابة، والاستعلاء على الرغبة في مراحلها الأولى، ومن ثم يجمع بينهما في آية واحدة، بوصفهما سببا ونتيجة، أو باعتبارهما خطوتين متواليتين في عالم الضمير وعالم الواقع، كلتاهما قريب من قريب.
ذلك أزكى لهم... فهو أطهر لمشاعرهم، وأضمن لعدم تلوثها بالانفعالات الشهوية في غير موضعها المشروع النظيف، وعدم ارتكاسها إلى الدرك الحيواني الهابط، وهو أطهر للجماعة وأصون لحرماتها وأعراضها، وجوها الذي تتنفس فيه.
والله هو الذي يأخذهم بهذه الوقاية، وهو العليم بتركيبهم النفسي وتكوينهم الفطري، الخبير بحركات نفوسهم وحركات جوارحهم: إن الله خبير بما يصنعون.
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}
[النور:31]
فلا يرسلن بنظراتهن الجائعة المتلصصة، أو الهاتفة المثيرة، تستثير كوامن الفتنة في صدور الرجال..
ولا يبحن فروجهن إلا في حلال طيب، يلبي داعي الفطرة في جو نظيف، لا يخجل الأطفال الذين يجيئون عن طريقه عن مواجهة المجتمع والحياة!"
(في ظلال القرآن)
❤4👍2
Forwarded from قناة حمزة أبو زهرة (أرشيفية)
اعلم أن بوابة الرضا عن ربك فيما قسَم لك في نفسك وجسدك ومالك وأهلك؛ غضُّ البصر.
لا يُريح غضُّ البصر روحَك حتى يُريح منك كلَّ شيءٍ؛ عقلَك المجهودَ بتزاحُم الصور النافذة من عينيك إليه، وفؤادَك المُضْنَى شَعَثًا بما فتحتَ من زينة الدنيا عليه، ثم ترتاح أجمع.
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا".
لا تقرأُ هذه من "طه" حتى تتلو تلك من "الكهف"؛ لا ينهاك مولاك عن قَصْر بصرك عما يُشقيك من الدنيا وأهلها؛ حتى يأمرك بحَصْره فيما يُنَعِّمك من الدين وأهله؛ "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ"!
إنني لا أتخايل -في هذا الزمان- عملًا يُعجِب الإله في عليائه من أوليائه؛ كغضِّ أبصارهم عما لا يدَع ساكنًا إلا أثاره من متواتر الصور الخَطَّافة أينما وَلَّوا وجوههم! أولئك هم الكبار حقًّا.
لعلك -الآن- ظانٌّ حرفي هذا في صور الفواحش الصِّرْفَة وما بين يديها من صور الفجور؛ (أفلامًا ومسلسلاتٍ ومسرحياتٍ)، مما لا يخوضه اليوم إلا أئمة الكفر وإن ادَّعوا إلى الإسلام.
لقد باتت الفتنة بغير هذا اللون من الصور -اليوم- أعَمَّ وأطَمَّ كثيرًا؛ مليارات الصور المبثوثة بمكر الليل والنهار من شياطين الإنس والجن بعضهم لبعضٍ ظهيرٌ؛ ابتغاءَ الهيمنة عليك جميعًا.
أما ما خلْف هذه الصور البراكينية المحرقة من فلسفاتٍ وعقائدَ وأفكارٍ وأديانٍ -لا تعرف أنت عناوينها لتُحاذر على قلبك وعقلك مضامينها- ففوق ما يخطر لك على بالٍ ويطوف لك بخيالٍ.
يسألونك عن قسوة أفئدتهم وجمود أعينهم؛ قل: هو ما غشيها مما لم تُخلق له ولم يُخلق لها، ويستنبئونك عن الوحشة بينهم وبين النظر في القرآن؛ قل: هو ما أَنِسَتْ به أنظاركم من الحرام.
إن معالجة غضِّ البصر -اليوم- بالوعظ القاصر الواهن المجرَّد عن العلم بهذه الحقائق الواقعية القطعية وتصور آثارها النفسية والحِسِّية اليقينية؛ ليس إلا ضجيجًا فارغًا من طحينٍ؛ فأنَّى!
يا حبيبي؛ إلا يكن غضُّ البصر -اليوم- عقيدةً تملأ نفسك، وتستغفر الله كلما جرحها جارحٌ استغفارَك مما يجرح سائر عقائدك؛ فلا تسل عن ظُلمة القلب، وخسْف الفطرة، وارتكاس العقل.
يا لَلَّه العجب! كيف صارت أدوية السلف أدواء الخلف! كان الرجل فيما مضى يشكو ما ناله من الدنيا فصرفه عن الآخرة، واليوم تكتظُّ العيادات النفسية بالشاكين فوات حظوظهم من الدنيا!
(من الاكتئاب إلى الانتحار)؛ والذي لا أحلف إلا به وهو الحق المحيط؛ ما أعظم أسبابهما وما بينهما من صُنوف الأوجاع النفسية؛ إلا إطلاق البصر فيما تضعُف الجبال الرواسي عن حمله.
كأنما كُتب على إنسان هذا الزمان البائس حظُّه من هذا الداء؛ لكنْ مَن أحسن تصور أسبابه وآثاره، وصدَق عزمه على الخلاص منه، وزاحَم بطيبات المَرائي ومباحاتها؛ سلَّمه الله ولا بد.
"لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ"؛ ثلاث كلماتٍ في ثلاث عوراتٍ هن الكِفاء والشفاء؛ لا تستطل بنظرك إلى ثلاثٍ؛ عورةٍ مستورةٍ بثيابٍ، وفتنةٍ حُجبت عنك بأبوابٍ، ومتعةٍ لا طاقة لك بها من أسبابٍ.
يا ضعيفًا لا يقوى، يا مسكينًا لا يطيق، يا عاجزًا لا يقدر؛ باريك أعلم بك وأخبر، ما ضيَّق عليك في بصرك إلا ليبسط لك في بصيرتك، ويصفو لك منك ما تكدَّر على من أعرض فأطلق.
اعلم أن بوابة الرضا عن ربك فيما قسَم لك في نفسك وجسدك ومالك وأهلك؛ غضُّ البصر.
#منشورات_٢٠٢٢
لا يُريح غضُّ البصر روحَك حتى يُريح منك كلَّ شيءٍ؛ عقلَك المجهودَ بتزاحُم الصور النافذة من عينيك إليه، وفؤادَك المُضْنَى شَعَثًا بما فتحتَ من زينة الدنيا عليه، ثم ترتاح أجمع.
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا".
لا تقرأُ هذه من "طه" حتى تتلو تلك من "الكهف"؛ لا ينهاك مولاك عن قَصْر بصرك عما يُشقيك من الدنيا وأهلها؛ حتى يأمرك بحَصْره فيما يُنَعِّمك من الدين وأهله؛ "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ"!
إنني لا أتخايل -في هذا الزمان- عملًا يُعجِب الإله في عليائه من أوليائه؛ كغضِّ أبصارهم عما لا يدَع ساكنًا إلا أثاره من متواتر الصور الخَطَّافة أينما وَلَّوا وجوههم! أولئك هم الكبار حقًّا.
لعلك -الآن- ظانٌّ حرفي هذا في صور الفواحش الصِّرْفَة وما بين يديها من صور الفجور؛ (أفلامًا ومسلسلاتٍ ومسرحياتٍ)، مما لا يخوضه اليوم إلا أئمة الكفر وإن ادَّعوا إلى الإسلام.
لقد باتت الفتنة بغير هذا اللون من الصور -اليوم- أعَمَّ وأطَمَّ كثيرًا؛ مليارات الصور المبثوثة بمكر الليل والنهار من شياطين الإنس والجن بعضهم لبعضٍ ظهيرٌ؛ ابتغاءَ الهيمنة عليك جميعًا.
أما ما خلْف هذه الصور البراكينية المحرقة من فلسفاتٍ وعقائدَ وأفكارٍ وأديانٍ -لا تعرف أنت عناوينها لتُحاذر على قلبك وعقلك مضامينها- ففوق ما يخطر لك على بالٍ ويطوف لك بخيالٍ.
يسألونك عن قسوة أفئدتهم وجمود أعينهم؛ قل: هو ما غشيها مما لم تُخلق له ولم يُخلق لها، ويستنبئونك عن الوحشة بينهم وبين النظر في القرآن؛ قل: هو ما أَنِسَتْ به أنظاركم من الحرام.
إن معالجة غضِّ البصر -اليوم- بالوعظ القاصر الواهن المجرَّد عن العلم بهذه الحقائق الواقعية القطعية وتصور آثارها النفسية والحِسِّية اليقينية؛ ليس إلا ضجيجًا فارغًا من طحينٍ؛ فأنَّى!
يا حبيبي؛ إلا يكن غضُّ البصر -اليوم- عقيدةً تملأ نفسك، وتستغفر الله كلما جرحها جارحٌ استغفارَك مما يجرح سائر عقائدك؛ فلا تسل عن ظُلمة القلب، وخسْف الفطرة، وارتكاس العقل.
يا لَلَّه العجب! كيف صارت أدوية السلف أدواء الخلف! كان الرجل فيما مضى يشكو ما ناله من الدنيا فصرفه عن الآخرة، واليوم تكتظُّ العيادات النفسية بالشاكين فوات حظوظهم من الدنيا!
(من الاكتئاب إلى الانتحار)؛ والذي لا أحلف إلا به وهو الحق المحيط؛ ما أعظم أسبابهما وما بينهما من صُنوف الأوجاع النفسية؛ إلا إطلاق البصر فيما تضعُف الجبال الرواسي عن حمله.
كأنما كُتب على إنسان هذا الزمان البائس حظُّه من هذا الداء؛ لكنْ مَن أحسن تصور أسبابه وآثاره، وصدَق عزمه على الخلاص منه، وزاحَم بطيبات المَرائي ومباحاتها؛ سلَّمه الله ولا بد.
"لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ"؛ ثلاث كلماتٍ في ثلاث عوراتٍ هن الكِفاء والشفاء؛ لا تستطل بنظرك إلى ثلاثٍ؛ عورةٍ مستورةٍ بثيابٍ، وفتنةٍ حُجبت عنك بأبوابٍ، ومتعةٍ لا طاقة لك بها من أسبابٍ.
يا ضعيفًا لا يقوى، يا مسكينًا لا يطيق، يا عاجزًا لا يقدر؛ باريك أعلم بك وأخبر، ما ضيَّق عليك في بصرك إلا ليبسط لك في بصيرتك، ويصفو لك منك ما تكدَّر على من أعرض فأطلق.
اعلم أن بوابة الرضا عن ربك فيما قسَم لك في نفسك وجسدك ومالك وأهلك؛ غضُّ البصر.
#منشورات_٢٠٢٢
👍4
فَبَشَّرْنَاهَا
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .
مَعْنى﴿الأُمِّيَّ}
"قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى﴿الأُمِّيَّ﴾ الَّذِي هو عَلى صِفَةِ أُمَّةِ العَرَبِ. قالَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -:
«إنا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ»
فالعَرَبُ أكْثَرُهم ما كانُوا يَكْتُبُونَ ولا يَقْرَءُونَ، والنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - كانَ كَذَلِكَ، فَلِهَذا السَّبَبِ وصَفَهُ بِكَوْنِهِ أُمِّيًّا.
أمية النبي صلى الله عليهم من خصائص إعجاز القرآن
قالَ أهْلُ التَّحْقِيقِ: وكَوْنُهُ أُمِّيًّا بِهَذا التَّفْسِيرِ كانَ مِن جُمْلَةِ مُعْجِزاتِهِ، وبَيانُهُ مِن وُجُوهٍ:
🍃الأوَّلُ:
أنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - كانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ كِتابَ اللَّهِ تَعالى مَنظُومًا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى مِن غَيْرِ تَبْدِيلِ ألْفاظِهِ ولا تَغْيِيرِ كَلِماتِهِ.
والخَطِيبُ مِنَ العَرَبِ إذا ارْتَجَلَ خُطْبَةً ثُمَّ أعادَها فَإنَّهُ لا بُدَّ وأنْ يُزِيدَ فِيها وأنْ يُنْقِصَ عَنْها بِالقَلِيلِ والكَثِيرِ، ثُمَّ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - مَعَ أنَّهُ ما كانَ يَكْتُبُ، وما كانَ يَقْرَأُ كانَ يَتْلُو كِتابَ اللَّهِ مِن غَيْرِ زِيادَةٍ ولا نُقْصانٍ ولا تَغْيِيرٍ. فَكانَ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزاتِ وإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى﴾ [الأعلى: ٦] .
🍂والثّانِي:
أنَّهُ لَوْ كانَ يُحْسِنُ الخَطَّ والقِراءَةَ لَصارَ مُتَّهَمًا في أنَّهُ رُبَّما طالَعَ كُتُبَ الأوَّلِينَ؛ فَحَصَّلَ هَذِهِ العُلُومَ مِن تِلْكَ المُطالَعَةِ، فَلَمّا أتى بِهَذا القُرْآنِ العَظِيمِ المُشْتَمِلِ عَلى العُلُومِ الكَثِيرَةِ مِن غَيْرِ تَعَلُّمٍ ولا مُطالَعَةٍ، كانَ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزاتِ، وهَذا هو المُرادُ مِن قَوْلِهِ:
﴿وما كُنْتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتابٍ ولا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذًا لارْتابَ المُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٨]
☘ الثّالِثُ:
أنَّ تَعَلُّمَ الخَطِّ شَيْءٌ سَهْلٌ، فَإنَّ أقَلَّ النّاسِ ذَكاءً وفِطْنَةً يَتَعَلَّمُونَ الخَطَّ بِأدْنى سَعْيٍ، فَعَدَمُ تَعَلُّمِهِ يَدُلُّ عَلى نُقْصانٍ عَظِيمٍ في الفَهْمِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى آتاهُ عُلُومَ الأوَّلِينَ والآخَرِينَ، وأعْطاهُ مِنَ العُلُومِ والحَقائِقِ ما لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ أحَدٌ مِنَ البَشَرِ، ومَعَ تِلْكَ القُوَّةِ العَظِيمَةِ في العَقْلِ والفَهْمِ جَعَلَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّمِ الخَطَّ الَّذِي يَسْهُلُ تَعَلُّمُهُ عَلى أقَلِّ الخَلْقِ عَقْلًا وفَهْمًا، فَكانَ الجَمْعُ بَيْنَ هاتَيْنِ الحالَتَيْنِ المُتَضادَّتَيْنِ جارِيًا مَجْرى الجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الخارِقَةِ لِلْعادَةِ، وجارٍ مَجْرى المُعْجِزاتِ."
(الرازي)
❤2
هَلُمُّوا أربابَ الخطايا؛ "السيف محَّاء الخطايا"؛ قاله الضَّحوك القتَّال ﷺ.
أخي يا شقيق الإسلام؛ اقرأ هذا الكلام لجَدِّك الحسن البصري.
اقرأه، ثم انظر الفرق بين منطق سلفك ومنطق كلام عامة دعاة اليوم.
اقرأه، ثم اقرأ حاشية الكلام عليه لأَشهد وإياك الحق وحقيقته.
قال: "إن لكل طريقٍ مختصَرًا، ومختصَر طريق الجنة الجهاد"، وكان الرجل إذا اشتكى إليه كثرة الذنوب؛ قال له: "اجعل بينك وبينها البحر"، يعني الغزو.
هذا منطق الفقهاء بالنفوس حقًّا، يرون الجهاد مَخرجًا للناس من ذنوبهم، وهو الذي أراد الله لهم منه قدَرًا وشرعًا.
اليوم يُعَوِّقك عن الجهاد دعاةٌ بل جماعاتٌ! يصدُّونك عنه بدعوى ذنوبك! وأنك لست أهلًا للجهاد ما دمت تعصي!
لعلك تحسب هذا رأيًا للحسن البصري رضي الله عنه، والحق أنه عقيدةٌ من عقائد القرآن والسنة لمن تدبرهما.
هاكُم هذه: "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ"؛ يا من تريدون بيع الدنيا بالآخرة؛ جاهدوا.
إنها ليست آيةً واحدةً؛ إنه القرآن من أوله إلى آخره، يربط بين مغفرة الذنوب وبين الجهاد ربطًا وثيقًا؛ أما أوله فقوله ﷻ بسورة البقرة على لسان الرسول والمؤمنين: "وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"، وأما آخره فسورة النصر: "إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا".
إنك لتقرأ حديث القرآن في سورة آل عمران عن الجهاد؛ فإذا آيةٌ فيه عن الغُلول في الجهاد، والغُلول: أخذُ الشيء من المغانم خِفيةً.
سبحان الله! من يأخذ من مغانم الجهاد خِفيةً يا رب! إنهم بعض المجاهدين، المجاهدون القائمون بذروة سَنام الإسلام يا رب! المجاهدون الذين يهاجرون ويغتربون ويكابدون أنواع الأهوال يا رب! المجاهدون الذين يبذلون بالجهاد دماءهم وأرواحهم رخيصةً في سبيلك يا رب! أجَل هم المجاهدون؛ إنهم -وإن كانوا خير أهل الأرض قاطبةً- بشرٌ؛ يجاهدون حين يجاهدون بنفوسٍ بشريةٍ وقلوبٍ بشريةٍ وعقولٍ بشريةٍ لا ينفكُّون عنها، يزيد إيمانهم بالجهاد وينقص بنوازع النفوس، ثم تُبَدِّد أوهامك عن الذنوب وحيلولتها بينك وبين الجهاد آيةٌ أخرى في حديث آل عمران نفسِه، آيةٌ يقول الله فيها لأصحاب نبيه صلى عليه ورضي عنهم: "مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا"، سادة العالمين بعد أنبيائك منهم من يريد الدنيا يا رب! أجَل هم الذين أراد بعضُهم الدنيا وقد خرجوا مع رسول الله مقاتلين في سبيل الله.
هل أتاك أن في الفقه بابًا اسمه "حكم إقامة الحدود في دار الحرب"! وبقطع النظر عن تفصيل هذه المسألة؛ فإن حَسْبك العلم باختلاف الفقهاء في الحكم بعد تصورهم لوقوع موجبات الحدود من بعض الغزاة في سبيل الله.
فأما السنة؛ فحَسْبك منها العلم بخطأ أسامة بن زيدٍ (الحِبِّ ابنِ الحِبِّ) في قتل نفسٍ بعد إسلام صاحبها، وخطأ خالد بن الوليد (سيفِ الله المسلول) في قتل جماعةٍ من الناس بعد إسلامهم؛ فماذا صنع رسول الله ﷺ! تبرأ إلى الله مما فعلا ولم يتبرأ منهما، ولم يُشَنِّع الصحابةُ عليهما، ولم يقل قائلٌ قبل الجهاد: لا يقاتِل الذين لم يتأهَّلوا للجهاد بترك المعاصي، ولا قال قائلٌ بعده: أمَا وقد عصى من المجاهدين من عصى فلا جهاد لهم تارةً أخرى؛ رضيهم الله.
تلك حقيقة الحق التي أردت من حاشيتي هذه على كلام سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه؛ الجهاد فريضةٌ على كل مسلمٍ، والمسلم لا ينفكُّ عن معصيةٍ من المعاصي جاهد أو لم يجاهد؛ بل قد يقارف المجاهد في سبيل الله كبيرةً من الكبائر، بل قد يكون ظالمًا لبعض الخلق، بل قد يكون على بدعةٍ من البدع، بل قد يَركب ناقضًا من نواقض الإسلام وهو جاهلٌ أو متأولٌ أو مخطئٌ، إنه مسلمٌ يعلم ويجهل ويصيب ويخطئ، وإن ظل مُنْمَازًا بشرف الجهاد الأمجد.
فمن قال لك: من أنت أيها المذنب -بتَركك واجبًا، أو بفِعلك محرَّمًا- لتجاهد! فقل له: أنا لأجل ذنوبي -ما ظهر منها وما بطن- أريد الجهاد؛ أريد الجهاد خلاصًا منها بمغفرة الله العامة التي وعد على الجهاد، أريد الجهاد فإما نصرٌ عسى ربي أن يجعل جزاءه توبةً منه علي، وإما شهادةٌ عسى ربي أن يغفر لي بها ما قدمت وما أخرت بأول قطرةٍ مهراقةٍ من دمي، أريد الجهاد ابتغاء رفعة ديني الذي فرَّطت في قدْره ما فرَّطت، أريد الجهاد ابتغاء عزِّ أمتي التي قصَّرت في حقوقها ما قصَّرت، أريد الجهاد جبرًا لمكسور ما بيني وبين الله.
رضي الله عن الحسن، وداوِ اللهم بالجهاد عِلَلَنا، واغفر به زَلَلَنا، وسُدَّ به خَلَلَنا.
حمزة أبو زهرة
أخي يا شقيق الإسلام؛ اقرأ هذا الكلام لجَدِّك الحسن البصري.
اقرأه، ثم انظر الفرق بين منطق سلفك ومنطق كلام عامة دعاة اليوم.
اقرأه، ثم اقرأ حاشية الكلام عليه لأَشهد وإياك الحق وحقيقته.
قال: "إن لكل طريقٍ مختصَرًا، ومختصَر طريق الجنة الجهاد"، وكان الرجل إذا اشتكى إليه كثرة الذنوب؛ قال له: "اجعل بينك وبينها البحر"، يعني الغزو.
هذا منطق الفقهاء بالنفوس حقًّا، يرون الجهاد مَخرجًا للناس من ذنوبهم، وهو الذي أراد الله لهم منه قدَرًا وشرعًا.
اليوم يُعَوِّقك عن الجهاد دعاةٌ بل جماعاتٌ! يصدُّونك عنه بدعوى ذنوبك! وأنك لست أهلًا للجهاد ما دمت تعصي!
لعلك تحسب هذا رأيًا للحسن البصري رضي الله عنه، والحق أنه عقيدةٌ من عقائد القرآن والسنة لمن تدبرهما.
هاكُم هذه: "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ"؛ يا من تريدون بيع الدنيا بالآخرة؛ جاهدوا.
إنها ليست آيةً واحدةً؛ إنه القرآن من أوله إلى آخره، يربط بين مغفرة الذنوب وبين الجهاد ربطًا وثيقًا؛ أما أوله فقوله ﷻ بسورة البقرة على لسان الرسول والمؤمنين: "وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"، وأما آخره فسورة النصر: "إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا".
إنك لتقرأ حديث القرآن في سورة آل عمران عن الجهاد؛ فإذا آيةٌ فيه عن الغُلول في الجهاد، والغُلول: أخذُ الشيء من المغانم خِفيةً.
سبحان الله! من يأخذ من مغانم الجهاد خِفيةً يا رب! إنهم بعض المجاهدين، المجاهدون القائمون بذروة سَنام الإسلام يا رب! المجاهدون الذين يهاجرون ويغتربون ويكابدون أنواع الأهوال يا رب! المجاهدون الذين يبذلون بالجهاد دماءهم وأرواحهم رخيصةً في سبيلك يا رب! أجَل هم المجاهدون؛ إنهم -وإن كانوا خير أهل الأرض قاطبةً- بشرٌ؛ يجاهدون حين يجاهدون بنفوسٍ بشريةٍ وقلوبٍ بشريةٍ وعقولٍ بشريةٍ لا ينفكُّون عنها، يزيد إيمانهم بالجهاد وينقص بنوازع النفوس، ثم تُبَدِّد أوهامك عن الذنوب وحيلولتها بينك وبين الجهاد آيةٌ أخرى في حديث آل عمران نفسِه، آيةٌ يقول الله فيها لأصحاب نبيه صلى عليه ورضي عنهم: "مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا"، سادة العالمين بعد أنبيائك منهم من يريد الدنيا يا رب! أجَل هم الذين أراد بعضُهم الدنيا وقد خرجوا مع رسول الله مقاتلين في سبيل الله.
هل أتاك أن في الفقه بابًا اسمه "حكم إقامة الحدود في دار الحرب"! وبقطع النظر عن تفصيل هذه المسألة؛ فإن حَسْبك العلم باختلاف الفقهاء في الحكم بعد تصورهم لوقوع موجبات الحدود من بعض الغزاة في سبيل الله.
فأما السنة؛ فحَسْبك منها العلم بخطأ أسامة بن زيدٍ (الحِبِّ ابنِ الحِبِّ) في قتل نفسٍ بعد إسلام صاحبها، وخطأ خالد بن الوليد (سيفِ الله المسلول) في قتل جماعةٍ من الناس بعد إسلامهم؛ فماذا صنع رسول الله ﷺ! تبرأ إلى الله مما فعلا ولم يتبرأ منهما، ولم يُشَنِّع الصحابةُ عليهما، ولم يقل قائلٌ قبل الجهاد: لا يقاتِل الذين لم يتأهَّلوا للجهاد بترك المعاصي، ولا قال قائلٌ بعده: أمَا وقد عصى من المجاهدين من عصى فلا جهاد لهم تارةً أخرى؛ رضيهم الله.
تلك حقيقة الحق التي أردت من حاشيتي هذه على كلام سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه؛ الجهاد فريضةٌ على كل مسلمٍ، والمسلم لا ينفكُّ عن معصيةٍ من المعاصي جاهد أو لم يجاهد؛ بل قد يقارف المجاهد في سبيل الله كبيرةً من الكبائر، بل قد يكون ظالمًا لبعض الخلق، بل قد يكون على بدعةٍ من البدع، بل قد يَركب ناقضًا من نواقض الإسلام وهو جاهلٌ أو متأولٌ أو مخطئٌ، إنه مسلمٌ يعلم ويجهل ويصيب ويخطئ، وإن ظل مُنْمَازًا بشرف الجهاد الأمجد.
فمن قال لك: من أنت أيها المذنب -بتَركك واجبًا، أو بفِعلك محرَّمًا- لتجاهد! فقل له: أنا لأجل ذنوبي -ما ظهر منها وما بطن- أريد الجهاد؛ أريد الجهاد خلاصًا منها بمغفرة الله العامة التي وعد على الجهاد، أريد الجهاد فإما نصرٌ عسى ربي أن يجعل جزاءه توبةً منه علي، وإما شهادةٌ عسى ربي أن يغفر لي بها ما قدمت وما أخرت بأول قطرةٍ مهراقةٍ من دمي، أريد الجهاد ابتغاء رفعة ديني الذي فرَّطت في قدْره ما فرَّطت، أريد الجهاد ابتغاء عزِّ أمتي التي قصَّرت في حقوقها ما قصَّرت، أريد الجهاد جبرًا لمكسور ما بيني وبين الله.
رضي الله عن الحسن، وداوِ اللهم بالجهاد عِلَلَنا، واغفر به زَلَلَنا، وسُدَّ به خَلَلَنا.
حمزة أبو زهرة
👏2❤1💯1