Telegram Web Link
🌔ظاهرة_كونية_جديدة_هذا_العام🌖
🌒خسوف_القمر 🌓

من المتوقع بقدرة الله أن يحدث خسوف
للقمر يوم الثلاثاء والأربعاء القادم
١٦ و١٧_تموز_٢٠١٩ م
يبدأ الخسوف الساعة/ 11:01 /مساء
🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙

ﻭﺍﻟﺨﺴﻮﻑ ﺁﻳﻪ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﻮﻑ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﻋﺒﺎﺩﻩ ..

ﻗﺎﻝ الله ﺗﻌﺎﻟﻰ :

‏( ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺑَﺮِﻕَ ﺍﻟْﺒَﺼَﺮُ ¤ ﻭَﺧَﺴَﻒَ ﺍﻟْﻘَﻤَﺮُ ¤ ﻭَﺟُﻤِﻊَ ﺍﻟﺸَّﻤْﺲُ ﻭَﺍﻟْﻘَﻤَﺮُ ¤ ﻳَﻘُﻮﻝُ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥُ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺃَﻳْﻦَ ﺍﻟْﻤَﻔَﺮُّ ¤ ﻛَﻠَّﺎ ﻟَﺎ ﻭَﺯَﺭَ ¤ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻚَ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺍﻟْﻤُﺴْﺘَﻘَﺮُّ ¤ ﻳُﻨَﺒَّﺄُ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥُ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺑِﻤَﺎ ﻗَﺪَّﻡَ ﻭَﺃَﺧَّﺮَ ‏)*

ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺨﻮﻑ...
ﻭﺍﻟﺨﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ...
ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ..
ﻭﺍﻟﺼﺪقة..

وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته، وإنما هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده....


وقال صلى الله عليه وسلم:
(( إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم ))
🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙

ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ_ﺣﻮﻝ_ﺻﻼﺓ_ﺍﻟﺨﺴﻮﻑ ..
----------------------------------------
☆ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺨُﺴﻮﻑ ﺳﻨَّﺔٌ ﻣﺆﻛﺪﺓٌ

☆ ﺗُﺼﻠَّﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴَّﻔﺮ ﻭﺍﻟﺤﻀﺮ

☆ﻋﺪﺩ ﺭﻛﻌﺎﺗﻬﺎ ﺭﻛﻌﺘﺎﻥ...

#كيفية صلاة الخسوف:

●الركعة الأولى:

1- تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة وسورة طويلة.

2- الركوع والتسبيح.

3- القيام (سمع الله لمن حمده) والحمد ثم قراءة الفاتحة وسورة طويلة غير الأولى.

4- الركوع مرة أخرى والتسبيح.

5- القيام (سمع الله لمن حمده) والحمد.

6- السجدة الأولى.

7- الجلوس بين السجدتين.

8- السجدة الثانية.

9- القيام للركعة الثانية.

●الركعة الثانية:

- نفعل مثل الركعة الأولى، مع اختلاف السور وفي الأخير الجلوس للتشهد والسلام.

■ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ ﺧﺴﻮﻑ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ ﻟﺤﻈﺔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﺴﻮﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﺠﻼﺀ ﺍﻟﻘﻤﺮ....
خطبة بعنوان (عشر ذي الحجة فضائل ووظائف)
إن الحمد لله؛ نحمدُه، ونستعينُه, ونستغفرُه, ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيِّئات أعمالنا, مَن يهده الله؛ فلا مضلَّ له, ومَن يضلِلْ؛ فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحدَه لا شريكَ له. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُهُ ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾ [ال عمران: 102] ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا﴾ [النساء: 1]
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا 70 يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا 71 ﴾ [الاحزاب]
أَمَّا بَعْدُ،
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِى النَّارِ.
عباد الله : إن من ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺟﻌﻞ ﻟﻬﻢ ﻣﻮاﺳﻢ مباركات تضاعف فيها الحسنات،وترفع فيها الدرجات، وتغفر فيها الذنوب وتكفر الخطيئات، ﻳﺴﺘﻜﺜﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ الأعمال الصالحات، ﻭﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻓيما ﻳﻘﺮﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ الله رب الأرض والسماوات ، فاﻟﺴﻌﻴﺪ ﻣﻦ اﻏﺘﻨﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﺳﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺮﻭﺭا ﻋﺎﺑﺮا.
ﻭﻣﻦ أعظم ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻋﺸﺮ ﺫﻱ اﻟﺤﺠﺔ، ﻭﻫﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺷﻬﺪ ﻟﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺣﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﻴﻬﺎ؛ وجعله أفضل من الجهاد,
ﺑﻞ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻗﺴﻢ ﺑﻬﺎ في كتابه الكريم ، ﻭﻫﺬا ﻭﺣﺪﻩ ﻳﻜﻔﻴﻬﺎ ﺷﺮفا ﻭﻓﻀﻼ، ﺇﺫِ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻻ ﻳﻘﺴﻢ ﺇﻻ ﺑﻌﻈﻴﻢ كما في ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ وَٱلۡفَجۡرِ 1 وَلَيَالٍ عَشۡرٖ 2 ﴾ [الفجر] ﻗﺎﻝ اﺑﻦ عباس م : اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻬﺎ ﻋﺸﺮ ﺫﻱ اﻟﺤﺠﺔ . وهو قول جمهور المفسرين،
ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺮﻧﻬﺎ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻓﻘﺪ ﻗﺮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺠﺮ ﻭﺑﺎﻟﺸﻔﻊ ﻭاﻟﻮﺗﺮ ﻭﺑﺎﻟﻠﻴﻞ؛ فاﻗﺘﺮاﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺠﺮ لأﻧﻪ اﻟﺬﻱ ﺑﺤﻠﻮﻟﻪ ﺗﻌﻮﺩ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻟﻰ اﻷﺑﺪاﻥ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺗﻌﻮﺩ اﻷﻧﻮاﺭ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﻠﻤﺔ، ﻭاﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻜﻮﻥ، ﻭاﻟﻘﻮﺓ ﺑﻌﺪ اﻟﻀﻌﻒ، ﻭﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻫﻮ ﺃﻗﺮﺏ اﻷﻭﻗﺎﺕ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺰﻭﻝ اﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ، ﻭﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻫﻞ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻨﻔﺎﻕ إلى غير ذلك من فوائد الاقتران.
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ مُشيداً بفضل هذه العشر: ﴿ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ 28 ﴾ [الحج]
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ م : " هي ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ". وقد ﺭﻭﻯ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ م ﻗﺎﻝ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ن : «ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ العمل ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻷﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ، ﻓﺄﻛﺜﺮﻭا ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻬﻠﻴﻞ ﻭاﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﻭاﻟﺘﺤﻤﻴﺪ»،
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻛﺎﻥ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ي : ﻳﺨﺮﺟﺎﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻮﻕ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ ﻓﻴﻜﺒﺮاﻥ ﻭﻳﻜﺒﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮﻫﻤﺎ،
وهذه من أعظم وظائف هذه الأيام المباركة الإكثار من ذكر الله سراً وجهرا في أيام العشر و يسمى هذا بالتكبير المطلق آناء الليل والنهار..
فالتسبيح والتحميد والتهليل من أفضل الأعمال والوظائف في هذه الأيام المباركة للحديث السابق ولما ثبت عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ن : «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ لِلهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ»رواه مسلم،
و هذه الكلمات الأربع من أعظم الباقيات الصالحات التي ذكرها اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﻜﻬﻒ: ﴿ ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا﴾ [الكهف: 46]
ﻭﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺮﻳﻢ: ﴿ وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا 76 ﴾ [مريم: 76] ﻣﺮﺩا، ﺃﻱ: ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻭﻣﺮﺩا ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ.
وقد ثبت عن النبي ن : أنه قال :« خُذُوا جُنَّتَكُمْ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ ؟ قَالَ : " لَا ، جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ ، قُولُوا : سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ لِلهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ - فَإِنَّهَا يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ». ()
فاذكروا الله- ياعباد الله- يذكركم الله قال تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقال :
{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]
ومما صح في فضل هذه اﻟﻌﺸﺮة الأيام المباركة حديث عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ م قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ن : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي : أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ : وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَ : إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ». ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ وغيرهما.
وعن ﺟﺎﺑﺮ م ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ن : (ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ) ().
ﻭﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ م ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ن ﻗﺎﻝ : ( ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺃﺯﻛﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ، ﻭﻻ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺟﺮا ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻳﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﺸﺮ اﻷﺿﺤﻰ . ﻗﻴﻞ : ﻭﻻ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ؟ ﻗﺎﻝ: ( ﻭﻻ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺇﻻ ﺭﺟﻞ ﺧﺮﺝ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺸﻲء ) ().
ولتعلموا عباد الله أن العمل الصالح هو ما شرعه الله في كتابه أو رسوله ن في سنته, وابتغى به صاحبه وجه الله, فلا مجال للاستحسان والتقرب إلى الله بما لم يشرعه الله فقد ثبت في الصحيح عن أم المؤمنين عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ن قَالَ : «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
وفي هذه العشر الفاضلة يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القَرِّ، وهي من أعظم الأيام عند الله، روى أبو داود في سننه بسند صحيح أن النبي ن قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» .ويوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة سمي بذلك لقرار الحجاج بمِنى .
وقال ابن كثير عند قول الله وقوله تعالى: {والشفع والوتر} الوتر يوم عرفة لكونه التاسع، والشفع يوم النحر لكونه العاشر، قاله ابن عباس م .
ويوم عرفة هو اليوم المشهود كما ثبت عن أبي مالك الأشعري ا عن النبي ن أنه قال : "اليوم الموعود يوم القيامة و الشاهد يوم الجمعة و المشهود يوم عرفة"()
وروى مسلم في صحيحه من حديث عائشة ك أن رسول الله ن قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟» .
فهو يوم المغفرة والعتق، وصومه يكفر سنتين، روى مسلم من حديث أبي قتادة: أن النبي ن قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ: إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» .
ﻭﻣﻦ فضائل هذه العشر ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻛﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪﻳﻦ؛ ﺇﺫ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺒﺎﺩاﺕ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﺑﻜﻤﺎﻝ اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻜﻤﻞ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻳﻜﻤﻞ العمل ، ﻭﻳﻜﻤﻞ الأﺟﺮ، فقد أنزل الله تعالى على رسوله ن هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] في حجة الوداع وهو واقف بعرفة كما في الصحيحين عن فاروق هذه الأمة عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ا : «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا ، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا } قَالَ عُمَرُ : قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ ن ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» .
يقول العلامة ابن حجر ( : والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة أنها مكان لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة، الصيام، الصدقة، الحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها،
وقال ابن رجب رحمه الله : لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته في كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة، في عمره، وجعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في كل عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد . اهـ().
ولا خلاف في تفضيل أيام العشر على بقية أيام السنة، لقوة النصوص في ذلك، والخلاف في الليالي، فقيل: إن ليالي رمضان أفضل، وممن رجح ذلك ابن القيم ( ، فقال: وبهذا التفصيل يزول الاشتباه، ويدل عليه أن ليالي العشر من رمضان، إنما فضلت باعتبار ليلة القدر، وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضل باعتبار أيامه، إذ فيه يوم النحر، ويوم عرفة، ويوم التروية .
فينبغي لمن وفقه الله لمعرفة فضل هذه الأيام، وأمدَّ له في عمره، أن يجتهد فيها بكثرة الأعمال الصالحة، فما هي إلا أيام معدودة ثم تنقضي،
ولقد كان السلف الصالح يجتهدون فيها، فكان سعيد بن جبير ( يجتهد فيها اجته
ادًا عظيمًا، حتى ما يكاد يقدر عليه.
قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]
وقال سبحانه : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] وقال جل وعز: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21] وقال تبارك وتعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين
أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم


الخطبة الثانية:
الحمد لله خلقَ الليلَ والنهارَ، وقدَّرَهما مواقيتَ للأعمال ومقادير للأعمار، لا إله إلا هو جعلَ الأيامِ والليالي خِلفةً لأهل الشكر والاعتبار ، أحمده - سبحانه - وأشكره على عظيم آلائه والشكرُ سبيلٌ للمزيد والاستِكثار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً خالصةً مُخلِصة بصدق المُعتقَد وصحةِ الإقرار، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله المُصطفى المُختار، صلَّى الله وسلَم وبارَك عليه وعلى آله السادة الأطهار، وأصحابه البَرَرَة الأخيار، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الليلُ والنهار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فقد سمعتم يا عباد الله شيئا عظيما من فضائل العشر الأولى من ذي الحجة وبعض وظائفها ألاوإن من أعظم وظائف العشر: حج بيت الله الحرام؛ خامس أركان الإسلام ، لمن قدر عليه فقد ثبت في الصحيحين عن النبي ن «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وفيهما«من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسُق رجع من خطيئته كيوم ولدته أمه ».
ومن أفضل الوظائف والأعمال في هذه العشر المباركة: الصيام، قال تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184]. وقال تعالى بعدما ذكر المسارعين إلى الخيرات من الرجال والنساء: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري ا قال: سمعت النبي ن يقول:«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
وثبت في سنن أبي داود عن بعض أزواج النبي ن قالت :كان رسول الله ن يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس"
وأما أفضل وظائف العشر فهي المحافظة على الصلوات في أوقاتها ومراعاة شروطها وأركانها وآدابها فعن عَبْدِ اللهِ بن مسعود ا قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ن : «أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»متفق عليه،
وهكذا الإكثار من النوافل فقد ثبت في صحيح مسلم« إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة» وفيه أيضا: «من صلى لله ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة»
وإن من أعظم الغنائم وأشرف الوظائف لاسيما في هذا الموسم المبارك الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبره والعمل به قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ *لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ فاطر 19_20.
وفي حديث عبدالله بن مسعود ا عند الترمذي أن النبي ن قال :«من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»
ومن أفضل الأعمال الصالحة المضاعفة في هذه الأيام المباركة : الصدقات والإحسان إلى الناس خصوصاً اليتامى والفقراء والمساكين والأرامل لاسيما في أوقات الأزمات والفتن والمحن العظام قال تعالى : ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 261]
وقال النبي ن :« ما تصدق أحد بصدقة من طيب و لا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه و إن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله»رواه مسلم.
وفي حديث عدي بن حاتم المتفق عليه أن النبي ن قال «اتقوا النار ولو بشق تمرة» وفي الصحيحين «الساعي على الأرملة و المسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار».
ومن أ
فضل الطاعات وأجلّ القربات الإقبال على الله بالدعاء فالدعاء هو العبادة, و«ليس شيء أكرم على الله من الدعاء», «وإن الله حيي كريم يستحيي من عبده المؤمن إذا رفع يديه إليه أن يردها صفرا خائبتين»
قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]
وقال النبي -ن كما في حديث أبي سعيد الخدري ا- :«ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلهاقالوا إذا نكثرقال الله أكثر» رواه أحمد بسند صحيح.
عباد الله : إن الله تبارك وتعالى لما قضى وقدر على هذه الأمة بقِصَر الأعمار ضاعف لها أجور الأعمال فضلاً منه وكرما,
ألا وإن من الأعمال اليسيرة ذات الأجور الكثيرة ما ثبت عَنْ أَنَسٍ (عن النبي - ( أنه قال : «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ-أي الفجر- فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - (: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ»()
وكذلك أيضا ما ثبت عَنْ أَبِي أُمَامَةَ( عَنِ النَّبِيِّ ( أنه قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ» ()
وهذه كلمات جامعات يسيرات بأجور كثيرات مباركات : في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ( عن النبي ( أنه قال : « مَنْ قَالَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: الْحَمْدُ لله الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي، الْحَمْدُ لله الَّذِي أَطْعِمْنِي وَسَقَانِي، الْحَمْدُ لله الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ تُنَجِّيَنِي مِنَ النَّارِ، فَقَدْ حَمِدَ الله بِجَمِيعِ مَحَامِدِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ» ()
ومن الأقوال اليسيرة ذات الأجور الكثيرة ما تضمنه حديث أَبِي أُمَامَةَ ( قَالَ: رَآنِي النَّبِيُّ ( وَأَنَا أُحَرِّكُ شَفَتَيَّ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟» قُلْتُ: أَذْكُرُ اللهَ. قَالَ: " أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ اللهَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ؟ تَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللهَ مِثْلَهُنَّ ". ثُمَّ قَالَ: «تُعَلِّمُهُنَّ عَقِبَكَ مِنْ بَعْدَكَ»()
ومنها: ما ورد عن أبي ذر رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب رسول الله ق قالوا للنبي ن : يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» . رواه مسلم.
ومن الغنائم اليسيرة ذات الأجور الكثيرة تفطير الصائمين : فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ( عن النبي - ( - قال : «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» ().
ومن العبادات الجليلة التي تعمل في عشر ذي الحجة ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل لقوله سبحانه: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]، وذبح الهدايا والأضاحي من شعائر هذا الدين الظاهرة ومن العبادات المشروعة في كل الملل.يقول سبحانه: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [الحج: 34، 35] قال ابن كثير رحمه الله: يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل.
وذبح الأضحية مشروع بإجماع العلماء وصرح البعض منهم بوجوبها على القادر، وجمهور العلماء على أنها سنة مؤكدة يكره للقادر تركها.
وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها حتى ولو زاد عن قيمتها، وذلك لأن الذبح وإراقة الدم مقصود، فهو عبادة مقرونة بالصلاة كما قال سبحانه: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْح
َرْ} [الكوثر:2]، وعليه عمل النبي ن والمسلمين،.
وللأضحية شروط لا بد من توفرها، منها السلامة من العيوب التي وردت في السنة، وقد بين العلماء هذه العيوب مفصلة، ومن شروطها أن يكون الذبح في الوقت المحدد له، وهو من انتهاء صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر. واعلموا أيها المؤمنون أنه يحرم على من عزم على الأضحية الأخذ من شعره وأظفاره من حين دخول شهر ذي الحجة إلى أن يضحي، وذلك لقوله ن: ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً)) رواه مسلم، وهذا الحكم خاص بمن سيضحي، أما من سيضحى عنه فلا يشمله هذا الحكم، فرب البيت الذي عزم على الأضحية هو الذي يحرم عليه مس شعره أو أظفاره دون أهله وعياله.
اللهم إنا نسألك من فضلك اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين. اللهم يسر للحجيج حجهم وأعنا وإياهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك واجعلنا جميعا من المقبولين. وأن تحفظنا من مُضِلاَّت الفتن ما ظهر منها وما بطَن يا ذا الجلال والإكرام
اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، زكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللهم أحسِن عاقبَتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خزيِ الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، وأدِم أمنَهم وأمانَهم.
يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال، برحمتك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأننا كلَّه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّول والإنعام.
ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وأزواجه وذريته، وبارِك على محمد وآله وأزواجه وذريته، كما بارَكتَ على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيد.

سلسلة نصائح خطبة بعنوان (عشر ذي الحجة فضائل ووظائف)
إن الحمد لله؛ نحمدُه، ونستعينُه, ونستغفرُه, ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيِّئات أعمالنا, مَن يهده الله؛ فلا مضلَّ له, ومَن يضلِلْ؛ فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحدَه لا شريكَ له. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُهُ ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾ [ال عمران: 102] ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا﴾ [النساء: 1]
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا 70 يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا 71 ﴾ [الاحزاب]
أَمَّا بَعْدُ،
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِى النَّارِ.
عباد الله : إن من ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺟﻌﻞ ﻟﻬﻢ ﻣﻮاﺳﻢ مباركات تضاعف فيها الحسنات،وترفع فيها الدرجات، وتغفر فيها الذنوب وتكفر الخطيئات، ﻳﺴﺘﻜﺜﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ الأعمال الصالحات، ﻭﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻓيما ﻳﻘﺮﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ الله رب الأرض والسماوات ، فاﻟﺴﻌﻴﺪ ﻣﻦ اﻏﺘﻨﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﺳﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺮﻭﺭا ﻋﺎﺑﺮا.
ﻭﻣﻦ أعظم ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻋﺸﺮ ﺫﻱ اﻟﺤﺠﺔ، ﻭﻫﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺷﻬﺪ ﻟﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺣﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﻴﻬﺎ؛ وجعله أفضل من الجهاد,
ﺑﻞ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻗﺴﻢ ﺑﻬﺎ في كتابه الكريم ، ﻭﻫﺬا ﻭﺣﺪﻩ ﻳﻜﻔﻴﻬﺎ ﺷﺮفا ﻭﻓﻀﻼ، ﺇﺫِ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻻ ﻳﻘﺴﻢ ﺇﻻ ﺑﻌﻈﻴﻢ كما في ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ وَٱلۡفَجۡرِ 1 وَلَيَالٍ عَشۡرٖ 2 ﴾ [الفجر] ﻗﺎﻝ اﺑﻦ عباس م : اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻬﺎ ﻋﺸﺮ ﺫﻱ اﻟﺤﺠﺔ . وهو قول جمهور المفسرين،
ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺮﻧﻬﺎ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻓﻘﺪ ﻗﺮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺠﺮ ﻭﺑﺎﻟﺸﻔﻊ ﻭاﻟﻮﺗﺮ ﻭﺑﺎﻟﻠﻴﻞ؛ فاﻗﺘﺮاﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺠﺮ لأﻧﻪ اﻟﺬﻱ ﺑﺤﻠﻮﻟﻪ ﺗﻌﻮﺩ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻟﻰ اﻷﺑﺪاﻥ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺗﻌﻮﺩ اﻷﻧﻮاﺭ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﻠﻤﺔ، ﻭاﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻜﻮﻥ، ﻭاﻟﻘﻮﺓ ﺑﻌﺪ اﻟﻀﻌﻒ، ﻭﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻫﻮ ﺃﻗﺮﺏ اﻷﻭﻗﺎﺕ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺰﻭﻝ اﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﺜ
ﻠﺚ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ، ﻭﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻫﻞ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻨﻔﺎﻕ إلى غير ذلك من فوائد الاقتران.
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ مُشيداً بفضل هذه العشر: ﴿ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ 28 ﴾ [الحج]
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ م : " هي ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ". وقد ﺭﻭﻯ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ م ﻗﺎﻝ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ن : «ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ العمل ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻷﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ، ﻓﺄﻛﺜﺮﻭا ﻓﻴﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻬﻠﻴﻞ ﻭاﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﻭاﻟﺘﺤﻤﻴﺪ»،
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻛﺎﻥ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ي : ﻳﺨﺮﺟﺎﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻮﻕ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ ﻓﻴﻜﺒﺮاﻥ ﻭﻳﻜﺒﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮﻫﻤﺎ،
وهذه من أعظم وظائف هذه الأيام المباركة الإكثار من ذكر الله سراً وجهرا في أيام العشر و يسمى هذا بالتكبير المطلق آناء الليل والنهار..
فالتسبيح والتحميد والتهليل من أفضل الأعمال والوظائف في هذه الأيام المباركة للحديث السابق ولما ثبت عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ن : «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ لِلهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ»رواه مسلم،
و هذه الكلمات الأربع من أعظم الباقيات الصالحات التي ذكرها اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﻜﻬﻒ: ﴿ ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا﴾ [الكهف: 46]
ﻭﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺮﻳﻢ: ﴿ وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا 76 ﴾ [مريم: 76] ﻣﺮﺩا، ﺃﻱ: ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻭﻣﺮﺩا ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ.
وقد ثبت عن النبي ن : أنه قال :« خُذُوا جُنَّتَكُمْ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ ؟ قَالَ : " لَا ، جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ ، قُولُوا : سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ لِلهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ - فَإِنَّهَا يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ». ()
فاذكروا الله- ياعباد الله- يذكركم الله قال تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقال : {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]
ومما صح في فضل هذه اﻟﻌﺸﺮة الأيام المباركة حديث عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ م قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ن : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي : أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ : وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَ : إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ». ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ وغيرهما.
وعن ﺟﺎﺑﺮ م ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ن : (ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻌﺸﺮ) ().
ﻭﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ م ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ن ﻗﺎﻝ : ( ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺃﺯﻛﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ، ﻭﻻ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺟﺮا ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻳﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﺸﺮ اﻷﺿﺤﻰ . ﻗﻴﻞ : ﻭﻻ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ؟ ﻗﺎﻝ: ( ﻭﻻ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺇﻻ ﺭﺟﻞ ﺧﺮﺝ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺸﻲء ) ().
ولتعلموا عباد الله أن العمل الصالح هو ما شرعه الله في كتابه أو رسوله ن في سنته, وابتغى به صاحبه وجه الله, فلا مجال للاستحسان والتقرب إلى الله بما لم يشرعه الله فقد ثبت في الصحيح عن أم المؤمنين عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ن قَالَ : «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
وفي هذه العشر الفاضلة يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القَرِّ، وهي من أعظم الأيام عند الله، روى أبو داود في سننه بسند صحيح أن النبي ن قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» .ويوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة سمي بذلك لقرار الحجاج بمِنى .
وقال ابن كثير عند قول الله وقوله تعالى: {والشفع والوتر} الوتر يوم عرفة لكونه التاسع، والشفع يوم النحر لكونه العاشر، قاله ابن عباس م .
ويوم عرفة هو اليوم المشهود كما ثبت عن أبي مالك الأشعري ا عن النبي ن أنه قال : "اليوم الموعود يوم القيامة و الشاهد يوم الجمعة و المشهود يوم عرفة"()
وروى مسلم في صحيحه من حديث عائشة ك أن رسول الله ن قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟» .
فهو يوم المغفرة والعتق، وصومه يكفر سنتين، روى مسلم من حديث أبي قتادة: أن النبي ن قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ: إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّ
نَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» .
ﻭﻣﻦ فضائل هذه العشر ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻛﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪﻳﻦ؛ ﺇﺫ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺒﺎﺩاﺕ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﺑﻜﻤﺎﻝ اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻜﻤﻞ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻳﻜﻤﻞ العمل ، ﻭﻳﻜﻤﻞ الأﺟﺮ، فقد أنزل الله تعالى على رسوله ن هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] في حجة الوداع وهو واقف بعرفة كما في الصحيحين عن فاروق هذه الأمة عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ا : «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا ، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا } قَالَ عُمَرُ : قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ ن ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» .
يقول العلامة ابن حجر ( : والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة أنها مكان لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة، الصيام، الصدقة، الحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها،
وقال ابن رجب رحمه الله : لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته في كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة، في عمره، وجعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في كل عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد . اهـ().
ولا خلاف في تفضيل أيام العشر على بقية أيام السنة، لقوة النصوص في ذلك، والخلاف في الليالي، فقيل: إن ليالي رمضان أفضل، وممن رجح ذلك ابن القيم ( ، فقال: وبهذا التفصيل يزول الاشتباه، ويدل عليه أن ليالي العشر من رمضان، إنما فضلت باعتبار ليلة القدر، وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضل باعتبار أيامه، إذ فيه يوم النحر، ويوم عرفة، ويوم التروية .
فينبغي لمن وفقه الله لمعرفة فضل هذه الأيام، وأمدَّ له في عمره، أن يجتهد فيها بكثرة الأعمال الصالحة، فما هي إلا أيام معدودة ثم تنقضي،
ولقد كان السلف الصالح يجتهدون فيها، فكان سعيد بن جبير ( يجتهد فيها اجتهادًا عظيمًا، حتى ما يكاد يقدر عليه.
قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]
وقال سبحانه : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] وقال جل وعز: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21] وقال تبارك وتعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين
أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم


الخطبة الثانية:
الحمد لله خلقَ الليلَ والنهارَ، وقدَّرَهما مواقيتَ للأعمال ومقادير للأعمار، لا إله إلا هو جعلَ الأيامِ والليالي خِلفةً لأهل الشكر والاعتبار ، أحمده - سبحانه - وأشكره على عظيم آلائه والشكرُ سبيلٌ للمزيد والاستِكثار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً خالصةً مُخلِصة بصدق المُعتقَد وصحةِ الإقرار، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله المُصطفى المُختار، صلَّى الله وسلَم وبارَك عليه وعلى آله السادة الأطهار، وأصحابه البَرَرَة الأخيار، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الليلُ والنهار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فقد سمعتم يا عباد الله شيئا عظيما من فضائل العشر الأولى من ذي الحجة وبعض وظائفها ألاوإن من أعظم وظائف العشر: حج بيت الله الحرام؛ خامس أركان الإسلام ، لمن قدر عليه فقد ثبت في الصحيحين عن النبي ن «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وفيهما«من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسُق رجع من خطيئته كيوم ولدته أمه ».
ومن أفضل الوظائف والأعمال في هذه العشر المباركة: الصيام، قال تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184]. وقال تعالى بعدما ذكر المسارعين إلى الخيرات من الرجال والنساء: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري ا قال: سمعت النبي ن يقول:«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله
ِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
وثبت في سنن أبي داود عن بعض أزواج النبي ن قالت :كان رسول الله ن يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس"
وأما أفضل وظائف العشر فهي المحافظة على الصلوات في أوقاتها ومراعاة شروطها وأركانها وآدابها فعن عَبْدِ اللهِ بن مسعود ا قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ن : «أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»متفق عليه،
وهكذا الإكثار من النوافل فقد ثبت في صحيح مسلم« إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة» وفيه أيضا: «من صلى لله ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة»
وإن من أعظم الغنائم وأشرف الوظائف لاسيما في هذا الموسم المبارك الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبره والعمل به قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ *لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ فاطر 19_20.
وفي حديث عبدالله بن مسعود ا عند الترمذي أن النبي ن قال :«من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»
ومن أفضل الأعمال الصالحة المضاعفة في هذه الأيام المباركة : الصدقات والإحسان إلى الناس خصوصاً اليتامى والفقراء والمساكين والأرامل لاسيما في أوقات الأزمات والفتن والمحن العظام قال تعالى : ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 261]
وقال النبي ن :« ما تصدق أحد بصدقة من طيب و لا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه و إن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله»رواه مسلم.
وفي حديث عدي بن حاتم المتفق عليه أن النبي ن قال «اتقوا النار ولو بشق تمرة» وفي الصحيحين «الساعي على الأرملة و المسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار».
ومن أفضل الطاعات وأجلّ القربات الإقبال على الله بالدعاء فالدعاء هو العبادة, و«ليس شيء أكرم على الله من الدعاء», «وإن الله حيي كريم يستحيي من عبده المؤمن إذا رفع يديه إليه أن يردها صفرا خائبتين»
قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]
وقال النبي -ن كما في حديث أبي سعيد الخدري ا- :«ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلهاقالوا إذا نكثرقال الله أكثر» رواه أحمد بسند صحيح.
عباد الله : إن الله تبارك وتعالى لما قضى وقدر على هذه الأمة بقِصَر الأعمار ضاعف لها أجور الأعمال فضلاً منه وكرما,
ألا وإن من الأعمال اليسيرة ذات الأجور الكثيرة ما ثبت عَنْ أَنَسٍ (عن النبي - ( أنه قال : «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ-أي الفجر- فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - (: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ»()
وكذلك أيضا ما ثبت عَنْ أَبِي أُمَامَةَ( عَنِ النَّبِيِّ ( أنه قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ» ()
وهذه كلمات جامعات يسيرات بأجور كثيرات مباركات : في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ( عن النبي ( أنه قال : « مَنْ قَالَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: الْحَمْدُ لله الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي، الْحَمْدُ لله الَّذِي أَطْعِمْنِي وَسَقَانِي، الْحَمْدُ لله الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ تُنَجِّيَنِي مِنَ النَّارِ، فَقَدْ حَمِدَ الله بِجَمِيعِ مَحَامِدِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ» ()
ومن الأقوال اليسيرة ذات الأجور الكثيرة ما تضمنه حديث أَبِي أُمَامَةَ ( قَالَ: رَآنِي النَّبِيُّ ( وَأَنَا أُحَرِّكُ شَفَتَيَّ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟» قُلْتُ: أَذْكُرُ اللهَ. قَالَ: " أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ اللهَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ؟ تَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللهَ مِثْلَهُنَّ ". ثُمَّ قَالَ: «تُعَلِّمُهُنَّ عَقِبَكَ مِنْ بَعْدَكَ»()
ومنها: ما ورد عن أبي ذر رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب رسول الله ق قالوا للنبي ن : يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» . رواه مسلم.
ومن الغنائم اليسيرة ذات الأجور الكثيرة تفطير الصائمين : فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ( عن النبي - ( - قال : «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» ().
ومن العبادات الجليلة التي تعمل في عشر ذي الحجة ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل لقوله سبحانه: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]، وذبح الهدايا والأضاحي من شعائر هذا الدين الظاهرة ومن العبادات المشروعة في كل الملل.يقول سبحانه: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [الحج: 34، 35] قال ابن كثير رحمه الله: يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل.
وذبح الأضحية مشروع بإجماع العلماء وصرح البعض منهم بوجوبها على القادر، وجمهور العلماء على أنها سنة مؤكدة يكره للقادر تركها.
وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها حتى ولو زاد عن قيمتها، وذلك لأن الذبح وإراقة الدم مقصود، فهو عبادة مقرونة بالصلاة كما قال سبحانه: {فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]، وعليه عمل النبي ن والمسلمين،.
وللأضحية شروط لا بد من توفرها، منها السلامة من العيوب التي وردت في السنة، وقد بين العلماء هذه العيوب مفصلة، ومن شروطها أن يكون الذبح في الوقت المحدد له، وهو من انتهاء صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر. واعلموا أيها المؤمنون أنه يحرم على من عزم على الأضحية الأخذ من شعره وأظفاره من حين دخول شهر ذي الحجة إلى أن يضحي، وذلك لقوله ن: ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً)) رواه مسلم، وهذا الحكم خاص بمن سيضحي، أما من سيضحى عنه فلا يشمله هذا الحكم، فرب البيت الذي عزم على الأضحية هو الذي يحرم عليه مس شعره أو أظفاره دون أهله وعياله.
اللهم إنا نسألك من فضلك اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين. اللهم يسر للحجيج حجهم وأعنا وإياهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك واجعلنا جميعا من المقبولين. وأن تحفظنا من مُضِلاَّت الفتن ما ظهر منها وما بطَن يا ذا الجلال والإكرام
اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، زكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللهم أحسِن عاقبَتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خزيِ الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، وأدِم أمنَهم وأمانَهم.
يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال، برحمتك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأننا كلَّه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّول والإنعام.
ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وأزواجه وذريته، وبارِك على محمد وآله وأزواجه وذريته، كما بارَكتَ على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واجب الداعية خلال هذه الأيام المباركة :

1- ان يخلص النية لله
2- ان يعزم بان يجعل من هذه العشر سببا في دخوله الجنة
3- ان يضع خطة تستهدف نفسه والمجتمع .
4- ان يستنفر كل طاقته ليكتب له عمل صالح.
5- التركيز على الأعمال الصالحة المتعدية (اي يستفيد منها المجتمع).
6- الاعمال الصالحة: تعني كل جهد واعي تبذله لتحقيق مراد الله فهو عمل صالح .
7- نهيئ المجتمع لاستقبال هذه الأيام المباركة وهي فرصة قد تكون الاخيرة لبعضنا فكي نستغلها.
8- كل فرد على ثغرة ولديه قدرة ومهارة فانظر ماهو العمل الصالح الذي يمكنك انجازه واتقانه تقربا الى وحبا فيه.
بارك الله في سعيكم وغفر الله لنا ولكم ورفع منزلتنا ومنزلتكم وكنا سدا منيعا وحراسا لهذا الدين العظيم .
🎤
خطبـــةجمعــــةبعنـــوان.tt
العشر من ذي الحجة والعمل الصالح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الْحَمْدُ للهِ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، الَّذِي اخْتَصَّ بَعْضَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ بِالْفَضَائِلِ الْعِظَامِ، وَجَعَلَ أَفْضَلَهَا عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ الْكرَامِ، الحمد لله الذي أظهر المحجة، وأبان الحجة وفضَّل عشر ذي الحجة
وأشهد أن لا إله إلا الله فرض الحج
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله أفضل من زار البيت وحجه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه قوى إيمانهم بالبرهان والحجة

أمــــا بعــــد
لا شك أن طبيعة ابن آدم قاصرة، مبنية على النقص والضعف، فهو ظلوم جهول، وعمله ناقص مدخول، وقدرته على الاستمرار على الطاعات لفترات طويلة محدودة، ولذا تتناوشه غمرات الجهل، وتتجاذبه فتن الدنيا، وتغريه مطامعها في الاستكثار منها،
ولذلك شاءت إرادة الله تعالى الرحيم الرحمن أن يجعل لعباده مواسم خير وبر وأيامًا فاضلة، يُقبلون فيها على ربهم، يرجون رحمته ويخافون عذابه، فقيّض لهم –سبحانه- مواسم رحمة يربحون فيها في التجارة مع ربهم، وهو الودود الرحيم، الذي لا يريد أن يعذّب خلقه، وإنما يريد أن يرحمهم، ويخلّصهم مما هم فيه من أنكاد المعاصي، وآلام الغفلة، وعذاب ارتكاب المحرمات.
وتأملو قولَ ربنا الجليل -سبحانه-: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 26- 28]، فلما علم سبحانه –وهو العليم بما خلق- ضعف ابن آدم، وغفلته، والله -سبحانه- يريد أن يتوب عليه ويرشده ويرحمه، أرسل له رسائل عدة تدعوه إلى الهدى، واتباع الحق، والحذر من فتن الدنيا.

وإن من رحمة الله بعباده أن شرع لهم مواسم للطاعات، وحثهم على بذل مزيد من صنوف العبادة فيها، ليعوّض العبد مِن خلالها خسارته، ويجبر كسره، فشرع مواسم في أول العام الهجري وآخره، ليدخل العبد عامًا جديدًا مغفورًا له، ويخرج من العام مغفورًا له، ففي أول العام شرع صيام عاشوراء يغفر الله بصومه للعبد ذنوب سنة، ما اجتنب الكبائر، وخلال العام عظّم الشرع شهر رمضان، وجعل فيه من الغنائم والجوائز الشيء الكثير.

وفي آخر العام نوّه ربنا -سبحانه- بأيام عشر ذي الحجة، ورفع من شأنها، وحثّ فيها على طاعته، ووعد المطيعين فيها ثوابًا عظيمًا.

فقد فضّل الله تعالى العشرَ الأُوَلَ من ذي الحجة على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري.

وعنه أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى " قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه الدارمي وإسناده حسن.

فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان .

ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وبهذا يجتمع شمل الأدلة، كما نبَّه عليه غيرُ واحدٍ من أهل العلم.

قال ابن رجب -رحمه الله-: "وقد دل حديث ابن عباس على مضاعفة جميع الأعمال الصالحة في العشر من غير استثناء شيء منها"، وقال: "وكل عمل صالح يقع في هذه العشر فهو أفضل في عشرة أيام سواها من أيّ شهر كان".

عباد الله إن أيام العشر هي أيام البر، خير أيام الدنيا، فهي عشر مباركات كثيرة الحسنات، قليلة السيئات، عالية الدرجات، متنوعة الطاعات فيها يتنافس المتنافسون، ويتسابق إليها المتسابقون، حتى عدت هذه الأيام من أفضل أيام الدنيا، لما تضمنته من فضائل، واحتوت عليه من ميزات ومسائل،

يجتمع فيها من الطاعات ما لا يجتمع في غيرها، ففي أثنائها يؤدي المسلمون عبادات عظيمة، كحج البيت الحرام، والوقوف بعرفة، وغيرها من مناسك الحج، ينفقون أموالهم ويُتعبون أجسادهم، يرجون مغفرة ذنوبهم، ورضا ربهم.

وفي هذه الأيام أيضًا يرابط غير الحجيج على أيام العشر، يؤدون فرائض الله –تعالى-؛ إذ الفرائض أحب إلى الله من النوافل، ويُتبعون الفرائض بالإكثار من النوافل، يدفعهم لذلك الشوق لرضا الله ومغفرته، وهم في هذه الأيام عندما يرون الحجيج في مناسكهم يغبطونهم على ما أنعم الله به عليهم، ويشتاقون لأداء الفريضة، ويتمنون الطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ويتحسرون على ما حال ب
ينهم وبين البيت من عذر أو مرض أو عدم استطاعة مالية، أو تنظيمات فرضتها جهات إدارية.

وفي أيام العشر، يجدر بالعبد الانتباه من الغفلة، والانضمام إلى الصالحين، ويسابق إلى جنة عرضها السموات والأرض، وأبواب الخير كثيرة واسعة غير محصورة ولا معدودة، فكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الخالصة لله -تعالى-، المهتدية بهدي النبي –صلى الله عليه وسلم- وسُنته، هي عمل صالح مقبول في هذه العشر.

في عشْرِ ذي الحجةِ أعمالٌ فاضلة، وطاعاتٌ متعددة، وهي غيرُ منحصرة، فما يُشرَع في سائرِ الأوقات يزدادُ تأكيدًا في تلْكُم الأيام، فإنَّ العملَ يَشرُفُ بشَرفَ الزمانِ والمكان، مع تقوى اللهِ والإحسان، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

فمن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة

1- الصيام، فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري

وقد ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعَ ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أخرجه النسائي وأبو داود وصححه الألباني 

2- التكبير : فيسن التكبيرُ والتحميدُ والتهليلُ والتسبيحُ أيام العشر . والجهرُ بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكلِّ موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى.

وشعارُ هذه الأيام العشر"التكبير"، فعن ابنِ عمر رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ"، رواه أحمد.

قال الإمامُ البخاري رحمه الله: "وكان ابنُ عمرَ وأبو هريرةَ يخرجانِ إلى السوقِ في أيَّامِ العشرِ، يُكبِّرانِ ويُكبِّرُ النَّاسُ بتكبِيرِهما" رواه البخاري ، "وكان عمرُ رضي الله عنه يُكبِّرُ في قُبَّتِه بمِنًى، فيسمَعُه أهلُ المسجدِ فيُكبِّرُونَ، ويُكبِّرُ أهلُ الأسواقِ، حتى ترْتجَّ مِنًى تكبيرًا" رواه البخاري.

عبد الله كبِّر إذا دخلتَ بيتك حتى يسمعَك أهلُك وأولادُك فيكبِّروا بتكبيرك، وإذا دخلتَ السوق أو قابلتَ الرِّفاقَ فكبِّر؛ لتشهدَ لك البقاعُ، وتُذكرَ في الملأِ الأعلى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "فإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ"، رواه البخاري ومسلم.

3- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما : لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى
وإن صوم التسع، وخاصة يوم عرفة، والإكثار من ذكر الله، والتهليل والتسبيح والتكبير، وقراءة القرآن وتدبره، وقيام الليل، والدعاء، والتوبة على ما فات، والتزام الصدق والأمانة، والإخلاص في الأقوال والأعمال، وحب المسلمين وتوليهم، وكثرة العطاء، والتماس الأعذار للناس وحسن الظن بهم، وصلة ذي الرحم الكاشح، ومواساة الفقير والمسكين، وحسن الجوار، وإطعام الطعام، وذبح الأضحية، وأداء صلاة العيد مع المسلمين، والتزاور مع الأهل والأصدقاء، وتناسي الأحقاد، وحب الخير للناس، ومعاونتهم بما يستطيع، ... لهي من صنوف العمل الصالح الذي ينافس فيه المسلمون في هذه الأيام الفاضلة وغيرها.

إن هذه الأيام الفاضلة تستوجب الجدِّ والاجتهاد، فلنحرص على استغلالها وعمارتها بالأعمال الصالحة، وإنه لمن المؤسف أن تدخل هذه الأيام، والناس في غفلة عنها لاهون، لا في الخيرات يسارعون، ولا عن المعاصي يُقلعون، قد أهمتهم الدنيا، واجتاحتهم الغفلة، واحتواهم الطمع.. حتى إن الإنسان ليحرص على أن ينمِّي ماله، ولا ينمّي عمله، يزيد في غفلته، ولا يزيد في درجته، يسارع في الفاني ويبطئ في الباقي!!

عباد الله :
المبادرةَ المبادرة بالعمل والعجلة العجلة قبل هجوم الأجل قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، قبل أن يَسأل الرجعة ليعمل صالحًا فلا يُجاب إلى ما سأل.

ليس للميت في قبره
فِطر ولا أضحى ولا عشر
ناءٍ عن الأهل على قربه
كذاك مَن مسكنه القبر

فما من ميت يموت إلا ندم إن كان محسنًا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم أن لا يكون نزع عن معصيته. 
أَيا مَن لَيسَ لي مِنهُ مُجيرُ
بِعَفوِكَ مِن عَذابِكَ أَستَجيرُ 
أَنا العَبدُ المُقِرُّ بِكُلِّ ذَنبٍ
وَأَنتَ السَيِّدُ المَولى الغَفورُ
أَفِرُّ إِلَيكَ مِنكَ وَأَينَ إِلّا
إِلَيكَ يَفِرُّ مِنكَ المُستَجيرُ


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله والصلاة والس
لا

م على رسول الله

4- ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .

5- ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبةُ هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ندماً على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزماً على ألا يعود والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى .
والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة حالاً بدون تمهل لأنه : أولاً : لا يدري في أي لحظة يموت .
ثانياً : لأنّ السيئات تجر أخواتها .
عباد الله ان من الحرمان والخسران أن تمر هذه العشر مرور الكرام، وتخرج بسلام فلا عمل ولا اهتمام. [الأعراف: 56].

عباد الله :
في زماننا فتن عظيمة وبلايا كبيرة، ومحن جسيمة، لا يثبت فيها على الدين، إلا من وفقه الله للعمل الصالح والعلم المتين، حتى أصبح القابض على دينه، المتمسك بتعاليم نبيه، كالقابض على الجمر، أو الماشي على لهيب الحر، والأيام العشر فرصة لكسب الحسنات، وعمل الصالحات، وخاصة الدعاء في عرفات، فقد جاء في الحديث أفضل الدعاء دعاء عرفة، فأكثروا فيه من الدعوات الصالحات، لعموم المسلمين ولمن يتعرضون اليوم للأذى والضرر ، والنكبات، ودعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب من الأدعية المستجابات.

يا أخي يا حبيبي، ها قد جاءك الموسم، فكن على حذر من التفريط، جاءك الموسم فكن فيه من أهل السبق لا من أهل الغطيط. فلعل الله أن ينظر لك نظرة رحمة، فيصلِحَ ابنك وزوجَك، ولعل الله أن ينظر لك نظرة رحمة فيفتحَ لك بعملٍ صالحٍ واحد أبوابَ أعمال صالحة لم تكن تطيقها، ولعل الله أن ينظر لك نظرة رحمة فيتقبلَ دعاءَك، ويرفع الكروب والأزمات عن أمتك، ويصلح دينك ودنياك وآخرتك.

عباد الله :
علينا أن نستشعر واجباتنا ومسئولياتنا تجاه ديننا وأمتنا ومجتمعاتنا، وعلينا أن نقوّي أُخوتنا، وأن لا نترك للعداوات والحروب والمشاكل والعصبيات والنعرات الجاهلية أن تفرّق صفنا، وتهدم مجتمعنا، وتؤجج الصراعات والنزاعات فيما بينا، ولنحفظ أيدينا عن الدماء المعصومة والأعراض المصونة، والوطن يتسع للجميع، وعلى الناس جميعًا أن يكونوا شركاء فيه بجميع طوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم.

البدار البدار أيها المسلمون الكرام قبل فوات الأوان، وحلول الآجال، وتقلب الأيام والأحوال، ولات حين مندم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، بادروا رحمكم الله إلى استغلال الفرص، وتحين الأوقات الفاضلة، إن ما يقوم به المسلم من أعمال البر والإحسان والصدقة، والمعروف ونوافل العبادة، وخاصة في أيام العشر أثمن عند الله من الذهب الخالص قالَ عليه الصلاة والسلام (العِبَادَةُ في الهَرجِ كَهِجرَةٍ إِلَيَّ (رَوَاهُ مُسلِمٌ).

وقد دعانا الله إلى المسابقة في أمور الآخرة، وتحصيل الثواب في العاجلة فقال ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]

========================
🎤
محاضــرة.قيمـة.بعنــوان.cc
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا
للدكتور/ محمــود عبـدالعزيز يوسف
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

المقــــدمــــة :
من فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن الله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم، وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها.

أولاً: كيف نستقبل الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة؟
حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة: فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام: فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69].

3- البعد عن المعاصي: فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه، فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.

ثانياً: فضائل الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها: وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾. والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.

2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره: قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.

3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها أفضل أيام الدنيا: فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فضل أيام الدنيا أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب) [رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني].

4- أن فيها يوم عرفة: ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً.

5- أن فيها يوم النحر: وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر) [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].

6- اجتماع أمهات العبادة فيها: قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).

ثالثاً: فضل العمل في عشر ذي الحجة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر؛ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].

فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.

رابعاً : من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة:
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواس
م نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كان السلف يعظمون ثلاث عشرات: "العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم".

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة: وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].

والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.

2- الصيام: وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].

وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: "صيامها مستحب استحباباً شديداً".

3- الصلاة: وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].

4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر: فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.

ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.

ويشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق.

5- الصدقة: وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].

6- الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظافر لمن نوى أن يضحي: لما رواه مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره) وفي رواية (فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ [البقرة: 196] وهذا النهي ظاهره انه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر.

7- تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهي سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم، (وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما) متفق عليه.

وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه - والاستغفار - وبر الوالدين - وصلة الأرحام والأقارب - وإفشاء السلام وإطعام الطعام - والإصلاح بين الناس - والأمر بالمعروف والنهي عن ال
من

كر - وحفظ اللسان والفرج - والإحسان إلى الجيران - وإكرام الضيف - والإنفاق في سبيل الله - وإماطة الأذى عن الطريق - والنفقة على الزوجة والعيال - وكفالة الأيتام - وزيارة المرضى - وقضاء حوائج الإخوان - والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - وعدم إيذاء المسلمين - والرفق بالرعية - وصلة أصدقاء الوالدين - والدعاء للإخوان بظهر الغيب - وأداء الأمانات والوفاء بالعهد - والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف - وغض البصر عن محارم الله - وإسباغ الوضوء - والدعاء بين الآذان والإقامة - وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة - والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة - والمحافظة على السنن الراتبة - والحرص على صلاة العيد في المصلى - وذكر الله عقب الصلوات - والحرص على الكسب الحلال - وإدخال السرور على المسلمين - والشفقة بالضعفاء - واصطناع المعروف والدلالة على الخير - وسلامة الصدر وترك الشحناء - وتعليم الأولاد والبنات - والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.

خامساً: وقفات لمن أراد الحج
أخي المسلم إذا شرح صدرك وأردت الحج وقصدت وجه الله عز وجل والدار الآخرة أذكرك بأمور:
1- الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار، فاستخر الله في الوقت والراحلة والرفيق، وصفة الاستخارة أن تصلي ركعتين ثم تدعو دعاء الاستخارة المعروف.

2- إخلاص النية لله عز وجل: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله ونفقاته مقربة إلى الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه.

3- تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاء التي قد تفسد عليك حجك. وكتب الأحكام ولله الحمد متوفرة بكثرة.

4- توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى: فينبغي لمن عزم على الحج أن يوفر لمن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.

5- التوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: " ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور:31]. وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها، والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده مظالم للناس ردها وتحللهم منها سواء كانت عرضا أو مالا أو غير ذلك.

ومن حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعاً ولا يصح حجه، أما إن كان تركها تساهلا وتهاونا فهذا فيه خلاف بين أهل العلم: منهم من يرى صحة حجه، ومنهم من لا يرى صحة حجه، والصواب أنه لا يصح حجه أيضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". وقوله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" هذا يعم من جحد وجوبها، ويعم من تركها تهاونا.

6- اختيار النفقة الحلال: التي تكون من الكسب الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم. فإن الذي يحج وكسبه مشتبه فيه لا يقبل حجه، وقد يكون مقبولا ولكنه آثم من جهة أخرى.
إذا حججت بمال أصلُه سحتٌ
فما حججتَ ولكن حجَّتِ العيرُ
لا يقبلُ الله إلا كلَّ صالحة
ما كلُّ من حجَّ بيت الله مبرورُ

7- اختيار الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة. وهم يحتسبون كل ذلك عبادة وقربة إلى الله عز وجل.

8- الالتزام بآداب السفر وأدعيته المعروفة ومنها : دعاء السفر والتكبير إذا صعدت مرتفعا والتسبيح إذا نزلت وادياً، ودعاء نزول منازل الطريق وغيرها.

9- توطين النفس على تحمل مشقة السفر ووعثائه وصعوبته: فإن بعض الناس يتأفف من حر أو قلة طعام أو طول طريق. فأنت لم تذهب لنزهة أو ترفيه، اعلم أن أعلى أنواع الصبر وأعظمها أجرا هو الصبر على الطاعة.. ومع توفر المواصلات وتمهيد السبل إلا أنه يبقى هناك مشقة وتعب.. فلا تبطل أعمالك أيها الحاج بالمن والأذى وضيق الصدر ومدافعة المسلمين بيدك أو بلسانك بل عليك بالرفق والسكينة.

10- غض البصر عما حرم الله: وتجنب محارم الله عز وجل فأنت في أماكن ومشاعر عظيمة، واحفظ لسانك وجوارحك ولا يكن حجك ذنوباً وأوزاراً تحملها على ظهرك يوم القيامة.
فاتق الله أيها الحاج، وأخبت إلى ربك، واخضع له، وانكسر بين يديه، وتب إليه توبة نصوحاً فإنه عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن
محاضــرة.قيمـة.بعنــوان.cc
عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا
للدكتور/ محمــود عبـدالعزيز يوسف
🕌?
?🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

المقــــدمــــة :
من فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن الله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم، وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها.

أولاً: كيف نستقبل الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة؟
حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة: فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام: فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69].

3- البعد عن المعاصي: فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه، فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.

ثانياً: فضائل الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها: وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾. والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.

2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره: قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.

3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها أفضل أيام الدنيا: فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فضل أيام الدنيا أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب) [رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني].

4- أن فيها يوم عرفة: ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً.

5- أن فيها يوم النحر: وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر) [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].

6- اجتماع أمهات العبادة فيها: قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).

ثالثاً: فضل العمل في عشر ذي الحجة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر؛ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].

فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.

رابعاً : من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة:
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواس

م نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه
العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كان السلف يعظمون ثلاث عشرات: "العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم".

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة: وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].

والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.

2- الصيام: وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].

وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: "صيامها مستحب استحباباً شديداً".

3- الصلاة: وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].

4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر: فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.

ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.

ويشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق.

5- الصدقة: وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].

6- الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظافر لمن نوى أن يضحي: لما رواه مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره) وفي رواية (فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ [البقرة: 196] وهذا النهي ظاهره انه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر.

7- تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهي سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم، (وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما) متفق عليه.

وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه - والاستغفار - وبر الوالدين - وصلة الأرحام والأقارب - وإفشاء السلام وإطعام الطعام - والإصلاح بين الناس - والأمر بالمعروف والنهي عن المن

كر - وحفظ اللسان والفرج - والإحسان إلى الجيران - وإكرام الضيف - والإنفاق في سبيل الله - وإما
طة الأذى عن الطريق - والنفقة على الزوجة والعيال - وكفالة الأيتام - وزيارة المرضى - وقضاء حوائج الإخوان - والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - وعدم إيذاء المسلمين - والرفق بالرعية - وصلة أصدقاء الوالدين - والدعاء للإخوان بظهر الغيب - وأداء الأمانات والوفاء بالعهد - والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف - وغض البصر عن محارم الله - وإسباغ الوضوء - والدعاء بين الآذان والإقامة - وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة - والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة - والمحافظة على السنن الراتبة - والحرص على صلاة العيد في المصلى - وذكر الله عقب الصلوات - والحرص على الكسب الحلال - وإدخال السرور على المسلمين - والشفقة بالضعفاء - واصطناع المعروف والدلالة على الخير - وسلامة الصدر وترك الشحناء - وتعليم الأولاد والبنات - والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.

خامساً: وقفات لمن أراد الحج
أخي المسلم إذا شرح صدرك وأردت الحج وقصدت وجه الله عز وجل والدار الآخرة أذكرك بأمور:
1- الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار، فاستخر الله في الوقت والراحلة والرفيق، وصفة الاستخارة أن تصلي ركعتين ثم تدعو دعاء الاستخارة المعروف.

2- إخلاص النية لله عز وجل: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله ونفقاته مقربة إلى الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه.

3- تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاء التي قد تفسد عليك حجك. وكتب الأحكام ولله الحمد متوفرة بكثرة.

4- توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى: فينبغي لمن عزم على الحج أن يوفر لمن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.

5- التوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: " ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور:31]. وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها، والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده مظالم للناس ردها وتحللهم منها سواء كانت عرضا أو مالا أو غير ذلك.

ومن حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعاً ولا يصح حجه، أما إن كان تركها تساهلا وتهاونا فهذا فيه خلاف بين أهل العلم: منهم من يرى صحة حجه، ومنهم من لا يرى صحة حجه، والصواب أنه لا يصح حجه أيضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". وقوله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" هذا يعم من جحد وجوبها، ويعم من تركها تهاونا.

6- اختيار النفقة الحلال: التي تكون من الكسب الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم. فإن الذي يحج وكسبه مشتبه فيه لا يقبل حجه، وقد يكون مقبولا ولكنه آثم من جهة أخرى.
إذا حججت بمال أصلُه سحتٌ
فما حججتَ ولكن حجَّتِ العيرُ
لا يقبلُ الله إلا كلَّ صالحة
ما كلُّ من حجَّ بيت الله مبرورُ

7- اختيار الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة. وهم يحتسبون كل ذلك عبادة وقربة إلى الله عز وجل.

8- الالتزام بآداب السفر وأدعيته المعروفة ومنها : دعاء السفر والتكبير إذا صعدت مرتفعا والتسبيح إذا نزلت وادياً، ودعاء نزول منازل الطريق وغيرها.

9- توطين النفس على تحمل مشقة السفر ووعثائه وصعوبته: فإن بعض الناس يتأفف من حر أو قلة طعام أو طول طريق. فأنت لم تذهب لنزهة أو ترفيه، اعلم أن أعلى أنواع الصبر وأعظمها أجرا هو الصبر على الطاعة.. ومع توفر المواصلات وتمهيد السبل إلا أنه يبقى هناك مشقة وتعب.. فلا تبطل أعمالك أيها الحاج بالمن والأذى وضيق الصدر ومدافعة المسلمين بيدك أو بلسانك بل عليك بالرفق والسكينة.

10- غض البصر عما حرم الله: وتجنب محارم الله عز وجل فأنت في أماكن ومشاعر عظيمة، واحفظ لسانك وجوارحك ولا يكن حجك ذنوباً وأوزاراً تحملها على ظهرك يوم القيامة.
فاتق الله أيها الحاج، وأخبت إلى ربك، واخضع له، وانكسر بين يديه، وتب إليه توبة نصوحاً فإنه عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

====================
2024/09/23 19:20:52
Back to Top
HTML Embed Code: