تحفة جديدة في مكتبة البلاغة العربية

الكتاب غني عن التعريف، يكفيه أنه خلاصة السعد التفتازاني وخلاصة المؤلفات البلاغية وجماعها، فهو الكتاب إذا درسته فكأنك درست جميع كتب البلاغة، أو ملكت زمامها وعرفت مداخلها ومخارجها.

ومهما قيل في شأن المطول وأشيد فإن طريق الاستفادة منه كان وعرا غير مسلوك، إلى أن جاء الدكتور ضياء الدين القالش
- فحقق نصوصه على النسخ العالية لتخرج أقرب ما تكون إلى مراد المصنف أو هي هي.
- وخرج نقوله وربطها بأصوله ليسهل مراجعة مادته في كتب الفن.
- وبين إشاراته في النقود والردود ليضع القارئ أمام تطور صقل القواعد البلاغية.
- وجمع حواشي المصنف على نصوصه من كتبه ومن نسخ وتعليقات أصحابه ليمهد طريقا سالكا للتعرف على شخصيته وصورة واضحة من دروسه في كتاب نفسه.
- وفسر مجمله بتعليقات استخرجها من حواشي الكتاب وكتب الفن ليتمكن الدارس من الاستغناء بنسخته عن التشتت بين مختلف الحواشي والتقريرات.
- وضبط نصه ووزع فقراتها بما يسر الناظرين ويريح الدارسين.
- وعمل فهارس كثيرة منوعة تقرب فوائد الكتاب على طرف الثمام.

وأرى دون مبالغة أن من اقتنى الكتاب بغير هذه الطبعة فكأنه لم يقتنه، وشرف لدار اللباب إخراجها.

هذا الكتاب من نعم الله عليَّ، ووالله ما نظرتُ فيه إلا حمدت الله الذي وفقني له، فالحمدلله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه.

ولو لم يكن الكتاب لي، لرأيتَني في كلِّ نادٍ ومجمعٍ أحثُّ على قراءته، بل دراسته، ولو كان لي من الأمر شيءٌ لما تركتُ طالب لغةٍ ولا طالب ترجمةٍ إلا أوجبتُ عليه إدامة النظر فيه، وتدبر معانيه.. لا لمزية في الكتاب نفسه ولا في صاحبه -عفا الله عنه- بل لأن البلوى بهذه العرنجية عمَّت، والناس عنها في غفلة، والبيان في هذا الكتاب -إن شاء الله- شافٍ، والحجة بيِّنة مبسوطةٌ لا يردها -ممن تدبرها- إلا معاند.

أما والكتاب لي، والدعوة إليه مني متهمة، وأنا رجلٌ حيي... فالأمر لكم، استفرغتُ الوسع في البيان، فتفضلوا -أهلَ العربية- بالبلاغ، بلغنا الله وإياكم الخيرَ كلَّه.
وهذه نسخة مبدفة هدية مني لكم، أشيعوها، أو أشيعوا معانيها، وحثُّوا الناس على نبذ هذه اللغة الهجينة التي آذونا بها أذى شديدًا، وأفسدوا علينا بها نصاعة العربية، حتى غدت ملطخةً مرقعةً منكرةً.
أشيعوا هذه المعاني حتى تصير المذمَّة على العرنجيين، ويُعيَّر المرء بكتابته بالعرنجية... لعل الله أن ييسر أن تنحاز منهم أمم إلينا، فيكثر سوادُنا، ويقل سوادهم.

والسلام.

حق المعلم عليك أن تدعو له  وأعظم المعلمين حقاً عليك محمد صلى الله عليه وسلم .

"وأتوقع من حسن سيرته ويمن سريرته أن يدعو لي ولوالديّ في خلواته وأعقاب صلواته ، ولا ينساني في أوقات طاعاته "

السعد التفتازاني في إجازته لتلميذه الزرنوقي .

كان الزمخشري يقول في قول الشاعر :

فلا وأبي الطير المربّة بالضحى
على خالدٍ لقد وقعت على لحم

ما أفصحك يا بيت أو ما أبلغك يا بيت المربّة


وهو من الشواهد على مجيء التنكير للتعظيم

أحب أن أقرأ عقول العلماء في كتبهم وأحب أن يسمع مني طلابي هذا.
أحب أن أتدسس في هذه السطور حتى أجِد عقل الكاتب وهو يُكابد ما كتب، فإنّك إذا اقتربت من عقولهم ورزقك الله القُرب وباشر عقلك عقولهم ربما كنتَ يوماً منهم وحتى لو لم تكن منهم ولقيت الله ستقول له: يا رب علماء أمتك ورثة نبيك وقد عشت حياتي أسير على خطاهم ولكن لم تشأ لي أن أكون منهم فسعيتُ سعيها ولكن لم يكن لي فيها نصيب!
"ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله.."، وأنا قد وقع أجري عليك لأن أدركني ما أدركني.

ولذلك عليك أن تسعى وليس عليكَ أن تحقق، وعليكَ أن تتعلّم وعليك أن تحدّث بما علمت.

د. محمد أبو موسى

قال أحمد بن محمد بن بنت الشافعي:
سمعت أبي يقول:
أقام الشافعي على العربية وأيام الناس عشرين سنة.
فقلنا له في ذلك.. فقال:
‌‏«ما أردتُ بهذا إلا الاستعانة للفقه»
أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي (٢/ ٤٢)

ما أثر ذلك؟

١- كان الشافعي يقرأ الموطأ على مالك، يقول:
‌‏«أنا قرأت على مالك وكان يعجبه قراءتي»
لأنه كان فصيحاً.

٢- قال أحمد بن حنبل:
‌‏« الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء:
في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه»

٣- (ابن هشام) صاحب المغازي، كان علامة أهل مصر في الغريب والشعر، فقيل له: تأتي الشافعي، فأبى.
فلما كان بعد ذلك قيل له: "إنه وإنه" فأتاه، فذاكره أنساب الرجال.
فقال له الشافعي بعد أن تذاكرا:
‌‏«دع عنك أنساب الرجال فإنها لا تذهب عنا وعنك، وخذ بنا في أنساب النساء».
قال المزني:
‌‏« فلما أخذوا فيها بقي ابن هشام، وكان بعد ذلك يقول:
ما ظننت أن الله خلق مثل هذا.
وكان يقول: قول الشافعي في اللغة حجة»
وكان إذا شك في شيء من اللغة بعث إلى الشافعي فسأله عنه.

٤- قال أبو عبيد القاسم بن سلام:
‌‏«كان الشافعي ممن يؤخذ عنه في اللغة»

٥- قال الأصمعي:
‌‏« صححتُ أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له: محمد بن إدريس الشافعي».

٦- قال أبو الوليد بن الجارود:
‌‏«كان يقال: إن محمد بن إدريس الشافعي لغة وحده، يحتج به كما يحتج بالبطن من العرب»

هذا التمكن والتأهل جعل الشافعي قادراً على تقديم عمل معرفي رائد هو (الرسالة)؛ وابتكار علم جديد مرتكز على اللغة.

"فإنا نعلم أن حروفنا هُذّبت من العبرانية التي أخذت من حروف العرب القديمة الذين أخذ عنهم القبط الكتابة بالتماثيل التي توجد الآن على الأهرام المصرية "

الفراهي رحمه الله تعالى

وكون العربية القديمة أصل للغة الفراعنة مشهور يذكر الباحث الليبي علي خشيم أن بعض البرديات المصرية القديمة يمكن للعربي المعاصر قراءتها
أما كون العربية الحديثة مأخوذة من العبرانية فغريب .

👆🏻 قال أبو الطيب :

نحن أدرى _ وقد سألنا _ بنجدٍ
أقصيرٌ طريقنا أم يطول

وكثير من السؤال اشتياقٌ
وكثير من ردّه تعليلُ

قال الفراهي : ( على هدىً ) على بصيرة أو على صراط فأيهما أردت بقي معنى ( على ) على حاله ...
فأما دخولها على الصراط فظاهر . وأما على النور والبينة والبصيرة ، فلِما أن النور ينبسط فيضيء الطريق للسالك فيمشي عليه ...
هذا وقيل إن( على ) تدل على التمكن وهذا لم يتبين لي ، والله أعلم .

وهو اعتراض خجول لم أره لغيره على إفادة ( على ) معنى التمكن وأول من قال به الزمخشري ثم تتابع عليه الناس .

ومن ينكر المجاز في القرآن يستروح إلى قول الفراهي رحمه الله تعالى .

كان والدي يقول لي : من لم يرطّب لسانه بالقرآن فلا عربية له.
(د سعد مصلوح)

قال رجل لابن خالويه : أريد أن أتعلم من العربية ما أقيم به لساني .
فقال : أنا منذ خمسين سنة أتعلم النحو ، فما تعلمت ما أقيم به لساني .

صدق
فالنحو فائدته أعظم من إصلاح اللسان للكلام
بل إصلاحه للقلب والأذنين ليفهم الكلام العربي

وإنما يكفي في إقامة اللسان كثرة سماع الكلام الفصيح مع قريحة قابلة .

" وحيث رأيت في كتب التفسير قال أهل المعاني فالمراد بهم مصنفوا الكتب في معاني القرآن كالزجاج ومن قبله "

ابن الصلاح

ملامح الاختصار في تفسير الطبري

فاطمة بنت محمد الشاشي

https://atharah.com/features-of-abbreviation-in-the-interpretation-of-al-tabari/

كان بعض الأخوة يشكك في قصة اختصار الطبري لتفسيره يقول كيف يكون عنده أضعاف ما ذكره في تفسيره وهو يذكر للقول الواحد عدة أسانيد .

وفي هذه المقالة بيان لبعض أوجه الاختصار عند الطبري رحمه الله تعالى ، وبيان عدم تعارض الاختصار مع التطويل في ذكر الأسانيد .

ومما لم يذكر في البحث الاختصار بترك تسمية بعض من نزلت فيهم الآيات من المنافقين واليهود .

الرسائل العلمية المتينة من النعم في هذا الزمان ،، غير أن مما يقلل من انتشارها وإقبال الناس على قراءتها ذلك الطول والإسهاب ، الذي يجعل كثيرا من القراء ينصرفون عن الكتاب بسببه ..
كنت أتأمل في كتاب (منهج ابن تيمية المعرفي) للدكتور عبدالله الدعجاني ، ربما تكون من الرسائل النادرة في العشر سنوات الأخيرة .
لكني أجزم أن عدد من انتهى من قراءتها ليس كثيرا وأنا منهم ..
ماذا لو قدم الباحث كتابه مرة أخرى في طبعة مختصرة .. سيكون بهذا قد أوصل أفكاره الرئيسة إلى عدد كبير من القراء .
وجدت هذا في رسالة التقريب بين الأديان والتي استوعبت أربعة أجزاء للدكتور أحمد القاضي ،، ثم بعد سنوات رأى الدكتور أن يختصر الرسالة فأخرجها في مجلد واحد .
وهنا تكون الفائدة قد عمت الجميع بهذا العمل الذكي ..