Telegram Web Link
‏أنتَ العليمُ بما في القلب من وجعٍ
أنت الرحيمُ بضعْفٍ لست أقـواهُ

أنتَ الكريم فما في الكون من أحدٍ
يهفو الفؤاد لنيْـلٍ من عطـايــاهُ

أنت السميع لما أشكوه من كُرَبٍ
أنت المجيب إذا ما قلتُ ربـّاهُ💔😢
من جميل ما قرات
إرحل بروحك للجواد بركعتين..
واغسل فؤادك بالتقى في دمعتين.
أوقد لصدرك نوره في آيتين . وامسح ذنوبك خاشعاً في سجدتين.
يامن عدا ثم اعتدى ثم اقترف. ثم انتهى ثم استحى ثم اعترف.
أبشر بقول الله في آياته . (إن ينتهوا يغفر لهم ماقد سلف )👌🌹
كل قرار تتخذه.. لن تُدرك مآلاتِه إلا بعد حين.. مهما خطّطت ومهما فعلت.. لا يوجد قرار "آمِن".. عنصر "المُجازفة" حاضر.. ﴿هل آمَنُكم عليه إلا كما أَمِنتكم على أخيه من قبل﴾.. ولذلك لا تملكُ بعد الاجتهاد إلا التسليم والدعاء واليقين ﴿فالله خير حافظا، وهو أرحم الراحمين﴾..
✿-----------------------•✶❃✶•----------------------✿

📖 #تدبـر_آيـة 📖

قال الله تعالى
﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإِنّي قَريبٌ أُجيبُ دَعوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ ﴾.

▪️قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

▪️وهذا القرب من الداعي هو قرب خاص ليس قربا عاما من كل أحد

▪️فهو قريب من داعيه وقريب من عابديه وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

【مجموع الفتاوى 17/15】

✿-----------------------•✶❃✶•----------------------✿
قال الله تعالى:
{ لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْ‌آنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَ‌أَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ}
فهذا حال جبال الحجارة الصلبة ، وهذه رقتها وخشيتها وتدكدكها من جلال ربها ،
فيا عجباً من مضغة لحم أقسى من هذه الجبال! تسمع فلا تلين ! ومن لم يُلن لله في هذه الدار قلبه فليستمتع قليلاً ، فإن أمامه الملين الأعظم ، النار عياذاً بالله منها.
📚ابن القيم مفتاح دارالسعادة
[١٤/‏٩ ١٠:٣٧ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (21)*
* حادثة شق الصدر*
تقول حليمة رضي الله عنها: رجعنا إلى ديار بني سعد ومعي (محمد) صلى الله عليه وسلم
وأخذ يشب شبابه مع إخوته في الرضاعة بعدما فطمته عن الرضاعة..
(هنا نبدأ بالسيرة، وأول نطقه وكلامه، صلى الله عليه وسلم)
_______
تقول حليمة: نطق مبكراً، وكان أفصح الصبيان بالنطق والكلام.
تقول: جاء محمد صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام فقال لي: يا أماه ما لي لا أرى إخوتي في النهار؟
فقلت له: يا بني، إنّا لنا أغنامٌ يسرحون بها إلى الليل.
فقال: إني أحب أن أراهم في النهار.
في اليوم الثاني أراد إخوته الخروج لرعاية الأغنام
فقال لها: يا أماه، هل تأذني لي أن أرعى الغنم معهم؟
فقلت له: يا بني، أنت صغير!
فقال إخوته: يا أماه يا أماه، دعي محمداً يسرح معنا، نحن نرعاه، لا تخافي عليه سنعتني به
إخوته من حليمة هم: (الشيماء، وعبد الله، وأنيسة)
وكانت الشيماء دائماً تلاعب النبي وتقوم برعايته مع أمها وتحبه، وعندما تبحث عنه حليمة تجده مع الشيماء تلاعبه وهي تنشد له الشعر.
هذا أخٌ لي لم تلدهُ أمي.. وليسَ من نسلِ أبي وعمي.
ويكون حولها يضحك ويلعب، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الشيماء، فقد أسلمت وكانوا يسمونها أيضاً أم النبي.
فخرج معهم، وكان لمّا يُكمل السنة الثالثة من عمره بعد، صلى الله عليه وسلم
فأصبح يخرج ويسرح معهم بالأغنام، حتى أصبح لا يفارق إخوته..
فلما كاد أن يتم الرابعة من عمره (يعني إلا شهرين أو ثلاثة)
_______
تقول حليمة: وفي يوم من الأيام، خرج معهم كعادته فما أن انتصف النهار حتى جاء إبني عبد الله ومعه أخ له وعدد من الصبية يركضون ويصرخون..
يا أمااااه يا أمااااه، أدركي أخي القرشي، فلا أراكِ تدركينه (بمعنى يا تلحقيه يا لا)
تقول حليمة: ففزعتُ وقمتُ أنا وأبوه بسرعة وقلنا: ما الخبر.. ما بال محمداً؟!
قالوا: ونحن بين الأغنام، جاء إلينا رجلان، طوال القامة، عليهم ثياب بيض، أخذوا محمداً من بيننا، ثم صعدوا به أعلى الجبل، فلحقناهم..
ماذا تريدون منه، أتركوه، إنه ليس منا أتركوه، إنه قرشي ابن سيد مكة، فلم ينطقوا بأي كلمة، ولم نستطع اللحاق بهم.
ورأيناهم من بعيد قد أضجعاه في طشت معهم، وأخذوا يشقون بطنه!
تقول حليمة: فانطلقت أنا وأبوه بسرعة مفزوعين.
وأخذت تصيح حليمة بأعلى صوتها وتقول:
وااا ضعيفاه، وااا وحيداه، وااا يتيماه
______
فلما وصلت حليمة وزوجها، نظروا الى الجبل..
تقول: فرأيناه جالساً على قمة الجبل، منتقعاً، لونه أصفر، ينظر الى السماء.
تقول: فانطلقت نحوه مسرعة، ثم احتضنته وقبلته، ثم احتضنه أبوه.
قلت: يا بني؛ ما الذي جرى لك، أخبرني؟!
قال: إني بخير، بينما أنا بين إخوتي أقبل إلينا رجلان عليهم ثياب بيض فأخذاني من بين الصبية.
قال أحدهم للآخر.. أهو؟
فقال له: هو
ثم وضعاني في شيء معهما بكل لطف ثم شق أحدهما من صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر إليه لم أجد لذلك مساً!
(يعني لا يوجد وجع وألم)
وأخرج أحشائي ثم أخرج منها شيئاً لا أعرفه، ثم غسلها بالثلج، ثم أعادها مكانها.
فقال له صاحبه: قد قُمتَ بما وُكّل إليك فتنحى (بمعنى أنه انتهت مهمتك التي قد وُكلت بها)
ثم جاء الآخر فوضع يده على صدري ومسح عليه فرجع صدري والتحم.
وكشف لهم عن بطنه أي انظروا.. فلما نظروا رأوا مثل جرح وكأنه ملتحم جديد
ثم قال لصاحبه: زنه بعشرة من قومه (أي ضع الميزان وأوزنه)
فوضعوني في شيء ووضعوا عشرة رجال في شيء آخر (يعني مثل الميزان الكفتين) فوزنتهم
فقال له: زنه بمائة
فوضعوا مائة رجل فرجحتهم وطاش الميزان
قال: زنه بمائة ألف
فوضعوا مائة ألف في كفة، فلما وضعوني في الأخرى، فرجح الميزان، وتطاير الرجال في السماء، فرأيتهم كأنهم يتساقطون عليّ..
فقال له: دعه، فوالله لو وزنته بأهل الأرض لرجحهم جميعاً.
ثم قالوا: لا تخف يا (حبيب الله) فإنك لو تعلم ما يُراد منك؛ لقرّت عينك ثم ضموني لصدرهم وقبلوني.. ثم طاروا في السماء وها أنا أنظر إليهم يا أمي فلن يعودوا.
_____
يُحدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن حادِثة شق الصدر:
عندما أقبلت حليمة وهي تصيح وتقول: وااا ضعيفاه، وااا وحيداه، وااا يتيماه، سمعتها الملائكة من بعيد وهي قادمة..
فلما قالت: وااا ضعيفاه
يقول صلى الله عليه وسلم:
فانكبوا عليّ فقبلوا رأسي وما بين عيني، فقالوا: حبذا أنت من ضعيف!
ثم قالت ظئري: يا وحيداه! فانكبوا عليّ فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عينيّ، ثم قالوا: حبذا أنت من وحيد وما أنت بوحيد! إن الله معك وملائكته والمؤمنين من أهل الأرض.
ثم قالت ظئرى: يا يتيماه، استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، فانكبوا علي فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا: حبذا أنت من يتيم، ما أكرمك على الله! لو تعلم ماذا يراد بك من الخير!
قال: فوصلوا بي إلى شفير الوادي، فلما بصرت بي أمي - وهي ظئري - قالت: يا بني ألا أراك حياً بعد! فجاءت حتى انكبت
عليّ.. صلى الله عليه وسلم.
*معنى ظئري أي (مرضعتي)*
*الظِّئْر: الأنثى التي تعطف على ولد غيرها أو ترضعه ويطلق على الذَّكر كذلك.*
______
لماذا حادثة شق الصدر؟
الله عز وجل، خلق الإنسان، ويوجد مكان داخل جسده قريب من القلب، كالعَلَقة يكون فيها مثل بيت أو مكان للشيطان، ومن هذا المكان يجلس الشيطان، ويلقي وساوسه للقلب، كل إنسان فينا عنده هذه العلقة، وهي حظ الشيطان منّا، أي نصيبه، فجاءت الملائكة فأزالتها من صدر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعد للشيطان مكان ولم يعد له حظ من رسول الله.
ولو سأل أحدهم:
لماذا خلقها الله لرسوله وكان من الممكن أن يخلقه بدونها؟
لأن هذه العلقة جزء من الأجزاء الانسانية، يعني لو نقصت لنقص الكمال الإنساني، فخلقها الله تكملة لخلقه الإنساني صلى الله عليه وسلم.
ثم نزعها منه تكرمة له واستُبدل مكانها الحكمة، ليعلم جميع الخلق كرامته عند الله، وليتأكدوا من كمال باطنه، كما تأكدوا من كمال ظاهره.
(فلو خُلق بدونها، لم تظهر للخلق تلك الكرامة)
______
تقول حليمة: فأخذناه وحدثنا قومنا في بني سعد فخافوا عليه من الجن والشيطان..
وقالوا: يا حليمة.. أحضري له كاهناً يرى ما القصة؟
تقول حليمة: فأخذنا محمداً إلى كاهن، ومحمد يقول ما لي ومال الكاهن ليس بي شيء أنا بخير، لا يريد الذهاب..
ولكن لأنه صغير بالعمر غلبناه وأخذناه إلى الكاهن.
(عذراً على الإطالة)
*يتبع بإذن الله..*
[١٥/‏٩ ١١:٣٩ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (22)*
*تكملة لما حدث، بعد حادثة شق الصدر*
كيف خُتم كتف النبي صلى الله عليه وسلم، بخاتم النبوة؟
يقول صلى الله عليه وسلم عن يوم شق الصدر:
قال أحد الملائكة للآخر: إختمه بختم النبوة
قال فوضع شيء كأنه النجمة بين كتفيي، فأصبح صلى الله عليه وسلم يشعر وكأن بين أكتافه خاتم
يصف الصحابة رضوان الله عليهم خاتم النبوة قالوا:
من نظر إليه؛ هو لحمٌ بارز وفيه شعرات، والشعرات التي في هذا اللحم، مَن تأملها وأمعن النظر في ترتيب الشعرات يقرأ فيها (منصور) بمعنى أنك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، منصور وأمرك ظاهر.
(خاتم النبوة سيأتي ذكره كثيراً في السيرة)
وهو من بعض العلامات الموجودة عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى، من وُجدت بين كتفيه فهو نبي آخر الزمان وخاتم الأنبياء والمرسلين.
______
تقول حليمة: فأخذناه وحدثنا قومنا في بني سعد فخافوا عليه من الجن والشيطان وقالوا:
يا حليمة: أحضري له كاهناً يرى ما القصة..
تقول حليمة: فأخذنا محمداً إلى كاهن ومحمد يقول ما لي ومال الكاهن ليس بي شيء أنا بخير ولكن لأنه صغير بالعمر غلبناه وأخذناه إلى الكاهن
هذا الكاهن يهودي كان يسكن في قرية بجانب ديار بني سعد.
تقول حليمة: دخلنا على الكاهن، وأخذت أقص عليه ما رأى محمد من أمور غريبة.
فقال لي الكاهن: أصمتي يا امرأة، ودعيني أسمع الصبي.
ونظر الى محمد، وقال: حدثني يا غلام ماذا جرى لك؟
تقول حليمة: فحدثه كما حدثنا أنا وأباه من قبل، فلم يزد كلمة ولم ينقص كلمة.
قالت: فلما سمع الكاهن حديثه كاملاً قام من مكانه فزعاً ووقف على قدميه، ثم أمسك بمحمد، وضمه إليه، وصاح بأعلى صوته: يااا للعرب ياااا للعرب من شرٍ قد اقترب، اقتلووا هذا الصبي، واقتلوني معه، لئن تركتموه، وبلغ مبلغ الرجال (أي اصبح رجلاً) لَيُبدلنَّ دينكم، ولَيُسفهنّ عقولكم، وعقول آبائكم ولَيُخالفنّ أمركم وليَأتينّكم بدينٍ لم تسمعوا به، أقتلوه واقتلوني معه.
تقول حليمة: فانتزعت الصبي من بين يديه، وصرخت في وجهه، أجّنٌّ أعْتَهْ (يعني أنت واحد مجنون، ومعتوه)
أطلب لنفسك من يقتلك، أما نحن فلا نقتل ولدنا..
ثم أخذت محمداً، وخرجت به مسرعة، فما زال يصرخ، أقتلووه لا تدعوه أقتلوه واقتلوني معه حتى وقع مغشياً عليه.
تقول حليمة: ثم علمتُ بعد حين أنه قد هلك (ما كان مغمىً عليه، سقط ميتاً) هكذا هم اليهود أعداء لله ورسله.
______
تقول حليمة: رجعت بمحمد، إلى ديار بني سعد، ففاح ريح المسك أكثر مما كنا نجد من قبل
تقول: وأصبحنا نتخوف على محمد بعد تلك الحادثة.
فقال قومنا لزوجي أبي كبشة: نرى أن تُرجع الصبي لأهله قبل أن يظهر منه شيء (أي نخاف أن يحدث له مكروه، وتظهر له أمور عجيبة أخرى).
يا أبا كبشة: أرجعه الى أهله، فقد انتهت مدة كفالته.
تقول حليمة: وأنا لا أريد أن أرجعه، فقد تعلق قلبي به.
ولكن قومنا غلبونا وخوّفونا من الأمر فقررنا أن نرجعه لأهله.
___
تقول حليمة: فلما كنا على مشارف مكة (اقتربنا من الوصول إلى مكة)
غفلت عن محمد ساعة فلم أجده، بحثنا عليه بين الركب فلم نجده!
بحثنا حولنا فلم نجده حتى كادت أن تغيب الشمس، وأنا أصيح وأقول واا محمداه
فقال أبوه: لنذهب الى مكة، ونخبر جده عبد المطلب بما حدث.
تقول حليمة: فدخلنا مكة، وكان عبد المطلب جالساً في حجر الكعبة.
*يتبع بإذن الله..*
+++++++++++++++++++++++++++++++++
*هذا الحبيب (23)*
*انتهاء حضانته عند حليمة، ورجوعه مكة صلى الله عليه وسلم*
أقرب للمدينة، وسُميت بذلك لأن السيول تتبوّأه، يعني تحل وتستقر فيه)
تقول بركة: فمكثنا أياماً نعالج مرضها ولكنها لا تستجيب.. والمرض يشتد بها.
وذات ليلة أخذ المرض يشتد بها أكثر وأكثر، فعلمت آمنه أنها ستموت.
فقالت آمنة: يا بركة.. قرّبي مني محمداً
قالت: فقربته، فوضعتْ يدها على رأسه تتلمسه وهي تنظر إليه وعمره 6 سنين، وتقول:
بارَكَ فيك اللّهُ من غلامٍ
يا اِبن الّذي في حومةِ الحِمامِ
نَجا بعونِ الملكِ العلّامِ
فودي غداةَ الضربِ بالسهامِ
بِمائةٍ مِن إبلٍ سوام
إِن صحّ ما أبصرتُ في المنامِ
فَأَنتَ مبعوثٌ إِلى الأنامِ
__
تقول بركة: كانت آمنة تكرر بيت الشعر أكثر من مرة.. وهي تنظر إلى ابنها وكأنها تودعه
ثم قالت: يا بركة لا تغفلي عن محمد، فإن أهل الكتاب يعتقدون أنه نبي مبعوث، وإن ألدّ أعدائه يهود فأنا لا آمنهم عليه فلا تجعليه يغيب عن ناظريك.
ثم قالت: (يا بني، كل حي ميت، وكل جديدٍ بال، وكل كبير يفنى، وأنا ميّتة وذكراي باقية، وقد تركت خيراً وولدت طهراً)
ثم ماتت ويدها على النبي صلى الله عليه وسلم،
قالت بركة: وأخذ محمد يكلمها فلا ترد عليه، وعلمت أنها ماتت فأغمضت عيناها وضممت يدها إلى صدرها..
وحاولت أن أبعد الصبي عنها ولكنه تمسك بها..
وهو ينادي: أمي أمي
ثم نظر إليّ وقال: لم لا ترد أمي عليّ؟!
تقول بركة: فاضطررت أن أقول له لقد ماتت يا بني!
(هنا تذكر كلام أمه عن الموت، قبل أيام عند قبر أبيه، وأن الذي يموت لا يرجع أبداً لأهله يا بني)
قالت: فذرف دمعاً غزيراً وهو متعلق بها.
تقول: فحاولتُ أن أبعده عنها.
فقال القوم الذين معي: دعيه يا بركة بجانب أمه
فبقي طوال الليل بجانبها لم ينم، يضمها ويبكي لا نسمع إلا بكاءه وتنهده.
فكنت آتي إليه، كي أُدير وجهه عن أمه، من شدة البكاء، كي لا يراها
صلى الله عليه وسلم
_____

قالت فلما كان النهار شققنا لها قبراً في الرمال، وأخذنا نحفر لها القبر، وهو يحفر معنا ويبكي
فلما هممنا بدفنها، تعلّق بها وأصر أن ينزل معها في حفرتها.
ولما أتعبنا قال القوم لا بأس أنزلوه في حفرتها قليلاً.
قالت: فنزل وتمدد بجانبها بالحفرة وضمها إليه وهو يبكي فأنزل دمعاً كثيراً، ثم أخرجوه من الحفرة ووضعوا عليها الرمال.
وأخذت أم أيمن يده لتذهب
فقال لها: نأخذ امي معنا!
حتى إذا وصلت مكة وتوجهت أم أيمن إلى بيت جده عبد المطلب، فطرقت الباب، فإذا عبد المطلب يفتح الباب، ثم نظر للصبي..
وقال: أين أمك يا محمد؟
فبكى واخذ يردد.. ماتت، ماتت
فضمه عبد المطلب وقال له: أنت إبني، أنت إبني
رجعت أم أيمن تحضن اليتيم المضاعف يُتمه إلى جده عبد المطلب.
صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله
*يتبع إن شاء الله..*
[١٨/‏٩ ١١:٤٠ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (26)*
*كفالة عبد المطلب للنبي صلى الله عليه وسلم*
رجع الصبي المضاعف يتمه إلى جده بعد وفاة أمه آمنة..
تقول بركة: لمّا رجعتُ مكة وأنا أحتضن محمداً، نظر إلينا عبد المطلب، بعد أن علم بوفاة آمنة، واحتضن الصبي، وبكى..
ثم أخذنا وأسكننا في داره (أي في دار عبد المطلب)
وقال: يا بركة لا تَدَعي محمداً يغيب عن نظرك ليلاً ولا نهاراً فإني لا آمن عليه أهل الكتاب.
____
يقول العباس رضي الله عنه، عم النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: فَرَقَّ له رقة لم نعهدها من قبل! (يقصد عبد المطلب، كان الحنان بقلبه للنبي بشكل لا أحد يتخيله)، وصبّ به صَبابة لم يصبها بولد من أبنائه..
أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، عند جده عبد المطلب كل شيء بحياته تعلق فيه كثيراً، فكان إذا وضع الطعام لا يقربه، إلا إذا جاء محمد ووضعه في حجره وأعطاه أفضل طعامه.
___
يقول العباس رضي الله عنه: كان لعبد المطلب سيد مكة فِراش في حِجر الكعبة يجلس عليه ولا يجلس عليه غيره..
كان له فراش فيه، لا يجلس عليه غيره حتى حرب بن أمية (شيخ من شيوخ قريش يكون أبوه لأبي سفيان، وكان بمثابة السيد الثاني في مكة بعد عبد المطلب)
حتى حرب بن أمية ومَن دونه.. يجلسون على الأرض حول الفراش..
وعبد المطلب يجلس على الفراش..
فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام يافع في السابعة من عمره فيجلس عليه..
يجلس على مفرش جده عبد المطلب..
فيذهب أعمامه يبعدونه!
فيقول عبد المطلب: دعوا إبني يجلس عليه فإنه يحس من نفسه بشرف (يعني يحس أن له مكانة) وأرجو من الله أن يبلغ من الشرف مالم يبلغه عربي قبله ولا بعده.
(والله يا جد نبينا، لقد حقق الله رجاءك، فأي مخلوق من خلق الله جميعا، بلغ الشرف الذي بلغه صلى الله عليه وسلم؟ ونحن الآن بعد 1400 سنة، نفديه بأرواحنا صلى الله عليه وسلم)
ثم يجلس عبد المطلب ويجلسه على يمينه يمسح على ظهره ورأسه ويقول:
إن لإبني هذا شأناً فاعرفوه يا أبنائي (يكلم أولاده عن ابن أخيهم، محمد)
______
يقول العباس: وكان عبد المطلب جالساً يوماً في حِجر الكعبة وعنده ضيف، وهو أسقف نجران وهو من أهل اليمن (الأسقف تعني أعلى رتبة عند الرهبان النصارى
فلما دخلوا مكة، وجدوا عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في حجر الكعبة..
تقول حليمة:
فقلنا: لقد قدمنا بمحمد، فقاطعهم وقال، ليس موعد قدومكم (أي رجعتم مبكراً قبل انتهاء فترة حضانته)
قالوا: قدمنا لشأن (لسبب) ولكن أضللناه في مشارف مكة، ضاع منا فلا ندري أين هو!
فوثب عبد المطلب على قدميه مفزوعاً لمّا سمع الخبر
ثم وقف على باب الكعبة الملتَزَم، وذرف الدموع الغزيرة.
* الملتَزَم:* القطعة من الجدار الشرقي ما بين باب الكعبة والحجر الأسود، والمقصود بالالتزام، أن يأتي العبد إلى هذا الموضع فيلصق صدره بهذه القطعة من الكعبة، واضعاً ذراعيه ووجهه وكفيه يلصقها ليظهر فقره وضراعته وحاجته إلى ربه.
ثم رفع يديه عند باب الملتزم وقال: لاهما (أي في لغة العرب، اللهم)
لاهما رُدّ لي محمداً، رده لي، ثم اتخذ عندي يداً.
أنت الذي سميته محمداً (تذكر الهاتف الذي قال لأمه آمنة إذا ولدتِه فسميه محمدا)
تقول حليمة: فإذا عبد المطلب يسكت، ووضع أذنه على باب الكعبة، وكأنه ينصت لشيء بالكعبة يكلمه ونحن لا نسمع.
ثم قال: هااا.. أين نجده؟
فقلنا: ما الأمر يا شيخ مكة؟!
قال: عرفتُ أين محمد
(عبد المطلب سمع صوتاً من داخل الكعبة وهو يدعو الله أن يرد له محمداً صلى الله عليه وسلم يقول له.. لا تخافوا على محمد من الضياع فإن له ربّاً يحميه)
فقال عبد المطلب: هاا.. أين نجده؟
فسمع الصوت نفسه يقول: بوادي تهامة عند الشجرة اليمنى.
______
تقول حليمة: فأسرع عبد المطلب وركب فرساً وركب خلفه ورقة بن نوفل (سيأتي ذكر ورقة بن نوفل بعد نزول الوحي)
تقول: وانطلقا وانتظرناهم عند البيت
_____
لما ذهب عبد المطلب إلى وادي تهامة، مثل ما سمع من الهاتف (كان يعرف محمداً صلى الله عليه وسلم، الصبي ذي العامين من العمر، والآن أصبح ٤ سنين تغير شكله وملامحه وكبر)
لما وصل رآه يمسك بغصن شجرة يسحبه ويتركه.. يسحبه ويتركه
فقال عبد المطلب: من أنت يا غلام؟
قال: (أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب شيخ مكة)
فبكى عبد المطلب، وذرفت دموعه على خديه
وقال: وأنا جدك يا حبيبي، فداك نفسي، ثم اقترب منه وحمله، وحضنه، وأخذ يقبّله، وأجلسه في مقدمة فرسه في حضنه، ثم رجع مكة وهو يحمد الله، ثم نحر عشرون ناقة وعدداً من الغنم
وأولم وليمة ودعا أهل مكة كلهم بفرحه برجوع محمد صلى الله عليه وسلم
بعض أقوال العلماء أن سبب نزول هذه الآية قال تعالى *( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)* بسبب هذه الحادثة.
_____
تقول حليمة: ونمنا تلك الليلة في ضيافتهم وأكرمونا.
فقالت آمنة: يا حليمة لِم تعجلتِ بعودة محمد ولمّا تنتهِ مدة كفالته؟
كُنتِ حريصة على أن يمضي عندك عامين أو أكثر ولما يمضِ العامان بعد؟!
قالت حليمة: قد أدّينا ما علينا (أي انتهت تربيتنا له) وأحببت أن أرده إليكِ سالماً معافى، لأن الأم تشتاق لولدها!
فضحكت آمنة وقالت: ما هذا شأنك أبداً (لا، ليست هذا القصة، لم تقتنع) يا حليمة لن أدعك تتركي هذا المنزل حتى تخبريني خبر محمد.
تقول حليمة: وقد علمت آمنة أني أُخفي شيئاً، قلت سأحدثك، ولكن ما جرى ليس لنا به شأن (ليس لنا علاقة)، فهو خارج إرادتنا.
قالت آمنة: تحدثي ولا تخافي من شيء.
تقول حليمة: فحدثتها بكل ما جرى.
ثم التفتت آمنة لمحمد وقالت: ما الذي جرى معك يا ولدي؟
فحدثها القصة كاملة صلى الله عليه وسلم.
فضحكت آمنة وقالت: يا حليمة؛ وتخوفتِ عليه من الشياطين؟
(أي يا حليمة من كل عقلك خايفة عليه من الشياطين؟!)
قالت: نعم تخوفنا عليه.
قالت آمنة: يا حليمة؛ ألم أخبركِ خبر حملهِ وولادته، وإن لإبني هذا شأناً وأني لمّا حملت به قيل لي.. قد حملتِ بسيد هذه الأمة، فإذا وضعتِه فسميه محمداً.
يا حليمة: إن لإبني هذا شأناً لا سبيل للشياطين عليه أبداً، دعيه عنك وارجعي راشدة.
_____
تقول حليمة: فأكرموني أكثر ما يكرم قومٌ مرضعاً
فرجعنا ونحن نفرح أن محمداً الذي ربيناه سيكون له شأن، أكثر من فرحتنا بالعطايا التي أعطونا إياها.
(وحُقّ لك أن تفرحي يا حليمة، هنيئاً لكِ، يا مرضعة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم)
____
رجعت حليمة رضي الله عنها وأرضاها
وقد أسلمت بعد ذلك هي وزوجها أبو كبشة وابنها.
تقول حليمة: رجعت (وهي تكمل حديثها هذا الذي ترويه لعبد الله بن جعفر رضي الله عنه)
تقول: فما رأيت محمداً صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا مرتين:
بعد زواجه بخديجة رضي الله عنها جئت أبارك زواجه.. وشكوت إليه ضعف حالنا.. فكلم خديجة رضي الله عنها فأعطتني عشرين ناقة وأعطتني خيراً كثيراً.
ورأيته يوم حُنين حين ظفر بأعدائه (انتصر عليهم)
جلس يقسم غنائم حُنين فأقبلتُ عليه
فلما رآني وثب قائماً على قدميه وفتح ذراعيه مرّحباً
وهو يقول: أمي.. أمي.. مرحبا بأمي!
وأفسح لي..
ثم خلع رداءه عن كتفيه ووضعه على الأرض وأجلسني عليه وأكرمني غاية الإكرام صلى الله عليه وسلم.
*يتبع بإذن الله..*
[١٦/‏٩ ٩:٥٥ م]
)
وكما قلنا من قبل، أن عبد المطلب عنده أصدقاء كثر ومعارف من اليمن، عندما كان يسافر رحلة الشتاء إلى اليمن.
هذا الأسقف كان جالساً مع عبد المطلب، ويتكلم معه، فقال الأسقف لعبد المطلب:
إنا نجد في كتبنا صفة نبي من ولد إسماعيل، في هذا البلد مولده (أي مكة)
وإن من صفاته كذا وكذا، وأخذ يحكي له أوصافه..
وهو يتحدث معه، أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمره 8 سنين..
دخل على جده، فنظر الأسقف إليه فقام وأخذ يتفحصه وينظر إلى عينيه وظهره وقدميه!
قال له عبد المطلب: ما الأمر؟
فقال الأسقف: هو ذا، هو ذا، يا شيخ مكة
قال عبد المطلب: ما هو؟!
قال الأسقف: هو ذا الذي أحدثك عنه، نبي هذه الأمة
يا عبد المطلب من يكون هذا الغلام؟
قال له: هذا إبني
قال الأسقف: لا.. إنه يولد يتيماً!
فقال عبد المطلب: نعم إنه ابن إبني عبد الله
قال الأسقف: ما فعل أبوه؟
فقال له: مات وأمه حبلى به
قال الأسقف: الآن أنت صدقتني، إنا نجد في كتبنا أنه يُولد يتيماً ويموت أبوه وهو في بطن أمه.
يا عبد المطلب هل تضاعف يتمه؟ ألم يفقد أمه؟
قال: بلى، ماتت أمه وهو الآن في حضانتي.
فقال الأسقف: أنظر يا عبد المطلب إلى قدم هذا الصبي.. ثم أنظر إلى قدم جدكم إبراهيم
(قصده عن مقام إبراهيم عند الكعبة، علامات قدم سيدنا إبراهيم بالصخر في مقام إبراهيم عليه السلام)
فهل تجد قدماً أشبه بها من قدم هذا الصبي؟
قالوا: فنظرنا فوجدناها تشبهها، مع فارق الحجم
فنظر عبد المطلب إلى أولاده
(يقول العباس: كنا إذا جاء أبونا عبد المطلب سيد مكة وجلس على فراشه في حجر الكعبة وقفنا على رأسه، وكان عدد أولاده تسعة، يقول: كنا نقف على رأسه وحوله، خدمة له وتعظيماً)
فنظر عبد المطلب إلى أولاده وهم واقفين
وقال: يا أبنائي تحفظوا على ابن أخيكم محمداً
ألا تسمعون ما يقال فيه؟!
فقال الأسقف: إني أوصيك يا عبد المطلب أن تحذر عليه يهود
هل لاحظتم كم تحذير جاء في السيرة من اليهود!
حتى النصارى يعرفون بأن ألد أعداء محمد وأمته هم يهود..
وعندما وصل المدينة صلى الله عليه وسلم وكان اليهود يسكنون حولها ينتظرون نبي آخر الأمة يخرج منهم، نزلت عليه صلى الله عليه وسلم، أطول سورة في القران (سورة البقرة) جُلُّها تتكلم عن اليهود وغدرهم وملخصها..
(يهود.. وعهود.. لا يلتقون أبداً.. أبداً.. أبداً)
ألا ليت المسلمين يفقهون.
*يتبع إن شاء الله..*
[٢١/‏٩ ١٢:٤٣ ص] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (27)*
*وفاة عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم*
وما زال النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب يرعاه خير رعاية، ويعزه ويقدمه على أعمامه، حتى بلغ صلى الله عليه وسلم سن الثامنة من عمره..
____
تقول بركة: غفلت عنه يوماً (أي لم تنتبه له، نامت)
وإذا بعبد المطلب عند رأسي يصرخ بي بأعلى صوته:
ياااا بركة !!!
ألم أقل لك لا تغفلي عن محمد؟
قلت له: هو ذا يلعب عندي.
قال: أين هو؟ أتعلمي أين وجدته؟
وجدته مع الصبية عند السدرة، ألم أقل لك أني لا آمن عليه يهود؟
(عبد المطلب على يقين أن اليهود لا أمان لهم)، لا تجعليه يا بركة يغيب عن ناظريك.
____
بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر 8 سنين
مرض عبد المطلب وجلس في سريره
وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بقى جالساً عند سريره لا يفارقه
شعر شيخ مكة عبد المطلب بدنو الأجل فأرسل لأولاده، وبناته الستة، ووقفوا حول سريره تسعة رجال، ومحمد صلى الله عليه وسلم واقف عند رأسه..
ثم نظر إليهم وبكى بكاءً مُراً، فقال له أبو طالب (وأبو طالب لم يكن أكبر أولاده)
قال أبو طالب: ما هذا الخوف يا شيخ مكة ما عهدناك هكذا؟ (أي لماذا هذا الخوف لم نعهدك تخاف من شيء، كل حياتك رجل شجاع، وسيد قومك)
قال: يا بني إني لا أخاف الموت فإن الموت مصير كل حي، لقد مات إبراهيم وإسماعيل وهما عند الله خير مني ولكن الذي يحزنني ويؤلم قلبي (هذا اليتيم)
إني أوقن (أي متأكد) أن له شأناً، كل أهل الكتاب رأيتهم يجمعون أنه نبي منتظر
ليتني أدرك ذلك الزمن (تمنى عبد المطلب أن يرى محمداً صلى الله عليه وسلم لمّا يبعث)
فقال أبو طالب: لا تحزن يا شيخ مكة نحن نعاهد الله ونعاهدك أن يكون محمد أحب إلينا من أولادنا وأنفسنا.
______
فوكّل عبد المطلب كفالة محمد إلى أبي طالب (أبو طالب العم الشقيق للرسول صلى الله عليه وسلم يعني أبو طالب وعبد الله والد النبي أخوة من أب وأم واحدة)
إنتقلت الكفالة إلى أبي طالب وما زال عبد المطلب حيّاً على سريره
ثم نظر عبد المطلب إلى الصبي اليتيم الذي تعلق فيه كثيراً (وأيضا تعلق صلى الله عليه وسلم فيه كثيراً، فقد رأى منه حنان الأب والأم)
نظر للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يبلغ من العمر 8 سنين ووضع يده عبد المطلب على رأس النبي ومسح عليه وهو ينظر إليه ثم خرجت روحه ويده على رأس النبي وعينيه تنظر إليه.
___
هنا أدرك صلى الله عليه وسلم أن جده منبع الحنان بعد أمه قد مات
وتذكر قول أمه (يا بني الذي يموت لا يرجع إلى أهله ولا نل
وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (24)*
*آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم*
رجع الرسول صلى الله عليه وسلم لأمه آمنة وانتهت مدة الحضانة عند حليمة السعدية.
فأصبحت ترى آمنة من ابنها محمد خصالاً تتعجب منها!
(وكان صلى الله عليه وسلم، له أدب رفيع)
كان دائماً يجلس وينظر إلى السماء أكثر من الأرض.
تقول أمه آمنة: كان ينظر إلى السماء أكثر من نظره إلى الأرض، خَلْوته أكثرُ من جَلْوته
(يعني كان معتزلاً أكثر من أن يختلط بالصبية والأهل)
كان إذا وُضع الطعام لا يبدأ ويمد يده قبل أحد، ينتظر إذا قيل له كُل.. مد يده وأكل..
وهكذا ما زالت آمنة ترى خصائصه حتى مضى عندها عامين وأصبح في عمر السادسة.
________
الآن الذي ستروي لنا، ما الذي حدث للرسول صلى الله عليه وسلم عند آمنة هي بركة الحبشية (أم أيمن) رضي الله عنها وأرضاها..
بركة صحابية جليلة، كانت من الأوائل من العبيد الذين أسلموا..
كانت من العبيد في مكة، وكان الذي يملكها أبو النبي (عبد الله) المتوفى.
وانتقلت بالوراثة للنبي صلى الله عليه وسلم.
فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وزوجها لزيد بن حارثة رضي الله عنه.
أنجبت لزيد (أسامة بن زيد) الصحابي الجليل رضي الله عنه، بركة كانت حاضنة الرسول صلى الله عليه وسلم تقوم برعايته وخدمة آمنة أم النبي، وكانت تلازمهم دائماً.
_____
تقول بركة:
قالت آمنة لعبد المطلب يوماً: ألا تأذن لنا يا شيخ مكة أن نذهب إلى يثرب مع القافلة، فنزور أنا ومحمد قبر عبد الله وأعرفه على قبر والده؟
قال: نعم يا آمنة، ولكن حتى أجد قوماً آمنُ عليكم معهم أرسلتُكم.
قالت: فلمّا خرج قومٌ من أشراف مكة إلى يثرب، جهزَنا عبدُ المطلب وأرسلَنا معهم.
خرجت آمنة مع ولدها ومعها بركة حتى وصلوا يثرب (المدينة المنورة) فذهبت القافلة تكمل تجارتها ونزلت آمنة والرسول صلى الله عليه وسلم وبركة ضيوفاً عند بني النجار أخواله.
_____
أخذت آمنة بيد ابنها محمد، ووقفت عند قبر أبيه..
وقالت له: يا بني؛ هذا قبر والدك عبد الله..
فقال لها: لِمَ يا أمي لا يكلمنا؟!
فقالت: يا بني إنه قد مات، والذي يموت لا يتكلم أبداً، ولا يرجع إلى أهله، يا بني هذا مكان جسده، ولكن لن نلتقي به أبدا.ً
(هنا تعرّف على معنى الموت، لم يكن يعرف معنى الموت الحقيقي، حتى وقف على قبر أبيه، وأن والده بهذا المكان وأنه لن يراه ابداً)
صلى الله عليه وسلم
_____
جلسوا في يثرب حوالي شهر، وكان يخرج صلى الله عليه وسلم، يلعب مع الصبيان من بني النجار، وتعلم السباحة عندهم.
كان يلعب كما يلعب الصبية، و لكن كان مميزاً بينهم بأدبه وأخلاقه.
وكان اليهود منتشرين حول يثرب، وهم أهل كتاب، فلفت انتباههم أمرٌ غريب!
كانوا يسمعون صراخ الأطفال وهم يلعبون (ها قد جاء محمد المكي، محمد القرشي ذهب، محمد المكي تعال معنا هنا، محمد القرشي هي نذهب هناك) كأي أطفال يلعبون، ويعلو صوتهم.
ومعروف عندهم في كتبهم، بهذه الأسماء من صفات نبي آخر الزمن (محمد المكي المدني القرشي)
ولاحظ اليهود، غمامة (غيمة) عليهم تظلهم وهم يلعبون وإذا انفرد محمدٌ لوحده، وبقي الصبية لوحدهم أصبحت الغمامة فوق رأسه..!
*يتبع إن شاء الله..*
[١٧/‏٩ ١٠:٢١ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (25)*
*وفاة آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم*
أصبح أهل الكتاب يتابعون أخبار هذا الصبي!
تقول بركة: كنت لا أفارقه بوصية من أمه آمنة.
تقول: رأيت أهل الكتاب، يختلفون إليه كثيرا (تقصد اليهود، يأتي واحد ويذهب الآخر، يراقبون النبي صلى الله عليه وسلم)
تقول: يترددون إليه كثيرا ويسألونها عنه..
كيف ينام؟
كيف يأكل؟
ماذا يعمل؟ يسألونها عن أحواله
تقول: فجاء إليه حَبران من يهود
فقالوا: ما اسمك يا غلام؟
قال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
قالت: فأخذوا ينظرون في عينيه ورأسه وتفحصوه كثيراً ثم كشف أحدهم بين كتفيه فوضع يده على خاتم النبوة..
وقال: هو، هو، وربِّ عيسى وموسى إنه هو!
فقال الآخر: أأنت واثق مما تقول؟
قال: نعم وهذا خاتم النبوة بين كتفيه.. ثم انصرفوا
تقول: ثم رجعتُ به إلى أمه.. قالت: فلم ينتصف النهار حتى جاء رهط منهم إلينا (رهط يعني مجموعة)
قالوا: يا بركة أخرجي لنا أحمد (معروف في كتبهم اسمه أحمد)
قالت لهم: ما عندنا أحمد
قالوا لها: هذا الذي تقولون عنه محمد
فقالت لهم: اسمه محمد وليس أحمد
قالوا: محمد أو أحمد شيء واحد، أخرجي لنا محمد.. فقلت لهم: إنه نائم،
تقول: ولم أخرجه لهم، وأخبرت أمّه بالأمر وبما أسمع من أهل الكتاب.
فأخبَرت آمنة أخواله من بني النجار.. فخافوا عليه من اليهود.. وسمحوا لها أن ترجع إلى مكة.. وكان هناك قافلة راجعة لمكة ركبت معهم ومعها ابنها وبركة.
_____
وفي الطريق عصفت الريح والرمال، فتوقفت القافلة أياماً وأصاب آمنة المرض وأخرت القافلة، فاستأذن الناسُ في القافلة بالرحيل وتركوا معها بعض الناس يرعونها.
وكان مرضها في قرية يُقال لها الأبواء (الأبواء: منطقة بين مكة والمدينة، وهي
تقي به أبداً)
تقول بركة: فبكى الصبي بكاءً مُراً، وأنا أنظر إلى محمد يقف عند سرير جده يصب دمعاً غزيراً فما استطعنا أن نبعده عنه.
ثم دفن عبد المطلب في الحجون (مقبرة معروفة بمكة لحد الآن)
وانتقل صلى الله عليه وسلم إلى كفالة عمه (أبو طالب)
*يتبع بإذن الله..*
[٢١/‏٩ ١٠:٥١ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (28)*
*كفالة أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم*
انتقل صلى الله عليه وسلم، مع حاضنته بركة (أم أيمن) إلى كفالة عمه أبي طالب، بعد وفاة جده عبد المطلب.
(أبو طالب) لقب، أما اسمه الحقيقي فهو (عبد مناف)
(أبو طالب) هو والد (علي بن ابي طالب) رضي الله عنه، ابن عم رسول الله، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها.
__
كان أبو طالب قليل المال، لم يكن من أصحاب الأموال، وعنده كثرة بالأولاد
ولكنه كان صاحب شرف في قومه، وكرم نفس، وكان قد حرم الخمر على نفسه، كما حرمها أبوه عبد المطلب على نفسه من قبل..
وكان محبوباً من الجميع، فورث الزعامة من أبيه، عبد المطلب وأصبح شيخ مكة.
انتقل صلى الله عليه وسلم، إلى دار عمه أبي طالب، وعاش بينهم كأنه واحد من أولاد أبي طالب، حتى أن أبا طالب كان يعزّه، أكثر من أولاده!
كان أبو طالب لا يقبل أن ينام إلاّ أن ينام النبي صلى الله عليه وسلم بجانبه، ويفضله على جميع أولاده.
عاش النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه وعمره 8 سنين إلى أن بلغ الرجولة، ولم ينفصل عن عمه إلا بعد زواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها.
(يعني من عمر 8 سنين حتى سن 25 سنة كان في بيت أبو طالب)
_______
تقول بركة (أم أيمن): انتقلنا إلى دار أبي طالب وكان كثير الأولاد قليل المال.
كان إذا وُضع الطعام انتشلت الصبية الطعام انتشالاً.. حرصاً على الشبع!
(أول ما يوضع الأكل ياكلوا الاولاد بسرعة، من أجل الشبع مثل السباق قبل أن ينفذ الطعام)
تقول بركة: فكان عيال أبي طالب إذا أكلوا جميعاً أو فرادى لم يشبعوا!
وكانوا إذا شربوا لبناً من القعب، شربوه بسرعة ولم يشبعوا (القعب ما نسميه الآن، زبديه، نفس الشكل لكنه مصنوع من الخشب) لم يشبعوا لأن اللبن قليل، وما كانوا يشربوه دائماً.
وكان أبو طالب يؤثر الحجيج وزوار البيت على أولاده في الدار (يعني كان يتكارم على ضيوف الحرم أكثر من أولاده)
_____
تقول بركة: فلما كان صلى الله عليه وسلم يأكل معهم يشبعوا جميعاً، ويزيد فضلة من الطعام وإذا أكلوا ولم يكن موجوداً معهم لم يشبعوا ولم يكفهم الطعام.
أبو طالب لاحظ هذا الشيء!
فأصبح يضع الطعام فطوراً وغداءً وعشاءً (يعني الوجبات كلها)
ثم يقول لأولاده: مكانكم لا تأكلوا حتى يمد محمد يده؛
لأنه صلى عليه وسلم، كان لا يمد يده قبل أحد.
فمنع أبو طالب أولاده ان يمدوا أياديهم قبل أن يبدأ محمد بالأكل
فإذا بدأ وأكل شبعوا جميعاً وزاد من الطعام
ويُحضِر أبو طالب القعب من اللبن، ويعطيه لمحمد أولاً
يقول له: اشرب يا بني
فيقول له صلى الله عليه وسلم: بل أنت يا عم (يعني أنت أولاً يا عمي)
فيقول له أبو طالب: لا؛ أنت أولاً، إنك نسمة مباركة.
فإذا بدأ بالشرب محمد، شربوا جميعاً وشبعوا، وبقي من اللبن زيادة.
وإذا شربوا قبله لا يشبعوا..
فكان يقول أبو طالب: إن محمداً صبي مبارك.
______
تقول بركة: كان يصبح الصبية كعادتهم شعثاً رمصاً (وهذا شيء طبيعي، كل الأطفال من اللعب والركض والغبرة لما يصحى من النوم تجد شعره غير مرتب مجعد منفوش شعثاً، والرمص هو الصفار الذي يكون في عيون الصغار، لما يصحوا من النوم)
كان يصبح الصبية شعثاً رمصاً.. وكان محمد من دون كل الصبية،
يصبح كحيلاً دهيناً طيب الرائحة كأنما الدهن على رأسه (يعني شعره صلى الله عليه وسلم مرتب ناعم ما فيه تجاعيد كأنه داهنه بالزيت، عيونه كحيلتين لا أثر للرمص فيها)
تقول بركة: وما زلنا نلتمس من بركاته صلى الله عليه وسلم كلما تقدم بالعمر..
*يتبع بإذن الله..*
[٢٢/‏٩ ٨:٣٤ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (29)*
*الاستسقاء بوجهه صلى الله عليه وسلم*
لما بلغ صلى الله عليه وسلم سن التاسعة..
تقول بركة: مضى علينا عامٌ وبعضُ العام، كانت سنة شديدة (أي انقطع المطر) وأضحت قريش في قحط وجفاف شديدين.
_____
روى ابن عساكر عن جُلْهمة بن عُرْفُطة
يقول جلهمة:
قدمت مكة وهم في قحط
(فكانوا أهل مكة مجتمعين يتباحثون في الامر)
يقول: فسمعتهم
قائل منهم يقول: إعتمدوا اللاتَ والعُزّى
وقائل منهم يقول: إعتمدوا مناة الثالثة الأخرى!
(طبعاً اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، أسماء أصنام، يعني أقصدوهم، واطلبوا منهم السقيا، من أجل نزول الماء)
قريش يتباحثون في الأمر، وهناك أفكار كثيرة تطرح من أجل الاستسقاء.
(الاستسقاء هو التوجه بالدعاء إلى الله من أجل أن ينزل خير السماء الغيث)
فقال شيخ وسيم حسن الوجه جيد الرأي (كان واقفاً معهم، لم يُذكر اسمه في كتب السيرة)
قال: أنّى تؤفكون (أي متى تنتهوا من هذا التفكير الذين لا يسمن ولا يغني من جوع؟)
أنّى تؤفكون، وفيك
م باقية إبراهيم وسلالة إسماعيل!
قالوا: كأنك عَنيْت أبا طالب؟
قال: أيها (يعني نعم)
والسؤال: لماذا قال لهم أقصدوا أبا طالب؟
لأن قريشاً كانت إذا انقطع نزول الأمطار، ذهبوا الى عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا شيخ مكة استسقي لنا، فكان يذهب ويدعو الله عند الكعبة فتنزل الأمطار وكانوا يسمونه (أبو البطحاء) بسبب نزول الغيث عند دعائه، لأنه من سلالة طاهرة، جده ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام)
_____
فقاموا بأجمعهم إلى بيت أبا طالب
قال: فدققنا عليه الباب، فخرج علينا، فثاروا إليه (أي أخذوا يتوسلون له كي يستسقي لهم، مثل أبيه عبد المطلب)
قالوا: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال وأنت فيهم (من ذرية إسماعيل وإبراهيم)
أما تستسقي؟! (تطلب من الله السقيا)
______
قال: فخرج أبو طالب ومعه غلام (هو النبي صلى الله عليه وسلم)
وكان هذا الغلام، كأنه شمسٌ دُجُنّ (شمس في ليلة ظلماء) تجلت عليها سحابة قَتْماء (قاتمة)
(يصف الغلام، أي النبي صلى الله عليه وسلم، كأن وجهه من النور شمس، عندما تغطيها سحابة رقيقة، حتى يستطيع الشخص النظر إليها)
وكان أبو طالب حوله، أغيلمة (أي أولاد صغار، تصغير غلام)
فأخذه أبو طالب من دونهم، فطاف به البيت سبعة (يعني سبعة أشواط)
ثم ألصق ظهر الغلام بالكعبة ولاذ الغلام بأصبعه ((يعني رفع أبو طالب النبي وألصق ظهره بالكعبة ووضع يديه تحت إبطيه وحمله وألصق ظهره بالكعبة، ورفع أصبعه السبابة)
أخذ أبو طالب يدعو (كانت يدا الرسول صلى الله عليه وسلم مرفوعة للسماء، وأبو طالب يدعو، والنبي عمره تسع سنين، لا يعرف الدعاء)
وما في السماء قَزَعة (أي قطعة سحاب)
يقول: فأقبل السحاب من ههنا، ومن ههنا (أي من جميع الجهات)
وأغدق السحاب واغدودق (كثر ماؤه)، وانفجر له الوادي، وأخصب النادي (أهل الحَضَر) والبادي (أهل البادية).. أي أخصبت الأرض للفريقين.
وسقى الله عز وجل قريش، ببركة حبيبه صلى الله عليه وسلم
*يتبع بإذن الله..*
[٢٣/‏٩ ٩:١٩ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (30)*
*قصة الراهب بُحَيْرا كاملة*
(وتُقرأ بَحيرا و بَحيري، هذه القصة أخرجها الترمذي وصححها الألباني)
👈 ولم يزل صلى الله عليه وسلم ينشأ النشأة الطيبة الصالحة، برعاية من الله عز وجل ويشب مع شباب مكة، حتى بلغ من العمر ١٢ عاماً، وجاء موسم رحلة الصيف إلى الشام.
وكان من عادتهم في رحلتي الشتاء والصيف، أن يخرج الزعماء مع القافلة (من أجل ان يحافظوا على القافلة، ولا أحد يتعرض لها في الطريق من الناس)
فكان أبو طالب على رأس هذه القافلة وصار يستعد للسفر.. فلما اجتمعوا يوم السفر وقف أبو طالب يودع أهله.
____

يقول العباس رضي الله عنه: فبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم فعانقه صلى الله عليه وسلم، وتعلّق بعنقه، وتمسك فيه وصب دمعاً غزيراً.
(حال نبينا صلى الله عليه وسلم، كأي صبي عمره ١٢ عاماً، لا يوجد له أب، ولا أم، ولا جد، ولمّا تعود على عمه وحنانه، وعطفه، أصبح لا يقدر على فارقه)
قال: يا عم لِمن تتركني في مكة؟
قال له أبو طالب: لقد أصبحتَ رجلاً يا بني!
قال: ولكني لا أحب أن أفارقك، وأحب أن أرحل معك وأتعلم التجارة.
يقول العباس: فَرَقّ له أبو طالب (فاض الحنان بقلبه عليه) وقال له: لا والله لن أدعك لأحد
وإنّي عند عهدي لعبد المطلب، ستذهب معي يا محمد.
فودع الأهلَ أبو طالب وأركب محمداً أمامه على البعير وانطلق به إلى بلاد الشام.
_____
يقول العباس عم النبي وهو راوي الحديث:
فو الله الذي لا إله إلا هو.. ما إن خرجت القافلة من أرض الحرم، والموسم صيف حتى رأينا غمامةً جاءت من بعيد (غيمة) وأظلت البعير الذي يركبه صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب.
وانتبهت لذلك قريش، فكانوا لا يجدون الظلّ إلا على البعير الذي يركبه أبو طالب ومحمد.
إذا مشى تمشي الغمامة معه، وإذا توقف توقفت فوقه.. فعلمت قريش أن هذه الغمامة تظل محمداً (ولم يعطوا لهذا الأمر أهمية.. كانوا يقولون: يتيمٌ، تعطف عليه السماء)
_____
حتى إذا وصلوا مشارف الشام (المقصود بمشارف الشام هنا، أول الدخول من المنطقة الجنوبية من الأردن لفلسطين لسوريا ولبنان كلها بلاد الشام، كانوا يقولون: وصلنا لبلاد الشام)
فدخلوا الى بُصْرَى الشام..
(اختلفت الأقوال عن بُصْرَى الشام، أين تقع؟ وأغلب الأقوال على أن بُصْرَى الشام المقصود فيها بُصَيْرة، وهي ما يعرفه أهل الأردن الآن بالطفيلة، وليس بُصْرَى المدينة التاريخية التي تتبع محافظة درعا في سوريا)
_____
وكان هناك راهب من رهبان النصارى اسمه (بُحَيْرا)
من هو بُحَيْرا؟
بُحَيْرا لقب وليس اسمه الحقيقي (بُحَيْرا، لقب عند النصارى يُعطى لمن يملك علم النصرانية الحق من غير تحريف، أي وراثة من فلان الى فلان الى فلان الى سيدنا عيسى عليه السلام)
لقبه بُحَيْرا، وعنده علم الكتاب الحق.
______
فالقافلة التي أتت من مكة، وتحمل الرسول صلى الله عليه وسلم مرّت من جانب صومعة العابد بُحَيْرا..
وكانت قري
ش كلّ سنة تمر من جانبه، ولم يكن بُحَيْرا يهتم بهم، ولا يتكلم معهم، إلّا في حال إذا طلبوا منه الماء، يسقيهم ويسلّم عليهم ولا يهتم بهم.
____
فلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه القافلة..
(طبعا بُحَيْرا، كان عنده علم بمولد نبي آخر الزمن مثل باقي الأحبار والرهبان، وقت عرفوا ليلة مولده أنه وُلد نبيُّ آخر الزمن وطلع نجمه، لأنه عندهم علم بالكتاب وأسرار النجوم، فكان عندهم علم بالنجوم مرتبطة بكتبهم، لمّا رأوا النجم عرفوا أنه ولد نبي آخر الزمن، ومولده في أرض الحرم)
______
فكان بُحَيْرا، يجلس في صومعته، ويراقب القوافل..
فلمّا قدمت قافلة مكة (وكان لقافلة مكة، موعد متى تأتي، ومتى ترجع من الشام)
نظر بُحَيْرا من صومعته، فرأى قافلة قريش، فوقها غمامة، كانت تُظل الركب، تمشي إذا مشوا، وتقف إذا وقفوا.
تذكّر بُحَيْرا ما كان يقرأه من بقايا تعاليم الكتاب عندهم (أحمد المظلل بالغمام، نبي آخر الزمان)
فأخذ يراقب، فرأى أمراً غريباً وإشارةً عجيبة!
لقد رأى الشجر؛ كلمّا مرت القافلة من عنده يسجد (وهذه إشارة كان يعرفها الرهبان، لا يستطيع باقي الناس من العوام أن يراها)
رأى الشجر يسجد (ليس كسجودنا) كانت القافلة كلما اقتربت منه، تتدلى أغصانها إلى الأرض اي تهبط (ليس سجود عبادة قصدهم إنحناء الشجر، يسموه سجود)
كأن الاشجار تقول:
(مرحباً بك يا نبي الله، مرحباً بك يا حبيب الله، مرحباً يا خير خلق الله، صلى الله عليه وسلم)
_____
فنزل مسرعاً من صومعته يسلم عليهم ويستكشف..
فقال: من شيخ القوم فيكم؟
قالوا: أبو طالب
فقال: يا أبا طالب يا سيد قومه، قد صنعتُ لكم الطعام وأريد أن تحضروا جميعاً، ولا يتخلف منكم رجل واحد.
قالوا: يا بُحَيْرا إن لك شأناً في هذا اليوم!
لقد مررنا بك أعواماً فما عهدناك تُقْرِي ضيفاً أو عابر سبيل (يعني كيف نزل عليك هذا الكرم كله، تعزمنا على الأكل، في إنّ في الموضوع، دائماً نمر من عندك ولا تستضيف أحداً ولا تهتم)
قال: أنتم أهل الحرم وأحببت أن أكرمكم فأجيبوا دعوتي.
فقال أبو طالب: قد أجبنا، جهز طعامك.
______
جلس أبو طالب والقوم معه واستراحوا تحت شجرة، الى أن حان وقت الضيافة وجهز الطعام
فقاموا جميعاً ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم معهم.
قالوا له: قم يا محمد اذهب معنا.
فقال لهم: أعذروني، سأبقى عند الركب.
لما دخلوا على بُحَيْرا صار يتفحصهم فلم يَرَ أحداً منهم ينطبق عليه وصف نبي آخر الزمن!
فقال: يا أبا طالب
قال له: نعم
قال: أقسمت عليكم بربكم أن لا يتخلف أحد عن وليمتي هذه.
قال له: لم يتخلف منّا أحد، إلّا غلام صغير لم يبلغ مبالغ الرجال بقي عند الركب.
فقال بُحَيْرا: أستحلفك بربك أن يأتي هذا الغلام.
وكان الزبير عم النبي موجوداً في الركب أيضاً
قال له أبو طالب: قم يا زبير فأحضر ابن أخيك.
فقام الزبير وذهب إليه وقال له: يا محمد إن القوم يدعونك، فقام صلى الله عليه وسلم
وبُحَيْرا كان واقفاً عند النافذة ينظر ويراقب، فلمّا تحرّك النبي صلى الله عليه وسلم تحركت الغمامة فوقه وإذا بها تظله حتى إذا دخل وجلس بجانب عمه أبي طالب وضع بُحَيْرا الطعام.
_____
(يقول أبو طالب محدثاً قومه لما رجع إلى مكة وبينهم العباس رضي الله عنه الذي نقل الرواية)
يقول أبو طالب: جلس محمد وبُحَيْرا لا يرفع نظره عنه، يراقبه في كل حركة، في أكله وشربه، في جلوسه، في قيامه، حتى إذا انتهى القوم من الطعام وقاموا لغسل أيديهم.. اقترب بُحَيْرا من محمد (صلى الله عليه وسلم) ووقف بجانبه.. فانتبه أبو طالب
يقول: فدنوت منه كي أسمع ما يقول بُحَيْرا لابن أخي محمد
قال: يا غلام إني أسألك باللات والعزى فاصدقني الإجابة
قال أبو طالب: فغضب محمد
وقال له: لا تسألني باللات والعزى، فما كرهت شيئاً ككرهي لهما (عمره 12 سنة، وهذه اسمها عصمة الله لأنبيائه، العصمة قبل الوحي وبعد الوحي)
قال: إنما سألتك بهما لأنهما آلهة قومك.
فقال له: آلهة قومي وليست آلهتي!
قال: إذن هل أسألك بالذي خلق السماوات والأرض؟
قال: نعم اسأل ما بدا لك
قال: أسألك بالذي خلق السماوات والأرض، إلا ما صدقتني بكل ما تجيب؟
فقال له: ما عرفت الكذب قط، ودونك قومي فاسألهم!
فقال أبو طالب لبُحَيْرا: إنما عُرف فينا بالصادق الأمين، فسأله بُحَيْرا عن بعض الأشياء الخاصة فيه، كيف ينام، كيف يرى الرؤيا؟
فقال له: ما رأيت رؤيا إلا جاءت في اليوم الثاني كفلق الصبح (الذي أراه بالرؤيا يتحقق في اليوم الثاني)
وسأله عن أموره: كيف يلعب مع الصبية، عن تدبره، عن تفكره، عن معتقداته؟
فما زال بُحَيْرا يسأله والنبي يجيبه.
ثم قال: ما هذا منك يا أبا طالب؟ (أي ما صلة القرابة بينك وبينه)
قال أبو طالب: هذا إبني
قال: لا، أنت سيد قومك فاصدقني (بمعنى عيب تكذب وأنت سيد القوم) ما ينبغي يا أبا طالب أن يكون أبوه حيّاً، وهذا الغلام لا يجتمع بأبيه ولا بيوم واحد!
فقال أبو طالب: وما علمكم بهذا؟ ما شأنكم يا أهل الكتاب (ما قصتكم مع هذا
الصبي)
ما رأه أحد إلا يقول لا أب له، يولد بلا أب؟!
فقال بُحَيْرا: يا أبا طالب أصدقني
قال أبو طالب: هذا ابن أخي
فقال له: وماذا فعل أبوه؟
قال أبو طالب: هلك، أي مات، وأمه حُبلى به
فقال بُحَيْرا: الآن صدقتني، إننا نجد وصفه في كتبنا، يُولد يتيماً،
ثم ماذا فعلت أمه؟ قال له: ماتت وهو ابن ست سنين
قال: هو ذا يا أبا طالب، هو ذا!
____
ثم قال بُحَيْرا: هل تسمح لي أن أنظر إلى ابن أخيك؟
قال له أبو طالب: ها أنت تنظر إليه.
قال: لا ليس هذا
ثم رفع قميص الصبي ووضع يده بين كتفيه وإذا به بُحَيْرا يجد خاتم النبوة
فصاح بُحَيْرا بأعلى صوته.. قُدوس قُدوس.. سبووح سبووح.. رب الملائكة والروح
وربِ موسى وعيسى، وربِ موسى وعيسى، إنه المنتظر!
ثم أمسك بُحَيْرا برأس النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يقبّل رأسه
فقال أبو طالب: ويحٌ لك ما هذا؟ (أي ما الذي تفعله؟)
قال بُحَيْرا: يا أبا طالب أعزيزٌ عليك ابن أخيك؟
قال: هو أعز عليّ من نفسي.
قال: فارجع بابن أخيك إلى بلده،
واحذر عليه اليهود،
فوالله لَئِن رأوْه وعرفوا منه ما عرفت لَيبغونه شراً، فإنه كائنٌ لابن أخيك هذا شأنٌ عظيم، فأسرع به إلى بلاده.
فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.
*يتبع بإذن الله..*
[٢٤/‏٩ ٩:٢٩ م] وضاح الحميدي 73: *هذا الحبيب (31)*
*شبابه صلى الله عليه وسلم وعمله في رعي الأغنام*
رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وما زال الله ينبته نباتاً حسناً على مكارم الأخلاق استعداداً لما يعدّهُ له من حمل الرسالة، فاشتغل برعاية الأغنام..
______
شباب من الصحابة من أهل المدينة، كانوا جالسين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا: يا رسول الله حدثنا عن بدء أمرك.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم: بُعثت وأنا أرعى الغنم لقومي وما بعث الله نبياً إلا ورعى الغنم.
____
ما الحكمة من رعي الأغنام؟
لماذا اختار الله هذه المهنة لنبيه؟
لأن رعاية الأغنام، تعلم الصبر، وتعلم الرحمة، تعلمك كيف تعتني بالصغير منهم، وإذا ولدت مولوداً، يأتي ليحمل طفلها، ويصبر عليه حتى يرعى، ويصبر عليهم عندما يسرحون.
لأن الذي يصبر على هذه المخلوقات الضعيفة، ويرعاها ويألفها، ويصبر على تفرقها، ويجمعها ويساعد الضعيف منها، ويرد العدو من الحيوانات المفترسة عنها.
هنا.. يتعلم كيف يرعى أمور الرعية
فينتقل
(من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم، حتى يتعلم كيف يرعى الأمم ويقود أمته.. صلى الله عليه وسلم)
______
يقول صلى الله عليه وسلم عن نفسه: كنا نرعى الأغنام خارج مكة، فإذا كان الليل أتينا أطراف مكة ورجعنا بالأغنام ثم نسرح بها في اليوم الثاني..
فسمعنا يوماً عزفا (مثل صوت عرس من بعيد)
فقال صاحب لي: يا محمد إعتني أنت بغنمي حتى أسْمَر مع مَن يسمرون (يعني أروح أسهر معهم بالحفلة)
وسمعنا عزفاً على الغرابيل (يعني صوت عزف على الدفوف الكبيرة وغناء)
يقول صلى الله عليه وسلم: وجاء يحدثنا؛ سمعت وسمعت وكان عرساً لأحد أبناء مكة (هذا الراعي الشاب صاحب رسول الله بالرعي، أخذ يحدث النبي ما الذي رأه، وكيف كان سعيداً، مثل ما بنحكي كانت سهرة شباب من الآخر)
يقول صلى الله عليه وسلم:
فتشوقت للذهاب وأنا شاب في السادسة عشرة من عمري (عمره 16 سنة صلى الله عليه وسلم ، وحب من حكي صاحبه إنه يذهب ليرى تلك السهرة)
فتشوقت للذهاب..
قال: فقلت له في الليلة الثانية إعتني أنت بأغنامي لعلي أذهب إلى مكة وأسمر كما سمرت
يقول: فذهبت حتى إذا كنت عند أطراف مكة بمكان أكاد أسمع منه الصوت.. فضرب الله على أذنيي فنمت.
(أنزل الله عليه النوم ونام صلى الله عليه وسلم)
فما أيقظني إلا قرص الشمس (يعني ما صحي لحتى طلعت الشمس)
فلما رجعت..
قال لي صاحبي: ماذا صنعت، قلت: لا شيء، ضرب الله على أذنيي فنمت قبل أن أصل.
قال: لا عليك اذهب الليلة لعلك كنت متعباً!
قال: فلمّا كانت الليلة الثانية فذهبت، فلمّا وصلت الى نفس المكان في الليلة التي قبلها، ضرب الله على أذنيي فنمت في مكاني ولم أصل إليهم، فلمّا رأيتُ ذلك علمتُ أن الله لا يحبه لي.. فلم أرجع إليه أبداً.
(العصمة للأنبياء قبل البعثة وبعد البعثة)
الله عز وجل يعصم نبيه من المعازف والغناء
ماذا يعني ذلك، يا خير أمة؟
______
أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم يكسب قوته من تعبه، يرعى أغنام لقريش ويعطوه الأجر على ذلك ويصرف على نفسه من عرق جبينه وتعبه صلى الله عليه وسلم، وما زال صلى الله عليه وسلم يرعى الأغنام ويعمل بها، إلى أن بعثه الله سبحانه وتعالى.
_____
ولم يزل صلى الله عليه وسلم ينشأ النشأة الصالحة من مكارم الأخلاق حتى بلغ من العمر 25 سنة، واستعدت قريش للخروج إلى رحلة الصيف إلى بلاد الشام وكان هناك في مكة سيدة فاضلة
اسمها *(خديجة بنت خويلد الأسدية)* رضي الله عنها وأرضاها.
*يتبع بإذن الله..*
‏1- سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته "ثلاثاً"،
2- بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم "ثلاثا"،
3-رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد ﷺ نبياً "ثلاثاً"،
غفر الله لمن قالها، ونشرها، وبيّض وجهه، وأسقاه من حوض نبيه ﷺ❤️❤️.
ولو كانت على الإنسان أحمال الدنيا وهمومها وهو من أهل قيام الليل وجد أثر قيام الليل في حياته.🌿
‎ليس للكلمة الطيبة عمرٌ ولا مسافة !

‎أزرعها ولو في غير موضعها ؛ لتسعد بالأجور

‎ قال صلى الله عليه وسلم (الكلمة الطيبة صدقة )
إيَّاك والإكتساء بمن لا يعرف معنى الإحتواء فيمنحك التعرّى . .
وإياك والإتكاء على من لا يعي معنى السَّند فيُهديك السقوط . .
وإياك والإرتواء بمعسول الكلمات حتَّى لا تظمأ .
أصدق بيت في الرثاء
قول حسان بن ثابت

وما فقد الماضون مثل محمدٍ ..
ولا مثله حتى القيامةِ يُفقد .

كفار قريش أعطوا حسان بن ثابت قبل إسلامه مبلغاً مـن المال ليهجوا النبي (صلى اللّـه عليـه وسلـم).

فوقف حسان على ربـوةٍ ينتظر مجيء رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه لينظر إلى صفة من صفاته فيهجـوه بها ..

ومـرّ الحـبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما رآه حسان رجع إلى قريش فـرّدَ لهـم المـال
وقال : هـذا مالكم ليس لي فيه حاجة، وأما هذا الذي أردتم أن أهجوه .. فاعلموا أني أشهد أنه رسول اللّه ..

فقالوا : ما دهاك ..؟؟
ما لهذا أرسلناك ..!!

فأجـابهـم بهذا الشعر :

لـمّـا رأيــتُ أنــواره سـطـعــت ..
وضعت من خيفتي كفّي على بصري ..

خـوفـاً على بصري من حسن صورته ..
فلـستُ أنـظـره إلا عـلـى قـدري..

روح من النـور في جسم من القمر ..
كحلية نسجـت مـن الأنجـم الـزهرِ..

الّلہُم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...

يارب إنّا لم نتشرف برفقته في الدنيا .. شرفنا برفقته في الجنة ... آمين
يا من بحثت عن العطورِ جميلها
ليكون عطرُك في الأنام نسيما

هل لي بأن أُهديك عطراً فاخراً
وهو الدواءُ إذا غـٓدوتٓ سقيـما

هو قولُ ربّ الخلقِ في قرآنـــه
صلّوا عليه وسلّموا تسليما ﷺ ...
2024/09/29 02:27:32
Back to Top
HTML Embed Code: