Telegram Web Link
خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ))

ويقول سبحانه: ((ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ))

🌴أيها المسلم! إن طاعة الله سبحانه وتعالى، والكف عن معاصيه، وما يحصل من أقداره المؤلمة، كل ذلك يحتاج إلى صبر مستمر، ولا ينال أجر هذا الصبر إلا بالاستمرار عليه، ولذا علق النصر والظفر بالصبر، فالذي يصاب بمصيبة، أو يقدر عليه أمر من الأمور المكروهة للنفس، كمن يصاب بمرض، أو بموت قريب، أو بجائحة مالية، ونحو ذلك، فإذا لم يتذرع بالصبر فكأنه اعترض على قدر الله سبحانه وتعالى، وبالتالي قد يضعف إيمانه، ويتزعزع دينه، ويضعف يقينه بربه، وهنا يخسر شيئًا كثيرًا من أمور الدنيا والآخرة، وهو لا يكسب شيئًا إذا لا يستطيع أن يحيي الميت، أو يشفي المريض، أو يرد المال، ونحو ذلك.

🔺المسألة الرابعة: أهميته في السنة النبوية:
اعلم أخي المؤمن! أن السنة المطهرة مليئة بالنصوص النبوية الكريمة، القولية والفعلية التي جاءت في الحث على الصبر بأنواعه الثلاثة: الصبر على طاعة الله، والصبر عن معاصي الله، والصبر على أقدار الله المؤلمة، وهنا أورد بعضًا منها، ومن ذلك مما ورد في فضل الصبر:

🔸ما رواه مسلم في صحيحه، عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد الله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد الله تملآن -أو تملأ- ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها»

وما رواه مسلم أيضًا، عن أبي يحيى صهيب بن سنان -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له


وروى البخاري ومسلم عن أبي زيد أسامة بن حارثه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه وابن حبه -رضي الله عنهما- قال: أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابني قد احتضر - أي: حضرته مقدمات الموت- فاشهدوا، فأرسل يقرىء السلام، ويقول: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب» فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال رضي الله عنهم، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي، فأقعده في حجره، ونفسه تقوقع -أي: تتحرك وتضطرب- ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده»، وفي رواية: «في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء». متفق عليه


وروى البخاري ومسلم، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري»، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي! ولم تعرفه. فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولي»، متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «تبكي على صبي لها

وروى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- «أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرها أنه كان عذابًا يبعثه الله تعالى على من يشاء، فجعله الله تعالى رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد»

🌴وروى البخاري ومسلم، عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي، قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها» متفق عليه
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
الــعــام الــدراســـي الجــديــد
للدكتور/ ناصـر بن عمـر العمـــر
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله مدبِّر الليالي والأيام، ومصرِّف الشهور والأعوام، الملك القدوس السلام، المتفرِّد بالعظمة والبقاء والدَّوام، المتنزِّه عن النقائض ومشابهة الأنام، يرى ما في داخل العروق وبواطن العظام، ويسمع خفيَّ الصوت ولطيف الكلام، وأشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان على الدوام، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

أيها المسلمون.. أيها الأبناء:
مضت أيام الإجازة وانقضت، والأيام إذا انصرَّفت لا تَعُد، تمتَّع في هذه الإجازة مَنْ تمتَّع، وجدَّد الناس نشاطهم؛ استعدادًا لعامٍ حافلٍ بالجدِّ بإذن الله.

انقضت الإجازة، استفاد مَنِ استفاد وخسر مَنْ خسر، كم من شابٍّ رأيناه في الإجازة نهل من علوم العلم المختلفة، فذلك يتلو كتاب الله ويحفظه، وآخر قدم على أحاديث السنَّة يحفظها ويسمع شرحها، وثالث ثنى ركبته عند العلماء؛ ينهل من علومهم وفيض أنوارهم، وآخرون التحقوا بدورات تدريبية في العلوم المختلفة.

هذه الإجازة قد ولَّت، وهاهي الدراسة قد أقبلت؛ فافتحوا صفحةً جديدةً بيضاءَ، واستغفروا ربَّكم على ما فات.

أيها الآباء والأمهات:
أنتم شركاءُ للمدرسة في مسؤوليتها؛ فليست مسؤولية الآباء توفير الدفاتر والأقلام، ولكن دورهم أعظم وأكبر.

الله.. الله أيها الآباء في أدب أبنائكم، احرصوا على إرضاعهم الأدب قبل العلم؛ فلا قيمة للعلم بدون أدب، فهذه والدة الإمام مالك رحمه الله ورحمها لما كان صغيرًا ألبسته أحسن الثياب ثم قالت له يا بني اذهب إلى مجالس ربيعة واجلس في مجلسه وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه.

فنشأ على الأدب الرفيع أجيال يخلف بعضها بعضًا تعرف للعلماء والمؤدبين قدرهم، حتى يقول الإمام الشافعي رحمه الله، وهو تلميذٌ للإمام مالك -: كنت أصفح يعني أقلب الورقة بين يدي مالك رحمه الله صفحًا دقيقًا، هيبةً له؛ لئلا يسمع وقعها!!

وهذا الربيع بن سليمان رحمه الله، وهو من تلاميذ الشافعي يقول: "والله ما تجرأتُ أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ؛ هيبةً له"!!

وكان الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج رحمه الله يقول: "كنتُ إذا سمعتُ من الرجل الحديث؛ كنتُ له عبدًا ما دام حيًّا"!!

وكان الإمام أحمد رحمه الله، وهو تلميذ للشافعي يقول لابن الشافعي: "أبوكَ من الخمسة الذين أدعو لهم كلَّ سَحَرٍ"!!.

معاشر الآباء:
الله... الله في حقوق المعلِّمين والمعلمات، واغرسوا في نفوس أبنائكم حب معلميهم واحترامهم وتقديرهم.

إن من الآباء من يتكلم بكلام فيه إنقاص من قدر المعلم أو المعلمة أمام مسامع الأبناء، فوالله إن فعل أحدكم هذا ماذا يبقى للقدوة، وماذا يبقى للتعليم، وماذا يبقى لهيبة العلم والمعلم والتعليم؟!! لما أساء بعض الآباء في قلة تقديرهم للمعلمين؛ نتج لنا جيل يلعن المعلم، ويضرب المعلم، ويُتلف ممتلكات المعلم.

أترجون أن نعلوا على الأمم وهذه أخلاقنا مع مَنْ يعلِّمون أبنائنا!! قد يكون هناك معلم سيء، ونموذج سيء؛ فلا ينبغي هَتْك ستار الهيبة والاحترام الذي له؛ لأن في إهانة المعلم إهانة للعلم والتعليم.

إذا كان الطالب يأتي للمدرسة وهو ينظر للمعلم على أنه ليس بشيء؛ لما استقر في ذهنه تجاه هذا المعلم، وإذا كان المعلم يرى من سوء أدب طالبه، وسوء أدب والده؛ فأيُّ خيرٍ نرجوه من التعليم!!

إن على أولياء الأمور أن يدركوا هذه الحقيقة، وإن الأب الناصح الشفيق إذا رأى ما يزعجه أو ما يلاحظه من خلل؛ فليس له إلا التوجه للمعلم، والإسرار بما في نفسه من ملاحظات ومكاشَفات، أما أن يجلس الأب يلعن المعلم، والأم تلعن المعلمة أمام الأبناء؛ فإني أقولها لكم صريحةً: لا ترجوا من التعليم ومن أبنائكم شيئًا.

يا أيها الآباء:
أعينوا أبناءكم على مشاقِّ العلم ومتاعبه؛ فهذا سفيان الثوري العالِم المشهور لمَّا كان صغيرًا، وقد توفي والده وله أخوة - رأى أن يترك العلم والدراسة؛ ليطلب العيش والرزق؛ قالت له أمه - جزاها الله خيرًا -: "أي بني، اطلب العلم؛ أَكْفِكَ بمغزلي"، فانطلقت الأم تغزل وتكافح، وانطلق سفيان يتعلَّم العلم؛ حتى أصبح سفيان من أعلام المسلمين الكبار، وكل ذلك في ميزان تلك المرأة الصالحة.

معاشر الآباء.. أيها الآباء:
لا تتركوا الحبل على الغارب لأبنائكم؛ يمكثون في الشوارع والأزقَّة ما شاؤوا ومع مَنْ شاؤوا، وفي أي مكانٍ شاؤوا، يتعلمون من الشارع ما يفسد عليهم أخلاقهم ودينهم.

فاحفظوا أوقات أبناءكم واضبطوها، وكونوا أعينًا تربِّيهم عن قرب وعن بعد.

إن بعضًا منكم كان آخر عهده بالمدرسة يوم سجَّل ابنه فيها، وبعضهم لا يأتي إلا حين الاستدعاء؛ فيا أيها الو
الله حتى يسيل دمه، ولم يتواكل على القضاء والقدر، روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له

فإن من ترك الأسباب وسمح لنفسه بالخوض في الشهوات والرغبات إنما هو ضعف وتكاسل، وجبن وتخاذل، نسأل الله العافية.

🔺الفائدة الرابعة: أن المؤمن في قبول القضاء والقدر على درجات:
أ- الشكر: والمقصود بذلك أن ينظر إلى ما أصابه فيشكر الله سبحانه وتعالى، فتستوي عنده المصيبة وغيرها. وهذه أعلى الدرجات.
ب- الرضا بما وقع له من المصائب وعدم التسخط، وهذه درجة عليا أيضاً في هذا الإيمان، يقول الله سبحانه وتعالى: ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))(8)، قال علقمة: "هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى"

وروى الترمذي عن أنس -رضي الله عنه- وحسنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، من سخط فله السخط»

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: «أسألك الرضا بعد القضاء

إن الذي يكون بهذه الدرجة العالية، فله الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، يقول الله سبحانه وتعالى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون

قال بعض السلف: "الحياة الطيبة هي الرضا والقناعة".
جـ- أما الدرجة الثالثة، فهي الصبرعلى الابتلاء لمن لم يستطع الرضا بالقضاء، فالرضا فضل مندوب إليه، والصبر واجب حتم، وله فضل عظيم، وفيه خير كثير، وأجر جزيل،

نفصله في المسائل التالية:
المسألة الأولى: تعريفه:

الصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسلط، ومنعها عن محارم الله، وإلزامها بأداء فرائض الله، يدل عليه ما روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: "الصبر في القرآن على ثلاثة أوجه: صبر على أداء فرائض الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى". اهـ كلامه رضي الله عنه.

🌴يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "الصبر: حبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن المعصية، وحبس النفس عن التسخط بالمقدور، فمدار الصبر على هذه الأركان الثلاثة، فإذا قام بها العبد كما ينبغي انقلبت المحنة في حقه منحة، واستحالت البلية عطية، وصار المكروه محبوبًا، فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته، فإن لله تعالى على العبد عبودية في الضراء كما له عبودية في السراء، وله عبودية عليه فيما يكره كما له عليه عبودية فيما يحب". اهـ كلامه رحمه الله.

🔺المسألة الثانية: الصبر على أقسام ثلاثة:
أ- صبر على طاعة الله سبحانه وتعالى، وذلك أن الطاعة تكليف من الله سبحانه وتعالى لعباده بأن يقوموا بهذه الطاعة خير قيام، فتحتاج هذه الطاعة إلى مجاهدة النفس، والصبر على القيام بها، والمحافظة عليها، والمداومة على فعلها، واستشعار الإخلاص والصدق أثناء أدائها، ومن ذلك: الصبر على توحيد الله تعالى وعدم الإشراك به، وإخلاص العبادة له، وكذلك القيام بالصلاة فرائضها ونوافلها في أوقاتها مكتملة الأركان والواجبات، وغير ذلك من الطاعات، ويدخل فيه ما يعمله الفرد في وظيفته العادية، فالأستاذ يحتاج إلى صبر في أداء وظيفته على الوجه المطلوب، فيصبر على تلاميذه، ويتحمل التعب والمشقة في ذلك، والطبيب يحتاج إلى صبر في معايشة المرضى وعلاجهم، والوالدان يحتاجان إلى صبر في تربية أولادهم وتنشئتهم على الصلاح والتقوى، والمرأة تحتاج إلى صبر في القيام بوظيفتها الحقيقية من تربية أولادها، والاهتمام بهم، وكذا أعمال بيتها، وخدمة زوجها وطاعته، والداعية والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يحتاج إلى صبر في تبليغ دعوته إلى الناس برفق وحكمة ولين، وفيما يقول ويعمل، وهكذا، فجميع الطاعات تحتاج إلى صبر وعدم تضجر وقلق وتأفف.

ب- الصبر على معصية الله تعالى خوفًا من الله تعالى، ورجاء ثوابه، وحياءً منه سبحانه وتعالى أن يستعين بنعمه على معاصيه، فكثير من المعاصي والذنوب، وكثير من المخالفات تهواها النفس وترغبها، وكثير منها تلبي شهوة النفس، ألا ترى المغتاب يتلذذ بتجريح فلان وعلان؟ ألا ترى الزاني يلبي شهوة نفسه الجامحة؟ وألا ترى النائم عن صلاة الفجر يلبي رغبة النوم؟ وهكذا.. فشهوات النفوس ورغباتها في المعاصي كثيرة، وكلها تحتاج إلى صبر ومجاهدة، فمن يصبر-مثلاً- على ضبط لسانه عن الكلام المحرم، فلا يغتاب ولا يسعى بالنميمة ولا يكذب، ولا يساعد بقوله ظالماً، ولا يجادل بالباطل، ولا يسخر بالمسلمين، ولا يستهزئ بهم، ولا يشهد زورًا، ولا يحلف كاذبًا، ولا يؤذِ مسلمًا، فإنه بذلك يتقي آفات لسانه، ويكون ممن صبر على ذلك، ومن يصبر على حفظ فرجه فلا يستعمله إلا فيما أحله الله، فإنه يأمن على سلامة عرضه، ويحفظه من الضياع، ومن يصبر على عدم أكل الحرام فلا يتعامل فيه، فإنه يسلم من تنمية جسده ع
الد، يا وليَّ الأمر، مدارسنا يدرس فيها مئات الطلاب؛ فلا تنتظر أن تقوم المدرسة بكل شيء، فإذا لم تضع يدك بيد مدير المدرسة ومعلِّمها؛ فالخاسر أنتَ وابنكَ.

إن على أولياء الأمور زيارة المدارس مرات ومرات؛ للسؤال والمتابعة والمناقشة، السؤال عن الأدب؛ فكثيرٌ من الأبناء تختلف أخلاقهم في البيت عن المدرسة، وإنَّ الخلل إذا عُرِفَ في أول الوقت سَهُلَ القضاء عليه.

عليكَ أن تعرف جلساء ابنك وذهابه وإيابه، عليك صحبة ابنك للمسجد والمسجد النبوي والمحاضرات الدينية والثقافية ومجامع الخير، علِّمه مكارم الأخلاق مرةً بعد مرة ويومًا بعد يوم، صوِّب خطأه، واشكر صوابه، واعلم أن تربيته جهاد.

يا أيها الآباء.. أقولها لكم؛ فتبَّهوا لما أقوله:
أنتم محتاجون لأبنائكم إذا دخلتم قبوركم، فإحسانكم لتربيهم عملٌ صالحٌ مستمرٌ لكم بعد موتكم.

إن الصلاة والصيام والذِّكر والقرآن والأدب والأخلاق، وكلَّ خيرٍ زرعته في أبنائك؛ لهو أُجورٌ لك بعد موتك، والعكس بالعكس؛ فكلّ شرٍّ كنت سببًا في تعليمه لأبنائك من خِلالك، أو من خلال مجلة ساقطة سمحتَ بها، أو فضائيات سمحتَ بها أو أحضرتها - لهي سيئاتٌ تصبُّ في ميزانكَ بعد موتكَ؛ فاختر أيها الأب ما شئتَ.

يقول عليه الصلاة والسلام: ((ما من عبد يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لها؛ إلا حرَّم الله عليه الجنة)).

أيها المعلِّمون:
يا من حملتم وظيفة الأنبياء في تعليم الناس؛ قال المعلِّم الأول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته لَيُصَلُّونَ على معلِّم الناس الخيرَ)).
إن المعلِّم إذا أخلص للأمة ولم يغشَّها؛ فهو يمشي في رحمةٍ ورضا من الله بما يصنع.

أيها المعلمون:
أبناؤنا غدًا يأتون بين أيديكم؛ فالله الله في أبناء المسلمين؛ إنهم أمانةٌ كبيرة، وحِمْلٌ عظيمٌ؛ أعانكم الله عليها، ألا وإن أحسن ما يعينكم هو الإخلاص لله في أعمالكم؛ فعملٌ بلا إخلاص لا بركة فيه، والإخلاص ما كان في قليلٍ إلا كثَّره، ولا في يسيرٍ إلا باركه.

يا مشاعل النور والرحمة:
قدوتكم في التربية والتعليم هو المعلِّم الأول صلى الله عليه وسلم قال معاوية رضي الله عنه "فبأبي وأمي، ما رأيتُ معلِّمًا كرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كرهني، ولا ضربني، ولا شتمني".

وقال أنس رضي الله عنه: "ما لمستُ حريرًا ولا ديباجًا ألين من كفِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد صحبته عشر سنين وأنا غلامٌ، ما قال لي يومًا: أفّ، وما قال لي: لم فعلتَ هذا؟ أو: ألا فعلتَ كذا!!".

وقال جرير رضي الله عنه: "ما لقيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلا تبسَّم في وجهي".

إن المعلم الذي يشتكي من سوء أدب طلابه، هو في الواقع فشل في استمالة قلوب طلابه إليه برفيع أخلاقه، على المعلم اليوم ألا يشتكي من أن جيل اليوم قد تغيَّر، فقولوا لي بربكم أيها المعلمون: ماذا ينفع تضجُّركم وتبرُّمكم وشكواكم من سوء الأوضاع؟! إنما هذا السوء في الأمة يدعوكم لبذل المزيد من الجهد والعمل، وابتكار الوسائل المفيدة النافعة.

عليكم أن تزاحموا الشرَّ الذي يحيط بأبنائنا، ومَنْ أخلص نيَّته لله؛ فان الله يؤيِّده ويسدِّده.

أيها المعلِّم:
إذا دخلت فصلَكَ، وأغلقتَ بابَكَ، ونامت عين المدير والمسؤول وأولياء الأمور عنكَ، ولم يبقَ إلا أنت وهم بين يديك - فتذكَّر ملائكة الرحمن بين يديك، وأن الله في عليائه مطَّلعٌ عليك.

لا يكن همُّ أحدكم: متى تنتهي الحصة؛ فالحصص ليست فقط دروس لما هو مسطَّر في الكتب؛ بل إن الجانب التربوي هو شغلك الشاغل.

لا تستخفَّن بنفسكَ؛ فكلمةٌ تقولها بإخلاصٍ؛ يبارِك الله فيها، وينفع بها عشرات السنين.

على المعلِّمين أن يكونوا قدوةً لطلاَّبهم، فليس من المقبول أن تعلِّم طلاَّبَكَ ما أنت تنسفه بأفعالك.

على المعلِّم أن يتمثَّل الإسلام في هيئته وتصرُّفاته، فحوله عشرات الطلاب الذين يرقبون فعله وتصرفاته، ويأخدونه قدوةً لهم.

أيها المعلِّم:
((مَنْ دعى إلى هدًى؛ كان له أجرٌ مَنْ عمل به إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أمورهم شيئًا، ومَنْ دعى إلى ضلالةً؛ كان عليه وِزْرُ مَنْ عمل به إلى يوم القيامة)).

فاحرصوا معاشر المعلِّمين على تعليم أبناءنا كلَّ خيرٍ وهدًى وفضيلةٍ وأخلاقٍ؛ فهي أبوابٌ عظيمةٌ من الأجور، مفتوحةٌ لكم، لم تُفتح لغيركم؛ فاغتنموها.

أيها المعلِّم:
مصادر الشرِّ تغزو اليوم أبناءنا من كل مكان؛ ما بين قنوات مدمِّرة للأخلاق، إلى (إنترنت) لنشر الإباحيَّة، إلى تقليد وذوبان الشخصية في شخصية غربيٍّ كافر، إلى أفكار تتسلل إليهم من هنا وهناك، يحتاجون من يُجْليها لهم بصدقٍ ووضوح.

على المعلِّمين والمعلِّمات اليوم أن يسابقوا الزمن في رفع مستوياتهم العلمية والثقافية، عليكم أن تكونوا قارئين مثقفين واسعي الاطِّلاع، فنحن اليوم في زمن الشبكة العنكبوتية سيكون ربما طلابكَ أفضل منكَ؛ فلتسبقهم إلى المعرفة، ولتستلم قيادة الدفَّة، بدلاً من أن تجد نفسكَ مُنقادًا مكسورًا مهزومًا.

معاشر المعلِّمين:
الرفق.. الرفق في الأبناء، ستجدون في أبناءنا تصر
ُّ

فاتٍ تنكرونها، وسلوكيَّاتٍ ترفضونها، وأفكارًا تتبرؤون منها.

فعليكم بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم:
البسمة تأسر بها طالبكَ، والحنان تملك به قلبه، والمناقشة الهادئة البعيدة عن التشنُّج والتعصُّب ترفع الغَبَش عن العقول، أطلقوا ألسنة أبنائكم للكلام؛ فان أحسنوا فكافئوهم، وإن أخطؤوا فقوِّموهم بالتي هي أحسن. وفَّق الله الجميع للخيروالفلاح.

أقولُ قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين؛ إنه غفورٌ رحيمٌ.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلامًا على عباده الذين أصطفى..

أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فإنها خير الزاد: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].

وكلمةٌ أهمسُ بها في أذن إخواني وأبنائي الطلاب:
يا أبنائي، إني لأتألم من أحدكم؛ أجدُهُ حزينَ القلب كسيرَ النفس. لماذا؟ لأن الدراسة غدًا!!

يا بني، ألم تَرَ إلى دول كَفَرَتْ بربِّها، ولم يكن عندها نور الوحيَيْن، قد سَبَقَتْنا في علوم الدنيا التي بها قوام الناس؟ انظر إلى مسجدنا؛ فهذا مصنوعُ في اليابان، وآخر في أمريكا، وثالث في أوروبا، وآخر في الصين، وأحد أسباب ذلك: أنك تذهب غدًا إلى المدرسة حزينًا!!

هل علمت أنه في كل ثانيةٍ - وليس كل دقيقة اكتشاف وانجاز علمي، هؤلاء ما وصلوا لهذا عبثًا، ولكنها سنَّة الحياة مَنْ جَدّ وَجَد، ومَنْ زرع حصد.

هناك يا بني في الغرب؛ انتشر عندهم كتاب الجيب، وهو كتاب صغير تجد الكلَّ يحمله في جيبه؛ ليقرأ به في وقت الانتظار والفراغ، خارج البيت والعمل، أتظن أن الغرب هو تلك الكرة والموسيقى والأزياء والرقص واللهو.

لو كانت هذه حياتهم كلهم ما رأيتَ، كل هذا - بل هذا - ما صدَّروه لكَ لكي تبقى نائمًا غارقًا في شهوتكَ.

يا بني، إن أول ما نزل القرآن: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق:1]، وثنَّاها بـ: ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 2-3].

أرأيتَ دينَنا؛ كيف يدعوكَ للقراءة والبحث والعلم؛ بل يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكَ: ((مَنْ سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة)).

فأخلص نيَّتك يا بني في العلم، واطلب العلم لترفع عن نفسك الجهل، واطلب العلم لتنفع غيرك وأمَّتك، واطلب العلم لأجل العلم؛ لأن العلم زينة.

إنك ما ترى عالمًا في أي مجال؛ إلا والناس يكنُّون له الاحترام والتبجيل.

لا تطلبوا العلم لأجل الوظيفة؛ فالوظيفة رزقٌ، والرزق بيد الله وحده.

واعملوا وجِدُّوا؛ فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له.

يا بني:
إنك تتوجَّه غدًا لقلعة من قلاع العلم؛ فابدأ فيها بسم الله، وعلى بركة الله، ولتَكُن بدايتك جادَّةً، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد؛ فهذا طَبْعُ الكَسول، ومَنْ كانت له بداية محرقة؛ كانت له نهاية مشرقة، ومَنْ كانت بدايته رماد؛ فالرماد لا يخلِّف إلا الرماد.

معاشر الطلاب:
عليكم بتقوى الله والصلاة؛ فلا خير فيكم إذا ضيَّعتم الصلاة، تجمَّلوا بالدِّين والأخلاق واحترام المعلِّمين، وحقِّقوا لآبائكم ما يرجونه منكم.

ثم صلُّوا وسلِّموا على البشير النذير، والسراج المنير، سيد الخلق أجمعين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين.

اللهم لا تفرِّق جمعنا هذا إلا بذنبٍ مغفور، وعيْبٍ مستور، وعملٍ متقبَّلٍ مبرور.

اللهم أصلح ذريَّاتِنا، واجعلهم - يا إلهي - صالحين مصلحين، هادين مهتدين، مبارَكين أينما كانوا، يا ربَّ العالمين.

اللهم لا تَدَع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين، واقضِ الدَّيْن عن المَدينين، وفُكَّ أسرَ المأسورين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم أصلح وليَّ أمرنا، وخُذْ بناصيته للبرِّ والتقوى، اللهم واجعل له بطانةً صالحةً تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر يا ربَّ العالمين.

﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصافات: 180].
الجمعة فاغفر له ولوالديه وافتح لسماع الموعظة قلبه وأذنيه
اللهم احفظ بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم من أراد ببلادنا خيرا فوفقه الى كل خير ومن أراد ببلادنا شرا فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ بلادنا واقض ديوننا واشف أمراضنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤاثر علينا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا وأصلح أحوالنا وأحسن ختامنا يارب العالمين
أجلها الآخرة لينالوا بعض متاعها ويتمتعوا ببعض ملذاتها وشهواتها هي والله سراب خادع وبريق لامع
فاعلموا رحمكم الله أن الدنيا أيام محدودة وأنفاس معدودة وآجال مضروبة وأعمال محسوبة هي والله قصيرة وإن طالت في عين المخدوعين بزخرفها وحقيرة وإن جلت في قلوب المفتونين بشهواتها. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) [فاطر:5] (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) [غافر:39].

تذكَّروا أنَّ العمر أنفاس مَعدودة وَشِيكة النَّفاد ولحظات معدودة وأنَّ كلَّ امرئ على ما قدَّم قادِم وعلى ما خلَّف نادِم وأنَّ ما مضَى من العمر في طاعةٍ فهو أربَح التِّجارة وما خَلا منها فهو نقْص وخسارة وما مضَى في ضدِّها فهو مصيبة وخِزي ومعارة
روى الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مالي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم قام وتركها".

سبحان الله عباد الله ألم يأن لأهل الغفلة أن يدركوا حقيقة هذه الدار؟! أما علموا أن حياتها عناء ونعيمها ابتلاء جديدها يبلى وملكها يفنى ودها ينقطع وخيرها ينتزع المتعلقون بها على وجل إما في نعم زائلة أو بلايا نازلة أو منايا قاضية؟!
 
قال الشاعر:
يسر المرء ما ذهب الليالي
وإن ذهابهن له ذهابا
وقال آخر
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا
فإنما الربح والخسران في العمل

* ـ وقفة محاسبة:
والأصل فيها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18]. وقوله: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف:49].

فبهذه الآيات وأشباهها استدل أرباب البصائر على أن الله تعالى لهم بالمرصاد وأنهم سيناقشون الحساب ويطالبون بمثاقيل الذر من الخطرات واللحظات فتحققوا أنه لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة وصدق المراقبة ومطالبة النفس في أنفاسها وحركاتها ومحاسبتها من خطراتها ولحظاتها.

فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عند السؤال جوابه وحسن منقلبه ومآبه ومن ترك لنفسه هواها وسعى لها في تحقيق مناها وتركها من غير مؤاخذة ولا محاسبة فوجئ بغدراته وخطيئاته وكثرة هناته وزلاته دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته فثقل حسابه وساء مآله ومآبه فاللهم إنا نسألك حساباً يسيراً. فمن أراد أن يخف حسابه غدا بين يدي ربه فليحاسب نفسه في دنياه الآن.
أليس من الخسران أن لياليا
تمر بلا نفع وتحسب من عمري

فانظر أيها الحبيب في صحائف أيامك التي خلت ماذا ادخرت فيها لآخرتك واخل بنفسك وخاطبها: ماذا تكلم هذا اللسان وماذا رأت العين وماذا سمعت هذه الأذن وأين مشت هذه القدم وماذا بطشت هذه اليد وأنت مطلوب منك أن تأخذ بزمام نفسك وأن تحاسبها يقول ميمون بن مهران: “لا يكون العبد تقياً حتى يكون مع نفسه أشد محاسبة من الشريك مع شريكه”.

فهلموا بنا ونحن في نهاية سنتنا نتساءل عن عامنا كيف قضيناه وعن وقتنا فيه كيف أمضيناه وعن مالنا من أين اكتسبناه وفيما أنفقناه وننظر في كتاب أعمالنا لنرى ما فيه سطرناه فإن كان خيراً حمدنا الله وشكرناه وإن كانت الأخرى تبنا إليه واستغفرناه.
نسير إلى الآجال في كل لحظة
وأيامنا تطوي وهن مراحل
ولم أر مثل الموت حقا كأنه
إذا ما تخطته الأماني باطل
وما أقبح التفريط في زمن الصبا
فكيف به والشيب للرأس شاعل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى
فعمرك أيام وهن قلائل

* كذلك وقفة توبة واستغفار.
اعلموا أيها الأحبة أن من ثوابت هذا الدين أن الأعمال بالخواتيم كما ثبت في أحاديث المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم: "وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" 
فيا من تمرّ عليه السنة بعد السنة وهو غارق في نوم الغفلة والسِنة يا من يأتي عليه العام بعد العام وقد لج في بحر الخطايا والأوهام قل لي بربك لأي يوم أخرت توبتك؟! متى يا أخي ستفيق؟ وحتام تستبين الطريق؟‍

ومن أصول الشرع استحباب الاستغفار وكثرة ذكر العزيز الغفار في أعقاب الطاعات والقربات. قال تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) [البقرة:198] 
(فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) [البقرة:200]. (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) [النساء:103].فاختتموا بالاستغفار والتوبة عامكم

أيها المسلمون: إن الليالي والأيام خزائن للأعمال ومراحل للأعمار تبلي الجديد وتقرب ال
ب

لمين
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر واقم الصلاة .

============================
ـــــــــــــــــــ🕋 زاد.الــخــطــيــب.tt 🕋ــــــــــــــــــ
منــبرالحـكـمــــــةوالمــوعـظــــةالحســـــنـة.tt
رابط القناة ع التليجرام👈 www.tg-me.com/ZADI2
للإشـتراك بمجموعات زاد الخطيب الدعـوي
رسل.اسمك.بالواتس.للرقم.730155153.tt

عيد أيام تمر وأعوام تتكرر وقد أقسم سبحانه بهذا الزمن الذي منحه للخلق أن الإنسان لفي خسر إلا من اتصف بأربعة: الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر يقول تبارك وتعالى: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
هذه السورة العظيمة يقول عنها الإمام الشافعي: لو لم ينزل سورة إلا هذه لكفتهم.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشد وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شرك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

فاتقوا الله عباد الله!
واختموا عامكم بالتوبة والإنابة والمداومة على الأعمال الصالحة اختموا عامكم بالبر والتقوى واملئوا صحائف أعمالكم بالاستغفار والافتقار إلى الله الواحد القهار واحذروا المعاصي المهلكة فالربا والزنا واللواط والرشوة والكذب والبهتان من العظائم وأشد الجرائم

فلا يلهينَّكم عريض الأمَل عن صالح العمَل والتوبة إلى الله من أنواع الزَّلَل؛ فإنَّ لكلِّ شيءٍ حسيبًا وعلى كلِّ شيء رقيبًا ولكلِّ حسنة ثوابًا ولكلِّ سيئة عقابًا ولكلِّ أجلٍ كتابًا؛ فأعمالكم محصاة ولكلِّ عمل جزاء؛ فلن يُهمَل منها صغير لصغره ولا كبير لكبره في يوم يَحكُم الله - تعالى - فيه بين العِباد وقد خابَ وخَسِر مَن خرَج من رحمة الله التي وَسِعَتْ كلَّ شيء وحُرِم جنَّة عرضها السموات والأرض إذا عصى مَوْلاه وشقي بسوء ما قدَّمت يداه؛﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].

ولا تغرنكم الحياة الدنيا فملكها زائل وكلٌ عنها راحل وتمسكوا بدينكم وعضوا عليه بالنواجذ فطوبى للمتمسكين وهنيئاً للملتزمين وويل للعاصين والمذنبين وخذوا من مرور الليالي والأيام عبراً ومن تصرم الشهور مدَّكراً ومن تعاقب الأعوام مزدجراً واستقبلوا عامكم الجديد بعزائم قوية وصدق نية وإيمان راسخ وراقبوا الله فيما تأتون وتذرون ولا تغفلوا عن الله والدار الآخرة واعملوا للجنة العلية فنعم العطية من رب البرية فهي دار المقامة حقاً { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } وتذكروا الموت وشدته والقبر وظلمته ويوم القيامة وحسرته فالموت آت لا محالة { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فما أحوج الجميع وهم في نهاية العام إلى أن يقوموا ويتفكروا وينظروا فيما قدموا ويعتبروا بمن فارقوا من الأحباب والأصحاب وودعوهم للإلحاد في جوف التراب فلعل المحسن أن يزداد ولعل المسيء أن يرجع ويستجيب فإن الجميع مسئولون عما عملوا فليعدوا للسؤال جوابا وليكن الجواب صوابا.

فحافظ على وقتك وأدِّ حقه من الطاعة وإياك أن تضيع بن التفريط والإضاعة فإنه أيام وساعات وشهور وسنوات ودقائق ولحظات وبعده الموت وسكراته والقبر وعقاربه وحَيَّاته واليوم الطويل وشدته وحسراته والميزان وخفته والصراط ودقته وتقلباته ثم دار المأوى والمستقر إما جنة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين من النعيم الذي لا يخطر على قلب بشر وإما جحيم ولظى والهاوية وسقر لا تبقي ولا تذر.

ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعَلا فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين وأفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين واخذل الطغاة والمفسدين وسائر أعداء الدين
اللهم من حضر هذه
🎤
خطبة.جيدة.بعنوان.cc
نـهـايـة العـام محـاسـبة وتوبــة
للشيــخ/ مــحــمــــــد الــجــــــــرافــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمدُاللهِ القائلِ ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ) وأشهدُ إن لا إله إلا هو ( الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ . أفضَلَ من تَعَبّدَ للهِ وأنَابَ صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الحسابِ وسلمَ تسليماً كثيراً. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )

أمّـــــا بعـــــد عـــــباد اللـــــه :
مضى من عمُرِ الزّمنِ عامْ وجُمعَتَكم هذهِ هي آخِرُ جُمُعَةٍ في هذا العَامِ الهِجريِّ الذي يَستَعِدُّ للرحيل ألاَ فاعتبروا بِسُرعةِ مُرورِ الليَّالي والأيَّامِ وفَكِّروا في دُنياكُم _ وسُرعةِ زوالِها_ واستَعدُّوا للآخِرةِ وأهوالِها …

فكُلُّ عامٍ بل كُلُّ شهرٍ بل كُلُّ يومٍ يستهلُّهُ الإِنسانُ فأِنَّه يُدنِيهِ من أَجَلِهِ ويُقرِّبُهُ من آخِرَتِهِ .. وخيرُكم .. من طالَ عُمُرُهُ وحَسُنَ عَملُهُ .. وشَرُّكُم من طالَ عُمُرهُ وَسَاءَ عَملُهُ. فنحنُ ...........
نسِـيرُ إلى الآجـالِ في كُـلِّ لحظـَةٍ
وأيَّــامُنـا تُطـوى وهُـنَّ مَـراحِلُ
وَلم أرَ مِثـلَ المـوتِ حقـاً كأنَّـهُ
إِذا مـا تَـخطَّتـهُ الأمـاني بـاطِـلُ
ومـا أقبح التفريطَ في زمـنِ الصـّبا
فكيـفَ بـِهِ والشيـبُ للرأسِ شامِـلُ
تـَرحّلْ من الدُنيـا بـِزادٍ من التُقـى
فعُمرُكَ أيـّامٌ وهنَّ قـلائِــِلُ

عـــــباد اللـــــه :
إنّهَ ما بينَ أن يُثَابَ الإِنسان ُ على الطَّاعةِ والإِحسَانِ أو يُعَاقَبَ على الإِساءةِ والعِصيَانِ إلاّ أن يُقَال فُلانٌ قد مَاتَ يُطوى سجلُ هذا العامِ بعد أيّامٍ قلائل ويُختمُ عملُهُ ويبقَى شاهداً على الإنسانِ بِما أودعَهُ فيه والليلُ والنهارُ مستودعٌ للأعمالِ يقولُ جلَّ ذِكرهُ(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ)

عـــــباد اللـــــه :
أعوامٌ تمضي وأزمنةٌ تنقضي وفي ذلك آياتٌ لأولي الألبابِ لقد مضى من عمُرِ الزّمنِ عامٌ عامٌ كامِلٌ تقلّبتْ فيهِ أحوالٌ وَفَنَيتْ فِيهِ أعمارٌ وحياةُ الإنسانِ مراحلٌ والناسُ في الدُّنيا بين مُستعدِّ للرحيلِ وراحلٌ وكلُّ يومٍ , بلْ كُلُّ نَفَسِ يُدني من الأجلِ فالكيِّسُ من حاسَبَ نَفْسَهُ يومًا بِيَومٍ فما الناسُ إلاَّ حيٌّ أدركتُه منيِّتُهُ فَوُرِيَ بالتُّرَابِ أو صغيرٌ بلغَ سِنَّ الشَّباب أو شيخٌ امتدَّت به الْحَيَاةُ حتى شابَ ومن وراءِ الجميعِ نقاشٌ وحسابٌ فهنيئاً لمن أَحْسَنَ واستقامَ والويلُ لِمَنْ أساءَ وارتكبَ الآثامَ ويَتُوبُ الله على مَن تاب مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ يقول بعضِ السلفِ: "كيفَ يَفْرَحُ بمرورِ الأعوامِ مَن يومُهُ يَهدِمُ شهرَهُ وشهرُهُ يهدمُ سنتَهُ وسنتُهُ تهدِمُ عُمُرَهُ؟! كيفَ يفرحُ مَن يقودُهُ عُمرُهُ إلى أجلِهِ وحياتُهُ إلى موتِهِ" فمن أعظمُ منك خطَراً

عـــــباد اللـــــه:
هكذا في لَمْحِ البَصَرِ يُطوى تاريخُ عامٍ كاملٍ طالما عشنا فيه آمالاً وآلاماً وطالما كانت لنا فيه ذكرياتٌ وطموحاتٍ وفي توديعِ عامٍ واستقبالِ عامٍ جديدٍ ! فُرَصٌ للمتأمِّلين , وذكرَى للمُعتبرين يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ 
*ونحن نودع عاماً هجريًّا مضى من أعمارنا ونستقبل عاماً جديداً يلزم الإنسان منا أن يقف وقفة تساؤل وتأمل وتدبر تعقبها وقفة طويلة يحاسب فيها الإنسان نفسه عما اقترفه خلال عام كامل من عمره

*وقفة تأمل في سرعة انقضاء الحياة الدنيا وكأنها غمضة عين أو ومضة برق فيا عجبا لهذه الحياة كيف خدع بها الناس وغرهم طول الأمل فيها وهي كما قال الله فيها: (لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ) [الحديد:20] (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) [الكهف:45].

وفي غفلة من الناس وعلى حين غرة يأتي الأجل وحينها يتنبهون من غفلتهم ليدركوا قيمة أوقات العمر ولكن هيهات فالجواب القرآني جاهز وصارم : ( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) 
هذه هي الدنيا التي يستغرق فيها كثير من الناس ويضيعون من
🎤
خطبــة.جمعــة.بعنـوان.cc
مصابيح الهدى - أبو بكر الصديق
للشيـــخ/ مـــحـــــمــــــــد حـــــــســـــــــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

جميع الأمم تنظر إلى تاريخها
نظرة إكبار واعتزاز، وإن أحق الأمم بذلك أمة الإسلام، وكيف لا ورجالها هم الذين سطروا التاريخ بدمائهم، وسادوا الأمم بالعدل والدين والحق، وإن من رجالها وأبطالها أبو بكر الصديق السابق بالخيرات، والمبشر بالجنة، أعلم الصحابة وأفضلهم، قامع الردة وأهلها، جامع القرآن.. إنه رجل كاد أن يطأ الثريا وأن يعانق الجوزاء، إنه صاحب السيرة العطرة والأيام المشرقة رضي الله عنه وأرضاه.


الخطبـــة.الاولـــى.cc
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .

أمـــا بـــعـــــــــد:
فمرحباً بكم أحبتي في الله!
وأسأل الله جل وعلا أن ينضّر هذه الوجوه المشرقة الطيبة، وأن يزكي هذه الأنفس، وأن يشرح هذه الصدور، وأن يتقبل منا وإياكم صالح الأعمال، وأن يجمعنا وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد النبيين في جنته ورحمته، إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.

أحبتي في الله! إن كل أمة من الأمم تعتز بتاريخها وتفخر ببطولات رجالها وأبنائها، وإن أحق أمم الأرض بذلك الاعتزاز والفخار هي الأمة الإسلامية فهي تستحقه بجدارة واقتدار، بل وبشهادة العزيز الغفار، كما في قوله سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، فليست هذه الخيرية لهذه الأمة ذاتية ولا عرقية ولا قومية ولكن خيرية هذه الأمة مستمدة من رسالتها التي من أجلها أخرجت للناس.

الأمة الإسلامية هي الأمة التي أنجبت على طول تاريخها رجالاً وأبطالاً وأطهاراً وأفذاذاً، سيقف التاريخ إلى ما شاء الله جل وعلا أمام سيرتهم وقفة إعزاز وإعظام، وإجلال وإكبار. ومن الصعب أن نحصر عدد هؤلاء الأبطال وهؤلاء الأطهار، لأنهم عمر الزمن ونبض الحياة، ومن المحال أن نعد أنفاس الزمن وأن نقدر نبض الحياة، وليس من الصعوبة أن نقطف زهرة في وسط صحراء مقفرة، ولكن من الصعب أن نقطف زهرة في وسط حديقة غناء تضم كل أنواع الزهور، وتحوي كل أنواع الرياحين، وتضم كل أصناف العطر والطيب والعبير.

لذا فإني أرجو من الإخوة أن يعذروني إذا لم تضم باقتي التي سأجمعها كل أنواع الورود، وجميع أنواع الرياحين المطلوبة، وكل أنواع العطور المحبوبة والمرغوبة؛ لأنه -كما ذكرت آنفاً- من الصعوبة بمكان أن نقطف زهرة بنوعية معينة ترضى عنها جميع الرغبات في وسط هذه الحديقة الغناء الفيحاء. وأنا لا أقدم هذه السيرة مع هذه السلسلة الجديدة التي أعلنا عنها في اللقاء الماضي بعنوان: (أئمة الهدى ومصابيح الدجى)

لا أقدم هذه السيرة وهذه السلسلة الجديدة لمجرد أنها قصص تحكى على المنبر، ولا لمجرد سرد التاريخ والأحداث والسير، وإنما أقدم هذه السير للعظة والعبرة من ناحية، ولتربية الجيل على سير هؤلاء الأبطال الأطهار من ناحية أخرى خاصة في ظل هذه الأزمة الفكرية التي سيطرت على العقول طيلة هذه السنوات الماضية، والتي سميتها آنفاً في خطب الخواطر: (الدعوة في أزمة الوعي)، وها هو هذا الجيل المبارك -بفضل الله جل وعلا- ينتقل من أزمة الوعي إلى وعي الأزمة.

فضائل أبي بكر الصديق
أيها الأحبة! تعالوا بنا لنستهل هذه الباقة ، ولنبدأ هذه السلسلة، سلسلة أئمة الهدى ومصابيح الدجى بهذا الرجل الذي عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الإيثار، فألقى له حب الحب على روض الرضا، واستلقى على فراش الفقر آمناً مطمئناً، فرفع الطائر الحب إلى حوصلة المضاعفة، وتركه هنالك يغرد لهذا الرجل العظيم بأغلى وأعلى فنون المدح، وهو يتلو في حبه قول ربه وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى [الليل:17-21].

إنه الرجل الذي لم يتلعثم ولم يتردد لحظة من لحظات حياته في إسلامه وإيمانه بالله جل وعلا وبرسوله صلى الله عليه وسلم، إنه الرجل الذي كان شعاره إذا تأزمت الأمور وتشككت الصدور: إن كان محمد صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك فقد صدق، ولذا فقد استحق هذا الرجل بجدارة أن يسمى صديق هذه الأمة إنه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه! إنه أحب الرجال إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي رواه البخاري من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر).

إنه أحب الرجال إلى قلب أستاذ
ه ومعلمه محمد صلى الله عليه وسلم!! ولم لا يكون أبو بكر أحب الرجال إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول رجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: صدقت، يوم أن قال له الناس في مكة: كذبت؟! وهو الرجل الذي قدم ماله وعمره وحياته ونفسه وروحه لله جل وعلا ولأستاذه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد كان له عندنا يد إلا كافأناه بها إلا الصديق فإنا لم نستطع مكافأته فتركنا مكافأته لله عز وجل).

الله أكبر! أي طراز من الناس كان هذا الرجل؟! أي صنف من الناس كان هذا الرجل العظيم العجيب؟! (ما منكم من أحد كان له عندنا يد إلا الصديق فإن له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر ، ولو كنت متخذاً من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن صاحبكم خليل الله) والحديث رواه الترمذي وغيره واللفظ للترمذي والحديث حسن بشواهده.

أبو بكر من أهل الجنة
إن أبا بكر رجل عجيب، رجل عظيم، ووالله لو وقف أهل البلاغة وأهل البيان ليتكلموا عن صديق هذه الأمة، ما زادوا في قدره، ولا رفعوا منزلته ولا مكانته بل ازداد قدرهم، ورفعت منزلتهم، وعلا شأنهم بحديثهم عن الصديق..

هذا الرجل الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو يمشي في هذه الدنيا! إنها بشارة عجيبة لو تدبرتها العقول ووعتها القلوب! رجل من خلق الله يبشر بجنة الله من رسول الله وهو في الدنيا! بل ويبشره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سينادى عليه يوم القيامة من كل أبواب الجنة، ففي الحديث الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة: يا عبد الله! هذا خير، فإن كان من أهل الصلاة يدعى من باب الصلاة، وإن كان من أهل الجهاد يدعى من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصدقة يدعى من باب الصدقة، وإن كان من أهل الصيام يدعى من باب الصيام أو باب الريان، فقال أبو بكر الرجل الطموح في الخير العظيم: يا رسول الله! وهل هناك أحد يدعى من هذه الأبواب كلها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر)، وفي رواية ابن حبان من حديث ابن عباس قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أجل وأنت هو يا أبا بكر) رجل يدعى من أبواب الجنة كلها، أي صنف هذا؟! أي طراز من الناس كان هذا الرجل رضي الله عنه وأرضاه؟!

مسارعة أبي بكر إلى الخيرات
أيها الأحبة! ورد في صحيح مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه: من منكم اليوم أصبح صائماً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من منكم اليوم أطعم مسكيناً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من منكم اليوم اتبع جنازة؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من منكم اليوم عاد مريضاً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة). الله أكبر! ماذا أقول عن أبي بكر ؟! ومن أي المواطن والمواقف أبدأ؟! أيها الأحبة! لست مؤرخاً ولا قاصاً ولا حاكياً، إنما سنتوقف عند بعض المواقف لنستلهم الدروس والعظات والعبر من ماضينا المشرق لحاضرنا ومستقبلنا الزاهر المجيد، الذي حاول أعداء ديننا مراراً وتكراراً أن يفصلوا بيننا وبين هذا الماضي المجيد، وأن يضعوا السدود بيننا وبينه حتى لا نرفع رءوسنا خفاقة عالية لتناطح كواكب الجوزاء في عنان وكبد السماء.

أبو بكر أعلم الناس
أيها الأحباب! هذا هو تاريخنا، وهؤلاء هم أجدادنا وأبطالنا، هذا هو أبو بكر رضي الله عنه، ذلكم الرجل الذي وقف موقفاً عجيباً رهيباً يوم أن قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر في مرضه الأخير قبل الموت وقال -كما ورد في حديث أبي سعيد الذي رواه البخاري ومسلم - : (أيها الناس! إن عبداً من عباد الله خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله، فبكى الصديق رضي الله عنه، وقال: فديناك بآبائنا يا رسول الله! فديناك بأمهاتنا يا رسول الله! فديناك بأنفسنا يا رسول الله!)، فضج الناس في المسجد عجباً لهذا الشيخ، الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر عن عبد خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار ما عند الله فما الذي يقوله ويفعله أبو بكر رضي الله عنه؟! ولكن الصديق علم أن العبد المخير هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففداه بنفسه وأبيه وأمه، فداه بماله وبكل شيء. يقول أبو سعيد : فكان أبو بكر أعلمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي يوم الإثنين كشف عليه الصلاة والسلام الستر من حجرة عائشة رضي الله عنها ونظر إلى المسجد فرآهم وهم يصلون وراء إمامهم الصديق رضي الله عنه، وكاد الناس أن يفتنون في الصلاة، وسمع الصديق صوتاً وجلبة -وكان لا يلتفت في الصلاة أبداً- فعلم أن هذا الصوت لا يكون إلا لخروج النبي صلى الله عليه وسلم، فكاد الصديق أن يخلي مكا
ن

إمام الأئمة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إليهم أن اثبتوا، ودخل الحبيب إلى غرفة عائشة وكان ملك الموت في انتظاره، فإن الأجل قد حان، والعمر انتهى كما حدده الله جل وعلا.

ثبات أبي بكر عند موت
رسول الله صلى الله عليه وسلم
تقول عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري : (مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري فرأيته قد رفع أصبعه وهو يقول: بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى، تقول: فعلمت أنه يخير، وأنه لا يختارنا)، وفي رواية أخرى في صحيح البخاري من طريق الزهري عن عروة أنها قالت: (فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى، تقول: وسقطت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمت أنه قد مات). فخرجت عائشة تصرخ، فلقيها فاروق هذه الأمة عمر وصرخ عمر : رسول الله ما مات، ورفع السيف وقال: والله لأعلون بسيفي هذا كل من زعم أن رسول الله قد مات، وإنما ذهب إلى لقاء ربه عز وجل كما ذهب موسى بن عمران وليرجعن ليقطعن أيدي وأرجل المنافقين، وخرس لسان عثمان وأقعد علي .

هذا حال هؤلاء الأطهار! حال هؤلاء الأخيار الأبرار، فما ظنكم بمن دونهم؟! وثبت الله يومها صديق الأمة وعاد أبو بكر من بيته في السنح ورأى هذه الجموع الملتهبة المتأججة الصارخة الباكية فلم يلتفت إلى شيء، ويمم وجهه صوب غرفة عائشة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى حبيبه المصطفى مسجى وقد غطي وجهه الأنور، فجلس على ركبتيه بين يدي أستاذه وحبيبه رسول الله وبكى وقبله بين عينيه، وقال: طبت حياً وميتاً يا رسول الله، أما الموتة التي قد كتبها الله عليك فقد ذقتها ولا ألم عليك بعد اليوم، وقال كما في الحديث الذي حسنه شيخنا الألباني في مختصر الشمائل (وانبياه واصفياه واخليلاه) وترك الصديق وأودع قبلة حانية رقيقة على جبين أستاذه وحبيبه وإمامه ونبيه وخرج إلى هذه الجموع المتأججة الملتهبة فقال: على رسلك يا عمر ! اسكت يا عمر ! أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144].

يقول عمر: فلما سمعتها وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات عقرت -أي: وقع على الأرض- وثبت الله الصديق رضي الله عنه أي ثبات هذا؟! وأي فصاحة وبلاغة هذه؟! من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات.

سبحانك يا من وهبت هذا اليقين وهذا الثبات لهذا الرجل العظيم الكبير!! يقول ابن مسعود : كدنا أن نقوم مقاماً بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهلك فيه لولا أن من الله علينا بـ أبي بكر. نعم فرسول الله قد مات والدعوة أبقى من الداعية، والدين أبقى من صاحبه الذي جاء به للناس لا ليظل معهم عليه، وإنما جاء ليربط الناس بهذه العروة الوثقى، ثم ليمض إلى ربه وهم عليها من غير تبديل ولا تحريف ولا تعطيل. مضى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه، فلتبق الدعوة وليبق الإسلام وليبق الدين، ويا راية الله رفرفي ويا خيل الله اركبي، ويا أبناء رسول الله قوموا! لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسرت كلمات الصديق في قلوبهم وعروقهم سريان الدماء في العروق وسريان الماء في شقوق الأرض المتعطشة للماء، قاموا وعاد إليهم رشدهم.

موقف أبي بكر في سقيفة بني ساعدة
أيها الأحباب! ما لبث هذا الأمر أن حدث وذهب الأنصار رضي الله عنهم إلى سقيفة بني ساعدة؛ ليختاروا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع عمر بن الخطاب الخبر فذهب إلى أبي بكر وأخذه وأخذ أبا عبيدة وأسرعوا رضي الله عنهم جميعاً إلى السقيفة إلى إخوانهم من الأنصار. يقول عمر : وكنت قد زورت -أي: أعددت- مقالة جميلة لأتحدث بها بين يدي هؤلاء، إلا أن الصديق قد استأذن عمر بن الخطاب ، وكان الصديق أول من تكلم فأثنى على الأنصار خيراً وأثنى على المهاجرين، وقال هم أحق الناس بالخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقام الحباب بن المنذر وقال: منا أمير ومنكم أمير وكاد الشيطان -والعياذ بالله- أن يلعب لعبته ولكن أنى لهذه القلوب التي رباها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أن تتمزق وأن تتشتت! وبعدها قام الصحابي الجليل المبارك بشير بن سعد أبو الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قام وقال مقالة وقعت كحبات الندى على القلوب، قام بشير بن سعد رضي الله عنه وقال: يا معشر الأنصار! والله لئن كان لنا فضل في جهاد المشركين، وسبق في هذا الدين، فإنه لا ينبغي أن نستطيل بهذا على الناس، وأن نبتغي به عرضاً، فنحن ما أردنا بذلك إلا رضا ربنا وطاعة نبينا صلى الله عليه وسلم، ووالله إن رسول الله من قريش وقومه أحق به، وايم الله لا يراني الله أنازع القوم في هذا
الأ

مر أبداً، فاتقوا الله يا معشر الأنصار ولا تخالفوا المهاجرين ولا تنازعوهم. فالتقط الصديق هذه الكلمات النيرة الندية الرخية المؤمنة التقية، ورفع يد عمر ويد أبي عبيدة بن الجراح وقال: أيها الناس! هذا عمر بن الخطاب الذي أعز الله به الإسلام، وهذا أبو عبيدة الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه أمين هذه الأمة، لقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فقال أبو عبيدة وعمر نتقدمك؟ لا والله، والله لا نقدم على هذا الأمر أحداً دونك يا أبا بكر .

إنه التجرد لله جل وعلا! إنه الصفاء والإخلاص! إن جلال هذا الموقف أبلغ من كل مقال، وأبلغ من كل كلام، بل ويصرخ عمر ! ويبكي أبو عبيدة ! ويقول عمر : والله لئن أقدم فيضرب عنقي في غير إثم أحب إلي أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر رضي الله عنه. ويبكي أبو عبيدة ويقول: أنت أفضل المهاجرين، وأنت ثاني اثنين إذ هما في الغار، وأنت خليفة رسول الله في الصلاة وهي أعظم ديننا، أيرضاك رسول الله لديننا ولا نرضاك لدنيانا؟! ابسط يدك يا أبا بكر ابسط يدك فبسط الصديق يده، فقام الصحابي الجليل بشير بن سعد وكان أول من بايع كما في أصح الروايات، وبايعه عمر وأبو عبيدة، وازدحم الأنصار رضي الله عنهم ليبايعوا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما أن غربت شمس هذا اليوم إلا وقد غربت بكل جزئية من جزئيات الخلاف، والتأم الصف ورئب الصدع على يد ابن الإسلام المبارك التقي النقي.. على يد أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، وخمدت نار الفتنة في مهدها، وكان يوماً عظيماً على الإسلام. أيها الأحباب! لقد من الله على الإسلام في هذا اليوم بـ أبي بكر ! حتى ظننت -وأنا أقرأ هذا المشهد من أكثر من مرجع- أن الله جل وعلا قد اختار لهذا اليوم أبا بكر بالذات، وبدأ الصديق رضي الله عنه يعلن سياسته العامة للدولة.

خطبة أبي بكر بعد توليه الخلافة
أيها الأحباب! في اليوم الثاني كما روى ذلك ابن إسحاق بسند صحيح وقف الصديق على المنبر ليعلن سياسة دولته العامة ودستور الإسلام الخالد.

قال: أيها الناس! لقد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، وما ترك قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله؛ فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم... قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. أي عظمة هذه؟! أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65].

توفيق الله لأبي بكر في إنفاذ جيش أسامة
وبدأ الصديق رضي الله عنه أول أعماله الكبيرة العظيمة بإنفاذ بعث وجيش أسامة رضي الله عنه وأرضاه.

هذا الجيش الذي كان على حدود المدينة المنورة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإرساله لمناطحة العدو في الحدود الشمالية للدولة الإسلامية، على حدود الروم، ولتأديب قبائل قضاعة التي انحازت إلى الروم في غزوة مؤتة. أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم هذا الجيش لتأديبهم واختار لهذا الجيش أسامة الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره! وأمر الصديق بأن ينفذ جيش أسامة ، ولم يتجاوز الجيش حدود المدينة المنورة إلا وقد أطلت فتنة برأسها كادت أن تدمر الأخضر واليابس لولا أن من الله على الإسلام -كما قال ابن مسعود - بـ أبي بكر رضي الله عنه.

بدأت فتنة أهل الردة والمرتدين، فمنهم من ارتد عن الإسلام بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم لم يدخلوا في الإسلام إلا مداهنة وتقية، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة، وقالوا: كنا نؤديها لرسول الله، فلن نؤديها لأحد بعده، فقال الصديق قولته الخالدة: والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه.

ويومها ذهب الفاروق عمر ليناقش الصديق في هذه الفتوى ويقول: يا خليفة رسول الله! أتقاتل قوماً شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: من قالها عصم مني دمه وماله؟! ولكن الصديق كان أفهم الصحابة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم يا عمر ! إلا بحقها والزكاة من حقها؟ والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. يقول عمر فما لبث أن شرح الله صدري لما رأى أبو بكر رضي الله عنه.

ولما أطلت هذه الفتنة برأسها رأى بعض الصحابة وعلى رأسهم عمر وأسامة بن زيد قائد الجيش: أن في إرسال جيش أسامة مخاطرة رهيبة؛ لأن المدينة نفسها مهددة بالغزو من المرتدين،
ه لعمر

أيها الأحباب! ونام الصديق بعد هذا التاريخ الحافل على فراش الموت ليسلم روحه إلى الله جل وعلا، ولكنه أضفى على الأمة وعلى الإسلام بركة أخرى لا يمكن أبداً أن ينتهي اللقاء إلا ونشير إليها إشارة، فلقد استدعى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقال: يا عثمان! اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وفي أول عهده بالآخرة داخلاًً فيها: أني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فأطيعوا له واسمعوا، ثم قال: فإن عدل فهذا علمي به وظني فيه، وإن بدل وغير فإن لكل امرئ ما اكتسب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله.

وأمر عثمان أن يخرج ليقرأ الكتاب على المسلمين، فقام المسلمون جميعاً وبايعوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وما فعل ذلك الصديق إلا خشية من أن تحدث فتنة شديدة على الإسلام والمسلمين، ثم استدعى عمر فوصاه وصية جميلة رقيقة لا يتسع المقام والمجال لذكرها، ثم رفع الصديق يده ودعا الله لـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال له: اللهم أصلحه وأصلح له الرعية.

وبعد أيام قليلة دخل ملك الموت مرة أخرى؛ لينزع أطهر روح وأشرف روح بعد روح المصطفى صلى الله عليه وسلم، ليقبض أبا بكر رضي الله عنه، ولما اشتد به الوجع دخلت عليه الصديقة عائشة رضي الله عنها تقول: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر فكشف الصديق الغطاء عن وجهه، وقال: لا تقولي هذا يا ابنتي وإنما قولي: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19] .

رضي الله عن أبي بكر وأرضاه وجمعنا الله جل وعلا به مع أستاذه ونبيه في جنة الله ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير . اللهم اجز عنا أبا بكر خير ما جازيت مصلحاً أو صالحاً! اللهم اجز أبا بكر عن الإسلام خير الجزاء! اللهم اجمعنا به في دار كرامتك ومستقر رحمتك! اللهم صل وسلم وبارك على من علمه ورباه وخرجه وأنجبه لهذا الدين!

اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه وزوجاته وأتباعه وأطهاره وأخياره الذين اتبعوه بإحسان إلى يوم الدين! اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين. اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، وقيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم وفق حكام المسلمين إلى العودة لكتابك، وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، أنت ولي ذلك ومولاه! وأكثروا من الصلاة والسلام على حبيبنا ونبينا محمد، فإن الله جل وعلا قد أمركم بذلك في محكم كتابه، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]

اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أحبتي في الله! هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
فلاب

د أن يبقى الجيش لحماية المدينة في هذا الظرف الحرج، ولكن هذا الرجل عجيب.. يظهر إيمانه ويقينه مرة أخرى ويعلن قولته الخالدة ويقول: والله لو تخطفتني الذئاب لأنفذت بعث أسامة ولست أنا الذي يرد قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلابد أن ينفذ جيش أسامة .

فلما رأى الصحابة أبا بكر مصراً على رأيه ذهبوا إليه مرة أخرى وعلى رأسهم عمر ، وقالوا: إن كان ولابد يا خليفة رسول الله فاجعل على رأس الجيش من هو أسن وأكبر من أسامة فمسك أبو بكر بلحية عمر وقال: ويحك يا ابن الخطاب! أيوليه رسول الله وأعزله أنا؟ والله لا يكون.

وأراد الصديق أن يفض هذا الإشكال فقام بنفسه مع عمر إلى حيث عسكر الجيش الإسلامي بقيادة أسامة وخرج إليهم على حدود المدينة فلقيهم أسامة بن زيد على ظهر فرسه والصديق يمشي على رجليه، فنظر أسامة الذي تربى في مدرسة النبوة وقال: يا خليفة رسول الله! والله إما أن تركب وإما أن أترجل، فقال الصديق والله لن أركب ولن تترجل! وأكثير عليَّ يا أسامة أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله؟! ومشى الصديق على الأرض إلى جوار قائد الجيش أسامة ابن الثمانية عشرة... مشى خليفة المسلمين.. خليفة رسول الله إلى جوار أسامة ليبين للناس أنه إمام وأستاذ وقائد الموكب.

إن الإسلام لا ينظر إلى سن ولا نسب ولا إلى شرف، بل إن ميزان الإسلام هو التقوى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13]،

ووقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه ليزف هذه الوصايا وليبين لهذا الجيش المبارك دستوره الحربي في أعظم دستور عرفه التاريخ، فوالله ما عرف التاريخ دستوراً حربياً أعظم ولا أطهر ولا أشرف مما عرفه التاريخ في حروب الإسلام طيلة القرون الطويلة الماضية، وسوف يظل التاريخ يقف أمام هؤلاء وقفة إجلال وإعظام وإعزاز وإكبار! اسمعوا أيها الأحبة ماذا قال الصديق للجيش؟ حمد الله وأثنى عليه وقال: لا تخونوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا -أي بالجثث-، ولا تقتلوا طفلاً أو شيخاً كبيراً أو امرأة، ولا تحرقوا نخلاً ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرةً ولا بعيراً إلا للطعام، وسوف تمرون على قوم قد تفرغوا للعبادة في صوامعهم فدعوهم على ما هم عليه، ثم قال: اندفعوا باسم الله.

هذا هو الميثاق، وهذا هو دستور الحروب في الإسلام فأين أدعياء الحضارة الذين يتغنون ويرقصون لخدمة الإنسانية في الليل والنهار؟! أين أدعياء الحضارة الذين ساموا الإنسانية سوء العذاب؟! وإن ما يحدث على خشبة المسرح العالمي في جمهورية البوسنة والهرسك لأعظم دليل على أن هؤلاء كذبة فجرة وخونة، لا يعرفون من هذا المضمار إلا هذه الكلمات الجوفاء الكاذبة الرنانة.

أين هم من أبناء الشعب المسلم في البوسنة؟! سفكت دماؤهم، ومزقت أشلاؤهم، واغتصبت نساؤهم، وقتل أطفالهم وحرقت بيوتهم، أين هم من هؤلاء؟! (لا تخونوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً أو شيخاً كبيراً أو امرأة، ولا تحرقوا نخلاً، ولا تقطعوا شجرة مثمرة) إنه دستور الإسلام! وانطلق الجيش على بركة الله وباسم الله، تحت راية الإسلام، وباسم التوحيد والإيمان، بأوامر هذا الابن المبارك للإسلام، إنه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه!!

وأقـــول قـــولي هـــذا
وأستغفر الله العظيم لي ولكم.


الخطبــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وعلى كل من اقتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .

أمـــا بـــعــــــد: فهكذا أنفذ الصديق رضي الله عنه جيش أسامة الذي كان له أثر بليغ في قلوب هؤلاء المرتدين في أطراف الجزيرة العربية الذين قالوا: لو كانت المدينة بهذا الضعف الذي سمعنا ما خرج هذا الجيش الجرار لهذه المعركة الضارية، لمناطحة قوة الروم العاتية، وكانت هذه بركة من بركات أبي بكر رضي الله عنه، ووئدت نار فتنة المرتدين ومدعي النبوة وقد ظهر طليحة وظهرت سجاح مسيلمة وكل قد ادعى النبوة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن فضائل أبي بكر جمعه للقرآن
رحماك رحماك يا الله! أي فتن هذه التي تطل على أبي بكر ؟! لقد وأد الصديق نار الفتنة في مهدها، ولم تتوقف بركاته عند هذا الحدث، وإنما بعد موقعة اليمامة ذهب إليه عمر وأشار إليه بجمع القرآن كما في حديث زيد بن ثابت الذي رواه البخاري وشرح الله صدره إلى ذلك، فأمر زيد بن ثابت بجمع القرآن. يقول زيد : والله لو كلفني بنقل جبل لكان أهون علي، أو ما كان أثقل علي مما كلفني به.

وجمع الصديق القرآن لأول مرة، وكانت الصحف في بيته حتى توفي، ثم انتقلت إلى بيت عمر حتى توفي، ثم في بيت حفصة رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم.

وهذه بعض المواقف وبعض الدروس، وإلا فلو توقفنا مع الصديق لطالت بنا الوقفة ولطال بنا المقام، ولقد آليت على نفسي ألا أقف في كل لقاء مع كل شخصية من هؤلاء الأئمة وهؤلاء المصابيح إلا جمعة واحدة.

عهد أبي بكر بالخلافة بعد
الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه إنه هوالغفور الرحيم.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مظل له ومن يضلل فلا هادي له,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {1}}النساء.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71}}الأحزاب.

أيها الناس :
إن من حكمة الله عز وجل أن جعل السَنَة اثنا عشر شهراً, قال تعالى:
{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {36}}‏التوبة.
وجعل الشهر ثلاثين, أو تسعة وتسعين يوماً, قال صلى الله عليه وسلم:
"الشهر هكذا وهكذا وهكذا, وأشار بأصابع يديه العشر ثم قال: ويكون هكذا وهكذا وهكذا, وقبض في الثالثة إحدى أصابعه عليه الصلاة والسلام"

وتعاقب الأعوام والشهور والأيام فيه عبرة لأولي الألباب, قال تعالى:
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {62}} الفرقان.

في هذه الأعوام يموت أقوام ويولد آخرون, ويذل أقوام ويعز آخرون, قال تعالى:{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}}آل عمران .
واللبيب يتأمل سرعة انقضائها, فيعلم أنها زائلة, وأنه منتقل منها إلى دارٍ أخرى, قال تعالى:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {164}} البقرة
وقال عليه الصلاة والسلام: " ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"رواه ابن ماجة والترمذي وأحمد.
وحذر عليه الصلاة والسلام من الركون إليها, كما حذر قبله أنبياء.
اسمعوا إلى قول رجل مؤمن من آل فرعون يحذر قومه من الدنيا: قال تعالى حاكياً عنه : { وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39}} غافر.

أيها المسلمون:
إنكم تستقبلون عاماً جديداً ولا تدرون ما الله فاعل بكم فيه, أتتمونه أم يوافيكم الأجل قبل تمامه؟ فانظروا رحمكم الله ماذا قدمتم فيما مضى, وبما تستقبلون ما أتى.

أيها المسلمون:
لو تأملنا أحوالنا في هذا الزمان, وقارناها بما مضى أو ببعض البلدان, لوجدنا فرقا كبيراً لدينا, نِعَمٌ لا تعد ولا تحصى, ولا ينكرها إلا من في قلبه مرض,

أعظم نعمة _التوحيد_, التحاكم إلى الله ورسوله عند التنازع, نعمة الأمن والاستقرار,
ولكن هذه النعم وغيرها تدوم بالشكر, وتزول بالكفر, ولا أعني الكفر الأكبر, وإنما أعني كفر النعمة, فإن قام الناس بما أوجب الله عليهم من عبادته , وطاعته, وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام, قولاً, وعملاً, أدام الله عز وجل نعمه.

عـــباد اللـــه :
وقبل بداية هذا العام الجديد الذي نسأل الله أن يجعله عام خير, وبركة, ونصر للمسلمين أذكركم ببعض الأمور التي تعد من أعظم الأسباب المزيلة للنعم, ليحذرها العاقلُ اللبيب, ويحذر غيره منها.

لزوال النعم أسباب كثيرة منها:

الإعراض عن دين الله عز وجل, فإن كان إعراضاً بالكلية فهو كفر, وإلا كل بحسبه.

ومن أسباب زوال النعم:
الإقبال على الدنيا وملذاتها, والغفلة عن الآخرة ونعيمها.

ومن أسباب زوال النعم:
انشغال الناس بأسباب الرفاهية والترف واللهو, وبناءُ الملاهي وغيرها,
وقد حذر من هذا نبي الله هود عندما رأى قومه معرضين عن طاعة ربهم, وإقبالهم على الملذات والترف واللهو, قال الله عز وجل:{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِ
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
الإعـتـبار بمـرور الأشــهــر والاعــوام
( توديــع عــــام واسـتـــقــبال آخــــــــر )
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد الله الواحد القهار, العزيز الجبار, يقلب الليل والنهار, تبصرة وذكرى لأولي العقول والأبصار, وكل شيء عنده بمقدار, عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
{ سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10}}الرعد.

أحمده على إحسانه, وأشكره على عظيم فضله وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه, واستن بسنته إلى يوم الدين,

أمـــا بعـــد - أيـها الناس :
فإنكم تودعون عاماً ماضياً شهيداً, وتستقبلون عاماً مقبلاً جديداً, فليت شعري, ماذا أودعتم في العام الماضي؟ وماذا تستقبلون به العام الجديد؟
فليحاسب العاقل نفسه.]([1])
بماذا رحل عامه المنصرم؟
هل رحل وقد كتبت له الحسنات؟
ومحيت عنه السيئات؟
أم رحل بما فيه من الخطايا والآثام؟

قال الفاروق يوماً: ( أيها الناس: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوها قبل أن توزنوا, وتأهبوا للعرض الأكبر.)( يومئذٍ تعرضون لاتخفى منكم خافيه).

أيها المسلمون :
تمر الأيام والشهور والأعوام وتنصرم, وبعض المسلمين في سبات عميق, وغفلة وإعراض, وتمر الأعوام, وبعض المسلمين قد شغلته دنياه عن دينه, لاهث وراءها , متمسك بها, ينام خائفاً عليها, ويصبح هائماً على وجهه في إثرها.
تمر الأعوام والمسلمون قد فرقتهم الأهواء, وتشتت شملهم, وطمع العدو بهم, فهو يقتل ويأسر ويشرد, يفعل بهم كما يفعل الذئب بالغنم عند غياب الراعي.

أيـــها المســـلمـــون:
تذكروا بانقضاء العام انقضاء العمر, فالليالي والأيام مطايا تنقلكم من الدنيا إلى الآخرة .
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190}} آل عمران.

فالعاقل يعد العدة ويتأهب ويصبر, والمضيع المفرط تمر عليه الأيام والأعوام حتى يفجأه ملك الموت, وهو على حال سيئة نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أعذر الله إلى امرءٍ بلغه الستين". ومعنى الحديث أن من بلغ الستين ولم يتجدد له عمل صالح, ويقلع عن المعاصي, وينيب إلى ربه فلا عذر له عند الله.
كيف وقد بلغه الله هذا العمر المديد, وهو متمادٍ في طغيانه ومعصيته.
قال عليه الصلاة والسلام:" أعمار أمتي مابين الستين إلى السبعين, وأقلهم من يجوز ذلك" رواه الترمذي.

فأنيبوا إلى ربكم قبل هجوم هادم اللذات, وأنتم على حالة لا يرضاها ربكم, فاغتنموا أعماركم واستعملوها في طاعة ربكم.
روى الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه:
" اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك, وصحتك قبل سقمك, وغناك قبل فقرك, وفراغك قبل شغلك, وحياتك قبل موتك".

ايـــها المسلمـــون :
في هذا الحديث وصايا:
الأولى: اغتنام وقت الشباب قبل الهرم, لأن المسلم يستطيع من فعل الطاعات في شبابه مالا يستطيع عند الهرم.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وشاب نشأ في طاعة الله" , وفيه همسة في أذن كل شاب أن يغتنم شبابه بالطاعة التامة.

الثانية: اغتنام الصحة قبل السقم, فكم من معاق يود لو يصلي على قدميه؟
اويأت إلى المسجد على رجليه؟
ولكن! لا يستطيع, وكم من مريض نائم على سريره لا يذكر الله إلا بأصبعه؟ وكم؟ وكم؟
فاغتنموا زمن الصحة قبل السقم.
ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

الثالثة: اغتنام زمن الغنى قبل الفقر, لأن الغني يؤدي الزكاة, ويتصدق ويعين على نوائب الحق, ويصل الرحم بماله, ويجاهد بماله فإذا افتقر عدم هذه الأجور.

الرابعة: اغتنام الفراغ قبل الشغل, قال تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ {8}‏}الشرح.

الخامسة: اغتنام الحياة بالطاعة قبل الموت, لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو ولد صالح يدعوا له, أو علم ينتفع به, فالحياة يتزود منها الطاعات.
قال عليه الصلاة والسلام:" طوبى لمن طال عمره وحسن عمله".

أيها الناس:
اغتنموا ساعات أعماركم بما يقربكم إلى ربكم, وإياكم والغفلة, فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة, أودعوا أيامكم ولياليكم عملاً صالحاً تجدوه في يوم تشخص فيه الأبصار, ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما هي متاع
قال تعالى : {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39}} غافر.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من
ي

نَ {123}
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ {124} إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ {125} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {126} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ {127} أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128}} الشعراء.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: [ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ]: أي معلماً مشهوراً, وتبنون: أي وإنما تفعلون ذلك عبثاً لا للاحتياج إليه؛ بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة, ولهذا أنكر عليهم نبيهم عليه السلام ذلك, لأنه تضييع للزمان, وإتعاب للأبدان في غير فائدة, واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة أ. هـ

ومن أسباب زوال النعم:
فسقُ المترفين, قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً {16}}الإسراء.
والمترفون هم أهل الأموال والجاه, فهولاء إن صرفوها في طاعة الله عز وجل, وفي ما يرضيه, صاروا سبباً بإذن الله عز وجل لدوام النعمة, وإن صرفوها في اللهو الباطل, وفيما يصد عن طاعة الله عز وجل صاروا سبباً في إهلاك أنفسهم, وإهلاك من حولهم, لأن الشر يعم, قال تعالى: { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {25}‏}‏ الأنفال.

ومن أسباب زوال النعم:
ترك الجهاد في سبيل الله, بدءاً بجهاد النفس والأهل, قال صلى الله عليه وسلم:" ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا عمهم الله بالعذاب" رواه الطبراني.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"رواه أبو داود.

ومن أسباب زوال النعم:
ترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والأخذ على أيدي الفسقة والمجرمين, قال تعالى:{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ {41}} الحج.

هذا وصلوا وسلموا
على من امرتم بالصلاة والسلام عليه في محكم التنزيل((ان الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين امنوا صلواعليه وسلموا تسليما))
🔷عمر المختار أرعب دول الاستكبار وربى جيل الاحرار ؟



✍🏻الإعلامي محمد الصلاحي

عظماء الاسلام قليلون وقادة الجهاد معدودون والامة الإسلامية تذخر بقادة عظام وسلاطين أبطال الامة يولد كل يوم فيها معتصم جديد وفاروق عادل وعمر المختار ليس الاسطورة ميسي وليس فنان العرب محمد عبدة انما صاحب لقب "أسد الصحراء "عمر المختار من جاهد الطليان وهزمهم شر انهزام وربى جيل يدافع عن الإسلام وينشى جيل متمسك بعقيدته القرآن ولد المختار في بلدة "بنغازي"بليبيا لابوين مسلمين ليخرج يحفظ القرآن وبعد ايام يقرر الفتي المسلم الشجاع رجل البادية واسد الصحراء مقاومة الطليان احد الدول الارهابية العظمي حينذاك فاستقر في جبل وفتحها جبهات مقاومة ضد الغزاة وقرر تحرير تراب بلده من دنس ايطاليا فجتمع حوله الالاف من مجاهدي ليبيا الابطال وقاد معارك التحرير ضد ايطاليا بكل عزيمة واباء ظل يجاهد حتي وصل عمره الى 85عام وهو ذلك المجاهد الذي لا يشق له غبار ظل قويا معتصما بلواء الإسلام وبسنة العدنان قاتل الطليان نحو عشرين عام دون ان يتعب او يكل او يمن ارعب ايطاليا باسرها رجل عجوز يرعب الطليان ويخاف منه عملاء الديار رجلا بلغ من السن بعد الثمانين ولكنه ذاك الاسد المقدام عمر المختار…..


تمر ذكرى القائد المجاهد عمر المختار يومنا هذا15/سبتمبر 2017م الذكرى 88لإستشهادة في ساحة الاعدام بعد جهاد طويل نحو ثلاثين عام يقاتل الطليان اعداء الإسلام يتنقل من جبل الى جبل ويلحق الهزائم تلو الهزائم بجيش ماركس ولينين يعملهم أصول الحرب النزيهة فياتون للتفاوض معه بعد هزيمتهم في كل المعارك فيقول لهم بكل ثقة المسلم اول بنود التفاوض الرحيل من ارضنا لان الارض ملكنا والتراب ترابنا وانتم جئتم مغتصبين محتلين واجب علينا ان نقاتلكم حتي ترحلوا من ارضنا طال الزمن او قصر عقيدتنا تفرض علينا مجاهدة من اعتدي علينا تمر ذكرى استشهاد القائد عمر المختار ونحن نعيش مراحل صعبة مرحلة تسليم الاوطان لاحفاد الصفويون ايران وعبر ادواتهم حزب اللات وحوثي مران هذا من جهة ومن جهة اخرى قيام العلمانيون ومن ورائهم الخليجيون يسلمون بلاد المسلمين للدجال الاكبر امريكيا وبني صهيون نحن اليوم نريد جيل المختار ونشاة المختار وشجاعة ليبيا الاحرار وقوة بأس المجاهدين المغاوير من بنغازي اليوم نحن بامس الحاجة لتنشئة الاجيال ان هناك جهاد وان عدونا هم ثلاثي الموت امريكا واسرائيل وايران دعاة الإرهاب نريد تعلمه. الاطفال سيرة المجاهد عمر المختار أسد الصحراء رفض المذلة والركوع لروما وجاهد بكل ما يستطيع من عدة وعتاد وهي البنادق وروما باحداث العربات والالاف من الجنود ولكنها قوة العقيدة والمبدا وليس العدة والعتاد نحن لم ننسى حياة المجاهد المختار لان سيرته يتعلمها الابطال والاحرار يتعلمون كيف يجاهدون بعزة الإسلام رأفعين الرأس شم الانوف يقاتلون تحت راية دين الإسلام من اعتدي عليهم يعلمنا عمر المختار حنكة القادة فليس كل من لديه نجمات وطير ومرافقين وطقوم وبعض الصعاليك يعتبر قائد القيادة ذكاء وفطنة وليس بطون منتفخة وبعض النجمات المزيفة القائد يعيش بين جنوده يجوع مثلما يجوعون ويتقدم الصفوف ليس الجلوس في الانفاق والكهوف القائد يرفض مغريات النساء والفلل والفنادق والعمارات والسيارات والسفارات والحفلات الراقصة تحت اي فن كان قيادة الجيش والمجاهدين هي قيادة بحنكة وسياسة كما عملها الفاروق قبله وعمر المختار وعز الدين القسام بعده رجال الرفاهية والفن والدعابة ليسوا بقادة لان الجهاد له قادة ومقاتلين علمنا عزة وشجاعة المقاتل العربي المسلم الاصيل ان لا يرتكب جرائم بحق المسالمين وانما فقط بحق المعتدين



🔹جاهد وقاتل وعلم وربى جيل الاحرار والثوار قادة القتال وذكاء العظماء علم دولة ايطاليا كيف معارك الشرف والنزاهة وليس الخدع والغدر
اتي اليه عملاء بلادة واليمن اليوم الحوثيون هم نفس العملاء قالوا نعطيك السيارات والعيش والراحة فقط لا تقاتل روما ولا تحرض ضد روما فقال انتم تحتلون بلادي وتقتلون اهلي واحبابي وتدمرون وطني وتنهبون خيرات بلادي وتستعبدون شعبي وهذه ارضي ليست لكم وانما ملك للشعب الليبي وحدة افلا نقاومكم ونقاتلكم لانكم محتلون فاشيون نازيون فقالوا له ضعاف النفوس وادوات ايطاليا انت تخرب بلادنا يا مختار وتقتل اهلنا بسبب مقاومة الاحرار للطليان فضحك القائد المجاهد بعد عشرين عاما يقاتلهم وقال تخافون من رجال مثلكم وتدعوننا الى ان نكون عبيد خانعين مثلكم لا والله لايكون هذا. كلمات تهزالنفوس وتقوم الهمم لهذا الكلام من رجل بلغ الثمانين عام ليس رجل ثلاثيني بل شيخ انحني ظهرة وضعف قوته ونحل جسمه يقولها بكل ثقة لن نركع ولن نستسلم لغزاة محتلين فقامت ايطاليا بدعم قواتها المحتلة لليبيا بدعم يتكون من عدة اساطيل لقهر المقاومين الابطال فدارت معارك عظيمة بين الاسلام والكفر في درنة وبنغازي استمرت لنحو شهرين متلازمة انزل عمر المختار الخسائر الكبيرة بصفوف الطليان الغازية
وفي احدى المعارك قفز القائد عمر المختار بعد اصابة فرسه وسقطت نظارته وتم اخذه لمحاكمته اخذوه ولكن مازال يرعبهم وهومقيد بسلاسل الخوف ونحوه العشرات من جنودهم فذهب للمحكمة وقال القاضي له هل قاتلت الطليان فقال القائد وهو رافع رأسه نعم قاتلت الطليان هل حرضت ضد دولة روما نعم جاهدت دولة الاحتلال روما هل تقبل بالاستسلام وتدعو انصارك للنزول من الجبال والخنوع لحكمنا فقال لا انا قاتلتكم عشرون عاما وأستسلم وانا شيخ عجوز لا والله فقال سنعدمك وتنتهي قصتك البطولية فقال ساموت انا ولكن الاجيال القادمة ستاتي وتقاتلكم وتواصل مابدأت به فانا في نهاية عمري لا احزن كيف خاتمة اخرتي ولكني اتمنها شهادة مجاهد ثائر حر أبي ستذكرني الاجيال القادمة اني جاهدت الطليان بعزة الايمان وزرعت لهم بذرة الجهاد والاستشهاد ووصيتي اياكم واليأس والخذلان وبيع تراب وطنكم هذا وطن الاجيال القادمة فذهب بقائد المجاهدين والسلاسل في يديه ورجليه والجنود خلفه والمدرعات امامه يساق الى ساحة الاعدام ساحة الشرف والجهاد بعد جهاد طويل وعناء كبير آن الاوان لفارس الصحراء وأسد ليبيا وقاهر الطليان ومربى الاجيال وزعيم وعظيم بنغازي العتية من رفض الخنوع والذل للدول المحتلة حان ترجل الشهيد القائد والشجاع المغوار بعد عشرين عام من الجهاد حان له ان يرتاح فخلفه أقوام ستواصل مسيرته وتحرر ليبيا من الغزاة وهنا ترجل القائد عمر المختار شهيدا وعلى تراب بلدة العزيزة التي قاتل من اجلها سنوات عديدة فثار شعب ليبيا باكمله وحرر بلادة وظل عمر المختار أسمه مرتبط بليبيا فاذا ذكرت ليبيا ذكرت القائد عمر المختار حتي ان قائد جيوش ايطاليا رفع التحية العسكرية للقائد المخضرم والمحنك عمر المختار بعد سقوطه شهيدا وقال " كنت أزعم اني أسد الصحراء واليوم اقولها بكل صراحة أسد الصحراء وأسطورة الجهاد والحرب أبن الصحراء وفارسها المقدام القائد عمر المختار فسلام لك من جميع الاحرار في ذكرى استشهادك ونحن باخلاقك ومشروعك ماضون لنستعيد بلادنا من الصفويون احفادهم الايرانيون والعلمانيون وسنظل نردد هذا الشعار وسيبقي شعارنا دائما "نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت
ولانامت أعين الجبناء
2024/09/24 20:27:39
Back to Top
HTML Embed Code: