رهان السيرورة

" السيرورة رهان آخر ينضاف إلى رهان الجودة ولابد للشاعر من ربح الرهانين لكي لا يخمل شعره ويذهب في طيات النسيان ،قال أبو معاذ النميري:
قال بشار قصيدة وقال فيها:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته
وفاز بالطيبات الفاتك اللهج

فعرّفته أن سلماً قال :

من راقب الناس مات غماً
وفاز باللذة الجسور

فلما سمع بشار هذا البيت قال : سار والله بيت سلم وخمل بيتنا قال : وكذلك كان ، لهج الناس ببيت سلم ولم ينشد بيت بشار أحد .

فلئن كان لبشار فضل صناعة المعنى حتى ارتقى إلى مرتبة المعنى الإنساني العام على شاكلة الحكمة، فإن سلماً الخاسر قد عريَ من ذلك الفضل لكنه ربح رهاناً خسره بشار هو رهان السيرورة
فأوجز اللفظ بأن قلل من عدد الكلمات ، واختار أسهلها فوضع ( مات غماً) عوض ( لم يظفر بحاجته ) و( الجسور) بدل ( الفاتك اللهج ) فكان المعجم أكثر ألفة ، بالإضافة إلى تخفيف الوزن من البسيط التام إلى مخلع البسيط ، وبذلك كان بيت التلميذ أسير من بيت الأستاذ الذي أقر بذلك بمرارة "

أحمد الودرني _ قضية اللفظ والمعنى

وعندما أجرى عالم النفس والتر ميشيل تجاربه الشهيرة في جامعة ستانفورد والتي كان يستخدم فيها حلوى المارشملو لاختبار صبر الأطفال كان اسمها الأول

(الفرض الذاتي لمرحلة رياض الأطفال من أجل تأجيل الإشباع الحالي في سبيل إدراك المكافآت النموذجية المؤجلة والأكثر قيمة )

وعندما انتقلت التجارب إلى وسائل الإعلام سماها أحد الصحفيين تجربة المارشملو
وانتشر هذا الاسم وسار حتى اقتنع به الدكتور والتر ميشيل وغير من اسم تجربته.

🍃 أزمان العرب في الجاهلية🍃

كانت الأشهر القمرية عند العرب ثابتة على مدار العام وكانوا يستعملون النسيء ليكملوا الأيام الإحدى عشر التي تنقص في السنة القمرية عن السنة الشمسية كما يفعل اليهود الآن
فكانت بداية السنة عندهم من محرم أول شهور الشتاء الموافق أكتوبر ( تشرين الأول )
وهو بداية السنة اليهودية أيضاً وفي العاشر منه عيد الغفران وهو الذي يصومه اليهود شكراً على نجاة موسى عليه السلام ويصومه المسلمون .

كان العرب يسمون هذا الشهر صفر الأول قبل أن يسميه الإسلام المحرم تأكيداً على تحريمه لأن الجاهليين كانوا يتلاعبون به يحلونه عاما ويحرمونه عاما .
ومعنى صفر أي خلو الديار من أهلها والديار التي يتركونها هي ديار الصيف دائمة الماء يابسة الأرض
وكانوا يتجهون إلى ديار الربيع لينة الترب مؤقتة الماء

شهور الشتاء _ الربيع عند العرب قديماً_ :

شهرا صفر يوافقان شهري ١٠ و ١١ أكتوبر ونوفمبر
شهرا ربيع يوافقان شهري ١٢ و ١ ديسمبر ويناير
شهرا جمادى يوافقان شهري ٢و ٣ فبراير و مارس

شهور الصيف والقيظ:

رجب وشعبان ( الجزء) أبريل ومايو
رمضان وشوال( القيظ) يونيو ويوليو
ذو القعدة وذو الحجة أغسطس وسبتمبر.

رمضان من الرمضاء وهي شدة الحر وشوال من الشول حيث تجف ضروع الإبل وصفر من خلو الديار الصيفية من أهلها
وربيع من نزول المطر والمطر عند العرب يسمى ربيعاً كما قال لبيد :
رزقت مرابيع النجوم وصابها
ودق الرواعد جودها فرهامها
أي أنواء الربيع
وجمادى من جمود السماء وليس من جمود الماء أي أن السماء تجمد ولا ينزل منها المطر .

وشهرا جمادى هما آخر شهور الشتاء وبعد شهري جمادى شهرا الجزء رجب وشعبان والجزء هو أن تجف المياه ويتبقى العشب الرطب فتجتزئ به الأنعام أي تكتفي عوضاً من الماء .

وهذا ما يصفه لبيد رضي الله عنه في معلقته:
حتى إذا سلخا جمادى ستة
جزءا فطال صيامه وصيامها
يعني الحمار والأتان بعد أن فارقا شهري جمادى الذيْنِ جمدت فيهما السماء جزءا أي اكتفيا بالعشب الرطب فطال صيامه وصيامها عن الماء ثم يصف ارتحال حمير الوحش إلى منابع الماء بعد انتهاء العشب الأخضر في أول شهر ٦ المسمى رمضان وفيه يتوهج الصيف .

والعرب لم يكونوا يقاتلون إلا في الشتاء لأن قتالهم بالخيل التي لا تصبر على العطش كالإبل فيحتاجون إلى مستنقعات مائية من أثر السماء كما قال النابغة يصف خوف قبائل العرب من غزوات ملك غسان :

وكانت له ربعية يحذرونها
إذا خضخضت ماء السماء القبائل

أي غزوة في وقت الربيع( الشتاء )

ولأن الشتاء بما فيه من خير يحمل بعض القبائل على غزو الديار التي نزل بها الغيث كما قال معود الحكماء :

إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا

وأنشد أبو زيد :

يداك يد ربيع الناس فيها
وفي الأخرى الشهور من الحرام

فجعل الربيع مقابل الشهور الحرام التي تأتي في الصيف عند العرب ولهذا السبب والله أعلم تلاعب العرب بالسنة القمرية لأن السنة القمرية تنتقل شهورها المحرمة بين فصول السنة فتفوت مصالحهم الدنيوية في نظرهم.

ومن لم يلاحظ هذه الأحوال صعب عليه معرفة مقاصد العرب في أشعارها.


للتوسع في أدلة مواقيت الشهور ومعانيها راجع كتاب عرفان حمور الأشهر العربية ومواقعها من الفصول الطبيعية فقد أجاد فيه .

فائدة لغوية وبلاغية
———————-
الفرق لغويا وبلاغيا بين حصول المعنى عند التقديم والتأخير (الجار والمجرور) .
مثال : في الداخل محمد / محمد في الداخل .
.

"إن الغربيين _ وشيخهم أرسطو _ إنما يتناولون البلاغة من موقعها الفلسفي المنطقي قبل كل شيء ، فلا يكاد يخوض فيها إلا الفلاسفة وعمالقة الفكر ، في حين أن الشأن لدينا نحن العرب يختلف اختلافا كبيرا ، إذ لا يكاد يتناول تأسيسات هذا العلم إلا الأدباء على ما في أدواتهم الإجرائية من قصور بحكم طبيعة الاختصاص ، ولذلك نجدالذين سبقوا السكاكي مثل الرماني والخطابي والجرجاني والزمخشري يجنحون نحو التطبيقات على الآيات القرآنية أساسا، فيحاولون استخراج ما فيها من مكامن الجمال الفني العظيم.

كأنما علم البلاغة عند العرب نشأ في غير حجره الطبيعي فتلقفه الأدباء وأعرض عنه الفلاسفة ليس إلا، وكان من الأولى أن يطور هذا العلم الفلاسفة المسلمون بحكم أن الفيلسوف أمبيدوكل وبعده أرسطو هما اللذان أسسا قواعد هذا العلم من منطلق فلسفي منطقي لا من منطلق أدبي جمالي"

عبد الملك مرتاض

" وعلى أنا كثيراً ما نقرأ تثريباً قاسياً على السكاكي بأنه عقّد البلاغة بتقعيد قواعدها وتفريع ضوابطها حتى أمست طلاسم لا يقبل عليها الذوق ولا ترتاح لها النفس فهو بذلك أفسد الذوق الأدبي العام .
وكأن العلم أمسى أدباً ، وكأن من خصائص العلم أن لا يكون معقداً ومعسراً ، وكأن المنطق مجرد قصيدة من الشعر تلقى فيستمتع الناس بها " .

" إن هذا الدفاع الذي دافعنا به عن عمل السكاكي إنما قام على خلفية اقتناعنا بفلسفية البلاغة من حيث هي مجموعة من النظريات ، لا أنها مجموعة من النصوص المنتقاة يقع عليها التعليق انطلاقاً من الذوق أو الانطباع في قراءتها.

وربما يكمن الإشكال في أن البلاغة من حيث هي وسيلة تقوم على نظرية تنتمي إلى الفلسفة، ومن حيث هي غاية أو مجال تفزع إلى النصوص الأدبية الرفيعة لتعالجها بالتحليل المعياري الذي لا يتغير ولا يتبدل "

عبد الملك مرتاض

يدافع مرتاض في ( مقدمة في نظرية البلاغة ) عن السكاكي ويرى أنه أعاد البلاغة إلى محضنها الطبيعي - المنطق - ويرى البلاغيين قبل السكاكي أدباء ونحاة .

وهو عكس الرأي السائد في المعاصرين الذين يفضلون منهج عبد القاهر وابن الأثير على منهج السكاكي .

انتقد الآمدي بيت أبي تمام :

النار والعار والمكروه والعطب
والقتل والصلب والمران والخشب

فتوقف أمام عبارة أبي تمام ( المران والخشب )وذكر أن أحدهما يغني عن الآخر أو أن المران من الخشب ، ولكن الضرورة دعته إلى الجمع بينهما .

ورد عليه ابن المستوفي ورأى أن فارق المعنى بينهما حاصل ، فليست الدلالة متطابقة ولو أن المران لم يسم بما تسمى به وكان له صفة الخشب أو هو بعينه لجاز ذكره لاختلاف اللفظين وهذا مشهور في كلامهم من النظم والنثر .


والمعروف في كلام العرب عند الجمع بين اللفظين
أن يكون الأول أعم والثاني أخص مثل الظلم والعدوان والكذب والمين لتتحقق الزيادة والفائدة فليس في ذكر العام بعد الخاص فائدة في هذا السياق

والبيت المذكور على العكس فيكون معيباً والله أعلم .

سئل أبو عمرو بن العلاء عن زهير والنابغة فقال لا يبلغ زهير أن يكون أجيرا عند النابغة

كلمة أبي عمرو هنا صحيحة وإن كان زهير أشعر من النابغة أو في نفس طبقته

وتفسير ذلك أن العرب تفرق بين مادحي الملوك وبين مادحي الكرام وبين شعراء العشيرة وغيرهم فأرفع الشعر عند العرب هو شعر الفخر والذي أخذ لواءه امرؤ القيس وطرفة ولبيد وعندما سئل لبيد من أشعر الناس قال :
الملك الضليل ثم الشاب القتيل ثم الشيخ أبوعقيل

لاحظ كيف عبر عن امرئ القيس بالملك الضليل وذلك للدلالة على معنى الفخر الذي هو معيار الشاعر في هذا المقام وكذلك تعبيره عن طرفة بالشاب القتيل له مدخل في الفخر .

ويلي شعر الفخر مدح الملوك ومقدم هذه المدرسة النابغة الذبياني وعلقمة الفحل.
ثم مدرسة مادحي الكرام ومقدمهم زهير بن أبي سلمى وأوس بن حجر وكان أبو عمرو يقدمه على زهير .

فمقارنة زهير بالنابغة في مدرسة النابغة يجعل من زهير أجيرا عنده وذلك لأن زهير لا يذكر أوصاف الملوك في المدح ولا يذكر خوفه وبطش الملوك وبأسهم ولكنه يذكر صفات الممدوح التي تدل على الحلم والكرم وأمثال ذلك من صفات سادة العشيرة حتى أن زهيراً كان يستحي من عطاء ممدوحه هرم والملوك لا يستحيى من عطائهم .
وهناك مدارس أخرى للشعر عند الجاهليين مختلفة عن تقسيم من جاء بعدهم

ولو أتينا إلى أمية بن أبي الصلت مثلاً لوجدنا غالب شعره ينتمي إلى الزهد والاعتبار ولكن له قصيدة أشبه شيء بشعر زهير وهي قوله :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني
حباؤك إن شيمتك الحباء

إذا أثنى عليك المرء يوماً
كفاه من تعرضه الثناء

وكذلك قوله
له داع بمكة مشمعل
وآخر فوق دارته ينادي
إلى صحف من الشيزى ملاء
لباب البر يلبك بالشهاد

وذلك لأنه يمدح بهذا الشعر عبد الله بن جدعان وهو من أشراف مكة
ولكن عندما مدح سيف بن ذي يزن تغير شعره وأصبح أشبه بشعر النابغة في مدح الملوك :

اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً
في رأس غمدان داراً منك محلالا

تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

ومما يدل على وضوح التقسيم عند العرب أن النابغة الذبياني وقعت ابنته عقرب في سبي النعمان بن جلاح الكلبي في أسرى بني غطفان فلما عرف النعمان أنها ابنة النابغة أطلقها وأطلق الأسرى جميعاً فقال النابغة قصيدة يمدحه وذكر فيها هذا الأمر فقال:
وكنتُ امرءاً لا أمدح الدهر سوقة
فلست على خير أتاك بحاسد
يبين له أنه ممن يمدح الملوك ومع ذلك فقد مدحه وعابوا على النابغة أنه يمن بشعره هذا وليس الأمر كما قالوا فإن قصد النابغة تفخيم حق الممدوح بأنه استحق مدائح الملوك .
وبالله التوفيق

" سعد الدين التفتازاني هو أعلم علمائنا بأسرار البيان بعد عبد القاهر "

محمد أبو موسى

المتون لم تؤلف للمتخصصين، ولكن لمن يريد أن يحيط بمهمات العلم لينتقل إلى غيره فيحتاج إلى كتاب كثير العلم صغير الحجم يحفظه لصغره ويستغني عن غيره لكثرة مسائله ولو كان أقل في التحقيق وأصعب في العبارة .

ولذلك إذا كنت تنوي التخصص فلا تسرف في العناية بالكتب التعليمية كالمتون والشروح والحواشي والمختصرات والمنظومات ولكن ابدأ بأصح الكتب تقسيما وأسهلها لغة ثم عرج على أول الكتب تأليفاً فإن الكتب المؤلفة في بدايات العلوم تحوي أسرار العلم وتعين قارئها على الدفاع عن مسائل العلم أو الاستدراك والتصحيح لها .

ولا بأس في حفظ متن إذا خشي الإنسان تفلت علمه واختلاط المسائل عليه
ولكن لا يجعل همه تتبع المتون في مجال تخصصه

" عندما تريد أن تشرّح نصاً أدبياً لابد أن تقتله أولاً "

ويليام وردزورث

ذكر الفراهي رحمه الله تعالى أن كل مفسر يؤخذ منه ما تميز به دون ما سواه .
كذلك الفراهي يؤخذ منه ما تميز به من نظرية النظام وآراءه التجديدية في البلاغة والنحو والمنطق والتفسير ولا يؤخذ منه موقفه من بعض العلوم التي لم يبرز فيها ولا ما خالف فيه المفسرين جميعا كموقفه من حادثة الفيل وقد رد عليه المعلمي فيها رحمهما الله تعالى.

مع التنبيه إلى أن كتب الفراهي متكاملة يكمل بعضها البعض غير كاملة أي لم يكمل أكثرها بل مات أثناء تأليفها رحمه الله تعالى .

وهذا يصعّب الحكم على مشروعه إلا لمن انقطع له .

#متون_علمية
#البلاغة_القرآنية


س/ ما المتن الذي يُحفظ في علم البلاغة لمن أراد التوسع في هذا العلم وفي بلاغة القرآن خاصة؟

ج/ إن كان منظوما فأوجزها مع شمول "منظومة مائة المعاني والبيان" لابن الشحنة.
وإن كان منثورًا فالمشهور "تلخيص المفتاح" للقزويني، وأوجز منه دروس البلاغة، أو موجز البلاغة لابن عاشور، أو زبدة البلاغة لنصيف.


د. #يوسف_العليوي

حساب الاستشارات القرآنية ☝️🏻 نافع في تطبيقات البلاغة في أسئلة المتشابه اللفظي وغيره

لابد للمهتم بالمناهج النقدية من الاطلاع على
ثلاثية عبد العزيز حمودة:
المرايا المقعرة
المرايا المحدبة
الخروج من التيه
ففيها سجل حافل بإخفاقات النقاد المستغربين
ومحاولة لبناء نظرية أصيلة .

ينتمي علم المناسبات والنظام إلى بلاغة المعنى
وينتمي علم المتشابه اللفظي إلى بلاغة اللفظ
وهما لا ينزلان عن بلاغة النظم إن لم يرتفعا عنها وعلى هذا فمن كتب البلاغة التطبيقية نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي وملاك التأويل لابن الزبير والتفسير البياني لفاضل السامرائي ونحوها .

وبلاغة المعنى واللفظ بحاجة إلى كتب نظرية مثل مصاعد النظر للبقاعي ودلائل النظام للفراهي وهناك كتاب جيد في محاولة التنظير لعلم المتشابه اللفظي للدكتور محمد الجبالي .

وإحياء بلاغة اللفظ والمعنى من أعظم وسائل محاربة بلاغة الغرب المستوردة وآثارها المدمرة على فهم القرآن.

ملتقى أهل التفسير
https://vb.tafsir.net/tafsir42182/