Telegram Web Link
أنفسهم ، ويشعرون دوماً بالتقصير انطلاقاً من قول سبحانه : (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {53})(يوسف : 53) .وقد أثر عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال (لن يدخل أحداً منكم عمله الجنة) ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : (ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة … الحديث)( الحديث أورده ابن أبي شيبة في : المصنف : كتاب الزهد : باب كلام أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ 13/309 رقم 16441 من حديث معاوية بن قرة ، عن أبي الدرداء موقوفاً بهذا اللفظ ). وهذا عمر – رضي الله عنه – يقول لحذيفة : (( هل أنا منهم ؟ – يعني من المنافقين – أَوَ سمّاني لكَ رسول الله ؟ )) وكان محمد بن واسع يقول : (( لو كان يوجد للذنوب ريح ، ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي )) . وكان يقول : (( إنما هو عفو الله أو النار )) – وكان الربيع بن خثيم يبكي حتى يبل لحيته ويقول : (( أدركنا أقواماً كنا في جنبهم لصوصاً )) وكان أبو مسلم الخولاني يعلق السوط في مسجده ويقول : (( أنا أولى بالسياط من الدواب )) و عن سهل بن أسلم قال : كان بكر بن عبد الله المزني إذا رأى شيخاً قال : (( هذا خيرٌ مني ،عَبَدَ الله قبلي ، وإذا رأى شاباً قال : هذا خيرٌ مني ارتكبتُ من الذنوب أكثر مما ارتكب َ ) قال الفضيل بن عياض عن نفسه : (( كيف ترى حال من كثرت ذنوبه ، وضعف عمله ، وفنى عمره ، ولم يتزود لمعاده ، ولم يتأهب للموت ، ولم يتزين للموت ، وتزيّن للدنيا ، هيه ، وقعد يحدث – يعني نفسه – واجتمعوا حولك يكتبون عنك ، بخ فقد تفرغّت للحديث . ثم قال : هاه – وتنفس طويلاً – ويحك أنت تحسن تحدّث؟؟ أو أنت أهلٌ أن يحمل عنك ؟ استحي يا أحمق بين الحمقان ! لولا قلة حيائك وصفاقة وجهك ما جلست تحدث وأنت أنت ، أما تعرف نفسك ؟ أما تذكر ما كنت ؟ وكيف كنت ؟ أما لو عرفوك ما جلسوا إليك ولا كتبوا عنك ،
ولا سمعوا منك شيئاً أبدا )) .
وذُكر عند مخلد بن الحسين خُلق من أخلاق الصالحين فقال :ـ لا تعرضن بذكرنا في ذكرهم
ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
أسأل الله جل وتعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين، ممن تقبل الله صيامهم وقيامهم وحجهم وجميع طاعاتهم وكانوا من عتقائه من النار .
============================

🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
و بهذا الوضوء ما كتب الله عز وجل له أن يصلي. إنه الحرص والمداومة على الأعمال الصالحات التي ترضي رب الأرض والسموات جل وعلا.

4 ـ طهارة القلب: ـ من علامات القبول أن يتخلص القلب من أمراضه وأدرانه فيعود إلى حب الله تعالى وتقديم مرضاته على مرضاة غيره- وإيثار أوامره على أوامر من سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يترك الحسد والبغضاء والكراهية، وأن يوقن أن الأمور كلها بيد الله تعالى فيطمئن ويرضى، ويوقن أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليُخطئه، وبالجملة يرضى بالله وبقضائه ويحسن الظن بربه.

وأن يشعر المرء بتغيير في سلوكه بعد الطاعة فلابد أن تغير الطاعة في حياتنا وتنقلنا من حال إلي حال. وفي القصة القصيرة التي رواها الإمام مسلم في صحيحة برهان مبين على مبلغ أثر الإيمان، ذلك أن رجلاً كان ضيفاً على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بشاة فحلبت، فشرب حلابها، ثم أمر له بثانية فشرب حلابها ثم بثالثة فرابعة … حتى شرب حلاب سبع شياه، وبات الرجل، وتفتح قلبه للإسلام، فأصبح مسلماً، معلناً إيمانه بالله ورسوله، وأمر الرسول له في الصباح بشاة فشرب حلابها ثم أخرى لم يستتمه، وهنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم كلمته المأثورة: “إن المؤمن ليشرب في معي واحد والكافر ليشرب في سبعة أمعاء”. فيما بين يوم وليلة استحال الرجل من شره ممعن في الشبع، حريص على ملء بطنه، إلى رجل قاصد عفيف قنوع، ماذا تغير فيه؟.. تغير فيه قلبه، كان كافراً فأصبح مؤمناً، وهل هناك أسرع أثراً من الإيمان؟

5 ـ تذكر الآخرة: ـ من علامات القبول نظر القلب إلى الآخرة، وتذكر موقفه بين يدى الله تعالى وسؤاله إياه عما قدم فيخاف من السؤال، فيُحاسب نفسه على الصغيرة والكبيرة، ولقد سأل الفضيل بن عياض رجلاً يوماً وقال له: كم مضى من عمرك؟ قال: ستون سنة، قال: سبحان الله منذ ستين سنة وأنت فى طريقك إلى الله! قربت أن تصل، واعلم أنك مسئول فأعد للسؤال جواباً، فقال الرجل: وماذا أصنع، قال: أحسِن فيما بقى يغفر لك ما مضى وإن أسأت فيما بقى أخذت بما بقى وبما مضى.

6 ـ إخلاص العمل لله: ـ ومن علامات القبول أن يخلص العبدُ أعماله لله فلا يجعل للخلق فيها نصيباً، لأن الخلق في الحقيقة ما هم إلا تراب فوق تراب – قيل لأحد الصالحين- هيا نشهد جنازة فقال: اصبر حتى أرى نيتى، فلينظر الإنسان منا نيته وقصده وماذا يريدُ من العمل، وقد وعظ رجلٌ أمام الحسن البصرى فقال له الحسن يا هذا لم أستفد من موعظتك، فقد يكون مرض قلبي وقد يكون لعدم إخلاصك.

7 ـ الوجل من عدم قبول العمل:ـ فالله غني عن طاعاتنا وعباداتنا، قال عز وجل ـ (وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان: 12]، وقال تعالى ـ: (إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) [الزمر: 7] ،والمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات؛ إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) [المؤمنون: 60] أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال: (لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات).

فعلى الرغم من حرصه على أداء هذه العبادات الجليلات فإنه لا يركن إلى جهده، ولا يدل بها على ربه، بل يزدري أعماله، ويظهر الافتقار التام لعفو الله ورحمته، ويمتلئ قلبه مهابة ووجلاً، يخشى أن ترد أعماله عليه، والعياذ بالله، ويرفع أكف الضراعة ملتجئ إلى الله يسأله أن يتقبل منه.

وحال المؤمن استصغار العمل وعدم العجب والغرور به ، إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من إعمالٍ صالحة ,فإن عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها، ولا يقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فإن حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئاً، حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم، ويكسلوا عن الأعمال الصالحة. ومما يعين على استصغار العمل:معرفة الله تعالى، ورؤية نعمه، وتذكر الذنوب والتقصير. وحال المؤمن الرجاء في الله أن يقبل العمل- مع الخوف وهذا يورث الإنسان تواضعاً وخشوعاً لله تعالى، فيزيد إيمانه .

وعندما يتحقق الرجاء فإن الإنسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله؛ فإنه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال: ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)( البقرة:127).

وقد عرف عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ، ورضوا عنه ـ أنهم كانوا مع استقامتهم ، ووقوفهم عند حدود الله يتهمون
🎤
خطبـة.جمعـة.بعنــوان.cc
المداومة على العمل الصالح بعد رمضان
للشيـخ/ ســــامــي بن خــــــالــد الحــمــــود
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

أهداف وعناصر الخطبة :
1/ وداع رمضان 2/ أقسام الناس بعد رمضان 3/ نماذج من مداومة الصالحين على الطاعات بعد رمضان 4/ الحث على صيام ست من شوال

الخطبـــة.الاولـــى.cc
أما بعد: فلقد دار الدهر دوره، ومحا الزمان أثره، وإذا برمضانَ الكريم يفارقنا فراقَ الحبيب لحبيبه، وما أشد فراق الأحبة!.

سُتِر السَّنَا وتحجَّبَتْ شمسُ الضُّحَى
وتغيَّبـــَتْ بعـــد الشــــــروق بــــــدورُ
ومضى الذي أهوى وجـــرَّعَني الأسى
وغـــدتْ بقـــلبيَ جــــــذوةٌ وســعـــيرُ
يا ليـــتَه لمـــــَّا نَـــوى عَهــْـــدَ النـــوى
وافـــى العيـــونَ مـــن الظـــلام نذيـــرُ
ناهيـــك ما فعـــلَتْ بمـــاء حـُشَاشـــَتِي
نـــارٌ لـــهـــا بـــين الــضـــلـــوع زفــــــيرُ

نعم! انقضى رمضان، ويا وَلهِي عليه! وتصرمت أيامه ولياليه، واللهُ يعلم كم من صحائفَ بُيضت، وكم من حسناتٍ كُتبت، وكم من ذنوب غُفرت، وكم من رقابٍ أُعتقت.

انقضى رمضان وخَفيت أنواره، وبَليت أستاره، وأفل نجمه بعد أن سطع، وأظلم ليله بعد أن لمع، فتفجرت المدامع، وأظلمت المساجد والجوامع، وإن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا رمضان لمحزونون!.

يا لائمي في البكا زدني به كلَفاً
واسمَعْ غريبَ أحاديثي وأشعاري
ما كان أحْسَنَنَا والشملُ مجتمعٌ
مِنا المـــُصَلِّي ومنا القانتُ القاري
وفي التراويح للراحات جامعةٌ
فيها المصابيحُ تزهو مثل أزهارِ
شهرٌ به يُعتِق الله العصاةَ وقد
أشفوا على جُرُف من حصة النارِ

عباد الله: انقضى رمضان، ولكن؛ ماذا بعد رمضان؟ هل تخرَّجْنا من مدرسةِ رمضانَ بشهادة التقوى؟ هل اتخذنا من رمضانَ قاعدةً للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور، ومنطلقاً لترك المعاصي والذنوب؟ ماذا بقي في قلوبنا من أثر هذا الشهر الكريم؟ ماهي أحوالنا بعد رمضان؟.

لقد انقضى رمضان، وانقسم الناس بعده إلى ثلاثة أقسام:
أما القسم الأول فقومٌ كانوا على خير وطاعة، فلما جاء رمضان شمروا عن سواعدهم، وضاعفوا من جهدهم، وجعلوا رمضان غنيمة ربانية، ومنحة إلاهية، استكثروا من الخيرات، وتعرضوا للرحمات، وتداركوا ما فات، فما انقضى رمضان إلا وقد علت رتبهم عند الرحمن، وارتفعت درجاتهم في الجنات، وابتعدت ذواتهم عن النيران.

وأما القسم الثاني فقوم كانوا قبل رمضان في إعراضٍ وغفلة، فلما أقبل رمضان أقبلوا على الطاعة والعبادة، صاموا و قاموا، قرؤوا القران، و تصدقوا، ودَمَعت عيونهم، وخشعت قلوبهم، ولكن؛ ما إن ولى رمضان حتى عادوا إلى ما كانوا عليه، عادوا إلى غفلتهم، عادوا إلى ذنوبهم. فلهؤلاء نقول: مَن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد مات، و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

عبد الله: يا من عدت إلى ذنوبك و معاصيك، إن الذي أمرك بالعبادة في رمضان هو الذي أمرك بها في غير رمضان.

عبد الله: كيف تعود إلى السيئات وقد طهرك الله منها؟ كيف تعود إلى المعاصي وقد محاها الله من صحيفتك؟ أيُعتِقُك الله من النار فتعودُ إليها؟ أيبيضُ الله صحيفتك من الأوزار وأنت تسوِّدُها؟!.

يا مَن اعتاد الصلاة مع جماعة المسلمين، كيف تعود إلى سبيل المنافقين؟ ويا مَن صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب، واصل مسيرتك وجدّ في الطلب، يا من صامت عينه في رمضان عن النظر المحرم، غضَّ طرفك ما بقيت، يورثِ الله قلبَك حلاوة الإيمان ما حييت.

ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع الحرام، من غيبة أو نميمة أو غناء، اتق الله، ولا تعد معصيته.

ويا من صام بطنه في رمضان عن الطعام، إياك وأكل الربا! فإن آكله محارب لله ولرسوله، فهل تطيق ذلك؟!.

يا مَن كنت تصوم مع الصائمين، وتقوم مع القائمين، إياك أن تكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا! وتذكر أخي: (إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11]، فغيِّر من حالك، وتُبْ من ذنوبك، وأقبل على ربك، فإنك -والله!- لا تدري متى تموت، لا تدري متى تغادر هذه الدنيا.

أما القسم الثالث فقومٌ دخل رمضان، وخرج رمضان، وحالهم كحالهم، لم يتغير منهم شيء، ولم يتبدل فيهم أمر، بل ربما زادت آثامهم، وعظمت ذنوبهم، واسودت صحائفهم، و"رَغِمَ أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له" رواه الترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة.

أولئك هم الخاسرون حقا! وليس أمامهم إلا التوبةُ إلى ربهم، و تداركُ ما بقي من أعمارهم. قال الحسن البصري: "إن الله جعل رمضان مِضماراً لخلقه؛ يتسابقون فيه بطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا؛ فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون و يخسر المبطلون!".

أيها الصائم: لكل شيء علامة، وإن من علامات قبول العمل الصالح المواصلةَ فيه، والاستمرارَ عليه، وأن يكون حالُ العبد بعد العمل خيراً منه قبل العمل، فاحكم أنت على صيامك، هل هو مقبولٌ أم مردود؟.

ولئن انقضى رمضان،
فإن عمل المؤمن لا ينقضي حتى الموت، قال تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99]، أي: الموت.

فلْنَقِفْ -أيها الأحبة- على بعض النماذج المشرقة التي سطرها أولياء الله في المداومة على العمل الصالح.

ها هو سيد العابدين وإمام المتقين -صلى الله عليه وسلم-، كان كما تقول عائشة -رضي الله عنها-: "إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً" رواه مسلم.

وكان يقول -كما في حديث عائشة المتفق عليه-: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ".

وانظر إلى الصحابة -رضي الله عنهم- كيف تلقوا هذا الهدي النبوي، وداوموا عليه، وطبقوه في شؤون حياتهم؛ ففي الصحيحين، عن عَلِي -رضي الله عنه- أَنَّ فَاطِمَةَ -رضي الله عنها- أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنْ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ.

فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ: "عَلَى مَكَانِكُمَا"، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: "أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ".

وفي زيادة عند أبي داود: قَالَ عَلِيٌّ : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا لَيْلَةَ صِفِّينَ، فَإِنِّي ذَكَرْتُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقُلْتُهَا.

هكذا كانت محافظتهم على الأعمال الصالحة، حتى في أحلك الظروف، وأشد الأزمات.

وانظر إلى هذا الشابِ الأعزبِ من شباب الصحابة، كيف كان ثباته ومداومته على العمل الصالح، ففي الصحيحين، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا أَعْزَبَ، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيْ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ.

فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ!" قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا.

وتمضي السنون، ولا يزال في الأمة در مكنون، فها هو السلطان العثماني محمد الفاتح يفتح القسطنطينية في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وقد روي أنهم أرادوا أن يصلوا ركعتين لله شكرا على هذا الفتح المبين، فأمر الخليفة محمد الفاتح أن لا يؤم الناسَ الا رجلٌ ما فاتته صلاُة الفجر في جماعة منذ أن عقِل.

بحثوا في الجيش، فلم يجدوا أحداً ينطبق عليه الشرط، لا من القضاةِ، ولا الوزراءِ ولا القادةِ، ولا بقيةِ الجيش، فتقدم السلطان محمد الفاتح فصلى بهم صلاة الشكر، ثم قال بعد الصلاة: أما وجدتم مَن فيه هذا الشرط من المسلمين؟ قالوا: لا، فقال: والله! لولا خوفي أن لا تقام الصلاة في يوم أعز الله فيه الإسلامَ وأهلَه لما أخبرتكم، فقد أحببت أن أُبقي هذا سراً بيني وبين خالقي، ووالله! ما فاتتني صلاة الفجرِ في جماعة منذ أن عقلت.

الله أكبر! هكذا والله تعلو الهمم، وتنتصر الأمم، وإذا خضع سلطان الأرض، نصر جبار السماوات والأرض.

وتمضي السنون، ولا يزال في الأمة در مكنون، لنقف على صفحات مضيئة من حياة العلماء العاملين، ومنهم إمام هذا العصر شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز طيب الله ثراه، وجعل جنة الفردوس مثواه، فقد ضربت مآثره أصقاع الدنيا بعلمه وعبادته وزهده وتواضعه، حتى كانت آخرُ ليلة في حياته، وهو طريح
الفراش، يصارع المرض الشديد، ومع هذا كلِّه، لم يكن ليترك قيامَ الليل ومناجاتِه مولاه، فيدخل عليه ابنه أحمد بعد الساعة الواحدة ليلاً قبيل وفاته فإذا هو يقوم الليل على عادته -رحمه الله-.

عباد الله: ما أسرع ما تمضي بنا الأيام والسنون! وإن في سرعة انقضائها لعبرةً للمؤمنين.

رمضان، بالأمس القريب استقبلناه، وما أسرع ما ودعناه! صفحات الأيام تطوى، وساعات العمر تنقضي، فعلى العاقل اللبيب أن يتفكرَ في حاله ومآله، ويبادرَ بالتوبة والإنابة قبل أن يغلق باب الإجابة، فالدنيا ظل زائل، وأيام قلائل، وإن المؤمن لا يهدَأ قلبُه، ولا يسكُن بالُه، حتى يضعَ قدمه في الجنة.

أعاننا الله وإياكم على الطاعات، وختم أعمارنا بالباقيات الصالحات، وجمعنا في أعالي الجنات، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله الذي خلق فسوى.
عباد الله: لئن كنا ودعنا موسماً عظيماً من مواسم الطاعة والعبادة، فإن الله تعالى شرع لنا من النوافل والقربات ما تهنأ به نفوسنا، وتقر به عيوننا، ويزيد في أجورنا وقربنا من ربنا، كصيام الست من شوال، وقيام الليل، وصلاة الوتر، والمداومة على السنن الرواتب قبل الصلاة وبعدها، وقراءة القرآن الكريم، والمحافظة على الأوراد والأذكار.

روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر".

فصيام الست من شوال سنّة مستحبّة، وفضله أنه يكمّل أجر صيام سنة كاملة، والحكمة من صيام الستّ أنها كالصلوات النوافل مع الفرائض، فهي ترقع ما شاب الصيام من نقص أو تقصير أو ذنب، كما أن في صيامها شكراً لله على توفيقه لصيام رمضان، وزيادةً في الخير، ودليلاً على حب الله وطاعته، وعلامةً على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبدٍ وفَّقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها.

ولا يلزم صيام الست بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حَسَب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع، لكن المبادرة أفضل؛ لما فيها من استباق الخيرات، وعدم الوقوع في التسويف وعوارض الحياة.

واعلموا -عباد الله- أن من كان عليه قضاء من رمضان فعليه أن يصومه أولاً ثم يصومَ الست من شوال، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال"، والذي عليه قضاء من رمضان إنما صام بعض رمضان ولم يصم رمضان، كما أفتى بذلك أهل العلم.

كما أن من البدع التي نهى عنها أهل العلم قيام بعض الناس بصيام الست ابتداءً من اليوم الثاني إلى السابع، فإذا أفطروا في اليوم الثامن سموه (عيد الأبرار)، وهذا العيد بدعة محدثة لا يجوز اعتقادها، ويجب النهي عنها، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابِه.

فاتقوا الله -عباد الله- وقدموا لأنفسكم، وداوموا على طاعة ربكم، واعلموا أن للمداومة على العمل الصالح ثمرات وكرامات، ووسائل ومحفزات، أرجئها إلى خطبة قادمة بإذن الله تعالى.

وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على خير البرية، وأزكى البشرية، فقد أمركم الله بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◣ الاحد ◢
٠٨/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
02/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

 ‌‌‌‌‌‏أكثر الأذكار التي كان النبي ﷺ
يقولها كل يوم (التسبيح) و(الاستغفار) لأن
التسبيح تعظيم لله، والاستغفار افتقار إليه، وبهذا كمال التوكل على الله..♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح التسبيح والاستغفار...@
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
صفاتُ المنافقين في القرآن والسنة
للشيـــخ/ خــالـــد بن عـــلي الغـامـــدي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــــــــة.الأولى.cc
إن الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيئات أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحْدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه، والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدّين، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فاتَّقوا الله - عبادَ اللهِ -، وراقِبوه في السرِّ والعلانية؛ فإن حقيقةَ التقوَى: هي الإخلاصُ للهِ، والصدقُ معه، وخشيتُه في كل الأحوال، وإصلاحُ السرائِر والقلوبِ، فإنها محلُّ نظر الربِّ - سبحانه -.

وإن قومًا يأتُون يوم القيامة بحسناتٍ كجِبال تِهامة بِيضًا، فيجعلُها اللهُ هباءً منثُورًا؛ لأنهم كانوا إذا خلَوا بمحارِمِ الله انتهَكُوها، فجعلُوا اللهَ أهونَ الناظرين، ﴿ *وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: 91].*

أيها المُسلمون:
قدَرُ الله على هذهِ الأمةِ المُحمدية، في هذه الأزمانِ المُتأخِّرة، أن يتكالَبَ عليها الأعداءُ من كل حدَبٍ ينسِلُون، ويتنادَوا على خيراتِها، ويتكاتَفُوا لتمزيقِها وتعويقِها وتأخير نهضَتِها.

ومن رحمةِ الله: أنه لم ترُك الأمةَ بدون بيانٍ وتحذيرٍ من هؤلاءِ الأعداء، وهَتكِ أستارِ مكرِهم وكَيدِهم، وكان من بيانِ الله - سبحانه - أن أعداءَ الأمةِ على قِسمَين، هما:

كُفَّار صُرحاء، ظاهرةٌ عدواتُهم، وبيِّنٌ كيدُهم، كما قال الله تعالى: ﴿ *إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [النساء: 101]،* يعني: ظاهِرين بيِّنِين في عداوتهم، وهؤلاء الكُفَّار الصُّرحاءُ لم تُعانِ الأمةُ كثيرًا من التعرُّف عليهم، واتِّقاءِ شرِّهم؛ لوُضوحِهم وظُهورِهم.

وإنما عانَتِ الأمةُ الأمَرَّين منذ عهدِ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وذاقَت العلاقِمَ المرائِر من النِّفاق وأهلِه، الذين هم أعداءُ الأمة حقًّا، المُتلوِّنون المُخادِعُون، الطاعِنون الأمةَ بخناجِرَ مسمُومةٍ في دينِها وعقيدتِها ووحدتِها، واجتِماعِ كلمتِها، المُتربِّصُون بها الدوائِر مكرًا وكيدًا، وإثارةً للفتنِ والقلاقِل.

ولا تزالُ المُعاناةُ والمكائِدُ منهم مُستمرَّةً؛ حتى يخرُجَ رأسُ النِّفاق الأكبَر المسيحُ الدجَّالُ الأعوَرُ ومن معَه من اليهود والمُنافِقين، فيُهلِكَهم الله على يدِ مسيحِ الهُدى والحقِّ عيسى ابن مريم - عليه وعلى نبيِّنا أفضلُ الصلاة والسلام -.

عبادَ الله:
لم تكُنْ هناك حاجةٌ لكَي ينشَأ النفاقُ في العهدِ المكيِّ في زمن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لوُضوحِ عداوَة الكُفَّار وصراحَتهم.

وإنما نشَأَ في أوائِلِ ما نشَأَ بعد غزوة بدرٍ الكُبرى، حينما رأى اليهود ومن في قلبِه مرضٌ أن أمرَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد توجَّه، وأن رايةَ الإسلام آخِذةٌ في الظُّهور، فخشوا على أنفسِهم، واقترَحَ طائفةٌ من اليهود على أوليائِهم خُطَّة النفاقِ هذه، كما قال الله - سبحانه -: ﴿ *وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [آل عمران: 72]،*فاشتعلَت شرارةُ النفاقِ الأولى، ونبَتَت نبتَتُه، فبسَقَت شجرةً يهوديَّةً خبيثةً بمكرِ وخديعة مرَضى القلوب، حتى غدَا النفاقُ موئِلَ الغادِرين الحاقِدين، ينضَوُون تحت لوائِه؛ ليُصبِحُوا شوكةً في خاصِرةِ الأمة، وأشدَّ عُدوانًا وخطرًا على عقيدةِ الأمة ومُقدَّراتها من الكُفَّار الصُّرحاء.

ولسُوء أفعالهم، وخُبث طويَّتهم، وإضمارهم الشرَّ للأمة تولَّى الله - سبحانه - بنفسِه فضحَ هذه الطائفة المُندسَّة، وبيَّن - سبحانه - خُطُورتَهم وعلاماتهم وصفاتهم، وخصائِص سُلوكيَّاتهم، وبواعِثَ تحرُّكاتهم، والمنهجَ الصحيحَ في التعامُل معهم في آياتٍ مُحكَماتٍ عظيماتٍ، كأنَّها الصواعِقُ المُحرِقةُ تهتِكُ أستارَهم.

آياتٌ حيَّةٌ نابِضةٌ لكأنَّها أُنزِلَت اليوم، من حيويَّتها وتدفُّق معانِيها، كما في صدر سُورة البقرة في ثلاث عشرة آية، وفي سُورة آل عمران، والنساء، والأنفال، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والمُنافِقُون، وما أعظمَ بيانَ الله في سُورة التوبة التي تُسمَّى "الفاضِحة" لأحوال المُنافِقين وصفاتِهم؛ حيثُ ما زالَ الله تعالى يقولُ فيها: ومنهم، ومنهم، ومنهم، حتى ظنَّ الصحابةُ أنه لا يبقَى أحدٌ إلا ذُكِرَ فيها.

ولقد بيَّن رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بيانًا مُشرِقًا كثيرًا من صفاتهم، وملامِح شخصياتهم والتعامُل معهم، في سنُنه القولية والفعلية والعملية، وسيرته التطبيقيَّة التي تَفيضُ بها دواوينُ السنَّة النبوية، وكل ذلك - يا عباد الله - حتى يحذَر المسلمون، ويعُوا خطرَ النفاق الداهِم، وأن أهلَه هم العدوُّ حقًّا،
هم العدوُّ على الحقيقة، فاحذَرُوهم - يا عباد الله -، قاتَلَهم الله أنَّى يُؤفَكون.

أيها المسلمون:
النفاقُ الذي ذمَّه الله ورسولُه - صلى الله عليه وآله وسلم - على نوعَين، وهو في حقيقته وأصله يرجِعُ إلى اختِلاف حالة السرِّ عن حالة العلانية وتغايُرهما، فإن كان هذا الاختِلاف والتغايُر يرجِعُ سببُه إلى أن يُظهر العبدُ الإسلامَ والإيمانَ بأصول الاعتقاد، ويُبطِن الكفرَ والعقائِدَ الباطلة، فهو النفاقُ الأكبرُ الاعتقادِيُّ المُخرِجُ من الملَّة، وأهل هذا النفاق، آمَنُوا بأفواهِهم ولم تُؤمِن قلوبُهم.

ولهم علاماتٌ وصفاتٌ بيَّنها الله أتمَّ بيان، وهي تظهَرُ منهم - أعني: هذه العلامات - في لَحن القول والعمل، وإسرارهم إلى أوليائهم إذا خلَوا إليهم.

والقرآن العظيم لم يتعرَّض لذِكر أسمائهم وأعيانهم، بل كان حديثُه عنهم مُركَّزًا في بيان صِفاتهم وأفعالهم، وهذا المنهجُ القرآنيُّ الفريدُ هو أعظَمُ نفعًا، وأبقَى أثرًا، وأسلَم عاقبة؛ لأن النفاق وأهله ليسُوا مرحلةً تاريخيةً مرَّت وانتَهَت، بل هم نموذجٌ يتكرَّر في كل زمانٍ ومكانٍ.

وهؤلاء المنافقون أصنافٌ؛ فمنهم الذين يكرَهُون الإسلامَ وشعائِرَه وأهلَه، ويتحاكَمُون إلى الطاغوت، ﴿ *وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ﴾ [النور: 48].*

ومنهم الذين يُكذِّبُون الله ورسولَه تكذيبًا كلِّيًّا أو جُزئيًّا، ويُظهِرون حبَّ الإسلام ونُصرة المسلمين، وهم في الحقيقةِ في حقيقةِ أمرهم مثلُ أصحابِ مسجد الضِّرار، يُبطِنُون الكفرَ المحضَ، والغدرَ والخيانةَ والإضرارَ بالمسلمين.

ومنهم الذين يُؤذون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالقولِ والفعلِ، ويُبغِضُونه ويسخَرُون منه، ويطعَنُون في سنَّته وهديِه، ويلمِزُون المُتمسِّكين بسنَّته ويهزَأُون منهم، خاصَّةً صحابةَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الخلفاء الراشدين، وبقية الصحابة، وأمهات المؤمنين - رضي الله عنهم أجمعين -.

ومنهم الذين يكرَهون انتِصارَ الإسلام وأهله، ولا يَودُّون أن يُنزَّل عليكم من خيرٍ من ربكم، ولا يرقُبُون في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذمَّة، ويفرَحُون ويبتَهِجُون بهزيمة المسلمين، وتسلُّط الأعداء عليهم بالقتل والدمار والتشريد، ﴿ *قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: 118]،* وقد عضُّوا على المسلمين الأنامِلَ من الغيظ، وودُّوا لو تكفُرون كما كفروا فتكونون سواءً، وإن تمسَسكم حسنةٌ تسُؤهم، وإن تُصِبكم سيئةٌ يفرَحُوا بها.

ومنهم الذين يتربَّصُون بالمسلمين الدوائِر يبغُونهم الفتنةَ، ويسعَون في تخذِيل المسلمين وكسر شوكتهم، والرقصِ على جِراحهم وآلامهم، وتمزيق وحدتهم، وتفريق كلمتهم، وتخريب بُلدانهم، وحواضِرهم الكبرى.

كما يفعَلُ الباطنيُّون اليوم مُنافِقُو العصر، أحفادُ ابن العلقَمِيِّ، ومن عاوَنَهم في ذلك من أدعِيَاء الخلافة الإسلامية زُورًا وبُهتانًا، الذين ينشُرون الطائفية والنَّعرات الجاهلية، ويُحرِّضون على حُكَّام المسلمين، ويُحاوِلون إسقاطَ ولاةَ أمرهم والشعوب المسلمة في وحل الدمار والهلاك والتخريب والفوضى، كما كان المُنافِقون الأوائِل يُظهِرون الطاعةَ لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإذا برزُوا من عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بيَّتَ طائفةٌ منهم الشرَّ، ودبَّروا الخروجَ عن طاعةِ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعِصيانه.

ولذلك حاوَلُوا مِرارًا قتلَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولكن الله عصَمَه منهم، وهم الذين أثَارُوا الفتنةَ على أمير المؤمنين عُثمان - رضي الله تعالى عنه -، وحرَّضُوا عليه غَوغَاء الناس ودَهماءَهم، حتى قُتل شهيدًا صابِرًا مُحتسبًا، كما وصَّاه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله: «يا عثمان! إن الله مُقمِّصُك قميصًا، فإن أرادَك المنافقون على خَلعِه، فلا تخلَعه حتى تلقَاني»؛ أخرجه أحمد والترمذيُّ بسندٍ صحيحٍ.

ومنهم الذين لا يذكُرون الله إلا قليلاً، ويكرَهون قراءةَ القرآن، ووالله لنَقلُ الحجارة أهوَنُ عند المنافِقِ من مُداوَمَة قراءة القرآن، ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]، ﴿ *وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الزمر: 45].*

ومنهم الذين يأمُرون بالمنكر، وينهَون عن المعروف، ويُحبُّون أن تشِيعَ الفاحشَةُ في الذين آمنوا؛ ابتِغاءَ الفتنة والضلالة فيهم، وإذا لَقُوا الذين آمنوا قالُوا آمَنَّا، وإذا خلَوا سَلَقُوكم بألسنةٍ حِدادٍ أشحَّةً على الخير، ويقبِضُون أيديهم، ولا يُنفِقُون إلا وهم كارِهون، وإذا رأيتَهم تُعجِبك أموالهم وأولادهم وأجسادهم، وإن يقولُوا تسمَع لقولهم من فصاحَتهم وتشدُّقهم بالكلام، وهم أجبَنُ الناس وأشدُّهم خوفًا وفرَقًا، يحسَبُون كلَّ صيحةٍ عليهم، ولذلك كرِه
ُوا الجهادَ في سبيل الله، ورَضُوا بأن يكونوا مع الخوالِفِ، وطُبِع على قلوبهم فهم لا يفقَهون.

إلى غير ذلك من صفاتِ أهل النفاق الأكبر، الذين هم قال الله فيهم: ﴿ *إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 67]،* وقال: ﴿ *إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: 145].*

أمة الإسلام:

هذا النفاقُ الأكبرُ هو الذي كان عليه المنافقون في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، الذين نزَلَ القرآنُ بتكفيرهم وتخلِيدهم في النار، وقد كان على رأس المنافقين آنَذَاك عبدُ الله بن أُبَيٍّ، الذي حقَدَ على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما قدِمَ المدينة مُهاجرًا، وأشرَقَت المدينةُ بأنوَاره - صلى الله عليه وآله وسلم -، والْتَفَّ الناسُ حولَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وفرِحُوا به فرحًا شديدًا.

فأغاظَ ذلك ابنَ أُبَيٍّ، فأضمَرَ للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - العداوةَ أبدًا، وبدأ هو ومن معه من اليهود ومرضَى القلوب يكِيدُون للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصحابته المكائِدَ والدسائِسَ، فكان أن خَذَلَ النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - في معركة أُحُد، وانسَحَب بثُلُث الجيش، وكشَفَ ظهرَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للمُشركين.

ثم سعَى هو ومن معه لتجميعِ الأحزابِ لمُحاصَرَة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المدينة، وكانوا على رأس المُخذِّلين والمُرجِفين ليفُتُّوا في عضُد المسلمين.

وهم الذين كانوا وراءَ حادثة الإفك الشهيرة، التي أرادُوا من ورائِها تشويهَ بيت النبوة الشريف، وإسقاط رمز الإسلام والمسلمين، إلى غير ذلك من المؤامرات والمكائِدِ، من هذه الفئة المنافقة التي غدَتْ قُدوةً سيئةً لكل من يُبطِن الكفرَ والخيانةَ والغدرَ والكيدَ للمسلمين، ﴿ *بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: 138، 139].*

بارَكَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ قولِي هذا، وأستغفِرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفِرُوه، إنه هو الغفورُ الرحيم.


الخطبة الثانية :
الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي قال لنبيِّه: ﴿ *وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ [الأحزاب: 48]،* وأمَرَ عبادَه المؤمنين أن يتَّقُوا الله وأن يكونوا مع الصادِقين، وأُصلِّي وأُسلِّمُ على إمام الحُنفَاء المُخلِصين، وسيِّد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته الذين أخلَصُوا دينهم لله، وأنابُوا إلى ربهم، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:
فاعلَمُوا - أيها المسلمون - أن النوعَ الثاني من النفاقِ الذي ذمَّه الله ورسولُهُ - صلى الله عليه وآله وسلم -: هو النفاقُ الأصغر نفاقُ العمل، وهو التخلُّقُ بشيءٍ من أخلاق وأعمال المنافقين، مع بقاءِ أصلِ الإسلام في القلبِ، وهو لا يُخرِجُ من الملَّة، لكن صاحِبه على خطرٍ عظيمٍ، وعلى شفَا هلَكَة؛ لظهور علامات المنافقين عليه التي تدُلُّ على اختِلاف حالة السرِّ عن حالة العلانية.

وقد قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - عن خُشُوع النفاقِ لما سُئِل عنه: "أن ترَى الجسَدَ خاشِعًا والقلبُ ليس بخاشِعٍ".

وقال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -: "من النفاقِ: اختِلافُ القلب واللسان، واختِلافُ السرِّ والعلانية، واختِلافُ الدخول والخروج".

ومن علامات صاحب هذا النفاقِ: أنه يُظهِر للناس علانيةً صالحةً وتقوَى، فإذا خلاَ بنفسه، اختَلَفت حالتُه، وقَلَّ خوفه وحياؤه من ربه، ﴿ *يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: 108].*

وهو يُرائِي الناسَ بأعماله، ويسعَى للتسميع بما يفعَل، وإذا صلَّى بين الناس جوَّدَ صلاتَه وأتقَنَها، وإذا خلاَ بنفسه فرَّط فيها ونقَرَها وأخَّرَها عن وقتها، يتخلَّفُ عن الصلوات بالمساجِدِ دائمًا بلا عُذر، وأثقَلُ الصلوات على المنافقين صلاةُ العشاء والفجر، ومن تَرَك ثلاث جُمَعٍ بلا عُذرٍ كُتِب من المنافقين، كما ثبَتَ عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -.

عباد الله:
ومن خُطورة هذا النفاقِ الأصغر: أنه سُلَّمٌ وجسرٌ إلى النفاق الأكبر، إذا استمَرَّ صاحبُه على أخلاق المنافقين، وأكثَرَ من شُعب النفاقِ ولم يدَعْها، ويُخشَى عليه أن يُسلَب الإيمان عند الموت، ويُختَم له بخاتمةٍ سيئةٍ.

كما ثبَتَ في "الصحيح": «أن الرجلَ ليعمَلُ الزمنَ الطويلَ بعمَل أهل الجنَّة، ثم يُختَم له عملُه بعملِ أهل النار».

وقد بيَّنَت الروايةُ الأُخرى في "الصحيح": أن عمَلَه بعمَلِ أهل الجنة ذاك، إنما كان فيما يبدُو للناسِ.

وهذا النفاقُ الأصغرُ - يا عباد الله - دليلٌ على ضعفِ الإيمان في
رًا مُؤزَّرًا، وكُن معهم ولا تكُن عليهم، وانصُرهم ولا تنصُر عليهم بقوَّتك يا قويُّ يا عزيز.

اللهم انصُر إخواننا المجاهدين المرابطين على الحدود، اللهم انصُر إخواننا المجاهدين المرابطين على الحدود، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، وأعِنهم بقوَّتك يا قويُّ يا عزيز.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضَاه، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضَاه، اللهم وفِّقه ونائبَيه لما فيه صلاحُ البلاد والعباد، واجعَلهم مفاتيحَ للخيرِ مغاليقَ للشرِّ برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.

اللهم اغفِر لنا ولوالِدِينا، اللهم اغفِر لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافِنا واعفُ عنَّا، وارزُقنا واجبُرنا، وارفَعنا ولا تضَعنا، وأكرِمنا ولا تُهنَّا، وأعِنَّا ولا تُعِنْ علينا، وانصُر ولا تنصُر علينا، اللهم انصُرنا على من ظلَمَنا
القلب، وقِلَّة تعظيمِ الله والرغبةِ في الدار الآخرة، فلذلك ترَى صاحِبَه في علاقته بالناس، إذا حدَّث كذَب، وإذا وعدَ أخلَف، وإذا خاصَمَ فَجَر، وإذا عاهَدَ غدَر، وإذا اؤتُمِن خانَ الأمانةَ، وغشَّ المسلمين، وإذا عامَلَهم داهَنَهم وعامَلَهم بوجهَين، وإن من شِرار الناس عند الله ذا الوجهَين، الذي يلقَى هؤلاء بوجهٍ وهؤلاء بوجهٍ.

وهذا دليلٌ على اختِلاف حالة سرِّه عن حالة علانيتِه، فهو مُتردِّدٌ مُتحيِّرٌ في أمره، لا تستقِرُّ شخصيَّتُه على مبدأٍ أصيلٍ، ومنهجٍ واضحٍ، بل هو مع مصالحه الشخصية، وأغراضه النفعِيَّة المادية، وحيث كانت توجَّهَت إليها ركائِبُه، كما وصَفَه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصفًا دقيقًا بقولِه: «مَثَلُ المنافقِ كمثلِ الشَّاةِ العائرةِ بين الغنمَيْن - يعني: المُتردِّدة والحائِرة - تعِيرُ إلى هذه مرَّةً، وإلى هذه مرَّةً، لا تدري أيَّهما تَتْبَعُ»؛ أخرجه أحمد ومسلم.

ومن علاماته: أنه يدعُو بدعوَى الجاهلية، ويُفارِق الجماعة، وينزِع يدًا من طاعة، ويستخِفُّ بولاةِ الأمر والعلماءِ والمصلحين.

كما قال عمَّارٌ وجابِرٌ - رضي الله عنهما -: "ثلاثةٌ لا يستخِفُّ بحقِّهن إلا مُنافقٌ بيِّنٌ نفاقُه: الإمامُ المُقسِط، ومُعلِّم الخير، وذو الشَّيبَة في الإسلام".

وترَى صاحِبَ هذا النفاق يتشبَّعُ بما لم يُعطَ كلابِسٍ ثوبَيْ زُور، ويُحبُّ أن يُحمَد بما لم يفعَل، ويُكثِر من اللَّعن والسبِّ والفُحش في منطِقِه، وإن البذاءَ والبيانَ شُعبَتَان من النفاق، كما ثبَتَ عند الإمام أحمد في "مسنده".

ونُشُوزُ المرأة على زوجها بغير حقٍّ، وطلبها الخُلْع منه بدون عُذر، وتبرُّجُ المرأة وسُفُورُها، وخَلعُها الحياء والحِشمَة والعفاف من خِصالِ النفاقِ، كما ثبَتَ ذلك عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.

أيها المسلمون:
هذا النفاقُ الأصغرُ العمليُّ هو الذي كان الصحابةُ والسلفُ يخافُون منه ويُحاسِبون أنفسَهم؛ لئلا يقَعُوا في خصلةٍ من خِصاله، فقد امتَلأت قلوبُهم بتعظيمِ الله - سبحانه -، والإخلاص له، والصدقِ معه ومُراقبَته، وعلِمُوا أن النفاقَ أساسُ بنائِه على الكذِبِ والخِداعِ والتلوُّن، فلذلك عمَرُوا بواطِنَهم بالخيرات، وأصلَحُوا سرائِرَهم، وحرصوا على لُزُوم جماعة المسلمين وإمامهم، والنُّصح لكل مسلمٍ؛ فإن ذلك يُصفِّي القلوب، ويُطهِّرها من الدَّغَل والغشِّ.

وأكثَرُوا من نوافِل السرِّ التي هي أحبُّ إليهم من نوافِلِ العلانية، وداوَمُوا على تلاوة القرآن وذِكرِ الله، وحرصُوا على إدارك تكبيرةِ الإحرام التي من حافَظَ عليها كُتبَت له براءَتَان من النفاقِ ومن النارِ.

وكتَمُوا حسناتهم، وأخفَوا أعمالهم، واستَوَى عندهم مَدحُ الناس وذمُّهم، والْتَمَسُوا رضَا الله ولو سخِطَ الناس، وكانت لهم خبيئَاتُ الأعمال، فلذلك صلَُحت قلوبهم، وخلُصَت من الرياء والسمعة، وطهُرَت من النفاق، وأصلَحَ الله لهم علانيَتَهم وأغيرَتهم، وكفاهم أمرَ دينهم.

يقول ابنُ الجوزيِّ - رحمه الله -: "من أصلَحَ سريرَتَه فاحَ عبيرُ فضلِه، وعبَقَت القلوب بنشر طِيبه. فاللهَ اللهَ في إصلاحِ السرائِر، فإنه ما ينفَعُ مع فسادِها صلاحُ الظاهِر".

أيها المسلمون:

إن إخوانَنا في سوريا، وخاصَّةً في حلَب، يتعرَّضُون لأبشَع العُدوان والظُّلم وسفك الدماء، وتسلُّط الأعداء من الباطنية والخوارج وغيرهم، وإن من علامات المؤمن الصادق: أنه يحزَنُ لمُصاب إخوانه، ويهتمُّ بأمرِهم، ويسعَى لإغاثَتِهم.

ومن هنا أمَرَ خادمُ الحرمين الشريفين - وفَّقه الله وأيَّده - بإقامة حملةٍ شعبيةٍ لإغاثة إخوانِنا في سوريا والوقوفِ معهم وإسعافهم، وإننا لنحُثُّ المسلمين جميعًا على المشاركة الفاعِلَة في هذه الحملة، ومُساعَدة أهلنا في سوريا، والوقوف معهم في كَربهم، وإدخال السُّرور على قلوبهم، والله في عَون العبدِ ما دام العبدُ في عَون إخوانه.

ثم صلُّوا وسلِّموا على سيِّد البشرية وهادِيها وسراجِها المنير، فإن الله - عزَّ وجل - قد أمَرَنا بالصلاةِ والسلامِ عليه؛ حيث قال في مُحكَم تنزيله: ﴿ *إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].*

وثبتَ عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «من صلَّى عليَّ واحدةً، صلَّى الله عليه بها عشرًا».

فاللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وأنعِم على عبدك ورسولك نبيِّنا وحبيبِنا وسيِّدنا وقُدوتنا محمدٍ، وعلى آلهِ وأزواجه، وصحابتِه الكرامِ، وخُصَّ منهم: أبا بكرٍ الصدِّيقَ، وعُمرَ الفاروقَ، وعُثمانَ ذا النُّورَين، وعليًّا أبا الحسنَين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين.

اللهم انصُر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم انصُر إخواننا في فلسطين، اللهم انصُر إخواننا في الشام، اللهم انصُر إخواننا في سوريا، اللهم انصُر إخواننا في العراق وفي اليمن، اللهم انصُرهم نص
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
حـافظــوا على أثــر رمضـــــان
للشيــخ/ صـــــلاح الــعـــــريفـــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) .

أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .

أيها الناس : لقد أثر فينا رمضان ، عشنا فيه الروحانية وذقنا لذة الطاعة وحلاوة الإيمان ، أثر في نفوسنا وأرواحنا وحياتنا كلها ، بل حتى في أجسادنا بالصحة والعافية ، ولا نزال نتذوق آثار رمضان الطيبة ونستلذ ذكرياته أمداً ، وتمنى بعضنا لو لم ينقضي رمضان . ونأخذ من هذا عبرة ألا وهي : أن الطريق للحياة الطيبة المطمئنة هو العمل الصالح والقرب من الله وأخذ النفس بالحزم والعزم في ذلك (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) (( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى )) .

ويصعب علينا عباد الله أن يكون حالنا بعد رمضان كحالنا في رمضان ، لأن رمضان موسم تنشط فيه النفوس على سائر الطاعات ، وفيه من المحفزات الربانية ما ليس في غيره من الشهور .

ولكن المؤمن الصادق اللبيب المنيب ، الحازم العازم في طلب المرضاة والدرجات في الجنات يحافظ على أثر الطاعة إن أطاع الله ، ويأخذ نفسه بما تطيق من العمل الصالح فيداوم ولو على القليل فالله يحب ذلك من العبد ويرضاه ، ليَبقي العبد دائم الصلة بالله ، حي القلب ، منشرح الصدر ، متلذذ بالإيمان كل الشهور والأيام .

عباد الله : لرمضان أثر بالغ على أعمال القلوب ، ومن آثار رمضان الجليلة في قلب العبد ، تقويته لجانب المراقبة لله ، حيث كان الصائم مراقب لله رقيب على نفسه رقابة ذاتية في السر والعلانية والغيب والشهادة ، محافظا على صيامه من الانتقاض أو الانتقاص .

فحري بالمؤمن أن يحافظ على هذا الأثر الجميل الجليل فيستمر في استشعار وتنمية المراقبة لله

ومراقبة الله عز وجل منزلة علية من منازل السائرين إلى الله والدار الآخرة ، وهي من أنفع أعمال القلوب وأجلها ، وحقيقتها : دوام علم العبد وتيقنه واستحضاره اطلاع الحق سبحانه على ظاهره وباطنه وسره وعلانيته ، وهذا العلم والاستحضار يُحدِث للعبد مراقبة لله عند أمره فيفعله على أحسن حال ، ومراقبة لله عند نهيه فيجتنبه ويحذر الوقوع فيه ، ويتعبد لله بمقام الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ، فإن لم يكن يراه فالله يراه ويطلع على سره ونجواه ، وهذا المقام هو أعلى مقامات الدين ، ويثمر للعبد حياة القلب ، وحلاوة الإيمان ، ودوام الذكر والشكر ، والحياء من الله ، فيحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ويؤثر الآخرة على الدنيا ، (( وَالاَْخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )) ، ويستحي من ربه أن يراه يفعل ما نهاه ، أو يطلع عليه تاركاً تنفيذ ما أمره .

عباد الله : عبودية المراقبة هي التعبد لله بأسمائه الحسنى ( العليم والمحيط والسميع والبصير وغيرها من أسماء العلم والإحاطة ، وبالخصوص اسميْه الحُسنييْن ( الشهيد والرقيب ) ، فيستحضر العبد معناها

فمعنى اسم الله ( الشهيد ) : المطلع على كل شيء الشاهد له , الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن ولا كبير عن صغير ولا قريب عن بعيد ، عالم الغيب والشهادة ، يسمع جميع الأصوات خفيها وجليها ، ويبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها وصغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه بكل الأشياء ظواهرها وبواطنها (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا )) ، أحصى أعمال العباد كلها وعلم مقاديرها وشهد قصد العباد لها وعملهم إياها فهو الذي يشهد لعبادة وعلى عبادة بما عملوه ، العباد ينسون ما عملوه وما اقترفوه ، والله تبارك وتعالى قد أحصاه ولا ينساه (( أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )) إلى الله مرجع العباد (( ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ )) (( وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَي
ْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )) ، (( وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا )) للناس وعلى الناس وبين الناس .

ووالله إنه لموقف مهيب رهيب ، موقف وجل وخجل وحياء ، يوم أن تقدم على ربك جل جلاله وتعرض عليه ، فيكون هو سبحانه الشهيد على أعمالك (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ))

ومعنى اسم الله ( الرقيب ): المراقب لأعمال العباد على الدوام (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) ، المطلع على ما حوته العوالم من الأسرار والغيوب ، (( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ))

فلا تغفلوا عباد الله عن عبودية المراقبة لله الرقيب الشهيد ، فما أشد الحاجة للمراقبة في زماننا هذا الذي انفتحت فيه أبواب الشهوات ، وكثرت فيه الملهيات ، وسهلت فيه الخلوة بالمحرمات ، وقل فيه المعين على الطاعات (( الّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ )) .

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيها من الآيات والحكمة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله الذي أرسل رسوله ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً ، وأشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً ، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً، أما بعد:

أيها المسلمون : من المحافظة على أثر رمضان الحرص على صيام الست من شوال ، روى مسلمٌ في صحيحه, عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر ))، فهذا الحديث الصحيح دليل على سنية وفضل صيام الست من شوال ، فلا تلتفتوا لمن شكك في مشروعية صيامها محتجا بقولٍ غير قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم اعلموا أن صيام الست من شوال سنة وليس بواجب فمن صام نال الثواب المذكور ومن لم يصم فلا إثم عليه ولا حرج ، ومن اعتاد صيامها يجوز له أن يترك صيامها بعض السنوات ، ولا يلزمه الاستمرار ، لكن المداومة أحب إلى الله .

واعلموا أنه لا فرق بين أن يصوم الإنسان هذه الأيام الستة بعد العيدِ مباشرة أو يؤخرها بعدَ ذلك , ولا فرق بين أن يصومها تباعاً أو يفرقها, لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ذلك ولم يقيده, ولكن لابد أن يكون صيامها بعد إتمام صيام كل أيامِ رمضان, فمن عليه قضاءٌ من رمضان فإنه لا يصومَ الأيام الستة قبل أن يقضي ما عليه من رمضان , لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( منْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ )) فلا بد من صيام رمضان كاملا قبل صيامها ليتحقق الإتباع ، وهذه الأيام الستة بمثابة النافلة الراتبة لرمضان .

فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،. اللهم إنا نسألك رحمة تصلح بها قلوبنا وتفرج بها كروبنا وتيسر بها أمورنا وتشفي بها مرضانا ، وترحم بها موتانا يا أرحم الراحمين .

اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا أنفسنا طرفة عين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، ووفق اللهم إمامنا بتوفيقك ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وهيئ له البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه يا رب العالمين

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا ذ الجلال والإكرام ، اللهم اكفنا واكف بلادنا شر الأشرار وكيد الفجار يا عزيز يا جبار ، اللهم من أرادنا وديننا بسوءٍ فعليك به اللهم اشغله بنفسه واجعل كيده في نحره وتدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز اللهم من حمل علينا السلاح فاقتله بسلاحه إنك أنت السميع العليم .

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات .
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

=========================
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◤ الاثنين ◥
٠٩/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
03/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

 ‌‌‌‌‌‌‏لا يستقيم أمر الأمة إلا بالقرآن،
وبمقدار قُربها منه يكون قوامها
وقوتها وببعدها عنه يكون
انحرافها وضعفها (إن هذا
القرآن يهدي للتي هي أقوم)...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح العمل بالقرآن...@
🌼فائدة نفيسة وسنة مهجورة🌼

لا يثبت ذكر بعد (صلاة النافلة)
سوى موضعين :

١- بعد صلاة الضحى تقول: "اللهم اغفر لي،
وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم" مائة مرة.

🔸الدليل: عن عائشة رضي الله عنها، قالت :
صلى رسول الله ﷺ الضحى، ثم قال:
" اللهم اغفر لي، وتب علي، إنك أنت
التواب الرحيم" حتى قالها مائة مرة "
📚أخرجه البخاري في الأدب المفرد،
وصححه الألباني.
وهذه سنة مهجورة غير معلومة لدى الكثير من المسلمين

٢- بعد صلاة الوتر: تقول: " سبحان الملك
القدوس " ثلاث مرات ماداً صوتك في الثالثة.وهذه سنة معلومة لدى الكثير من المسلمين ولله الحمد

🔹الدليل:
عن عبدالرحمن بن أبزى رضي الله عنه قال :
[ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوترُ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وإذا سلَّمَ قالَ: سُبحانَ الملِكِ القدُّوسِ ثلاثَ مرَّاتٍ يمدُّ صوتَهُ في الثَّالثةِ ثمَّ يرفعُ ]
📚صححه الألباني في صحيح النسائي 1752
🎤
خطـبـــة.جمــعــــة.cc
عن تأخــــر نــزول المــطــــر
للشيـخ/ محمـد آل عبـدالكـريم
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولــى.cc
الحمد لله الغني الحميد، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد .

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين فبلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً.

أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه )يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ )

معاشر المؤمنين:
إن كل نقص يصيب الناس في العلوم والأعمال ، والقلوب والأبدان والأحوال والممتلكات ، سببه الذنوب والمعاصي قال تعالى ( وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ) وقال تعالى ( ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )

وما تُبتلى به الديار من قلة الغيث وغور الآبار، وما يصيب المواشي والزورع من نقص وأضرار، ليس ذلك ـ من نقص في جود الباري جل شأنه وكرمه، وعظم فضله، كلا ثم كلا، فخزائنه ملأى ، ولكن سبب ذلك كله كما قال سبحانه (فبما كسبت أيديكم)

عباد الله:
وكثيراً ما يمتن الله تعالى على عباده بنعمة إنزال الماء من السماء ، (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون)، (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفًا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون
ولا يعرف حقيقة الاستبشار إلا من تعلق قلبه بالأمطار, كما هي حال العرب التي وصفهها الله تعالى .
قال سبحانه: (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ، فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها) انظر إلى آثار رحمة الله في النفوس القانطة، وفي الأرض الهامدة الخاشعة ، (إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير

عباد الله: ولنا أن نتساءل: ما سبب تأخر نزول الأمطار؟ ما سبب القحطِ وجدبِ الأرض؟

أخرج ابن ماجه والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين ، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم يَنْقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم( وقد جاء في هذا الحديث أمران بهما يمنع القطر من السماء, و يحصل الجدب والقحط في الأرض .
الأمر الاول: إنقاص المكيال والميزان. وهو التطفيف, فإن كان الأمر له استوفى حقه بالكامل, وإن كان الأمر لغيره بخسه حقه .

كمن يغش الناس في معاملاتهم تجد البائع يَغُش المشتري ، فيجعل الرديء من السلعة في الأسفل, ويجعل الحسن في الأعلى، والله المستعان.

أما السبب الثاني لتأخر نزول الغيث من السماء فهو عدم اخراج الزكاة الواجبة
فقد ابتلي كثير من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم وصاروا يتساهلون في أخراج الزكاة إما بخلاً بها إذا نظروا إلى كثرتها، وإما تكاسلاً عن إحصائها وصرفها في مصارفه

عباد الله: إن الله أرشدنا عند احتباس المطر إلى أن نستغفره من ذنوبنا التي بسببها حبس المطر؛ قال تعالى حكاية عن هود عليه السلام):وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).

فالإكثار من الاستغفار والتوبة سبب لنزول المطر، وقال تعالى ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع وأدَرّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وتخللها الأنهار الجارية.

عبادَ الله، إنَّ تقوى الله جلَّ وعلا
تنْجِيكُم من الكروبِ والشدائدِ،
وتوجبُ لكم الخيرَ وعظيمَ
الفوائدِ.
فاتقوا اللهَ ربَّكم
أيها المؤمنون، لعلكم ترشدون.

عباد الله.
إن ربَّكم اللهُ الذي لا إلهَ إلا هُوَ، عالمُ الغيبِ والشهادةِ الرحمنُ الرحيمُ، بيدِهِ ملكوتُ كلِّ شيءٍ وخزائنُهُ، وهو الجوادُ الكريمُ، يداه مبسوطتان، ينفقُ كيف يشاءُ، وهو البرُّ الرحيمُ، لا إلهَ إلا هو، له القدرةُ النافذةُ، والحكمةُ البالغةُ في تدبيرِ خلقِه، وأمرِ مملكتِه، يسألُهُ من في السمواتِ والأرضِ، كلَّ يومٍ هو في شأنٍ، يُعطي لحكمةٍ، ويمنع لحكمةٍ، وهو أحكمُ الحاكمين، وأرحمُ الراحمين، وأعلمُ العالمين، أرحمُ بعبادِهِ منهم بأنفسِهم، وأرحمُ بهم من آبائِهِم وأمهاتِهِم، تولَّى جلَّ وعلا تدبيرَ أمرِ عبادِه بموجبِ علمِهِ وحكمتِه ورحمتِه، كما قال جلَّ ذكرُه ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾.

فهو جلَّ وعلا يختارُ لهُمْ ما يصلحُهم، يبتليهم سبحانَه بالسَّراءِ لعلَّهم يشكُرُون، ويبتليهم بالشِّدَّةِ والضراءِ لعلَّهم يتوبون ويستغفرون، فله الحمدُ على عطائِهِ ومنعِهِ، وعسى أن تكرَهوا شيئاً، ويجعلَ اللهُ فيه خيراً كثيراً.

أيها المؤمنون.
عبادَ اللهِ، تعلمون -رحمِني اللهُ وإيَّاكم- ما حصل من تأخُّرِ المطرِ عن وقتِه في كثيرٍ من البلادِ، حتى اقشعرَّت الأرضُ، وصَوَّحَ نبتُها، وغِيضَ الماءُ، وعَظُم الضررُ، جفَّت الأبدانُ، وهزُلت الأنعامُ، ويَبِسَت الأشجارُ، فلا إلهَ إلا اللهُ على حلمِهِ بعد علمِهِ: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾، فما أصابكم عبادَ اللهِ بما كسبت أيديكم، ويَعْفو عن كثيرٍ، فما نزلَ بلاءٌ إلا بذنبٍ؛ عظةً وتذكرةً ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾.

أيها المؤمنون.
إنَّكُم في أعظمِ ضرورة إلى ربِّكم جلَّ وعلا، فأنتم الفقراءُ المساكينُ المحاويجُ إليه، ليس لكم غنىً عن فضلِهِ، يا أيها الناسُ أنتم الفقراءُ إلى اللهِ، والله هو الغنيُّ الحميدُ، فلا غنىً بكم عن رحمتِهِ ونعمتِه، فلا يغرنَّكم يا عباد الله أنَّ أحدَكم في هذه الأيامِ المتأخرةِ يجدُ الماءَ بلا عناءٍ، فما هو إلا أن يفتحَ صنبورَ المياه حتى يحصِّلَه.

فاتقوا الله عباد الله :
فإن عذابَ اللهِ إذا جاءَ لا يردُّ عن القومِ المجرمين، فها هي البلادُ، التي تجرِي من تحتِها الأنهارُ، تَضَعُ الخططَ والدراساتِ لمواجهةِ قِلَّةِ مواردِ الماءِ.

فاتقوا الله عباد الله، احذروا غضبَه، وشديدَ عقابِهِ، فهو القائلُ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾.

خُذوا أيها المؤمنون :
بأسبابِ الرحمةِ والمغفرةِ، عسى اللهُ أن يبدِّلَ حالَكم، ويجيبَ سُؤْلَكم.

أيها المؤمنون.
إن لنزولِ الرحمةِ وحصولِ الغيثِ أسباباً شرعيةً، لابد من أخْذِها واعتبارِها، فمن تلك الأسبابِ:
تقوى اللهِ، فواللهِ ما استُجلِبَت الخيراتُ، ولا استُدفِعَت البليَّاتُ، بمثلِ تقوى اللهِ، ربِّ الأرضِ والسمواتِ، قال تعالى:﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ .

فمفتاحُ بركاتِ السماءِ وخيراتِ الأرضِ تقوى اللهِ العزيزِ الحكيمِ، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ .

فاتقوا اللهَ أيها المؤمنون :
قُومُوا بما أوْجَبَ اللهُ عليكم من الفرائِضِ والواجباتِ، واجتنبوا المعاصيَ والسيئاتِ، مُرُوا بالمعروفِ، وانهوا عن المنكرِ، وأطيعوا اللهَ ورسولَه لعلكم ترحمون، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾، فإذا أخذتم يا عباد الله بهذه الأسبابِ، فأبشِروا، فإن اللهَ قد قال: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾.

أيها المؤمنون.
إن من أسبابِ نزولِ الغيثِ والرحمةِ: الإحسانَ إلى الخلقِ، قال تعالى:﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾ .
وقال صلى الله عليه وسلم : «إنما يرحم الله من عباده الرحماء».

فأحسنوا أيها المؤمنون على فقرائِكم وأهلِ الحاجةِ منهم، فإن الجزاءَ من جنسِ العملِ، هل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسانُ؟!
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم :«بينما رجلٌ يمشي بفلاةٍ من الأرض فس
مِعَ صوتاً في سحابةٍ: اسقِ حديقةَ فلانٍ، فتنحى ذلك السحابُ، فأفرغ ماءَه كلَّه حيث أُمر، فلما سُئل صاحبُ الحديقةِ عن عملِه؟ قال: أتصدَّقُ بثلثِ ما يخرج منها، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأرُدُّ فيها ثلثاً».
والصدقةُ تطفئُ غضبَ الرحمنِ، فأحسِنوا عبادَ الله، إن اللهَ يحبُّ المحسنين.

أيها المؤمنون.
إن من أعظمِ أسبابِ نزولِ الغيثِ كثرةَ الاستغفارِ والتوبةَ، فإن الله جلَّ وعلا أمرَ عبادَه عند انحباسِ المطرِ عنهم أن يستغفروه، ويتوبوا إليه، فقال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾، وقال سبحانه: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾.

واعلموا عباد الله :
أنَّ من أسبابِ نزولِ المطرِ دعاءَ اللهِ وسؤالَه والإلحاحَ عليه، فإن ربَّكم قريبٌ مجيبٌ، لا يخلفُ الميعادَ، فأحسِنوا الظنَّ به، وأعظِموا الرغبةَ فيما عنده، أَظهِروا الفاقةَ والحاجةَ والذلَّ له، والانكسارَ بين يدَيْهِ، فإنه جلَّ وعلا ابتلاكم بحبسِ المطرِ لعلكم تذكَّرون، فترجعون إليه وتضرَّعون إليه، وفي الحديث:«ضَحِك ربُّنا من قنوطِ عبادِهِ، وقُرْبِ غِيَرِه» أي: قرب فرجه جلَّ وعلا.

فادعوا الله أيها المؤمنون أن يُغِيثَكم، فإن اللهَ يجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: دخل رجلٌ يومَ جمعةٍ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قائمٌ يخطبُ، فقال: يا رسولَ اللهِ، هلكت الأموالُ، وانقطعت السبلُ، فادعو اللهَ يغيثُنا، فرفَعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يديَه، ثم قال: اللهمَّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، قال أنس رضي الله عنه : فلا واللهِ، لا نرى في السماءِ من سحابٍ، ولا قَزَعةٍ، وما بيننا وبين سلعٍ من بيتٍ ولا دارٍ، قال: فطلعت من ورائه سحابةٌ مثل التُّرسِ، فلما توسطت السماءَ انتشرت، ثم أمطرت، فلا واللهِ ما رأينا الشمسَ سبتاً» .

فألحُّوا عباد الله على ربِّكم بالسؤالِ أن يغيثَ قلوبَكم بالعلمِ والإيمانِ، وبلادَنا بالسيلِ المباركِ النافعِ، اللهم لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراءُ، أنزِلْ علينا الغيثَ، ولا تجعلنا من القانطين.

عباد الله: قد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الاستسقاء عند احتباس المطر وذلك بالصلاة والدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استسقى على وجوه: منها أنه استسقى يوم الجمعة على المنبر في أثناء خطبته.

ومنها أنه وعد الناس يوماً يخرجون فيه إلى المصلى، فصلى بالناس ركعتين وخطب ودعاء، مما يدل على أنه مطلوب من المسلمين جميعاً عند امتناع المطر أن يحاسبوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربهم، لأن ذلك بسبب ذنوبهم، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، وقال تعالى)وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)

هذا وصلُّوا وسلِّموا - رعاكم الله - على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنـِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم ناصراً ومعِينا وحافظاً ومؤيدا
اللهم آمنا في أوطانِنا، وأدمْ نعمةَ الأمنِ والاستقرارِ في بلادِنا.وبلاد المسلمين
اللهم من أرادَنا وبلادَنا والمسلمينَ بسوءٍ فأشغلُه في نفسِه، واجعلْ كيدَه في نحرِه، واجعلْ تدبيرَه تدميرَه.

ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم

============================
============
لُ بهِ أم يعيدُهُ لمنِ ابتاعهُ منهُ، فإنْ كُناَّ نفعلُ ذلكَ في حقِّ غذاءٍ فكيفَ نقدِّمُ صلاتَنَا لربِّ العزةِ والجلالِ خاليةً من روحِها ومن ذكرِها ومن تسبيحِها، جوفاءَ لا شيءَ فيها، حتى قيامَها وركوعَها وسجودَها فيهِ خللٌ عظيمٌ؟ ولا يُعذرُ أحدٌ بجهلٍ مع توفُّرِ وسائلِ العلمِ، وعلى المسلمِ أنْ يسألَ فيما أشكلَ عليهِ، فهذهِ الصلاةُ إنْ فسدتْ فسدَ سائرُ العملِ، وفسادُ الشيءِ لا يأتي معَ عدمِهِ، فسادُ الشيءِ يأتي بوجودِهِ ولكنْ إذا لم تتمُّ العنايةُ بهِ فسدَ.

 فيا من لكَ من الأعمالِ الخيِّرَةِ الجليلةِ التي ترجو بها ثوابَ اللهِ: إياكَ أنْ تَفسُدَ صلاتُك فيفسدَ سائرُ عملِك، قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا) [الفرقان: 23].

 أيها المسلمون: هذهِ الوصيةُ العظيمةُ الصلاةُ هي التي أوصى بها النبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- في آخرِ أنفاسِهِ، كان يقولُ: "الصلاةَ الصلاةَ وما ملكتْ أيمانُكم" يكررُها عليه الصلاةُ والسلامُ حتى ثقلَ بها لسانُهُ.

 وأما الوصيةُ الثانيةُ، فهي: "ما ملكت أيمانُكم" ملكُ اليمينِ، وهمُ الموالي والإماءُ والعبيدُ، فإنَّهم همُ الذين كانوا يعملونَ في خدمةِ أسيادِهم، وتكونُ اليدُ من فوقِهم، ورُبَّما ظلمَهُم من كانَ يسودُهُم، وقسا عليهم في العملِ، وأغلظَ عليهم في المعاملةِ، فخصَّهُم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بهذه الوصيةِ؛ لأنهم ضعفةٌ مغلوبونَ على أمرِهِم. ولمَّا لم يكنْ في زمنِناَ هذا أرقاَّءَ ولا عبيدَ ولا إماءَ، فإنَّ للعمالِ والخدمِ في هذا الزمانِ حكمَ الوصيةِ، فأصلُ وصيةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في البُعدِ عن ظُلمِ مُلكِ اليمينِ، فلنحذرْ من ظلمِ هؤلاءِ الخدمِ والعمالِ بتحميلِهم ما لا يطيقونَ من عملٍ، أو ظلمِهِم ببخسِ حقوقِهِم، وأكلِ أموالِهِم بحُكمِ أنهمْ ضعفةً محتاجينَ، يقولُ اللهُ -تعالى- في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُهُ بينَكُم محرماً فلا تظالموا".

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 40]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... 



 الخطبة الثانية:


 أما بعد: أيها المسلمون: فاتقوا الله القائل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

 أيها الناسُ: وأما الوصيةُ الثالثةُ، فهي: وصيتُهُ صلى الله عليه وسلمَ بالنساءِ، قال: "استوصوا بالنساءِ خيراً" فهذهِ المرأةُ الضعيفةُ التي خُلقتْ من ضلعٍ أعوجٍ، طالما أنَّ لها خلقةً خاصةً فهي بحاجةٍ إلى رعايةٍ خاصةٍ، منذُ صغَرِها وإذا كبُرتْ، فالأولادُ يتطلعونَ إلى الحياةِ مباشرةً، ويشقونَ طريقَهم إلى الحياةِ والمستقبلِ شيئاً فشيئاً مباشرةً قد يحتاجونَ لمساندةٍ منكَ -أيها الوليُّ- مساندةِ دعمٍ وتوجيهٍ. 

أما الأنثى فهي تتطلعُ إلى الدنيا من خلالِ نافذتِك -أيها الولي- فسواءً كانت أُمًّا أو زوجةً أو بنتاً، فأنت البوابةُ التي تنظرُ من خلالِها للدنيا، فالمرأةُ بحاجةٍ للعطفِ والحنانِ والرفقِ والإحسانِ، وبعضُ النساءِ لا تجدُ من وليِّها إلا الزجرَ والعنفَ والغلظةَ والقسوةَ. فالوليُّ يجبُ عليهِ أنْ يرعى مصالِحَها ويرشِدُها ويسعى في الخيرِ لها ويكرِمُها، ويحسسُها بقيمتِها الأسريةِ والاجتماعيةِ، وأنها ليستْ كأثاثِ البيتِمُهانةً مكسورةَ الجناحِ، مثلومةَ الجانبِ، إنْ رأى منها صلاحاً وخيراً شجَّعها وساندَها، وإنْ وجدَ غيرَ ذلكَ من نشوزٍ وخروجٍ عن طاعةِ الوليِّ ناصَحَها وعالجَها بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، والمشاكلُ لا تُحلُّ بالتأجيجِ والتصعيدِ، فالنارُ لا تخبو بالحطبِ، إنما تموتُ بالماءِ. المرأةُ ضعيفةٌ مسكينةٌ، الكلامُ حسنُهُ وسيئُهُ يلعبُ بها يمنةً ويسرةً، فكونوا عوناً لها. وصلوا وسلموا على خير البرية محمد بن عبد الله... 
=================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم
للشيخ /عبدالله الواكد
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌


الخطبة الأولى: 

أما بعدُ: أيها الأحبةُ في الله: فإنَّ لحظاتِ الموتِ لحظاتٌ حاسمةٌ، لحظاتٌ مريرةٌ وقاسيةٌ، يفرُّ المرءُ من هذهِ اللحظاتِ فراراً، ولكنهُ معبرٌ لا بدَّ منهُ، وخاتمةٌ لهذهِ الدنيا لا يملكُ كائنٌ مَنْ كانَ أنْ يدفعَهاَ، إذا جاءَ الموتُ على المرءِ، وحلَّتْ على أنفاسِهِ كربتُهُ، وأنشبتِ المنيةُ أظفارَهاَ ومخالبَهاَ، هنالكَ تخبو كلُّ المطالعِ، وتفسدُ كلُّ المطامعِ، وتزدادُ الكربةُ، ويشتدُ الألمُ، وتبدأُ السكراتُ، هنالكَ لا يفكرُ المرءُ بشيءٍ من عَرَضِ الدنيا، ولا من مباهِي الحياةِ، لو وضعْتَ القصورَ والملايينَ عندَ قدمِ المغشيِّ عليهِ من الموتِ لرفسَهاَ، ولأشاحَ بوجهِهِ عنها.


 فسبحانَ اللهِ! أهذا الإنسانُ هو الإنسانُ الذي تسمعُ لهاثَهُ، ويصُمُّ أذنيكَ دفّ نَعْليهِ في طلبِ الدنيا والسعيَ وراءَ سرابِهاَ؟ أهذا الإنسانُ هو ذلكَ الإنسانُ الذي ينهشُ في حُرمتِها وحِلِّها ليجمعَ هذا الحطامَ؟ أهذا الإنسانُ هو الإنسانُ الذي تأتيه الفتاوى عن الربا والغشِّ والظلمِ والابتزازِ، وأكلِ مالِ الآخرينَ، فيضربُ عنها صفحاً لأجلِ أنْ يكدِّسَ هذا الهشيمَ؟ نعم هو ذلك الإنسانُ، ولكنَّهُ حلَّ بهِ ما لا يسوغُ معهُ مطمعٌ، ولا يصفو لهُ مرتعٌ، حلَّ به مشتتُ الأوصالِ، وقاطعُ الآمالِ، ومهلكُ الأجيالِ، في هذهِ اللحظاتِ الحاسمةِ التي تدورُ بها الأعينُ وتزيغُ بها الأبصارُ، وتخبوا بها الأنفاسُ، يقولُ نبيُّ الهدى وإمامُ الرحمةِ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ -صلى اللهُ عليهَ وسلمَ- وهو على حِجْرِ عائشةَ الطاهرةِ -رضي اللهُ عنها- يودِّعُ الدنيا بأزكى نفَسٍ حملتْهُ السماءُ، وأطهرِ جسدٍ حملتهُ الأرضُ: "الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكت أيمانُكم". ويقول: "استوصوا بالنساءِ خيراً". 

في هذه اللحظاتِ الأخيرةِ من حياةِ النبيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- نقفُ لنرى ما هيَ وصيتُهُ الأخيرةُ التى خرجتْ من بينِ جبالِ الكربةِ وأمواجِ السكراتِ؟ لنسمعَ ماذا قالَ المبعوثُ رحمةً للعالمينَ في الدقائقِ الأخيرةِ من حياتِهِ، سيدُ الخلقِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمُ- لمْ يوصِ على مُلْكٍ ولا على ميراثٍ إلا على ميراثِ الدينِ وميراثِ الرحمةِ والعدلِ والوفاءِ، لم يوصِ على درهمٍ ولا على دينارٍ، ولا على أرصدةٍ ولا على عماراتٍ، إنما وصى على الصلاةِ وما ملكتِ الأيمانُ وعلى النساءِ، وصَّى على الصلاةِ؛ لأنَّ نجاةَ المرءِ من النارِ بسببِ كمالِها وجمالِها، قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: "أولُ ما يحاسبُ عليه العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ فإنْ صلحتْ صلحَ سائرُ عملهِ، وإنْ فسدتْ فسدَ سائرُ عملهِ" أوصى بهذهِ الشعيرةِ العظيمةِ التى تحفظُ للمرءِ دينَهُ وتنهاهُ عن الفحشاءِ والمنكرِ، وتُنجيهِ من عذابِ النارِ. 

الصلاةُ -أيها المسلمونَ- هي الصلةُ التي تصلُ العبدُ بربهِ، وهي الوشيجةُ التي تربِطُهُ بخالِقِه، إذا حافظَ عليها المسلمُ زَكَتْ نفسُهُ، ونقتْ سريرتُهُ، وأشرقتْ علانيتُهُ، وزادَ بهاؤُهُ ونورُ وجهِهِ، وأحبَّهُ اللهُ -سبحانَه-، وأحبَّهُ الناسُ.

 الصلاةُ وأداؤُها في المسجدِ معَ الجماعةِ عصمةٌ للمرءِ من الزيغِ والضلالِ والكفرِ والنفاقِ، هي السدُّ المنيعُ، والضلعُ الضليعُ، هي التى أمرَ اللهُ بها حتى في ساعاتِ الخوفِ والقتالِ، رجالاً وركباناً، هي التي فُرضَتْ من بين شعائرِ الدينِ في السماءِ، وعُلِّمتْ في السماءِ، هي التي فُرضَ حُكمُهَا على سائرِ الأديانِ الربانيةِ السابقةِ.

 الصلاةُ تغسلُ أدرانَ القلبِ، وتزيلُ همومَ النفسِ، وتشرحُ الصدرَ، وتجلو كدرَ الفؤادِ، هي الدواءُ، وقد ثبتَ علمياً أنَّ أداءَها بركوعِها وسجودِها وبأوقاتِها يقي الإنسانَ من كثيرٍ من العللِ والأدواءِ، ويحفظُ مقيمَها من الأمراضِ، وكفى بها أنها أولُ عملٍ يُحاسَبُ عليهِ العبدُ يومَ القيامةِ، هي تأشيرةُ الدخولِ لمحاسبةِ سائرِ العملِ.

 ولذلكَ -أيُّها الأحبةُ المسلمونَ-: هذه الفريضةُ فريضةُ الصلاةِ إنْ صلحَتْ صلحَ سائرُ العملِ، وإن فسدتْ فسدَ سائرُ العملِ، ولذلكَ على المسلمِ أنْ يقيمَ ركوعَها وسجودَها ويتمَّها كما أمرَ اللهُ بها، وكما فعَلَها النبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلم- إذْ قالَ: "صلوا كما رأيتموني أُصلي" فلْنحافظْ على سلامتِها لكي لا تفسدَ، لكي لا تفسدَ هذهِ العبادةُ العظيمةُ؛ لأنني رأيتُ أناساً -هداهُم اللهُ- يُصلُّونَ وكأنهم يلعبونَ ويعبثونَ، سرعةٌ عجيبةٌ، لا يُتمونَ ركوعَها ولا سجودَها، بل تتعجبُ وتقولُ: كيفَ قرأ هذا المصلي الفاتحةَ؟ وكيفَ سبَّحَ؟ وكيفَ ذكرَ اللهَ؟ لأنَّ المقصودَ في الصلاةِ ليسَ الحركاتِ فقط ولكنْ ما يقالُ في كلِّ ركنٍ وواجبٍ منها من الأذكارِ، وأضربْ لكمْ مثلاً وللهِ المثلُ الأعلى، لو أنَّ أحدَكُم اشترى غذاءً وأخذَ هذا الغذاءَ وهو في كرتونهِ محفوظٌ إلى بيتِهِ، فلماَّ وصَلَ إلى بيتِهِ وجدَ هذا الكرتونَ فارغاً أو ناقصاً أو فاسداً هل يقب
2024/09/27 19:24:32
Back to Top
HTML Embed Code: