Telegram Web Link
|61k @abarat77 العــشق المجروح💔
|22k @redehh12 حالات وخلفيات للعشاق

|16k @abofahd2016 صور وفيديو
|16k @Qais77 روائع الشعر العربي

|15k @DRR4U مكـتبة الكـلمات
|14k @cooking22 مطبخ شيف

|12k @So0my_Ahmed خواطر عشاق
|12k @AlmanarDentalCo طب اسنان

|11k @R_stories قصص واقعية
|11k @tatweirco1 طور ذاتك

|10k @kalmatt خواطر تجنن
|10k @dbkat1 نكت مشاهـير
|10k @olpoo قيامة ارطغرل

(+09k)
@ajlalmashhad اخبار عاجلة
@Applicationns فكرة وصورة
@rrrre2017 خواطر حب

(+08k)
@startyemen بيع وشراء
@indexa دليل تيليجرام
@sa7tech اندرويد تك
@alsaada رسائل

(+07k)
@alrrqqiat_alshshareia الرقية
@ghasas1 تلاوات حزينة
@mahdey20000 قصص
@sdimi خواطر مقصودة

(+06k)
@anarajalAhwazi تلاوات حزينه حقا
@Languagee تعلم الإنجليزيه
@Qalbeyat خفف عن قلبك
@atrukathr همسات تجنن

(+05k)
@SY_INTERNET انترنت مجاني
@beinsport_1 beINSPORTS
@zbjt_Yemeni222000 نكت
@Each_Neew ثقف نفسك
@heeeeeeez نكت جريئة
@MedInfo1 معلومات طب
@tlgrm_ar روابط تلجرام
@tafser2 تلاوات حزینه

(+04k)
@manaber_men_nour منابر من نور
@hamasat_el7ob_22 همسات الحب
@yemenimkloot يمني مخلوط
@hmstmahadd همسة محبة
@medicalnotesdaily طبية
@yemen_link دليل لقنوات
@nooono22 كوني جميلة
@Videoshow1 فيديوهات
@story_fav2 رومنسيات
@yemansan صنعانية
@iPhonYe يمن ايفون

(+03k)
@Mahmoudgrab قصص عربية
@althkafahgram اسرار تليجرام
@kull_yawm_suna خواطر
@YemeniMan1 انيق متمرد
@bar7k7at معلومات خطيرة
@ArmyHaker GR7للهكر
@Romansii كبرياء إنثى
@o5o5o5o سالفة عشق
@Glbi3shkan قلبي
@your_image صور
@glaa115 تصاميم

(+02k)
@Xxx_DEVRAMI_xxX †εαʍ ₫ευ
@alkhataba2016 منبر الخطباء
@kalimatraagia اعذب الكلام
@TWi_Xx نكت تموتك ضحك
@reem_20011 منوعات
@knowwithus معلومات
@TeleShare دليل شامل
@Somo23 نبض مشاعر
@poetry2017 منوعات
@braing تليجرام عرب
@al_eslamm ميراث
@nukat555 طرائف
@NktSoso نكت

(+01k)
@PHilosop7 رؤوس اقـلام ادبيـة💌
@androidiphone221 العاب مهكرة
@moqawama1 عدسة المقاومة
@atwanabdo عبدالباري عطوان
@halwsatasheq هلوسآت عاشق
@comandozz نجوم التحشيش
@M_L_W فيديوهات مضحكه
@ch_telegram2017 قنوات
@Super_droidi العاب مهكره
@MNKS13 منكوس القصيد
@yyooAa ھمسات من القلب
@mmowk معلومات مذهلة
@alklasah خلاصة الكلام
@I_2O18 عشوائيه الشعور
@kalaam ححممة حكي
@ks555 عذب الشيلات
@NORLIFE نور الحياة
@ibraimim الحلا كله
@amra3 كن مع الله
@m2m33 برمجة
@U_K_U كبريائي
@faker5 مضحكة
@fzah3 سقطرى
@Nokaatt نكت
@eas33 غاغة

(+02k)
@Mulahazat_saeida ملاحظات سعيدة
@yemenexchange أسعار العملات
@YemConfMaps خرائط الصراع
@shghf_kateb شغف كاتب
@beer_beer تموتك ضحك
@jas_men إكتشف نفسك
@awladna تربية الاولاد
@Raimah1 روعة جمال
@Kawateranean أنين
@no_pro حل مشكلاتك
@malekgroup مزارع
@llaael أجمل قصص
@Riad1999 كبرياء
@nukatxy نكت

(+03k)
@Rmziat_mrahq حالات وتس
@shaeroomshaer ذكر الله
@ALyemenNow اليمن الان
@WaRda2017 غرآم أحبآب
@ch_information معلومات
@alkhtaby687 نظرة حب
@malekgroup1 عقارات
@Doosliek_zbg اضحك
@hellobk شباب ستايل
@hapy0 قلبي يكتب
@lloioll طرائف

(+04k)
@halositsanaain هلوسات صنعاني
@whatsapp_status حالات وتس
@Zawamil1 زوامل وشيلات يمنية
@mnawaat4u منوعات 2018
@riwayat2016 روائع الادب
@ohaha أتحداك ما تضحك
@Alkingyaso تمرد حواء
@W_Q_W كبرياء رجل
@mattbkhy مطبخي
@nooono2 ذكر الله
@sh_iii2017 شيلات

(+05k)
@cftil00000 مشاعل لكل مشاعر
@nicephotos افخم قناة للصور
@Rawaa_altasmim تصميم
@English918 قصص انجلزيه
@m64g20 ‏كبريأإء مسـتهدف
@android_awadh معلومات
@khawater_9 خواطر حب

(+06k)
@hobrabi تلاوات حزينه
@ibbibb رمنسيات بـنات
@BRSTIG سأكتفي بك
@KingJokes نكت
@hamss6 همسات

(+07k)
@khawater19 خواطر
@qasah كل يوم قصة
@v5_v5 ارقام امريكية

(+08k)
@qhisas_ashar أقوال وحكم
@iraqkristal علاج البشره
@SM11k أحلام مستحيله
@ahsase1 راقت لي

(+09k)
@andriodiphone العاب وبرامج مهكره
@Time_Romance همسات
@heeeekm رسائل حب
@wwwtvn عبارات

|10k @Dooslike_maqil لاتنسى ذكراللة
|10k @niokkkt نكت عربية

|12k @DentalYemeni مستشارك طبي
|12k @Rmzyat_Love فخامة خواطر
|12k @angamy33 شيلات حب

|17k @elmatb4welgmal انتي اجمل
|17k @qaisalnod مملكة النكت

|16k @f55f7 قـروب سوالف بنات
|20k @mate3aqlak متع عقلك

|22k @cam_medicine الطب النبوي
|22k @Family_awareness جريئة

|23k @amniet1 للمتزوجين فقط
|28k @wnash2016 نكت قوية

|64k @rmzyat123 انا وزوجـي
|15k ‌‏@BC_love بيسيات حب

By➯ @feeeev |Ͳ★ 9PM
🎤
*خطــبـة جـمـعــة بـعـنـوان :*
*فــقـــــه.الأزمــــــــة.والــفــتــنـــة.cc*
للشيـخ/ عـلــي بن عـمــــر بـادحــــدح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخــطبـــة.الاولــــــى.cc*
الحمد لله، الحمد لله خلق الخلق
وبسط الرزق، وشرع الشرائع، وفرض الفرائض، وكتب الآجال، وقدر الأقدار؛ حكمته بالغة، ونعمته سابغة، ورحمته واسعة، ومشيئته نافذة، له الأمر من قبل ومن بعد، وهو على كل شيء قدير، له الحمد كما يحب ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً نلقى به أجراً، ويمحو الله به عنا وزراً، ويجعله لنا عنده ذخراً، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال، وفي كل آن.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله؛ نبيه المصطفى، ورسوله المجتبى، وعلم التقى، ومنار الهدى، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم، واقتفى أثرهم، ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أمـــا بـــعــــــد :
أيها الإخــوة المؤمنـــون !
في فقه الأزمة والفتنة نصل حديثنا، وأسلفت غير مرة أن منبر الجمعة ينبغي أن يكون له دوره البارز، لكن على منهجية صحيحة، وبلغة واضحة فصيحة، وبأسلوب منهجي حكيم، ليس فيه مزايدات سياسية، ولا مهاترات إعلامية، ولا مغالطات من هنا أو هناك، ومن هنا فإن ما سأذكره أمر يفيدنا في حياتنا العامة كلها، وفيما قد يمر بنا أفراداً من مشكلات أو معضلات في دوائرنا الضيقة الخاصة، كما أنه ومن باب أولى يفيدنا فيما يحيط بنا كمجتمع وما يحيط بنا كأمة ونحن نرى تكالب الأعداء من كل حدب وصوب، وتوجه سهامهم في كل ميدان ومجال، وحصول كثير من الأمور المؤلمة المحزنة؛ سواء ما كان ذلك مادياً محسوساً بانتهاك العرض، أو استلاب الأرض، أو احتلالها أو غير ذلك، أو ما كان معنوياً فيما تعلق باختراق الأفكار، وإثارة الشائعات، وكثرة الشبهات ونحو ذلك، فلعلنا في أضواء كتاب ربنا وفي ظلال سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وعلى أرضية تاريخنا المشرق الوضيء، ومن خلال واقعنا الذي نتأمله بكل هذه المعاني والمعالم؛ أن نتلمح طريقاً واضحاً نافعاً مفيداً بإذن الله عز وجل.

التثبت والتبين
التثبت والتبين معلم واضح في منهج الإسلام؛ إذ لا ينبغي تعجل لا تستجلى فيه الحقيقة، ولا رد فعل تغيب فيه الإثباتات في أي أمر من الأمور صغيرها وكبيرها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]، وكم من خبر في أمورنا الخاصة وحياتنا الشخصية تلقيناه دون تمحيص، ورمينا آخرين بالتهم، وجزمنا بوقوعهم في الخطأ، ثم تبين من بعد أننا لم نع ما سمعنا، وأننا تجاوبنا مع عواطفنا ومشاعرنا دون أن نتثبت على وفق المنهج القرآني.

قال الله تعالى: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111]، وفي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عند البخاري في الأدب المفرد: (بئس مطية الرجل زعموا)، تسأله: ما حجتك في ذلك؟ فيقول: سمعتهم يقولون: إن وكالة (يقولون) وكالة مذمومة في كتاب الله عز وجل: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ [الصافات:151-152]، وتلك فرية عظيمة، ومن لم يكن في كل أمره متثبتاً متبيناً فإنه يوشك أن تكون حالته دائماً أنه صحيفة لكل من شاء أن يكتب فيها خبراً صادقاً أو كاذباً، قضية صائبة أو خاطئة؛ فهو حينئذ كما وصف الله عز وجل أهل النفاق، والذين في قلوبهم مرض: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [النور:15] فهم يتلقون بآذانهم وأسماعهم، لكنهم لما كانوا لا يمررون ذلك على عقولهم، ولا على مناهج التثبت والتمحيص، بل ينطقون به بألسنتهم، كما ذكر ال
له أن تلقيهم بألسنتهم، ولعل حادثة الإفك وهي شأن لم يكن خاصاً برسول الهدى صلى الله عليه وسلم، بل عم مجتمع المسلمين، وكان حدثاً من أشد ما مضى بهم من الفتنة والأزمة، وشيوع الشائعات، وكثرة القالات، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ وأي شيء فعل؟

نأخذ مما روته عائشة -كما في صحيح مسلم- مواقف وومضات، قالت: (جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما بعد: يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله عز وجل، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه؛ فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه) .

رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة يسألها ويستثبت منها، والأمر كان جد عصيب، ولم يكن في نفسه عليه الصلاة والسلام شك وريبة، لكن الأمر -وقد تعلق به- أراد أن يقطعه قطعاً جازماً، وأن يبينه بياناً يخرس الألسنة، ثم كان له عليه الصلاة والسلام مواقف أخرى، وأسئلة من هنا وهناك، ثم رقى المنبر وقال: (من يعذرني من رجل تكلم في أهلي)؟ حتى اختلف الحيان من الأوس والخزرج؛ فسكنهم وسكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تنزلت البراءة من فوق سبع سماوات جازمة قاطعة ناصعة شاهدة لبراءة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها.

وليس المقام مقام إفاضة، وإنما أريد أن نأخذ هذه القضايا في أصولها وفي عناوينها ودلالاتها فحسب.

العدل والإنصاف
ما أدراك ما العدل والإنصاف؟! إنه أمر عزيز ثقيل لا تطيقه إلا النفوس المؤمنة الخالصة المخلصة.

إن في النفوس من الأهواء، ومن شوائب البغضاء والعداء ما يحملها على ظلم من تخالفه، بل على الظلم أحياناً بصورة عامة إذا كانت تريد تحصيلاً لمصلحتها، أو تحقيقاً لمنفعتها، والله جل وعلا يقرر العدل تقريراً عظيماً في هذا الدين بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى [النحل:90]، ذلك هو أمر الله بالعدل على إطلاقه في كل حال، ومع كل أحد، وتحت كل ظرف، فإن العدل قيمة مطلقة، وهو من أسس هذا الدين، ومن أخلاقه العظيمة، ومبادئه الرائعة البديعة، ومن هنا جاء قول الحق سبحانه وتعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] أي: لا يحملنكم بغض قوم على أن تظلموا وتحيفوا عليهم، ولو كانوا من الأعداء ومن غير المسلمين، فيكف بغيرهم من المسلمين؟!

وذلك أمر مهم، فإن الفتن والأزمات تثير الضغائن، وتشعل نيران الأحقاد، ومن لم يكن له نفس مؤمنة، وعقل راسخ، فإنه يتحرك ويندفع مع أهوائه، ويقع في الظلم الذي حرمه الله عز وجل، كما ورد في الحديث القدسي عن أبي ذر عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عن رب العزة والجلال: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا)، وكم من قضية تستطيل فيها الألسنة، وتتحرك فيها الأهواء؛ لتكون حينئذ ظلماً محضاً.

ولننظر مرة أخرى إلى مواقف خلص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك، عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم المقربين منه قالت عائشة في روايتها: (فأما أسامة فأشار بالذي يعلم من براءة أهله، فقال: يا رسول الله! أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي رضي الله عنه فقال: لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم بريرة مولاة عائشة فقالت رضي الله عنها: والذي بعثك بالحق! إن رأيت عليها أمراً أغمصه عليها، إلا أنها كانت جارية حديثة السن تعجن العجين فتنام عنه فتأتي الداجن فتأكله)، أولئك قوم لم يكن لأحد منهم أن يجور في حكمه، بل حموا أنفسهم وتوقفوا عند حدودهم، وأحسنوا ظنونهم.

ورحم الله أبا أيوب الأنصاري عندما نقلت له أم أيوب ما يقال ويشاع، فقال: يا أم أيوب ! أكنت فاعلة؟ قالت: لا والله، فقال: فلـعائشة خير منك، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خير مني. ذلكم هو الإنصاف والتجرد؛ أن تضع نفسك موضع من أرسلت عليه سهام التهم بغير بينة أو برهان، وأن تتحرى ألا تكون مجرماً معتدياً؛ حتى وإن كان المخطئ قد وقع في خطئه وثبت خطؤه؛ فإن حكمنا عليه ينبغي ألا يتجاوز حدود الخطأ، وإلا كنا عادلين فيما حكمنا عليه من خطأ، وجائرين فيما زدنا عليه مما لم يثبت له، وذلك هو الأمر الذي لابد منه.

ومن روائع العدل والإنصاف الذي لا يكون إلا مع شدة التحري والإيمان والورع، ما كان من أم المؤمنين زينب ، وما أدراك من زينب؟

تقول عائشة عنها: هي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هي المنافسة التي قد يكون بينها وبينها شيء، فسألها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً) ، لم تنتهز فرصة لتشفي غليلاً، ولم تستجب لهوى قد يكون داعياً في النفس بطبيعتها لمن ينافس أو يكون في ذات المرتبة، قالت عائشة رضي الله عنها: (كانت هي التي تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع، وأما أختها -وهي حمنة بنت جحش - فقد خاضت، و
كانت تحامي عن أختها، فهلكت فيمن هلك)، فانظروا! صاحب الشأن ترفع واستعلى، وعدل وأنصف، وتورع وأخلص، وغيره فاته ذلك، فوقع وأخطأ وجار في حكمه، وذلك ما ينبغي أن نتنبه له.

الإخلاص والتجرد
إن الأزمات يتأكد فيها الإخلاص لله عز وجل، والتجرد من المصالح والمنافع الذاتية، والارتباط بمصالح الأمة والمصالح العامة، فإنه من غير المقبول مطلقاً أن يكون هناك اتباع لأهواء النفوس لتحصيل المكاسب، أو لأخذ المنافع الذاتية، وفوق ذلك إغضاء وإعراض عما قد يترتب على ذلك من مضرة في المصالح العامة، فلابد من الترفع عن الأهواء، والبعد عن حب الظهور، والابتعاد عن الانتصار للنفس والتشفي، وكم في مواقف الصحب الكرام رضوان الله عليهم ما يدل على سمو في هذه المعاني، أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه في معركة وقتال مع الأعداء -ليس في حال من حالات السلم أو السكون- علا بسيفه على رجل من أهل الشرك، فسبه وبصق في وجهه، فأمسك علي سيفه وتركه، لم؟ قال: خشيت أن أنتصر لنفسي فلا أكون قتلته ابتغاء مرضات الله عز وجل! تلك النفوس التي ترتفع عن الانتصار لذاتها، والتشفي لمتطلبات أهواء نفوسها، وذلك ما ينبغي أن يكون، فكم من مخالف تختلف معه في قضية شخصية، ثم تأتي فرصة فإذا بك كأنما تنتقم منه، متخطياً العدل والإنصاف، متناسياً التثبت والتبين، مندفعاً مع حب الانتقام، أو مع تصفية الحسابات؛ وحينئذ تختلط الأوراق، وتعظم الفتنة، وتتكاثر أسباب الأزمة؛ لأنه تغيب حينئذ الحقائق مع مثل هذه الأمور.

أيـــها الأحبـــة !
لا عصمة إلا بالإيمان، ولا وقاية إلا بخوف الرحمن، ولا يمكن أن يسير الإنسان في هذا الحقل من الأشواك لما فيه من أهواء النفوس، ووساوس الشياطين، وقرناء السوء، وتسلط الأعداء إلا أن يعصمه الله سبحانه وتعالى باستمساكه بكتابه، واعتصامه بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ألسنا نعرف من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم الكثير التي ترك فيها ما هو لنفسه؛ إرادة المصلحة العامة، وإرادة الخير للأمة؟ بل قد فعل ذلك أصحابه رضوان الله عليهم، فترفعوا عن مثل هذا، والأمر يطول فيه الحديث.

المصارحة والمناصحة
لابد في أوقات الأزمة والفتنة أن تكون مصارحة مبنية على الحقائق، ومناصحة تترجم الحرص على المصلحة العامة، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث من جوامع كلمه قدر النصيحة في دين الله عز وجل فقال: (الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وهو حديث عجيب جدير بالتأمل ومعرفة دلالاته.. النصيحة لله عز وجل ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فهل بقيت دائرة تخرج عنها هذه النصيحة ولا تشملها، فأين التناصح بالإخلاص، وقول الحق بالأسلوب والمنهج الحكيم الذي يحقق المنافع والمقاصد، ولا يكون مثيراً لغير ذلك مما يعارضه أو يناقضه؟

نحن نعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يطبق ذلك، ويطبقه أصحابه، ويعلنون الحق، ويبرزون الصدق، خاصة في المواقف العصيبة مع كل الأدب والاحترام، ومع كل الحكمة ووضع الأمور في نصابها، أليست غزوة الأحزاب كانت شدة من أعظم الشدائد، ومحنة من أقسى المحن؟ في ذلك الأتون الذي مر بالنبي عليه الصلاة والسلام والصحابة مع شدة خوف وجوع وبرد، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يخفف عن أصحابه، فأراد مقترحاً أن يعطي لغطفان ثلث ثمار المدينة حتى ترجع عن الأحزاب، ويتفكك هذا الجمع الغفير من الأعداء.

فسأل واستشار عليه الصلاة والسلام السعدين؛ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فماذا قالا؟ بكل الأدب وبكل الفقه قالا: أوحي يا رسول الله أم أمر تراه لنا؟ أي: إن كان وحياً فهو موضع التسليم لا اعتراض ولا رأي ولا نقاش، فذلك الذي تخضع له الرقاب، وتمتثل له الأمة المسلمة، وأما إن كان رأياً تراه لنا قلنا الرأي، قال: (بل رأي أراه لكم) فصدقوه القول وصارحوه وقالوا: يا رسول الله! كنا وهؤلاء في جاهلية وكفر وهم لا يطمعون منا بتمرة إلا بشراء أو قرى، أفبعد أن أكرمنا الله بالإسلام وأعزنا بك نعطيهم ثمارنا؟ والله! لا نعطيهم إلا السيف، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأيهم ومشورتهم.

ينبغي أن نخلص النصح، والنبي صلى الله عليه وسلم قد جعل ذلك في البيعة للإسلام كما ورد في الحديث الصحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فزادني: والنصح لكل مسلم) لماذا إذا رأينا المخطئ لم يكن عندنا إلا سهام الاتهام والإغلاظ والجفاء دون أن نخلو به، أو يكون فيما بيننا وبينه مناصحة؟!

إن أقر بخطئه، وإن ثبت جرمه، قلنا له: عد إلى الله، وتذكر الله وارجع؛ فإن أبواب التوبة مفتوحة، وذلك يعين على تلافي كثير من الأخطاء، وعدم التمادي فيها.

المرابطة والمواجهة
المرابطة والمواجهة، وهي أمر مهم، فإننا اليوم على مستوى الأمة الإسلامية جمعاء، وعلى مستوى هذه البلاد والمملكة خصوصاً مستهدفون بالعداء، ولا يحتاج ذلك إلى برهان وتفصيل وبيان، فنحن نعلم الاستهداف فكرياً ومنهجياً وتعليمياً واجت
ماعياً وسياسياً، وكل ذلك ظاهر بين معلن، فكيف حينئذ لا نلتفت إلى أننا مرابطون على ثغور الإسلام؛ لأن هذا البلد هو بلد الإسلام، فيه نشأ ومنه انطلق، ولا يزال في أصل بلاد الحرمين هذا الإسلام، وإعلان تطبيق شريعته، وإظهار معالم شعائره وشرائعه، والانتداب لذكره ونشره، والدعوة إليه، ثم بعد ذلك ننشغل عن هذا الهجوم الشرس بما قد يكون أدنى منه، وهذا من فقه الأولويات الذي ذكرته من قبل، لابد أن ننتبه إلى الخطر الأعظم، فلا نغفل عنه، ونعطيه من الالتفات إليه ومن المواجهة له، ومن المرابطة لعدم اختراقه لصفوفنا ما يستحق.

ولعلي هنا أنقل نقلاً واحداً في ومضة سريعة لمسئول من المسئولين في تلك البلاد والدول المواجهة والمعلنة لهذا العداء، يقول: (لدينا استراتيجية غاية في البساطة، فنحن نريد في المنطقة نظماً موالية لنا، ثم إننا نريد ثرواتها بلا منازع، فنحن نريد ضماناً نهائياً لأمن إسرائيل؛ لأنها الصديق الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه)!

فنقول: لا ينبغي أن ننسى في أي وقت وتحت أي ظرف ما يحيط بديننا وأمتنا وبلادنا ومجتمعنا من هذا العداء الذي يبرم أمره كل ليل وكل نهار، وتتوالى أحداثه، وتتوالى إعلاناته، وتظهر ملامحه في كل ميدان ومجال، وهي قضية مهمة لابد من الانتباه لها وعدم نسيانها بحال من الأحوال.

الوحدة والاجتماع
تجب الوحدة والاجتماع، ومهما كان من أمر فإنه يجب وجود الوحدة الجامعة والولاية الشرعية المجمع عليها والمنعقدة والمنتظمة التي لا يصح الخروج عنها، ولا الانفلات منها، وقد أشرنا إلى الأدلة الشرعية على ذلك، وإلى الأضرار والمفاسد المترتبة عليها، فينبغي حينئذ ألا نتبادل الاتهامات، وألا نسمح للاختراقات أن تشقق أو تفتت وحدتنا، وتزايد على لحمتنا، وتمس أصل اجتماعنا وائتلافنا على أصل ديننا، وعلى أصل ولايتنا، بحيث لا يكون هناك أثر لذلك، والأمر من بعد ومن قبل أوسع وأعظم من أن تحيط به كلماتنا في هذا المقام.


الرجوع إلى الكتاب والسنة
لابد لنا في كل أمر من أمورنا الخاصة والعامة، الصغيرة والكبيرة، أن يكون مرجعنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الأئمة من العلماء قديمهم وحديثهم، والاسترشاد بالآراء والتوجيهات التي ترتبط بذلك وتنطلق منه، ومن قبل ذلك ومعه كذلك: الاستجابة والطاعة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين ولولاتهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ على أمة الإسلام أمنها وأمانها، وأن يحفظ عليها وحدتها وقوتها، وأن يعيد إليها قوتها وعزتها، نسألك اللهم لهذه البلاد المقدسة الطاهرة أن تحفظ عليها أمنها وأمانها، وإسلامها وسلامها، ورزقها ورغد عيشها، وإلفتها ووحدتها، ونسألك اللهم أن ترد عنا كيد الكائدين، وشرور المعتدين، وفتنة الفاتنين، برحمتك يا أرحم الراحمين!

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


دور الإعلام في الأزمات والفتن

*الخطــبـــة.الــثـانــيـــــة.cc*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أمـــا بـــعــــــد :
أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، فاتقوا الله في السر والعلن، واحرصوا على أداء الفرائض والسنن، واجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجتنبوا كل ما شاع وظهر من الفتن، نسأل الله عز وجل أن يسلمنا منها.

أيها الإخوة! أمران أختم بهما، وأعرج على صور تناقض كثيراً مما ذكرناه: الإعلام والإحكام.

الإعلام اليوم هو الذي يسمعه الناس من الإذاعات، ويقرءونه مكتوباً على الصحف، ويشاهدونه على الشاشات، فهو مصدر من المصادر الأساسية، بل يكاد يكون عند كثير من الناس هو المصدر الأول لمعرفة المعلومة وتحليلها ومعرفة ما وراءها، ومن هنا تأتي مسئولية الكلمة، ومسئولية الإحكام في الحديث عن الأمور كلها، وخاصة في الأحوال التي تكون فيها التباسات واشتباهات، ومن هنا ندرك عظمة الكلمة في منهج الإسلام: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:35-36]، وفي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً)، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري : (الرجل يتكلم بالكذبة تبلغ الآفاق )، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه يعذب بكلاليب يؤتى بها إلى فمه ثم تشقه إلى آخر شدقه، ثم يعود كما كان، ومن هنا لابد لكل أحد في كل دائرة من دوائره حتى في أسرته وفي دائرة قرابته من التثبت، فيجب أن نحرص على الانتباه لهذا، والدقة فيه، فإنه قد يكون أمران متناق
نهجه أو صواب رأيه من أصل كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان لا يأتيهما الباطل من بين يديهما ولا من خلفهما، وهما عصمة كل معتصم، ونجاة كل راغب في النجاة بإذن الله.

نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبصرنا بكتاب ربنا، وأن يعلمنا هدي رسولنا، اللهم اجعلنا بكتابك مستمسكين، ولهدي رسولك صلى الله عليه وسلم متبعين، ولآثار السلف الصالح مقتفين، وللحرص على أخوتنا ووحدتنا عاملين.

نسألك اللهم أن ترد عنا كيد الكائدين، وأن تدفع شرور المعتدين، وأن تصد فتنة الفاتنين، وأن تعيد وتبقي وتقر في هذه البلاد الأمن والأمان، والسلامة والإسلام، والهدى والتقى، وأن تجعلها أبداً مناراً للإسلام والمسلمين والدعوة إليه، والتبشير به والدفاع عنه في كل الأحوال والعوارض.

ونسألك اللهم أن تجنب الإسلام والمسلمين عداء المعتدين وعدوان الغاصبين.

نسألك اللهم أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيها أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء!

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك المخلصين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأخرجنا من الظلمات إلى النور يا رب العالمين.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن تهديهم وتوفقهم لما تحب وترضى، وأن تصرف عنا ما لا تحب وترضى.

اللهم يا حي يا قيوم يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراًعليه يا سميع الدعاء!

اللهم الطف بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين في كل مكان يا رب العالمين، امسح اللهم عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء!

اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، أفرغ اللهم في قلوبهم الصبر واليقين، وثبتهم في مواجهة المعتدين برحمتك وقوتك وعزتك يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واصرف اللهم عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمرنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، ووفق اللهم ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء!

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي؛ أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].

===================
ضان أو متباعدان والوسط بينهما هو الحق، فثمة مبالغة في التهويل، أو مبالغة في التهوين، وليس ذلك مطلوباً، ولا هذا مرغوباً، بل ينبغي الحرص على الحقائق، وليس كل ما يعلم يقال، فإن من الأمور ما ينبغي إخفاؤه أو عدم التصريح به؛ لئلا يتسبب في أمور من البلبلة، أو غير ذلك.

وهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بلغه في ذلك الموقف العصيب في يوم الأحزاب نقض بني قريظة للعهد، فلم يقبل الخبر على عواهنه، بل أراد تثبتاً وتبيناً فأرسل السعدين ليستجليا له الخبر، ثم قال: (إن علمتما خيراً فأذيعا) أي: إن كان الأمر أن القوم على عهدهم فانشروا ذلك وأذيعوه وبثوه في وسائل الإعلام؛ لتثبت القلوب، وترتفع الروح المعنوية، وتزيل البلبلة، قال: (وإن كان غير ذلك؛ فالحنوا لي لحناً لا يعرفه غيري) أي: قولوا قولاً ليس صريحاً لا يفقهه سواي؛ حتى لا يذاع الخبر فيكون سبباً في شيء من إضعاف المعنويات، أو في شيء من الخوف، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (عضل وقارة)، ذكروه بأخبار بعض من سلف من الغادرين، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أبشروا، الله أكبر! الله أكبر! أبشروا أبشروا) أراد أن يطمئن النفوس والقلوب، وإن كان قد أخذ بالأسباب، ولم يغب عنه ما ينبغي أخذه في مثل هذا الأمر، لكنه كان يدرك عليه الصلاة والسلام كيف ينبغي أن تبث الأخبار وأن تنشر الوقائع، كما نرى أحياناً في وسائل الإعلام بعض ما يحصل من الجرائم والفواحش، ويذكرون قصصها وتفاصليها، فيكون أثر ذلك في بعض الأحيان من الناحية السلبية أكثر من الإيجابية، فتهون المعاصي في نفوس الناس، وتجرئهم عليها، وقد تبين لهم سبلها، وذلك ما يقوله الإعلاميون والتربيون والنفسيون فيما تبثه الوسائل الإعلامية من الأفلام الإجرامية والعنفية وغير ذلك.

فينبغي أن نراعي ذلك، وأن نلتفت له، فلابد من الدقة في استخدام المصطلحات، وتحرير محل النزاع، وعدم إطلاق الكلمات التي لها دلالات مختلفة دون تعيينها وتحديدها، حتى لا يحصل من ذلك ما يكون فيه أثر غير محمود.

الشرع والردع
الشرع والردع هو الأساس الذي ينبغي تحكيمه وإحكامه، فإن إقامة شرع الله عز وجل أمر لابد منه، فكل من وقع في إثم، أو اقترف ذنباً، أو ارتكب كبيرة، أو اجترأ على جريرة، فإنه إن استوفي حكمه بقضاء، وثبت عليه ما عليه؛ فإن حكم الشرع يأخذ طريقه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (تدارءوا الحدود فيما بينكم، فأيما حد بلغني فقد وقع)، فإذا بلغ الأمر إلى الوالي والحاكم الشرعي فإنه لا مجال حينئذ إلا تمحيص البينات، وتحقيق القضايا، ثم إقامة الأحكام.

والردع في منهج الشرع أوسع من إقامة الأحكام، فالحدود الشرعية في السرقة والقتل والزنا وغيرها هي من العلاجات التي تحسم مادة الفتن والجرائم، لكنها ليست وحدها، فإن الإيمان قبلها، وإن تنمية الرقابة لله عز وجل، والخوف والحياء منه، والنظر إلى العواقب في الآخرة، وغير ذلك من الأمور التربوية والاجتماعية هي أيضاً من أساليب الردع.


التربية والتهيئة
أختم بقضية مهمة وهي: التربية والتهيئة، فإن التربية في المنزل والمدرسة والشارع إن كانت على المنهج الصحيح؛ وقتنا -بإذن الله- الكثير من الشرور، وكانت على مبدأ: الوقاية خير من العلاج، فلو تركنا أبناءنا: لا نعلمهم، لا نربيهم، لا نلفت نظرهم إلى الأخطاء، لا نحذرهم من المشكلات، ثم ذهبوا إلى دور العلم فلم يجدوا من المعلمين توجيهاً وتنبيهاً وتذكيراً، ولفت نظر وعلاج أخطاء كما ينبغي، ثم خرجوا إلى المجتمع، فلم يجدوا من وسائل الإعلام أو من الدعاة والعلماء القدر الكافي الذي يوجه ويرشد ويبين الأخطاء ويوضح المعالم؛ فحينئذ يحصل بعض ما يقع من التفريط والغلو والتطرف، وقد أسلفنا القول فيه من قبل.

ينبغي لنا أن نتحدث بصوت هادئ، فإن الجعجعة والصراخ لا تنفع في هذه الأحوال، وإننا ينبغي لنا أن نتحدث بمنهج سليم سديد، فإن الهيشات والمهاترات لا تنفع، وينبغي لنا ألا نتعجل وألا نجعل هناك شيئاً من الافتراق والتباعد، فلا ينبغي أن نتكلم عن هذا أو ذاك بأنه مخالف للشرع، وبأنه يريد مصادرة الدين، وبأنه يريد كذا وكذا، ولا ينبغي هذا لمن يعتلي المنبر أو يتكلم في الوعظ والإرشاد، كما لا ينبغي للآخرين أن يقولوا عن كل ملتزم أو متدين: إنه مخطئ في كذا، وإنه يقصد كذا، حتى كأن الناس شقوا عن القلوب والنوايا، بل ينبغي لنا أن ندرك عظمة الخطر، وأهمية الاتحاد، ومرجعية الشرع، وينبغي لنا أن ندرك أن مزية هذه البلاد أولاً وآخراً هي قيامها على الإسلام، وتحالف الدولة مع الدعوة، وأن أمر الاستهداف أعظمه وأكثره على ديننا، فلا ينبغي أن يكون منا جميعاً بغي، لا من هذا ولا من ذاك، وألا نصنف الناس فريقين، وأن نقول: أهل المنابر وأهل المحابر، ونجعل هناك أموراً تثار فيها البلابل، ينبغي لكل مسلم -وكلنا مسلمون في أصل إيماننا واعتقادنا- أن يكون مخلصاً لله، وما ذكرته ينطبق على جميع الناس، لا يستثنى منه أحد، ولا يظنن أحد كذلك أن العالم أو الداعي مبرأ من النقص أو منزه عن الخطأ، بل هو إنما يستمد قوة
خطبة بعنوان ( معا نستكمل النصر)
اعداد/ الدكتور: محمود أبوهدعش


الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الباطل
بقهره، ومديم النعم بشكره. قدر الأيام دولا بعدله، واستدرج المجرمين البغاة بمكره،وجعل العاقبة للمتقين الصادقين بفضله.
إن مسنا الضر او ضاقت بنا الحيل *فلن يخيب لنا في ربنا امل الله في كل خطب حسبنا وكفى * اليه نرفع شكوانا ونبتهل
من ذا نلوذ به في كشف كربتنا *ومن عليه سوى الرحمن نتكل
واشهد ان لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله نشهد أنه بلغ الرسالة…… ..
أيها المؤمنون الصادقون عباد الله ايها الأحرار
يقول الله تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم… ..) اُُُستضعف قوم موسى وأوذوا وابتلوا ونكلوا، فمنهم من قتل ومنهم من شرد ومنهم من اعتقل وسجن ومنهم… ، وطال عليهم البلاء حتى رفعوا الشكوى لموسى وقالوا ( أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا… ) فأجابهم بلسان الواثق بوعد ربه ونصره وتأييده ( استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) فبين لهم أن من سنن الله الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل أن العاقبة للمتقين مهما طال الزمن.
فأخذوا بالأسباب وثبتوا أمام الصعاب، واستهانوا بالعذاب ، ففتح أمامهم الباب، وعادوا الى أرضهم بعد تشريد وطول غياب، فصاروا هم ورثة الأرض والكتاب،إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب. قال تعالى
( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) هكذا النهاية وهكذا العاقبة وهذا وعد الله لا يتأخر ولا يتبدل.
فيا ابناء اليمن الأحرار ويا ابناء اليمن الأبرار أما آن لكم العودة للديار ، ومسح هذا العار الذي لحق بكل الأخيار .
أيها المشردون.. أيها المهاجرون ايها المبعدون… ايها النازحون . يامن ابعدكم الإنقلابيون عن بيوتكم وعن دوركم وعن اهليكم وعن محبيكم وعن أموالكم وأعمالكم، أما آن لكم أن تعودوا وتضعوا حدا لمعاناتكم وبعدكم !!!
أما يكفيكم تشردا وبعدا ومعاناة؟
هل هاجرتم للتحيزوا الى فئة ثم تكروا فاتحين؟ أم خرجتم وسلمتم بيوتكم وبلادكم للبغاة العابثين ؟ ورضيتم بالواقع واسقطتم حقكم في العودة ؟
ايها الأحرار إن التحيز قد بلغ مداه ، وإن الباطل قد بلغ منتهاه، ولا بد من وضع حد لهذه المعاناة.
ولهذا قرر الأحرار من المهاجرين والمشردين رفع شعار ( عائدون عبر الجبهات) ليستكملوا النصر ويستعيدوا الوطن المسلوب فحملوا سلاحهم وطلقوا راحتهم، واعلنوا النفير العام استجابة لقول الله القائل ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)
فهل أنتم أيها المؤمنون الصادقون مع هؤلاء المهاجرين الأحرار ؟ وتشاركونهم النفير والقرار ؟ أم استسلمتم للواقع ورضيتم بالعار؟
إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي * ولابد للقيد أن ينكسر
اذا ماطمحت الى غاية * نسيت المنى وركبت الخطر
ومن يتهيب صعود الجبال* ** يعش ابد الدهر بين الحفر
أيها المهاجرون المقاومون أهمس في أذانكم همسة فأفهموها ، هناك مؤامرة قذرة تحاك ضدكم فأفشلوها ، وانتم اصحاب قضية عادلة فلا تهملوها ،ومطالبكم مقدسة فلا تتنازلوا عنها، وثقوا في نصر الله القائل لكم ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم… .) والقائل ( ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله)
فخذوا الأمر بجد ، واحشدوا قوتكم، ورتبوا صفوفكم وانفروا الى جبهاتكم لإستكمال النصر المنشود قبل أن تكونوا في نظر العالم الظالم إرهابين ، وادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.
الله قال لنا انفروا
فتوحدوا وتأزروا
وامضوا الى ساح الوغى
اسآد حق تزأر
وليخطب الرشاش في محرابكم والخنجر
لا حق يأتي بإبتسامات الحوار فكشروا
ولتتركوا قالوا وقلنا والسواعد شمروا
ولتستجيبوا للنداء بكل جد تنصروا
…… قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد : عباد الله ايها المؤمنون الصادقون
( اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى….. .. )

اليكم ياا ابناء اليمن جميعا صيحة نذير، بأمر خطير وشر مستطير، إن بقاء الإنقلاب يوم واحد خطر عليكم ستدفعون ثمنه من دمائكم ودينكم وعزتكم وحريتكم وكرامتكم واموالكم واقتصادك
م واستقراركم .
دينكم في خطر هويتكم في خطر .. اجيالكم في خطر ..حرماتكم أمنكم مستقبلكم في خطر إن بقي الإنقلابيون يعبثون في البلاد وليس أمامنا جميعا الا حل واحد لتستقر الأمور ونعيش كبقية العالم هو أن نسقط هذا الإنقلاب لنضع حدا للكوارث والمأسي والمجازر والحروب التي هي من نتائج هذا الإنقلاب الدموي
هذا الإنقلاب الذي يعتبر مخالفيه كفار ومنافقين ودمهم حلال. ولهذا رفع ضدكم يا ابناء اليمن الأحرار شعار ( اشداء على الكفار) في حملته التحريضية ضدكم ولقد سمعتم المخلوع قاتله الله أمام العالم وهو يحرض على قتلكم وتصفيتكم وملاحقة كل حر يؤيدكم واعتقالة في كل حارة وحي ويحرض بلاطجته على حرب أهليه وفتنة تشمل كل قرية وبيت ( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم اكبر.)
أيها الأخيار بقاء الإنقلاب معناه بقاء الحروب والفتن والتشريد والنزوح والدمار والموت لهذا الشعب ورب العالمين يعاتبنا ويقول ( الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة اتخشونهم… .) ( قاتلوا التي تبغي حتى تفي الى أمر الله) والشعب اليمني والعالم كله يعرف من الذي اعتدى وبغى وتنكر لكل اتفاق وحوار وسلام.
ويهددنا الله اذا تثاقلنا وتأخرنا ( الا تنفروا يعذبكم عذابا اليما… ..) وهذا واقع ابناء اليمن سمحوا للحمقى والمغفلين والمعتوهين فأدخلونا في دوامة لا نهاية لها فأجمعوا شملكم وانقذوا وطنكم واقطعوا دابر الذين ظلموا
ياقوم جد قد مضى زمن المزاح *** عاثوا فسادا في البلاد كأنها كلأ مباح
فإلى متى ياموطني تبقى على الم الجراح
من لم يربيه الحوار حتما يربيه السلاح
وبهذه المناسبة نبعث كلمه لأبطالنا الأشاوس المرابطين في كل الجبهات والميادين من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية نقول لهم: أنتم الأمل لهذا الشعب المغلوب على أمره ، انتم الأمل الذي ينتظره أبناء اليمن جميعا المسجون والمعتقل والمشرد والأرملة واليتيم الكل ينتظركم ويدعوا لكم الكل ينتظركم لتخلصوهم من كابوس الإنقلاب الذي جثم على صدور اليمنيين فحول حياتهم جحيم وأفسد الحرث والنسل ، فكونوا عند مستوى المسؤلية والثقة التي وضعت فيكم ، اجمعوا شملكم وضمدوا جراحكم ووحدوا رؤيتكم وشدوا عزائمكم نحو العاصمة صنعاء فهي تنتظركم كما تنتظر الأرض القاحلة الغيث ، فانفروا الى جبهاتكم واصنعوا واقعا جديدا يغير المعادلة ويقلب الطاولة على من يمكر بكم ويكيد لكم واحسموا أمركم قبل أن تصبحوا في نظر العالم الظالم إرهابيين مطاردين ( وإياكم أن تشغلكم الأخطاء الواردة والمتوقعة عن الأخطار المحدقة) فإن الأخطار عظيمة والمؤامرة كبيرة ولكن الله اكبر واأعظم وهو مولانا نعم المولى ونعم النصير ، فلا ينبغي لحامل سلاح أو جندي أو مقاوم أن يبقى الا والتحق بالجبهات لإستكمال النصر وقطع دابر الذين ظلموا ، صحيح أن الأوضاع المعيشية مؤلمة ومتعبة بسبب الوضع العام وتأخر الرواتب ، لكن ينبغي أن تعلم أيها المقاوم أن العدوا يعاني اكثر وحالتهم مزرية ويتعفن جرحاهم. وأوضاعنا الإقتصادية لعلها خير من عدونا، أما الأرزاق فهي بيد الله وهذه عقيدة وايمان . فبالله عليكم هل يستطيع بشر تأخير رزق عنك أراد الله تعجيله. أو تعجيل رزق أراد الله تأخيره ؟ كلا ( ورزقكم في السماء وما توعدون) (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فلا خوف على رزق والله رازق ، والله لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشئ لن ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك ، فلا قلق .
الله ايها الأبطال استعينوا بالله واعتصموا به واصبروا وصابروا واذا قيل لكم انفروا فانفروا
انفروا وفاء للشهداء
انفروا وفاء للجرحى
انفروا من اجل الدين والعرض والوطن
والله معكم ولن يخذلكم وهو نعم المولى ونعم النصير
(ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم الدعاء للمجاهدين )


ملاحظة/ هذا ماتيسر اعداده ويستفاد منها كلا في ما يناسبه مع مرعاة الحال والواقع والله الموفق
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
بــذل المعــــــــروف وصــنـاعـتــــه
للشيـــــخ/ مـــرشــــــــــد الحـــــيـــــــالي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة للعالمين، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، ففتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، ورضي عن أصحابه الكرام أولي العزم والجد والاجتهاد، بذلوا المعروف لجميع العباد، وعلى الآل والأصحاب في الحياة الدنيا ويقوم الأشهاد .

وبـــعـــــــــد :
فإن صناعة المعروف، وخدمة الآخرين، وبذل المعروف لهم ابتغاء مرضاة الله - خصلة حميدة، وصفة جميلة، ومنَّة كريمة يمنُّ الله بها على عبده المؤمن، وقد بيَّن سبحانه عن رسله وأنبيائه أنهم كانوا يسعَوْن في خدمة الآخرين وإعانتهم، وكشف الكربة عنهم، وهو نابع من الرحمة والإيمان العميق، قال تعالى في حق سيدنا موسى عليه السلام: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 23، 24].

وذكر الله سبحانه عن سيدنا يوسف عليه السلام أنه كان يوسع على أهل السجن، ويُؤْثِرهم على نفسه - مع شدة ما فيه من الضيق والبلاء - قال تعالى في حق سيدنا يوسف: ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36]، وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث وحسن السمت، وكثرة العبادة صلوات الله عليه وسلامه، ومعرفة التعبير، والإحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم والقيام بحقوقهم[1].


أيــها المسلمــون :
لقد كان رسولنا عليه الصلاة والسلام من أكثر الناس بذلاً للمعروف، وحبًّا للخير، وكان العطاء أحب إليه من الأخذ، والإيثار خُلُقه، والرحمة وصفه وسجيته، يؤكد هذا المعنى عبدالله بن شقيق رضي الله عنه عندما سأل عائشة رضي الله عنها: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت: "نعم، بعد ما حَطَمَهُ الناس".

وفي السنة الشريفة المطهرة عن أنس رضي الله عنه: (أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، فقال: ((يا أم فلان، انظري أي السكك شئت؛ حتى أقضي لك حاجتك))، فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغتْ من حاجتها)؛ رواه مسلم.

إن الإسلام حثَّ على صناعة المعروف، والبحث عن حاجات الناس، والسعي في قضائها، والسؤال عن المحتاجين، والعمل على رفع المعاناة عنهم بقدر المستطاع، وقد رتب الإسلام على ذلك العملِ الصالح جملةً من الفوائد النفسية والاجتماعية والإيمانية، منها:

• أن الجزاء من جنس العمل؛ فمن سعى في قضاء حوائج الناس، أعانه الله، وسدد خطاه، ورفع عنه البلاء، وقد جاء في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة))، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: ((تأخذ فوق يده)).

• أن صناعة المعروف تدفع عن المسلم ميتة السوء، والتي كثرت في زماننا، وانتشرت في أيامنا بسبب قطيعة الرحم، وعدم التواصل، وانتشار ظاهرة الحسد والبغضاء والأنانية، وحب الدنيا وإيثارها على الآخرة، ومن مِيتة السوء موت الفجأة، والحوادث المروعة التي لا تدع مجالاً لاستدراك ما فاته، وتنزل بدون مقدمات، وقد جاء في الحديث: ((إن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء))؛ رواه الترمذي وحسنه.

• أن بصناعة المعروف ينال المسلم الأجر العظيم، والثواب الكبير على العمل القليل، وهذا إن دل على شيء فيدل على أهمية صناعة الخير، وبذله لأهله، وما له من المكانة الرفيعة، والمنزلة العظيمة في الإسلام؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد أريت رجلاً يتقلب في الجنة؛ في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين)).

• أن صناعة المعروف سبب عظيم للتواصل الاجتماعي، والتآلف بين القلوب، والتراحم بين الناس، وهو سبب لنزول الرحمة وحلول البركة: ((مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم: مَثَل الجسد؛ إذا اشتكى شيئًا، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))، وهي سبب هام لعلاج أن

واع من الأمراض النفسية كضيق الصدر.

ومعلوم أن الإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان والنفع له
نَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق على غني! فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأُتي فقيل له: أما صدقتُك على سارق: فلعله أن يستعفَّ عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعفَّ عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله)).


[1] من تفسير ابن كثير رحمه الله لسورة يوسف.
[2] من فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله.
[3] من فتاوى ابن باز رحمه الله، وقد اشتهر الشيخ ببذل المعروف وحرصه على التأليف بين الأمة، والسعي في التقريب بين وجهات النظر، مع العمل الدؤوب في الليل والنهار؛ من أجل نشر رسالة الإسلام السمحة، دون تشدد أو غلو، حتى أحبَّه القاصي والداني، وجعل الله له القَبول بين العباد أجمعين، ويشهد لذلك الحضور الهائل في تشييع جنازته، حتى إن ملوك الأرض ربما حسدوه على هذا الموقف، فرحمه الله رحمة واسعة.
[4] هو الإمام ابن تيمية رحمه الله، والقائل هو ابن القيم تلميذه رحمه الله، أين نحن من أخلاق العلماء الأجلاء الفضلاء وبذلهم للمعروف؟
انة المحتاج هي معاملة مع الله وإخلاص العبادة له قبل أن تكون معاملة مع الخلق؛ ولهذا فإن المسلم يبذل الخير للناس، بغض النظر عن مذهبه أو جنسيته؛ قال الله تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 8، 9]، والمقصود بالأسير كما قال ابن عباس رضي الله عنه: الأسير الكافر، قال رضي الله عنه: (كان أَسْراهم يومئذٍ مشركين)، ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء، فما بالك بالإحسان إلى المسلم؟

وقد ضرب علماؤنا وفقهاؤنا الأمثلة الرائعة في بذل المعروف والإعانة على النوائب، والمواساة في الأزمات، ومن الأمثلة على ذلك: موقف أحد العلماء[4]، ومعاملته مع مخالفه، والذي أراد الفتك به، وبذل جهده في الإيقاع به، يقول أحد تلامذته المقربين: "وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوةً وأذًى له، فنهرَني، وتنكَّر لي، واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزَّاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام، فسُرُّوا به، ودعوا له، وعظموا هذه الحال منه"؛ فرحم الله علماءنا وفقهاءنا.

فسارعوا إلى مرضاة الله والاستقامة على طاعته، وابذلوا المعروف، وصلوا الأرحام، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وتدبروا كتاب ربكم، وتمسكوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعَضُّوا عليهما بالنواجذ، واستقيموا على الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 114، 115].

إن صناعة المعروف وبذله لأهله قربة من القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله، والعبادة كما عرَّفها بعض العلماء: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال والأقوال.

وقد أحاط الإسلام عمل المعروف بجملة من الآداب؛ ليكتمل الأجر، ويحصل الثواب، ومن تلك الآداب:
• الإخلاص لله: فإن الأعمال في الإسلام لا توزن بقلة أو كثرة، وإنما بقدر ما يقترن بها من إخلاص النية، فرب عمل قليل مثل: إطعام جائع، أو إدخال سرور إلى قلب مسلم، اقترن به الإخلاص - أفضلُ عند الله من أعمال كثيرة في الميزان، وقد كان رسولنا الكريم يغرس هذه المعاني السامية في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ويحثهم على إخلاص النية لله، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة))، وقوله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارة لجارتها ولو فِرْسِنَ شاة))؛ متفق عليه.

فالحذرَ الحذرَ من المنِّ والأذى؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 264] ، ولأجل ذلك حثَّ الإسلام على إخفاء الصدقات؛ فإنه أرجى للقبول: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271]، وفي صحيح مسلم: ((ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)).

وبعض المسلمين يمتنع من صناعة المعروف بحجة أن فلانًا من الناس لا يستحق الصدقة والإعانة؛ لكونه مقصرًا في حق الله وحق العباد، والحق: أن المسلم عليه أن يوصل المعروف إلى أهله وذويه، وإن وقع عند مَن لا يستحقه، فيكفيه أنه بذل جهده، وأخلص نيته، وبلغ قصده، وليعتبر بما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق على سارق! فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زا

نية، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق الليلة على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدق
م، يبعث على انشراح الصدر وطيب النفس، وهذا مجرب ومعلوم.

أيها المسلمون:
إن مجالات صناعة المعروف، وبذل النفع للآخرين له صور مختلفة، وأشكال مختلفة، وأبوابه رَحْبة، ونوافذه واسعة لا حصر لها، بل إن من القواعد الأصولية الأصيلة في الإسلام: رفع الحرج، ودفع الضرر عن الخلق، وقد بوَّب أهل الفقه والحديث أبوابًا خاصة في كثرة طرق الخير والمبادرة إليها والسعي فيها، وأبوابًا في الترغيب في أعمال البر، ومنها:
• سداد الدَّيْن، وإنظار المُعْسر:
فعن عبيدالله بن عبدالله أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان تاجر يُداين الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوَزوا عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز اللهُ عنه))، وفي رواية لمسلم: ((قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه))؛ رواه البخاري ومسلم.

• التصدق بالمنفعة:
روى الإمام البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعون خصلة - أعلاهن منيحة العنز - ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاءَ ثوابها، وتصديق موعودها، إلا أدخله الله بها الجنة))، والمنيحة: هي أن الإنسان يكون عنده غنم وفيها حليب، فيمنحها لفقير يحلبها ويستفيد منها، فإذا انتهى الحليب منها أرجعها إلى صاحبها، فهذا تصدق بالمنفعة[2].

• الإعانة في تعليم الصنعة وإتقانها:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، والجهاد في سبيله))، قال: قلت: أيُّ الرقاب أفضل؟ قال: ((أنفَسُها عند أهلها، وأعلاها ثمنًا))، قال قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تُعِين صانعًا أو تصنع لأخرقَ)) قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعُفت عن بعض العمل؟ قال: ((تكفُّ شرك عن الناس؛ فإنها صدقة منك على نفسك)).

تعين صانعًا، أو تصنع لأخرق؛ أي: تعين المسلمين على شيء من أعمالهم، إذا رأيت مثلاً من لا يحسن عملاً فعملت له، وأعنتَه على ذلك، فأنت على خير[3]، والحديث الشريف يؤسس لما يسمى بالعمل التطوعي، والذي يتكفل بعلاج الاكتئاب والوسواس، وضيق الصدر، وأن الفراغ والعزلة مجلبة للوسواس، والتفكير السلبي، ومدمر للحياة.

أيها المسلمون:
إن الدين الإسلامي يريد الذين يخدمون الإسلام بإخلاص وتفانٍ، الباذلين للمعروف في السرَّاء والضرَّاء، لقد أخرجت مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم رجالاً أفذاذًا نذروا أنفسهم لله، ولخدمة مجتمعهم؛ هذا بماله ونفقته، وهذا بعلمه وتعليمه وإرشاده، وآخر بخدمته وسعيه في إعانة الآخرين، فتأدَّبُوا بآداب الإسلام وقِيَمه، وائتمروا بأوامر الله وإرشاداته، حتى أصبح المجتمع الإسلامي مجتمعًا مثاليًّا متراحمًا؛ يحس الغني بحاجة الفقير، ويتألَّم الصحيح بألم المريض، ويتوجع فيه المعافى بوجع المنكوب، حتى انطبق فيهم قول المولى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، وتراهم إذا داهم عدوُّهم بلدةً من بلاد الإسلام، أو دارًا من دياره، هبَّت الأمة بعلمائها وخطبائها وشعوبها لا يَهْدأ لها بال، ولا يرقد لها جَفن، حتى تُرجع الحق لأهله، وتنتصف من عدوها، وتنقذ أسراها ومنكوبيها، وتُغنيهم عن العَوَز والحاجة، حتى أصبحت أمة مرهوبة الجانب، مرفوعة الهامة، قوية البنيان.

أين أمَّتنا ومجتمعنا اليوم مما يدور حولها من أزمات ونكبات؟ أين سعيهم وجهدهم من نصرة المظلوم، وإعانة المنكوب، وإغاثة النازحين، ومد يد العون للمشردين؟ أين هم من إخوانهم في بلاد الشام والعراق؟ هل ماتت الضمائر، وتبلَّدت المشاعر، وذهبت الشيم، وخمدت نار الغيرة، فأصبح كلٌّ منا يهتم بخاصة نفسه، ويدفع البلاء عن عتبة بابه؟ أين نحن من قول نبينا: ((من لم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم))؟

أمة الإسلام:
يريد منا الدِّين أن نكون وحدة متكاملة، ونسيجًا مترابطًا، وبناء متينًا متراصًّا، يرحم الكبير منا الضعيف، ويوقر فينا الصغير الكبير، ويشكر الفقير منا الغني، ويعطف الغني منا على الفقير ويسلم عليه، يتفقد الأخ أخاه إن غاب، ويتوجَّع فيه المسلم لصاحبه إذا مرض، يعلِّم العالم جاهلهم وينصح فيه عاصيَهم؛ حتى يعود إلى رشده وعقله، يكرم الجار جارَه ويتفقده، يكرم الضيف ضيفه ويحسن إليه وإن كان غريبًا.

أيها المسلمون:
إن صناعة المعروف عبادة وقُربة يتراوح حكمها بين الواجب والمندوب، وقد يؤدي الامتناع عن بذل المعروف لأهله - خاصة وقت الحاجة - بالعبد المسلم إلى الهلاك والوقوع في الإثم، وخاصة إذا مد إليه يد العون، وامتنع مع قدرته، ألم تسمع الحديث الذي فيه: ((يا بن آدم، استَطعمتُك فلم تطعمني! فيقول: يا رب، وكيف أطعمُك وأنت رب العالمين؟! فيقول: ألم تعلم أن عبدي فلانًا

استطعمَك فلم تُطعمْه، أما لو أنك أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي)).

واعلموا أن بذل الخير، وإع
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
مواجهة المحـن والفـتن بالتوكل
للشيـخ/ إبراهيـم بن محمــد الحقيــل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله القوي القهار العزيز الجبار؛ من خضع له أعزه، ومن اتقاه وقاه، ومن أطاعه أنجاه، ومن أقبل إليه أرضاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن أقرضه قضاه، ومن شكره جازاه، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ﴿ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام : 102-103]

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ تحزبت لحربه الأحزاب، وغدر به المنافقون، وكاد له اليهود؛ فكفاه الله تعالى وأعزه والمؤمنين، بتوكله وتوكلهم على ربهم سبحانه ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ الله وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾[آل عمران : 174] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أمـــا بعـــد : فاتقوا الله تعالى
وأطيعوه، وأقيموا له دينكم، وأسلموا له وجوهكم، وعلقوا به قلوبكم؛ فلا مفرَّ منه إلا إليه، ولا خلاص من المكاره إلا بدعائه، ولا ثبات على الحق إلا بتثبيته، ولا حول ولا قوة للعباد إلا به ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلَاغُ المُبِينُ * اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ﴾ [التغابن : 12-13].

أيها الناس : حين تنزل كربة بالعبد فإنه لا يهنأ بطعام ولا شراب ولا منام، حتى يسعى في كشفها، ويلجأ إلى من يعينه عليها، قال لوط عليه السلام لما أحاط به قومه يريدون الاعتداء على أضيافه عليهم السلام ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [هود : 80] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يَرْحَمُ الله لُوطًا لقد كان يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ))متفق عليه. أراد ركن الله تعالى الذي من لاذ به فلن يخيب، وقد لاذ به لوط والمرسلون عليهم السلام؛ فأنجاهم الله تعالى وأهلك المكذبين.

إن الدنيا دار ابتلاء للعباد، وهو ابتلاء بالسراء وبالضراء ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء : 35] وهذه الابتلاءات منها ما يخص الفرد كالفقر والمرض والهم والغم ونحوه، ومنها ابتلاءات جماعية تصيب مدناً، أو تتسع فتشمل دولاً، أو تكون أوسع فتعم أمة كاملة.

وهي باعتبار مصدرها تكون أقداراً محضة ليس للبشر فيها يد وإن كانت ذنوبهم سببها كالزلازل والبراكين والفياضان ونحوها، ومنها ما يكون من ظلم البشر بعضهم لبعض كالتجويع والإفقار والكساد والاحتكار والحروب ونحوها..

وهذه الشدائد والابتلاءات تتكاثر وتتعاظم على المؤمنين كلما تقدم بهم الزمن؛ إذ القاعدة العامة في هذا الشأن أنه : ((ما من عَامٍ إلا الذي بَعْدَهُ شَرٌّ منه حتى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ)) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

ويلاحظ في ابتلاءات هذه الأيام وشدائدها : عمومُها وتتابعها وتسارعها؛ فهي ابتلاءات عامة تشمل بشراً كثيراً، وتحدث في الناس تغييراً كبيراً؛ ويقع من جرائها هلاك ذريع، وإفقار وتشريد.. يفقد المنكوبون فيها أموالهم كلها أو أكثرها، ويلازمهم خوف شديد، وينتج عنها مصائب عدة، يعجز الأقوياء عن واحدة منها فكيف بها كلها؟!

ولما تكررت هذه الشدائد في عدد من البلدان، صار من سلموا منها يخافون امتدادها إليهم، ولا سيما مع إخبار علماء الأرض والمناخ وراصدي الكوارث الكونية أنها تزداد وتكون أكثر عنفاً وقوة، وتواطأ معهم علماء الاجتماع السياسي ومستشرفو المستقبل أن الأيام المقبلة ستشهد تغيرات وتحولات في مجالات الاقتصاد والسياسة وتركيبة الدول.. ولا لوم على الناس حين يخافون على أنفسهم وأولادهم وديارهم وأموالهم، ويقلقهم التفكير فيما تخفيه الأيام لهم؛ فإن هناء العيش في دوام الاستقرار، كما أن كدره وعذابه في حدوث الاضطراب.. ومع ذلك فإن للمؤمن ملجأً يلجأ إليه، إنْ عاذ به فهو معاذه، وإن لزمه فهو ملاذه، وله حصن من الحماية إن استطاع التترس به أمنت نفسه، واطمأن قلبه، ولو رأى الناس يُتخطفون من حوله.. إنه باب التوكل على الله تعالى.. حين ينعقد قلب العبد على الإيمان واليقين، ويُملأ بالتوكل على الله تعالى، ولا يتعلق بسبب مهما كان، ولا يرجو غير الله تعالى، ولا يخاف سواه، ويعلم أن كل ما يقع فهو بقدره سبحانه، وأن الجميع تحت قهره

وسلطانه عز وجل، خاضعون لحكمه وأمره تبارك وتعالى.. حينها فقط تستروح نفسه، ويهدأ باله، وينش
رح صدره، ويطمئن قلبه, ولا يخشى أحداً، ولا يخاف حدثاً، وقد قال سبحانه في المؤمنين ﴿ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد : 2] ((ومتى صلح البال استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام))..

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ((ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه وكان مأمورا بإزالته لأزاله)).

لقد تسلح بالتوكل على الله تعالى الأنبياء في كل نائبة أصابتهم، وفي كل ملمة أحاطت بهم.. جعلوه عدتهم في الشدائد، واتخذوه سلاحاً ضد أهل المكائد؛ اجتمع قوم الخليل عليه السلام، وأضرموا ناراً ليحرقوه بها، فنُجي منها بتوكله على الله تعالى. وتحزبت الأحزاب على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فخذلهم الله تعالى بتوكله على ربه سبحانه، قال ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : (([حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ] قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السَّلَام حين أُلقى في النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حين قالوا ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ﴾ [آل عمران : 173])) رواه الشيخان.

وحين طورد موسى ومن معه من المؤمنين، وحوصروا وخافوا الهلاك؛ ففرعون وجنده وراءهم، والبحر أمامهم؛ كان توكل الكليم عليه السلام على ربه مسعفاً لهم، وسبباً في زوال كربهم، وإنقاذ أرواحهم ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ ﴾ [الشعراء : 61-63].

ولجأ إلى التوكل يعقوب عليه السلام حين خاف على بنيه شياطين الإنس فأوصاهم ثم قال ﴿ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلَّا لله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف : 67].

وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد حقق من التوكل أعلى منازله، ووثق بربه سبحانه في أعسر مواقفه، فلم يتزعزع إيمانه، ولم يهتز يقينه، وكان التوكل على الله تعالى سلاحه.. وقف المشركون على الغار يطلبونه؛ حتى خشي أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ((لو أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما ظَنُّكَ يا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا))متفق عليه. يقين بالله تعالى تام، وتوكل بالغ، وطمأنينة وسكينة، ونبذ لكل الأسباب إلا سبب الله تعالى.

ومن الدروس النبوية في التسلح بالتوكل للشدائد تعلم عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فلما بُشر بالجنة على بلوى تصيبه ما زاد على أن قال : (( الله الْمُسْتَعَانُ، اللهم صَبْراً، على الله التُّكْلاَنُ))رواه أحمد. إنه رضي الله عنه لم يسأل : متى تكون البلوى؟ ولا كيف تكون؟ ولم يعتن بمعرفة نوعها، ولا من وراءها. وإنما اعتنى بشيء واحد هو العدة في البلاء، والعون في الشدة.. اعتنى بالاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه، فلما وقعت البلوى أعين علىها، وثبت فيها، وتجاوزها بأحسن اختيار؛ إذ حوصر في الدار فلم يتزعزع، وكان ثباته ورباطة جأشه سبباً في حقن دماء المسلمين، حتى قتله الخوارج صابراً محتسباً ثابتاً، فنال الثبات ببركة دعائه واستعانته بالله تعالى وتوكله عليه لما علم أنه يبتلى.

ولنا يا عباد الله في المتوكلين خير قدوة؛ فإن الله تعالى لما أخبر عن توكل الخليل عليه السلام، ومواجهته لقومه، وتبرئه منهم بدأ الآية بقوله سبحانه ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ....وختمها بدعائهم قائلين : رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ﴾ [الممتحنة : 4] فلنكن كما كانوا، ولنتسلح بالتوكل على مرّ المصائب ومخوف الأقدار؛ فإن الله تعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم قائلاً ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال : 64] فالله تعالى يكفينا متى ما توكلنا عليه سبحانه.. اللهم املأ قلوبنا إيماناً ويقينا بك، وتوكلاً عليك، وإنابة إليك، ورضاً بك وعنك وأرضنا وارض عنا، وادفع البلاء عنا وعن المسلمين يا رب العالمين..

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أمـــا بـــعـــد : فاتقوا الله تعالى
وأطيعوه، واعلموا أن أقدار الله تعالى في عباده ماضية، وأ

ن أحكامه فيهم نافذة، لا يردها جزع، ولا يفرُّ منها أحد، ولكن يقوي المؤمن ويعينه على مواجه
تها تقوية القلوب بالتوكل، والإقبال على الله تعالى بالتوبة والعبادة والدعاء ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة : 51].

أيها المسلمون : التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المنافع ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكم من مغرور يعتقد أنه متوكل على الله تعالى وهو متوكل على الأسباب، متعلق بالخلق، وقد جاء في الحديث : ((من تعلق شيئاً وكل إليه))رواه الترمذي.

ويجب على المؤمن أن يستحضر أن أغلى شيء على نفسه هو دينه ومرضاة ربه سبحانه.. يهون في سبيلها كل محبوب من أهل وولد ومال وجاه.. بل كل الدنيا لا تساوي شيئاً عند المؤمن في مقابل دينه؛ ولذا فإنه ينبغي للمؤمن في حال الفتن والمحن، وبوادر الخوف والاضطراب في الأرض، أن لا يشغله شاغل أكبر من ثبات نفسه وأهله وولده على دينهم؛ لأن الدنيا زائلة بأفراحها وأتراحها، ولا خلود إلا في دار القرار، ولا سعادة للمرء فيها إلا بالثبات على الدين، ذلك أن من المتوكلين من يتوكل على الله تعالى في نيل شيء من الدنيا أو حفظه، فيعطيه الله تعالى ما أراد جزاء توكله عليه، ولكن يفوته ما هو أعظم وأجل، وهو التوكل على الله تعالى في حفظ دينه وثباته عليه، ودعوة الناس إليه.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : ((فأفضل التوكل : التوكل في الواجب؛ أعني واجب الحق وواجب الخلق وواجب النفس، وأوسعه وأنفعه : التوكل في التأثير في الخارج في مصلحة دينية أو في دفع مفسدة دينية، وهو توكل الأنبياء في إقامة دين الله، ودفع فساد المفسدين في الأرض، وهذا توكل ورثتهم ثم الناس بعد في التوكل على حسب هممهم ومقاصدهم؛ فَمِنْ متوكل على الله في حصول الملك، ومن متوكل في حصول رغيف))اهـ.

ومهما عظمت المحنة، واشتد الكرب، وتتابع البلاء؛ فإن للمتوكلين ثباتاً لا يناله غيرهم، وسعادة تخرج لهم من رحم معاناتهم، يحسونها وهم في معمعة ابتلاءاتهم حتى إن من يراهم يكون أشد ألماً منهم لما أصابهم، وهم في طمأنينة لا توصف.. ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطَّلاق : 3] وفي هذه الآية العظيمة إغراء بالتوكل على الله تعالى في كل الأحوال؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه يكفي المتوكل ﴿ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ فيكفيه في حصول ما يطلب، أو دفع ما يكره، فإن رأى العبد أنه بعيد كل البعد عن ذلك؛ لقرب الأخطار منه، وبعد النجاة عنه؛ جاءه التأكيد الآخر ﴿ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾ فلا بد من وقوع أمره وحكمه وإن بدا للعبد بعده، ولكن ذلك لا يكون إلا في أوانه المناسب ﴿ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾.

ولأهمية التوكل في حياة المؤمن كان الدعاء به من أذكار الخروج من المنزل؛ لأن الخارج لا يدري ما يعرض له من البلاء والفتنة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خَرَجَ من بَيْتِهِ قال في جملة من الذكر والدعاء : ((بِسْمِ الله تَوَكَّلْتُ على الله)) ونتيجة هذا التوكل الكفاية والحفظ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إذا خَرَجَ الرَّجُلُ من بَيْتِهِ فقال : بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ لَا حَوْلَ ولا قوة إلا بِاللَّهِ قال يُقَالُ حِينَئِذٍ : هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى له الشَّيَاطِينُ فيقول له شَيْطَانٌ آخَرُ : كَيْفَ لك بِرَجُلٍ قد هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ))رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

فلنحافظ - عباد الله :
على هذا الذكر المبارك، وليكن أهم مقصد لنا في توكلنا حفظ ديننا، ثم صلاح دنيانا، فصلاح الدنيا معين على القيام بحقوق الله تعالى وحقوق خلقه علينا.. ﴿ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ﴾ [الممتحنة : 4]..

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
🎤
خطبة.جمعة.بعنــوان.cc
الأخــــــــــــــوة فــــي الــــلــــــــه
للشيــخ/ مـــحـــمــــــــد حــــســــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

ملخص الخطبة :
1- حقيقة الأخوة في الله
2- حــــقــــوق الأخــــــــوة
3- الطــــريق إلى الأخــــوة

الخطبــــة.الأولــــى.cc
أحبتى فى الله : إننا اليوم على
موعد مع موضوع من الأهمية القصوى بمكان وهو بعنوان ((الأخوة فى الله)) وكما تعودنا دائماً سوف ينتظم حديثنـا مع حضراتكم تحت هذا العنوان الرقيق فى العناصر التالية:-
أولاً: حقيقة الأخوة فى الله.
ثانياً: حقوق الأخوة.
ثالثاً: الطريق إلى الأخوة.

فاسمحوا لى أن أقول :
أعرونى القلوب والأسماع والوجـدان، والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القـول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم ألوا الألباب.

أولاً: حقيقة الأخوة :
أحبتى فى الله: لقد أصبحت
الأمـة اليوم كما تعلمون غثاء كغثاء السيل، لقد تمـزق شملها وتشتت صفها، وطمع فى الأمـة الضعيف قبل القوى، والذليل قبل العزيز، والقاصى قبل الدانى، وأصبحت الأمة قصعة مستباحة كما ترون لأحقر وأخزى وأذل أمم الأرض من إخـوان القردة والخنازير، والسبب الرئيس أن العالم الآن لا يحترم إلا الأقوياء ،والأمة أصبحت ضعيفة، لأن الفرقة قرينة للضعف، والخذلان، والضياع، والقوة ثمرة طيبة من ثمار الألفة والوحدة والمحبة، فما ضعفت الأمة بهذه الصورة المهينة المخزية إلا يوم أن غاب عنها أصل وحدتها وقوتها ألا وهو ((الأخوة فى الله))

بالمعنى الذى جاء به رسول الله فمحال محال أن تتحقق الأخوة بمعناها الحقيقى إلا على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها، كما حولت هذه الأخوة الجماعة المسلمة الأولى من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم، يوم أن تحولت هذه الأخوة التى بنيت على العقيدة بشمولها وكمالها إلى واقع عملى ومنهج حياة، تجلى هذا الواقـع المشرق المضىء المنير يوم أن آخى النبى ابتداءً بين الموحدين فى مكة، على الرغم من اختـلاف ألوانهم وأشكالهم، وألسنتهم وأوطانهـم، آخى بين حمـزة القرشى وسلمان الفارسى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وأبى ذر الغفاري، وراح هؤلاء القوم يهتفون بهذه الأنشودة العذبة الحلوة.
أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ
إذا افتخـروا بقيسٍ أو تميمِ

راحوا يرددون جميعاً بلسان
رجل واحد قول الله عز وجل:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات: 10]. هذه هى المرحلة الأولى من مراحل الإخاء.

ثم آخى النبى - ثانيا -
بين أهل المدينة من الأوس والخزرج، بعد حروب دامية طويلة، وصراع مر مرير، دمر فيه الأخضر واليابس!!

ثم آخى رسول الله بين ..
أهل مكة من المهاجرين وبين أهل المدينة من الأنصار، فى مهرجـان حُبٍّ لم ولن تعرف البشرية له مثيلاً، تصافحت فيه القلوب، وامتزجت فيه الأرواح، حتى جسد هذا الإخاء هذا المشهد الرائع الذى جـاء فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قـد علمت الأنصار أنى من أكثرها مالاً، سأقسم مالى بينى وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظـر أعجبهما إليك، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها. فقال عبد الرحمـن: بارك الله لك فى أهلك. دلونى على السوق، فلم يرجـع يومئذٍ حتى أستفضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله ((مَهْيَمْ؟)) قال: تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال: ((ما سقت إليها؟)) قال: وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال: ((أولم ولو بشـاة)) ([1]) وقد نتحسر الآن على زمن سعد بن الربيع ونقول أين سعد بن الربيع الذي أراد أن يشاطر أخاه ماله وزوجه؟!!

والجواب: ضاع. وذهب يوم أن
ذهب عبد الرحمن بن عوف.

فإذا كان السؤال: من الآن الذى يعطى عطاء سعد؟! فإن الجواب: وأين الآن من يتعفف بعفة عبد الرحمن بن عوف؟!!

لقد ذهب رجل إلى أحد السلف
فقال: أين الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً [ البقرة: 274 ]فقال له: ذهبوا مع من لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا [ البقرة: 273 ].

هذا مشهد من مشاهد الإخاء الحقيقى بمعتقد التوحـيد الصافى بشموله وكماله، والله لولا أن الحديـث فى أعلى درجات الصحـة لقلت إن هذا المشهد من مشاهد الرؤيا الحالمة.

هذه هى الأخوة الصادقة
وهذه هى حقيقتها، فإن الأخوة فى الله لا تبنى إلا على أواصـر العقيدة وأواصر الإيمـان وأواصر الحب فى الله، تلكم الأواصر التى لا تنفك عراها أبداً.

الأخوة فى الله نعمة جمة
من الله، وفضـل فيض من الله يغدقهـا على المؤمنين الصادقـين ،الأخـوة شراب طهور يسقيه الله للمؤمنـين الأصفياء والأزكياء.

لذا فإن الأخوة فى الله ..
قرينة الإيمان لا تنفك عنه، ولا ينفك الإيمان عنها فإن وجدت أخوة من غير إيمـان،

فاعلم يقيناً أنها التقـاء مصالح، وتبادل منافع، وإن ر
أيت إيمان بدون أخوة صادقة فاعلم يقيناً أنه إيمان ناقص يحتاج صاحبه إلى دواء وعلاج لمرض فيه، لذا جمع الله بين الإيمـان والأخوة فى آية جامعة فقال سبحانه إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [ الحجرات: 10 ].

فالمؤمنون جميعاً كأنهم روح
واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن؟!!

ولذلك لو تحدثت الآن عن مشهد كهذا الذى ذكر آنفا ربما استغرب أهل الإسلام هذه الكلمات، وظنوها كما قلت من الخيالات الجميلة والرؤيا الحالمة لأن حقيقة الأخوة قد ضاعت الآن بين المسلمين، وإن واقع المسلمين اليوم ليؤكد هذا الواقع الأليم، وإنا لله وإنا إليه راجعـون، فلم تعد الأخوة إلا مجرد كلمات جوفاء باهتة باردة لا حرارة فيها إلا من رحم الله.

فإن الأخوة الموصلة بحبل الله
المتين نعمة امتن بها ربنا جل وعلا على المسلمين الأوائل فقال سبحانه: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران: 102-103].

فالأخوة نعمة من الله امتن بها الله على المؤمنين وقال تعالى: فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ وقال تعالى: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ الأنفال: 63 ].

ثانيا: حقوق الأخوة فى الله.

الحــــق الأول :
الحب فى الله والبغض فى الله.
ففى الحديث الذى رواه أبو داود والضيـاء المقدسي وصححه الشيخ الألباني من حديث أبى أمامة الباهلي أنه قال ((من أحبَّ لله، وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان))([2]).
وفى الصحيحين من حديث أنس أنه قال: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمـان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكـفر كما يكره أن يقذف فى النار ))([3]).
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى قال: ((سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ فى عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا فى الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال، فقال: إنى أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكـر الله خالياً ففاضت عينـاه))([4]). هل فكـرت فى هذا الحديث النبوى الشريف ؟!! يومٍ تدنـو الشمس من الرؤوس، والزحام وحده يكاد يخنق الأنفاس، فالبشرية كلها - من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة - فى أرض المحشر، وجهنم تزفر و تزمجر، قد أُتِىَ بها ((لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها))([5]) فى ظل هذه المشاهد التى تخلع القلب، ينادى الله عز وجل على سبعة ليظلهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله - سبحانه وتعالى - ضمن هؤلاء السبعة السعداء: رجـلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، يالها ورب الكعبة من كرامة!!

وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن النـبى قال: ((إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال: لا. غير أنى أحببته فى الله عز وجل، قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه))([6])
وفى موطأ مالك وأحمـد فى مسنده بسند صحيح، والحاكم ،وصححه ووافقه الذهبى أن أبا إدريس الخولانى رحمه الله قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شابٌ برَّاق الثَّنايا والناس حـوله فإذا اختلفوا فى شىء أسندوه إليه، وصدروا عن قوله و رأيه. فسألت عنه؟ فقيل: هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجَّرت، فوجدته قد سبقنى بالتهجير، ووجـدته يصلى، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قِبَل وجهه، فسلَّمت عليه. ثم قلت: والله إنى لأحـبُّك فى الله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. قال: فأخذ بحبوة ردائى، فجبذنى إليه، وقال: أبشر، فإنى سمعت رسول يقول: ((قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتى للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ))([7])
وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه قال: ((والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))([8]).

فسلم على أخيك بصدق وحرارة
لا تسلم سلاماً باهتاً بارداً لا حرارة فيه

إننا كثيراً لا نشعر بحـرارة السلام واللقاء ولا بإخلا
ص المصافحة... لا نشعر أن القلب قد صافح القلب.

ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة قال عليه الصلاة والسلام: ((الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، فخيارهم فى الإسلام خيارهم فى الجاهلية إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ))([9]).
قال الخطابى: فالخَيِّر يحنو إلى الأخيار والشرير يحنو إلى الأشرار هذا هو معنى ما تعارف من الأرواح ائتلف، وما تنافـر وتناكر من الأرواح اختلف، لذا لا يحب المؤمن إلا من هو على شاكلته من أهل الإيمـان والإخلاص، ولا يبغض المؤمن إلا منافـق خبيث القلب، قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [ مريم: 96 ].
أى يجعل الله محبتة فى قلوب عباده المؤمنـين، وهذه لا ينالها مؤمن على ظهر الأرض إلا إذا أحبـه الله ابتداءً. كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة قال رسول الله : ((إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إنى أحب فلاناً، فأحبه قال: فيحبه جبريل، ثم يُنادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء. قال ثم يوضع له القبول فى الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إنى أُبغض فلاناً فأبغضه فقال: فيبغضه جبريل ثم يُنَادى فى أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه. قال: فيبغضونه. ثم توضع له البغضاء فى الأرض))([10])

أيها الأحباب الكرام:
المرء يوم القيامـة يحشر مع من يحب، فإن كنت تحب الأخيار الأطهار ابتداءً من نبيك المختار وصحابته الأبرار والتابعين الأخيار، وانتهاء بإخوانك الطيبين فإنك ستحشر معهم إذا شاء رب العالمـين، وإن كنت تحب الخبث و الخبائث وأهل الفجور واللهو واللعب كنت من الخاسرين فتحشر معهم إذا شاء رب العالمين.
ففى الصحيحين من حديث أنس بن مالك : ((أن رجلاً سأل النبى عن الساعة. فقال: يا رسول الله متى الساعة. قال: ((وما أعددت لها؟)). قال: لا شىء، إلا أنى أحب الله ورسوله. فقال: ((أنت مع من أحببت)) قال أنس: فما فرحنا بشىء فرحنا بقول النبى: ((أنت مع من أحببت)). قال أنس فأنا أحب النبى وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بُحبِّي إياهم وإن لم أعمل بعملهم))([11]).

ونحن نشهد الله أننا نحب رسول الله وأبا بكر، وعمر، وعثمان وعليّ وجميع أصحاب الحبيب النبي، وكل التابعين لنهجه وضربه المنير، ونتضرع إلى الله بفضله لا بأعمالنا أن يحشرنا معهم جميعاً بمنّه وكرمه، وهو أرحم الراحمين.

ولله در القائل:

أتحب أعـداء الحبيب وتدعـى
حباً له، ما ذاك فى الإمكـان

وكذا تعـادى جاهـداً أحبـابه
أين المحـبة يا أخا الشيطان

إن المحــبة أن توافـق مـن
تحب على محبته بلا نقصـانِ

فلئن ادعيت له المحبـة مـع
خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان

لو صـدقت الله فـيما زعمتـه
لعاديت من بالله ويحـك يكفرُ

وواليت أهل الحق سراً وجهـرة
ولما تعاديـهم وللكـفر تنصرُ

فما كل من قد قال ما قلت مسلم
ولكن بأشـراط هناك تذكـرُ

مباينة الكـفار فى كـل موطن
بذا جاءنا النص الصحيح المقرر

وتخضع بالتوحـيد بين ظهورهم
تدعـوهـم لـذاك وتجــهر

ومن السُّنَّة إذا أحب الرجـل أخاه أن يخـبره كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب أن النبى قال: ((إذا أحب الرجل أخاه فيلخبره أنه يحبه ))([12]).
وفى الحديث الذى رواه أبو داود من حديث أنس: أن رجلاً كان عند النبي فمر به رجل فقال: يا رسول الله! إنى لأحب هذا. فقال له النبى : ((أعلمته؟)) قال: لا. قال: ((أعلمه)) قال: فلحقه، فقال: إنى أحبك فى الله. فقال: أحبك الذى أحببتني له([13]).

وفى الحديث الـذى رواه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث معاذ بن جبل أن النبي أخذ بيده وقال: ((يا معـاذ والله إني لأحبـك)).

فقال معاذ: بأبى أنت وأمى يا رسـول الله، فوالله إنى لأحبك. فقال : ((أوصيك يا معاذ فى دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك ))([14]).

وامتثالاً لأمر النبى الكريم ،فإنى أشهد الله أنى أحبكم جميعاً فى الله، وأسأل الله أن يجمعنى مع المتحابين بجلاله فى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، إنه ولى ذلك والقادر عليه.

أقول قولى هذا، و أستغر الله لي ولكم.


([1]) رواه البخاري رقم ( 3781 ) فى مناقب الأنصار ، باب إخاء النبي بين المهاجـرين والأنصار ، ومسلم رقم ( 1427 ) في النكاح ، باب الصداق ، وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد ، والموطأ ( 2/ 545 ) في النكاح ، وأبو داود رقم ( 2109 ) ، والترمذي رقم ( 1094 ) ، والنسائي ( 6/ 119 ، 120 ) .
([2]) رواه أبو داود رقم ( 4681 ) فى السنة ، باب الدليل على زيادة الإيمان ، وأخرجه أيضاً أحمد فى المسند ( 3/ 438 ) ، وهو في صحيح الجامع ( 5965 ) .
([3]) رواه البخاري رقم ( 16 ) في الإيمان ، باب حلاوة الإيمان ، ومسلم رقم ( 43 ) في الإيمان ، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان .
([4]) رواه البخاري ( 1423 ) في الزكاة ، باب الص

دقة باليمين ومسلم ( 1031 ) في الزكاة باب فضل إخفاء
الصدقة ، والموطأ ( 2/ 952 ) في الشعر ، باب ما جاء في المتحابين في الله ، والترمذى رقم ( 2392 ) في الزهد ، والنسائي ( 8/ 222 ، 223 ) في القضاء .
([5]) رواه مسلم رقم ( 2842 ) في صفة الجنة ، باب في شدة حر نار جهنم ، والترمـذي رقم ( 2576 ) في صفة جهنم ، باب ما جاء في صفة جهنم .
([6]) رواه مسلم رقم ( 2567 ) في البر و الصلة ، باب فضل الحب في الله ، وأخرجه أحمد في المسند رقم ( 408 – 463 / 2 )
([7]) أخرجه الإمام مالك في الموطأ ( 2/ 953 ، 954 ) في الشعر ، باب ما جاء في المتحابين فى الله وأحمد في المسند ( 5/ 229 ) وإسناده صحيح وصححه الحاكم ( 4/ 168 169) على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، وابن حبان فى صحيحه ( 2510 موارد ) وقال ابن عبد البر : هذا إسناد صحيح .
([8]) رواه مسلم رقم ( 54 ) فى الإيمان ، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنـون وأن محبـة المـؤمن من الإيمـان ، وأبو داود رقم ( 5193 ) فى الأدب ، باب فى إفشاء السـلام والترمذي رقم ( 3689 ) في الاستئذان .
([9]) رواه مسلم رقم ( 2638 ) في البر والصلة ، باب الأرواح جنود مجندة ، وأبو داود رقم ( 4834 ) في الأدب ، باب من يؤمر أن يجالس. وهو في صحيح الجامع ( 6797 ) .
([10]) رواه البخاري رقم ( 3209 ) في بدء الخلق ، باب ذكر الملائكـة صلوات الله عليهم، ومسلم ( 2637 ) في البر والصلة ، باب إذا أحب الله عبداً حببه إلى عبادة ومالك في أو الموطأ ( 2/ 953 ) في الشعر ، والترمذي رقم ( 3160 ) في التفسير .
([11]) رواه البخاري رقم ( 3688 ) في فضائل أصحاب النبى ، باب مناقب عمر بن الخطاب ، ومسلم رقم ( 2639 ) في البر والصلة ، باب المـرء مع من أحب ، وأبو داود رقم ( 5127 ) في الأدب ، والترمذي رقم ( 1386 ) في الزهد .
([12]) رواه أبو داود ( 5124 ) في الأدب ، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إليه ، والترمذي رقم ( 2393 ) في الزهد ، باب ما جاء في إعلام الحب وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 279 )
([13]) رواه أبو داود رقم ( 5125 ) في الأدب ، باب إخبار الرجل بمحبته إليه ، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبى داود ( 4274 ) .
(13) رواه أبو داود رقم (1522) في الصلاة ، باب الاستغفار ، والنسائي ( 3/53) في السهو باب نوع آخر من الدعاء ، والحاكم فى المستدرك ( 3/ 273-274 ) ، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووفقه الذهبي وهو في صحيح الجامع ( 7969 ) .


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبد ورسوله اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله، وأصحابه، وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الأحبة الكرام.
الحق الثانى: أن لا يحمل الأخ لأخيه غلاً ولا حسداً ولا حقداً.

أحبتى فى الله:
المؤمن سليم الصدر، طاهر النفس، نقى، تقى القلب، رقيق المشاعر رقراق العواطف، فالمؤمن ينام على فراشه آخر الليل - يشهد الله فى عليائه - أنه لا يحمل ذرة حقد، أوغل، أو حسد لمسلم على وجه الأرض البتـة ، والنبى يقول كما فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك : (( لا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا، وكونوا عباد الله إخوانا ))([1]).

إن الحقد والحسد من أخطـر
أمراض القلوب والعياذ بالله، فيرى الأخ أخاه فى نعمة، فيحقد عليه ويحسده، ونسي هذا الجاهل ابتداءً أنه لم يرض عن الله الذى قسم الأرزاق، فليتق الله وليعد إلى الله سبحانه وتعالى، وليسأل الله الذى وهب وأعطـى أن يهبه ويعطيه من فضله، وعظيم عطائه، ويردد مع هؤلاء الصادقين: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ الحشر: 10 ].

وردد مع هؤلاء بصفاء، وصدق، وعمل، فقد قال الله فيهم: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ الحشر: 9 ].

ففى مسند أحمد بسند جيد من حديث أنس قال كنا جلوساً عند النبى فقال المصطفى: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)) فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه فى يده الشمال، فلما كان الغد قال النبى مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبى مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجـل على مثل حالـه الأولى، فلما قام النبى ، تبعه عبد الله بن عمـرو بن العاص فقال: إنى لا حَيْتُ أبى فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤينى إليك حتى تمضى فعلت؟

قال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات مع
2024/09/23 22:30:31
Back to Top
HTML Embed Code: