Telegram Web Link
كيف ستمنع الباطنية بل وحتى النصارى أن يعبثوا في دلالات القرآن كيف شاؤوا، إذا كنت لا تقيم وزنا لقواعد فهم النص المستمدة من اللغة والنصوص والتي يقررها ويدلل لها علم أصول الفقه، ولا تقيم وزنا للإجماع، فكيف ستمنع النصراني مثلا من أن يدعي أن البسملة تدل على التثليث لأن فيها ثلاثة أسماء ونحو هذا من السخافات!!

فإذا كنت تستنكر هذا فلتستنكر ما هو من جنسه من التحريفات باسم إعادة قراءة النص والتجديد ونقد الموروث، فمن ينكر معلوما من الدين بالضرورة كفرضية الحجاب، أو ينكر كفر النصارى وغيرهم ممن لم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، بحجة إعادة الفهم، فهو تماما كالنصراني الذي يحتج بالبسملة على التثليث أو الباطني الذي يقول أن الحج هو زيارة المشايخ، ولا فرق، كله اتباع للهوى بعد هدر الإجماع والخروج على القواعد الأصولية التي أجمع عليها سلف الأمة، ومضت عليها القرون قبل أن يخرج علينا المفتونون بفلسفات الغرب، الذين تضيق صدورهم بكثير من أحكام الدين التي لا تتسق مع تلك الفلسفات.

#دحض_الأباطيل

منشور سابق عن نقد الموروث وشناعة اللوازم
https://www.tg-me.com/ttangawi/109
Forwarded from رسائل..
#إضاءة_منهجية (29)

الطبيعة الغائبة

للحياة غاية، ولها طبيعة تنسجم مع هذه الغاية، وأسعد الناس نفسا ومآلا هو من ينسجم مع هذه الغاية ويفهم هذه الطبيعة، والعكس بالعكس.

وهذه الغاية محددة ومحسومة من خالق الحياة، {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}، وكذلك الطبيعة {كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا}.

إذا غاية خلق الحياة هي ابتلاؤنا من ناحية حسن العمل، وقد خلقنا لعبادة الله وحده، وذلك رأس العدل والإحسان، وأساس حسن العمل، ثم تتفرع وتقوم الأعمال الحسنة على هذا، جميلة الأساس والمضمون والثمار.

وليؤتي هذا التصور المنهجي ثمرته، لابد لنا أن نستحضر المعنى الشامل للابتلاء، بما فيه من فرص وآلام، وبذل وكف، وإتيان وترك، ومشقة ويسر، وتعجيل وتأخير، وجزاء وعقاب وإمهال، وكل ذلك من باب الواقعية والحقائق، وإن كانت عجلة النفوس تهرب من هذه النقطة.

فإذا حضر هذا التصور في الذهن، فهم الإنسان ما يرى أنه تأخر للنصر، أو طول للآلام، لأن لهذه الأقدار حكمة تتسق مع طبيعة الدار، فهناك من يبتلى بذلك فيخرج معدنه وتستخرج عبوديته، {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}

وأيضا لابد من استحضار ثنائية الدنيا والآخرة، العاجلة الفانية القصيرة والباقية الأبدية، دار الابتلاء ودار الجزاء، وكل ما بينهما من فروق ضخمة هي جزء هام من هذا التصور المنهجي. وهذا أيضا إذا حضر فهم الإنسان أنه ليس لهذه الآلام بقاء، وأن للصبر جزاء، وأن عليه استثمار الدنيا للآخرة.

وهنا أيضا يتسع الأفق، فيعلم العبد أن مصالح الآخرة أعظم، وأن مراعاتها أمر مقدم، ويفهم حينها أن الشرع قد يتضمن تفويت مصلحة هي أدنى بهذا الاعتبار لأجل مصلحة أعلى، فتسترخص الدنيا بما فيها لأجل موعود دار الخلود.

وليس الأمر متعلقا بالأقدار فحسب، بل كذلك بالأحكام، وخذ مثلا حد السرقة، فمع كونه لا يقام إلا لنوع معين من أخذ المال بخفاء بشروط معينة تضيّق وقوعه، ومع كونه يؤدي للردع وتحصيل مصالح كبيرة، إلا أن ثنائية الدنيا والآخرة تُحضِرُ هنا أيضا بعداً آخر، وهو أن هذا الفقد المستحق لليد فقد مؤقت، وهو بعد التوبة ابتلاء متسق مع طبيعة الدار وهي طبيعة النقص، وسيزول لأن طبيعتها الفناء والقصر.

وهكذا كل ما فيه ألم ومفسدة مؤقتة اغتفرت لمصلحة أرجح، كله يفهم إذا حضرت هذه الأبعاد التي تفرضها طبيعة الدار، مثل ما يكون على الكفار إذا انهزموا وأسروا من ذهاب الأموال وغيره مما يشتمل على ألم نتج عن جرم الكفر والمقاتلة، ولكنه يؤول إلى انتفاعهم هم بدخولهم في حكم الإسلام العادل الرحيم، والتسبب في إسلامهم ورجوعهم بخيري الدنيا والآخرة، قال تعالى : {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم}.

بل إن أصل التكليف بالواجبات هو عبارة عن اختبار، ووجودنا هنا مرتبط به، فلسنا هنا لنخلد، ولسنا في مقام سيادة على ما في دنيانا، بل قد سخرت لنا كعباد نبتلى بها أنشكر ونطيع عبودية للرب الخالق المنعم أم نكفر، وبهذا نعلم أن ما هنا هو من باب الوسيلة لا الغاية، وأن إنجازات من انجز في الدنيا على أنها غاية يسود فيها الإنسان خارجا عن نظام العبودية، هي ليست إنجازات تتسق مع طبيعة الحياة، ومهما بدت نافعة من زاوية دنيوية ضيقة، فهي مؤقتة زائلة، وإذا لم يقصد بها التوسل لغاية الوجود، ولم يتعامل معها على هذا الأساس، فليس صاحبها سوى مفتون لا يعقل! {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}، وقد ضل عن أكبر حقيقة وانشغل بما لن ينفعه في حياته الأبدية مادام أتاه على أنه غاية في ذاته، لا وسيلة لغاية الخلق {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}

ومن انعكاسات هذه الرؤية، أن تدرك طبيعة النقص فيك وفي غيرك من الأحياء والجمادات، فلا تبحث عن الكمال المطلق، ولكن ابحث عن التكامل الذي يسوقك للغاية، وانظر لسنة التسخير وأنك مكنت لتبتلى، وأن الأنثى تكملك وأنت تكملها، والفقير يكملك وأنت تكمله، وليس في شيء من خلقة البشر ما يوجب الصراع مع بعضهم، بل هو التكامل سعيا للغاية، ذكرهم وأنثاهم، عربهم وعجمهم، إلا من خرج على غاية الخلق، فكان الصراع معه متسقا مع الغاية داخلا ضمن طبيعة الابتلاء، وفي الحديث القدسي (إنما بعثتك لأبتليك وابتلي بك)، وتأمل الاتساق بين غايتي الخلق والبعثة.

إذا تأملت جيدا ما سبق، وتأملت أحوال الساخطين على القدر والشرع، وجدت أنهم يعيشون على أن الدنيا هي الغاية، ويتعاملون معها كأنها دار البقاء، ويسعون فيها للحياة الكاملة، ويزنون المصالح بميزانها لا بالميزان الشمولي الذي يضعها في مكانها، فيعيشون في تنافر مع الغاية الحقيقية، فربنا يريد الدنيا للآخرة وقضى الأقدار والشرائع على هذا الميزان، وهم يعكسون ذلك، فلا عجب أن تتنافر نظراتهم مع سنن الله الكونية وأحكامه الشرعية.
حاول بعضهم التشكيك في ارتباط قصة أصحاب الفيل بغزو الكعبة كما هو معلوم في الحادثة المشهورة، محتجا بنقش يؤرخ لغزو قام به أبرهة قبل تاريخ القصة بسنين، مع ما ذكره مؤرخ أعجمي عن تاريخ وفاة سابق لقصة الفيل

وزاد بعضهم بأن ربط القصة بغزو مكة جاء عند ابن إسحاق أولا ولم يذكر في حديث قبله!

الجواب من وجوه :

أولا: العلم بوقوع الحادثة حاصل بالتواتر، وهو من طرق العلم اليقيني، والقصة حصلت للجيل السابق للنبي صلى الله عليه وسلم (أقاربه) وأرخت بها ولادته، ولو كان فيها أدنى شك لما تبعه أحد أصلا، وكانت أولى بالتساؤل من قصة ذي القرنين مثلا.

ثانيا: ثبت في الصحيح في غير ما حديث ربط قصة الفيل بمكة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حبس عن مكة الفيل)، وقال : (حبسها حابس الفيل). ووقع إجماع المسلمين على أصل القصة، ولا يضر الجهل أو الخلاف ببعض التفاصيل، ولا يلزم منه الشك بأصل القصة، وهذا في كل حقائق التاريخ كما يعلم كل عاقل.

ثالثا: حصر الاستدلال على حقائق التاريخ في الآثار الحسية وترك الأخبار القطعية وأدلة العقل الواضحة هو من قبيل الاختزال في مصادر المعرفة، وهو خلل منهجي، فضلا عن أن غاية مضامين النقوش أنها أخبار يدخل عليها ما يدخل على الأخبار من احتمالات الوهم والغلط.

رابعا : لا يلزم من ما في النقش من ذكر غزوة نفي وقوع غيرها! ولا علاقة لتاريخ وفاة أبرهة بذلك، بل هو مأخوذ من مؤرخ يعارضه ما أخبر عنه العرب بالتواتر، و القطعي يقدم على الظني فضلا عن الظنون الضعيفة، وظنية تحديد تواريخ الوفاة أمر شائع ويدخله الغلط كثيرا.

خامسا: القرآن يخاطب العرب بهذه القصة وغيرها لأجل الاعتبار، وقد بدأت السورة بقوله تعالى {ألم تر}، وهذا يشعر بأن المخاطب يعلم بالقصة علما ظاهرا لشهرتها، ولو كان الأمر على غير ذلك لنفى أعداؤه الحريصون على تكذيبه القصة، خاصة مع اشتهار الخبر لارتباطه بالسورة وبملك معروف في زمن قريب.

سادسا: مع ثبوت الخبر يقينا فكل ما يتوهم أنه يعارضه هو من باب الإشكال الذي لا تتوقف الصحة على رفعه، فالعبرة بالأدلة والإشكالات تفهم في ضوئها، كقولهم لم لم تدون ذلك العرب، فالعرب أرخت به واشتهر فيها وأقرته، وكانت أمة حفظ وسماع، وقصائدها تدون أخبارها وقد حصل ذلك.

وكذلك كل استشكال للخبر عسكريا أو لوجستيا - كما يقال-، فعدم العلم بالتفاصيل المتعلقة بذلك وكيفياتها ليس علما بالعدم كما هو معلوم عقلا. (انظر : https://www.tg-me.com/amohawer/18)

📌وأخيرا.. من المؤلم حقا أنا صرنا نحتاج لدفع الاستشكالات حتى عن المتواترات! وصار في المنتسبين للأمة من يقبل التشكيك في ما أجمع عليه علماء الأمة بل وعامتها، في مظهر دال على الجهل بقيمة علوم المسلمين وضعف الثقة بمصداقيتها، وهذا يجعل الإنسان هشا يقع ضحية لكل من يغالط.

ولو أننا فقط نستحضر حفظ الله لهذا الدين وما يتعلق به من علوم، و نستحضر أنه جعل هذه الأمة بمجموعها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فعصمها عن الاجتماع على ضلالة، لكان هذا كافيا بذاته في رد كل هذه المغالطات التي تثار ولو لم يطلع الإنسان على وجه غلطها تفصيلا، لأن عنده من الأصول الكلية ما يردها ويكشف تهافتها. (انظر :https://www.tg-me.com/ttangawi/109)

#شبهة_ورد
#دحض_الأباطيل
‏قوة الحق وهشاشة الباطل

"أنا ألتزم أنه لايحتج مبطل بآية أو حديث صحيح على باطله إلا وفي ذلك الدليل مايدل على نقيض قوله". ابن تيمية

‌‏ويقول:نفس الدليل الذي يحتج به المبطل..إذا
أعطي حقه وتميز مافيه من حق وباطل..تبين أنه يدل على فساد قول المبطل المحتج به..

‎ انتهى

أمثلة معاصرة :

🔹 دعوى انحصار المعرفة في التجريب الحسي تتضمن الاستدلال العقلي على صحته وبطلان ماسواه، ويتضمن هو توظيف الاستقراء والاستنباط والسببية آلخ

🔹 دعوى أن العقلانية في نفي غير المحسوسات، تتضمن الإقرار بالتعقل وهو معنى غير محسوس ولاوجود له تشريحيا!
Forwarded from رسائل..
كثير من الثغرات التي يصيح عليها المهتمون ويلومون عليها الباحثين ونحوهم هي ثغرات وهمية، أي ثغرات في ذهن ذلك الصائح، لأن ثمة نتاج علمي يغطيها وربما بإتقان شديد، لكن كثير من الناس يستمتع بالصياح على الثغرات ثم لا يسمع له صوت في استثمار الجهود التي بذلت أو تبذل

الأزمة كثيرا ما تكون أزمة استثمار لا أزمة إيجاد

#زفرات
طارق | التعزيز المنهجي لليقين
#إضاءة_منهجية (٢٨) السلّم: العمق الخفي! كثيرا ما يركز المرء على القشرة السطحية للمواقف والآراء والاستشكالات، سواء كانت أفكارا ومواقف لأفراد أو جماعات أو ثقافات، فيغيب الفهم العميق والمعالجة العميقة المبنية عليه، ومن أبرز الأعماق المغيبة تلك: عمق القيم.. …
في نظري أن أعظم الأسباب العلمية للوقوع في الانحرافات الفكرية تأثرا بموجة الشبهات هو اختلالات القيم، وهي أعظم ميادين الصراع التي يعمل عليها معادو هذا الدين للتشكيك فيه بصورة عميقة وغير مباشرة في نفس الوقت، ولولا هذه الاختلالات لما نفذت الشبه ولو كان لدى الإنسان ضعف في قدراته النقدية

المزيد :

https://www.tg-me.com/amohawer/226
بعض الناس يعيش حالة تضخم عال في قيمة الحرية، ربما يصل إلى التصريح بأنها مقدمة على التسليم لله، وهذا التصريح يدل على أنها صارت أعظم عنده من قيمة حق الله والعبودية له والتي هي غاية الخلق

وحتى حين لا يوجد هذا التصريح، فكثير من المواقف تصرح بذلك، وأولويات الشخص ووزنه للأمور كثيرا ما تنطق بذلك بلا احتمال

ومع ذلك، بعض هؤلاء يُظهر في طرحه أنه لا يرى مشكلة بين هذا الترتيب للقيم وبين كونه مسلما، بل ربما زعم أن هذا من الإسلام وأورد عليه بعض المتشابهات لتبريره، وكثير من الناس يقع في التباس بسبب ذلك، وربما ساعد عليه أن من يرد على هذا الانحراف يحصر النقاش في مساحات فقهية تفصيلية تخفي حقيقة الجذور القيمية والتي تمثل ذروة الانحراف، ويتضح منها أنه انحراف لا يمكن لمن أدرك حقيقته أن يلتبس عليه

إضاءة سابقة عن القيم :
https://www.tg-me.com/amohawer/226

#الحرية
#القيم
لابد للإنسان أن يدرك جيدا أن آرائه النسبية ومشاعره ليست أدلة عقلية أو مقاييس مطلقة مرجعية، فما كل ما دار في خلدك عقل قاطع، بل فيه ظنيات بل أوهام ووساوس وأمور لا تعد من قبيل أحكام العقل

وبمجرد هذا التمييز تسقط كثير من الاعتراضات على الأحاديث والأحكام، التي يعترض بها وتقدم بسذاجة أو تلبيس على أنها عقل!

إضاءة سابقة عن #العقل :
https://www.tg-me.com/amohawer/27
https://www.tg-me.com/amohawer/28
حادثة رهف وتناقضات الرؤى الكونية في المعالجات الفكرية

(1/2)

لا يمكن أن تقوم لك منظومة من القيم بدون رؤية كلية مرجعية، أو رؤية كونية كما يسميها البعض، ولا يمكن أن تؤثر في منظومات القيم عند الناس دون أن يؤدي ذلك إلى انعكاسات على مستوى الرؤية الكلية المرجعية.

فعندما تدندن على الحرية أو الإنسانية وتضخّم قيمتها إلى حد يجعلها تنطبع في النفوس كقيمة عليا ورؤية كونية، فليس لك بعد ذلك أن تستغرب حين تخرج لك تطبيقات صارخة وصادمة لكنها متسقة مع الرؤية الكونية التي شكّلتها بذلك الضخ والنفخ فيها، وليس من الاتساق مع نفسك بعد ذلك أن تمارس الانتقائية فتجرّم هذه التطبيقات، باستخدام مصطلحات تنتمي لرؤية كونية أخرى مثل الدين واحترام الأسرة، فأنت بذلك كمن يزرع الشوك ثم يطلب العنب.

ولنقتبس بعض المقتطفات التي تنم عن فهم عميق لهذه القضية من الداخل الفلسفي الغربي نفسه، حيث يقول بروفسور الفلسفة مارك شيري عن اللجوء المعاصر إلى استدعاء حقوق الإنسان الأساسية أنه:
"محاولة لإبعاد أي تقييد لسلطة الدولة من الواقع الأخلاقي المحلي أو الثقافي أو المجتمعي أو الديني. إن الادعاء المضمن في ذلك الاستدعاء هو أن جميع الناس مرتبطون أخلاقيا بدون تاريخ سياسي مشترك أو اعتقاد مشترك أو رؤية أخلاقية مشتركة.. والمأمول من ذلك أنه من خلال" حقوق الإنسان العالمية" هذه ستكشف الأخلاقية العلمانية عن مجتمع لجميع الأشخاص لايسوغه الإيمان، بل الاستنتاج العقلي فقط "

ويقتبس شيري عن ديفيد ليتل قوله: " الفكرة الأساسية من حقوق الإنسان هي أنها رابطة ومتوفرة بغض النظر عن الهوية أو الرؤية العالمية.. ". يقول شيري: "إنه إعلان النسخة العلمانية الموازية للأخلاقيات الدينية.."، ثم ذكر شيري ماملخصه أن لغة حقوق الإنسان تلعب دورا مهما للحكومات العلمانية في "التشريع"، حيث تعفيهم من تقديم الدليل على مايقدمونه على أنه تطبيق لهذه الحقوق، مع التوظيف المتحكم للغة الإعلام والأجندة السياسية، بما يجعل من يعارض يبدو كشرير أو غريب الأطوار أو متبع للخرافات أو كأصولي يتبع تدينا غير منطقي(1).

وقد أحسن شيري في إبراز مستوى الرؤية الكونية التي تقف خلف هذه التطبيقات التي قد يتصورها البعض على أنها منظومات قيمية جزئية لا تحتاج سوى أن نتحفظ على بعض المواضع المخالفة للشرع فيها، ثم نستطيع أن نتبناها في الجملة ونوظف لغتها وآلياتها، وكأن الإسلام أتى بتعاليم متناثرة لا تجمعها رؤية كلية مرجعية شاملة.. وكأن هذه التطبيقات لم تنشأ تاريخيا كثورة على الرؤية الدينية وإحلال لها، وإن كانت في وقتها رؤية محرفة عبث بها البشر ووظفوها لطغيانهم، لكن الإحلال والاستبعاد لهيمنة الدين ركن راسخ تقوم عليه هذه التطبيقات.

وقل مثل ذلك في تبنّي حقل فلسفة الأخلاق الغربي في مجال الطبّ مثلاً, باسم الأخلاقيات الحيوية أو الطبّية, بدون وعي أنّ ما يسمّى بالأخلاقيات الحيوية Bioethics"" هي نتاج تمرد ليبرالي ضد وصاية الأخلاقيات الطبّية القديمة المتأثرة بالدين النصراني, ولذلك نجدها ترفض وصاية الطبيب وتشبّهه بالأبوية الكنسيّة, وتنصّ على السيادة الذاتية للإنسان على نفسه, وهو مبدأ فلسفي مركزي له سياقات أوسع.. وقل مثل ذلك في مبدأ سيادة القانون, وغيرها من إفرازات الفلسفات العلمانية التي تحلّ محل الرؤية الكونية الدينية.
حادثة رهف وتناقضات الرؤى الكونية في المعالجات الفكرية

(2/2)

فالذي يريد أن يقتات على منتجات الأمم الأخرى بعيدا عن رؤاها الكونية يطلب مستحيلا، و الانتقائية ستنتج تناقضات نظرية وتفرز تناقضات عملية مطردة, ليست بعض المعالجات الفكرية لموقف هرب رهف بإلحادها إلى حيث تطبق تلك الرؤى باتساق سوى مفردة في سلسلتها المتتابعة.

ووجه التناقض في حادثة رهف المتّصل بموضوعنا هو جمع بعض المستنكرين بين تبّني الرؤية الكونية السائدة في الغرب, وبين المطالبة بحفظ الأسرة واستنكار حادثة رهف من هذه الزاوية, مع الإصرار بأنّ تلك المطالبة لا تتنافى مع حقوق الإنسان, لأنّ من المطلوب الحفاظ على قيم الأسرة! هكذا في محاولة للجمع بين رؤيتين كونيتين متناقضتين. ولبيان حجم المفارقة بين المطالبة بمنتجات رؤية والتمسّك بالرؤية المناقضة, لنتأمل الاقتباس التالي لمارك شيري أيضاً, حيث وضع عنواناً فرعياً تحت حديثه عن إيديولوجية الأخلاقيات الحيوية يقول:

"المثال(1): حقوق الإنسان وتدمير الأسرة" !

تحدث تحته عن جهود الأخلاقيات الحيوية الغربية المعاصرة في الحدّ من سلطة الآباء في اتخاذ القرار للأطفال, ونقد فرضية أنّ الأطفال الصغار مستقلون ويجب تمكينهم من اتخاذ قراراتهم الأخلاقية المتعلّقة بنمط حياتهم في أقرب إمكانية ولأبعد مدى ممكن, وتحدّث عن إعلان الأمم المتحدّة لحقوق الطفل ودوره في تعزيز نزعة الحرية الفردية والسيادة الذاتية لكل طفل, مع النصّ على أنّ من حقوق الإنسان الأساسية للطفل أن يتلقّى كل أنواع المعلومات الفكرية والدينية, وأن يتمتّع بالخصوصية, ويعبّر عن رأيه ويمكّن من التجمّع وغير ذلك, وهذه الحقوق يحصّلها الطفل جبراً باللجوء للسلطة ضد والديه, وبهذا يتم تجريد الوالدين من كثير من الأدوار التربوية خاصة الدينية(2).

ومن نافلة القول أنّ غرضنا هنا ليس بيان نقاط الاتفاق والاختلاف بين إفرازات تلك الرؤى الكونية وتطبيقاتها وبين الإسلام, بل الغرض من المقال أصالة هو التنبيه على السياق الأعلى المتعلق بمستوى الرؤى الكونية, في ظلّ اتجاه المعالجات الفكرية السائدة إلى مستويات تطبيقية تفصيلية تغيّب هذا المستوى الأهمّ والأخطر.

وهذا ما يجب أن يتنبّه له المفكّرون من أصحاب الغيرة على الإسلام, فالحاجة ماسّة إلى التذكير بأنّ الإسلام هو رؤية الوجود الصحيحة, وأنّ كلّ مجالات البحث الفلسفي -التي يهرب للاستيراد من فلسفات البشر فيها من لم يأخذوا الإسلام بشموليته كما أنزل- هي من صميم مهمات بيانه وغايته, ابتداء من بيان سبب الوجود وانتهاء إلى غايته, وبياناً لموضع الإنسان في هذا الوجود وعلاقته بخالقه, ووقوعه في موقع العبودية والتسليم لمنهج هذا الخالق, في مستواه الكلّي الذي يغذّي الإنسان بالتصورات الكبرى في مختلف المجالات, وفي مستواه التفصيلي الذي يعالج كل احتياجاته بالمنظومات القيمية والأحكام, فهو منهج حياة متكامل يفصّل الحقوق وأعلاها حقّ الله, ويبيّن الواجبات بصورة متناسقة متوازنة شمولية لم يعرف الإنسان لها نظيراً ولا مقارباً, وحين نأخذ الإسلام بشموليّته هذه, ولا نأخذ منه أجزاءً نخلطها بمفرزات الرؤى الكونية البشرية, حينها ستتحقّق الحقوق بمفهومها الصحيح المتّسق مع رؤية الوجود الصحيحة, ولن نحتاج لأجل ذلك إلى هذا الخلط الحاصل, والذي سيستمر في أفراز التناقضات بلا نهاية.

إضاءة ذات صلة عن القيم :
https://www.tg-me.com/amohawer/226


____
(1) Mark J. Cherry, Bioethics as Political Ideology. in: H. Tristram Engelhardt, Jr. , Editor, BIOETHICS CRITICALLY RECONSIDERED. P.110-111
(2) Mark J. Cherry. P.100-101

#مقال
#نقد_الفلسفات

رابط المقال بصفحة خارجية :
https://justpaste.it/678za
Forwarded from رسائل..
{أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة..} الآيةالنمل:60
{ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون}النحل:6
{ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين}الحجر:16
#تدبر : وجود ماهو جمال لنا في المخلوقات،على ماذا يدل؟ما غاياته؟
#شارك برد على التغريدة:

https://twitter.com/ttmangawi/status/1086206664762683393?s=19
يضاف لواحد واثنين : فئة المربين ممن يحتك بالشباب والفتيات ليتعلم كيف يتعامل مع الحالات المتأثرة بموجة التشكيك في أصول الإسلام
Forwarded from رسائل..
الكمال*البيان*الحفظ *الخيرية

🔹خصال امتن الله بها على الأمة، والامتنان يكون بنعمة مشهودة الآثار

🔹بهذه الخصال أغلق الباب على المحرفين في فهم الدين باسم التجديد والتصحيح

🔶الكمال {اليوم أكملت لكم دينكم}

📌 فالدين كامل في ذلك الوقت وفي كل وقت

🔶البيان {.. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم (16)}

📌فالدين في نفسه بين واضح يهدي

🔶الحفظ {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

📌فالدين محفوظ عموما حفظ نصوص ومعان في كل وقت

🔶الخيرية {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}

📌فالأمة لا تجتمع على الأمر بمنكر ولا النهي عن معروف، فإجماعها حق ولا يخلو زمن عن قائل بحق لأنها لا تجتمع كلها على خلافه

#دحض_الأباطيل
#تدبر
#الإجماع
#فهم_الدين
Forwarded from معارج اليقين
🎊 بشآئر 🎊

أسعد الله صباحكم متابعينا الكرام 🌷

اليومَ أتمَمنا -بفضل الله- عامًا مضى على انطلاقة قناة #معارج_اليقين، عامًا حرصنا فيه أن نعرج سويًا ونرتقي علوًّا في درجات اليقين بوجود الله -عز وجل- وكماله، تارةً بذكر البرهان والدليل الذي يُلجم كل مُشكِّكٍ ويُذهِب حيرة كل متردّد، وتارةً بتأمُّل بعضِ آيات الله المُشاهَدة في كونه المنظور، والتي لا يملك القلب بعد التفكّر في عظمتها وإحكامها إلا أن يقول: {رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ}...

وقد لمسنا -بحمد الله- أثرًا حسنًا لنشر هذه المواد، ممّا شجعنا على استكمال المسيرة بهمّة أكبر، وعزم على السعي في تعزيز اليقين بكل أصول الإسلام وعقائده؛ لتكون الثمرة أكبر والفائدة أعظم بحول الله وقوته.

🎉 لذا نُبشّر متابعينا الكرام بأننا -مع بداية عامنا الثاني في القناة- سنتحدث -إن شاء الله- عن دلائل صحة أصول الإسلام كلها لنُعزز اليقين بها،

↜ فسنقف مع بعض براهين صحة نسبة القرآن لربّ العالمين، وأوجه الإعجاز فيه،

↜وسنتحدث عن أدلة صدق المصطفى -ﷺ- وبراهين نبوته،

↜وسنهتم أيضًا بذكرِ أمثلة من محاسن دين الإسلام ونقف على عظمة تشريعاته وجمالها؛ لنزداد حبًا للإسلام وثقة في تشريعاته وحسن مآلها، بعد التعرف على صحة أصوله والتيقّن من أنه دين الحق؛ فيزداد القلب -بإذن ربّه- اطمئنانًا وثباتًا عليه.

📩 💌 ونزولًا عند رغبة بعض متابعينا الكرام، نبشّركم بالتجهيز لسلسلةٍ عن كيفية #الثبات على الدين وعدم التأثر بالفتن والشبهات، وسننشر محتواها على القناة،

📚ولن نغفل عن المرور على مصادر المعرفة وبيان منزلة العقل في الإسلام وغير ذلك من الموضوعات..

📱 كل هذا بمواد جذابة، وأسلوب شيّق، مع الحرص على التنويع في طرق العرض.

🌟 فأبشروا بكل خير قادم، وشاركونا في نشر القناة..

واستعدوا وكونوا بالقرب لنتدرج سويًا في معارج اليقين🌷💫

💟 حساباتنا:

تويتر :
https://twitter.com/maarejyaqeen

فايسبوك :
https://www.facebook.com/maarejyaqeen

تليجرام :
https://www.tg-me.com/maarejyaqeen

انستاغرام :
https://instagram.com/maarejyaqeen
يقف أمامك بجسمه المكون من أكثر من 20 تريليون خلية ، كل خلية منها تحوي جسور ومصانع ونظام تشفير معقد متقن في الشيفرة الوراثية .
وينظر إليك بعينيه التي تحوي نظام تصوير مميز للألوان ، وبدقة مذهلة مع آلية خيالية لتخزين الصورة المتحركة والساكنة ، بل وتفسيرها بواسطة الدماغ وتحليلها بأقل من الثانية .!
وبقوامه المعتدل الذي يدار من قبل 640 عضلة .
ناسيًا قلبه الذي يعمل منذ أكثر من عشرين سنة ليلًا ونهارًا ، في النوم واليقظة ، بلا صيانة خارجية .!
ثم يصدر الأمر من عقله الذي كتبت في أجزائه الرسائل العلمية المحكمة ومازال فيه من الغموض ما فيه بتحريك اللسان المرتبط بالفك ب17 عضلة .
ليسألك بذكاء خارق للعادة !!
أين الدليل على وجود الخالق ؟
لا ندري أي الجوابين أنسب في هذا المقام :

"وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ"
أم
" قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ"

*منقول
طارق | التعزيز المنهجي لليقين
الكمال*البيان*الحفظ *الخيرية 🔹خصال امتن الله بها على الأمة، والامتنان يكون بنعمة مشهودة الآثار 🔹بهذه الخصال أغلق الباب على المحرفين في فهم الدين باسم التجديد والتصحيح 🔶الكمال {اليوم أكملت لكم دينكم} 📌 فالدين كامل في ذلك الوقت وفي كل وقت 🔶البيان {.. قد…
إذا كان الفهم الصحيح للدين يتطلب اطراح فهم السلف والإجماع والموروث من كتب التفسير والفقه وغيره، فأين علم الأحكام الذي يمثل الفهم الصحيح للدين والذي يمثل نظام الحياة الذي نعيش وفقه؟ أم أنه ومنذ 14 قرنا لم يكتشف حتى الآن؟ أو أن المهم الآن أن نصدق هؤلاء الزنادقة في تضليلهم للأمة وأئمتها وهم لا يقدمون سوى التشكيك والنقد الموتور المضطرب اللامنهجي؟! أو أن المسلم مطلوب منه أن يسلم نفسه للسائد في الحضارة الغربية ويقبل نظمها العلمانية ويعلن إيمانه بدين الإنسانية وربوبية الإنسان واستغنائه بعقله المزعوم عن الوحي

#هات_من_الآخر
#دحض_الأباطيل

ينظر:

https://www.tg-me.com/amohawer/252
2024/09/29 01:26:44
Back to Top
HTML Embed Code: