Telegram Web Link
*إشراقة الصباح*
صباح الهداية
﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾
نردّدها مرارا،كم تحمل في
طياتها من هدايات ..
لم تُبقِ لك حاجة إلا حوتها..
☆أذكار الصباح☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

تلاوة صباحيه🎤
للقارىء : احمد العبيد
https://d.top4top.net/m_561m71xn3.mp3
☀️☀️
*إشراقة*
كن جميل الخلق قبل المظهر
فإن أحبك البشر لمظهرك
فإن المظاهر زوالة وإن أحبوك
لخلقك فإن الخلق يرتقي ويبقى.🍀

نعيم اهل الجنة🌴
https://youtu.be/JYMX-2bIUuY

‏واجعل *لِصباحك* وقتٌ تتصدق
‏عن أعضائك لِتزداد خيرًا
‏سُنة *الضُحى* صلاة اﻷوابين

》 *وختاااما*《
‏اترك الجوال الآن..
خذ كتاباً، تحدث مع من بجوارك
اعمل على مشروع، قم برياضة،
اجلس في صمت
عد بعد ساعتين أو يومين أو سنة
أضمن لك لن يفوتك شيء
🦋 *صباح الإنجاز* 🦋
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
*إشراقة نبوية*
٢٢ / ١٠ / ١٤٣٨هـ

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال النبي ﷺَ :
[[ *أوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَومَ القِيَامَةِ في الدِّمَاء* ]]. متفق عليه

🔶 *هداية الحديث*:
ـ أول ما يُحاسَب عليه العبد من حقوق الله الصلاة ، أمّا في حقوق العباد فأول ما يُقضى بينهم في الدماء ( القتل ).
ـ يعظُم الذنبُ بحسب عظم المَفسدة وتفويت المصلحة ، ولهذا عَظُم شأن الدماء لِما فيه من الضرر بحصول القتل وتفويت مصلحة النفس.
*إشراقة الصباح*
ليكن الصباح
ملگ يمينگ
ثق بالله ..
وروض تقاسيم وجهگ
إرتد البشاشةة ..
وأسعى في طرقات الأمل ..
*صباح_الورد*💓
☆ *أذكار الصباح*☆
*أذكآر الصبآح | نور لِقلبك*

تلاوة صباحيه🎤
للقارىء : هزاع البلوشي
https://d.top4top.net/m_561ilx4x3.m4a
☀️☀️
*إشراقة*
‏﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ العَالمِينَ﴾
في الصباح يُشرق الأمل في النفوس المؤمنة,بأن كل ما كتبه الله لنا خيراً

*هَمسَة إيمَانيّه*
نفدَ صبرك؟ ضاق صدرك؟ حاصرك الغم؟ *اصرِف* لنفسِك علاجاً سماويَّاً؛ صفحة من مصحف تقرؤها، وتلاوة تسمعها، أو ذكرا تردده 🌿'

📍 *وقفة*
مهما كانت نيتك صافية
لن تنجو من ظنون الناس السيئة ،🍃

وما الحياة إلا لحظات مغادرة
فاستثمرها
*صلاة الضحى*

》 *وختاااما*《
بهدوء الصباح وروعتــه..
ربي لا تحرمنا من أمنية تُفـرح قلوبنــا، وتوبة تجلي همومنــا، وتوفيقًا ينير دروبنــا، وسعادة تذهب حُزننــا
ربي أشرق مع نور شمسك بشائرآ من الفرح تسعدني وتسعدهم♡
ﮩ•••✾•◆❀◆•✾•••ﮩ
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◤ الاثنين ◥
٢٣/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
17/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

‌‏ٌ‏﴿ وآتاكُم من كُلِّ ما سألتموه ﴾
لم يقُل سبحانه “بعض"
وإنما ‏قال : ﴿ كُل﴾
دليل على أنه لا يوجد دعوة
تذهب للهباء...
إما أن تستجاب، أو يُدفع بها بلاء،
أو تُدخر يوم القيامة .!...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الدعاء...@
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
خطبــةجمعـــةبعنــوان.cc
الــحـــاجـــة إلـــى الـــتـــــفـــاؤل
للشيـــخ/ عبـــدالبـــاري الــثـبــيــتي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

ملخص الخطبة :
1- تقلّب أحوال الحياة. 2- حال الأمة الإسلامية. 3- الحاجة إلى التفاؤل في أوقات الأزمات. 4- تفاؤل الرسول . 5- ثمرات التفاؤل. 6- خطر التشاؤم والاغترار بالأعداء.

الخطبـــــة.الأولـــــى.cc
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

الحياة تتقلّب صفحاتها بين خير وشدّة وسرور وحزن، وتموج بأهلها من حال إلى حال؛ بسطٌ وقبض، سراء وضراء، قال الله تعالى: وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]. وفي الحياة مصائب ومحن وابتلاءات، قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ [البقرة:155] .

وفي الأمة اليوم حالة مُرعبة من قلب المآسي، تصدُّعُ وحدتها، تفرُّق كلمتها، اشتداد البأس وألوان البلاء من قتلٍ وتشريد مع فشوّ الجهل، ولما أصابها من نكبة الذلّ والهوان وتكالب الأعداء. وفي الأمة انتشار الفساد والتحلّل بين أبنائها بصنو الإغواء والإغراء .

أحداث الحياة وشدائدُ الأحداث وأحوال الأمة قد تورث المرءَ لونا من اليأس والقنوط الذي هو قاتلٌ للرجال ومثبِّط للعزائم ومحطّم للآمال ومزلزل للشعور .

وفي أوقات الأزمات تعظم الحاجة لاستحضار التفاؤل، والمتأمّل في سيرة النبي يجد تأكيده الأكيد والحرص الشديد على التبشير في موضع الخوف وبسط الأمل في موضع اليأس والقنوط؛ حتى لا تُصاب النفوس بالإحباط .

قال خباب بن الأرتّ رضي الله عنه: أتيت النبي وهو متوسّد بردَه، وهو في ظلّ الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدّة، فقلت: يا رسول الله، ألا تدعو الله لنا؟! فقعد وهو محمرّ وجهُه فقال: ((لقد كان من قبلكم ليمشَط بمِشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشَقّ باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليُتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه)) رواه البخاري .

ويبشّر الرسول عديّ بن حاتم بمستقبل عظيم لهذا الدين فيقول: ((لعلّك ـ يا عديّ ـ إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلّك إنما يمنعك من الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوّهم وقلّة عددهم، فوالله ليوشكنّ أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من الدخول أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم، وايمُ الله ليوشكنّ أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم))، قال عديّ: فأسلمت.

من قلب رحِمِ الفتنة ينطلق الصوت الكريم بالتفاؤل، يقول رسول الله : ((والذي نفسي بيده، ليفرّجنّ الله عنكم ما ترون من شدّة، وإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمنًا، وأن يدفع الله إليّ مفاتيح الكعبة، وليهلكنّ الله كسرى وقيصر، ولتُنفقُنّ كنوزهما في سبيل الله)).

هكذا يكون الرجال بالإيمان، يحوّلون الألم إلى أمل، والتشاؤم إلى تفاؤل، والضيقَ إلى سعة، والمحنة إلى منحة، فتتقدّم الحياة وتنمو ويستمرّ عطاؤها.

المسلم المتفائل لا يسمح لمسالك اليأس أن تتسلّل إلى نفسه أو تعشّش في زوايا قلبه، قال تعالى: إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87].

ومع ترادفِ صنوف البلاء على يوسف عليه السلام ثبت ولم يقنط ولم ييأس، فجاءه نصر الله وجعله على خزائن الأرض.

غمر التفاؤل حياة النبي ، ورسّخه مبدأً ساميًا، وربّى عليه الأوائل الأفذاذ. نزل في علوّ المدينة في حيّ يقال لهم بنو عمرو بن عوف كما في البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهذا تفاؤل له ولدينه بالعلو. رأى راعيًا لإبل فقال: ((لمن هذه؟)) فقال: لرجل من أسلم، فالتفت إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: ((سلمتَ إن شاء الله)).

بدّل اسم امرأة تدعى: عاصية إلى جميلة، واسم رجل يدعى: أصرم إلى زرعة. وفي الحديبية جاء سهل يفاوض النبي عن قريش، فتفاءل رسول الله وقال: ((سهلٌ إن شاء الله)).

هذه هي القيادة الرائعة التي تلتمس الأسباب؛ لتنشر وتبذر في النفوس التفاؤل.

"تفاءلوا بالخير تجدوه"
ما أروعها من كلمة، وما أعظمها من عبارة.

المتفائل بالخير سيحصد الخير في نهاية الطريق؛ لأن التفاؤل يدفع بالإنسان نحو العطاء والتقدّم والعمل والنجاح، وكما قال ربنا تبارك وتعالى: إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا [الأنفال:70]، فاجعل في قلبك خيرًا وأبشر.

أعلى التفاؤل توقّع الشفاء عند المرض والنجاح عند الفشل والنصر عند الهزيمة وتوقُّعُ تفريج الكروب ودفع المصائب والنوازل عند وقوعها، فالتفاؤل في هذه المواقف يولّد
أفكارَ ومشاعر الرضا والتحمّل والأم

ل والثقة، ويبعد أفكار ومشاعر اليأس والانهزامية والعجز.

أساس التفاؤل الثقة بالله والرضا بقضائه، وغذاؤه علمُ المؤمن أنّه لن يصيبَه إلا ما كتبه الله له؛ فهو سبحانه الذي يملك كلَّ شيء، فلا يستبطئ الرزق، ولا يستعجل النجاة، ولا يقلق على حال الأمة.

يتفاءَل حتى لو نزلت به مصيبة أو دهمه مرض أو فقر أو فقد ولدًا أو زوجة. يتفاءل مع العمل على دفع ما يقدر من بلاء أو تخفيف ما نزل بأمته من ضرّ، ثمّ يطمع في ثواب الصبر وتحمّل المشاقّ. نتفاءل لأنّ في كلّ محنة منحةً، ولا تخلو مصيبة من غنيمة، تقول أمّ السائب: الحمّى لا بارك الله فيها، فينهاها النبي : ((لا تسبّي الحمّى))؛ فلها فوائد: تهذّب النفس وتغفر الذنوب، تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد، قال : ((ما من مسلم يُشاك شوكة فما فوقها إلا كُتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة)) رواه مسلم .

ففي معترك المصائب أوقِد جذوةَ التفاؤل، وعِش في أمل وعمل ودعاء وصبر، ترتجي بعض الخير وتحذر الشرّ. كان النبي إذا استسقى قلب رداءه بعد الخطبة تفاؤلا بتحوّل حال الجدب إلى الخصب .

التفاؤل الذي نتحدّث عنه هو الذي يولّد الهمّة ويبعث العزيمةَ ويجدّد النشاط. المسلم المتفائل متوكّل على الله، أكثر الناس نشاطًا، أقواهم أثرًا، كلّ عسير عليه يسير، وكلّ شدّة فرجُها آتٍ وقريب.

المتفائل دائمًا يتوقّع الخير، يبتسم للحياة، يحسن الظنَّ بالله، والله عز وجلّ بيده مقادير الأمور، وهو سبحانه سيكشف الضرَّ الذي نزل بالأمّة، وسيجعل بعد العسر يسرًا، وبعد الضيق فرجًا، وبعد الحزن سرورًا، يرجو رحمة الله، ويتعلّق بحبل الله المتين، وتلك ثمرة الإيمان، قال رسول الله : ((إنّ حُسن الظنّ بالله من حسن عبادة الله)).

ونحن بحاجة إلى الأمل الذي يحيي النفوس، والعمل الذي يرفع عن الأمّة حالة الذلّ والهوان، وأخطر الناس من عاش بلا أمل، يسقط فلا ينهض؛ ذلك أن اليأس يسوق إلى الأفعال اليائسة، فإذا كان المرء مصابًا بالقنوط مما نزل به من مصائب أو يأسٍ من إصلاح الناس غدت الحياة في منظاره سوداء، يكره الناس، لا يثق بهم، وقد يندفع للانتحار أو العنف والقتل الذي هو الأسلوب الناجع بزعمه وضلاله، قال تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:127، 128].

بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ العَظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيهِ منَ الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر اللهَ العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرّحيم.


الخطبـــــة.الثانيـــــة.cc
الحمد لله الذي خلق فسوّى، والذي قدّر فهدى، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آلِه وصحبه، وسلَّم تسليما كثيرا.

أمّا بعـــــد عبـــــاد الله :
فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ.

الحديث بالتشاؤم عن حال المسلمين يفتّ في عضد المسلمين، ويصيب بالحزن والقنوط. الذي يردّد كلمات الخوَر والاستسلام يظنّ أنّه بذلك قد وجد لنفسه عذرًا يتخلّص به من محاولة القيام بالواجب، ومن كان هذا حاله لا تسري في عروقه روح الأمل، فلن يصنع تأريخا، ولن يبني خيرًا، ولنستمع إلى رسول الله وهو يهذّب النفوس ويربيها على العطاء والخير، يقول: ((إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكُهم)) رواه مسلم.

إن كثرةَ الكلام عن قوّة الأعداء من الكفار قد تورث القلوب وهنًا، فتتوهّم الضعف وقوّة الحيلة، فيجرّها ذلك إلى اليأس وترك العمل، ويفضي ذلك إلى إطلاق الأحكام على الناس واعتزالهم وتكفيرهم .

ودواء ذلك أن تمتلئ النفوس ..
بالثقة بالله والتصديق بوعده، ثم تبذل الأسباب لتحقيق ذلك بالعمل والبناء، قال تعالى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51].

وفي ميدان الدعوة تفاؤلٌ وتيسير وتبشير، قال : ((يسّروا ولا تعسّروا، وبشروا ولا تنفروا)) .

أما الذي يتنطع في دعوته ..
ويتشدّد في قوله وسلوكه يثبّط العزائم ويحطّم المعنويّات وينفّر من النصر، وهذا حال المتشائم، لا عمل لديه، ولا همّة في نفسه، ولا غاية تحدوه، ولا هدف يدفعه، [خمود] وأوهامٌ وأحلام، وعملُه تعداد السلبيات وسوء ظنّ بالآخرين. هذا عبءٌ على مجتمعه وأمته، يعيش على هامش الحياة صغيرَ الشأن خاملَ الذكر، قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور:55].

ألا وصلّوا ـ عبادَ الله ـ على رسولِ
الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
أدركــوا المســجــــد الأقـصــى
للشيخ/ محمد كامـل السيـد رباح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولــى.cc
الحمد لله الذي في السماء تعالى و تقدس واصطفى من البقاع الحرمين الشريفين والبيت المقدس وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله شرفه الله تعالى بالرسالة وعرج به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى..

وبعد:
ستبقى قضية المسجد الأقصى مسرى نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم هي قضية الأمة الأولى في صراعها مع عدوها اللدود "اليهود" ومن وراءهم من العالم الغربي الصليبي.

وستبقى قضية الأقصى محطّ اهتمام كلّ مؤمن بالله، صادق الإيمان، وفي قلب كلّ متّبع لنبي الله صلى الله عليه وسلم.

وستبقى قضية الأقصى هي "رحى" المعركة مع اليهود التي لن تهدأ إلا بخروجه ذليلا صاغرا.

أيها الناس: لا تهون مقدسات أمة عليها إلا حين يهون دينها في قلوب أفرادها، وإذا هان دينهم في نفوسهم تسلط أعداؤهم عليهم، فأذلوهم وأهانوهم، ولم يحفظوا لهم حقًّا، ولم يفوا لهم بعهد.

والأمة المسلمة في زمننا هذا تمر بمرحلة عسرة جدًّا؛ إذ انتفش صهاينة اليهود وصهاينة النصارى، وأعانهم المنافقون على ظلمهم، مع تفريط كثير من المسلمين في دينهم، وعدم مبالاتهم بحقوق أمتهم ومقدساتها، وكثر حديث الناس في هذه الأيام عن عزم اليهود على هدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل الثالث؛ لإقامة مملكة داود الكبرى.

ان المسلم الغيور ليقرأ في احتلال اليهود للأرض المقدسة وتدنيسِهم لساحات المسجد الأقصى ما هو أبعد من ظاهر الصورة، إنه يقرأ في ذلك ما هو أسبق منه حدوثاً، يقرأ فيه تقويضاً سابقاً لمعالم الدين ومكانته في نفوس أبنائه قبل أن يُدنَّس الأقصى برجس يهود، ويقرأ في ذلك هوانَ مقدساتِ الشريعة الحسيةِ والمعنويةِ وشعائرِها التعبدية في قلوب الأمة قبل احتلال الأرض المقدسة وبعده، وما سقطت مقدساتُ الأمة في أرض المقدس إلا بعد أن سقطت الأمة نفسُها في ضحضاح الذلة والصَّغار، فلم يبق لها ولا لمقدساتها حرمةٌ تحترم.

عباد الله: هل نسي المسلمون ما للأقصى من مكانة في الإسلام، أنسوا أن الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى، صلى إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أثني عشر شهرا.

أنسوا أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله وتوحيده، كما في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع في الأرض أولا؟: قال:
"المسجد الحرام"،
قلت: ثم أي؟
قال: "المسجد الأقصى
"، قلت: كم بينهما؟
قال:
"أربعون سنة".

أنسوا أن المسجد الأقصى تضاعف فيه الصلاة ويعظم الثواب، قال صلى الله عليه وسلم.

"الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة".

قال ابن تيمية رحمه الله:
"بدأ الخلق والأمر من مكة المكرمة، وجعل الله بيت المقدس وما حوله محشر خلقه؛ فإلى بيت المقدس يعود جميع الخلق وهناك يحشر الخلق؛ ولذا جاء في الحديث أنها (أرض المحشر والمنشر)؛ فهو البيت الذي عظمته الملل، وأكرمته الرسل، وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة من الله عز وجل: الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن".

إن نسي المسلمون تلك المكانة الرفيعة لتلك البقعة المباركة، فإن المولى سبحانه قد تكفل بحفظها وإعادتها إلى حياض المسلمين، وسيبقى المسجد الأقصى منارة من منارات الإسلام الشامخة طال الزمان أو قصر.

إخوة العقيدة:
لم يُبرز التأريخ قضيةً تجلّت فيها ثوابتُنا الشرعية، وحقوقنا التأريخية، وأمجادنا الحضارية، كما برزت فيها الأحقاد الدولية، وظهرت فيها المتناقضات العالمية، وانكشف فيها حرب المصطلحات، وتعرّى فيها بريق الشعارات، وسقط القناع عن التلاعب فيها بالوثائق والقرارات، كقضية المسلمين الأولى، قضية فلسطين المسلمة المجاهدة الصامدة، والقدس المقدسة، والأقصى المبارك، حيث تشابكت حلقات الكيد في سلاسل المؤامرة، لتمثل منظومةً شمطاءَ من العداء المعلن، والكره المبطّن، في تآمر رهيب من القوى العالمية، كان من أبرز إفرازاته الخطيرة انخداعُ كثير من بني جلدتنا بخطط أعدائنا، ويتجلى ذلك في إقصاء قضية فلسطين والقدس والأقصى من دائرتها الشرعية ومنظومتها الإسلامية، إلى متاهاتٍ ومستنقعات من الشعارات القومية والإقليمية، والنعرات الحزبية والطائفية، وذلك - لعمر الحق - بترٌ لها عن قوّتها المحرِّكة، وطاقتها الدافعة المؤثرة، حتى تاهت القضية في دهاليز الشعارات، والتواء المسارات، وظلام المفاوضات، ودياجير المساومات، وأنفاق المراوغات، في معايير منتكسة، وموازين منعكسة، ومكاييل مزدوجة، تسوِّي بين أصحاب الحقوق المشروعة وأصحاب الادعاءات الممنوعة، حتى خُيِّل لبعض المنهزمين أن القضية غامضة شائكة، لغياب التأصيل العقدي والشرعي لهذه القضية أولسنا أمةً لها مصادرها الشرعية، وثوابتها العقدية، وحقوقها التأريخية؟!

أيها المسلمون: كان المسجد الأقصى على مرِّ التاريخ مسجداً ل
لمسلمين من قبل أن يوجد اليهود ومن

بعد ما وجدوا؛ فإبراهيم عليه السلام هو أول من اتخذ تلك البقعة مسجداً، وقد قال الله تعالى عنه.

﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِياًّ وَلاَ نَصْرَانِياًّ وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67]، وليس لبني إسرائيل يهوداً ونصارى علاقة بالمسجد الأقصى إلا في الفترات التي كانوا فيها مسلمين مع أنبيائهم المسلمين عليهم السلام، أما بعد كفرهم بالله تعالى، وشتمهم إياه، وقتلهم الأنبياء فقد انبتت علاقتهم بهذا المسجد الذي تحول إلى إرث المسلمين المؤمنين بجميع الأنبياء عليهم السلام.

ولكن اليهود والنصارى في هذا الزمن لا يسلمون بذلك، ويحاربون المسلمين عليه؛ إذ يعتقد اليهود أن بناء الهيكل الثالث سيخرج ملكاً من نسل داوود عليه السلام، يحكمون به العالم، ويقتلون غير اليهود، كما يعتقد النصارى أن نزول المسيح سيكون في الأرض المباركة، وأنهم سيكونون أتباعه، ويقتلون به غير النصارى؛ فالصراع على بيت المقدس هو صراع ديني عقائدي، يعتقد صهاينة اليهود والنصارى أنهم لن يستطيعوا حكم العالم إلا بعد بناء الهيكل فيه؛ ولذا فلن يتنازلوا عنه مهما كلف الأمر.

إن فلسطين - تاريخاً وأرضاً ومقدسات ومعالم - هي إرث المسلمين، إرثٌ واجب القبول، متحتم الرعاية لازم الصون، إنه ليس خياراً يتردد فيه المترددون أو شأناً يتحير فيه المتحيرون؛ لهذا وذاك كان أكثر ما سُفِك من دماء المسلمين، وأضرى ما وقع من حروبهم على مر التاريخ حول تلك البقعة، وعلى ذلك الثرى والدم الذي سكبه المسلمون أيام الحروب الماضية، لم يكن لينضب وفي المسلمين أوردة تنبض.

إن المسلمين مدعوون في هذا الزمن إلى العودة إلى الدين، وإلى فهم الإسلام الفهم الصحيح المتكامل، وإلى الاعتزاز بالإسلام والدعوة إليه، والتفاني في التضحية من أجله بالغالي والنفيس.

كما أن على المسلمين تحقيق الولاء والبراء،

ففي الحديث:
" أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله "

فبغض اليهود والنصارى من مقتضيات التوحيد:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة:51].

كما يجب على المسلمين إقامة الوحدة الإسلامية بين المسلمين والسعي في تحقيقها، وبداية ذلك بتوثيق رابطة الإخاء بين المسلمين، وإشاعة المودة والرحمة بينهم، والسعي في مصالحهم، والسؤال عنهم، ونصيحتهم ومناصرتهم.

ويجب على المسلمين إحياء شريعة الجهاد في سبيل الله؛ ففي الجهاد العزة والتمكين، والجهاد هو السبيل الوحيد لاسترداد المقدسات، والذود عن الأعراض والدماء والممتلكات.

ويجب الوقوف مع الأخوة في فلسطين بكل يملكه الإنسان من دعم مادي، سواء بدفع الزكاة المشروعة، أو التبرع العام؛ لدعم الأسر الفقيرة، وبناء المستشفيات، وتعليم الأبناء في المدارس والجامعات، ويوجد جهات مصرح لها بجمع التبرعات؛ لأن تقوية اقتصادهم هو مما يقويهم، ويقهر عدوهم، ويفشل مخططاته، في حصارهم وتجويعهم.

كما يجب التعاطف مع الإخوة المحاصرين والمجاهدين والمسجونين والمشردين بالدعاء لهم، والسؤال عنهم، ومتابعة قضيتهم، وبيان عقائد اليهود وما يخططون له، فكل هذه مما بخدم القضية، وينصر الأخوة، ويقطع الطريق على المجرم، ويفشل خطط المستعمر، ويقيم العدل ويستعيد المقدسات، ويحمي الدماء والأوطان، وما ذلك على الله بعزيز.

أيها الأحبة الكرام: إن من الناس مَن لا عمل له في نصرة الأقصى إلا المناداةَ لنصرته، ومطالبةَ الحكومات بتحريره، والتباكيَ على احتلاله، وإلقاء التبعة والمسؤولية في ذلك على الآخرين، لا عمل له سوى ذلك، ولو تتبعت حالَه لوجدته أبعدَ الناس استعداداً لنصرة الأقصى، وهو فيما يستطيعه من أعمال النصرة مضيِّعٌ مفرط، فقضية المسجدِ الأقصى مغيبةٌ في مجالسه وبيته، ولا حظَّ للمسجد الأقصى في دعائه، لا يمل أن يدعوَ لنفسه بسعة الرزق وكثرةِ الولد، ثم يبخل أن يجعل للأقصى نصيباً من دعائه.

إن كثيراً من الأمة مبتلى بالتولّع بالمطالبات، ولكنه في نفسه لا يريد أن يصنع شيئاً، يذكر ما على الآخرين تجاه الأقصى من واجبات، ولا يذكر ما على نفسه له من واجب؛ هَوَسٌ محمومٌ في المطالبات، وبخل شديد بالعمل والمبادرات.

هؤلاء أقوامٌ مبتلون لا يحسنون إلا الكلام، وإنما هو الكلام في المطالبات وإلقاء التبعة واللوم على الآخرين، فهم بحقٍ ظاهرةٌ صوتيةٌ فحسب، ونسألهم سؤال الناصح المحب: هل لقضية القدس حضورٌ في بيوتكم؟ هل وَسِعَتْ مَكتَباتُكم الشخصيةُ مؤلفاتٍ في تأريخ الأرض المقدسة والمسجد الأقصى؟ هل وسعت كتباً في تاريخ الاحتلال الصليبي والصهيوني من بعده؟.

هل وسعت لغير ذلك من الوثائق والخرائط والصور والبرامج؛ لتصبح بذلك قضيةُ فلسطين قضيةً حيةً في بيوتكم يعِيها صغارُكم ككباركم؟ أم تُراها ضاقت عن كل ذلك، ثم صارت متسع
اً لاستقبال قنوات اللهو والعبث والف

جور، التي تديرها أيدٍ غربية صهيونية يتربى على خَبَثِها أولادكم؟.

إن البيوت الخربة التي خلت من ذكر الله، وضُيِّعَتْ فيها الصلاة، وصارت مناخاً ومحطاً لما يتهدد الأخلاق والهوية من أفكار غربية منكرة، لهي أبعدُ البيوت عن نصرة الأقصى؛ وإن رجلاً هذا حالُ بيته لحقيق أن يصمت فلا يلقي باللائمة والتقصير على الآخرين ما لم يقم هو بواجبه.

إن نصرة الأقصى لا تأتي عبطاً ولا عفواً من غير استعداد وتأهيل، ومن لم ينصر الله بإقامة دينه واستصلاح بيته وتربية أهله وولده على ما يُرضى اللهَ سبحانه، فليس بجدير أن ينصر الأقصى.

ينقم بعض هؤلاء على الحكومات العربية والإسلامية كثرةَ اختلافها وتنازعِها وتفرقِها، وهو في ذلك محق صادق؛ ولكنه هو الآخر حقيقٌ بهذا العتاب واللوم؛ لأنه من أشد الناس وأوسعهم اختلافاً وتنازعاً ومشاحنة، ومن أفجرهم خصومة عند أدنى خلاف، لم يترك أحداً إلا خالفه وعاداه وهجره؛ حتى جيرانه وأهل بيته لم يَسْلَموا من تعنُّتِه وغلوائه وفجورِه في خصومته، أفيكون هذا صادقَ اللهجة والعاطفة حين يتباكى على تفرق الأمة واختلافها وضياعِ بعض مقدساتها؟ لَعَمْر الحقِّ! لو صدق هذا عاطفةً ولهجةً لكان أسرعَ الناس نصرةً لمقدسات الأمة بنصرة الإسلام في سلوكه وولايته على أهله وولده.

بل إن من المضحك أن ترى بعضهم من أشد الناس صوتاً في التنادي لتحرير المسجد الأقصى، وهو رجل كثير التخلف عن الصلاة حيث ينادى لها، بل هو لها من أشد الناس تضييعاً، فبأي شيء سيعظِّم المسجدَ الأقصى لو حضر تحريرَه؟ وهل شيء أولى في تعظيم المسجد الأقصى من ذكر الله فيه والصلاة؟ ماذا يعني هذا الرجلَ الذي لا يصلِّي أن يُحرَّرَ المسجدُ الأقصى أو لا يحرر؟!.

إن على الغيورين الذين يزعمون صدقاً في العاطفة والغيرة على مقدسات الشريعة أن يترفعوا عن دعاوى العواطف ولججِها إلى حيث تكونُ العاطفةُ الصادقةُ المثمرةُ التي تتحمل من المسؤولية والتبعة أكثرَ مما تلقيه على الآخرين.

=========================
أنقذوا المسجد الأقصى المبارك قبل فوات الأوانتاريخ النشر: 2013-09-06 

 

الخطبة الأولى :

أيها المسلمون :

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم :  {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} .

 تحتل  بلادنا فلسطين بصفة عامة ومدينة القدس بصفة خاصة مكانة مميزة في نفوس العرب والمسلمين ، فهي المدينة التي تهفو إليها النفوس، وتشد إليها الرحال،  كيف لا؟ وفيها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين ، وثاني المسجدين ، وثالث الحرمين الشريفين ، وفيها التاريخ الإسلامي العريق الذي يزرع نفسه بقوة في كل شارع من شوارعها، وكل أثر من آثارها ، وكل حجر من حجارتها المقدسة .

لقد ربط الله سبحانه وتعالى بين المسجد الحرام  بمكة المكرمة والمسجد الأقصى بالقدس  كما في الآية السابقة ، حيث افتتحت بها سورة الإسراء ، وذلك حتى لا يفصل المسلم بين هذين المسجدين ، ولا يفرّط في أحدهما، فإنه إذا فرّط في أحدهما أوشك أن يفرّط في الآخر ، فالمسجد الأقصى ثاني مسجد وُضِعَ لعبادة الله في الأرض كما ورد عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – قال : قلتُ يا رسول الله : أي مسجد وضع في الأرض أولاً : قال " المسجد الحرام، قلتُ ثم أي ؟ قال: المسجد الأقصى ، قلتُ : كم بينهما ؟ قال : أربعون عاماً "  .

أيها المسلمون :

لقد حث نبينا – صلى الله عليه وسلم – على السكنى في هذه البلاد المباركة كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده  بسنده عن ذي الأصابع قال : " قلت يا رسول الله: إن ابتُلِينَا بعدكَ بالبقاءِ أينَ تأُمرنا ؟ قَالَ :عليكَ ببيتِ المقدس فلَعلَّه أن يُنْشَأَ لك ذرَّية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون"، ففلسطين عامة، وبيت المقدس خاصة هي الملجأ وقت اشتداد المحن والكروب ، ومن المعلوم أن فلسطين أرض وقف إسلامي إلى يوم القيامة بأرضها، ومساجدها ، ومصلياتها ، ومقابرها... .

أيها المسلمون :

إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل جاهدة على تهويد المدينة المقدسة وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، وما تصريحات نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي والتي أعلن فيها أن معركة السيادة على المسجد الأقصى  قد بدأت، ومن المعلوم أن مدينة القدس محتلة منذ عام 1967م، ولكنه يقصد بتصريحاته السيطرة الفعلية على المسجد الأقصى المبارك، وما تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل شهور عنا ببعيد، حيث قال: إن القدس لم ترد مطلقاً في القرآن الكريم، ونحن هنا نقول له: إن القدس وفلسطين وردتا في القرآن الكريم  في قوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ } ، قال المفسرون : الأرض المقدسة هي فلسطين، وكذلك قوله تعالى {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً}،،ذهب جمهور المفسرين على أن المراد بالقرية " مدينة القدس".

كما يزعم المستشرقون بأن المسجد الأقصى ليس مهمًا بالنسبة للمسلمين حيث يأتي في المرتبة الثالثة بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، ونحن هنا نرد عليهم قائلين بأن الله عز وجل قد جعل المسجد الأقصى المبارك توأماً لشقيقه المسجد الحرام، حيث ربط بينهما برباط وثيق في صدر سورة الإسراء كما في قوله تعالى :{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إَلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هذا، وَالمَسْجِدِ الأقْصَى"، فهذا يدل على الاهتمام الكبير الذي أولاه الرسول -عليه الصلاة والسلام- للمسجد الأقصى المبارك، حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة وبركة شقيقيه المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة.

كما يزعم هؤلاء بأن العرب والمسلمين قد أهملوا المدينة المقدسة عبر التاريخ، ونحن نقول لهم : بأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يخرج من الجزيرة العربية إلا إلى القدس في رحلة الإسراء والمعراج، يوم صلَّى – صلى الله عليه وسلم- إماماً بالأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، كما أن سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي فتحت في عهد مصر، ودمشق، وبغداد لم يذهب لاستلام مفاتيح أي عاصمة ، وإنما جاء إلى القدس في إشارة منه – رضي الله عنه – إلى مكانة هذه المدينة في عقيدة الأمة ، كما جاءها عشرات الصحابة الكرام  – رضوان الله عليهم أجمعين- .

أيها المسلمون :

إن مدينة القدس  بصفة عامة والمسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة  يتعرضان لهجمة شرسة من قبل المحتلين ،حيث تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم بيوت المقدسيين ومصادرة آلاف الدونمات من أراضيهم، لت
وسعة المستوطنات وبناء مستوطنات جديدة، بالإضافة إلى إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن طرح عطاءات  لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية داخل مدينة القدس وحولها بهدف عزل هذه المدينة عن محيطها ، واعتبار الساحات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك " ساحات عامة "، وكذلك اعتبار المواطنين المقدسيين مجرد مقيمين في مدينتهم من خلال وضع لفظ ( مقيم ) في بطاقاتهم الشخصية وتحديد ذلك بمدة معينة ، وبهذا العمل يصبح المواطن المقدسي مجرد زائر لمدينته المقدسة وإقامته فيها مؤقتة، وبذلك تصبح أملاكه وعقاراته وممتلكاته معرضة لتصبح أملاك غائبين ، حيث تُخطط سلطات الاحتلال لتطبيق ذلك على كل مواطن مقدسي موجود خارج المدينة المقدسة لأي سبب كان، فتطبيق قانون أملاك الغائبين على سكان  مدينة القدس هو تطهير عرقي تمارسه سلطات الاحتلال في المدينة، من أجل مصادرة عقارات المقدسيين ومنحها للمستوطنين بهدف تغيير الواقع الديموغرافي في المدينة المقدسة ، وكذلك مناقشة الكنيست  قبل أيام لمشروع سنّ قانون يسمح بدخول المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى المبارك في جميع الأوقات ومن كل الأبواب،  وكذلك إقامة سلطات الاحتلال الإسرائيلي للقطار الخفيف والقطار الهوائي والأنفاق الأرضية،  وما قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً بتحويل مسجد النبي داوود في مدينة القدس المحتلة إلى كنيس يهودي ، وإزالة كافة المظاهر الإسلامية فيه عنا ببعيد؟!

إن الشعب الفلسطيني المرابط يدافع عن كرامة الأمتين العربية والإسلامية  في فلسطين، لذلك فإن الواجب على أبناء الأمتين العربية والإسلامية ضرورة الاستجابة للدعوة النبوية كما جاء في الحديث عن ميمونة مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: قلتُ: "يَا رَسُوَلَ اللهِ، أَفْتِناَ فِي بَيْتِ الْمَقِدْسِ، قَالَ:" أَرْضُ َالْمَحْشَر ِو الْمَنْشَر، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فيِه، فَإِنَّ صَلاَةً فِيه كَأَلْف صَلاَة فِي غَيْرِهِ". قَلتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إليه؟  قال:" فَتُهْدِي لَهُ زَيْتاً يُسْرَجُ فيه، فَمَنْ فَعَلَ ذلكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ" ، لذلك فإن الواجب عليكم أيها العرب والمسلمون دعم أشقائكم المقدسيين ، مواطنين، وتجار، ومدارس ، وجامعات ، ومستشفيات ، ومزارعين، وإسكان وترميم بيوت، وحراس وسدنة،  وشباب، كي يبقوا مرابطين مدافعين عن القدس والمقدسات.

وبهذه المناسبة فإننا نتوجه بالتحية والتقدير إلى أهلنا في مدينة القدس بصفة عامة وإلى سدنة  وحراس المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة على دورهم المميز في الدفاع عن مسرى النبي – عليه الصلاة والسلام- ،  حيث إنهم يتعرضون يومياً للمضايقات الشديدة في جميع المجالات ومنها سحب الهويات ، وفرض الضرائب، وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي ، ناهيك عن الاعتقال والإبعاد ، كما نتوجه بالشكر والتقدير إلى أهلنا فلسطينيي الداخل على تسييرهم لحملات البيارق وجهودهم في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة، فجزى الله الجميع خير الجزاء .

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، فيا فوز المستغفرين استغفروا الله ....

الخطبة الثانية :

أيها المسلمون :

إن مدينة القدس لم تُحرر عبر التاريخ إلا من خلال وحدة الأمة وجمع كلمتها، وهذا ما فعله القائد صلاح الدين الأيوبي قبل معركة حطين، والقائد قطز قبل معركة عين جالوت، لذلك فإننا نناشد أبناء الأمتين العربية والإسلامية بضرورة جمع شملهم وتوحيد كلمتهم وأن يكونوا كالجسد الواحد، لأنهم عندما كانوا متحدين طأطأ لهم الشرق والغرب إجلالاً واحتراماً .

لقد جاء رسولنا – صلى الله عليه وسلم-  على أمة ممزقة مبعثرة فجمعها ووحد كلمتها، ثم جمع العرب على اختلاف أوطانهم، وجعلهم أمة واحدة بعد أن كانت الحروب مستعرة بينهم، وصهرهم جميعاً في بوتقة الإسلام، فجمع بين أبي بكر القرشي الأبيض، وبلال الحبشي الأسود، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، جعلهم إخوة متحابين بعد أن كانوا أعداء متخاصمين ، كما وأزال ما بين الأوس والخزرج من خلاف، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وأصبح المسلمون بفضل الله كالجسد الواحد، حيث بيَّن -عليه الصلاة والسلام- ذلك، بقوله: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم".

أيها المسلمون :

إن أعداء أمتنا لن يسمحوا لها بأن تبقى صفاً واحداً، لأنهم يعلمون بأنَّ سرَّ قوة الأمة في وحدتها، وأن ضعفها  في فرقتها وتخاذلها، فهم يعملون  ليل نهار على نشر الحقد والخلاف بين أبنائها، كما حدث من (شاس بن قيس) اليهودي الذي غاظه  أن يرى الأوس والخزرج إخوة متحابين، بعد المعارك الطاحنة بينهم التي سُفكت فيها الدماء، فجلس بينهم بخبث ودهاء، يذكرهم بأيام الجاهلية، وينشد بعض الأشعار التي قالها الأوس يوم انتصارهم، فيرد عليهم الخزرج: بأننا انتصرنا يوم كذا، وقال شاعرنا كذا، وما زال يذكي هذه النار، حتى تأججت، ونادى الرجال من الأوس: يا للسلاح، والرجال من الخزرج: يا للسلاح، يا للأوس، يا للخزرج، وسمع النبي – صلى الله ع
ليه وسلم- بذلك، فأقبل عليهم يقول لهم: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!" وتلا عليهم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}- أي بعد وحدتكم متفرقين، سمَّى الله الوحدة إيماناً والتفرق كفراً - {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}، فندموا واصطلحوا وتعانقوا وألقوا السلاح.

لذلك فإننا نناشد أبناء شعبنا الفلسطيني بضرورة رص الصفوف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة ، للدفاع عن المقدسات كافة، وعن المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة،  فسر قوتنا في وحدتنا، وإن ضعفنا في فرقتنا وتخاذلنا،  لذلك فإن الواجب الشرعي يُحَتّم علينا نحن الفلسطينيين أن نوحد كلمتنا، وأن نترفع على جراحاتنا، كي نحافظ على مقدساتنا، ونعمل على إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف إن شاء الله، كما وندعو أبناء شعبنا  لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، لإعماره وحمايته من المؤامرات الخطيرة وضرورة التواجد فيه بصفة دائمة،وليعلم الجميع بأن الباطل مهما قويت شوكته وكثر أعوانه فلا بدَّ له من يوم يخر فيه صريعاً أمام قوة الحق والإيمان، ( كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ... ).  

نسأل الله أن يحمي بلادنا ومقدساتنا من كل سوء

 
أدركوا المسجد الأقصى

 

الحمد لله الذي في السماء تعالى و تقدس واصطفى من البقاع الحرمين الشريفين والبيت المقدس وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله شرفه الله تعالى بالرسالة وعرج به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى..

 

وبعد:

ستبقى قضية المسجد الأقصى مسرى نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم هي قضية الأمة الأولى في صراعها مع عدوها اللدود "اليهود" ومن وراءهم من العالم الغربي الصليبي.

 

وستبقى قضية الأقصى محطّ اهتمام كلّ مؤمن بالله، صادق الإيمان، وفي قلب كلّ متّبع لنبي الله صلى الله عليه وسلم.

 

وستبقى قضية الأقصى هي "رحى" المعركة مع اليهود التي لن تهدأ إلا بخروجه ذليلا صاغرا.

 

أيها الناس: لا تهون مقدسات أمة عليها إلا حين يهون دينها في قلوب أفرادها، وإذا هان دينهم في نفوسهم تسلط أعداؤهم عليهم، فأذلوهم وأهانوهم، ولم يحفظوا لهم حقًّا، ولم يفوا لهم بعهد.

 

والأمة المسلمة في زمننا هذا تمر بمرحلة عسرة جدًّا؛ إذ انتفش صهاينة اليهود وصهاينة النصارى، وأعانهم المنافقون على ظلمهم، مع تفريط كثير من المسلمين في دينهم، وعدم مبالاتهم بحقوق أمتهم ومقدساتها، وكثر حديث الناس في هذه الأيام عن عزم اليهود على هدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل الثالث؛ لإقامة مملكة داود الكبرى.

 

ان المسلم الغيور ليقرأ في احتلال اليهود للأرض المقدسة وتدنيسِهم لساحات المسجد الأقصى ما هو أبعد من ظاهر الصورة، إنه يقرأ في ذلك ما هو أسبق منه حدوثاً، يقرأ فيه تقويضاً سابقاً لمعالم الدين ومكانته في نفوس أبنائه قبل أن يُدنَّس الأقصى برجس يهود، ويقرأ في ذلك هوانَ مقدساتِ الشريعة الحسيةِ والمعنويةِ وشعائرِها التعبدية في قلوب الأمة قبل احتلال الأرض المقدسة وبعده، وما سقطت مقدساتُ الأمة في أرض المقدس إلا بعد أن سقطت الأمة نفسُها في ضحضاح الذلة والصَّغار، فلم يبق لها ولا لمقدساتها حرمةٌ تحترم.

 

عباد الله: هل نسي المسلمون ما للأقصى من مكانة في الإسلام، أنسوا أن الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى، صلى إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أثني عشر شهرا.

 

أنسوا أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله وتوحيده، كما في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع في الأرض أولا؟: قال:

"المسجد الحرام"،

قلت: ثم أي؟

قال: "المسجد الأقصى

"، قلت: كم بينهما؟

قال:

"أربعون سنة".

 

أنسوا أن المسجد الأقصى تضاعف فيه الصلاة ويعظم الثواب، قال صلى الله عليه وسلم.

 

"الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة".

 

قال ابن تيمية رحمه الله:

"بدأ الخلق والأمر من مكة المكرمة، وجعل الله بيت المقدس وما حوله محشر خلقه؛ فإلى بيت المقدس يعود جميع الخلق وهناك يحشر الخلق؛ ولذا جاء في الحديث أنها (أرض المحشر والمنشر)؛ فهو البيت الذي عظمته الملل، وأكرمته الرسل، وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة من الله عز وجل: الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن".

 

إن نسي المسلمون تلك المكانة الرفيعة لتلك البقعة المباركة، فإن المولى سبحانه قد تكفل بحفظها وإعادتها إلى حياض المسلمين، وسيبقى المسجد الأقصى منارة من منارات الإسلام الشامخة طال الزمان أو قصر.

 

إخوة العقيدة:

لم يُبرز التأريخ قضيةً تجلّت فيها ثوابتُنا الشرعية، وحقوقنا التأريخية، وأمجادنا الحضارية، كما برزت فيها الأحقاد الدولية، وظهرت فيها المتناقضات العالمية، وانكشف فيها حرب المصطلحات، وتعرّى فيها بريق الشعارات، وسقط القناع عن التلاعب فيها بالوثائق والقرارات، كقضية المسلمين الأولى، قضية فلسطين المسلمة المجاهدة الصامدة، والقدس المقدسة، والأقصى المبارك، حيث تشابكت حلقات الكيد في سلاسل المؤامرة، لتمثل منظومةً شمطاءَ من العداء المعلن، والكره المبطّن، في تآمر رهيب من القوى العالمية، كان من أبرز إفرازاته الخطيرة انخداعُ كثير من بني جلدتنا بخطط أعدائنا، ويتجلى ذلك في إقصاء قضية فلسطين والقدس والأقصى من دائرتها الشرعية ومنظومتها الإسلامية، إلى متاهاتٍ ومستنقعات من الشعارات القومية والإقليمية، والنعرات الحزبية والطائفية، وذلك - لعمر الحق - بترٌ لها عن قوّتها المحرِّكة، وطاقتها الدافعة المؤثرة، حتى تاهت القضية في دهاليز الشعارات، والتواء المسارات، وظلام المفاوضات، ودياجير المساومات، وأنفاق المراوغات، في معايير منتكسة، وموازين منعكسة، ومكاييل مزدوجة، تسوِّي بين أصحاب الحقوق المشروعة وأصحاب الادعاءات الممنوعة، حتى خُيِّل لبعض المنهزمين أن القضية غامضة شائكة، لغياب التأصيل العقدي والشرعي لهذه القضية أولسنا أمةً لها مصادرها الشرعية، وثوابتها العقدية، وحقوقها التأريخية؟!

 

أيها المسلمون: كان المسجد الأقصى على مرِّ التاريخ مسجداً للمسلمين من قبل أن يوجد اليهود ومن بعد ما وجدوا؛ فإبراهيم عليه السلام هو أول من اتخذ تلك البقعة م
سجداً، وقد قال الله تعالى عنه.

 

﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِياًّ وَلاَ نَصْرَانِياًّ وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67]، وليس لبني إسرائيل يهوداً ونصارى علاقة بالمسجد الأقصى إلا في الفترات التي كانوا فيها مسلمين مع أنبيائهم المسلمين عليهم السلام، أما بعد كفرهم بالله تعالى، وشتمهم إياه، وقتلهم الأنبياء فقد انبتت علاقتهم بهذا المسجد الذي تحول إلى إرث المسلمين المؤمنين بجميع الأنبياء عليهم السلام.

 

ولكن اليهود والنصارى في هذا الزمن لا يسلمون بذلك، ويحاربون المسلمين عليه؛ إذ يعتقد اليهود أن بناء الهيكل الثالث سيخرج ملكاً من نسل داوود عليه السلام، يحكمون به العالم، ويقتلون غير اليهود، كما يعتقد النصارى أن نزول المسيح سيكون في الأرض المباركة، وأنهم سيكونون أتباعه، ويقتلون به غير النصارى؛ فالصراع على بيت المقدس هو صراع ديني عقائدي، يعتقد صهاينة اليهود والنصارى أنهم لن يستطيعوا حكم العالم إلا بعد بناء الهيكل فيه؛ ولذا فلن يتنازلوا عنه مهما كلف الأمر.

 

إن فلسطين - تاريخاً وأرضاً ومقدسات ومعالم - هي إرث المسلمين، إرثٌ واجب القبول، متحتم الرعاية لازم الصون، إنه ليس خياراً يتردد فيه المترددون أو شأناً يتحير فيه المتحيرون؛ لهذا وذاك كان أكثر ما سُفِك من دماء المسلمين، وأضرى ما وقع من حروبهم على مر التاريخ حول تلك البقعة، وعلى ذلك الثرى والدم الذي سكبه المسلمون أيام الحروب الماضية، لم يكن لينضب وفي المسلمين أوردة تنبض.

 

إن المسلمين مدعوون في هذا الزمن إلى العودة إلى الدين، وإلى فهم الإسلام الفهم الصحيح المتكامل، وإلى الاعتزاز بالإسلام والدعوة إليه، والتفاني في التضحية من أجله بالغالي والنفيس.

 

كما أن على المسلمين تحقيق الولاء والبراء،

 

ففي الحديث:

" أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله "

 

فبغض اليهود والنصارى من مقتضيات التوحيد:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة:51].

 

كما يجب على المسلمين إقامة الوحدة الإسلامية بين المسلمين والسعي في تحقيقها، وبداية ذلك بتوثيق رابطة الإخاء بين المسلمين، وإشاعة المودة والرحمة بينهم، والسعي في مصالحهم، والسؤال عنهم، ونصيحتهم ومناصرتهم.

 

ويجب على المسلمين إحياء شريعة الجهاد في سبيل الله؛ ففي الجهاد العزة والتمكين، والجهاد هو السبيل الوحيد لاسترداد المقدسات، والذود عن الأعراض والدماء والممتلكات.

 

ويجب الوقوف مع الأخوة في فلسطين بكل يملكه الإنسان من دعم مادي، سواء بدفع الزكاة المشروعة، أو التبرع العام؛ لدعم الأسر الفقيرة، وبناء المستشفيات، وتعليم الأبناء في المدارس والجامعات، ويوجد جهات مصرح لها بجمع التبرعات؛ لأن تقوية اقتصادهم هو مما يقويهم، ويقهر عدوهم، ويفشل مخططاته، في حصارهم وتجويعهم.

 

كما يجب التعاطف مع الإخوة المحاصرين والمجاهدين والمسجونين والمشردين بالدعاء لهم، والسؤال عنهم، ومتابعة قضيتهم، وبيان عقائد اليهود وما يخططون له، فكل هذه مما بخدم القضية، وينصر الأخوة، ويقطع الطريق على المجرم، ويفشل خطط المستعمر، ويقيم العدل ويستعيد المقدسات، ويحمي الدماء والأوطان، وما ذلك على الله بعزيز.

 

أيها الأحبة الكرام: إن من الناس مَن لا عمل له في نصرة الأقصى إلا المناداةَ لنصرته، ومطالبةَ الحكومات بتحريره، والتباكيَ على احتلاله، وإلقاء التبعة والمسؤولية في ذلك على الآخرين، لا عمل له سوى ذلك، ولو تتبعت حالَه لوجدته أبعدَ الناس استعداداً لنصرة الأقصى، وهو فيما يستطيعه من أعمال النصرة مضيِّعٌ مفرط، فقضية المسجدِ الأقصى مغيبةٌ في مجالسه وبيته، ولا حظَّ للمسجد الأقصى في دعائه، لا يمل أن يدعوَ لنفسه بسعة الرزق وكثرةِ الولد، ثم يبخل أن يجعل للأقصى نصيباً من دعائه.

 

إن كثيراً من الأمة مبتلى بالتولّع بالمطالبات، ولكنه في نفسه لا يريد أن يصنع شيئاً، يذكر ما على الآخرين تجاه الأقصى من واجبات، ولا يذكر ما على نفسه له من واجب؛ هَوَسٌ محمومٌ في المطالبات، وبخل شديد بالعمل والمبادرات.

 

هؤلاء أقوامٌ مبتلون لا يحسنون إلا الكلام، وإنما هو الكلام في المطالبات وإلقاء التبعة واللوم على الآخرين، فهم بحقٍ ظاهرةٌ صوتيةٌ فحسب، ونسألهم سؤال الناصح المحب: هل لقضية القدس حضورٌ في بيوتكم؟ هل وَسِعَتْ مَكتَباتُكم الشخصيةُ مؤلفاتٍ في تأريخ الأرض المقدسة والمسجد الأقصى؟ هل وسعت كتباً في تاريخ الاحتلال الصليبي والصهيوني من بعده؟.

 

هل وسعت لغير ذلك من الوثائق والخرائط والصور والبرامج؛ لتصبح بذلك قضيةُ فلسطين قضيةً حيةً في بيوتكم يعِيها صغارُكم ككباركم؟ أم تُراها ضاقت عن كل ذلك، ثم صارت متسعاً لاستقبال قنوات اللهو والعبث والفجور، التي تديرها أيدٍ غربية صه
يونية يتربى على خَبَثِها أولادكم؟.

 

إن البيوت الخربة التي خلت من ذكر الله، وضُيِّعَتْ فيها الصلاة، وصارت مناخاً ومحطاً لما يتهدد الأخلاق والهوية من أفكار غربية منكرة، لهي أبعدُ البيوت عن نصرة الأقصى؛ وإن رجلاً هذا حالُ بيته لحقيق أن يصمت فلا يلقي باللائمة والتقصير على الآخرين ما لم يقم هو بواجبه.

 

إن نصرة الأقصى لا تأتي عبطاً ولا عفواً من غير استعداد وتأهيل، ومن لم ينصر الله بإقامة دينه واستصلاح بيته وتربية أهله وولده على ما يُرضى اللهَ سبحانه، فليس بجدير أن ينصر الأقصى.

 

ينقم بعض هؤلاء على الحكومات العربية والإسلامية كثرةَ اختلافها وتنازعِها وتفرقِها، وهو في ذلك محق صادق؛ ولكنه هو الآخر حقيقٌ بهذا العتاب واللوم؛ لأنه من أشد الناس وأوسعهم اختلافاً وتنازعاً ومشاحنة، ومن أفجرهم خصومة عند أدنى خلاف، لم يترك أحداً إلا خالفه وعاداه وهجره؛ حتى جيرانه وأهل بيته لم يَسْلَموا من تعنُّتِه وغلوائه وفجورِه في خصومته، أفيكون هذا صادقَ اللهجة والعاطفة حين يتباكى على تفرق الأمة واختلافها وضياعِ بعض مقدساتها؟ لَعَمْر الحقِّ! لو صدق هذا عاطفةً ولهجةً لكان أسرعَ الناس نصرةً لمقدسات الأمة بنصرة الإسلام في سلوكه وولايته على أهله وولده.

 

بل إن من المضحك أن ترى بعضهم من أشد الناس صوتاً في التنادي لتحرير المسجد الأقصى، وهو رجل كثير التخلف عن الصلاة حيث ينادى لها، بل هو لها من أشد الناس تضييعاً، فبأي شيء سيعظِّم المسجدَ الأقصى لو حضر تحريرَه؟ وهل شيء أولى في تعظيم المسجد الأقصى من ذكر الله فيه والصلاة؟ ماذا يعني هذا الرجلَ الذي لا يصلِّي أن يُحرَّرَ المسجدُ الأقصى أو لا يحرر؟!.

 

إن على الغيورين الذين يزعمون صدقاً في العاطفة والغيرة على مقدسات الشريعة أن يترفعوا عن دعاوى العواطف ولججِها إلى حيث تكونُ العاطفةُ الصادقةُ المثمرةُ التي تتحمل من المسؤولية والتبعة أكثرَ مما تلقيه على الآخرين.
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❉ الثلاثاء ❉
٢٤/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
18/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

‌‏ٌ‌‏﴿والسابقون السابقون*أولئك المقربون*
في جنات النعيم﴾
لسباقهم في عمل الخيرات في الدنيا
ذكر منزلتهم المقربة قبل ذكر منزلهم
في الجنات..
فالقرب من الله لا يعدله شيء!...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح السباق في الخيرات...@
*إشراقة الصباح*
❀‏ابدأ يومك بحسن الظن بالله والاستبشار إن كل اللي جاي أحلى مما تتوقع، هذه الشعور راح يحفزك ويعطيك طاقة قوية ..
🌷صباح الهمه🌷
☆ *أذكار الصباح*
*أذكآر الصبآح | نور لِقلبك*

#تلاوة_خاشعه
🎙•° القارئ : عبدالرحمن السديس •°
🕯📨 [ http://c.top4top.net/m_381s0hci0.mp3 ]
☀️☀️
🔹 *همسة محب*🔹
قال الله تعالى ( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا )
أفضل النتائج ..
أصعبها طريقاً .. وأشدها بلاء ..
وأقواها صبراً وثباتاً.

🍃من أذكار_الصباح_والمساء
🌸 حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .
من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر
الدنيا والآخر .

💎 *درر الطريفي*💎
‏المذنب المُسرف إذا أقبل على الله ولو كان في أول طريق إقباله خيرٌ من الطائع إذا أعرض عن الله ولو كان في أول طريق إعراضه .
♢ *عبدالعزيز الطريفي* ♢

"ومن أتانِي يمشِي أتيتهُ هرولة "
كيف يتوقف مؤمن عن السير إلى الله
وهو يقرأ هذه البشرى 🐚
*سنة الضحى*
¤ صلاة الأوابين¤

》 *وختاااما*《
‏ اللهم احفظ المسجد الأقصى و أهل الأقصى من كيد أعداء الدين
اللهم كن معهم و ثبتهم و انصرهم على
من عاداهم اللهم حرر المسجد
الأقصى من دنس اليهود المعتدين
اللهم ارزقنا صلاة في المسجد
الأقصى في القريب العاجل
أو شهادة على أعتابه يا كريم
إنك أنت ولي ذلك و القادر عليه.
💎 *صباحكم خير*💎
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
خطبـة.جمعــة.بعنــوان.cc
ثمار العفة وأثرها على الفرد والمجتمع
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الأولـــى.cc
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،

أمـــا بعـــد:
أيها المؤمنون: خلق العفة، خلق عظيم، وسجية كريمة، وصفة من صفات المؤمنين المتقين، والعفة: هي تنزيه النفس وضبطها عن الانسياق وراء الشهوات، والكف عن المحرمات والترفع عن سفاسف الأمور ورذائل الأخلاق وخدش المروءة والحياء.

ولخلق العفة ثمرات على الفرد والمجتمع منها:

نيل وعد المتقين؛ فالعفة من أجلى مظاهر التقوى، وأنصح صورها؛ لأن العفيف حينما يصد عن الفواحش وأسبابها إنما يتقي بعفته سوء الحساب.

ولقد وعد الله -جل وعلا- المتقين وعدا حسنا، وبشرهم ببشارات عظيمة كريمة، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5]، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل: 128]، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2-3]، وقال تعالى: (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ) [الزمر: 61]، وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق:4]، وقال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13]، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ) [الدخان: 51]، وقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 90]، وغيرها من البشارات في القرآن والسنة؛ فأين شهوة ساعة من هذه الكرامات الرفيعة؟! وأين خسارة صبوة الهوى من هذا الجزاء الأوفى؟!

فيا مفاز المتقي * ورح عبد قد وقي
سوء الحساب الموبق * وهول يوم الفزع
ويا خسار من بغى * ومن تعدى وطغى
وشب نيران الوغى * لمطعم أو مطمع

معاشر المسلمين: ومن ثمار العفة على الفرد والمجتمع: تفريج الكروب؛ فقد جاء في قصة أصحاب الغار، الذين انطبقت عليهم الصخرة أن أحدهم توسل إلى الله بقوله: عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما -: قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “انطلقَ ثلاثةُ نَفَر ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيتُ إِلى غار، فدخلوه، فانحدرتْ صَخرَة من الجبل، فسَدت عليهم الغارَ، فقالوا: إِنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إِلا أن تَدْعُوا الله بصالح أعمالكم، “اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها فقالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت وتركت المائة دينار؛ فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عنهم فخرجوا” (البخاري).

ومنها: الفلاح وثناء الله تعالى؛ فالناس يفرحون بثناء البشر والمخلوقين ويعتزون بذلك؛ فالطالب يفرح بثناء معلمه عليه أمام زملائه، والطالبة تسعد بثناء معلمتها، وحين يكون الثناء والتزكية ممن له شهرة بين الناس تعلو قيمة الثناء؛ فكيف إذا كان الثناء من خالق البشر جميعا، وخالق السماوات والأرض بمن فيهن؟! قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون:1-7].

إنه ثناء لا يعدله ثناء، شهادة من الله -تبارك وتعالى- لهؤلاء بالإيمان، وإخبار عن فلاح هؤلاء الذين من صفاتهم حفظ الفرج والتجافي عن الفواحش؛ فهل يستبدل عاقل ب
ذلك شهوة عاجلة ولذة فانية؟

!

قال -صلى الله عليه وسلم-: “أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طُعمة” (رواه أحمد).

ليس الظريف بكامل في ظرفه
حتى يكون عن الحرام عفيفا

فإذا تعفف عن معاصي ربه
فهناك يُدعى في الأنام عفيفا.

عباد الله: ومن ثمرات العفة على الفرد والمجتمع: النجاة من عواقب الفواحش؛ فالعفيف في مأمن من عواقب الشهوات، وما تورثه من أضرار وعقوبات على النفوس والذوات والمجتمع كذلك، آمن من أضرارها لأن العفة فضيلة عظيمة والفضيلة سياج للفرد والمجتمع، وإن من أسباب سقوط المجتمعات والشعوب والحضارات، تفشي الرذائل والموبقات؛ فعقوبة الزنا فظيعة، وأضراره شنيعة، ومفاسده أشد فتكا بالزاني من السموم، وأعظم بطشا بعرضه ونفسه وماله وجسده من عدو ظلوم! فما هو إلا لذة فانية، وشهوة منقضية تذهب لذاتها، تبقى تبعاتها، فرح ساعة لا شهر، وغم سنة بل دهر، طعام مسموم أوله لذة وآخره هلاك؛ فالعامل عليها والساعي لها كدودة القز يسد على نفسه المذاهب بما نسج عليها من المعاطب، فيندم حين لا ينفع الندامة، ويستقيم حين لا تقبل الاستقامة.

“فطوبى لمن أقبل على الله بكليته وعكف عليه بإرادته ومحبته؛ فإن الله يقبل عليه بتوليته ومحبته وعطفه ورحمته، وإن الله إذا أقبل على العبد استنارت جهاته وأشرقت ساحاته وتنورت ظلماته وظهرت عليه آثار إقباله من بهجة الجلال وآثار الجمال، وتوجه إليه أهل الملأ الأعلى بالمحبة والموالاة؛ لأنهم تبع لمولاهم فإذا أحب عبدا أحبوه، وإذا والى وليا والوه” (طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم).

ولو تأمل المسلم في عقوبات الزنا وأضراره في الدنيا والآخرة لأدرك ما يفوته طائع شهوته على نفسه من الخير والفضل وما يجنيه من مر الثمار وشنيع الأضرار؛ فالزنا يسبب الأمراض والأوجاع التي يحار فيه الطبيب، ويصرع بها اللبيب، وأغلبها أمراض شاذة لا يعلم لها دواء، ولا يرجى لها شفاء؛ كالزهري والسيلان والإيدز والهربس وغيرها.

وأما أضرارها على صاحب الشهوة في ماله ونفسه وعرضه فإنها ممحقة للرزق هاتكة للشرف والعرض، سالبة لصفات الجمال والكمال والسيادة؛ فلا يُرى صاحبها إلا منبوذا بين الناس وإن مدحوه، محروما وإن منحوه؛ فإنه لما ضيع طاعة الله بارتكاب الفواحش ضيع الله عليه أسباب سعادته بتنفير الناس عنه وهتك عرضه! مع ما يورثه هذا الذنب العظيم من ضيق الصدر، وقلة ذات اليد، وقسوة القلب وذهاب ماء الوجه ونوره ووضاءته ونضارته.

فكيف يزهد عاقل في عفته وهو ينظر إلى أهل الشهوات يسقطون صرعى في براثن الأمراض وهتك الأعراض؟! فلو لم يكن من ثمرات العفة إلا ثمرة النجاة من عواقب الزنا وأسبابه في الدنيا والآخرة لكان حقيق بالمسلم اللبيب أن يعف عن المحارم، ويطمع في المكارم!.

فطوبى لمن عف لله، واجتنب محارم الله فعاش في مأمن من مغبر هذه الأدواء والتمس بعفته وطهارته الطمأنينة والسعادة والهناء.

ومن هذه الثمرات: أن المتعفف عن الحرام وما في أيدي الناس يعفه الله؛ فيبارك له فيما بين يديه ويصون وجهه عن الحاجة إلى الناس، ويستره عن الشماتة، ويوشك أن ييسر الله له الرزق من حيث لا يحتسب؛ ففي النسائي بإسناد صحيح عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: سرحتني أمي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتيته وقعت فاستقبلني وقال:”من استغنى أغناه الله عز وجل، ومن استعف أعفه الله عز وجل، ومن استكفى كفاه الله عز وجل”، وفي الصحيحين عنه أيضاً إن ناسًا سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعطاهم حتى نفد ما عنده، قال: “ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه، ومن يصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر”.

اللهم اهدنا بهداك واجعل عملنا في رضاك.

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.



الخطــبـــة.الثانـيـــة.cc

الحمد لله وحده والصلاة
والسلام على من لا نبي بعده،

أمـــا بعـــد:
عباد الله: ولأن الأجر على قدر المشقة فإن ثواب أهل العفاف عند الله عظيم، وأجرهم وافر كريم؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “كان فيمن كان قبلكم رجل اسمه الكفل، وكان لا ينزع عن شيء.

وفي رواية: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتى امرأة علم بها حاجة، فأعطاها عطاء كثيرا – وفي رواية: ستين دينارا – فلما أرادها على نفسها ارتعدت، وبكت، فقال: ما يبكيك؟ قالت: لأن هذا عمل ما عملته قط، وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا من مخافة الله؟ فأنا أحرى، اذهبي فلك ما أعطيتك ووالله لا أعصيه أبدا، فمات من ليلته فأصبح مكتوب على بابه: إن الله تعالى قد غفر للكفل، فعجب الناس من ذلك، حتى أوحى الله تعالى إلى نبي زمانهم بشأنه” (رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن).

فتأمل في عاقبة الكفل كيف ختم الله له بمزيتين عظيمتين وهما: مغفرة ذنبه كله وقد كان جريئا على محارم الله، إكرامه بذكرى الدار
2024/09/27 09:31:05
Back to Top
HTML Embed Code: