Telegram Web Link
ضع

فها

قوة.

أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين أجمعين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
🎤
خطبة.عيد.الأضحى.بعنوان.cc
ثـبات المـؤمن في أعاصـير الفتن
للشيخ/ ابراهيــم بن محمــد الحقيــل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله العلي العظيم
القوي المتين، جبار السموات والأرضين ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ [يونس: 3] ويقضي القضاء حلوه ومره؛ فيؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، نحمده على أفعال أحكمها، ونعمة أتمها، ونقمة دفعها، وشريعة أكملها، ونحمده على خلق أتقنه، وأمر قدره، وقضاء أنفذه، فلا ملك إلا ملكه، ولا أمر إلا أمره، ولا خلق إلا خلقه؛ يقضي فيهم بعلمه وحكمته، ويعاملهم بعدله ورحمته، وكل ما يقضي فهو خير للمؤمنين ولو بدا لهم غير ذلك؛ فأنه سبحانه يتردد في قبض روح المؤمن؛ لأن المؤمن يكره الموت، والله تعالى يكره مساءة المؤمن .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رب المشارق والمغارب، وخالق الإنسان مـن طين لازب، ومخرجه من بين الصلب والترائب؛ هو أرحم بعباده المؤمنين من أنفسهم، وهو أعلم بما يصلحهم، يخافون زوال نعمتهم، وتحول عافيتهم، ولا يدرون ما الخير في قضاء ربهم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ابتُلي بعظائم المصيبات، وكبائر المدلهمات، وتحزبت عليه الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11] والنبي صلى الله عليه وسلم ثابت لا يتزعزع، وواثق بوعد ربه سبحانه لا يتضعضع، ويعدهم في ذلكم الموقف بكنوز كسرى وقيصر حتى قال قائل المرضى والمنافقين ﴿ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12] فوقع وعد الله تعالى، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وخسئ أهل الكفر والنفاق، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر؛ وقف الحجاج له بالأمس يذكرونه ويدعونه، وصام ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يلتمسون ثوابه، وفي عشية الأمس رفعت أكف الملايين من الداعين يتحرون ساعة الجمعة في يوم عرفة، وهم بين صائم وواقف بعرفة، فيا لله العظيم ما أعظم عبودية الدعاء، وما أجمل الرجاء، وليسوا يدعون ولا يرجون إلا ربا كريما، جوادا عظيما، عفوا حليما، غفورا رحيما، عليما حكيما ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110] ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر، يسير إخوانكم الحجاج الآن إلى الجمرات بعد أن باتوا البارحة بمزدلفة، يسيرون في جموع غفيرة مهيبة يلبون ويكبرون، ولله تعالى يعظمون ويعبدون، ولفضله ومغفرته يرجون، ومن عذابه يشفقون، فاللهم أعطهم ما يرجون، وأمنهم مما يخافون، واقبل منا ومنهم ومن المسلمين أجمعين.

الله أكبر؛ تُقدم اليوم القرابين لله تعالى من هدي وأضاحٍ، فتذبح لله تعالى، ويذكر عليها اسمه، فما من عبادة في هذا اليوم أعظم من إنهار دماء القرابين؛ شكرا لله تعالى، وعبودية له، وتعظيما لشعائره ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36].

الله أكبر؛ يرمي الحجاج جمرة العقبة، ويحلقون رؤوسهم ويقصرون، ويحلون إحرامهم، وبالبيت يطوفون، ثم يعودون لمنى للمبيت بها ورمي الجمار يومي الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، والثالث عشر لمن تأخر، ثم يطوفون للوداع وينصرفون إلى أهليهم؛ فمنهم من يعود حين يعود وقد رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومنهم من يرجع بحج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومنهم من لم ينصرف من عرفة حتى قيل لهم: اذهبوا مغفورا لكم. فالله أكبر، ما أكرم ربنا، وما أوسع حلمه، وما أعظم مغفرته، وما أكثر عطاءه. والله أكبر؛ ما أعظمها من مناسك، وما أحسنها من شعائر، اشتدت مشقتها فكثر أجرها، وازدحم المؤمنون لنيل بركتها، فجاءوا من كل فج عميق؛ ليذكروا اسم الله في أيام معلومات. فالحمد لله الذي هدانا لديننا، والحمد لله الذي علمنا مناسكنا، والحمد لله الذي تولى جزاءنا، والكريم يجزي على قدر كرمه، وربنا ليس لكرمه حد، ولا يحصيه عدَّ، ولا تبلغه محمدة حامد، ولا ذكر ذاكر، فسبحان الله وبحمده زنة عرشه، ورضاء نفسه، وعدد خلقه، ومداد كلماته، والله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: يعيش المؤمن زمنا عصيبا تتفجر فيه الفتن، وتتوالى على المؤمنين المحن، القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، والمتمس
ك بإيمانه معرض لعظيم الابتلاء، وقد نجم النفاق، وقويت سطوة الكفار. يريدون تبديل شرع الله تعالى، وإخراج المسلمين من دينهم، مما يذكر بابتلاءات السابقين الذين كانوا يُنشرون بالمناشير، ويمشطون بأمشاط الحديد، وما يردهم ذلك عن دينهم.

لقد ضاقوا ذرعا بالإسلام، وضاقوا أكثر بدعوة الإمام محمد ابن عبد الوهاب، فحمَّلوها كل ما يجري في الأرض من عنف وبلاء ودماء، ولولا أنها دعوة حق، وأن الأمة حييت بها لما تكالب على رمييها أعداء الداخل وأعداء الخارج، ولما تآزرت على النيل منها أمم الكفر، وكتائب النفاق، وألوية البدعة.

إننا في زمن أضحى فيه الإيمان تهمة، وصار تجريد التوحيد لله تعالى جريمة، فيؤذى من يتمسك بإيمانه ويحقق توحيده، وودوا لو اجتثوا من الأرض المتطهرين، وأخلوها من المؤمنين الموحدين.

إننا في زمن تحول فيه الإيمان والتوحيد عند بعض الناس إلى سلع تباع وتشترى، ويساوم عليها، وهو الزمن الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم.

وبيع الدين ها هنا، لا يلزم منه السجود لصنم، أو الطواف بقبر، أو دعاء غير الله تعالى، وإنما يبيع دينه بموقف يتزين فيه لمخلوق، أو كلمة يرضيه بها، أو فعل يقربه منه، فيستوجب سخط الله تعالى.

يبيع دينه بكلمة باطل تؤجج الفتن، أو يستباح بها الدم، أو تجلب على الناس محنة، فيمتحن الناس بها، وقد جاء في الحديث «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» وفي رواية «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رواه البخاري.

فكم من كلمة أشعلت فتنة، أو سببت محنة؛ فهذه تسخط الله تعالى، وكم من كلمة أُخمدت بها فتنة، أو رُفعت بها محنة؛ فهذه ترضي الله تعالى ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191] وفي موضع آخر ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217] والفتنة التي هي أشد من القتل وأكبر منه هي فتنة الشرك، وقد يشرك العبد بكلمة؛ ولذا قال الله تعالى في الموضع الثاني عن الكفار ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217].

لقد رأينا في السنوات الأخيرة من تفاقم الفتن، وتتابع المحن، وتوالي الأحداث، وتبدل المواقف، واضطراب كثير من البلدان ما يصيب بالحيرة، ويعقد اللسان من شدة الدهشة، وهذا ما يزيدنا إيمانا بما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام من وقوع الفتن في آخر الزمان.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الفتن التي يكثر فيها بيع الدين إلى أمرين يحفظان على العبد إيمانه فلا يبذله ولا يبيعه ولا يتنازل عن شيء منه: وهما المبادرة بالعمل الصالح وتكثيفه وتكثيره، وإمساك اللسان عن قول باطل تكون به فتنة تهلك الناس، وتوبق صاحبها. كما في الحديثين السابقين.

فعلى من أراد النجاة من عواصف الفتن أن يجعل إيمانه أغلى شيء يملكه، وأن لا يتخلى عن شيء منه مهما وقع له، وأن يدرأ عن إيمانه العوادي ما استطاع، ولا يُحمِّل نفسه من البلاء ما لا يطيق؛ فإن عوفي شكر، وإن ابتلي صبر. مع التترس بكثرة العبادة؛ لأنها منجاة في الفتن، وتكرار الأدعية التي فيها الهداية للحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، وسؤال الله تعالى العفو والعافية؛ فإنه ما أعطي عبد شيئا أوسع من العافية. مع ضبط اللسان والقلم، فلا يحكي إلا صدقا، ولا ينطق إلا حقا، ولا يحكم إلا عدلا، فلا يروج إشاعة، ولا يثير فتنة، ولا ينشر ظلما، ولا يفتري كذبا «...وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».

وإذا تذكر العبد أنه لا منجاة له في الآخرة إلا بالإيمان؛ علم أهمية الإيمان فلم يفرط فيه لأجل شيء من الدنيا مهما عظم، وتحمل الأذى في سبيل إيمانه كما تحمله الصحابة رضي الله عنهم في أول الإسلام. ومن غرته دنياه خسر آخرته وهو لا يشعر. فعلى المؤمن أن يخاف على إيمانه أكثر من خوفه على نفسه وماله وأهله وولده، فكم من فاقد إيمان لا يدري أنه فقده؟

وأما دين الله تعالى فمنصور وإن رغمت أنوف الكفار والمنافقين، وإن تخلى عنه من تخلى عنه، أو استبدل به غيره، لكن لا يلزم أن يدرك كل المؤمنين وقت العز والنصر وإن كانوا شركاء فيه بثباتهم ودعو
ته

م وتقواهم وصبرهم، والله يجزل لهم أجرهم يوم القيامة كاملا؛ كما قال خباب بن الأرت رضي الله عنه: «هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ...» رواه البخاري. فمصعب رضي الله عنه من المؤمنين السابقين، ومن بناة النصر المبين لكنه لم يدرك النصر والفتوح.

وكم من أناس لا يثبتون في الفتن، ولا يطيقون صبرا على المحن؛ فينسلخون من دينهم، ويبيعون إيمانهم، ويبدلون انتماءهم، فأولئك ما آمنوا قناعة بالإيمان، وإنما لينالوا بإيمانهم عرضا من الدنيا، فهم مع المؤمنين في السراء، ومع أعدائهم في الضراء، نعوذ بالله من تقلب القلوب، وتبدل الأحوال «اللهُمَّ إِنِّا أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم...


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمده على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يحل الذبح على وجه التعبد إلا له، ولا يذكر على الذبيحة إلا اسمه «وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ»، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أما بعـــد: فاتقوا الله تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل الأيام عند الله تعالى، وأكثر أعمال الحجاج فيه، وتقربوا إليه بالضحايا، وطيبوا بها نفسا، وأخلصوا لله تعالى فيها؛ فإنها من أجل الشعائر ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162- 163].

والسنة أن يباشر ذبح أضحيته بيده، وأن يأكل منها ويهدي ويتصدق، ولا يبيع شيئا منها، ولا يعطي الجزار أجرته منها لا لحما ولا جلدا ولا غيره. ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، ولا يحل صوم يوم العيد ولا الأيام الثلاثة التالية له فكلها عيد، وكلها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، ومن طرأت عليه الأضحية اليوم أو خلال الأيام الثلاثة القادمة جاز له أن يضحي، ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خلال العشر.

واعلموا أن هذه الأيام أيام ذكر لله تعالى، وأخصه التكبير لعظمتها وكثرة الشعائر فيها ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيتها المرأة المسلمة: كما يُوصى الرجال بإحراز الإيمان والمحافظة عليه فكذلك توصى النساء به، وبزيادته بالعمل الصالح، وتحصينه بالذكر والدعاء؛ لأن أكثر ضحايا الفتن والحروب هم النساء والأطفال، فلتتحصن المؤمنة بالإيمان، ولتترس بالدعاء وصالح الأعمال لتثبت في كبريات الفتن، وتحتمل شدائد المحن، ولتربِّ أولادها على ذلك؛ إرضاء لله تعالى، وطلبا لمثوبته وجنته، قدوتها في ذلك الصحابيات اللائي تحملن شدة الأذى بسبب إيمانهن؛ كسمية أم عمار رضي الله عنهما؛ فإنها عذبت في إيمانها أشد العذاب، ثم قتلت على إيمانها فكانت أول شهيدة في الإسلام. وأما الدنيا بزخارفها فيرحل عنها الإنسان، وهي إلى زوال، فلا يبقى إلا الإيمان والعمل الصالح ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: افرحوا الفرح المشروع بالعيد، وأدخلوا الفرح على والديكم ببرهم، وعلى أرحامكم بصلتهم، وعلى جيرانكم بالإحسان إليهم، وعلى أهلكم وأولادكم باللهو المباح معهم؛ فإن اليوم يوم فرح وحبور للمؤمنين، واجتنبوا منكرات العيد؛ فإنها تنافي شكر الله تعالى على الهداية للإيمان والعمل الصالح، وكفران النعم يكون سببا في سلبها، وأكثروا من الدعاء لإخوانكم المنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها، وسلوا الله تعالى أن يكشف الغمة عن الأمة، وأن يبدل ذلها عزها، وتفرقها اجتماعا، و
خطبة عيد الأضحى 1438هـ
١٠/ ذو الحجـ⑫ــة/ ١٤٣٨هـ
01/ سبــ⑨ــتمبر/ 2017مـ

ولكن .. التحريش بينهم
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر... الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.. الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عدداً، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً، عنت الوجوه لعظمته، وخضعت الخلائق لقدرته، الله أكبر ما ذكره الذاكرون، والله أكبر ما هلل المهللون، وكبر المكبرون، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
الله أكبر عدد ما أحرم الحجاج من الميقات، وكلما لبى الملبون وزيد في الحسنات، الله أكبر عدد ما طاف الطائفون بالبيت الحرام وعظموا الحرمات، الله أكبر عدد من سُعى بين الصفا والمروة من المرات.. و الحمد لله عدد حجاج بيته المطهر، وله الحمد أعظم من ذلك وأكثر، الحمد لله على نعمه التي لا تحصر، والشكر له على آلائه التي لا تقدر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ملك فقهر، وتأذن بالزيادة لمن شكر، وتوعد بالعذاب من جحد وكفر، تفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده مقدر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، طاهر المظهر والمخبر، وأنصح من دعا إلى الله وبشر وأنذر، وأفضل من صلى وزكى وصام وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مديداً وأكثر. . . أما بعد :
أيها المؤمنون/عباد الله:- الأعياد في الإسلام، ميلاد جديد، وفرحة عارمة، وتآلف وتراحم وتزاور، وصلة للأرحام وتوسعة على الأهل والأقارب والجيران، وهي إلى جانب ذلك أيام شكر وعبادة لله الواحد الديان، تبدأ بالتكبير والحمد والثناء لله رب العالمين، فهنيئاً لكم عيدكم .. عيد الأضحى المبارك، الذي يأتي على هذه الأمة وهي مثخنة بالجراح والخلافات والنزاعات، ومع ذلك كله علينا أن نفرح ونُدخل البهجة والسرور على أرواحنا التي ذبلت من صراعات الحياة ومشاكلها، وأن نصنع من المحنة منحة، وذلك بثقتنا بالله وبأن أحوالنا ستتبدل إلى أحسن حال، وما ذلك على الله بعزيز، فقد مرت أمة الإسلام بأحوال وحوادث أشد مما هي عليه اليوم، وخرجت بإذن الله من محنتها وعادة إلى ربها ورسالتها وواجبها في هذه الحياة .
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،
لا إله إلا الله ، والله أكبر، ولله الحمد
فطُوبَى للذين صاموا وقاموا، طُوبَى للذين ضحَّوا وأعطَوْا، طُوبَى للذين كانوا مُستَغفِرين بالأسحار، مُنفِقين بالليل والنَّهار، ما أعظَمَ هذا الدِّين! وما أجمَلَ هذا الإسلام! يدعو الله - عزَّ وجلَّ - عبادَه لزيارة بيته الحرام، الذي جعَلَه مثابةً للناس وأمنًا؛ ليجمَعُوا أمرَهم، وليُوحِّدوا صفَّهم، ويشحَذُوا هممهم، وليقضوا تفَثَهم، وليطوَّفوا بالبيت العتيق، نفحات الله، ورحمات الله، ونظرات الله، كانت بالأمس القريب في أفضَلِ يوم، عرفات الله، يوم المناجاة، يوم المباهاة، يوم الذِّكر والدعاء، يوم الشكر والثَّناء، يوم النَّقاء والصَّفاء، يوم إذلال الشيطان الذي تكبر فأذله الله وأخزاه
عبــاد الله: وإن كان لنا من وقفة في هذا اليوم فإنها مع الحبيب المصطفي-صلى الله عليه وسلم-وهو يوجه الأمة ويحذرها من أسباب الضياع والتيه، لنأخذ سبباً من هذه الأسباب التي دمرت أمة الإسلام وعصفت بها وأخرتها عن ركب الأمم وأغرقتها في كثير من المشاكل والصراعات والخلافات، ثم نبحث عن الحلول والمخرج من ذلك.
فقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه خطيباً في حجة الوداع في مثل هذه الأيام من ايام الحج فتكلم في خطبة عظيمة عن الكثير من الأمور التي تهم المسلم في دينه ودنياه وآخرته فكانت هذه التعاليم بمثابة خطة العمل ودستور الحياة لأمته لتستأنف الحياة من جديد من بعده والتي تضمن لها الحياة الطيبة والراحة النفسية والتمكين في الأرض فكان مما قاله: " أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه أبداً، ولكنه إن يُطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم".
و عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم" رواه مسلم في "صحيحه" (2812)
والتحريش في أمة الإسلام اليوم والذي عمل من أجله شياطين الأنس والجن، يظهر في أكثر من جانب، السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي والديني، و إن من أكبر مظاهر التحريش التي ابتليت بها هذه الأمة واستسلمت لها وفتكت في سواعد قواها، وأطاحت برايات مجدها، الاختلاف والتفرق، والعصبية المقيته والتنازع على توافه الأمور والتخاصم والفجور في الخصومة وفساد ذات البين على مستوى الأسرة والقبيلة والمجتمع والدول والأوطان.. وبالتالي ضعفت هذه الأمة وخارت قواها وتشتت جهودها وتعرضت للنكسات والهزائم وتوقف الإبداع والتطور والإزدهار الحضاري وصدق الله عز وجل إذ يقول (يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ
م أيام الفرح، وسقاكم سلسبيل الحب والإخاء. ولا أراكم في يوم عيدكم ولا بعده مكروهاً... ألا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم اجمع شمل المسلمين، ولم شعثهم، وألف بين قلوبهم واحقن دمائهم.. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين.. اللهم تقبل من حجاج بيتك أعمالهم وردهم إلى بلادهم سالمين غانمين واغفر لنا ولهم أجمعين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ)[الأنفال:45، 46].. إن التنازع مفسد للبيوت والأسر، مهلك للشعوب والأمم، سافك للدماء، مبدد للثروات.. نعم (وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ)[الأنفال:46].
بالخصومات والمشاحنات تنتهك حرمات الدين، ويعم الشر القريب والبعيد. ومن أجل ذلك سمى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فساد ذات البين بالحالقة، فهي لا تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين فمن خطورتها أنها تَذهب بدين المرء وخلقه وأمانته.. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ)(صحيح: رواه أبو داود (4919)، والترمذي (2509) ويروى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ)(حسن لغيره، انظر: «صحيح التَّرغيب والتَّرهيب» (3/44/تحت رقم 2814) و«غاية المرام»(414) .. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)(سنن الترمذي: (2434) قال الألباني:(حسن) التعليق الرغيب (3/12)، الإرواء (238).
أيها المؤمنون: عودوا إلى الله وثقوا به وأحسنوا الظن به، فإن بعد العسر يسرا.. وإن بعد الشدة فرجاً ومخرجاً، وإن بعد الفرقة والشتات والحروب والصراعات تآلف ومحبة وأخوة، وإن غلبة أعداء الأمة وسيطرتهم على مقدراتها ومقدساتها إلى زوال، فلا يمكن للبغي أن يستمر ولا للظلم أن يسود، فقد مرت هذه الأمة بفترات أشد وأعتى مما هي عليه اليوم وتجاوزت ذلك برجوعها إلى الله.
فثقوا بالله واحسنوا الظن به وتوكلوا عليه تصلح أحوالكم وتطيب نفوسكم وقدموا بين يدي ربكم عبادة خالصة وعمل صالح وخلق حسن وسلوك سوي.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ..

الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد... الحمد لله ......
عبـــاد الله: ألا فليقم كل من ضحى إلى أضحيته فله عند الله أجر عظيم وأطعموا منها البائس والفقير والمحروم وتفقدوا أحوال الضعفاء والأيتام والمساكين وأدخلوا عليهم البهجة والفرح والسرور، واعلموا أن مشروعية ذبح الأضاحي من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس يوم الثالث عشر، وهو آخر أيام التشريق، ولا تجزئ الأضحية لمن ذبحها قبل صلاة العيد؛ ومن لم يضحي لضيق العيش والحاجة فلا يبتئس ولا يحزن فقد ضحى عنه وغيره من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً من الزمان.. ولْيَحْذَرْ مَن أراد أن يُضحّيَ من العُيوب التي تمْنَع الإجْزاء، فلا تُجْزِئُ العوْراء البيّن عَوَرُها، ولا المريضة البيّن مرضها، ولا العرْجاء التي لا تُطِيق المشْيَ مع الصِّحاح، ولا الهزيلة التي لا مُخّ فيها. ولا يُجْزئ مِن الإبل إلا مَا لَهُ خمسُ سِنين، ومِن البقر إلا ما لَهُ سنتان، ومِن المعز إلا ما تمّ لَهُ سَنة، ولا مِن الضّأن إلا ما تمّ لَهُ نِصفُ سَنَة. ومِن فضْلِ الله على عباده أن يَسَّرَ لهم في الأضاحي، حيثُ تُجْزِئُ الشّاةُ الواحدة عن الرجلِ وأهل بَيْته، والثنية من الأبل عنْ سَبعة، والبقرةُ عنْ سَبعة.
عِبَادَ اللَّهِ:يَجْتَمِعُ الْيَوْمَ عِيدُ الْأَضْحَى وَصَلاَةُ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ صَلَّى الْعِيدَ أَنَّ لَا يُصَلِّيَ الْجُمُعةَ، وَلَكِنْ صَلاَةُ الْجُمُعةِ أفْضَل؛ فَإِذَا تَيَسَّرَ لَكَ فَصْلَهُمَا فَإِنَّهُمَا مَشْهَدَانِ عَظِيمَانِ مُبَارَكَانِ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمعةَ فَإِنَّه يُصَلِّي ظُهْرًا، وَلَا تُفْتَحُ الْمَسَاجِدُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا تُفْتَحُ لِصَلاَةِ الْجُمُعةِ فَقَط، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعةَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ظُهْرًا جَمَاعَةً أو نحوِ ذَلكَ.
واذكروا الله كما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ وجددوا إيمانكم وحسنوا أخلاقكم واحفظوا دمائكم واجتنبوا الفتن وحافظوا على صلاتكم وسائر عباداتكم وأمروا بالمعروف وانهو عن المنكر وقولوا كلمة الحق واعملوا على ازدهار أوطانكم وتطور مجتمعاتكم وأخلصوا في أعمالكم تفوزوا برضا ربكم.. فهنيئاً لكم بالعيد يا أهل العيد، وأدام الله عليك
هذا انه لو صح هذا لسقطت الجمعة من أساسها ودخلت في العيد والحنابلة لا يقولون بذلك بل يوجبون الظهر, ثم أنهما ليسا من جنس واحد فالعيد سنة والجمعة فرض. وقياسهم بسقوط الوضوء بالغسل معكوس لأن الغسل أعم من الوضوء وأشمل فيسقطه, ولكن هل يقول أحد من الفقهاء: أن الوضوء يسقط الغسل ؟ 
2- قالوا: أنه بصلاة العيد يحصل مقصود الجمعة من الخطبة والاجتماع.
والجواب: لو صح هذا لترك النبي  صلاة الجمعة وما صلاها. بل الثابت أن 
المقصود حصول الصلاتين معاً الجمعة والعيد. كما أن في الجمعة أموراً ليست في العيد كما سيأتي في المرجحات.
3- قالوا: أن في إيجاب صلاة الجمعة تضييقاً على الناس . والجواب : أن هذا يصدق على أهل البوادي المنتقلين إلى المدينة أما أهل البلد وبالذات في عصرنا فالمشقة منتفية , كيف وبعض الناس هم جيران للمسجد , والجوامع منتشرة في كل مكان.
4- قالوا: أن فعل عثمان إنما هو اجتهاد منه. والجواب : ينبغي أن يقال وكذلك فعل ابن الزبير اجتهاد منه فمن أولى بالتقديم؟ أليس فعل عثمان أولى بالاتباع مع موافقته لظاهر الكتاب والسنة, أضف إلى أنه أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بإتباع سنتهم ؟
إذا عرفت هذه الأجوبة مع ما تقدم من أدلة الموجبين للجمعة يوم العيد حصل عندك العلم – إن شاء الله – بأنه لا ينبغي التساهل والتفريط في حضور الجمعة بحجة حصول خلاف لأهل العلم في ذلك , لأنك مأمور بإتباع الكتاب والسنة وقد عرفت ما فيهما , ثم نزيدك بياناُ برجحان قول الشافعية بما يلي:
1- أن العمل بهذا القول أسلم وأحوط للدين وفيه الموافقة للسنة العملية وفيه خروج من خلاف من أوجب الجمعة إذا وافقت عيداً.
2- أتفاق أهل العلم عل شهود الجمعة وجوباً أو استحبابا, فغير خافٍ أن في حضور الجمعة خيراً كثيراً ومن ذلك حيازة الفضل في التبكير إليها وصلاة النافلة قبلها والقراءة والذكر وكونها أفضل من الظهر وكون خطبة الجمعة آكد من خطبة العيد.
3- أن في هذا القول جمعاً بين الآثار كلها فتحمل الرخصة على أهل القرى والبوادي ويحمل وجوب الجمعة على أهل البلد الذين يسمعون النداء.
4- أنه لم يعهد في شيء من الأمور الشرعية أن يرخص فيه للناس دون سبب وإنما تناط الرخص بحصول المشقة وتشرع تخفيفاً للناس وهذا لا يوجد في أهل البلد.
5- قد يؤدي القول بسقوط الجمعة إلى التمادي في ذلك إلى أن يأتي يوم لا يعرف فيه الناس الجمعة في يوم العيد فتترك شعيرة من شعائر الإسلام.
6- أن القول بسقوط حضور الجمعة يؤدي إلى التهاون في أداء الظهر فمن الناس من ينام إلى العصر , ومنهم من يصليها آخر الوقت , وربما اشتغل عنها باللعب واللهو بل ربما لم يصلها أصلاً كما حصل ذلك في الواقع. وكل هذا لا يرضاه الشرع .
7- وجود وسائل النقل المريحة في عصرنا الحاضر وانتشار الجوامع وتعدد إقامة الجمعة , وفي غيلنا المحروسة تقام أكثر من عشر جمع – والبقية تأتي – وكل ذلك يسهل حضور الجمعة وينفي المشقة .
منقول
إن كانت منقطعة فإنه يستأنس بها في تأييد قول عثمان وأنه لم يقله اجتهادا من عنده, لأن الإذن في ترك شهود الجمعة وانتقالها ظهراً لا يكون إلا عن توقيف.
والإذن لأهل العوالي ظاهر العلة , فإن هؤلاء يأتون من أماكن بعيدة لصلاة العيد ويشق عليهم أن يرجعوا مرة أخرى لصلاة الجمعة فرخص لهم , وهذا يتوافق مع قواعد الشريعة في الرخصة والتخفيف عند المشقة , أما أهل البلد فلا مشقة عليهم أن يصلوا الجمعة كما صلوا العيد.
وها نحن نذكر ما استدل به من يقول بسقوط الجمعة عمن صلى العيد والجواب عليها:
الدليل الأول : حديث أبي هريرة  عن رسول الله  قال  قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزاه عن الجمعة وإنا مجمعون ) رواه أبو داود .
والجواب من وجوه :
1- أن هذا الحديث في إسناده بقية بن الوليد وقد تفرد به عن شعبة. قال الإمام أحمد : من أين جاء بهذا ؟ كأنه يعجب من . وقال الدار قطني : هذا حديث غريب .
2- مع التسليم بصحة الحديث فإنه يحمل على غير أهل البلد لعلة المشقة.
3- قوله  ( إنا مجمعون ) فيه إشارة إلى أهل المدينة, لأنه  ما كان ليجمع إلا بأهل المدينة وليس لنفسه لأن الجمعة لا تصح من واحد. فالظاهر أن الذين صلى بهم رسول الله  الجمعة هم الذين صلوا معه العيد, وليس بأناس لم يشهدوا العيد, ولا يظن بالصحابة إلا أنهم كانوا يحضرون صلاة العيد, كيف وهم الذين يحضرون نساءهم إلى المصلى حتى الحيض.
4- أن مقتضى الجمع مع الآثار السابقة أن تحمل الرخصة في الحديث على من هم خارج المدينة قال ابن عبد البر في (( التمهيد )) :  في ذلك دليل على أن فرض الجمعة والظهر لازم وأن الرخصة إنما أريد بها من لم تجب عليه الجمعة ممن شهد العيد من أهل البوادي .
الدليل الثاني : حديث إياس بن أبي رملة الشامي قال :  شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم , قال : أشهدت مع رسول الله  عيدين اجتمعا في يوم؟ قال نعم , قال : فكيف صنع ؟ قال : صلى العيد ثم رخص في الجمعة , فقال : ( فمن شاء أن يصل فليصل ) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
والجواب فيما يلي :
1- أن إياس بن أبي رمله مجهول , كما في التقريب , وقد تفرد به فيكون الحديث منكراً قال ابن المنذر :  لا يثبت هذا الحديث فإن إياساً مجهول ). وقال ابن خزيمة ( لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة ولا جرح.
2- على قول من يصححه فإنه محمول على أهل العوالي كما تقدم.
الدليل الثالث : حديث ابن عمر قال  اجتمع عيدان على عهد رسول الله  فصلى بالناس ثم قال  من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها , ومن شاء أن يتخلف فليتخلف  رواه ابن ماجه.
الجواب : 
1- الحديث ضعيف فيه جبارة بن المغلس ومندل بن علي وهما ضعيفان , وقد ضعفه البوصيري في الزوائد.
والخلاصة أن هذه الأحاديث لم تسلم من مقال في أسانيدها ولو صحت فإن متونها محمولة على أن الرخصة لأهل العوالي.
قال الطحاوي في " مشكل الآثار " :  أن المرادين بالرخصة في ترك الجمعة ف يهذين الحديثين هم أهل العوالي الذين منازلهم خارجة عن المدينة ممن ليست الجمعة عليهم واجبة ) . وقال ابن عبد البر:  وإذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه.
الدليل الرابع : ما رواه النسائي عن وهب بن كيسان قال : اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يومئذ الجمعة فذكر ذلك لابن عباس فقال : أصاب السنة ورواه أبو داود من حديث عطاء بن أبي رباح 
الجواب عليه :
1- قال ابن عبد البر : ( هذا الحديث اضطرب في إسناده ) 1 هـ . وفيه اضطراب في المتن أيضاً فالرواية هنا ( أنه خرج حتى تعالى النهار ) وفي بعضها ( صلاها ركعتين بكره ) وفي رواية ( صلى أول النهار ) 
2- أنه إذا صح هذا الأثر ففعل النبي  مقدم على فعل ابن الزبير بلا أدنى شك ولا ريب , فإنه  لم يترك الجمعة بل كان يصلي بالناس الجمعة كما يصلي بهم العيد فأي الدليلين أحق بالإتباع ؟ وأما قول ابن عباس ( أصاب السنة ) فمعارض بفعل الخليفة الراشد عثمان  فإنه أقام الجمعة ولم يرخص إلا لأهل العوالي ثم نقول : أليس من صلى العيد ثم صلى الجمعة أصاب السنة لأنه جاء بما فعله نبيه  , وأنه أحق بإصابة السنة ممن ترك الجمعة وصلاها ظهراً ؟
3- لا دليل في الأثر – لمن تأمله – على القول بترك الجمعة , لان ابن الزبير كما هو صريح خطب ثم صلى , وهذه إن كانت صلاة العيد فقد خالف السنة لان الخطبة بعد الصلاة , فالأقرب ما ذهب إليه بعض أهل العلم كالخطابي أن ابن الزبير صلى بهم الجمعة على قول من يرى صحتها قبل الزوال . فالأولى بمن يستدل بهذا الأثر أن يقول بسقوط العيد وصلاة الجمعة بدلاً عنها ولا قائل بذلك فيما نعلم.
4- لو أخذنا بظاهر الأثر وأنها صلاة عيد لكان فيه إسقاط الجمعة والظهر معاً بصلاة العيد , وهذا مخالف للإجماع.
الدليل الخامس: استدلوا من جهة النظر بما يلي :
1- إن اجتماع عبادتين من جنس واحد يدخل أحدهما في الأخرى كما يدخل الوضوء في الغسل. والجواب عن
صلاة العيد والجمعة إذا اجتمعا في يوم واحد

اعلم أيها المسلم الحريص على إقامة فرائضه أن هذه المسألة في غاية الأهمية لأنها تتعلق بإقامة فريضة من فرائض الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الدين.
وتبرز الحاجة إلى هذه المسألة في عامنا هذا ١٤٣٨ هـ ) لموافقة يوم عيد الأضحى ليوم الجمعة , فإنه قد حصل شيء من الخلاف بين أهل العلم فيما لو وافق يوم العيد يوم جمعة , حيث تجتمع عبادتان ’ الأولى : صلاة العيد وهي سنة مؤكدة أو فرض كفاية عند البعض أو فرض عين عند البعض الآخر , والثانية : صلاة الجمعة وهي فرض عين عند جميع المسلمين , فهل يسقط وجوب حضور الجمعة يوم العيد؟.
خلاصة ما وقع في المسألة المذكورة ثلاثة أقوال, وقول رابع مهجور متروك كما قال ابن عبد البر.
وأول هذه الأقوال : أن من شهد العيد من أهل البلد يجب عليه شهود الجمعة ويرخص لأهل القرى النائية والبوادي إذا صلوا العيد أن يتركوا الجمعة ويرجعوا إلى قراهم ويصلونها ظهراً. وهذا قول الشافعية ورواية عن مالك وأحمد.
والثاني: أن الجمعة تجب على من شهد العيد ولا يرخص لأحد في تركها والصلاة ظهراً لا من أهل البلد ولا من أهل القرى والبوادي, وهذا قول المالكية والحنفية ورواية عن أحمد واختاره ابن حزم وابن المنذر وابن عبد البر.
الثالث : أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة ويصلي ظهراً, لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من لم يشهد العيد أو من شاء ممن صلى العيد وهذا مذهب الحنابلة وأختاره ابن تيمية
الرابع: أن من صلى العيد يرخص له ترك الجمعة والظهر معاً, ولا يصلي إلا العصر, وهو قول عطاء.
وهذا القول الرابع كما أسلفنا متروك مهجور لإجماع العلماء على أن الواجب على المكلف الجمعة أو الظهر . قال ابن عبد البر في (التمهيد): ( الأصول كلها تشهد بفساد هذا القول).
ولهذا لن نقف عند هذا القول لعدم من يقول به الآن , فتبقى ثلاثة أقوال , الصحيح منها القول الأول وهو قول وسط بين من يوجب الجمعة على الجميع أهل البلد ومن خارجه وبين من يسقطها عن الجميع ويبدلها ظهراً وهذا القول الوسط هو الذي مضى عليه العمل في هذه البلاد , وإليك الأدلة التي استند إليها أصحابه : 
1- من الكتاب قوله تعالى ( ياأيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) والخطاب عام لكل من سمع النداء أو كان قريباً من محل إقامة الجمعة كما إن الآية شاملة لكل أيام الجمعة ولو صادفت عيداً.
2- من السنة أحاديث وجوب الجمعة وهي كثيرة ومنها حديث حفصة  أن النبي  قال ( رواح الجمعة واجب على كل محتلم ) رواه أبو داود والنسائي.
3- إجماع العلماء على أن صلاة الجمعة فرض عين.
فيتبين من هذا أن الأصل وجوب الجمعة على المكلف إلا ما استثنى شرعاً كما في حديث طارق بن شهاب  أن النبي  قال  الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض  رواه أبو داود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . واستثني أيضاً المسافر فلا تجب عليه جمعة لأن النبي  كان يسافر ولا يقيم الجمعة بل يصلي ظهراً.
إذا عرفت هذا علمت أن الأصل إقامة الجمعة يوم العيد كغيره – على من وجبت عليه – وهذا ما ورد في السنة من فعله  إذا اجتمعا في يوم واحد. فعن النعمان بن بشير  قال كان رسول الله يقرأ في العيدين وفي الجمعة ( بسبح أسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) قال ( وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضا في الصلاتين  رواه مسلم فهذا حديث صحيح صريح أنه  كان يصلي العيد والجمعة معاً إذا اجتمعا في يوم واحد.
ثم جاء ما يدل على أن الآتي من القرى النائية إذا حضر العيد فإنه يجزئه ذلك عن حضور الجمعة , وله أن يرجع إلى مكانه ويصلي ظهراً . ففي صحيح البخاري عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه قال  شهدت مع عثمان بن عفان – أي يوم العيد – فكان ذلك يوم الجمعة فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال : ياأيها الناس إن هذا يوم قد أجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر, ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له  وفي مصنف ابن أبي شيبة والحميدي  فمن كان هاهنا من أهل العوالي فقد أذنا له , فإن شاء أن يرجع فليرجع ومن أحب أن يمكث فليمكث بين هذا الأثر أن عثمان  رخص لأهل العوالي في الرجوع, وقد قاله عثمان في محضر الصحابة ولم ينكر عليه أحد فأشبه اتفاقهم على ذلك.
وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال : أخبرني بعض أهل المدينة عن غير واحد منهم أن النبي  اجتمع في زمانه يوم جمعة ويوم فطر أو يوم جمعة وأضحى فصلى بالناس العيد الأول ثم خطب فأذن للأنصار في الرجوع إلى العوالي وترك الجمعة فلم يزل الأمر على ذلك قال : وحدثت عن عمر بن عبد العزيز وعن أبي صالح الزيات أن النبي  أجتمع في زمانه يوم جمعة ويوم فطر فقال : إن هذا اليوم قد اجتمع فيه عيدان . فمن أحب فلينقلب ومن أحب أن ينتظر فلينتظر .
وفي سنن البيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال اجتمع عيدان على عهد النبي  فقال من أحب أن يجلس من أهل العالية فيجلس من غير حرج  
وهذه الأحاديث و

« مَن فَاتَهُ فِي هَذا العَامِ القِيَامُ بعَرفَةِ ؛ فَليقُم للهِ بحَقِّهِ الَّذِي عرَفَهُ ،

ومَن عَجَزَ عَنِ المَبيتِ بمُزدَلِفَةِ ؛ فَليَبُت عَزمَهُ عَلى طَاعةِ اللهِ وقد قَرَّبَهُ وأزلَفَهُ ،

ومَن لَم يُمكِنهُ القِيَامُ بأرجَاءِ الخَيفِ ؛ فَليقُم للهِ بحَقِّ الرَّجاءِ والخَوفِ ،

ومَن لَم يَقدِر عَلى نَحرِ هَديهِ بمِنى ؛ فَليَذبَح هَواهُ هُنا وقَد بَلَغَ المُنَى ،

ومَن لَم يَصِل إلى البَيتِ لأنَّهُ مِنهُ بَعِيدٌ ؛ فَليَقصِد ربَّ البَيتِ ؛ فَإنَّه أقربُ إلى مَن دَعَاهُ ورَجَاهُ مِن حَبلِ الوَرِيدِ.

يَا هِمَمَ العَارفِينَ بغيرِ اللهِ لا تَقنَعِي ، يَا عَزائِمَ النَّاسكِينَ لجَمِيعِ أنسَاكِ السَّالكِين اجمَعِي ، لِحُبِّ مولاكِ أفرِدِي ، وبينَ خوفِه ورجَائِه اقرُنِي ، وبذكرِهِ تَمتَّعِي ،

يا أسرَارَ المُحبِّينَ بكعَبةِ الحُبِّ طُوفِي واركَعِي ، وبينَ صفَاءِ الصَّفَا ومَروَةِ المَروةِ اسعِي واسرِعي ،

وفِي عَرفَاتِ العُرفانِ قِفي وتَضَرَّعي ، ثُمَّ إلى مُزدَلِفةِ الزُّلفى فادفَعِي ، ثُمَّ إلى مِنَى نَيلِ المُنَى فارجِعِي ، فإذَا قُرَّبُوا القَرَابِينَ فَقرِّبِي الأروَاحَ ولا تَمنَعِي ،

لَقد وَضَحَ اليَوم الطَّريقَ ، ولَكِن قلَّ السَّالِكُ على التَّحقيقِ وكَثُرَ المُدَّعِي ».

ابنُ رَجَب - رَحِمَهُ اللَّـهُ -.
[ لطَائِفُ المَعَارِف || ٤٩٩ ]
‏يبدأ التكبير المقيد بعد صلاة فجر يوم عرفة وينتهي بعد صلاة عصر آخر أيام الـتـشـريـق الـ ١٣، وأصح الصيغ (الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً)


💎 دُرَر الطَّريفِي 💎

يَا مُدرِكَ العَشرِ قَد أدرَكتَ مَكرَمَةً ،
تَترَا فَضَائِلُهَا كالمُزنِ مَهطُولَا ..

فَاخطُب مَآثِرَهَا الحُسنَا بِمَهرِ تُقَىٰ ،
ولا تَكُن عَن بَنَاتِ الحُسنِ مَشغُولَا ..

وَجِدَّ فِي السَّيرِ لِلعَليَاءِ مُقتَفِيًا ،
قَومًا كِرَامًا وأسيَادًا بَهَالِيلَا ..

وَرَوِّ نَفسَكَ خَيرَ الزَّادِ إنَّ غدًا ،
تَلقَىٰ ثَوَابَكَ عِندَ اللهِ مَكفُولَا ..
🎤
خـطـبــة.عـيـــد.الاضـحـــى.cc
من افضل خطب العيد لهذا العام 1438هـ
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــــة.الاولــــى.cc
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .. الحمد لله كثيرا .. وسبحان الله بكرة وأصيلا ..

الحمد لله الذي انفرد بالقهر والاستيلاء .. واستأثر بالحياة والبقاء .. وجعل الفرحة شعار الرحماء .. وتوعد بالانتقام من الأعداء .. الحمد الله الذي أكمل دينه .. وأتم نِعمته .. ورضي لنا الإسلام دينا. نحمده تعالى حمدا يليق بكماله وجلاله .. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله .. أنزل الله عليه كتابا مبينا .. وهداه صراطا مستقيما .. فأزال بنور الكتاب حيرة الحائرين .. وأرشدهم إلى طريق النجاة من العذاب المبين. اللهم صلي عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره من يومنا هذا إلى يوم الدين.

الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! .... الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

عــــباد اللــــه :
اتقوا الله تعالى حق التقوى وراقبوه بالسر والنجوى وامتثلوا أوامره في الشدة والرخاء ، وآمنوا برسالة نبيه المصطفى . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}

أيها المسلمون : هنيئا لكم يوم
عيدكم هذا عيد الأضحى المبارك
هذا اليوم العظيم هو يوم الحجِّ الأكبر، وهو أفضل أيام السَّنة، وهو أكبر العيدين وأفضلُهما، وهو خاتمة أفضل عشرٍ في العام، وهو الوسط بين أيام العشر وأيام التشريق، وكلُّها أيام ذِكرٍ وتكبير؛ ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، هي أيام العشر؛ ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، هي أيام التشريق، وهي أيام أكْلٍ وشربٍ وذِكرٍ لله - تعالى - كما جاء في الحديث، فما أعظمَ فضلَ الله - تعالى - علينا! وما أشدَّ رحمتَه بنا! إذ هدانا إلى ما يقرِّبنا إليه، فله الحمد دائمًا وأبدًا.

عــــباد اللــــه :
هذا يوم فرح وسرور, فالسنة إظهار الفرح, وإدخاله على الغير, واجتناب المعاصي والشكر لله فبالشكر تدوم النعم, وبالكفران تزول النعم, فأحسنوا إلى أنفسكم, ووسعوا على أولادكم وأزواجكم.

اليومُ - يا عـــباد الله :
يومُ الذِّكر والشكر، وهو يوم الذبح والنحر؛ قال تعالى :﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وأكثرُ أعمال الحجاج تكون في هذا اليوم، فيرمون فيه جمارَهم، ويتقرَّبون بهديهم، ويحلقون رؤوسهم، ويُحلِّون من إحرامهم، وفيه رُكنا الحجِّ: الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة؛ قال تعالى :﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ ﴾ [الحج: 29].

وفيه هذه الصلاة العظيمة لأهل الأمصار، وبعدها تتقرَّبون لله - تعالى - بضحاياكم، وهي من ربِّكم وإليه،،،، تشترونها مما رزقكم الله - تعالى - وتذبحونها على اسمه، وقربانًا له - عز وجل - وتنتفعون بلحمها، وتؤجرون على نَسْكِها؛ قال تعالى ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [الحج: 37]، وعن البَرَاءِ - رضي الله عنه - قال: خَطَبَنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -يوم النَّحْرِ، فقال: ((إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا))؛ متفق عليه.

أيها الاخوة المؤمنون :
إن هذا العيد من شعائر الإسلام العظيمة ، و سنن الدين القويمة ، شرع الله فيه هذه الصلاة لنجتمع بقلوبنا و أجسادنا ، و نتعاطف و نتراحم و نتسامح و نتصافح ،و تظهر الأخوة الإسلامية على حقيقتها ،وشرع فيه الأضحية لنوسع فيها على العيال ،و ندخل الفرح على النساء و الأطفال ،ونتصدق منها على الفقراء والسُّؤَّال ،وبهذا يشترك المسلمون كلهم في هذا اليوم في السرور، و يتقارب الأغنياء و الفقراء بالرحمة ، و تتواصل أرواحهم و أجسادهم بالأخوة و المحبة ، و يتذكرون جميعا ما أتى به الدين الحنيف من خير و معروف و إحسان ،

ها نحن ـ أيها الأحبة الكرام ـ
نجتمع في هذا اليوم يوم العيد، نجتمع في هذا المكان المبارك إخوة متحابين، لا فضل لأحد فينا على أخيه إلا بالتقوى والعمل الصالح..

وإن من حكم العيد ومنافعه ا
لعظمى، التواصل بين المسلمين، والتزاور، وتقارب القلوب، وارتفاع الوحشة، وانطفاء نار الأحقاد والضغائن ، فالعيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب، وإزالة الشوائب عن النفوس، وتنقية الخواطر مما علق بها من بغضاء أو شحناء ، فلنغتنم هذه الفرصة ولتجدد المحبة ، وتحل المسامحة والعفو محل العتب والهجران مع جميع الأقارب والأصدقاء والجيران ،ولنتذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا ) رواه مسلم وكما ذكر سبحانه أن المتقين من عباده ، هم الذين أعدت لهم جنات النعيم ، عرضها السموات والأرض وذكر من صفاتهم : {الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } آل عمران: 134. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كظم غيظا وهو يقدر أن ينفذه ، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، حتى يخيره في أي الحور شاء ). أخرجه الترمذي . وحسنه الألباني .

أيها المسلمون: لقد اهتم الإسلام بالنظام للمجتمع المسلم، فدعا إلى التنظيم الجماعي لتعارف الناس بعضهم ببعض وجعله مبيناً على الإيمان بالله ، يقول الله تعالى (( إنما المؤمنون إخوة )) وجعله مبنياً على التراحم والتعاون بين المسلمين : ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وبناه على التعاون بين المسلمين قال تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ))
وليعرف المسلم حقوق إخوانه المسلمين والتعرف على الشعوب والقبائل للتعارف لا للتفاخر والتناكر .

أيــها المسلمـــون :
إن الإسلام دين رحمة وتسامح ونبذ للشدة والعنف بجميع صوره ، فالرحمة من صفات محمد صلى الله عليه وسلم (( وما أرسلناك إلى رحمة للعالمين )) وظهرت آثار هذه الرحمة في أحكام هذه الشريعة وتعاليمها في العبادات والمعاملات والأخلاق والسلوك ففي باب العبادات (( لا يكلف الله نفساً إلى وسعها )) وفي باب المعاملات : (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى ) وفي الأخلاق والسلوك حث على الرحمة : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ودعا إلى الرفق واللين ، وأن الرفق ما وضع في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه . فدعا إلى رحمة الأبوين ورحمة الصغار والأيتام والأرامل والعجزة والعمال، ورحمة الجيران، والتراحم بين الزوجين ، والتراحم بين الأرحام ، ورحمة المعسر والتيسير عليه .

ونهى عن شدة العنف واللعان والسباب والشتام والشحناء والعداوة ،،، فرحمة الإسلام رحمة تشمل البر والفاجر والمسلم والكافر ، وقلب المسلم قلب رحيم يمتلئ بالمحبة والإخاء ولا يوجد فيها محل للبغض والعداوة .

هكذا أيها المسلمون :
ومن رحمة الإسلام أن حرم سفك دماء المسلمين بغير حق ، يقول الله جل وعلا (( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون )) [الأنعام/151] (( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق )) [الإسراء/33] ويقول جل وعلا (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )) [النساء/93] وفي الحديث : ( كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه )

أيها المسلمون: اصنعوا جمال العيد في أسركم ومجتمعاتكم، ولنحسن للناس بأخلاقنا وتعاملنا .. فالإحسان إلى الناس من أعظم أسباب السعادة وأسرارها، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى به، وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال عليه الصلاة والسلام: « إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ » وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا». رواه البخاري وصحيح مسلم. .... وقال بعض السلف: إنه لتكون بيني وبين الرجل خصومة، فيلقاني فيسلم علي؛ فيلين له قلبي.

عـــباد اللـــه :
حاولوا أن تخففوا النكبات عن الآخرين ، وأن تدعو لهم، ولا تزدروا أو تحتقروا الكلمة التي يمكن أن تقولها لمكلوم أو مكروب أو مصاب ؛ فإن الكلمة الطيبة صدقة، قال صلى الله عليه وسلم: « السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ».

كذلك طلاقة الوجه والبِشر والعفوية، والتماس العذر للناس ، فإن أعقل الناس أعذرهم للناس ، فلا تبحث عن سلبيات الآخرين، واتهم نفسك قبل أن تتهم غيرك، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) ، أعط من حرمك، واعف عمن ظلمك، وصل من قطعك، وابذل نَداك، وكُفَّ أذاك، وتعاهد من وصلته بمعروف الأمس بمعروف اليوم. )

عـــباد اللـــه :
إن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، فأشْرِكُوا معكم في فرحتكم ذوي الحاجات والمساكين
،

{وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً ، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}.

واعلموا ابها الاخوة :
ان العيد فرصة لتعميق الأخوة التي أمرنا الله بها قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الحجرات10،، والعمل على إصلاح ذات البين مرتبط بهذه الاخوة قال تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10 ،، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( وفساد ذات البين هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين كما تحلق الموس الشعر ) .

كما ان العيد فرصة للتحلي بحسن الخلق والمعاملات : ففي حسن الخلق قال تعالى : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4
وقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن البر والإثم فقال : ( البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء) رواه الترمذي ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، وإن من أبغضكم إليّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ، قالوا يا رسول الله من هم المتفيهقون ؟ قال : هم المتكبرون ). رواه الترمذي .
وفي المعاملات : قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد ) رواه مسلم ،
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) متفق عليه ،
وفي الحديث القدسي قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: قال الله عز وجل :( العز إزاري والكبرياء ردائي ، فمن ينازعني عذبته ) رواه مسلم ،،،،، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : ( شيخ زانٍ – وملك كذاب – وعائل مستكبر ) رواه مسلم .

أيها المسلمون: لقد وقف رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في مثل هذه الأيام أمام أصحابه خطيبًا في حجة الوداع، فتكلم في خطبة عظيمة عن الكثير من الأمور التي تهمّ المسلم في دينه ودنياه وآخرته، فكانت هذه التعاليم بمثابة خطة عمل وخارطة طريق الفلاح والنجاة ودستور للحياة لأمته وأتباعه، والتي تضمن لهم الحياة الطيبة والراحة النفسية والأمن في الأوطان والتمكين في الأرض.

فما أحوجنا في المحن والشداد وفي الرخاء وعند نزول الفتن والمصائب وفي اليسر والعسر إلى توجيهات هذا الرسول العظيم والنبي الكريم لتستقيم الحياة ويسعد الإنسان ويعم الخير على المجتمع،

نعم وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب وقد تجمع حوله في ذلك الزمان مائة ألف أو يزيدون في صعيدٍ واحد، يسمعون هذه التوجيهات من المعجزات التي حصلت: أن الخطبة سمعها جميع من كان في الحج بدون مكبر صوت،
وكان مما قاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبة حجة الوداع .

أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا، بِهذا الموقِفِ أبدًا.

أيُّها النَّاسُ، إنَّ دماءَكم وأموالَكم عليْكُم حرامٌ، إلى أن تلقَوا ربَّكم كحُرمةِ يومِكم هذا، وَكحُرمةِ شَهرِكم هذا، وإنكم ستلقونَ ربَّكم، فيسألُكم عن أعمالِكم وقد بلَّغتُ، فمن كانت عندَهُ أمانةٌ فليؤدِّها إلى منِ ائتمنَهُ عليْها وإنَّ كلَّ ربًا موضوعٌ، ولكن لَكم رؤوسُ أموالِكم، لا تظلِمونَ ولا تُظلَمونَ قضى اللَّهُ أنَّهُ لا ربًا وإنَّ ربا العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ موضوعٌ كلُّهُ، وإنَّ كلَّ دمٍ كانَ في الجاهليَّةِ موضوعٌ، وإنَّ أوَّلَ دمائكم أضعُ دمَ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلب- وَكانَ مستَرضَعًا في بني ليثٍ، فقتلتْهُ هُذيلٍ- فَهوَ أوَّلُ ما أبدأُ بِهِ من دماءِ الجاهليَّةِ ..

أيُّها النَّاس، إنَّ الشَّيطانَ قد يئِسَ أن يعبدَ في أرضِكم هذِهِ أبدًا، ولَكنَّهُ أن يطاعَ فيما سوى ذلِكَ فقد رضِيَ بهِ مِمَّا تحقِّرونَ من أعمالِكم، فاحذروهُ على دينِكُم.
أيُّها النَّاسُ: « إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ »، ويحرِّموا ما أحلَّ اللَّهُ، وإنَّ الزَّمانَ قدِ استدارَ كَهيئتِهِ يومَ خلقَ اللَّهُ السَّمواتِ والأرضَ، وَ «إنَّ عدَّةَ الشُّهورِ عندَ اللَّهِ اثنا عشَرَ شَهراً منْها أربعةٌ حُرُمٌ» ، ثلاثةٌ متواليةٌ، ورجبُ الَّذي بينَ جُمادى وشعبانُ.

أيُّها النَّاسُ، فإنَّ لَكم على نسائِكم حقًّا ولَهنَّ عليْكم حقًّا، لَكم عليْهنَّ أن لا يوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرَهونَه، وعليْهنَّ أن لا يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ، فإن فعلنَ فإنَّ اللَّهَ قد أذنَ لَكم أن تَهجُروهنَّ في المضاجِعِ،
وتض

رِبوهنَّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ، فإنِ انتَهينَ فلَهنَّ رزقُهنَّ وَكسوتُهنَّ بالمعروفِ واستوصوا بالنِّساءِ خيرًا، فإنَّهنَّ عندَكم عَوانٍ لا يملِكنَ لأنفسِهنَّ شيئًا، وإنَّكم إنَّما أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ، واستحللتُم فروجَهنَّ بِكلمةِ اللَّهِ، فاعقلوا أيُّها النَّاسُ قولي، فإنِّي قد بلَّغتُ وقد ترَكتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُم بِهِ فلن تضلُّوا أبدًا، أمرًا بيِّنًا كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ نبيِّهِ .

أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي واعقِلوهُ تعلمُنَّ أنَّ كلَّ مسلمٍ أخو للمسلِمِ، وأنَّ المسلمينَ إخوَةٌ، فلا يحلُّ لامرئٍ من أخيهِ إلا ما أعطاهُ عن طيبِ نفسٍ منه فلا تظلِمُنَّ أنفسَكمُ اللَّهمَّ هل بلَّغتُ قالوا: اللَّهمَّ نعَم، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: اللَّهمَّ اشْهَدْ. هذا مما خطب به صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبة حجة الوداع

أيها المسلمون : إياكم الوقوع في دماء المسلمين فإنَّ مما عُلِمَ من الدين بالضرورة وتواترتْ به الأدلة من الكتاب والسنة حُرمة دم المسلم، فإنَّ المسلم معصوم الدم والمال، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى ثلاث، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يَحلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: كَفَرَ بعدَ إسلامهِ، أو زَنَى بعد إحصانهِ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس» (أخرجه: أبو داود ، وابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه).

وما عدا ذلك، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، بل من الدنيا أجمع.
وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا» (أخرجه: النسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما)، وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم، ثم تبصّر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام، نسأل الله السلامة.

قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93].
وكما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلُ دم امرىء مسلم يشهد أنْ لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»، ثم إذا وقع في شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أنْ يقتله، وإنَّما ذلك إلى الإمام أو نائبه" قال تعالى:: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام من الآية:151]، والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً"

أيها المؤمنون:
إن الحج مناسبة عظيمة لتجسيد وحدة المسلمين واتحادهم : قال تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103،

إن الحج خير دليل عملي لدعوة المسلمين في كل مكان للوحدة والاتحاد ونبذ الخلاف والنزاع، دعوة إلى نبذ التمزق والشقاق والعناد: قال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46 ، وقال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} آل عمران105، ،،،، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ........... الحديث)

أيها المسلمون: إن الوحدة والإتحاد قوة ، والفرقة والخلاف ضعف، إن الوحدة والإتحاد خير وأمن ، والفرقة والخلاف شر وخوف ، الوحدة والإتحاد نصر ، والفرقة والخلاف هزيمة ، الوحدة والإتحاد هيبة وعزة ، والفرقة والخلاف فشل وذله ، الوحدة والإتحاد طريق السلامة والأمن والرخاء والتنمية والتقدم والعدل وكل خير يعود للأمة , بينما الفرقة والخلاف والتنازع طريق لكل شر ، طريق للخوف والقلاقل والفزع ، وانتشار المظالم والمفاسد طريق التأخر والتراجع ، طريق الضعف والوهن بين الناس .. وواقع الأمة خير شاهد ..

وما نعيشه نحن أهل اليمن من أوضاع ومؤامرات تحاك ضدنا بالليل والنهار، تستهدف وحدتنا وأمننا واستقرارنا .. يجعلنا جميعاً نستشعر أهمية الوحدة والاتحاد، ورص الصفوف، وجمع الكلمة، ولم الشمل على مائدة كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، ولا غالب ولا مغلوب ، وترك العناد والخلاف وال
فرقة

والكبر والغرور ... فالله الله أيها المؤمنون، الله الله في وحدتكم واتحادكم وتعاونكم على البر والتقوى.

نعم اخوة الإسلام :
إن المسلمين اليوم مطالبون – أكثر من أي وقت مضى - بالمحافظة على كيان مجتمعاتهم بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى : {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 ، وقال تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التوبة71 ، وقال تعالى : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110 وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ..

وقد حذر صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ) رواه الترمذي

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر

قلت ما سمعتم وأستغفرُ الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، اللهم صلي عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسانٍ إلا يوم الدين
الله أكبر ... ألله أكبر ... الله أكبر ... ألله أكبر ... الله أكبر ... ألله أكبر ...الله أكبر ..الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا

أيها المؤمنون : لقد أمتن الله علينا معشر المسلمين بإكمال هذا الدين الذي نؤمن به ، وأتم علينا نعمته ، ورضي لنا الإسلام دينا القائل غز وجل :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا }؛ أي: فارضوه أنتُم لأنفُسِكم، فإنَّه الدّين الَّذي أحبَّه الله ورضِيَه، وبعث به أفضل الرُّسُل الكرام، وأنزل به أشرفَ كتُبِه" فالإسلام منهجاً ودستوراً نحتكم إليه ، فلم يبقى فيه نقص في تشريعاته وأحكامه ، ولم يتطرق إليه خلل في نظامه ، فهو دين متكامل في أصوله وفروعه ، متكامل في العبادات والمعاملات ، في الأخلاق والاجتماع ، في السياسة والاقتصاد ، هو كذلك دين شامل لمصالح العباد ، صالحاً لكل زمان ومكان ، كفيل بجلب المصالح ، ودفع المفاسد ، وحماية الحقوق ، وردع المفسدين ، وفصل الخصومات ، وقطع النزاعات ، وتوفير أسباب السعادة ، والأمن والعدل في الدنيا والآخرة ، أفراداً وجماعات ، شعوباً وحكومات ، إذا أخذوا به وحكّموه في حياتهم ، هدوا وسعدوا ، وإن تركوه وعطّلوا أحكامه .. ظلوا وشقوا في الدنيا والآخرة ،،، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي ) ، فخذوا عباد الله شرع ربكم وسنة نبيكم واحتكموا إليهما ، تفلحوا في الدنيا والآخرة .

عباد الله المؤمنون :
لقد جعل الله عز وجل الشكر على نعمه العظيمة ، والاستقامة على أمره ونهيه سبيل الحفاظ عليها والمزيد منها ، قال سبحانه وتعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7 ،
وقال سبحانه : {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً }الجن16 ، وقال سبحانه : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأعراف96 ،
كما أنه ما حلّت بالأمة الكوارث ولا نزلت بهم المصائب إلا بارتكابهم المعاصي والسيئات ، قال عز وجل : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه124

فاستقيموا عباد الله على أوامر الله ونواهيه واشكروه على نعمه وآلائه ، حافظوا على الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، أدو زكاة أموالكم وأخرجوها طيبة بها نفوسكم ، أعدو أنفسكم لحج بيت الله عز وجل ، استوصوا بالوالدين خيراً وأحسنوا صحبتهما ، ترحموا على من مات منهما ، واستوصوا بالنساء خيراً ، وأحسنوا تربية أبنائكم وبناتكم وأهليكم ، أوفوا المكيال والميزان ، وتجنبوا الربا
والغش

، حسّنوا أقوالكم وأخلاقكم وأفعالكم ، واجتنبوا الغيبة والنميمة والكبر ، وأكثروا من التكبير والتهليل والتسبيح في هذه الأيام ، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر .... بهذا تستحقون رحمة ربكم ، وتفوزون بجناته .

أيها المؤمنون : لا تنسوا في يومكم هذا الإنفاق على الفقراء والايتام والارامل والمساكين ، جودوا بأموالكم والله يخلف عليكم بخير خلف .

الــــدعــــــــــــاء
أللهم أرحمنا في الدنيا والآخرة
اللهم أحفظ ورد حجاج بيتك الكريم إلى أهليهم سالمين غانمين مغفورين الذنوب ، أصحاء الأبدان معافين من الأسقام ..

اللهم لا تحرم اليمن من نعمة الأمن والأمان اللهم لا تحرم اليمن من نعمة الرخاء والاستقرار اللهم اجعل اليمن أمناً أماناً سخاءاً رخاءاً وجميع بلاد المسلمين اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئاً فرفق بهم فارق به ومن ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه برحمتك يا رب العالمين اللهم احفظ اليمن ،اللهم احقن دماء اليمنيين ولم شعثهم ووحد صفهم وألف بين قلوبهم، اللهم امكر بمن يمكر بيمننا وشعبنا وانتقم من المعتدين على شعبنا انك على كل شيء قدير
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا المكان المبارك ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا أديته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً. اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى..

دعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
حسب احتياج كل خطيب ومنطقة..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.
🎤
خطبـة.الجمعــة.يـوم.العيــد.cc
بعنوان: الأضحی وايام التشريق دين ودنيا
للــشيــــخ/ مــــحـــــــمــــــــد الــجـــــــــــــرافـــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمدلله رب العالمين؛ شرع لعباده الدين، ودلهم على صراطه المستقيم، وهداهم لما يصلحهم في أمورهم كلها، نحمده حمداً كثيراً، ونشكره شكراً مزيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أجزل نعمه على خلقه، وشرع ذكره لعباده [فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ] {البقرة:152}

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ تمت به النعمة، وعظمت به المنة، وبلغ البلاغ المبين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أهل البر والهدى، وسادة العلم والتقى، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
 أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأخلصوا له في طاعتكم، وأسلموا له وجوهكم، وأحسنوا له في أعمالكم [بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] {البقرة:112}.

عـــباد اللـــه :
إِنَّنا في يَومٍ عَظِيمٍ وَعِيدٍ كَرِيمٍ، خَتَمَ اللهُ بِهِ أَيَّامًا مَعلُومَاتٍ، وَتَوَّجَ بِهِ لَيَاليَ مُبَارَكَاتٍ، إِنَّهُ أَفضَلُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ وَأَعظَمُهَا، إِنَّهُ يَومُ الحَجِّ الأَكبرِ وَيَومُ النَّحرِ، تَتلُوهُ أَيَّامٌ ثَلاثَةٌ مَعدُودَاتٌ، هِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ وإن أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر وبذلك تتم النعم، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثُمَّ يَومُ القَرِّ". رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ". رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ اللهِ". رَوَاهُ مُسلِمٌ.

عـــباد اللـــه :
في الحديث سرٌ عجيب وملخص جميل وهو أن الإنسان مرتبط بعبوديته لربه في كل حال من أحواله وفي كل زمان من الأزمنة فليس هناك وقت ينفك فيه المسلم عن عبوديته لربه ،فكما أن يتعبد لله تعالى في الامتناع عن الأكل والشرب حال الصيام ، فإنه في هذا الأيام يتعبد له تعالى في الأكل والشرب لإمر الشارع له بذالك ، إذ لو صام هذه الأيام لكان مأزورا غير مأجورا

أيـــها المسلمــون:
وفي الحديث إشارة أخرى إلى أن الأكل والشرب في أيام الأعياد ويستعان به على طاعة الله تعالى لا على معصيته ، لأن المأكول والمشروب من نعم الله.
ونعم الله تحتاج إلى شكر المنعم وشكر الله يتنافى مع معصيته ، بل يلزم في الشكر طاعة المنعم ،قال إبن رجب-رحمه الله-:"وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم - :"أنها أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله عز وجل" إشارةٌ إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب ,إنما يستعان به على الطاعات .

وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له فمن استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدلها كفراً وهو جدير أن يُسلبها فاحذروا من ذلك يا عباد الله، ولا تجعلوا هذه الأيام المباركة أيام غفلة عن ذكر الله، وأيام اشتغال باللهو واللعب والإعراض عن طاعة الله، فتلكم حال الأشقياء. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152].
كـان عمـرُ بن عـبد العزيز -رحمه الله- كلما قلب بصـره في نعم الله عليه قال : ( اللهم إني أعوذ بك أن أبدل نعمتك كفرا ، وأن أكفرها بعد أن عرفتُها ، وأن أنساها ولا أثني بها ) ، ويقول ابن القيم رحمـه الله : ( الشـكر مـبني عـلى خمـس قواعـد : خضـوع الشـاكر للمشـكور -سبحانه- وحـبُه له ، واعترافُـه بنعمته ، وثناؤه عليه بها ، وأن لا يستعملها فيما يكره )

عـــباد اللـــه :
وذكر الله عز و جل المأمور به
في أيام التشريق أنواع متعددة منها :

1- منها: ذكر الله عز وجل عقب الصلوات المكتوبات والتكبير في أدبارها بعد السلام، وذلك من فجر يوم عرفة إلى آخر اليوم الثالث من أيام التشريق.

ويسمى بالتكبير المقيد :
مروي عن عمـرَ وعـلي وابـنِ عـباس رضـي الله عـنهم بل بلغ من أهمية التكبير المقيد بأدبار الصلوات أن العلماء قالوا: يقضيه إذا نسيه، فإذا نسي أن يكبر عقب الصلاة فإنه يكبر إذا ذكر ولو أحدث أو خرج من المسجد مالم يطل الفصل بين الصلاة والتكبير

2- و منها : ذكره بالتسمية و التكبير عند ذبح النسك فإن وقت ذبح الهدايا و الأضاحي يمتد إلى آخر أيام التشريق عند جماعة من العلماء ، و هو قول الشافعي و رواية عن الإمام أحمد

3- و منها : ذكر الله عز و جل على الأكل و الشرب ف
2024/09/25 05:18:07
Back to Top
HTML Embed Code: