Telegram Web Link
*🕌خـطــــــــبــة.جـمـــــــــعـة.tt🕌*


*عرفة فضائل ومظامين من خطبة الوداع .*


📜الخطبة الاولى :-

الحمد لله رب العالمين،
المتعال عن الشبيه والمثيل،
العظيم في جبروته، الحكيم في تدبيره، القائل في كتابه الكريم:
[والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل اذا يسر]

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له دعا عباده إلى حج بيته العظيم فلبوا ندائه، وأطاعوا أمره محبة له وشوقاً للقائه، فجاد عليهم بالثواب الجزيل، والعطاء الواسع العميم.


وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي حج بيت الله تعالى فأدى المناسك انقياداً لأمر ربه، وشكراً له على نعمه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،


أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي الوصية الجامعة لكل خير، قال تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تموتن إلا
وانتم مسلمون.)َ

ايها المسلمون:-
في صباح الغد سيتوجه ضيوف الرحمن الى منى بعد ان يلبسوا ثياب الاحرام،ويرفعون شعار الحج
لبيك اللهم لبيك
لبيك لاشريل لك لبيك
ان الحمد والنعمةلك والملك لاشريك لك .
وسيقضون يومهم وليلتهم هناك بمنى
وبعدهايتوجهون
الى صعيد عرفات
ذلك المكان الطاهر
الذي ي فيه تسكب فيه العبرات وتستجاب فيه الدعوات وتغفرفيه الذنوب والزلات ويباهي الله به ملائكته
وقد سمي يوم التاسع
من ذي الحجة بيوم عرفةنسبة لذلك المكان الطاهر
وجعله الله افضل
الايام وسيدها،
وحديثنا اليوم عن
يوم عرفة وما ادراكم مايوم عرفة
هويوم مبارك من أيام شهر ذي الحجة،

يوم من الأيام التي اقسم الله بها في كتابه الخالد،
هذا اليوم شرفه الله وفضله بفضائل عظيمة،
اليوم الذي خصه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم
عن كل أيام السنة، اليوم الذي يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات
ويعتقهم من النار...

اليوم الذي يرى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا...
اليوم الذي أكمل الله فيه الدين
وأتم النعم على المسلمين..
اليوم الذي وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الناس خطيبا
وبين للناس
بعض امورالدين.

إنه يوم عرفة...
يوم التجليات والنفحات الإلهية، يوم العطاء والبذل والسخاء،
اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة
إلا رابطة الإيمان والعقيدة،

ينشدون لرب واحد ويناجون إلهاً واحداً، إله البشرية جميعاً.

إنه موقف مصغر عن موقف الحشر؛ حيث يقف الناس في عرفات مجردين من كل شيء، فالكل واقف أمام رب العزة عز وجل.

يتجلى هناك موقف الإنسانية والأخوة والمساواة، فلا رئيس ولا مرؤوس، ولا حاكم ولا محكوم، ولا غني ولا فقير، ولا أمير ولا مأمور، ولا أبيض ولا أسود ولا أصفر، الكل عبيد لله،
الكل يناجي ربه العظيم لينالوا مغفرته ورضوانه.

فأين من يتعرضون لنفحات الله تبارك وتعالى؟
أين من يتعرضون لمغفرة الله وكرمه؟ أين من يغتنمون هذا اليوم بالتجارة مع الله تعالى كما يغتنمه أهل الدنيا بتجارة الدنيا؟
هذا يوم عرفة،
يوم المغفرة،

فإذا كان الحجيج وهم واقفون في عرفات ينعمون برحمات الله تعالى وغفرانه ورضوانه.. فان أبواب الرحمة والمغفرة والرضوان مفتوحة أمامنا ونحن في بيوتنا باستغلالنا لهذا اليوم بطاعة الله تعالى....

فتعال أخي المسلم لكي نتعرف سويا على فضائل هذا اليوم المبارك،
وما ميزه الله به على غيره من الأيام..

🌻الفضيلة الأولى:

في يوم عرفة اكتمل الدين ونزل قوله سبحانه وتعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾[المائدة: 2].

هذه الآية العظيمة التي قال عنها اليهود وقد فهموا معناها.. قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنكم معشر المسلمين تقرءون في كتابكم آية لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.. فقال عمر لهم: وما تلك؟ قالوا هي قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ ؛ فقال عمر رضي الله عنه: والله إني لأعلم في أي يوم أنزلت وفي أي ساعة أنزلت وأين أنزلت وأين كان رسول الله- - صلى الله عليه وسلم - - حين أنزلت: أنزلت ورسول الله فينا يخطب ونحن وقوف بعرفة.. هكذا قال عمر.

وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولان الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم - عليه السلام - ونفى الشرك وأهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد.

وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة فلا تتم النعمة بدونها كما قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ ليَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْ
تَقِيمًا ﴾ [الفتح: 2].


🌻الفضيلة الثانية:
أن يوم عرفة يوم أقسم الله به، والعظيم لا يقسم إلاّ بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج: 3].

قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ..."؛ رواه الترمذي وحسنه الألباني.

ويوم عرفة هو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر ﴾ [الفجر: 3]، قال ابن عباس: "الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة".


🌻الفضيلة الثالثة:
أن يوم عرفة هو
من أفضل الأيام عند الله...
أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف، وهذا ما اخبر عنه الصادق المصدوق سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛

فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي،
فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ))؛ صحيح ابن حبان.

عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - - صلى الله عليه وسلم - – قَالَ:
((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ))؛ رواه مسلم.

نعم؛ هكذا يباهي الله بأهل عرفة ملائكة السماء، ويقول لهم بكل حب وفخر: ((انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي)).


🌻الفضيلة الرابعة:
أن يوم عرفة صيامه يكفر ذنوب سنتين، وهذا ما أخبرنا به نبينا العظيم - صلى الله عليه وسلم - بأن صيامه فيه الأجر العظيم والثواب الكبير، هذا الأجر وهذا الثواب هو مغفرة ذنوب سنتين، ولنسمع سويا إليه - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ))؛ رواه مسلم.

وهذا إنّما يستحب لغير الحاج، أمّا الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك صومه، وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة؛ فليحرص المسلم على صيامه، وليأمر كل منا أهله، ولنجعله يوما رمضانيًّا من أجل أن ننال مغفرة الله تعالى.


🌻الفضيلة الخامسة:
إن يوم عرفة يوم يغيظ الشيطان، يوم يعم الله عباده بالرحمات ويكفر عنهم السيئات، ويمحو عنهم الخطايا والزلات، مما يجعل إبليس يندحر صاغرا؛ يقول حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يصف الشيطان وحاله في ذلك الموقف يقول: ((مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ))؛ رواه مالك والبيهقي وعبدالرزاق وابن عبدالبر.

فأين المسلم الذي يدحر الشيطان ويجعله يتصاغر وذلك بتقديم الطاعات لله تبارك وتعالى في يوم عرفة؟..أين المسلم الذي يحفظ جوارحه من المعاصي في هذا اليوم المبارك كي يغيظ الشيطان؟



🌻الفضيلة السادسة:
إن يوم عرفة يوم يرجى إجابة الدعاء فيه، وهذا اخبرنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم -؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))؛ رواه الترمذي وحسنه الألباني، فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين...

لقد كان لسلفنا الصالح ف
اللهم رد كيدهم في نحورهم، واجعل الدائرة عليهم يا قوي يا عزيز.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً.
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، اللهم أسق به البلاد والعباد واجعله زاداً للحاضر والباد.امين اللهم امين

عبادالله
إن الله يأمربالعدل
والاحسان.. ......
..........
ي موقف عرفة مآثر لا تنسى ومواقف خالدة، فقد وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي. وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيهم.

ووقف أحد الصالحين بعرفة فمنعه الحياء من ربه أن يدعوه فقيل له: لم لا تدعو؟ فقال: أجد وحشة، فقيل له: هذا يوم العفو عن الذنوب، فبسط يديه ووقع ميتاً!

وروي عن الفضيل بن عياض أنه نظر إلى تسبيح الناس وبكائهم عشية عرفة فقال أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً. - يعني: سدس درهم - أكان يردهم؟ قالوا: لا، قال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق.

وقال ابن المبارك جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تذرفان فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.

هكذا كان حال الصالحين في هذا اليوم المبارك؛ فصوموا هذا اليوم المبارك، وأكثروا يا مسلمون من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.. أكثروا في يوم عرفة من تلاوةالقرآن والذكر والاستغفار
ولاتضيعوه في الذهاب والاياب وفي الاسواق
ومشاهدت القنوات والمواقع
التي تضيع عليكم انفس واغلى واثمن الاوقات
فانتبهوا لانفسكم
يرحمكم الله ولاتكونوامن الغافلين

واكتروافيه من الدعاء وقولوا: اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء، نسألك أن تغفر ذنوبنا، وتستر عيوبنا، وتيسر أرزاقنا، وأن تحسن أخلاقنا، وتشفي أمراضنا، وتعافينا وتحفظنا وأموالنا وأوطاننا وأولادنا، وتحقق آمالنا، وتُعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وتوفِّقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين..


اقول قولي هذا................

🚧🚧🚧🚧🚧🚧🚧🚧


📜الخطبة الثانية:-

الحمد لله الذي جعل لأمة الإسلام أزمنة فاضلة يتنافس فيها الأخيار ويبادر لها عباد الله الأطهار، والصلاة والسلام على قدوتنا وحبيبنا محمد بن عبد الله خير من بادر لاستغلال وقته فيما يعود عليه بالخير له ولأمته، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع سنته إلى يوم الدين،


أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله: فالتقوى مفتاح كل خير، ومغلاق كل شر.

واعلموا عباد الله
ان النبي صلى الله عليه وسلم وقف في يوم عرفة
وخطب الناس
وهي خطبة عظيمة تضمنت أصولاً عظيمةً، وقواعدَ جليلةً، وآداباً كريمة.

إن من خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الحج خطبتَه يومِ عرفة، وذلك فيما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حديثه الطويل الذي وصف فيه حجة النبي صلى الله عليه وسلم من خروجه من المدينة إلى أن رجع إليها، وهو حديث عظيم مشتمل على جملٍ من الفوائد، ونفائسَ من مهماتِ القواعد، وهو مخرج في صحيح الإمامِ مسلمٍ رحمه الله.
قال جابر رضي الله عنه في سياق هذا الحديث:
((حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فَرُحِلَتْ له، فأَتى بطنَ الوادي فخطب الناس وقال:


((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا،

ألا كلُّ شيءٍ من أمر الجاهلية تحت قدميَّ موضوع،

ودماءُ الجاهلية موضوعة،
وإن أول دم أضعُ من دمائنا دمُ ابنِ ربيعةَ بنِ الحارثِ كان مُسْتَرْضعاً في بني سعدٍ فقتلته هذيل،

وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضعُ ربانا، ربا عباسِ بنِ عبد المطلب،
فإنه موضوع كلُّه،

فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهنَّ بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فُرُشَكم أحداً تكرهونه،
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرِّح،
ولهن عليكم رزقهُنَّ وكسوتهن بالمعروف،

وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتابَ الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس:
((اللهم اشهد، اللهم اشهد)) ثلاث مرات، ثم أَذّن، ثم أقام، فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر)).

*-قال العلامة ابن القيم رحمه الله في وصف هذه الخطبة وبيانِ مضامينها إجمالاً: ((فخطب الناسَ وهو على راحلته خطبةً عظيمة قرّر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت المللُ على تحريمها،
وهي الدماء والأموال والأعراض،
ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه، ووضع فيها ربا الجاهلية كلَّه وأبطله، وأوصاهم بالنساء خيراً،
وذكر الحق الذي لهنَّ والذي عليهن، وأن الواجب لهن الرزقُ والكِسوةُ بالمعروف، ولم يقدِّر ذلك بتقدير، وأباح للأزواج ضربهن إذا أدخلن إلى بيوتهن من يكرهه أزواجُهن، وأوصى الأمة فيها بالاعتصام بكتاب الله، وأخبر أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين به، ثم أخبرهم أنهم مسؤولون عنه، واستنطقهم: بماذا يقولون وبماذا يشهدون، فقالوا: ((نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت))، فرفع أصبعه إلى السماء، واستشهد الله عليهم ثلاث مرات، وأمرهم أن يبلغ شاهدهم غائبهم)) (1). اهـ كلامه رحمه الله.
وقد تضمنت هذه الخطبةُ جملاً مهمة من أمور الدين وآدابه، وهي كما يلي ـ على ضوء ترتيبها في الحديث

الأولى: تحريم دماءِ المسلمين وأموالِهم، وأَكَّد ذلك عليه الصلاة والسلامُ تأكيداً بالغاً: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا))
وكلُّهم يدرك حرمة بلد الله الحرام، وتَضَاعُفَ هذه الحرمة في اليوم الحرام وفي الشهر الحرام.
فحرمة دم المسلم وماله شديدة كحرمة بلد الله الحرام في اليوم الحرام وفي الشهر الحرام، فما أعظمها حرمة.
وياليت من يستبيح دماءالمسلمين واموالهم واعراضهم يعلمون ويفهمون ويعقلون.

الثانية: وَضْعُ كلِّ شيء من أمر الجاهلية وإبطالُهُ: ((ألا كلُّ شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع، ودماءُ الجاهلية موضوعة، وإن أوّل دم أضع من دمائنا دمُ ابنِ ربيعةَ بنِ الحارثِ، كان مُسْتَرضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأوّل رباً أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كلُّه))، ففي هذه الجملة إبطالُ أفعال الجاهلية وبيوعها التي لم يتصل بها قبض، وأنه لا قصاص في قتلها، وقوله: ((تحت قدميّ موضوع)) إشارة إلى إبطاله. وقوله في الربا إنه موضوع كله، المراد بالوضع الرد والإبطال.


الثالثة:الوصية بالنساء والحثُّ على الإحسان إليهن: ((فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)).
وهذه الجملة فيها مراعاة حق النساء، والوصية بهن ومعاشرتهن بالمعروف،
وقد جاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة في الوصية بالنساء وبيان حقوقهن والتحذير من التقصير في ذلك.

الرابعة: الوصية بكتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد: ((وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله)) والقرآن كتاب هداية، جعله الله مرشداً للعباد إلى كل طريق نافع وسبيل قويم، يفرقون به بين الحق والباطل والهدى والضلال والخير والشر، فمن تمسك به هدي ومن اعتصم به لم يضل ومن اتبعه لا يشقى، وإنما اقتصر على الكتاب لأنه مشتمل على العمل بالسنة، فمن لم يعمل بالسنة لم يعمل بالكتاب، وكذلك في قوله: ((وأنتم تسألون عني)) دلالة على العمل بالسنة.

الخامسة: إخبارهم بأنهم مسؤولون عنه صلى الله عليه وسلم واستنطاقُهُم بماذا يجيبون ((وأنتم تُسألون

مسؤولون عنه صلى الله عليه وسلم واستنطاقُهُم بماذا يجيبون ((وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات))،


وقوله: ((وأنتم تسألون عني)) أي: عن تبليغي للرسالة، وقوله: ((فما أنتم قائلون)) أي: في حقي. وقولهم
((قد بلغت)) أي: الرسالة، ((وأديت))
أي: الأمانة، ((ونصحت))
أي: الأمة، وقوله
((اللهم اشهد)) أي: على عبادك بأنهم قد أقروا بأني قد بلغت، وكفى بك شهيداً.

-

وفي الاخير اريد
ان نذكركم ببعض السنن النبوية في يوم عيد الأضحى المبارك:

1- أن لا يأكل شيئا قبل الذهاب إلى المصلى حتى يرجع من الصلاة.
فيأكل من الاضحية.

2- يستحب الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب.

3- يسن الذهاب إلى المصلى مشيًا، وأن يذهب في طريق ويعود من طريق آخر.

4- التكبير: يسن التكبير خاصة بعد الصلوات المفروضة والمسنونة من صبح يوم عرفة وينتهي إلى آخر يوم من أيام العيد (أيام التشريق) قبل الغروب.

أما التكبير بعد أي عمل من الأعمال فيكون مستحباً من غروب شمس ليلة العيد إلى قبيل دخول الإمام في صلاة العيد.

5- التهنئة بالعيد بقول المسلم لأخيه المسلم: (تقبّل الله منا ومنك).
مع التصافح والابتسامة وبشاشة الوجه لجميع الناس.

6- الأضحية، وهي أن يضحي المسلم بعد رجوعه من صلاة العيد لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم ننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا))؛ رواه البخاري.

7-الصدقةوالعطف على المحتاجين وخاصة
من الاضاحي .

8-بر الوالدين وزيارة الارحام . وجميع الاقارب
والاصحاب.


هذاوصلووسلموا ... ........ ...........

اللهم انانسألك الهدى والتقى والعفاف والغنا

اللهم إنانسألك أن تتقبل من حجاج بيتك الحرام
وان تجعل
حجهم، مبروراً
وسعيهم مشكوراً
وذنبهم مغفوراً
وأن تكتب لهم الصحة والعافية والمثوبة والأجر،الكبير
وأن تردهم إلى ديارهم سالمين،
غانمين مغفوري الذنوب والخطايا.

اللهم إحفظ هذا البلد وسائربلادالمسلمين
من كيد الكائدين ومكرالماكرين
ومن شر الأشرار
وكيد الفجار،
اللهم إجعل هذا البلد آمناًمطمئناً وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين.

اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك الصالحين،
اللهم عليك بمن يكيد بالإسلام والمسلمين،
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
فـــضــــــل يـــوم عــــــرفـــــة
للدكتــور/ ابراهــيـــم الحقـــيل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الملك الحق المبين؛ ذي القوة المتين، هدى العباد صراطه المستقيم، ودلهم على شرعه القويم، وهو الولي الحميد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ في هذه الأيام العظيمة يجتمع أهل الموسم على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويعظمون حرماته وشعائره، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ضحى وشرع الأضحية لأمته، فهي من آكد سنته، فمن قدر عليها فلا يحرمن نفسه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أمـــا بعـــد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وعظموه في أعظم أيامه؛ فإن هذه الأيام أعظم أيام الدنيا.. تزود فيها من البر والتقوى، وجانبوا الإثم والهوى ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج:30].

أيها الناس: فضائل هذه الأيام كثيرة، ولبعضها خصائص ليست لغيرها كيوم عرفة، ويوم النحر. وهذا حديث عن يوم عرفة، وما فيه من الفضائل؛ لنعلم قدره، ونعظم حرمته، ولا نهدر منه لحظة.

وإذا ذكر عرفة سحت العيون بالدمع على مشهد الحجيج وهم في عرفة يجأرون لله تعالى بصالح الدعوات؛ فرحا بهم، وغبطة لهم، وشوقا إلى المشاعر المقدسة.

إن يوم عرفة هو يوم من أيام الأشهر المحرمة، وهو من أيام العشر المفضلة، وهو من الأيام المعلومات المذكورة في قوله تعالى ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج:27]. وقد أقسم الله تعالى به في كتابه الكريم مما يدل على فضله وعظمته، ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج:3] قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْآيَةِ: "الشَّاهِدُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالْمَوْعُودُ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

وهو يوم كمال الدين، وتمام النعمة؛ كما في حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» رواه الشيخان.

وهو كذلك يوم عيد للمسلمين؛ كما في حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وهو ركن الحج الأعظم، فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج معذورا كان أم غير معذور؛ لحديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيَّ قال: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَقَالَ: " الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ..." رواه أحمد.

وهو يوم المباهاة بأهل الموقف كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا» صححه ابن خزيمة وابن حبان.

وهو يوم العتق من النار؛ لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟"رواه مسلم.

فظاهر الحديث أنه أكثر يوم في العام يعتق الله تعالى فيه خلقا من النار. والظاهر أن العتق من النار ليس خاصا بأهل عرفة، وإنما هو عام لهم ولغيرهم، وإن كان يرجى لأهل عرفة أكثر من غيرهم.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله تعالى من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين؛ فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده، لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة.

وهو يوم الدعاء، ويوم ترطيب الألسن والقلوب بكلمة الت
وهي ثلاثة بعد العيد؛ لقول النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فلنكثر من ذكر الله تعالى فيما تبقى من هذا الموسم الكريم، ولنجتنب منكرات العيد، ولنجعل يوم العيد مع أيام التشريق أيام شكر وذكر لله تعالى على ما هدانا وأعطانا ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ﴾ [الحج:27].
وصلوا وسلموا على نبيكم....

========================
وحيد؛ لحديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ بْنِ كَرِيزٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ» رواه مالك مرسلا.

والظاهر أن فضل الدعاء ليس خاصا بالواقفين بعرفة فقط، وإن كان القبول منهم أرجى من غيرهم؛ لتلبسهم بالإحرام، ووجودهم في أطهر البقاع، وكذلك الدعاء بكلمة التوحيد الواردة في الحديث ليست خاصة بأهل عرفة، بل ينبغي أن يكثر من قولها أهل الأمصار في ذلك اليوم العظيم.

وكأن الإكثار من الدعاء بكلمة التوحيد في يوم عرفة هو لتأكيد الوفاء بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على البشر قبل وجودهم على الأرض، وهو الوارد في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ – يَعْنِي: عَرَفَةَ - فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا " قَالَ: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الأعراف: 173] رواه أحمد.

فناسب أن تلهج ألسنة المؤمنين بكلمة التوحيد في ذلكم اليوم العظيم، وعليه فإنه ينبغي أن يكثر المسلمون من الذكر والدعاء في يوم عرفة أينما كانوا، فجدوا -عباد الله- في الذكر والدعاء وألحوا؛ فلعل نفحات الله تعالى تصيبكم في يوم عرفة ولو لم تقفوا بها، وفضل الله تعالى يسع أهل الموسم وغيرهم، فلا يحرمن عبد نفسه خير الله تعالى وفضله في ذلكم اليوم العظيم.

وهو يوم إصغار الشيطان ودحره؛ لما يرى من تنزل رحمات الله تعالى على عباده؛ كما في حديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ»....رواه مالك مرسلا.

وإذا كان أهل الموسم قد ظفروا بالوقوف في عرفة ركن الحج الأعظم، فإن لأهل الأمصار صوم ذلك اليوم العظيم، وصومه يكفر سنتين كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رواه مسلم.

نسأل الله تعالى أن يقبل منا ومن المسلمين، وأن يكتب لنا جميعا الرحمة والمغفرة والعتق من النار، إنه سميع مجيب.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم....


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أمـــا بعـــد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأكثروا في هذه الأيام العظيمة من ذكره وتكبيره؛ فإن ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال ﴿ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ﴾ [العنكبوت:45] وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه: «مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».

أيها المسلمون: عيد الأضحى هو أكبر أعياد المسلمين وأفضلها؛ لأنه في أفضل الأيام وأشرفها، وفيه أكثر الشعائر وأعظمها.

وتشرع فيه الأضاحي وهي من أفضل الأعمال وأجلها، وهي من سنة النبي صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي حَدِيثٍ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

ولنجتنب من الأضاحي ما كان بها عيب؛ فإنها قربان لله تعالى، ولنختر منها أطيبها وأسمنها؛ لقول أَبي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ: «كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ».

ومن طرأت عليه الأضحية يوم النحر أو بعده، أو كان لا يجد ثمنها ثم وجده فله أن يضحي ولو كان قد أخذ من شعره وظفره في العشر. وأهل البيت تكفيهم أضحية واحدة، وهي باب قربة وعبادة، ولا تجوز فيها المباهاة والمفاخرة.

ولا يشرع تخصيص الأموات بالأضحية، فإن ضحى أحد عنهم أشرك نفسه أو أحدا من الأحياء معهم، إلا إذا كانت وصايا للأموات ومن أسبالهم فتنفذ وصاياهم؛ لأنها من كسبهم وصدقاتهم.

ويحرم صوم يوم العيد وأيام التشريق،
🎤
خطبة.عيد.الأضحى.بعنوان.cc
ثـبات المـؤمن في أعاصـير الفتن
للشيخ/ ابراهيــم بن محمــد الحقيــل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله العلي العظيم
القوي المتين، جبار السموات والأرضين ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ [يونس: 3] ويقضي القضاء حلوه ومره؛ فيؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، نحمده على أفعال أحكمها، ونعمة أتمها، ونقمة دفعها، وشريعة أكملها، ونحمده على خلق أتقنه، وأمر قدره، وقضاء أنفذه، فلا ملك إلا ملكه، ولا أمر إلا أمره، ولا خلق إلا خلقه؛ يقضي فيهم بعلمه وحكمته، ويعاملهم بعدله ورحمته، وكل ما يقضي فهو خير للمؤمنين ولو بدا لهم غير ذلك؛ فأنه سبحانه يتردد في قبض روح المؤمن؛ لأن المؤمن يكره الموت، والله تعالى يكره مساءة المؤمن .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رب المشارق والمغارب، وخالق الإنسان مـن طين لازب، ومخرجه من بين الصلب والترائب؛ هو أرحم بعباده المؤمنين من أنفسهم، وهو أعلم بما يصلحهم، يخافون زوال نعمتهم، وتحول عافيتهم، ولا يدرون ما الخير في قضاء ربهم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ابتُلي بعظائم المصيبات، وكبائر المدلهمات، وتحزبت عليه الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11] والنبي صلى الله عليه وسلم ثابت لا يتزعزع، وواثق بوعد ربه سبحانه لا يتضعضع، ويعدهم في ذلكم الموقف بكنوز كسرى وقيصر حتى قال قائل المرضى والمنافقين ﴿ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12] فوقع وعد الله تعالى، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وخسئ أهل الكفر والنفاق، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر؛ وقف الحجاج له بالأمس يذكرونه ويدعونه، وصام ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يلتمسون ثوابه، وفي عشية الأمس رفعت أكف الملايين من الداعين يتحرون ساعة الجمعة في يوم عرفة، وهم بين صائم وواقف بعرفة، فيا لله العظيم ما أعظم عبودية الدعاء، وما أجمل الرجاء، وليسوا يدعون ولا يرجون إلا ربا كريما، جوادا عظيما، عفوا حليما، غفورا رحيما، عليما حكيما ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110] ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر، يسير إخوانكم الحجاج الآن إلى الجمرات بعد أن باتوا البارحة بمزدلفة، يسيرون في جموع غفيرة مهيبة يلبون ويكبرون، ولله تعالى يعظمون ويعبدون، ولفضله ومغفرته يرجون، ومن عذابه يشفقون، فاللهم أعطهم ما يرجون، وأمنهم مما يخافون، واقبل منا ومنهم ومن المسلمين أجمعين.

الله أكبر؛ تُقدم اليوم القرابين لله تعالى من هدي وأضاحٍ، فتذبح لله تعالى، ويذكر عليها اسمه، فما من عبادة في هذا اليوم أعظم من إنهار دماء القرابين؛ شكرا لله تعالى، وعبودية له، وتعظيما لشعائره ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36].

الله أكبر؛ يرمي الحجاج جمرة العقبة، ويحلقون رؤوسهم ويقصرون، ويحلون إحرامهم، وبالبيت يطوفون، ثم يعودون لمنى للمبيت بها ورمي الجمار يومي الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، والثالث عشر لمن تأخر، ثم يطوفون للوداع وينصرفون إلى أهليهم؛ فمنهم من يعود حين يعود وقد رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومنهم من يرجع بحج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومنهم من لم ينصرف من عرفة حتى قيل لهم: اذهبوا مغفورا لكم. فالله أكبر، ما أكرم ربنا، وما أوسع حلمه، وما أعظم مغفرته، وما أكثر عطاءه. والله أكبر؛ ما أعظمها من مناسك، وما أحسنها من شعائر، اشتدت مشقتها فكثر أجرها، وازدحم المؤمنون لنيل بركتها، فجاءوا من كل فج عميق؛ ليذكروا اسم الله في أيام معلومات. فالحمد لله الذي هدانا لديننا، والحمد لله الذي علمنا مناسكنا، والحمد لله الذي تولى جزاءنا، والكريم يجزي على قدر كرمه، وربنا ليس لكرمه حد، ولا يحصيه عدَّ، ولا تبلغه محمدة حامد، ولا ذكر ذاكر، فسبحان الله وبحمده زنة عرشه، ورضاء نفسه، وعدد خلقه، ومداد كلماته، والله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: يعيش المؤمن زمنا عصيبا تتفجر فيه الفتن، وتتوالى على المؤمنين المحن، القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، والمتمس
ك بإيمانه معرض لعظيم الابتلاء، وقد نجم النفاق، وقويت سطوة الكفار. يريدون تبديل شرع الله تعالى، وإخراج المسلمين من دينهم، مما يذكر بابتلاءات السابقين الذين كانوا يُنشرون بالمناشير، ويمشطون بأمشاط الحديد، وما يردهم ذلك عن دينهم.

لقد ضاقوا ذرعا بالإسلام، وضاقوا أكثر بدعوة الإمام محمد ابن عبد الوهاب، فحمَّلوها كل ما يجري في الأرض من عنف وبلاء ودماء، ولولا أنها دعوة حق، وأن الأمة حييت بها لما تكالب على رمييها أعداء الداخل وأعداء الخارج، ولما تآزرت على النيل منها أمم الكفر، وكتائب النفاق، وألوية البدعة.

إننا في زمن أضحى فيه الإيمان تهمة، وصار تجريد التوحيد لله تعالى جريمة، فيؤذى من يتمسك بإيمانه ويحقق توحيده، وودوا لو اجتثوا من الأرض المتطهرين، وأخلوها من المؤمنين الموحدين.

إننا في زمن تحول فيه الإيمان والتوحيد عند بعض الناس إلى سلع تباع وتشترى، ويساوم عليها، وهو الزمن الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم.

وبيع الدين ها هنا، لا يلزم منه السجود لصنم، أو الطواف بقبر، أو دعاء غير الله تعالى، وإنما يبيع دينه بموقف يتزين فيه لمخلوق، أو كلمة يرضيه بها، أو فعل يقربه منه، فيستوجب سخط الله تعالى.

يبيع دينه بكلمة باطل تؤجج الفتن، أو يستباح بها الدم، أو تجلب على الناس محنة، فيمتحن الناس بها، وقد جاء في الحديث «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» وفي رواية «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رواه البخاري.

فكم من كلمة أشعلت فتنة، أو سببت محنة؛ فهذه تسخط الله تعالى، وكم من كلمة أُخمدت بها فتنة، أو رُفعت بها محنة؛ فهذه ترضي الله تعالى ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191] وفي موضع آخر ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217] والفتنة التي هي أشد من القتل وأكبر منه هي فتنة الشرك، وقد يشرك العبد بكلمة؛ ولذا قال الله تعالى في الموضع الثاني عن الكفار ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217].

لقد رأينا في السنوات الأخيرة من تفاقم الفتن، وتتابع المحن، وتوالي الأحداث، وتبدل المواقف، واضطراب كثير من البلدان ما يصيب بالحيرة، ويعقد اللسان من شدة الدهشة، وهذا ما يزيدنا إيمانا بما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام من وقوع الفتن في آخر الزمان.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الفتن التي يكثر فيها بيع الدين إلى أمرين يحفظان على العبد إيمانه فلا يبذله ولا يبيعه ولا يتنازل عن شيء منه: وهما المبادرة بالعمل الصالح وتكثيفه وتكثيره، وإمساك اللسان عن قول باطل تكون به فتنة تهلك الناس، وتوبق صاحبها. كما في الحديثين السابقين.

فعلى من أراد النجاة من عواصف الفتن أن يجعل إيمانه أغلى شيء يملكه، وأن لا يتخلى عن شيء منه مهما وقع له، وأن يدرأ عن إيمانه العوادي ما استطاع، ولا يُحمِّل نفسه من البلاء ما لا يطيق؛ فإن عوفي شكر، وإن ابتلي صبر. مع التترس بكثرة العبادة؛ لأنها منجاة في الفتن، وتكرار الأدعية التي فيها الهداية للحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، وسؤال الله تعالى العفو والعافية؛ فإنه ما أعطي عبد شيئا أوسع من العافية. مع ضبط اللسان والقلم، فلا يحكي إلا صدقا، ولا ينطق إلا حقا، ولا يحكم إلا عدلا، فلا يروج إشاعة، ولا يثير فتنة، ولا ينشر ظلما، ولا يفتري كذبا «...وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».

وإذا تذكر العبد أنه لا منجاة له في الآخرة إلا بالإيمان؛ علم أهمية الإيمان فلم يفرط فيه لأجل شيء من الدنيا مهما عظم، وتحمل الأذى في سبيل إيمانه كما تحمله الصحابة رضي الله عنهم في أول الإسلام. ومن غرته دنياه خسر آخرته وهو لا يشعر. فعلى المؤمن أن يخاف على إيمانه أكثر من خوفه على نفسه وماله وأهله وولده، فكم من فاقد إيمان لا يدري أنه فقده؟

وأما دين الله تعالى فمنصور وإن رغمت أنوف الكفار والمنافقين، وإن تخلى عنه من تخلى عنه، أو استبدل به غيره، لكن لا يلزم أن يدرك كل المؤمنين وقت العز والنصر وإن كانوا شركاء فيه بثباتهم ودعو
ته

م وتقواهم وصبرهم، والله يجزل لهم أجرهم يوم القيامة كاملا؛ كما قال خباب بن الأرت رضي الله عنه: «هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ...» رواه البخاري. فمصعب رضي الله عنه من المؤمنين السابقين، ومن بناة النصر المبين لكنه لم يدرك النصر والفتوح.

وكم من أناس لا يثبتون في الفتن، ولا يطيقون صبرا على المحن؛ فينسلخون من دينهم، ويبيعون إيمانهم، ويبدلون انتماءهم، فأولئك ما آمنوا قناعة بالإيمان، وإنما لينالوا بإيمانهم عرضا من الدنيا، فهم مع المؤمنين في السراء، ومع أعدائهم في الضراء، نعوذ بالله من تقلب القلوب، وتبدل الأحوال «اللهُمَّ إِنِّا أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم...


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمده على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يحل الذبح على وجه التعبد إلا له، ولا يذكر على الذبيحة إلا اسمه «وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ»، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أما بعـــد: فاتقوا الله تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل الأيام عند الله تعالى، وأكثر أعمال الحجاج فيه، وتقربوا إليه بالضحايا، وطيبوا بها نفسا، وأخلصوا لله تعالى فيها؛ فإنها من أجل الشعائر ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162- 163].

والسنة أن يباشر ذبح أضحيته بيده، وأن يأكل منها ويهدي ويتصدق، ولا يبيع شيئا منها، ولا يعطي الجزار أجرته منها لا لحما ولا جلدا ولا غيره. ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، ولا يحل صوم يوم العيد ولا الأيام الثلاثة التالية له فكلها عيد، وكلها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، ومن طرأت عليه الأضحية اليوم أو خلال الأيام الثلاثة القادمة جاز له أن يضحي، ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خلال العشر.

واعلموا أن هذه الأيام أيام ذكر لله تعالى، وأخصه التكبير لعظمتها وكثرة الشعائر فيها ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيتها المرأة المسلمة: كما يُوصى الرجال بإحراز الإيمان والمحافظة عليه فكذلك توصى النساء به، وبزيادته بالعمل الصالح، وتحصينه بالذكر والدعاء؛ لأن أكثر ضحايا الفتن والحروب هم النساء والأطفال، فلتتحصن المؤمنة بالإيمان، ولتترس بالدعاء وصالح الأعمال لتثبت في كبريات الفتن، وتحتمل شدائد المحن، ولتربِّ أولادها على ذلك؛ إرضاء لله تعالى، وطلبا لمثوبته وجنته، قدوتها في ذلك الصحابيات اللائي تحملن شدة الأذى بسبب إيمانهن؛ كسمية أم عمار رضي الله عنهما؛ فإنها عذبت في إيمانها أشد العذاب، ثم قتلت على إيمانها فكانت أول شهيدة في الإسلام. وأما الدنيا بزخارفها فيرحل عنها الإنسان، وهي إلى زوال، فلا يبقى إلا الإيمان والعمل الصالح ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: افرحوا الفرح المشروع بالعيد، وأدخلوا الفرح على والديكم ببرهم، وعلى أرحامكم بصلتهم، وعلى جيرانكم بالإحسان إليهم، وعلى أهلكم وأولادكم باللهو المباح معهم؛ فإن اليوم يوم فرح وحبور للمؤمنين، واجتنبوا منكرات العيد؛ فإنها تنافي شكر الله تعالى على الهداية للإيمان والعمل الصالح، وكفران النعم يكون سببا في سلبها، وأكثروا من الدعاء لإخوانكم المنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها، وسلوا الله تعالى أن يكشف الغمة عن الأمة، وأن يبدل ذلها عزها، وتفرقها اجتماعا، وضع
فها

قوة.

أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين أجمعين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

========================
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•

خطــبــة جـــيـــدة بعــنــــوان : فضـل.عـرفـة.والنحــر.والتشــريق.tt
8-ذو الحجة1440هـ 9-اغسطس2019م
جمع وإعداد الشيخ/ مـحــمـــد الـجـــرافــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخطبــة.الأولــى.tt*
الحمد لله الذي سهل طريق السعادة للمسلمين، ووعدهم بجزيل الجزاء في العاجلة ويوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله جعل للطاعات مواسم .

وأشهد أن محمد عبده ورسوله خصه بالحكمة وجوامع الكلم، أرسله رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، أكمل برسالته نعمة الإيمان والإسلام، وفضله على جميع الأنام، وعلى آله وصحبه وأتباعه من بعده، كانوا يتسابقون إلى فعل الخيرات، وتركوا محبوباتهم من أجل إرضاء رب الأرض والسموات، ومن اقتفى أثره، وسلك نهجه، واتبع سنته إلى يوم الدين والجزاء، لينالوا بذلك الأجر والوفاء.

وبعـــد: عبــاد الله :
ها قد وصلنا في أيام العشر من ذي الحجة الى اليوم الثامن وغدا سيكون اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة

*عباد الله كل منا يتمنى أن يشارك حجاج بيت الله الحرام، ويقف موقفهم في عرفات وهي منة يتمناها كل منا، ويرجوها غالبنا، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، فمن رحمته ولطفه بعباده، أن نوع العبادة وسهل طرقها، لينالوا بذلك الأجر والثواب، ويشاركوا إخوانهم الحجاج فيما هم فيه من الخير والبر وسائر الأبواب، ومن ذلك التكبير والاستغفار يوم عرفة، وعقب الصلوات في أيام التشريق، وقد حثنا رسولنا المكرم، ونبينا المعظم على صيام يوم عرفة، لما له من المزية في غفران الذنوب، وتفريج الكروب، فصيامه يُكفِّر ذنوب سنتين:

فقد ثبَت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((صيام يوم عرفة أحتَسِبُ على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده))، وهذا الأمر مستحبٌّ لغير الحاجِّ، وأمَّا الحُجَّاج فالأولى لهم الفطر؛ للتَّقَوِّي على العبادة، ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

فعلى المسلم المقيم أن يحرص على صيام هذا اليوم العظيم اغتناماً للأجر

*في هذا اليوم العظيم لخص الحبيب صلى الله عليه وسلم لأمته بل للبشرية في يوم عرفة في خطبة الوداع مبادئ الرحمة والإنسانية، وأرسى لهم دعائم السلم والسلام، وكانت آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم لأمته: التمسك بكتاب الله والاعتصام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر التلقي والطريقة المثلى لحل مشاكل المسلمين التي قد تعترض طريقهم في الرجوع إلى مصدرين فيهما الأمان من كل شقاء وضلال هما: كتب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم-
صدقت يا رسول الله، لقد ضمنت لأمتك الأمان من كل شقاء وضلال إذا تمسكت بهذا الكتاب، وهل وصلت أمة الإسلام إلى ما وصلت إليه من ضعف وذل وهوان إلا بهجر كتاب الله وترك منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

فَلِلهِ ذَلِكَ اليَومُ الشَّرِيفُ العَظِيمُ الذي يَقِفُ الحُجَّاجُ فِيهِ بِتِلكَ المَوَاقِفِ المُشَرَّفَةِ، وَيحظَونَ بِزِيَارَةِ تِلكَ البِقَاعِ المُطَهَّرَةِ، فَكَم مِن ضَارِعٍ بَينَهُم وَمُنكَسِرٍ! وَكَم مِن حَزِينٍ فِيهِم وَأَسِيفٍ! كَم مِن نَائِحٍ عَلَى ذُنُوبِهِ بَاكٍ عَلى عُيُوبِهِ! كَم مِن رَجُلٍ بَادَرَ اللهَ بِالتَّوبَةِ فَبَادَرَهُ بِالغُفرَانِ! وَخَطَّ بِدُمُوعِهِ كِتَابَ رُجُوعِهِ فَحَطَّ عَنهُ وِزرَ العِصيَانِ!

لَيتَ شِعرِي، كَم يَنصَرِفُ ذَلِكَ اليَومَ مِنَ المَوقِفِ مِن رِجالٍ مَا عَلَيهِم مِنَ الأَوزَارِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ! قَد مَلأَت قُلُوبَهُمُ الأَفرَاحُ وَعَلت وُجُوهَهُمُ المَسَرَّةُ!
فَيَا مَن رَأَى هَذِهِ الجُمُوعَ وَقَدِ استَدبَرَت دُنيَاهَا وَاستَقبَلَت أُخرَاهَا، وَاستَوحَشَت مِن الأَرضِ وَحَرِيقِها، وَطَمِعَت في الجِنَانِ وَرَحِيقِهَا، جَعَلَت مُنَاجاتَهَا طَرِيقًا إِلى نجَاتِهَا، وَعَبرَتَهَا سَبِيلاً إِلى عِبرَتِهَا، مِئاتُ الآلافِ تجأَرُ إلى اللهِ بِمُختَلِفِ اللُّغَاتِ، وَاللهُ سُبحَانَهُ سميعٌ بصيرٌ، لا تختَلِفُ عَلَيهِ الأَلسِنَةُ وَلا يَشغَلُهُ سُؤَالٌ عَن سُؤَالٍ.

*إِنَّ يَومَ عَرَفَةَ كَالمُقَدِّمَةِ لِعِيدِ النَّحرِ، إِذْ فِيهِ يَكُونُ الوُقُوفُ وَالتَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ، وَفِيهِ التَّوبَةُ والابتِهَالُ وَالاستِقَالَةُ، فَهُوَ كَالطُّهُورِ وَالاغتِسَالِ بَينَ يَدَي يَومِ النَّحرِ، وَفِيهِ يَكُونُ أَفضَلُ الدُّعَاءِ وَأَرجَى المَسأَلَةِ، قال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)). صحيح سنن الترمذي، قال الألباني: (حسن).

أَمَّا يَومُ النَّحرِ فَهُوَ يَومُ الوِفَادَةِ وَالزِّيَارَةِ؛ وَلَذَا سُمِّيَ طَوَافُهُ طُوَافَ الزِّيَارَةِ؛ ل

أَنهم قَد طُهِّرُوا مِن ذُنُوبِهِم يَومَ عَرفَةَ، ثم أَذِنَ لهم رَبُّهُم يَومَ النَّحرِ بِزِيَارَ
تِهِ وَالدُّخُولِ إلى بَيتِهِ. إِنَّهُ يَومُ الحَجِّ الأَكَبرِ الذِي تَقَعُ فِيهِ أَكثَرُ أَعمَالِ الحَجِّ مِنَ الحُجَّاجِ، وَفِيهِ يَتَقَرَّبُ سَائِرُ أَهلِ الأَمصَارِ إِلى اللهِ بِالصَّلاةِ وَالنَّحرِ وَالذِّكرِ، وَهُوَ يَومٌ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ، يَرَى بَعضُ أَهلِ العِلمِ أَنَّهُ أَفضَلُ أَيَّامُ السَّنَةِ، وَأَنَّهُ أَفضَلُ حتى مِن يَومِ عَرَفَةَ، لِمَا في السُّنَنِ عنه أَنَّهُ قال: ((إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ))

وَيَومُ القَرِّ هُوَ يَومُ الاستِقرَارِ في مِنى، وَهُوَ اليَومُ الحَادِيَ عَشَرَ. وَسَوَاءٌ كَانَ يَومُ العِيدِ أَفضَلَ أَم يَومُ عَرَفَةَ فَإِنَّ كِلَيهِمَا يَومَانِ فَاضِلانِ عَظِيمَانِ كَرِيمَانِ، وَاقِعَانِ في أَيَّامٍ عَظِيمَةٍ شَرِيفَةٍ، لا يَقدُرُهَا حَقَّ قَدرِهَا إِلاَّ المُوَفَّقُونَ الأَتقِيَاءُ، وَلا يُحرَمُ مِن فَضلِهَا إِلاَّ المحرومُونَ الأَشقِيَاءُ.

وَعَن يَومِ عَرَفَةَ وَالعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ قَالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: ((يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ)).

وبعده أيام التشريق، أيام طاعة لله سبحانه وتعالى، فهي أيام الذِّكر والشكر لله عز وجل والأكل؛ كما في حديث نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لله))رواه مسلم.

مميزات هذه الأيام:
1- أيام التشريق نعيم الأبدان والقلوب
فأيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعم، وكلما أحدثوا شكرا على النعمة كان شكرهم نعمة أخرى، فيحتاج إلى شكر آخر، ولا ينتهي الشكر أبدا. في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل))

إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته، - وخصوصا نعمة الأكل من لحوم بهيمة الأنعام كما في أيام التشريق- وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات، وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له، فمن استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدلها كفرا، وهو جدير أن يسلبها...

2- مواسم الدنيا تذكر بمواسم الآخرة
قال ابن رجب رحمه الله: ((كل يوم كان للمسلمين عيدا في الدنيا فإنه عيد لهم في الجنة، يجتمعون فيه على زيارة ربهم، ويتجلى لهم فيه، ويوم الجمعة يدعى في الجنة: يوم المزيد، ويوم الفطر والأضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة. وقال رحمه الله: كل ما في الدنيا يذكر بالآخرة، فمواسمها وأعيادها وأفراحها تذكر بمواسم الآخرة وأعيادها وأفراحها.

صنع عبد الواحد بن زيد طعاما لإخوانه فقام عتبة الغلام على رؤوس الجماعة يخدمهم وهو صائم، فجعل عبد الواحد ينظر إليه ويسارقه النظر و ودموع عتبة تجري، فسأله بعد ذلك عن بكائه حينئذ؟ فقال: ذكرت موائد الجنة والولدان قائمون على رؤوسهم فصعق عبد الواحد. أبدان العارفين في الدنيا وقلوبهم في الآخرة))

ولما كانت هذه الأيام هي آخر أيام يقضيها الحجاج في تلك الربوع الطاهرة، حيث وفقهم الله لأداء مناسكهم، كما أن المسلمين من غير الحجاج قد تقربوا إلى الله تعالى بنحر الأضاحي بعد الأعمال الصالحة في الأيام العشر، كان ختام هذه المواسم الإيمانية ذكر الله تعالى وشكره من الحجاج وغيرهم، كما جاء في الحديث الشريف: «اللَّهُمَّ أعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ ?عِبَادَتِكَ»، (أخرجه أبو داود)?.  

*عباد الله ان يوم العيد تزدحم أعمال الخير للناس وللحجاج ففيه أهم أعمال الحجيج، ففيه يرمون جمرة العقبة ويطوفون بالبيت طواف الإفاضة ويحلقون رؤوسهم ويذبحون هداياهم ويبقون في منى، أما غير الحجاج فإنهم يصلون العيد ويذبحون أضاحيهم ويكبرون ويحمدون.

فحق لهذا اليوم أن تكون له مزيته وشرفه، فلنحمد الله على هذه النعمة ولنجدد الشكر له سبحانه وتعالى و يشرع للجميع الإكثار من التكبير والذكر في هذا اليوم وفي يوم العيد وأيام التشريق، فهي أيام ذكر وشكر كما قال سبحانه: {وَأَذّن فِى النَّاسِ بِالْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:27، 28]، ولقوله سبحانه: {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودٰتٍ} 

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات


*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله

وبـــعـــــ

ـد :
ويستحب للمسلم التجمل في العيد بلبس الحسن من الثياب والتطيب في غير إسراف، وصلاة العيد المسل
مون يجتمعون لها مثل الجمعة، وقد شرع فيها التكبير.سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس في الثانية.

ويستحب في عيد الأضحى أن لا يأكل إلا بعد صلاة العيد ويستحب للمصلي يوم العيد أن يأتي من طريق و يعود من طريق آخر اقتداءاً بالنبي فعن جابر قال: (كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق)البخاري.

ويستحب له الخروج ماشياً إن تيسر، ويكثر من التكبير حتى يحضر الإمام.

وأيام العيد ليست أيام غفلة، بل هي أيام عبادة وشكر، والمؤمن يتقلب في أنواع العبادة ومن تلك العبادات التي يحبها الله تعالى ويرضاها صلة الأرحام وزيارة الأقارب وترك التباغض والتحاسد، والعطف على المساكين والأيتام، وإدخال السرور على الأهل والعيال، ومواساة الفقراء وتفقد المحتاجين من الأقارب والجيران.

ومن شعائر يوم العيد ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل لقوله سبحانه: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]. ويقول سبحانه: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَـٰهَا لَكُمْ مّن شَعَـٰئِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَـٰنِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَـٰهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج:36] وجعلها من شعائره.

ثم بين سبحانه الحكمة من ذبح الأضاحي والهدايا بقوله {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:37] فإن الخالق الله تعالى الرازق فلا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، لأنه تعالى هو الغني عما سواه، وإنما العبد يناله الأجر والثواب بالإخلاص فيها والاحتساب والنية الصالحة، ولهذا قال: وَلَـٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُم .

ولذبح الأضحية حكم واسرار فمن من أسرار الذبح والنحر

1- النحر رمز لذبح رغبات النفس الدنيئة, وشهواتها وأهوائها المفسدة.

2- وهو رمز للتضحية والفداء؛ حيث تضحي ببعض مالك رمزاً لإزهاق شهواتك وأهوائك.

3- إنه – باختصار- إراقة لدم الرذيلة بيد اشتد ساعدها في بناء الفضيلة.

ولذا كان على المسلم أن يستشعر في ذبح الأضاحي التقرب والإخلاص لله تعالى بعيداً عن الرياء والسمعة والمباهاة، وامتثالاً لقوله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ الْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163].

وللأضحية شروط لا بد من توفرها، منها السلامة من العيوب التي وردت في السنة، وقد بين العلماء هذه العيوب مفصلة، ومن شروطها أن يكون الذبح في الوقت المحدد له، وهو من انتهاء صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر .

هذا وصلوا وسلموا على النبي المصطفى والحبيب المرتضى كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعَلا فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }

اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ بلادنا واقض ديوننا واشف أمراضنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤاثر علينا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا وأصلح أحوالنا وأحسن ختامنا يارب العالمين

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر
ّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ، فإنِ انتَهينَ فلَهنَّ رزقُهنَّ وَكسوتُهنَّ بالمعروفِ واستوصوا بالنِّساءِ خيرًا، فإنَّهنَّ عندَكم عَوانٍ لا يملِكنَ لأنفسِهنَّ شيئًا، وإنَّكم إنَّما أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ، واستحللتُم فروجَهنَّ بِكلمةِ اللَّهِ، فاعقلوا أيُّها النَّاسُ قولي، فإنِّي قد بلَّغتُ وقد ترَكتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُم بِهِ فلن تضلُّوا أبدًا، أمرًا بيِّنًا كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ نبيِّهِ .

أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي واعقِلوهُ تعلمُنَّ أنَّ كلَّ مسلمٍ أخو للمسلِمِ، وأنَّ المسلمينَ إخوَةٌ، فلا يحلُّ لامرئٍ من أخيهِ إلا ما أعطاهُ عن طيبِ نفسٍ منه فلا تظلِمُنَّ أنفسَكمُ اللَّهمَّ هل بلَّغتُ قالوا: اللَّهمَّ نعَم، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: اللَّهمَّ اشْهَدْ. هذا مما خطب به صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبة حجة الوداع

أيها المسلمون : إياكم الوقوع في دماء المسلمين فإنَّ مما عُلِمَ من الدين بالضرورة وتواترتْ به الأدلة من الكتاب والسنة حُرمة دم المسلم، فإنَّ المسلم معصوم الدم والمال، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى ثلاث، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يَحلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: كَفَرَ بعدَ إسلامهِ، أو زَنَى بعد إحصانهِ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس» (أخرجه: أبو داود ، وابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه).

وما عدا ذلك، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، بل من الدنيا أجمع.
وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا» (أخرجه: النسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما)، وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم، ثم تبصّر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام، نسأل الله السلامة.

قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93].
وكما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلُ دم امرىء مسلم يشهد أنْ لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»، ثم إذا وقع في شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أنْ يقتله، وإنَّما ذلك إلى الإمام أو نائبه" قال تعالى:: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام من الآية:151]، والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً"

أيها المؤمنون:
إن الحج مناسبة عظيمة لتجسيد وحدة المسلمين واتحادهم : قال تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103،

إن الحج خير دليل عملي لدعوة المسلمين في كل مكان للوحدة والاتحاد ونبذ الخلاف والنزاع، دعوة إلى نبذ التمزق والشقاق والعناد: قال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46 ، وقال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} آل عمران105، ،،،، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ........... الحديث)

أيها المسلمون: إن الوحدة والإتحاد قوة ، والفرقة والخلاف ضعف، إن الوحدة والإتحاد خير وأمن ، والفرقة والخلاف شر وخوف ، الوحدة والإتحاد نصر ، والفرقة والخلاف هزيمة ، الوحدة والإتحاد هيبة وعزة ، والفرقة والخلاف فشل وذله ، الوحدة والإتحاد طريق السلامة والأمن والرخاء والتنمية والتقدم والعدل وكل خير يعود للأمة , بينما الفرقة والخلاف والتنازع طريق لكل شر ، طريق للخوف والقلاقل والفزع ، وانتشار المظالم والمفاسد طريق التأخر والتراجع ، طريق الضعف والوهن بين الناس .. وواقع الأمة خير شاهد ..

وما نعيشه نحن أهل اليمن من أوضاع ومؤامرات تحاك ضدنا بالليل والنهار، تستهدف وحدتنا وأمننا واستقرارنا .. يجعلنا جميعاً نستشعر أهمية الوحدة والاتحاد، ورص الصفوف، وجمع الكلمة، ولم الشمل على مائدة كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، ولا غالب ولا مغلوب ، وترك العناد والخلاف والفرقة والكبر
والغرور ...

فالله الله أيها المؤمنون، الله الله في وحدتكم واتحادكم وتعاونكم على البر والتقوى.

نعم اخوة الإسلام :
إن المسلمين اليوم مطالبون – أكثر من أي وقت مضى - بالمحافظة على كيان مجتمعاتهم بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى : {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 ، وقال تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التوبة71 ، وقال تعالى : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110 وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ..

وقد حذر صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ) رواه الترمذي

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر

قلت ما سمعتم وأستغفرُ الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، اللهم صلي عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسانٍ إلا يوم الدين
الله أكبر ... ألله أكبر ... الله أكبر ... ألله أكبر ... الله أكبر ... ألله أكبر ...الله أكبر ..الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا

أيها المؤمنون : لقد أمتن الله علينا معشر المسلمين بإكمال هذا الدين الذي نؤمن به ، وأتم علينا نعمته ، ورضي لنا الإسلام دينا القائل غز وجل :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا }؛ أي: فارضوه أنتُم لأنفُسِكم، فإنَّه الدّين الَّذي أحبَّه الله ورضِيَه، وبعث به أفضل الرُّسُل الكرام، وأنزل به أشرفَ كتُبِه" فالإسلام منهجاً ودستوراً نحتكم إليه ، فلم يبقى فيه نقص في تشريعاته وأحكامه ، ولم يتطرق إليه خلل في نظامه ، فهو دين متكامل في أصوله وفروعه ، متكامل في العبادات والمعاملات ، في الأخلاق والاجتماع ، في السياسة والاقتصاد ، هو كذلك دين شامل لمصالح العباد ، صالحاً لكل زمان ومكان ، كفيل بجلب المصالح ، ودفع المفاسد ، وحماية الحقوق ، وردع المفسدين ، وفصل الخصومات ، وقطع النزاعات ، وتوفير أسباب السعادة ، والأمن والعدل في الدنيا والآخرة ، أفراداً وجماعات ، شعوباً وحكومات ، إذا أخذوا به وحكّموه في حياتهم ، هدوا وسعدوا ، وإن تركوه وعطّلوا أحكامه .. ظلوا وشقوا في الدنيا والآخرة ،،، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي ) ، فخذوا عباد الله شرع ربكم وسنة نبيكم واحتكموا إليهما ، تفلحوا في الدنيا والآخرة .

عباد الله المؤمنون :
لقد جعل الله عز وجل الشكر على نعمه العظيمة ، والاستقامة على أمره ونهيه سبيل الحفاظ عليها والمزيد منها ، قال سبحانه وتعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7 ،
وقال سبحانه : {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً }الجن16 ، وقال سبحانه : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأعراف96

كما أنه ما حلّت بالأمة الكوارث ولا نزلت بهم المصائب إلا بارتكابهم المعاصي والسيئات ، قال عز وجل : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه124

فاستقيموا عباد الله على أوامر الله ونواهيه واشكروه على نعمه وآلائه ، حافظوا على الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، أدو زكاة أموالكم وأخرجوها طيبة بها نفوسكم ، أعدو أنفسكم لحج بيت الله عز وجل ، استوصوا بالوالدين خيراً وأحسنوا صحبتهما ، ترحموا على من مات منهما ، واستوصوا بالنساء خيراً ، وأحسنوا تربية أبنائكم وبناتكم وأهليكم ، أوفوا المكيال والميزان ، وتجنبوا الربا والغش ، ح
س

ّنوا أقوالكم وأخلاقكم وأفعالكم ، واجتنبوا الغيبة والنميمة والكبر ، وأكثروا من التكبير والتهليل والتسبيح في هذه الأيام ، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر .... بهذا تستحقون رحمة ربكم ، وتفوزون بجناته .

أيها المؤمنون : لا تنسوا في يومكم هذا الإنفاق على الفقراء والايتام والارامل والمساكين ، جودوا بأموالكم والله يخلف عليكم بخير خلف .

الــــدعــــــــــــاء
أللهم أرحمنا في الدنيا والآخرة
اللهم أحفظ ورد حجاج بيتك الكريم إلى أهليهم سالمين غانمين مغفورين الذنوب ، أصحاء الأبدان معافين من الأسقام ..

اللهم لا تحرم اليمن من نعمة الأمن والأمان اللهم لا تحرم اليمن من نعمة الرخاء والاستقرار اللهم اجعل اليمن أمناً أماناً سخاءاً رخاءاً وجميع بلاد المسلمين اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئاً فرفق بهم فارق به ومن ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه برحمتك يا رب العالمين اللهم احفظ اليمن ،اللهم احقن دماء اليمنيين ولم شعثهم ووحد صفهم وألف بين قلوبهم، اللهم امكر بمن يمكر بيمننا وشعبنا وانتقم من المعتدين على شعبنا انك على كل شيء قدير
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا المكان المبارك ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا أديته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً. اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى..

دعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
حسب احتياج كل خطيب ومنطقة..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

=========================
🎤
خـطـبــة.عـيـــد.الاضـحـــى.cc
من افضل خطب العيد لهذا العام
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــــة.الاولــــى.cc
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .. الحمد لله كثيرا .. وسبحان الله بكرة وأصيلا ..

الحمد لله الذي انفرد بالقهر والاستيلاء .. واستأثر بالحياة والبقاء .. وجعل الفرحة شعار الرحماء .. وتوعد بالانتقام من الأعداء .. الحمد الله الذي أكمل دينه .. وأتم نِعمته .. ورضي لنا الإسلام دينا. نحمده تعالى حمدا يليق بكماله وجلاله .. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله .. أنزل الله عليه كتابا مبينا .. وهداه صراطا مستقيما .. فأزال بنور الكتاب حيرة الحائرين .. وأرشدهم إلى طريق النجاة من العذاب المبين. اللهم صلي عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره من يومنا هذا إلى يوم الدين.

الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! .... الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

عــــباد اللــــه :
اتقوا الله تعالى حق التقوى وراقبوه بالسر والنجوى وامتثلوا أوامره في الشدة والرخاء ، وآمنوا برسالة نبيه المصطفى . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}

أيها المسلمون : هنيئا لكم يوم
عيدكم هذا عيد الأضحى المبارك
هذا اليوم العظيم هو يوم الحجِّ الأكبر، وهو أفضل أيام السَّنة، وهو أكبر العيدين وأفضلُهما، وهو خاتمة أفضل عشرٍ في العام، وهو الوسط بين أيام العشر وأيام التشريق، وكلُّها أيام ذِكرٍ وتكبير؛ ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، هي أيام العشر؛ ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، هي أيام التشريق، وهي أيام أكْلٍ وشربٍ وذِكرٍ لله - تعالى - كما جاء في الحديث، فما أعظمَ فضلَ الله - تعالى - علينا! وما أشدَّ رحمتَه بنا! إذ هدانا إلى ما يقرِّبنا إليه، فله الحمد دائمًا وأبدًا.

عــــباد اللــــه :
هذا يوم فرح وسرور, فالسنة إظهار الفرح, وإدخاله على الغير, واجتناب المعاصي والشكر لله فبالشكر تدوم النعم, وبالكفران تزول النعم, فأحسنوا إلى أنفسكم, ووسعوا على أولادكم وأزواجكم.

اليومُ - يا عـــباد الله :
يومُ الذِّكر والشكر، وهو يوم الذبح والنحر؛ قال تعالى :﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وأكثرُ أعمال الحجاج تكون في هذا اليوم، فيرمون فيه جمارَهم، ويتقرَّبون بهديهم، ويحلقون رؤوسهم، ويُحلِّون من إحرامهم، وفيه رُكنا الحجِّ: الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة؛ قال تعالى :﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ ﴾ [الحج: 29].

وفيه هذه الصلاة العظيمة لأهل الأمصار، وبعدها تتقرَّبون لله - تعالى - بضحاياكم، وهي من ربِّكم وإليه،،،، تشترونها مما رزقكم الله - تعالى - وتذبحونها على اسمه، وقربانًا له - عز وجل - وتنتفعون بلحمها، وتؤجرون على نَسْكِها؛ قال تعالى ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [الحج: 37]، وعن البَرَاءِ - رضي الله عنه - قال: خَطَبَنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -يوم النَّحْرِ، فقال: ((إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا))؛ متفق عليه.

أيها الاخوة المؤمنون :
إن هذا العيد من شعائر الإسلام العظيمة ، و سنن الدين القويمة ، شرع الله فيه هذه الصلاة لنجتمع بقلوبنا و أجسادنا ، و نتعاطف و نتراحم و نتسامح و نتصافح ،و تظهر الأخوة الإسلامية على حقيقتها ،وشرع فيه الأضحية لنوسع فيها على العيال ،و ندخل الفرح على النساء و الأطفال ،ونتصدق منها على الفقراء والسُّؤَّال ،وبهذا يشترك المسلمون كلهم في هذا اليوم في السرور، و يتقارب الأغنياء و الفقراء بالرحمة ، و تتواصل أرواحهم و أجسادهم بالأخوة و المحبة ، و يتذكرون جميعا ما أتى به الدين الحنيف من خير و معروف و إحسان ،

ها نحن ـ أيها الأحبة الكرام ـ
نجتمع في هذا اليوم يوم العيد، نجتمع في هذا المكان المبارك إخوة متحابين، لا فضل لأحد فينا على أخيه إلا بالتقوى والعمل الصالح..

وإن من حكم العيد ومنافعه العظمى، التو
نَ
الدعاء
2024/09/23 14:38:33
Back to Top
HTML Embed Code: