Telegram Web Link
📚 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

🍃 ((ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام)).

🌹رواه البخاري 🌹


#اللهم_صل_وسلم_وبارك_على_سيدنا_محمد
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
8️⃣

من أسباب رقي الصحابة:
تصريح النبي ﷺ بخيريتهم

السبب الثالث:
أن النبي ﷺ قد صرح بأن هذا الجيل هو خير الأجيال على الإطلاق،
فقد روى البخاري ومسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله ﷺ قال: (إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
فهذه شهادة من رسول الله ﷺ ، وقضي الأمر بذلك،
قال عمران: فلا أدري أقال رسول الله ﷺ بعد قرنه مرتين أو ثلاثاً؟
يعني: هل قال: ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم مرتين أو ثلاث؟
لكن المهم أن خير الأجيال وخير الناس هو قرن رسول الله ﷺ ، أو جيل رسول الله ﷺ .
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله ﷺ : (لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، قالها مرتين، ثم قال: فوالذي نفسي بيده لو أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)،
وتخيل لو أنك تملك ذهباًَ كجبل أحد، ثم أنفقته كله في سبيل الله، فإن ذلك لا يساوي ما أنفقه الصحابي، وإن كان ما أنفقه كمقدار المد، أي: مد الكفين، وتخيل واحداً من الصحابة ينفق ملء الكفين فقط يساوي قدر جبل أحد من الإنفاق، لأن لهم أجر السبق في الإسلام، فهم الذين علمونا الإنفاق، وهم الذين علمونا الجهاد في سبيل الله، وكيف يمكن أن نقهر النفس ونصرف الأموال في سبيل الله عز وجل،
وهذا يعطيهم الأجر العظيم والدرجة التي ذكرها رسول الله ﷺ بالتصريح أنهم خير الناس وخير القرون وخير الأجيال.
من كل ما سبق يتضح لنا أننا نتعامل في هذه المجموعة مع أرقى جيل في الوجود، مع الجيل الذي يصلح تماماً أن يتخذ قدوة كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة.
يعني: نحن نرى أناساً كثيرين وعظماء يعيشون بيننا، لكن الله أعلم بمن سيثبت منهم على الحق، ومن فيهم الذي سيغير ويبدل، لكن الذي قد مات علمنا أنه قد مات على الحق وبالذات جيل الصحابة، ثم قال عبد الله بن مسعود: أولئك أصحاب محمد ﷺ ، كانوا أفضل هذه الأمة.
ولا أحد يقول: إن هذا يزكي أو يُعظِّم نفسه، لا، فهو يذكر حقيقة لا بد أن يعلمها كل المسلمين، وإذا علموها استفادوا منها استفادة جمة؛ لذلك وجب عليه أن يذكر بهذا الأمر، وكتمان هذه الحقيقة كتمان لعلم مهم جداً، ألا وهو علم تقدير الصحابة وتعظيم الصحابة وتكريم هذا الجيل بأكمله؛ لأنهم جيل القدوة، ثم يقول عبد الله بن مسعود: أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
لذلك في هذه المجموعة سنجعل هدفنا إن شاء الله أن نتعلم كيف نكون مثل الصحابة؟
كيف أننا نريد أن نتعلم مثلهم؟
كيف أننا نكون مسلمين حق الإسلام؟
كيف نؤمن بالله عز وجل حق الإيمان؟
كيف نحب رسول الله ﷺ حق الحب؟
كيف نفهم هذا الدين حق الفهم؟
دراسة حياة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هي دراسة الإسلام، والسير في طريق الصحابة هو السير في طريق الجنة.
نسأل الله عز وجل أن يلحقنا بهم في أعلى عليين، في صحبة نبينا وحبيبنا محمد ﷺ : {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44].

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
اللهم نشكوا إليك ضعفنا وقلة حيلتنا من امرنا فأغثنا وارحمنا واغفرلنا ولا تكل امرنا لمن لايخافك ولا يرحمنا ولا تؤخذنا بما فعل السفهاء منا🌿🍂
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
9️⃣

جيل الصحابة جيل فريد عظيم، لا يمكن أبداً أن يتكرر، فقد اصطفاه الله عز وجل لصحبة خير البشر وخاتم النبيين والمرسلين ﷺ ، فهو الجيل الفريد الذي تربى على عينه ﷺ ، ولا يعني هذا أننا لا نقتدي بهم أو نقلدهم، بل قد قال تعالى: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا).

شروط الصحابي في مصطلح الحديث

اليوم سنطرح سؤالاً قد يستغرب منه أناس كثيرون ألا وهو: هل أنت صحابي؟
في مصطلح أهل الحديث هذا مستحيل، لأن الصحابي أو الصحابية هو: رجل أو امرأة عاش في حقبة معينة من الزمان توافرت فيه أو فيها شروط معينة، وهذه الحقبة من الزمان مرت ولا يمكن أن تعود، فهذه الشروط من المستحيل أن تتوافر فينا.
وشروط الصحابي في مصطلح أهل الحديث هي:
الشرط الأول: أن يكون قد رأى النبي ﷺ في حياته أو اجتمع به،
يعني: أنه لابد أن يكون قد رآه بعينه، ولا يكفي أن يكون معاصراً لرسول الله ﷺ ، فيكون في بلد والرسول ﷺ في بلد آخر، ولذلك النجاشي رحمه الله تعالى ليس صحابياً، مع أنه كان معاصراً لرسول الله ﷺ ، وقد آمن به في حياته لكن لم يره.
أما قولهم: (أو اجتمع به) يعني: حتى يدخل في ذلك من اجتمع برسول الله ﷺ ولم يره لفقد نعمة البصر، كـ عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه وأرضاه، فقد اجتمع بالرسول لكنه لم يره؛ لأنه كان ضريراً رضي الله عنه وأرضاه.
الشرط الثاني: أن يكون قد آمن برسول الله ﷺ في حياته، ولا يكفي أن يكون معاصراً له وقد ظل كافراً سنوات طويلة إلى أن مات الرسول ﷺ ، وبعد أن مات رسول الله ﷺ آمن الرجل، حينها لا يكون من الصحابة، وممكن أن يكون من التابعين الذين تعلموا على أيدي الصحابة.
الشرط الثالث: أن يكون قد آمن برسول الله ﷺ في حياته ورآه، ثم مات على هذا الإيمان، ولم يرتد وبقي على ردته.
فهذه الشروط الثلاثة لو تحققت في أي واحد سيصبح صحابياً، والصحابة كثيرون جداً، فقد بلغ عددهم أكثر من مائة ألف وأربعة عشر ألفاً، ونحن لسنا منهم؛ لأننا لم نعاصر رسول الله ﷺ ولم نره، ولم تمر بنا هذه التجربة كما ذكرناها في هذه الكلمات.

كيف تكون صحابياً؟

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
﴿إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾"🌱
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
🔟

كيف تكون صحابياً؟

إذا كان مستحيلاً في مصطلح أهل الحديث أن تكون صحابياً،
فكيف تكون صحابياً في عقيدتك في إيمانك في أفكارك في فهمك لهذا الدين في طموحاتك وأهدافك في حميتك للإسلام في غيرتك على حرمات المسلمين،
في التطبيق لكل صغيرة وكبيرة في هذا الدين؟
المقصود في هذه المجموعة أن نفقه الأسباب الحقيقية التي جعلت من الصحابة صحابة،
فليس فضل الصحابة فقط أنهم عاصروا رسول الله ﷺ ، وعاشوا معه في نفس الفترة الزمنية، فقد عاصره أبو جهل وأبو لهب والوليد بن المغيرة وعقبة بن أبي معيط وغيرهم من المشركين،
وإنما يرجع فضل الصحابة إلى التزامهم بتعاليم هذا الدين التزاماً حرفياً، واتباعهم لرسول الله ﷺ اتباعاً دقيقاً، وحبهم لهذا الشرع حباً خالصاً صادقاً حقيقياً.
والمقصود في هذه المجموعة أن نكون قوماً عمليين، لا أن يكون همنا فقط أننا نسمع الحكايات ونتندر بالروايات،
وإنما همنا أن نصل إلى ما وصل إليه هؤلاء العمالقة أو قريباً مما وصلوا إليه، هذا هو المقصود من كلمة: كن صحابياً، وهذا هو المقصود من

السؤال
هل أنت صحابي؟
وقد قال لي أحد أصحابي شيئاً غريباً جداً، ولعل ذلك الشيء الغريب هذا هو سبب تحضير كل هذه المجموعة من المحاضرات، قال: إنني كلما قرأت قصص الصحابة أو استمعت إليها أصابني اليأس والإحباط.
فقلت: سبحان الله! هذا عكس المراد تماماً، فنحن نقرأ سير الصحابة والصالحين لكي نتحمس للعمل ولكي ننشط عند الفتور،
ثم قلت له: لماذا تشعر بهذا الإحساس؟
قال: لأنني كلما قرأت عن الصحابة وجدت لهم أعمالاً يستحيل علينا فعلها، ووجدت إصراراً على الجهاد، ووجدت ثباتاً على الإيمان، ووجدت عزيمة على الصيام والقيام والبذل والعطاء، ووجدت مواصلة لأعمال البر والخير، ليلاً ونهاراً وصيفاً وشتاءً،
ليس هناك فرق بين مرحلة الطفولة ومرحلة الشباب ومرحلة الكهولة أو الشيخوخة،
فالجهد كله لله عز وجل، والمال كله في سبيل الله، والفكر كله في سبيل الله،
وتستطيع أن تقول: الحياة كلها في سبيل الله،
فعندما أجد ذلك أشعر بضعفي الشديد وبُعدي عن طريقهم، فيسيطر عليَّ الإحباط واليأس.
انتهى كلام صاحبي هذا.
فقلت له: والله أنا معك في نصف كلامك وأتفق معك فيه تماماً،
وأما النصف الثاني فأنا أختلف معك فيه اختلافاً جذرياً، فكما تقول: إن الصحابة جيل فريد، وحياة عجيبة، وعطاء ما انقطع لحظة،
ولذلك فقيمته عالية وغالية جداً، ويكفي أن تسمع إلى قول الله عز وجل وهو يقول في حق المهاجرين والأنصار: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]،
وانتبه فالله عز وجل لم يذكر شرط الإحسان في عمل الصحابة، وإنما شرط الإحسان في التابعين لهم، فقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100]؛
لأن الصحابة كلهم قد عملوا بإحسان، وهذا معلوم ضمناً من حال الصحابة، فتأمل الدرجة كيف هي عالية وغالية عند الله سبحانه وتعالى وعند الرسول ﷺ وعند كل المؤمنين، وهذا هو الذي أتفق فيه معك، لكن ما أختلف فيه معك هو الشعور بالإحباط واليأس عند سماع هذه الحكايات وعند قراءة هذه السيرة، فبدلاً من الإحباط واليأس هناك شيء أفضل من ذلك، ألا وهو أن نشغل أنفسنا بمعرفة كيف سبق السابقون؟ وكيف اللحاق بهم؟ والمسألة بالعقل، وتعالوا لنُفكر معاً، فنقول: ما دام أن الصحابة قد ساروا في طريق معروف وواضح، وهذا الطريق موصوف لنا كما وصف لهم، وذلك في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله الكريم ﷺ ، إذاً فالتعرف على الطريق والسير فيه يضمن لنا أن نصل إلى ما وصلوا إليه، والمثال يوضح ذلك: فلو قلت لك: امش في هذا الطريق ولا تتجه يميناً ولا يساراً، وستجد نفسك في الإسكندرية، طريق مستقيم من هذه النقطة إلى تلك النقطة، وأي واحد سيسلكه سيوصله إلى الإسكندرية، وكذلك الصحابي مشى في الطريق ولم يتجه يميناً ولا يساراً، حتى وصل إلى ما كان يريد أن يصل إليه، والذي منا سيمشي في نفس الطريق من غير أن يتجه يميناً ولا شمالاً سيصل إلى نفس الذي وصل إليه الصحابة،
ولذلك فإن المشكلة أننا كثيراً ما نتجه يميناً ويساراً، فمرة تريد أن تستكشف طرقاً جانبية فتبتعد عن الطريق المستقيم، ومرة تفكر أنك أذكى من الشرع تستطيع أن تأخذ طرقاً مختصرة لتصل سريعاً، بينما الأصل أن الطريق المستقيم هو أقصر الطرق، وطريق الشرع هو دائماً الطريق المستقيم من غير يمين ولا شمال، وانظر إلى ربنا وهو يقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]، تقولها سبع عشرة مرة على الأقل كل يوم في صلاتك، وذلك حتى تتربى وتتعلم.

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
📚 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

🍁 قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال:

🍃 ((الصلاة على وقتها)). قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين)). قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)).

🌹 متفق عليه. 🌹

🍂 قال الطبري: خص عليه الصلاة والسلام هذه الثلاثة بالذكر؛ لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات.


#اللهم_صل_وسلم_وبارك_على_سيدنا_محمد
📚 عن أبي ذر رضي الله عنه قال:

🍁 قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

🍃 ((لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)).

🌹 رواه مسلم. 🌹

🍂 في هذا الحديث: استحباب طيب الكلام، وبشاشة الوجه، وفعل المعروف وإن قل.


#اللهم_صل_وسلم_وبارك_على_سيدنا_محمد
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
1️⃣1️⃣

أسباب الإحباط واليأس من إمكانية تقليد الصحابة

نريد أن نقف وقفة تحليلية حول الإحباط واليأس عند سماع قصص الصحابة، أقول: لا داعي للإحباط ولنكن عمليين، ولنبحث عن أسباب الإحباط لكي نعالج المسألة علاجاً متكاملاً، والحقيقة أنني قد وجدت بعض الأسباب التي أورثت في اعتقاد كثير من المسلمين أنه يصعب عليه جداً تقليد الصحابة،
وهذه الأسباب تتلخص فيما يلي:

أولاً: عدم وجود النبي ﷺ بيننا؛

لأنه هو الذي ربى الصحابة، وعليه فغير ممكن أن نكون مثل الصحابة،
وهنا سأسألك سؤالاً في غاية الأهمية: هل وجود الرسول ﷺ حتمي للدلالة على الطريق الصحيح؟
أي: هل من أجل أن نعرف الطريق الذي يريد الله عز وجل منا أن نمشي فيه أن يكون الرسول بيننا؟
إذا كان حتمياً فلا أمل في الوصول؛ لأنه ﷺ قد مات ولن يعود إلى يوم القيامة،
وإذا لم يكن حتمياً فهناك أمل في أن نصل إلى ما وصل إليه الصحابة، وتعالوا بنا لنرد على هذا السؤال بهدوء، ونرى ما هي الإجابة عليه؟
بداية لا ينكر أحد أهمية وجود النبي ﷺ في هذا الجيل الأول، بل لا يكون هناك دين من غير رسول الله ﷺ ؛ لأن الرسول ﷺ هو الذي كان يتلقى عن رب العالمين سبحانه وتعالى، ثم إنه كان القدوة الكاملة الحسنة في كل شيء لكل المؤمنين، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب:21]،
واسأل نفسك الآن؟
هل اختفت القدوة النبوية من حياتنا بعد وفاة رسول الله ﷺ ؟ أبداً،
فما زالت سنته وطريقته وكلماته حية بين أظهرنا، وستظل حية إن شاء الله إلى يوم القيامة، وقد أنكر الله بشدة على أولئك الذين فتروا عن العمل، عندما غاب عنهم رسول الله ﷺ ، يقول سبحانه تعليقاً على غزوة أحد: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]، فهذه الآية نزلت عندما أشيع يوم أحد أن رسول الله ﷺ قد قتل، وعند ذلك أحبط بعض الصحابة فجلسوا في أرض القتال، وفقدوا كل حمية للقتال، وفقدوا كل رغبة في النصر، وكل أمل في الحياة، والحياة بالنسبة للصحابة في الأرض ولو ساعة واحدة مع الرسول ﷺ أفضل من الخلود في الأرض بغير رسول الله ﷺ ، فكانت مصيبة كبيرة جداً فقدان الرسول ﷺ ، وكانت المصيبة على الصحابة أشق بكثير من المصيبة علينا؛ لأنهم عاشوا مع رسول الله ﷺ ، فخالطوه وتعاملوا معه وصلوا خلفه واستمعوا لحديثه، عاشوا حياة كاملة مع رسول الله ﷺ ، ثم بعد ذلك قيل: قد قتل ﷺ ، إنها مصيبة عظيمة جداً، ومع عظم هذه المصيبة لم يعذرهم ربهم سبحانه وتعالى في عدم العمل بنفس الحمية حتى مع المصيبة الثقيلة، واعتبر أن ما فعله هؤلاء الصحابة كان قصوراً في الفهم يستحقون عليه اللوم الشديد والتهديد المرعب، فقال تعالى: {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا} [آل عمران:144].
وعلى العكس من ذلك تماماً،
فهذا الصحابي الجليل ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه عندما مر على هؤلاء الذين قعدوا بعد إشاعة مقتل رسول الله ﷺ فقال لهم: إن كان محمد ﷺ قد قتل، فإن الله حي لا يموت، فقوموا وقاتلوا على دينكم فإن الله مظفركم وناصركم، ثم قاتل رضي الله عنه وأرضاه حتى استشهد، فـ ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه رجل مؤمن، ورجل واقعي يتعامل مع الواقع الذي يعيشه بكل ظروفه وملابساته، فيعمل في وجود رسول الله ﷺ وفي غيابه، ويتأقلم بسرعة مع الأحداث فيعمل بكل طاقته فيها، وليس هناك أمر تتمناه مستحيل الحدوث، وليس هناك معنى لكلمة (لو) في حياة المسلم، فيقول أحدهم: والله لو كنت في زمان رسول الله ﷺ لفعلت كذا وكذا، ولكن قدر الله وما شاء فعل،
فأنا لست صحابياً، لذلك لن أستطيع أن أعمل مثل الصحابة.
هذا وهم، (فإن لو تفتح عمل الشيطان) كما جاء عنه ﷺ في صحيح مسلم، ثم ما أدراك أنك إذا كنت في زمن النبي ﷺ أنك تتبعه؟ فقد كان هناك آلاف من المشركين الذين كانوا معاصرين للنبي ﷺ ، ومع ذلك حاربوه عليه الصلاة والسلام، وكذلك فقد كان هناك آلاف من المنافقين عاشوا في المدينة، وصلوا في مسجد رسول الله ﷺ خلفه مباشرة، ومع ذلك ما آمنوا به.
أيضاً ما أدراك أنك كنت ستتغلب على فتنة ترك دين الآباء، وفتنة اتباع نبي من قبيلة أخرى، وفتنة المحاربة من أهل الأرض أجمعين، وفتنة التعذيب والتجويع والهجرة؟ اعلم أن ما اختاره الله عز وجل لك هو الأفضل، لذا لا يُقبل من المسلم أن يتعلل بغياب رسول الله ﷺ في أنه لا يفعل مثل الصحابة، بل يكون حاله وفهمه كفهم ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه، وأعظم منه كان موقف أبي بكر رضي الله عنه.

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
1️⃣2️⃣

أسباب الإحباط واليأس من إمكانية تقليد الصحابة

رفع الرسول ﷺ والصحابة فوق دائرة البشرية
السبب الثاني: الخروج بالصحابة عن دائرة البشرية، فالناس تعتقد أنهم طراز مختلف من البشر، وخلق آخر ليست لهم النوازع الإنسانية المزروعة داخل نفوسهم، وهذا كلام ليس بصحيح، ودعنا لنتأمل في حقيقة الصحابي، بل في حقيقة رسول الله ﷺ ، فهو نفسه بشر كبقية البشر، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويتزوج وينجب ويحب ويكره ويفرح ويحزن ويتألم، فهو بشر بنص كلام الله عز وجل في أكثر من موضع في القرآن الكريم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف:110]، فهو مثلنا تماماً، وإنما يختلف عنا عليه الصلاة والسلام في أنه يوحى إليه، فالرسول ﷺ بشر نزل عليه الوحي، {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف:110]،
ماذا يعمل؟ ما هو الطريق؟
{فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110]،
فلا تنشغل عن العمل بأي أعذار، ولا تقل: الرسول رسول ولن أستطيع أن أقلده، لا، فالرسول ﷺ بشر مثلنا، وهذه لحكمة ظاهرة هي حتى نستطيع أن نقلده، ولو كان غير بشر لكان عندنا عذر في أننا لا نستطيع أن نقلده؛ لذلك سبحانه وتعالى لم ينزل علينا ملكاً بالرسالة، ولو قام ملك بالشرائع لقال الناس: إنما يستطيع ذلك؛ لأنه ملك، بينما نحن لا نستطيعه، وإذا امتنع الملك عن المعاصي قالوا: إنما يمتنع؛ لأنه ملك، بينما نحن لا نستطيع؛ لذلك لابد أن يكون الرسول من جنس من يرسل إليهم، قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء:95]، فالأرض ليس عليها ملائكة وإنما عليها بشر، لذلك كان الرسول بشراً؛ لكي نستطيع أن نقلده، وليس من المعقول أن نضيع الحكمة من كون الرسول ﷺ بشراً فلا نقلده، بزعم أنه رسول ونحن غير مرسلين، فإذا كان هذا الكلام يصح مع رسول الله ﷺ فمن باب أولى يصح مع الصحابة الكرام، وإذا كان الرسول ﷺ بشراً وجب تقليده واتباعه، فعلم يقيناً أن الله عز وجل ما أوجب شيئاً إلا وكنا عليه قادرين.
إذاً: أليس اتباع الصحابة بعد فهم هذه الحقيقة أمراً ممكناً؟ فالصحابة بشر لهم أجساد كأجسادنا، ولهم فطرة كفطرتنا، ولهم غرائز كغرائزنا، ولهم احتياجات كاحتياجاتنا، ومع كل هذه الأمور البشرية والنوازع الإنسانية إلا أنهم قهروا أنفسهم على اتباع الحق وإن كان مراً، وعلى السير في طريق الله عز وجل وإن كان صعباً أو وعراً، وليس معنى ذلك أن أقول كما يقول أولئك الذي قلَّ أدبهم، وانعدم حياؤهم، فقالوا: الصحابة رجال ونحن رجال، وسوغوا لأنفسهم بذلك الطعن في الصحابة وانتقاص بعضهم، أبداً، فليس هذا هو المقصود، وإنما المقصود عكس ذلك بالضبط، فنقول: هم أعظم البشر مطلقاً بعد الأنبياء، وكونهم أعظم البشر لا يلغي ذلك بشريتهم ولا يقلل من شأنهم، وإنما العكس، فيرفع جداً من قيمتهم؛ لأنهم انتصروا على أنفسهم في امتحان عسير ما استطاعت السماوات والأرض والجبال أن يدخلن فيه أصلاً، فحملوا الأمانة التي تبرأت منها السماوات والأرض والجبال، فتقليدهم ممكن، بل وضروري جداً؛ لأنهم بشر نجحوا في امتحان وضعه الله عز وجل، وهو أعلم بقدرات البشر، ومع ذلك فأنا لا أدعي أننا سنكون مثل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وإنما أقول: إنما يجب أن نتخذهم قدوات عملية، قدوات صالحة، وإننا نستطيع بإمكانياتنا البشرية وبمنهج الإسلام الواضح أن نسير في نفس الطريق الذي ساروا فيه، ونصل بإذن الله إلى ما وصلوا إليه، وهذا إذا كنا نريد أن نمشي في هذا الطريق فعلاً.
إذاً: السبب الثاني في إحساس بعض المسلمين أن تقليد الصحابة عسير: هو نسيان هؤلاء المسلمين أن الصحابة بشر لهم كل طبائع البشر، وليسوا خلقاً خاصاً، فليسو جناً ولا ملائكة، وإنما هم بشر نجحوا في حمل الأمانة.
وقبل أن أترك هذه النقطة أحب أن أشير إشارة سريعة، ألا وهي أن بعض الدعاة يساهمون في هذه المشكلة بذكرهم مبالغات شديدة في حق الصحابة، وهذه المبالغات إما أن تكون غير صحيحة أصلاً، ومن باب أولى ألا تذكر هذه المبالغات مطلقاً، وإنما يذكر الصحيح في حق الصحابة والحمد لله يكفي، والصحابة الكرام ليسوا محتاجين إلى المبالغة لكي نعظمهم، فهم عظماء بأحوالهم الحقيقية،

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
📚 عن أبي أيوب رضي الله عنه:

🍁 أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال:

🍃 ((تعبد الله، لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم)).

🌹 متفق عليه. 🌹

🍂 فيه: أن من وحد الله، وقام بأركان الإسلام، ووصل رحمه، دخل الجنة.


#اللهم_صل_وسلم_وبارك_على_سيدنا_محمد
📚 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

🍁 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

🍃 ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).

🌹 رواه مسلم. 🌹

🍂 هذا الحديث: دليل على وجوب تغيير المنكر بحسب القدرة.
قال الإمام أحمد: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح.


#اللهم_صل_وسلم_وبارك_على_سيدنا_محمد
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
1️⃣3️⃣

أسباب الإحباط واليأس من إمكانية تقليد الصحابة

النظر إلى إمكانيات الصحابة على أنها إمكانيات رجل واحد

السبب الثالث: أنهم ينظرون إلى إمكانيات جيل الصحابة بأكمله على أنها إمكانيات رجل واحد أو امرأة واحدة منهم، وهذا ليس بصحيح، صحيح أن الصحابي أو الصحابية شخصية متكاملة؛ لكنه لم يكن متفوقاً في كل المجالات بدرجة واحدة، وإنما كان يبرز في مجال ويتفوق عليه غيره في مجال آخر، فهناك من تفوق في جانب الجهاد كـ خالد بن الوليد رضي الله عنه والقعقاع بن عمرو التميمي والزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين، فكانت عبقريات عسكرية فذة، لكن في نفس الوقت كان خالد بن الوليد رضي الله عنه لا يحفظ من القرآن كثيراً، فكان إذا صلى بالناس أخطأ في القراءة، فكان يلتفت إلى الناس بعد الصلاة ويعتذر منهم ويقول: إنما شغلت عن القرآن بالجهاد، لكن تعال للقرآن وعلوم القرآن تجد زيد بن ثابت وأبي بن كعب وأبا موسى الأشعري علماء أفذاذاً رضي الله عنهم، لكن تفوقهم في المجال العسكري غير بارز.
وتعالوا لننظر مجال الأحاديث وحفظها، وطلب العلم ونقله، تجد أبا هريرة أسطورة علمية ومكتبة حافظة وكمبيوتر متحرك، لكن في مجال الإفتاء والأحكام الشرعية تجد غيره أبرز منه، فتجد عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب.
وتعالوا لننظر مجال الإنفاق، فـ أبو بكر الصديق وإن كان أبو بكر الصديق قد تفوق في كل المجالات، كذلك تجد عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف.
وتعالوا لننظر أيضاً في الإدارة تجد عمر بن الخطاب، وفي إدارة الأمور تجد معاوية رضي الله عنه، فكل واحد متفوق في شيء، وكل واحد بارز في شيء، ونحن أيضاً منا من ينفق في سبيل الله ببساطة وبسرعة، ولكن حظه من العلم قليل، وواحد خطيب مفوه، لكن ليست له في السياسة خبرة، وواحد بارع في علوم القرآن، لكن ليس بارزاً جداً في القضاء، فهناك إمكانيات مختلفة في مواهب مختلفة، وحصيلة علمية مختلفة، وتربية مختلفة، توجد ثغرات كثيرة جداً، ونحن محتاجون لكل هذه المواهب لسد كل هذه الثغرات، وعليه عندما تنظر إلى جيل الصحابة بهذه الصورة فإنك وإن كنت ستتخذ كل الجيل بصفة عامة قدوة، إلا أنك ستتخذ من بينهم قدوة خاصة في المجال الذي أنت بارز فيه، فلو أنك قائد في الجيش سيكون قدوتك خالداً، ولو أنك إداري سيكون قدوتك عمر وهكذا، وبذلك يصعب تسلل الإحباط إلى قلبك.
📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
1️⃣4️⃣

أسباب الإحباط واليأس من إمكانية تقليد الصحابة

إغفال أخطاء الصحابة
السبب الرابع والأخير وإن كان هناك سبب خامس، لكن إن شاء الله سنتكلم عنه في الدرس القادم: أن كثيراً من الدعاة والعلماء يغفل عمداً أخطاء الصحابة؛ لأنه يخاف على اهتزاز صورة الصحابة، فلا يتحدث عن ذنوبهم ولا يتحدث عن اجتهاداتهم التي تخطئ أحياناً، أو يحاول أن يتعسف في إيجاد المبرر للخطأ، وهذا كله غير صحيح وغير حكيم، وهذا كله لمحاولة إلغاء بشرية الصحابة، ولا يعيب الصحابة مطلقاً أن نتحدث عن بعض أخطائهم، أو عن بعض الهفوات في حياتهم، وكفى بالمرء خيراً أن تعد معايبه.
فقد كانوا سريعي العودة إلى الله عز وجل، وسريعي التوبة من ذنوبهم، ومع ذلك انتبهوا معي فعند ذِكْرِ هذه الأخطاء يجب أن يراعى الأدب الكامل والاحترام العظيم لمقام أولئك الأخيار، فهذه سيئات تذوب في بحار حسناتهم، وإن شاء الله سنفرد في هذه المجموعة محاضرة خاصة بعنوان: (الصحابة والتوبة) وسنتكلم فيها بالتفصيل عن هذا الموضوع، وفي مجموعة كاملة تكلمنا فيها عن الرسول ﷺ وأخطاء المؤمنين، ويمكن أن تعودوا لها لو أردتم أن تتعمقوا في هذا الموضوع.
إذاً: فهذه أربعة أسباب، واحتمال أن هناك غيرها أدت إلى إحباط بعض المسلمين من سماع قصص الصحابة المثالية، وخلصنا إلى أن تقليد الصحابة ليس فقط أمراً ممكناً، ولكنه أمر مطلوب شرعاً، ومن هنا كانت هذه المجموعة بعنوان: كن صحابياً.
وهذا المعنى إذا سئلت: هل أنت صحابي، تستطيع أن تقول: نعم، أنا صحابي في الفهم، صحابي في الجهاد، صحابي في التوبة، صحابي في الأخوة وهكذا، ونستطيع بعد ذلك أن نقرأ قصص الصحابة بفكر جديد، وبفكر البحث عن الطريق الذي وصل بالصحابي إلى هذه الدرجة العالية، وفكر الاجتهاد الحقيقي المخلص في السير في نفس الطريق الذي سار فيه الصحابة.

غربة الدين
قبل أن أختم هذه المحاضرة أحب أن أنقل إليكم حديثين رائعين لرسول الله ﷺ ، وكل أحاديثه ﷺ رائعة.
الحديث الأول: روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله ﷺ : (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباًً كما بدأ، فطوبى للغرباء)، ففي الحديث يكشف لنا الرسول الله ﷺ عن واقعنا الذي نعيش فيه الآن، فكما كان أهل مكة والعرب بصفة عامة والعالم أجمع يستغرب الرسالة الإسلامية عند نزولها، ويستنكر تعاليمها، ويحشد كل الجنود لحرب هذه الدعوة عادت الأيام كما كانت الآن، وأصبح عموم الناس الآن يستغرب التعاليم الإسلامية، وأصبح الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر غريباً وسط الناس، والذي يقول: لا داعي أن نبيع الخمر يكون غريباً،
والذي يقول: الربا حرام يكون غريباً، والذي يقول: العري في الأفلام والمسرحيات والإعلانات وغيرها حرام يكون غريباً،
والذي يقول: فلسطين كلها ترجع للمسلمين يكون غريباً أمام الناس فرجع الإسلام فعلاً غريباً كما بدأ، لكن البشارة: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدا، فطوبى للغرباء)، أي: سيكون هناك غرباء مثل الصحابة، يكافحون ككفاحهم، ويجاهدون كجهادهم، ويدعون إلى الله عز وجل كدعوتهم، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحبون الدين كحبهم له، ويحبون سنة الرسول ﷺ لحبهم لسنة النبي ﷺ ؛ لأن هذا دين ربنا سبحانه وتعالى، وهو الذي يسخر أناساً يدافعون عن دينه ويحملون الأمانة.
وفي رواية عند الترمذي عن عمرو بن عوف رضي الله عنه وأرضاه هناك زيادة لطيفة جداً سأله الصحابة-: (من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي)، فلماذا لا نكون نحن من هؤلاء الغرباء؟ لو صرنا من الغرباء الذي يصلحون ما أفسد الناس من سنة رسول الله ﷺ سنصبح مثل الصحابة، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

أيام الصبر على الدين
الحديث الثاني: روى الترمذي وأبو داود عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه وأرضاه، وهو حديث طويل جاء في آخره كلام عجيب لرسول الله ﷺ ، يقول النبي ﷺ : (فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر)، فصعب جداً أن تتمسك بدينك وكأنك تمسك في يديك جمرة ملتهبة، لكن انتبه وانظر إلى بقية الحديث، يقول ﷺ : (للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم)، أي: أجر خمسين رجلاً يعملون مثل أعمال الصحابة؛ لذلك استغرب الصحابة فقالوا: (يا رسول الله أجر خمسين رجلاً منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين رجلاً منكم)، فالذي يتمسك بدينه الآن له أجر خمسين من الصحابة، وعليه فلا يوجد هناك أناس محبطة من أنها تقلد صحابياً؛ لأن عندها فرصة لأن تكون مثل خمسين صحابياً، ولا يستغرب أحد، فالله عز وجل عادل لا يظلم مثقال ذرة، وفوق ذلك هو الكريم سبحانه وتعالى، ففرق كبير جداً بين الصحابي الذي يعيش في معسكر إيماني كامل، كلما سار في اتجاه رأى مؤمناً، بل يرى رجالاً الواحد منهم يوزن بأمة كاملة، فإذا سار هنا رأى الصديق والفاروق وعثمان وعلياً، وإذا سار هناك رأى أبا عبيدة وسعداً والزبير،
وإذا دخل
المسجد وجد سعد بن معاذ وعبد الله بن مسعود، وإذا حضر درس علم سمعه من فم رسول الله ﷺ ، وجلس فيه إلى جواره أبو هريرة ومعاذ بن جبل وأنس بن مالك، ويصلي الجماعة مع أبي ذر وأبي الدرداء، ويسمع الأذان من بلال، وإذا جاهدت جاهد تحت قيادة خالد بن الوليد، وإذا سافر سافر مع أبي موسى الأشعري.
أما الآن فهو يعيش في مجتمع لا يجد فيه على الخير أعواناً إلا القليل، ومع ذلك يصبر على طاعة ربه، ويصبر على الدعوة، ويصبر على الإسلام صبراً كأنه يقبض على الجمر، نعم والله تماماً كما وصف رسول الله ﷺ ، وقارن بين الصحابي الذي يعيش في مجتمع قلما تقع فيه عينه على معصية، وقلما يسمع منكراً، وبين هذا الذي يطيع ربه ويقبض على دينه في مجتمع تقتحم فيه المعاصي عينيه اقتحاماً، فيمشي في الشارع فيجد المعاصي، ويفتح التلفاز فيجد المعاصي، وينظر على الجدران في الشوارع فيجد المعاصي، ويدخل الجامعة والمستشفى، بل ويذهب للعزاء فيجد المعاصي، وفي كل مكان يجد المعاصي، وليس هناك اعتبار لعلم ولا لمرض ولا للموت.
إذاً: عند هذه المعاصي أنت تقبض على دينك كما تقبض على الجمر، وعلى قدر ما كان رسول الله ﷺ يبجل ويعظم ويقدر من يعمل حسنة أو فضيلة، فنحن في هذا الزمان على قدر هذا الأمر يحارب الدعاة، على قدر هذا الأمر هناك إهانة وتشريد وتعذيب للدعاة؛ من أجل أنهم أمروا بالذي كان يأمر به رسول الله ﷺ : {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} [النمل:56]، ما هي الجريمة؟ {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:56]، فهذه هي مشكلة أهل الخير في زماننا، فعلى قدر ما كان الرسول ﷺ يعظم الصحابي إذا عمل خيراً، على قدر ما الداعية في هذا الزمان يحارب ويطارد، ولذا عندما تضع كل هذه الملابسات والظروف في ذهنك، وأنت تعلم أن الله عز وجل عادل لا يظلم مثقال ذرة تستطيع أن تفهم بشارة رسول الله ﷺ : (للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً ويعملون مثل عملكم، فقالوا: منا أو منهم يا رسول الله؟ قال: بل أجر خمسين رجلاً منكم).
إن هذه المجموعة من المحاضرات غرضها أن نكون من هؤلاء القابضين على الجمر، من هؤلاء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنة رسول الله ﷺ ، من هؤلاء الغرباء الذين لا يعتبرون بنظر الناس إليهم، وإنما فقط يعتبرون بنظر الله عز وجل لهم، من هؤلاء الذين يحلمون أن يكونوا صحابة، بل من أولئك الذين إذا عملوا أجروا، ليس فقط كأجر صحابي، بل كأجر خمسين من الصحابة.
نسأل الله عز وجل أن نكون منهم، وأن يجمع بيننا وبين حبيبنا وقائدنا وقدوتنا رسول الله ﷺ وصحابته الكرام، إن الله عز وجل على كل شيء قدير.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44].
وجزاكم الله خيراً كثيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
بين كل خير وخير مسافة مرهقة تسمى الإبتلاء..

❤️ مليئة بالأجر لمن يصبر ويحتسب
اللهم اغفر لنا تقصيرنا في حقهم،
اللهم ارحم عجزنا،
سامحنا على خذلاننا لهم..💔


#شمال_غزة_يموت_جوعا
#سلسلة_كن_صحابياً 💥
1️⃣5️⃣
صناعة الرجال

إن من معجزات الإسلام العظمى أنه أخرج لنا رجالاً سادوا البلاد والعباد، فبنوا لنا حضارة ما عرف التاريخ مثلها، واختفت عندهم الذلة والسلبية، والأنانية والغلظة، وحقارة الأهداف وتفاهة الطموح، وأصبح الواحد منهم يوزن بأمة بأجمعها، وكان الفوز والفلاح باتباع أثر هؤلاء الرجال، والوصول إلى ما وصلوا إليه.

نتابع أسباب الإحباط من إمكانية تقليد جيل الصحابة
سبق لنا أن تحدثنا عن موضوع أسميناه: القابضون على الجمر، والقابضون على الجمر هم: المسلمون الذين يتمسكون بدينهم في زمان كثر فيه الشر، وانتشرت فيه المعاصي، وتعددت فيه الفتن.
القابضون على الجمر هم: الذين يسيرون في طريق الصحابة حتى بعد ألف وأربعمائة سنة أو أكثر من انتهاء جيل الصحابة، وهم لا يأخذون من الأجر كأجر صحابي واحد، بل يأخذون كأجر خمسين صحابياً، وعلى النقيض من هذه الطائفة الرائعة من المسلمين، أعني: طائفة القابضين على الجمر، هناك طائفة أخرى من المسلمين تعاني من مشكلة أعتبرها خطيرة، ألا وهي مشكلة الإحباط من إمكانية تقليد جيل الصحابة، أو التعامل معه كقدوة عملية نستطيع أن نعمل مثلها، فهؤلاء يعتقدون أنه من المستحيل علينا أن نفعل مثلما كان يفعل الصحابة، أو نفكر مثلما كانوا يفكرون، أو نعبد الله عز وجل كما كانوا يعبدون، لماذا يا ترى هذا الإحساس في داخل بعض المسلمين؟
سبق وأن ذكرنا فيما مضى أربعة أسباب لهذا الأمر نذكرها باختصار: أولاً: الاعتقاد بأن وجود النبي ﷺ بين ظهراني الصحابة كان سبباً في وصولهم إلى هذا المستوى الراقي، وقد ذكرنا أن وجود رسول الله ﷺ كان مهماً جداً، لكنه ليس حتمياً لتطبيق شرائع الدين، وإلا لما أمر الله عز وجل اللاحقين بنفس التكاليف التي أمر بها الصحابة، والموضوع فيه تفصيل كثير، والذي يريد أن يعرف التفاصيل فليرجع إلى الدرس السابق.
ثانياً: رفع الصحابة رضوان عليهم فوق بشريتهم، والحديث عنهم بشيء من المبالغة التي تؤدي إلى استحالة التطبيق.
ثالثاً: الاعتقاد بأن كل الصحابة تفوقوا في كل المجالات بصورة واحدة، ونسيان أن كل صحابي قد تفوق في مجال من المجالات، وتفوق عليه غيره في مجال آخر، ولن تستطيع كإنسان أن تحصّل إنفاق أبي بكر مع إدارة عمر مع جهاد خالد مع علم عائشة مع فقه عبد الله بن عباس مع حياء عثمان مع قضاء علي، فذلك مستحيل، فالناس التي تنظر للجيل كله كوحدة واحدة صعب عليها أن تقلد كل الجيل، وإنما تقلد واحداً تشعر أنت أن إمكانياتك وقدراتك ومواهبك تتوافق مع المجال الذي هو كان متفوقاً فيه.
رابعاً: تعمد بعض العلماء إغفال أخطاء الصحابة الناتجة عن كونهم بشراً، والبشر جميعاً يصيبون ويخطئون، فالعلماء عملوا ذلك منهم بحسن نية، وحرصاً على تنزيه الصحابة، لكن هذا الأسلوب من التربية أدى إلى اعتقاد أن الصحابة لا يخطئون أبداً، وبالتالي إذا أخطأ المسلم الآن فإنه يحبط في أن يصل يوماً ما إلى ما وصل إليه الصحابي.
إذاً هذه أربعة أسباب أدت إلى إحساس بعض المسلمين أو كثير من المسلمين إلى أنه صعب عليه أن يقلد الصحابة، فلا يفعل كثيراً من الطاعات، وإذا ذكرته بصحابي ما وقلت له: كان يفعل كذا وكذا، يقول لك: والله أنا لست صحابياً، فأنا لست عبد الله بن عمرو ولست أبا ذر، وقد يرتكب المنكرات، فإذا ذكرته بصحابي تغلب على شهوته وامتنع عن المنكر، قال لك: والله أنا لست صحابياً فلست أبا بكر ولا عمر وهكذا.
والحقيقة أن هذا شيء خطير جداً، أن يفتقد المسلمون قدوتهم الصالحة، أن يعتقد المسلمون أن هذه القدوات قدوات غير عملية، أو أن اتباعها ضرب من الخيال.
وسنتكلم بمشيئة الله تعالى عن سبب خامس مهم جداً أدى إلى اعتقاد كثير من المسلمين إلى استحالة تقليد الصحابة، ولذلك عندما نعالج هذا السبب -في اعتقادي- سيؤدي إن شاء الله إلى خير كثير، وسيكون عند كثير منا أمل في الوصول إلى ما وصل إليه الصحابة إن شاء الله تعالى.

📑... يتبـــــــــ؏.....👇👇👇

#سلسلة_كن_صحابياً 💥
2024/09/21 09:56:41
Back to Top
HTML Embed Code: