Telegram Web Link
كما أن البيان آلته اللسان، فالعينان ترجمان الجَنان؛ بل وما لا تنصفه الإبانة اللغوية، تدركه المآقي البصيرة متى انكشفت حجب الذات، فتبصر في النظرة معنى أخفى من ظواهر الكلمات، وقد فطن الشعراء لهذا فقالوا:
‏«أودُّ تقليبَ عيني فيكَ موفيها»
‏ومثله:
‏«دعِ العينَ تأخُذْ منك ما يشتهي القلبُ»
يلذّ عندي الثناء بالموافقة والمشاكلة؛ فما أطيب للنّفس من أن تطوف في فلك النظائر بالنفوس والقيم:
‏«كُفؤَانِ يبدو للنواظر منهما
‏لطف التشابه بالحِلَى والذَاتِ»

‏ومن التكافؤ اللطيف اقتران سحر المآقي بفائحة الطِيب:
‏«بعينيه سحرٌ ظاهرٌ في جفونه
‏وفي نشرهِ طيبٌ كفائحة العِطرِ»
ليست كل صور المودة ظاهرة بيّنة، بل وحليتها في هذا الإبهام، واللذة إنما تكون على قدر فك الإلغاز بالمواقف والزمان= كأن تدرك محبّة الآخر بانصهار لغتيكما في قالب واحد، أو ربّما بتكرار اسمك على نهج آباؤنا الأُوَل:
‏«عِذابٌ على الأفواه ما لم يَذُقْهُمُ
‏عدوٌّ، وبالأفواه أسماؤهم تحلو»
كفى بالمرء نبلًا أن يستر ما انكشف له من إلفه اطمئنانًا في جنابه؛ لا سيما إذا ما تصرّمت حبال ودّهم وانقضى عهد الوصل بينهم، وذلكم أمانٌ مُطلق قد ظفر من حاز منه طرفًا، وهنئ من طاف في فلك أربابه:
‏«فَإِن تُحدِثِ الأَيَّامُ يا مَيُّ بَينَنا
‏فلَا ناشِرٌ سِرًَّا وَلا مُتَغيِّرُ»
سماتٌ لو اجتمعت في فرد ساد العالمين ملاحةً وفضلًا:
‏«لكَ عِفَّةٌ في قدرةٍ، وتواضعٌ
‏في عِزَّةٍ، وشراسةٌ في لِينِ» - ابن التعاويذي
أهل العزمات والمكرمات والمعالي ينجذبون لأشباههم، ولذا تجدهم يحرصون على السمو بمحيطهم حتّى يتألقوا، وهم على هذا لا يخشون من فكرة البساط المسحوب، ولا الضوء المنهوب؛ بل يجدون في ضياء من يحبّونهم ظفرًا مضاعف، تقول لميعة عباس:
‏«أُحبُّك شامخًا في كلِّ أمرٍ
‏ويأسرُني بعينيكَ الذَّكاءُ»
♥️
استحضار "الحاجة للانتماء | Belongingness" ضمن الحاجات الفطرية للإنسان معينٌ على فهم الآخر واحتوائه وتحفيزه للفضائل -قيميًا- وللإنتاج -مهنيًا-، وجوهرها الشعور بالأمان في ظل منظومة/معنى/فرد، ومطلعها يكون بالاشتراك القيمي، فإن اشتركت في بيتك، شركتك، علاقاتك بالقيم= ارتحت بينهم. وممّا أستملحه في تراثنا العربي عنايته بهذه المعاني الوجدانية وحسن ملاحظته لها، فمن موارد السعادة الانتماء والمشاكلة في الروح، وطرف من الشقاء في غربتها:
‏«وما غربةُ الإنسان في شقّة النوى
‏ولكنّها واللهِ في عدم الشكلِ
»
‏ومثله:
‏«فلا تحسبي أنّ الغريب الذي نأى
‏ولكن من تنأين عنهُ غريب
»
تتعاضد الدلالات والقرائن على أن:
‏«لعل ما هوّنت ليس بهيّن
‏ولعل ما شدّدت سوف يهون»

‏ومثله على لسان لافونتين "A person often meets his destiny, on the road he took to avoid it." وهذا واقع ومشاهد وهو ما يعيدنا دائمًا لاستمداد السكينة بالدعاء وسؤال الله التوفيق والسداد والتدبير.
يعش رحبًا ممتدًا من أُسر في قياد فكرة يؤمن بها ومعنى يعيش له ورسالة يهمّه بلاغها، فيما يذوي الفارغ إلا من عيش على فتات الحياة؛ وكما يقول يحيى توفيق:
‏«والفِكْرُ كَالحُبِّ أحْلَى ما نُزَاوِلُهُ
‏لولاهُ لَمْ تَحْلُ آمالٌ وأعْمَارُ»

‏وأي والله بل هو ألذّ وأعذب وأطيب.
من قرائن الاتزان النفسي والنضج في إدارة العلاقات الإنسانية والنُبل التواصلي:
‏«خيرُ الخليلينِ من أغضى لصاحبهِ
‏ولو أرادَ انتصارًا منهُ لاِنتَصَرا»

‏هذا السمو المؤدي للحياة الطيبة؛ في نفسك ومحيطك.
لديّ قناعة راسخة بأن الدعاء حبل المودة الأمتن والأدوم الذي يصلك بأحبابك وإن انقطعت أسباب دنياك عن أسباب دنياهم.
‏«قد استودعتك الرحمن حفظا
‏فأنَّى سرت ظلَّلك الدعاءُ»
♥️
يطربني المعنى في:
«ألا إنّما الإنسان غمدٌ لعقله
ولا خيرَ في غِمدٍ إذا لم يكن نصلُ»


فالغمد هو جراب السيف وغلافه؛ والأصل أن يكون للغمد سيف، فإن لم= فلا طائل منه، وهذا معنى يمكن إسقاطه على الكثير من التصورات والسلوكيات الإنسانية؛ فعلمٌ بلا أدب لا خير فيه، ولا يُستملح الرجل بلا مروءة، ولا الأنثى بلا حياء، ولا الفطن بلا نبلٍ ورحمة، ولا حبٌّ دون أمان وتقدير وهكذا.
ابن عثيمين بين الصمود العلمي والمعارف المتداخلة. 💡💡

أخبار العظماء والكبار له وقع عظيم في النفوس، ويستطيع المرء من خلالها أن يوصل ما يريد من رسائل وتوجيهات، يبثها في ثنايا كلامه.
فالتوجيه والإرشاد إن جاءا في سياق القصص وسير العلماء يكون وقعهما عظيم في النفوس.

ومن تأمل في حاجات الأمة وجدها بأمسِّ الحاجة إلى أهل العلم الراسخين والدعاة الصادقين، فهؤلاء بهم تنهض، وعلى سواعدهم تقوم.

وكثير من الناس لا ينقصه الذكاء ولا القدرات، وإنما ما ينقصه هو حسن إدارته لحياته وتوظيفه لقدراته.

وبين يدينا مقالان نافعان جدًا للشيخ الدكتور سليمان العبودي، تحدث فيهما عن أمرين مهمين، إذا تنبّه لهما الشخص وصاحب الهدف والطموح؛ كان لهما عظيم البركة عليه وعلى سيره العلمي والدعوي، وجنى ثمار صبره وبذله.

وكان النموذج الحاضر في هذين المقالين شخصية علمية تعدُّ من أكبر الشخصيات الفقهية في القرن الماضي ألا هو الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

فالمقال الأول هو : الصمود في زمن الركود العلمي.

وهذا المقال فيه حديث عن مدة من الزمن في القرن الماضي حصل فيها ركود علمي وانشغال الناس بأمور التجارة والسياسة وغيره من الأحداث التي فُتحت عليهم، وكادت أن تصرف الشيخ عن العلم، وكيف عاد الشيخ بعد ذلك إلى دروس شيخه السعدي، وصمد حتى بلغ ما بلغ، و(كم يريد الله خيرًا بالشاب إذا انكب على مطلوبه في زمن صدود الناس إلى هموم كثيرة، فربما كان يوما ما إمامَ الفن أو المجال الذي يطلبه بلا منازع)

والمقال الثاني: المعارف المتداخلة.

وفيه حديث عن براعة الشيخ(في صهر مادته النصوصية الفقهية العقدية الأصولية النحوية التفسيرية في إناء واحد، فكانت خالصة سائغة للشاربين)

ثم تشعّب الحديث عن أكبر رافدَين ساهما في رسوخ المعارف في صدر الشيخ وتداخلها والتقائها على أمر قد قُدِرَ هما: التأمل، ومداومة النظر

ويسرني أن أضع هذي المقالين بين يديك، اقرأهما، وانشرهما فيمن حولك، حتمًا ستجدون فيهما ما يُمتع ويفيد .



ـ الصمود زمن الركود العلمي.

http://www.saaid.net/Doat/solaiman/20.htm


ـ المعارف المتداخلة.

http://www.saaid.net/Doat/solaiman/25.htm


https://www.tg-me.com/t_hssan
«قد أيقظَ العيدُ البهيُّ عيونه
‏فأهلّ في الأكوانِ عيدٌ آخرُ
» ♥️
‏أعادكم الله على من تحبّون أزمنة عديدة، وبثّ بكم سرور البشائر والأعياد أعوامًا مديدة، ثمّ الحمدلله على نعمة العيد والأهل والأصحاب والأحباب في كلّ حال.
2024/07/01 01:34:18
Back to Top
HTML Embed Code: