Telegram Web Link
*إشراقة الصباح*
‏الصباح هدية جديدة أضيفت لعمرك فأحسن شكرها وتقبلها كما هي ولا تقلب أوجاع الأمس وتفاءل بهدية الغد، تفائلوا بيوم و صباح مختلف وجميل💕
☆ *أذكار الصباح*☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

تلاوة للشيخ : علي جابر
https://youtu.be/vfOhv73S-DA
☀️☀️
🍃 *تدبر آية*🍃
"فمن (عفا) وأصلح (فأجره) على الله"
بحجم الوجع الذي أثخنوك به وعفوت يكون أجرك. الأجور الكبيرة مع الجراح الكبيرة.*

*إشراقة*
‏قال النووي:ومهما خطر لك سوءٌ في مسلم،فزدْ في مراعاته وإكرامه،فإن ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك،فلا يلقي إليك مثله خوفا من اشتغالك بالدعاء له.

💡 *إضاءة* 💡
•• ﻋﻮﺩ ﻧﻔﺴﻚ
ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ دونﺗﺸﺠﻴﻊ••
ﻭﺃﻥ ﺗﻨﺠﺰ ﺩﻭﻥ ﺗﺼﻔﻴﻖ••
وأن ﺗهتم بقبول الله لك••
ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺭﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻴﻚ••
هكذا الإخلاص 💎

🍀 *حديقة التأملات* 🍀
اجعلْ صباحكَ بسمةً قدّمتها
باقاتِ وردٍ في وجوهِ الناسِ
ما قيمةُ الإنسانِ لم تمنحْ لهُ
كفُ الصباحِ روائعَ الإحساسِ

‏✿
*صلاة_الضحى*💭
الصلة بالله هي الصلة التي لايأتي انقطاعها إلا منك أنت،الصلة التي تجعلك في مأمن من الخذلان،الصلة الموصلة للرضا الأبدي 🍃

》 *وختااما*《
"أيها المتوجّعون، و المحزونُون
والمرضى، والمكروبون: هنيئًا لكم
‏مرّت ليلة ذهبَ ألمها ونصبُها، وبقيَ أجرها.
‏لو فُتحت لكم أستار الغيب لأحببتَ أمراضكم وأحزانكم، لو رأيتم كيفَ يغرف للصّابر غرفًا من الثّواب لابتهجت قلوبكم، ولتلذذتم بكلّ وخزة ألم".*
*‏صبّحكم الله بالفرج والعافية* 💗
ﮩ•••✾•◆❀◆•✾••ﮩ
*إشراقة الصباح*
يارب ندعوك في صباح يوم الجمعه
ان تجعل لنا من ما أنزلته من خير،
💰و رزق، وبر، وسعة رزق، وتفَريج هم، أوفر النصيب، و تقبل أدعيتنا يا كريم💙
☆ *أذكار الصباح*☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

*‏للكَهفِ قَصَصُ جميلـَہُ*
فَلا تَحرمُوا أنفسَّگم من لذةة قرآئتَها ♡..
*سورة الكهف*💭.
قراءة : http://goo.gl/rOXwS6 📖
استماع : http://soo.gd/MYM-2 📢
ليّ ولكَ ولمِن بعدك
نور ما بين الجمعتين
*صـلو علـى الـنبـي مـحمـد* ﷺ"

📍 *​ومضــــــه​*
‏⁧يوم الجمعة⁩ زكاة الأسبوع وعيدالأيام وموسم البركة فاحصدوا فيه الخيرات
بالتلاوة والذكر والصدقة والصلاة على النبي

🕌 *سنن يوم الجمعة*
للعلامه ابن عثيمين -رحمه الله-"
https://safeshare.tv/submit?url=https%3A%2F%2Fyoutu.be%2Fbie7iul-5JI

أن تصلي ( *الضحى*) ذلك أجر
وأن تذكر به ناسياً فيكون لك أجر التذكير ،
ذلك فضل علىَ فضل .
~ فاحتسبوا الأجرين
📢 *سنة آلضحى ياَ أحبه*

》 *وختااما*《
يـارب .. في يوم الجمعة وعدت عبادك
بقبول دعواتهم فيه سأدعو لقلب قريب لقلبي ..
اللهم ارزقه مايريد وارزق قلبه مايريد
واجعله لك كما تريد !
اللهم قدر له ذلك قبل أن تأذن لشمس الجمعة بالمغيب .
*اللهم آمين ..
﴿ ​ *إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا​* ﴾
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❁ الجمــ☼ــعــة ❁
١٢/ ذو القـ⑪ـعدة/ ١٤٣٨هـ
04/ أغـسـ⑧ــطس/ 2017مـ ❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

‌‌‌‌‌‏{فأرَدْنا أن يُبْدِلَهُما ربُّهما خيرًا منه}
ليس كل مانفقده يُعد خسارة ،
قد يريد اللّه لك خير مما اعطاك
فارضَ بقضائه وثق بكرمه!...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الرضا ...@

.
خطبة الاتحاد قوة وتمكين
الحمد لله الذي ألف بين قلوب عباده المؤمنين، وجعلهم أنصارًا وأعوانًا وإخوة في الدين، وحذرهم من الفرقة والاختلاف والعودة إلى النعرات الجاهلية النتنة التي نهى عنها رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.
عباد الله اتقوا لله ربكم، وأطيعوه في سركم وعلنكم، وراقبوه في جميع زمنكم، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
أما بعد: أيها المسلمون، إن من أهم ما يدعو إليه الدين بعد توحيد الله عز وجل هو جمع الكلمة وائتلاف القلوب والمشاعر واتحاد الغايات وتوحيد الهدف والاعتصام بحبل الله المتين؛ لأنه بتوحيد الصفوف واجتماع الكلمة الضمان ببقاء تماسك الأمة بتوكلها على الله تعالى ونجاح رسالتها، ومن أجل هذا فقد اعتبر الشرع جميع المسلمين إخوة في الدين فقال الله تعالى: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((المسلم أخو المسلم))، وقال أيضًا: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا))[ رواه البخاري]، وفي حديث آخر وصف رسول الله المجتمع الإسلامي بالجسد الواحد المترابط الأجزاء فقال: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))[ رواه البخاري]، إنه لمثل رائع عظيم. .. وإلى جانب هذا فقد شرع لنا ديننا الإسلامي الحنيف كل ما يقوي عوامل الألفة والاتحاد، ويزيل عوامل البغضاء والكراهة والاختلاف والفرقة، فأمرنا بالسلام وربط بينه وبين الإيمان وبين دخول الجنة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))[ رواه مسلم]، إنه السلام، أعظم تحية تقدير واحترام.
ونهانا أيضًا عليه الصلاة والسلام عن الهجران؛ لأنه يسبّب الكراهة والبغضاء والبعد والحقد والتناحر والتدابر والتنازع والتفرق، فقال: ((لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))[ رواه البخاري]. فلتحرص ـ أخي المسلم ـ على الخيرية ببدئك بالسلام؛ لتنال من الله المثوبة والأجر والإكرام.
ولما كان الاختلاف ـ يا عباد الله ـ مفسدًا لدين الله ودنيا الناس فقد اعتبره الإسلام انفصالاً عنه وكفرًا، فقال تعالى:{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْء إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}[الأنعام:159]. إن الفُرقة شطط كبير وجرم عظيم يبدّد المجتمع ويمزّق المجتمع، عاقبته وخيمة: خيبة في الدنيا وخسارة في الآخرة، ومآله شر مآل، ويجر إلى أسوأ الأحوال..... وحذر الله المسلمين من الخلاف في الدين والتفرّق في فهمه شِيعًا متناحرة وأحزابًا متلاعنة كما فعل الأولون، فقال الله تعالى: { تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[آل عمران:105]، وكما قال الله تعالى: {فَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون:53].
فيا عباد الله، اتقوا الله، واعلموا أن الشقاق يضعف الأمم، ويوهن المجتمعات القويّة، ويميت الأمم الضعيفة، ولذلك جعل الله أوّل عظة للمسلمين بعد انتصارهم في معركة بدر أن يوحّدوا صفوفهم ويلمّوا شملهم ويجمعوا أمرهم، وذلك عندما تطلّعت بعض النفوس لحظها من الغنائم، فقال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[الأنفال:1
ثم أفهمهم أن الاتحاد في العمل لله هو طريق النصر الأكيد واتجاه الهدف وتوحيد الكلمة، كما أن الفرقة والتنازع هي طريق الهزيمة والخسران، فقال الله تبارك وتعالى:{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ و
َرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[الأنفال:46].... ولقد كان للمسلمين درس عظيم وعظة كبيرة على مر الأجيال في يوم أحد والضربة الموجعة التي أفقدت المسلمين من رجالهم سبعين بطلاً، وقلبت النصر إلى هزيمة على الرغم من الإيمان والتضحية النادرة في الدفاع عن الحق والاستبسال للموت أو حرز النصر، وما ذلك إلا لأن بعض من كان بالجبل من الرماة وهم عدد قليل ـ رحمهم الله تعالى ـ كانوا على اجتهاد في رأيهم، فتنازعوا وانقسموا وخالفوا بعضهم اجتهادًا منه وظنًا أن المعركة انتهت، فنسوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما صور لنا ذلك القرآن الكريم: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَـٰزَعْتُمْ فِى ٱلاْمْرِ وَعَصَيْتُمْ مّن بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلاْخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ }[آل عمران:152].... ولو اعتبر المسلمون بذلك وعقلوا أحوالهم في هذه المرحلة الراهنة العصيبة من تاريخهم لأدركوا أن سبب ما نزل بهم من نكبات ولحقهم من العار والتقهقر والتراجع وانحسار ديار الإسلام هو نتيجة التفرق والنزاع الحاصل بين أفراد الأمة الإسلامية بفعل الهجمات الصليبية والصهيونية التي مهدت الطريق بالخفاء لتقسيم المسلمين أحزابًا وشيعًا منحلة واهية ودويلات متدابرة ممزقة، مستغلين القاعدة المفسدة التي تقول: (فرق تسد)، قاتل الله الكفار أنى يؤفكون، وجمع الله كلمة المسلمين على الحق والهدى.

اخوة الايمان ان للاتحاد والاجتماع فوائد كثيرة ومهمة جدا ، خاصة في هذه الظروف التي تعيشها الأمة من تفرق المسلمين واختلافهم في كثير من الأمور ، وذلك بسبب عدم تحقيق ما يريده الشارع من الاجتماع ، لأننا لم نفهم سبب صلاتنا مجتمعين ؟ ولماذا نحج في هذا الجمع المهيب؟ كل ذلك لأن الشارع يريد أن يجتمع المسلمون على قلب رجل واحد،
فمن فوائد الاتحاد والاجتماع:
-أن الاجتماع يساعد المجتمع على مواجهة التحديات ، فنحن إذا اجتمعنا نستطيع أن نصمد أمام التحديات العصرية ، ولن تستطيع الأمة أن تواجه هذه التحديات إلا بالاجتماع .
-ومن فوائد الاجتماع أنه يساعد على إظهار عظمة الإسلام ، من القوة والاتحاد .
-ومن فوائد الاجتماع تحقيق الإلفة والعدالة والمحبة والتآخي ، فالاجتماع سيحقق كل هذه المعاني عندما نصلي في مسجد واحد ، ونقف في صف واحد ، نركع جميعا ، نسجد جميعا ، نحج جميعا ، كل هذا فيه معنى الترابط والتلاحم والإلفة ، وعدم التفريق بين المسلمين .
-ومن فوائد الاجتماع القضاء على العصبية القبلية ،والعصبية الطائفية ،وكافة العصبيات،، فإننا إذا اجتمعنا في المسجد صلى فيه الجميع الكبير والصغير والشريف والوضيع والغني والفقير ، كلهم يخضعون ، يسجدون لله – سبحانه وتعالى – فالعلاقة بيننا هي علاقة الدين ، كما قال سلمان الفارسي – رضي الله عنه – :أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقَيْس أو تَمِيم .. هنا جاء الإسلام فرفع أناسا ، ووضع آخرين ، وكما جاء في الحديث : « من بَطّأ به عمله لم يسرع به نسبه » .
-ومن فوائد الاجتماع القضاء على ما يحاول أن يفعله الاعداء من تفريق كلمة المسلمين ، وجعلهم فرقا وأحزابا ، فنحن إخوة ، وإن كان هذا من مصر ، وهذا من الشام ، أو العراق ، أو الباكستان ، أو اليمن ، أو السودان ، أو من أي مكان طالما أنه مسلم ، فالذي يجمعنا هو الإسلام ، لا الأماكن ، ولا القبائل ، ولا العصبيات ، ولا غير ذلك .
فنحن ننتمي لهذا الدين قبل أن ننتمي لأي شيء ، وهذا ما فعله النبي – عليه الصلاة والسلام – عندما أسقط دعوى الجاهلية ، ووضعها تحت قدميه ، وأمر بالمساواة ، وتصحيح المفاهيم ، ومحاربة التمييز بين عرق وآخر من أجل أن يرسم منهجا للأمة إلى قيام الساعة . وقد طبق النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا المنهج أولا على الأقربين ، حتى يكون قدوة لجميع المسلمين ، فأول ربا وضعه ربا العباس ، فقال : « وربا الجاهلية موضوع ، وأول رِبا أضع من رِبَانا ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله » . وقال : « لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها » . يريد التأكيد على أن هذا النظام ، أو هذا الدستور ، أو هذا الدين يشمل الجميع ، ولا يستثنى أحد لقرابة ، أو مكانة ، أو ما شابه ذلك .
-ومن فوائد الاجتماع تحقيق البركة ، فالاجتماع فيه بركة في أمور الخير كلها ، حتى في الطعام ، فقد جاء بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا : يا رسول الله ، إنا نأكل ولا نشبع . قال : « فلعلكم تفترقون » . قالوا : نعم . قال : « فاجتمعوا على طعامكم ، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه » . فالاجتماع فيه بركة حتى في الطعام، ونحن المسلمين نجتمع على الطعام بخلاف غيرنا من الغربيين والشرقيين ، حيث تجد كل واحد منهم يأكل وحده ، وهذا صنيع البهائم ، حيث تحاول كل بهيمة أن تنفرد بالطعام وحدها ، حتى لا يشاركها غيره
ا ، أما نحن فإن الإسلام أمرنا أن نجتمع حتى على الطعام ، وذلك لحصول البركة .
-ومن فوائد الاجتماع أنه يخيف الأعداء ويلقي الرعب في قلوبهم ، فاليهود لو تحقق لديهم أننا مجتمعون لما تجاوزوا شبرا واحدا من أرض المسلمين ، لكن لما نظروا في أحوال المسلمين فرأوا هذا التفرق فعلوا ما فعلوا ، وخير شاهد هذه الأيام حينما راو اختلاف الحكومات الإسلامية وخاصة العربية ... تجرؤ واقدموا على اغلاق المسجد الأقصى ،وقد كان لتوحد الشعب الفلسطيني ووقوفه صفا واحدا تجاه اغلاق المسجد الأقصى بعد الله عز وجل الأثر القوي والرد الصارم الذي جعل الكيان الصهيوني يتراجع عن قراراته التي كان يهدف من خلالها التحضير لهدم المسجد الأقصى ... إذن فالاجتماع يخيف الأعداء ، ويلقي الرعب في قلوبهم ، وهذا يذكرنا بقصة الأوس والخزرج لما كانوا متفرقين متناحرين كانوا في ضعف ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وجمعهم أصبحوا قوة ضاربة في الجزيرة العربية ، ومن هنا شع نور الهدى ، وانتشر الإسلام ، وهاب الناس هذه الأمة المتآلفة المتحدة .
-ومن فوائد الاجتماع تنشيط الإنسان ، وإحياء روح المنافسة ، وإبعاده عن الرذائل والمحرمات ، فالشخص يكسل عن العمل إذا كان وحده ، أما إذا كان مع الجماعة نشط ، كما أنه قد يقع في بعض المحرمات في حال كونه منعزلا عن الجماعة ، أما إذا كان وسط إخوانه ، فإن هذا مدعاة لإبعاده عن ذلك ، فالاجتماع دواء ناجح لكثير من الأمراض النفسية المنتشرة اليوم ، مثل الاكتئاب والقلق ، وغير ذلك ، كل هذا سببه العزلة ، والبعد عن الصلوات في المساجد ، والبعد عن حضور الخير والندوات ، وما شابه ذلك ...وكذلك فان الاجتماع سبب رئيس في علاج كثير من القضايا النفسية، ولذلك تجد من المتخصصين في هذا المجال يقولون : يجب عليك أن تدخل في المجتمع ، وأن تنصهر فيه ، فهذا من الأدوية الناجعة للقضاء على حالات الملل والاكتئاب التي تصيب كثيرا من البشر في هذه الأزمان .
-ومن فوائد الاجتماع طرد الشيطان وإغاظته،لأنه يَهُمّ بالواحد، وهو عن الاثنين أبعد، كما جاء في الحديث: « ما من ثلاثة في قرية ، ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليكم بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية » . يعني أن الذئب إذا انفردت الماعز ، أو الضأن أكلها ، فإذا كانت في جماعة ضعف عن ذلك ، فكذلك الإنسان إذا اجتمع مع إخوانه ، فإن هذا يضعف الشيطان .
فيا عباد الله رحمكم الله، يجب عليكم تلافي ذلك، كما يجب عليكم تصحيح أوضاعكم ورأب الصدع وتوحيد الصفوف، وأن تنهضوا لترميم ما وهى من بنيانكم واسترداد ما سلب من مقدساتكم وما تحطم من كيانكم وما تردى من معنوياتكم وانقسام بينكم واختلاف في الاتجاهات وتباين في الأهداف وتشاحن، فانبذوا ذلك كله، ولا يتمّ كل ذلك ـ أيها المسلمون ـ إلا بالرجوع إلى مصدر عزّتكم كتاب الله وسنة رسول الله والالتفاف وتوحيد الكلمة ووحدة الصفوف والغايات والإخلاص الأكيد لدين الله جل وعلا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء:115].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على نعمه التي لا تحصى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه الحسنى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والتقوى وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، تمسكوا بدينكم، ولتجتمع كلمتكم، واحذروا من كيد أعدائكم من الكفار والمنافقين، فإن الكفار والمنافقين منذ أن بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وهم يحاولون زعزعة هذا الدين ويريدون ارتداد المسلمين عن دينهم، قال تعالى: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا) [البقرة:217]، هذا دأبهم دائما وأبدا، لا تحسبوا أن هذا كان في الزمان الأول بل هو زاد واشتد في هذا الزمان،
واعلموا أيها الاخوة المسلمون أن من أكبر المصائب التي ابتليت بها أمة الإسلام وفتكت في سواعد قواها، وأطاحت برايات مجدها، الاختلاف والتفرق، وصدق الله عز وجل إذ يقول: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ }[الأنفال:45، 46].
أيها المؤمنون، إن من أهم عوامل قوة أمة من الأمم، الاتحاد، فبالاتحاد تنال الأمم مجدها، وتصل إلى مبتغاها، وتعيش حياة آمنة مطمئنة،
ارِجَ الهمِّ، يا كاشِفَ الغمِّ فرِّج الهمومَ والغمومَ عن المُسلمين في كل مكانٍ يا حيُّ يا قيُّوم.اللهم وحِّد صفَّهم، اللهم اجمَع كلمتَهم إنك على كل شيءٍ قديرٌ.
اللهم اجعل اليمن آمناً أماناً سخاءاً رخاءاً وجميع بلاد المسلمين اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئاً فرفق بهم فارق به ومن ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم استر نساءنا واحفظ بناتنا وأصلح شبابنا واهدي أولادنا.... اللهم أبرم لهذه الأمة مخرجا تخرج فيه من أزماتها وكبواتها برحمتك يا أرحم الراحمين.. اللهم احفظ اليمن، اللهم احقن دماء اليمنيين ولم شعثهم ووحد صفهم وألف بين قلوبهم، اللهم امكر بمن يمكر بيمننا وشعبنا وانتقم من المعتدين على شعبنا انك على كل شيء قدير....ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم...ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتهم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
وبالاتحاد تكون الأمة مرهوبة الجانب، مهيبة الحمى، عزيزة السلطان.
أيها المؤمنون، إن تنمية الوعي بأهمية وحدة المسـلمين كما يأمرهم الإسلام هي النقطة الأساس الأولى في سبيل التغلب على الواقع المؤلم الذي أوجده هذا التفرق وأفرزته هذه الإقليمية المقيتة.
لقد نقلت الإقليمية تقسيم البلاد الاسلامية الى دول نقلت المسلمين من القوة إلى الضعف، ومن الغنى إلى الفقر، ومن الأخوة إلى العداوة، وولدت بينهم بؤراً بركانية قابلة للانفجار في أي لحظة.
وهذا هو الحاصل اليوم
أيها الاخوة المؤمنون ،اعلموا أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولَها، وهو البقاء على مقتضى كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]،ثم العمل بالكتاب والسنة ليكون منهجنا ،كتاب الله وسنة رسوله قال صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثير فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعَضّو عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"، فيكون المنهج والمرجع هو كتاب الله وسنة رسوله لا منهج فلان ونظام ودستور وقانون فلان وعلان فإن هذه الدساتير والقوانين المخالفة لمنهج الله ورسوله هي التي فرقت المسلمين وأضعفتهم وهي بتخطيط من الكفار وإيحاء منهم فهم الذين يحرّضون الحكومات على هذه القوانين ويخططون لهم هذه الدساتير والقوانين الوضعية ليقضوا على الإسلام وعلى المسلمين، فلا بد من الإتحاد على كتاب الله وسنة رسوله إن كنتم تريدون النجاة في الدنيا والآخرة وإلا فهو الهلاك المحقق ولا حول ولا قوة إلا بالله،
نعم احباب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إن أعداء الإسلام في كل زمانٍ ومكانٍ يحرِصون على بثِّ الفتن بين أبناء الأمةِ الإسلاميةِ، ينشُرون سُمومَهم في كل زمانٍ وفي كل مكانٍ بُغيةَ إيقاع العداوةِ والبغضاء بين المُسلمين؛ لعلمِهم أنَّ نبيَّهم مُحمدًا - صلى الله عليه وسلم - جاء بما يُؤلِّفُ القلوبَ، ويُوحِّدُ الصفَّ، ويجمعُ الكلِمةَ.... ففي الأعداء يقول ربُّنا - جل وعلا -:{ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ }[التوبة: 47].
فاللهَ اللهَ أيها المسلمون! إن الاختلافَ بين المُسلمين الذي يكون على أمورِ الدنيا ويبتعِدُ عن منهجِ الوحيَيْن إنه شرٌّ على البلاد والعِباد، إن التفرُّقَ نقمةٌ في الدين والدُّنيا، وإن الاتحادَ على التقوى قوةٌ ونعمةٌ، والتعاوُن على مصالحِ الدَّارَين مِنَّةٌ ومِنحةٌ .....
فحافِظوا على سلامة القلوب، واحذَروا الأعداءَ، وتجنَّبوا الفُرقةَ والعَداءَ يتحقَّقُ لكم الأمنُ والأمانُ، والسلامةُ في الدنيا وفي الآخرة. واعتصموا بحبل الله لترضوا ربكم روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ».
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) اللهم صلى وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه، وترسموا خطاه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا ارحم الرحين.
اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المُسلمين، اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المُسلمين، اللهم احفظ كل مسلمٍ ومُسلمة، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم أدخِل السعادةَ والسرورَ على قلوبِهم، والأمنَ والأمانَ على بُلدانهم، اللهم انشر الرخاءَ والسخاءَ في بلاد المُسلمين.
اللهم أبطِل مكرَ الماكرين، اللهم اجعلهم غنيمةً للمُسلمين، اللهم اجعلهم غنيمةً للمُسلمين، اللهم اجعلهم غنيمةً للمُسلمين.، اللهم وفِّقنا لما تحبُّه وترضاه يا كريم. اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين من كل سوءٍ ومكروهٍ، اللهم حقِّق لنا الأمنَ والإيمانَ،
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار. اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها. ، اللهم يا ف
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
صــفــات عــــبــاد الرحـمــــن
للشيخ/ صـــلاح نجـيـب الـــدق
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولـــى.cc
الحمدلله ﴿ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 1، 2]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:
فإن لعباد الرحمن صفات ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وذكرها كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم في سنته المباركة، أحببت أن أذكر بها نفسي وإخواني الكرام، راجيًا من الله تعالى أن نكون جميعًا من عباده المتقين المخلصين، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

بسم الله الرحمن الرحيم
(1) عباد الرحمن يخلصون الأعمال والأقوال لله تعالى:
عباد الرحمن يعلمون أن الإخلاص هو أحد شرطي قبول الأعمال الصالحة عند الله تعالى؛ لذا فإنهم يحرصون على أن تكون جميع أفعالهم وأقوالهم خالصة لله تعالى وحده.

قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].

وقال جل شأنه: ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الزمر: 11، 12].

(1) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشِركَه))؛ (مسلم حديث: 2985).

(2) روى الشيخان عن عثمان بن عفان قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة))؛ (البخاري حديث 450 / مسلم حديث 533).

(3) روى النسائي عن أبي أمامة الباهلي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزَا يلتمس الأجر والذِّكر، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له))، فأعادها ثلاث مراتٍ، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له))، ثم قال: ((إن الله لا يقبَل مِن العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتُغِيَ به وجهه))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح النسائي للألباني جـ 2 صـ 383).

(2) عباد الرحمن يرضَون بقضاء الله وقدره:
عباد الرحمن يعلمون أن الرضا بالقضاء والقدر هو أحد أركان الإيمان؛ لذا فإنهم أكثر الناس رضًا بقضاء الله تعالى وقدره.

قال سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

وقال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22].

(1) روى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (وذلك في حديث سؤال جبريل): أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن الإيمان قال: ((أن تؤمنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))؛(مسلم حديث: 1).

(2) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجِزْ، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدَرُ الله وما شاء فعل؛ فإن "لو" تفتح عمل الشيطان))؛ (مسلم حديث: 2664).

(3) روى أبو داود عن أبي حفصة، قال: قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بني، إنك لن تجد طَعْم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبَك، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إن أولَ ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: ربِّ، وماذا أكتب؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كل شيءٍ حتى تقوم الساعة))، يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن مات على غير هذا، فليس مني))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3933).

(3) عباد الرحمن يتحاكَمون إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:
عباد الرحمن يعلَمون أنهم عبيد لله تعالى وحده؛ ولذا فإنهم لا يتحاكمون إلا بما أمرهم الله؛ لكتاب الله تعالى، وسنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال سبحانه: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ا
لنساء: 65].

وقال جل شأنه: ﴿ وَمَ

ا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

وقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

قال عبدالله بن عباسٍ: قوله: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]؛ أي: (لا تقولوا خلافَ الكتاب والسنَّة)؛ (تفسير الطبري جـ 24 صـ 352).

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

(4) عباد الرحمن يحبُّون النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة النفس والمال والولد والناس أجمعين.
عباد الرحمن هم أكثر الناس محبةً صادقة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فهم يفدونه صلى الله عليه وسلم بأرواحهم وأنفسهم،وهذا ظاهر في محبة الصحابة له صلى الله عليه وسلم.

روى الشيخان عن أنسٍ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))؛ (البخاري حديث: 15 / مسلم حديث: 44).

وروى البخاري عن عبدالله بن هشامٍ، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيءٍ إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا؛ (أي: لا يكمل إيمانك)، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك))، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الآن (كمل إيمانك) يا عمر))؛ (البخاري حديث: 6632).

(5) عباد الرحمن يحافظون على إقامة الصلاة جماعة في المساجد:
عباد الرحمن هم أكثر الناس حرصًا على طاعة الله تعالى؛ ولذا فإن قلوبهم معلَّقة دائمًا بالصلاة في المساجد.

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9].
روى مسلم عن عبدالله بن مسعود قال: (مَن سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلِّف في بيته، لتركتم سنَّةَ نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجلٍ يتطهر فيحسن الطُّهور، ثم يعمِد إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئةً، ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين؛ (أي: يمسكه رجلانِ من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما) حتى يقام في الصف))؛ (مسلم حديث: 654).

(6) عباد الرحمن يخشعون في صلاتهم:
الصلاة صلة بين العبد وربه؛ ولذا فإن عباد الرحمن يحرصون على الخشوع فيها لكي يستمتعوا بمناجاة الله تعالى.

قال الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].
روى ابن ماجه عن أبي أيوب الأنصاري، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علِّمْني وأوجز، قال: ((إذا قمت في صلاتك، فصلِّ صلاة مودعٍ؛ (أي: كن كأنك تصلى آخر صلاتك)، ولا تَكَلَّمْ بكلامٍ تعتذر منه، وأجمع؛ (أي: اعتقد واعزم) اليأس عما في أيدي الناس))؛ (حديث حسن) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث: 3363).

(7) عباد الرحمن يؤدون الأمانات إلى أهلها:
أمر اللهُ تعالى في كتابه العزيز بأداء الأمانات إلى أهلها؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس محافظةً على أمانات الناس؛ لينالوا رضوان الله.

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتمنك، ولا تخُنْ مَن خانك))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3019).

روى أحمد عن أنس بن مالك قال: ما خطبنا النبي صلى الل
ه عليه وسلم إلا قال: ((لا إيمانَ لِم

َن لا أمانة له، ولا دِينَ لِمَن لا عهد له))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 20 صـ 423 حديث: 13199).

(8) عباد الرحمن يذكرون الله تعالى في جميع أحوالهم:
ذِكرُ الله تعالى فيه راحة لقلوب المؤمنين؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أكثر الناس ذكرًا لله تعالى في جميع أحوالهم.

قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42].

روى الترمذي عن عبدالله بن بسرٍ: أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ، فأخبرني بشيءٍ أتشبَّثُ به، قال: ((لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2688).

وروى الترمذي عن أبي الدرداء، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم من أن تلقَوْا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم))؟! قالوا: بلى،قال: ((ذكر الله تعالى))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 2687).

(9) عباد الرحمن يصبرون على البلاء:
عباد الرحمن يعلمون يقينًا أن الدنيا دار اختبار؛ ولذا فإنهم أشد الناس صبرًا على البلاء، وهذا ظاهرٌ بصورة واضحة في أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم.

قال سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

(1) روى مسلم عن صهيبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجَبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبرَ، فكان خيرًا له))؛(مسلم حديث 2999).

(2) روى البخاري عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله قال: إذا ابتَليتُ عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر، عوَّضته منهما الجنة))؛(البخاري حديث 5653).

(3) روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئة))؛(حديث حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1957).

(4) روى الترمذي عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم،فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمِدك واسترجع،فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمُّوه بيتَ الحمد))؛(حديث حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1954).

(10) عباد الرحمن يصاحبون الأتقياء:
مصاحبة الصالحين من أسباب مرضاة الله تعالى؛ ولذا يحرص عباد الرحمن على مصاحبة الأتقياء في الحضر والسفر.

روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع (تشتري) منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير: إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً))،(البخاري حديث 5534) (مسلم حديث: 2628).

روى الترمذي عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الرجل على دِين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))؛(حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1937).

روي الترمذي عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقي))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1952).

(11) عباد الرحمن يحرصون على قيام الليل:
قيام الليل من أفضل الأوقات لمناجاة الله؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس حرصًا على قيام الليل بين يدي الله تعالى.

قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64].
وقال تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18].
وقال جل شأنه: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16].

روى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأبُ الصالحين قبلكم، وهو قُربة إلى ربكم، ومَكْفَرَةٌ للسيئات، ومَنْهَاةٌ للإثم))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذ
َغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأ

َعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].

(3) وقال سبحانه: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

روى الشيخان عن عبدالله بن مسعودٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاثٍ: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة))؛ (البخاري حديث: 6878/ مسلم حديث: 1676).

قال الإمام ابن رجب الحنبلي (رحمه الله): هذه الثلاث خصالٍ هي حق الإسلام، التي يستباح بها دم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والقتل بكل واحدةٍ من هذه الخصال الثلاث متفق عليه بين المسلمين،(جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي صـ 134).

فائدة مهمة: يقوم بتنفيذ أحكام القصاص الحاكم أو نائبه،ولا يجوز أن يقوم بذلك أحد من عامة المسلمين.

روى الترمذي عن نافعٍ، قال: نظر ابن عمر يومًا إلى الكعبة فقال: ما أعظمَك وأعظم حرمتك! والمؤمن أعظم حرمةً عند الله منك؛(حديث حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 1655).

(16) عباد الرحمن مقتصدون في كل شيء:
التوسط في جميع الأمور، حتى في العبادات، أمر محمود، حث عليه الإسلام؛ ليسعد المسلم في الدنيا والآخرة؛ ولذا فإن عباد الرحمن مقتصدون في جميع أمور حياتهم الدينية والدنيوية.

قال تعالى عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، ﴿ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]؛ كما قال: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 322).

قال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله فهو سَرَف،وقال الحسن البصري: ليس النفقة في سبيل الله سرفًا؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 322).

(17) عباد الرحمن يغضُّون أبصارهم ويتجنبون الوقوع في الفاحشة:
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

روى أبو داود عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ((يا علي، لا تُتْبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 1881).

وقال جل شأنه: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32].

وقال سبحانه: ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 1 - 3].

روى الحاكم عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ظهر الزنا والربا في قريةٍ، فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 679).

(18) عباد الرحمن لا يكذِبون ولا يشهدون الزور:
الكذب وشهادة الزور من كبائر المعاصي التي حذر الله تعالى منها عباده المؤمنين؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس تجنبًا للوقوع في الكذب وشهادة الزور.

قال تعالى عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72].

روى الشيخان عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟!))، ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله،قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين))، وجلَس، وكان متكئًا، فقال: ((ألا وقول الزور "وهو الكذب متعمدًا على الغير"))، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت؛(البخاري حديث 2654 / مسلم حديث 87).

(19) عباد الرحمن يستعيذون بالله من عذاب النار:
الله تبارك وتعالى حذَّر عباده من الإصرار على ارتكاب المعاصي، من غير توبة، حتى لا يتعرضوا لعذاب النار، وعباد الرحمن هم أشد الناس خوفًا من عذاب جهنم.

قال
ي للألباني حديث: 2814).

وروى الترمذي

عن عبدالله بن سلامٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعِموا الطعام، وصلُّوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلامٍ))؛(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2019).

(12) عباد الرحمن يخشون الله في السر والعلانية:
خشية الله تعالى هي سبيل النجاة في الدنيا والآخرة؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس خشية لله تعالى في السر والعلانية.

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11].
وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذَرُّوني في الريح، فوالله لئن قدر علي ربي، ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا، فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب، خشيتُك، فغفر له))؛ (البخاري حديث: 3481/ مسلم حديث: 2756).

(13) عباد الرحمن يعفُون عن الناس عند المقدرة:
العفو عن المخطئين من الناس هو وصية رب العالمين؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أكثر الناس تنفيذًا لهذه الوصية الربانية المباركة.
قال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].

قال سبحانه: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].

قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].

روى مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصَت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))؛(مسلم حديث 2588).

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان تاجر يُداين الناس، فإذا رأى معسِرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه))؛(البخاري حديث 2078 / مسلم حديث 1562).

(14) عباد الرحمن يعملون ليكسِبوا قوت يومهم:
الإسلام يدعو إلى العمل، والأخذ بالأسباب الشرعية لكسب المال؛ ليستعين به المسلم على أمور المعيشة،وعباد الرحمن هم أكثر الناس حرصًا على العمل مع إتقانه، ويكرهون أن يكونوا عالة على غيرهم.

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9، 10].

روى البخاريُّ عن المقدام رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيَّ الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده))؛(البخاري حديث 2072).

روى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه))؛(حديث حسن) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 1113).

(15) عباد الرحمن يراعُون حرمة دماء المسلمين وغير المسلمين:
الإسلام دين الرحمة والأمان لجميع الناس المسالمين، على اختلاف عقائدهم، وجنسياتهم، وعباد الرحمن هم أكثر الناس مراعاة لحرمة الدماء.

(1) قال سبحانه عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].

(2) قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا و
تعالى عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ و

َالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 65، 66].

(20) عباد الرحمن متواضِعون:
التواضع للناس وصيةُ رب العالمين لعباده المؤمنين، وبها ينال المؤمن مرضاةَ الله تعالى، وحب الناس؛ ولذا فإن عباد الرحمن متواضعون، ولا يتكبرون على أحد من الناس.

قال تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].
وقال سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

(1) روى مسلم عن عياض بن حمارٍ المجاشعيِّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحدٍ، ولا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ))؛(مسلم حديث 2198).

(2) روى مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))؛(مسلم حديث 69).

(21) عباد الرحمن رفقاءُ بالناس:
الإسلام ينهى عن العنف بجميع أشكاله، ويأمر بالرفق بالناس؛ ليعيش الناس في مودة ورحمة، وعباد الرحمن يتميزون بحسن الخلق والرفق مع من أساء إليهم.

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]؛ أي: إذا سفه عليهم الجهال بالسيئ، لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حِلمًا، وكما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص: 55]؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 320).

وقال سبحانه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].

روى مسلم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرِّفقَ لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانه))؛ (مسلم حديث 2593).

روى الشيخان عن أنس بن مالكٍ قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبَذ بردائه (جذب) جبذةً شديدةً، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاءٍ؛(البخاري حديث 6088 / مسلم حديث 1057).

(22) عباد الرحمن لا يحسدون أحدًا على نعمة وهبها الله له:
الحسد صفة مذمومة؛ لأنها اعتراض على نعمة الله التي وهبها لعباده،وعباد الرحمن أصحاب قلوب سليمة، لا تعرف الحقد، ولا تحسُدُ أحدًا على نعمة وهبها الله تعالى له.

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

قال ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ﴾ [الحشر: 9]؛ أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف، والتقديم في الذِّكر والرتبة؛(تفسير ابن كثير جـ 13 صـ 489).

قال: الحسن البصري: ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ ﴾ [الحشر: 9] يعني: الحسد؛(تفسير ابن كثير جـ 13 صـ 489).

(23) عباد الرحمن لا يخافون إلا مِن الله وحده:
قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 173 - 175].

قال الفضيل بن عياضٍ (رحمه الله): (مَن خاف اللهَ تعالى لم يضرَّه شيء، ومن خاف غيرَ الله لم ينفَعْه أحد)؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ 8 صـ 88).

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَ
نَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ

أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

(24) عباد الرحمن: يبادرون بالتوبة إلى الله تعالى:
اللهُ تعالى حث عباده على المبادرة بالتوبة النصوح قبل أن تخرج الروحُ من الجسد، وعباد الرحمن هم أسرع الناس بالتوبة الصادقة.

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 17].

(1) روى مسلم عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله؛ فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرةٍ))؛ (مسلم حديث: 2702).

(2) روى مسلم عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))؛(مسلم حديث 2759).

(3) روى الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: ((أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي،فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي،فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمَل ما شئت فقد غفرت لك))؛(البخاري حديث: 7507/ مسلم حديث: 2758).

(25) عباد الرحمن يتوكلون على الله تعالى، ويأخذون بالأسباب المشروعة للوصول إلى أهدافهم:
قال سبحانه: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58].

وقال جل شأنه: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [إبراهيم: 11].

روى الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وترُوح بطانًا))؛(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2344).

(26) عباد الرحمن يسترون عورات الناس:
روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يستُرُ عبد عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة))؛ (مسلم - كتاب البر - حديث: 72).

روى أبو داود عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر مَن آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4083).

(27) عباد الرحمن يتعاطفون مع المسلمين في كل مكان:
قال الله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].

روى مسلمٌ عن النعمان بن بشيرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مَثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))؛(مسلم حديث: 2586).

روى مسلم عن أنس بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))؛ (مسلم: 45).

(28) عباد الرحمن يراعون حقوق جيرانهم المسلمين وغير المسلمين:
قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَ
الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَ

مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه))؛ (البخاري حديث 6014).

روى مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر، إذا طبخت مرقةً، فأكثِرْ ماءها، وتعاهَدْ جيرانك))؛ (مسلم - كتاب البر والصلة - حديث 142).

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يمنَع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره))؛ (البخاري حديث 2463 / مسلم حديث 1609).

روى أحمد عن أنس بن مالك: أن غلامًا من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده وهو بالموت، فدعاه إلى الإسلام، فنظر الغلام إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال له أبوه: أطِعْ أبا القاسم، فأسلم، ثم مات، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده وهو يقول: ((الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))؛(حديث صحيح) (مسند أحمد جـ 21 صـ 78 حديث 13375).

(29) عباد الرحمن أصحاب قلوب سلمية، لا يحملون حقدًا لأحد من المسلمين:
قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 9، 10].

(30) عباد الرحمن يحرصون على الكسب الحلال ويجتنبون الشبهات:
يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275].

ويقول جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279].

(1) روى مسلم عن جابرٍ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكِلَ الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: ((هم سواء))؛ (مسلم حديث 1598).

(2) روى الشيخانِ عن النعمان بن بشيرٍ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بَيِّنٌ، وإن الحرام بَيِّنٌ، وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس؛ فمن اتقى الشبهاتِ استبرأ لدِينه وعِرضه، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمًى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛(البخاري حديث 52 / مسلم حديث 1599).

(31) عباد الرحمن يسألون الله تعالى أن يرزقهم الذرية الصالحة:
قال تعالى عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يعني: الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم وذرياتهم مَن يُطيعه ويعبُدُه وحده لا شريك له؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 332).

قال ابن عباسٍ: يعنون مَن يعمل بالطاعة، فتقَرُّ به أعينهم في الدنيا والآخرة؛(تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 332).
قال عكرمة: لم يريدوا بذلك صباحةً ولا جمالًا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين؛(تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 333).

(32) عباد الرحمن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة:
قال الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110].

وقال جل شأنه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [التوبة: 71].

وقال سبحانه: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل: 125].

روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛(مسلم حديث 49).
روى الشيخان عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والجلوس بالطرقات))،فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌّ، نتحدث فيها، فقال: ((إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه))، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غض البصر، وكفُّ الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))؛(البخاري حديث 2465 / مسلم حديث 2121).

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم.

وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
محاضرة.قيمة.بعنوان.cc
هــو ســمـاكــم الـمســلمــين
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

عناصر المحاضرة :
~ هو سماكم المسلمين
~ حقيقة الانتماء للإسلام ومعياره
~ مقتضيات الانتماء للدين
~ قوادح الانتماء للدين

هو سماكم المسلمين :
إن أعظم نعمة وأرفع هُويَّة وأشرف نسبة هي أن ينسب المرء للإسلام قال تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78]. فنسبة المرء لهذا الدين وانتماؤه إليه هي منبع العزة ومصدر الشرف قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله. (1)

وإن اعتزاز المسلم بالانتماء لدينه وصف لا ينفك عنه حتى في لحظات الضعف بل في لحظات الهزيمة

فهذا يوسف عليه السلام
يلقيه أخوته في غيابة الجب ليلتقطه سيارة فيبيعونه بثمن بخس دراهم معدودة؛ ثم يتعرض لفتنة امرأة العزيز فيسجن مظلوما على الرغم من طهره وعفافه ولكن هذه الظُّلامات وتلك الملمَّات لم تمنعه أن يجهر في محبسه باعتزازه بدينه وعراقة نسبه وانتمائه إليه وبراءته مما سواه {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [يوسف: 37- 38]

والجزاء من جنس العمل فقد امتن الله عليه بعدما مكث في السجن بضع سنين

وصيره عزيزا في مصر ليأتيه أخوته سائلين راجين واصفين إياه بلقب العزيز كما أخبر رب العزة {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88]

حقيقة الانتماء للإسلام ومعياره

إن انتماء المرء لدينه يحمل معنى الاستسلام لله بتوحيده والانقياد له بطاعته والخضوع والذل له وحده؛ وثمرة هذا أن يؤثر الدين في سلوك المتدين؛ قال تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138] قال القرطبي: فسمي الدين صبغة استعارة ومجازا من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب. (2)

وحقيقة الانتماء للإسلام ليست شعارات ترفع أو دعوى مجردة عن العمل ذلك أن العمل داخل في ماهية الإيمان ومسماه وهذا من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة؛ قال البخاري رحمه الله: لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم. . ثم سمى جماعة منهم، ثم قال: فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء: أن الدين قول وعمل؛ وذلك لقول الله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةِ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] (3)

من أجل ذلك كانت أوثق أسباب الروابط بين المسلمين نتاج التوافق في الدين

والمعتقد السليم والمنهج الصحيح، قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]

وقال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ

أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)} [[هود: 45-46]

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114]

مقتضيات الانتماء للدين

أولا: موافقة الشرع ومتابعة
النبي - صلى الله عليه وسلم-

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: دين الإسلام مبني على أصلين:

- أن نعبد الله وحده لا شريك له

- وأن نعبده بما شرعه من الدين

وهو ما أمرت به الرسل أمر إيجاب أو أمر استحباب، فيُعبد في كل زمان بما أمر به في ذلك الزمان. فلما كانت شريعة التوراة محكمة كان العاملون بها مسلمين، وكذلك شريعة الإنجيل.

وكذلك في أول الإسلام لما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى بيت المقدس كانت صلاته إليه من الإسلام، ولما أُمر بالتوجه إلى الكعبة كانت الصلاة إليها من الإسلام، والعدول عنها إلى الصخرة خروجًا عن دين الإسلام. (4)

فلا يكفي لقبول العمل أن يكون خالصا لله بل لابد أن يكون موافقا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-

قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ ا
لرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم

ْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]

وقال: تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]، فجعل محبة العبد لربه موجبة لاتباع الرسول، وجعل متابعة الرسول سببا لمحبة الله عبده.

وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى. (5)

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ. (6)، وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. (7)

ومتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- من لوازم شهادة أن محمدا رسول الله، ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى وزجر، وألا يُعبد الله إلا بما شرع. (8)

ثانيا: اتباع منهج السلف الصالح وتقديم فهمهم للنصوص

المقصود بالسَّلَف: أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن تبِعَهم بإحسان، فلم يَخْرُج عن منهجهم.

ومن دلائل صدق الانتماء إلى الدين اتباع منهج السلف الصالح واتباع طريقهم وتقديم فهمهم للنصوص، وقد قامت الأدلة على ربط الهداية والفوز باتباع منهج السلف الصالح من الصحابة ومن سار على نهجهم قال تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البقرة: 137]

وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]

قال ابن القيم: ومن المحال أن يخطئ الحق في حكم الله خير قلوب العباد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويظفر به من بعدهم. (9)

وقد توعد رب العزة من خالف طريق الصحابة وسلك غير سبيلهم؛ قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]؛ فاتباع طريق الصحابة والسلف الصالح فرع عن اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-

ويتميز علم السلف الصالح وفهمهم بالصفاء والاقتصار على ما ينفع وعدم الخوض في الجدال والخصام.

وما ظهرت البدع وتفرقت الأمة إلا عند الإعراض عن فهم السلف من الصحابة ومن تبعهم كما فعل الخوارج عندما خرجوا على المسلمين محتجين بفهمهم لنصوص الكتاب والسنة على نحو يخالف فهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وكان من نتيجة ذلك ما قاله ابن عبد البر: هم قوم استحلوا بما تأولوا من كتاب الله ( عز وجل ) دماء المسلمين وكفروهم بالذنوب وحملوا عليهم السيف. (10)

فضلوا السبيل فلم تغن عنهم كثرة قراءتهم وعبادتهم شيئا كما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من شأنهم: يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ

يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. (11)

وقد أمَر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتمسُّك بِفَهْم أصحابه، فقال: فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ. (12)

وسنة الخلفاء الراشدين أي ما فهموه لأنهم لا يخرجون عن الكتاب والسنة ليشرعوا تشريعًا جديدًا

ثالثا: الانتماء إنما يكون للدين وليس للأشخاص ولا الأفكار

قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}، قال ابن القيم: فأخبر سبحانه أن الهداية في طاعة الرسول لا في غيرها، فإنه معلق بالشرط فينتفي بانتفائه. (13)

وقال ابن القيم: قال الشافعي، رحمه الله: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس. (14)

وقال ابن القيم: إن الحجة الواجب إتباعها على الخلق كافة إنما هو قول المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وأما أقوال غيره فغايتها أن تكون سائغة الاتباع فضلاً عن أن يعارض بها النصوص. (15)

رابعا: التسليم لكل
ا؛ فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب. (21)

قال ابن رجب رحمه الله: وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعا وكفر بعضهم بعضا، وأصبحوا أعداءً وفرقا وأحزابا بعد أن كانوا إخوانا قلوبهم على قلب رجل واحد، فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية، وهم المذكورون في قوله -صلى الله عليه وسلم-: لا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا

يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. (22)

ثانيا: التشبه بغير المسلمين يقدح في الانتماء للدين

لقد أرادت الشريعة الإسلامية أن تجعل للمسلم شخصية متميزة عن غيره في الظاهر والباطن؛ وقد منع الشارع الحكيم التشبه بالكفار في عاداتهم وعباداتهم وأعيادهم وملابسهم فمن حديث أنس بن مالك عند مسلم، وفيه أن اليهود قالوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ. (23)

فالتشبه بغير المسلمين يقدح في صدق انتماء المرء لدينه.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية بعضا من أخطار التشبه بغير المسلمين وهي:

1- المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس؛ فإن اللابس ثياب أهل العلم يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة - مثلا - يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضيا لذلك، إلا أن يمنعه مانع.

2- ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف على أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين.

وكلما كان القلب أتم حياة، وأعرف بالإسلام - الذي هو الإسلام، لست أعني مجرد التوسم به ظاهرا أو باطنا بمجرد الاعتقادات من حيث الجملة - كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنا وظاهرا أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.

3- ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر، توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميز ظاهرا، بين المهديين المرضيين، وبين المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.

هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحا محضا لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم؛ كان شعبة من شعب الكفر؛ فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم.(24)

والحمد لله رب العالمين

••••━══════✿══════━••••

(1) أخرجه الحاكم (207)، وصححه الألباني في الصحيحة (1/117- 118)
(2) تفسير القرطبي (2/ 144)
(3) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 195)
(4) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، شيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 69)
(5) أخرجه البخاري (7280)
(6) أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718)
(7) أخرجه مسلم (1718)
(8) مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، 1/190.
(9) إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 106)
(10) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار (8/ 85)
(11) أخرجه البخاري (3610)، ومسلم (1064)
(12) أخرجه أحمد (4/127)، وأبو داود (4609) من حديث العرباض
(13) الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه (ص: 37)
(14) إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 6)
(15) الرسالة التبوكية (ص: 37)
(16) أخرجه مسلم (335)
(17) أبحاث في الاعتقاد عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف (ص: 28- 29)
(18) انظر: مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - باب الولاء والبراء.
(19) أبحاث في الاعتقاد (ص: 28- 29)
(20) الآداب الشرعية والمنح المرعية (1/ 237)
(21) مجموع الفتاوى (3/ 421)
(22) كشف الكربة في وصف أهل الغربة لابن رجب (ص: 319)
(23) أخرجه مسلم (302)
(24) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 93 - 94)

=========================
2024/09/25 20:24:58
Back to Top
HTML Embed Code: