Telegram Web Link
اللهم شُلَّ أركانَه، وأخرِص لسانَه، وهُدَّ أركانَه، وأفقِدهُ صوابَه، وسلِمنا يارب العالمين، اللهم إنا نسألك العفوَ والعافية، (اصدعوا بها صباحًا مساءً، ارفعوها لرب الأرض والسماء) اللهم إنا نسألك العفوَ والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العفوَ والعافية في ديننا ودنيانا وأهلِنا وأموالِنا، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقِنا ونعوذ بعظمتِك أن نغتال من تحتنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتِنا إنك سميعٌ كريمٌ يارب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا .......
وصل اللهم على نبينا ......

عباد الله :( إن الله يأمر .....)

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
خطبة 🎤 بعنوان
حقوق المجتمع وواجبات أبنائه ...
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الذي تفرد بالعز والجلال،
وتوحد بالكبرياء والكمال،
جلّ عن الأشباه والأشكال..
أذل من اعتز بغيره غاية الإذلال،
وتفضل على المطيعين بلذيذ الإقبال،
بيده ملكوت السماوات والأرض ومفاتيح الأقفال،
لا رادّ لأمره ولا معقب لحكمه وهو الخالق الفعال..

الحمد لله الحليم الغفار،
النافذ قضاءه بما يجري من الأقدار،
يدني ويبعد ويُشقي ويُسعد، 
 وربك يخلق ما يشاء ويختار،

أحمده سبحانه وأشكره على جزيل إنعامه وعطاءه المدرار، 

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يكور النهار على الليل، ويكور الليل على  النهار،

يا من تُحل بذكره عُقد النوائب والشدائد ...
يا من إليه المشتكى وإليه أمر الخلق عائد

أنت العليم لما بليت به وأنت عليه شاهد ...
أنت المعز لمن أطاعك والمذلُ لكل جاحد

أنت المنزّه يا بديع الخلق عن ولد ووالد ...
يسّر لنا فرجاً قريباً يا إلهي لا تباعد

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، البشير النذير، والمصطفى المختار،  


لمّا أراد الله جل جلاله ***
أن يخرج الدنيا من الظلماتِ
أهداك ربك للورى يا سيدي ***
فيضاً من الأنوار والنفحاتِ
الحق أنت وأنت إشراق الهُدَى ***
ولك الكتاب الخالد الصفحاتِ
من يقصد الدنيا بغيرك يلقها ***
تيهاً من الأهوال والظلماتِ

فيا رب صل وسلم على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين ...

صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله  الأبرار وأصحابه الأخيار من المهاجرين والأنصار  والتابعين ومن تبعهم
 بإحســــان إلى يـوم الـدين،

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،..

أمــا بعـــــد:

عبــــــاد اللـه : -
لقد إهتم الإسلام ببناء المجتمع وحدد واجباته وبين حقوقه على أفراده كما أهتم ببناء الفرد سواءاً بسواء ..!!
فالأمة المسلمة ليست أرضًا كان يعيش فيها الإسلام ...
وليست قوماً كان أجدادهم في عصر من عصور التاريخ يعيشون بنظام إسلامي ..
إنما الأمة المسلمة عدد من المجتمعات يعيش فيها البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من منهج الإسلام . . .
و المجتمع المسلم لبنة قوية في بناء هذه الأمة ، وكل فرد فيه عليه واجبات فردية وواجبات جماعية تجاهه ، ويحمل مسئولية ينبغي أن يقوم بها نحوه  ،
فهذا المجتمع   تربى الفرد فيه وترعرع على أرضه. وشب مع أفراده. وتقاسم معهم همومه وأفراحه وأحزانه.  وعمل لدينه ودنياه من خلاله وهو يطمع من خلاله أن ينال  رضا ربه والفوز بجنته . . .
قال تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) . . .

وإن أول هذه الحقوق والواجبات تجاه المجتمع من قبل الفرد المسلم : السعي و الإلتزام بأحكام الشرع وأوامر الدين في سلوكه وتعاملاته واعتقاده، لأن في ذلك الضمان لحياة طيبة مستقرة تنعم بالأمن والأمان وتنتشر فيها الخيرية وتشيع فيها المحبة وتحل فيها البركة . . .
قال تعالى ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) (لأعراف:96) )

وقال تعالى عن اليهود والنصارى في معرض تحذيره لهذه الأمة وضرب المثل لها بغيرها ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)(المائدة:66)  . . .
وقال تعالى ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)(طـه: من الآية123)...
فالفرد المسلم يعتقد بأنه كلما كان قريباً من ربه مقتدياً برسوله صلى الله عليه وسلم متمثلاً لأوامر الدين في حياته .. في أسرته وفي وظيفته. ومع جيرانه .. في بيعه وشراءه. وفي سلوكه وأخلاقه فإن ذلك يعود بالخير على مجتمعه ...
فلا ترى منه ظلمٌ ولا اعتداء ولا تكبر  ولا فساد في الأرض ولا ترى منه تنصلٌ عن الواجبات أو تضييعٌ للأمانات ... وإن وقع في مثل ذلك في لحظة ضعف وسوء تقدير سارع إلى التوبة ورجع عن خطئه واعترف بذنبه فيأمنه الناس ويسعد به المجتمع . . .

عبــــــاد اللـه :
إن شقاء المجتمعات وتعاسة الأمم قد لا يكون بسبب انحراف المجتمع ككل عن قيم الدين وتنصله عن تطبيق أحكامه في واقع الحياة ..!!
بل قد يكون السبب أيضاً فساد الفرد ذاته في المجتمع أو انحراف مجموعة قليلة من أبناءه  ،،،

وما أهلك الله قوم ثمود إلا بسبب عدد قليل من أفراد ذلك المجتمع . . .
قال تعالى ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (النمل:48) ...

ولأن كل فرد من أفراد ذلك المجتمع لم يقم بواجبه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان العقاب للجميع...

قال تعالى
 ( فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) (النمل:51) . . .

إذاً فالحق الثاني من حقوق المجتمع على أفراده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . .
 فالمجتمع يعيش جميع أفراده على ظهر سفينة ينبغي سعي كل فرد منهم في الحفاظ عليها، وحرية الفرد تتوقف عند حدود أحكام الشرع أو عندما يمتد الأذى إلى الآخرين ويقع الضرر بهم . . .
  روى البخارى وأحمد والترمذى عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا فى نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاًَ، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعاً )  ...

وإن من سنن الله الماضية في خلقه أن يسلط عقوبته على المجتمعات التي تهمل هذه الشعيرة  وهذا الواجب الشرعي قال الله جل وعلا: ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) (المائدة 78-79)...

وإن وجود المصلحين في المجتمعات هو صمَّام الأمان لها , وسبب نجاتها من الهلاك ولهذا يقول تعالى: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ )(هود: 117)  ..

   ومن هذه الحقوق والواجبات للمجتمع المسلم: أن يسعى أفراده لبناء علاقة وثيقة بينهم تقوم على الحب والتراحم والتعاون والإيثار ،،،
ولا خير في مجتمع لا يحب أفراده بعضهم البعض ولا بعطف بعضهم على بعض ولا يتفقد بعضهم أحوال بعض ...
وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتعاون على البر والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان،  

روى أبو بردة عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على كل مسلم صدقة) فقالوا: يا نبي الله، فمن لم يجد؟
قال: (يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق)
قالوا: فإن لم يجد؟ قال: (يعين ذا الحاجة الملهوف) قالوا: فان لم يجد؟
قال: (فليعمل بالمعروف، ويمسك عن الشر، فإنها له صدقة). [البخاري (2/121) ومسلم (2/699)]..

والذي يقضي حاجة أخيه في الدنيا يقضي الله حاجته يوم القيامة، عندما يكون أحوج إليها من حاجة أخيه في الدنيا ...

عن  عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ). [البخاري (3/98) ومسلم (4/1696)]

 فمن كان الله في حاجته أتظنون أنه يخيب ؟
وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم :( أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله" (رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم. وقال المنذري في الترغيب: بعض أسانيده جيد، وكذا العراقي في تخريج "الإحياء" وصححه الشيخ شاكر في تخريج المسند برقم- -4880)  ...

هـــذا الفاروق عمر رضي الله عنه وهو خليفة وجد وهو يتفقد أحوال المجتمع  المسلم في المدينة  بالليل امرأة في حالة المخاض تعاني من آلام الولادة فحث زوجته على قضاء حاجتها وكسب أجرها وقال لها هل لك في خير ساقه الله إلينا ؟
فكانت هي تمرض المرأة في الداخل وهو في الخارج ينهمك في إنضاج الطعام بالنفخ على الحطب تحت القدر حتى يتخلل الدخان لحيته وتفيض عيناه بالدمع لا من أثر الدخان الكثيف فحسب ..!! بل شكراً لله أن هيأه وزوجته لإدخال السرور و قضاء حوائج الناس!.

قال تعالى :{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}( الحج:77) ..

 وفي سير أعلام النبلاء : كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج ، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو ، فيقولون : نصحبك ، فيقول : هاتوا نفقاتكم ، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ، ويقفل عليها ، ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد ، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى ، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زى وأكمل مروءة ، حتى يصلوا إلي مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيقول لكل واحد : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من ؟
فيقول : كذا وكذا ، ثم يخرجهم إلى مكة ، فإذا قضوا حجهم ، قال لكل واحد منهم : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة ؟
فيقول : كذا وكذا وكذا فيشتري لهم ، ثم يخرجهم من مكة ، فلا يزال ينفق عليهم إلي أن يصيروا إلي مرو ، فيجصص بيوتهم وأبوابهم ،
فإذا كان بعد ثلاثة أيام ، عمل لهم وليمة وكساهم ، فإذا أكلوا وسروا ، دعا بالصندوق ، ففتحه ودفع إلى كل واحد منهم صرته عليها اسمه ...
  وهكذا يجب أن يكون عليه كل افراد المجتمع كلٌ حسب قدرت وطاقته ذلك أن  من لوازم الإخاء في الإسلام: التعاون والتراحم والتناصر، إذ ما قيمة الأخوة إذا لم تعاون أخاك عند الحاجة، وتنصره عند الشدة، وترحمه عند الضعف وتنصحه عند الغفلة ؟

اللهم أصلح فساد قلوبِنا وأرحم ضعفنا وحسن أخلاقنا ووفقنا إلى كل خير . . .


قلت ما سمعتم ، وأستغفر الله العظيم فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم . . .




-:(( الخطــبة الثانيــة )):-


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم..

أما بعد:

 عبــــــاد اللـه : -
  ومن حقوق المجتمع وواجبات أبناءه تجاهه حفظ أمنه واستقراره ، وذلك بالبعد عن إثارة كل  ما يسبب المشاكل والنعرات والعصبيات الجاهلية بين أفراده ...
فالمسلمون جميعهم في المجتمع المسلم أمة واحدة وهم أمام الحق والشرع والقانون سواسية،
وهذا الذي يجب أن يشعر به كل فرد في المجتمع  يتساوى في ذلك الحاكم والمحكوم والغني والفقير والعالم والجاهل والرجل والمرأة والقوي والضعيف ...
فلا فرق بينهم بسبب النسب أو اللون أو المركز والوجاهة أو بسبب القبيلة والمنطقة  ومتى ما تسربت هذه الأمراض إلى أي مجتمع فقد المجتمع أمنه وفقدت الحياة هدوئها وامتلأت القلوب بالأحقاد والضغائن وفسدت ذات البين ...

يقول صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ, مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ, وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ, لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ فَخْرَهُمْ بِرِجَالٍ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنْ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتَنَ ) ( صحيح الجامع/  1787)  . . .

لقد تنازع عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه- وهو أمير على المؤمنين مع يهودي حول درع كان قد أضاعها الإمام على ووجدها اليهودي فاحتكما إلى القاضي شريح، فسأل عليّ بن أبي طالب البيّنة فعجز عن إقامتها، فوجّه اليمين إلى خصمه اليهودي فحلف، فحكم بالدرع لليهودي، فاستغرب اليهودي ذلك الأمر،
وقال: قاضي أمير المؤمنين يحكم لي عليه! ونطق بالشهادتين وأسلم ..

وإن من وسائل حفظ الفرد لأمن مجتمعه أن يستشعر خطورة الاعتداء على أموال وأعراض ودماء المسلمين وغير المسلمين في المجتمع المسلم تحت أي مبرر ....
أو أن يكون المرء سبباً في تأجيج العداوات وافتعال الخصومات وترويع الآمنين والإعتداء على الأموال والمصالح العامة تحت أي مسمى ...

وأن الإنجرار في هذا الطريق يقوض بنيان المجتمع ويهدم اركانه ، ، ،
وهذه الأعمال ليست من صفات المسلم ولا من أخلاقه فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

 عبــــــاد اللـه : -
   ومن حقوق المجتمع على أفراده السعي لتطويره والرقي الحضاري به في جميع مجالات الحياة ، ،
فالطالب يجتهد في دراسته لينفع نفسه ومجتمعه ،
والموظف يقوم بأداء وظيفته على أكمل وجه ليخدم مجتمعه إبتداءاً بالمحافظة على الدوام والبعد عن الرشوة والمال الحرام والسعي لتسهيل معاملات الناس وحل قضاياهم،
والمسئول وصاحب المنصب يحمل أمانة أعظم ينبغي أن يؤديها كاملة ولا يحق له أن يدخر جهد يستطيع من خلاله أن ينفع مجتمعه ولا ينبغي له أن يستغل منصبه في مصالحه الشخصية ...
قال تعالى ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ) (الصافات:24)
ورجل الأمن عليه دور كبير في حفظ النظام وضبط الأمن ومساعدة الناس والحفاظ على أموالهم وأعراضهم ودمائهم وهو بذلك يقوم بعبادةٍ عظيمة إن خلصت النيات قال صلى الله عليه وسلم ـ: ( عينان لا تمسهما النار أبداً : عينٌ بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) صحيح الترمذي للألباني :1639 ) ...

وكذلك العالم والمخترع والمهندس والقانوني والصحفي والمعلم كل واحد ينبغي أن يقوم بواجبه ، ذلك إنَّه ما من لحظة من لحظات حياة المسلم إلا و تتجسد فيها المسئولية تجاه مجتمعه بكل صورها ...

روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته؛ فكلم راع وكلكم مسئول عن رعيته } ...

 و على الجميع الإلتزام بالنظام العام في المجتمع فلا يحق لأحد أن يخالف قواعد المرور مثلاً ولا ينبغي له أن يتساهل في نظافة الشوارع  أو أن يخالف قواعد المعاملة الإدارية في أي وزارة. أو مصلحة ولا يجوز الإستهتار براحة الآخرين ولا التضييق عليهم بأي صورة كانت...

ولا يجوز لأحدٍ أن يأخذ حق أخيه مهما كان دون طيب نفسه ورضاه مهما كان هذا الشيء  جاء في مسلم عن أبي أُمامة الحارثي ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتطع حق امريء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار , وحرَّم عليه الجنة , فقال له رجل : وإن كان شيئاً يسيراً (يارسول الله ؟) قال : وإنْ قضيباً من أرَاك)) ...

إن مجتمعاً يعيش بهذه الصفات وبهذه القيم لا شك أنه مجتمع سعيد وفعال ومؤثر في الحياة ،

لذلك ينبغي علينا القيام بواجباتنا نحو مجتمعاتنا حتى ننعم بحياتنا وتصلح أحوالنا ...

هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.

ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼ‌ﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 56].

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،

اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..


اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ‌ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ‌ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،

ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...

عبــاد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون...

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....
والحمد لله رب العالمين ...
🕋🕋🕋🕋. خطبة الجمعة بعنوان (الشباب همم و ادوار !! )
تاريخ ١٨ ذي القعدة ١٤٤٣ الموافق ١٧ يونيو ٢٠٢٢م

محاور الخطبة :

- اهمية دور الشباب في الحياة .
- لماذا يتآمر الاعداء على الشباب . ؟
- ماهي اهم قوة يمتلكها الشباب في الحياة . . ؟
- الشباب درع الاوطان وحماته . .
- واجبات الشباب اليوم . واهمها الدفاع عن هوية اليمنين اليوم .


الخطبة الاولى :

إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له، ومن يضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثه الله رحمةً للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، ونصح الأمَّةَ، فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه، فصلواتُ ربِّي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآلِ بيته، وعلى من أحبَّهم إلى يوم الدين.

أما بعد:
الشباب عماد النهضات، وهم أهل العزائم والشجاعة والإقدام والتضحيات. وقد كانوا حَمَلة الدعوة الإسلامية الأولى وأنصار الحق.
قال تعالى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ) [الكهف:13-14] ،  وسبحان ربي، فإن العقيدة هي اعظم ما يحفظ الشباب ويصون ڜأنه و حياته فبالإيمان يصنع الرجال ويسمو بهم صعداً، بل وتصبح حياتهم مهجة لله وفي سبيله ( فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ) لقد كان عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الشباب ، حين كذّبه معظم شيوخ مكة . .
فالشباب هو وقت القوة والقدرة فينبغي للإنسان أن يغتنم شبابه قبل الهرم كما نصحنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولن يكون اول طريق الى ذلك ، الا اذا تعلم الشاب امر دينه وتعاليم هدي ربه ، وتخلق بها بجهاد وعزيمة ؛ لأن قدرات هذا الشاب تضمحل بعد ذلك بمرور الوقت ، أخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ , شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ , وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ , وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ , وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ , وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ "

ولأنّ مؤامرات الأعداء تشتدّ في زماننا على شبابنا؛ فأخذوا يشغلونهم بالتفاهات ويغرقونهم في الشهوات ويسوقون في أذهانهم الشبهات، لا يملّون من محاولاتهم في إضلال شبابنا ، ليقينهم أنه إذا استيقظ هذا المارد (الشباب) وعرف غاية وجوده، وانخلع من أهوائهم الزائفة كان لأمتنا الريادة..
وهم لا يريدون ذلك على الإطلاق..

عباد الله . .
الشباب هو القوة ومن اعظم القوى امتلاكا للشباب هي القوة الروحية والقوة البدنية، وتليها القوة العلمية ، وهولاء يمثلن القدرة على إنجاز جسام المهام .
فيا ابها الشباب . . هذه القوة اجعلوها في طاعة الله، هذه الحيوية والنشاط اجعلوها في الدعوة لله ، اجعلوها فيما تبني حياتكم على الخيرية . .
أما سمعت عن ذاك الشيخ الكبير؛ ورقة بن نوفل وهو يقول لرسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بداية هذا الدين، يقول: " يا ليتني كنت فيها جذعاً أي شاباً فتياً قوياً يا ليتني كنت حياً حين يخرجك قومك، لئن أدركني هذا اليوم لأنصرنك نصراً مؤزراً"،

فأين قوتكم؟ إن لم تستثمروها في طاعة الله، وأين فتوتكم؟ إن لم تجعلوها فيما يرضي الله
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )

أيها الشباب استغلوا قوتكم وشبابكم في طاعة الله ومجاهدة نفوسكم للخير ، ولا تقعوا كحال هذا الشاب الذي كانت عنده قوة الشباب ، فذهب للنبي صلى الله عليه وسلم ليرخص له الزنا ، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ
فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ . مَهْ . فَقَالَ: " ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا " . قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: " أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ " . قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ " قَالَ : فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ “

لذلك كان اغتنام عمر الشباب قبل عروض المشاغل ، امر هام في حياة كل انسان ، فإن العوارض كثيرة، والأشغال متعددة، وتتزاحم الهموم، وينشغل التفكير، ويتكدر صفاء الذهن بمشكلات الحياة الكثيرة، ولذلك لا بد من اغتنام عمر الشباب قبل عروض المشاغل ، إن لم تصلى لله في شبابك فمتي تصلى حين تخور قواك وتتجمد مفاصلك ،إن لم ينكسر صلبك بين يدي ربك في ظلمات الليالي وأنت شاب فمتي تقوم بين يديه حين تشيب وتتكأ على عصا ، إن لم تصوم لله في شبابك فمتى تصوم حين تنشغل بالأمراض التي تنهك جسدك عند الهرم والكبر ،فالإنسان لا يدري ماذا تخبئ له الأيام، وبعض الناس قد انشغل بمرض سنوات طويلة، أقعده وآلمه، وصرفه عن سعيه ونشاطه، ولا يظنن الشاب أن الأمر سيستمر على ما هو عليه:
أترجو أن تكون وأنت شيخ *** كما قد كنت أيام الشباب

لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ***. دريس كالجديد من الثياب

واعلم أنك مسؤول بين يدي ربك عن شبابك فيما أبليته ، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال : « لا تزول قدمَا ابنِ آدمَ يومَ القيامة من عند ربه ، حتى يُسألَ عن خمس : عن عمُره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ؟ »

انتم ايها الشباب درع الاوطان وحماته . .
لقَدْ فَطَرَ اللهُ تَعالَي خَلْقَهُ عَلي حُبِ أوْطَانهم وبلادِهم فَحُبُ الأوطانِ منْ الإيمانِ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى ذَاكِرًا الأَوْطَانَ وَمَوَاقِعَهَا فِي القُلُوبِ: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ فَسَوَّى بينَ قَتْلِ أَنْفُسِهِم والخُرُوجِ مِن دِيَارِهِم، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لو كَتَبَ على عِبَادِهِ الأَوَامِرَ الشَّاقَّةَ على النُّفُوسِ مِن قَتْلِ النُّفُوسِ، والخُرُوجِ مِن الدِّيَارِ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا القَلِيلُ مِنْهُم والنَّادِرُ ، وَنَسَبَ اللهُ الدِّيَارَ إلى مُلَّاكِهَا: قَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ في الصحيحين عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَت، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهم الْعَنْ شَيْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ دِيَارِنَا». فَدَعَا أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِن رَحْمَتِهِ مَنْ أَخْرَجَهُ مِن أَرْضِهِ وَأَنْ يُبْعِدَ اللهُ مَنْ أَبْعَدَهُ عَن وَطَنِهِ ، والدفاع عن الأوطان واجب شرعي في حق الجميع ويأتي النصر على أيدي الشباب حيثُ يكونُ الشبابُ أوّلَ من يقدِّمونَ أنفسهم فِداءً للوطنِ، ويفدونه بكلَّ غالٍ ونفيسٍ ، ونضرب علي ذلك مثالا من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وهو سعد بن خيثمة بن الحارث ، ولما أراد المسلمون النفور إلى بدر ، وأرادوا الجهاد في سبيل الله؛ فما كان من أبيه خيثمة إلا أن قال لابنه: يا بني ! تعلم أنه ليس مع النساء من يحميهن، وأريد أن تبقى معهن ، ورأى هذا الشاب أن هذه فرصة لا تتعوض للجهاد في سبيل الله، قال: والله يا أبتاه! لا أجلس مع هؤلاء النساء. للنساء رب يحميهن، والله! ما في الدنيا شيء تطمع به نفسي دون الجنة، والله! لو كان غير الجنة -يا أبتاه- لآثرتك به، ولكنها الجنة، والله لا أوثر بها أحداً، ثم ذهب الشاب، وترك الشيخ الكبير مع هؤلاء النساء، ذهب يطلب ما عند الله، فاستشهد في سبيل الله -بإذن الله نحسبه شهيداً، ولا نزكي على الله أحداً- يقول أبوه بعد ذلك: والله! لقد كان سعد أعقل مني، أواه أواه!
لقد فاز بها دوني، والله! لقد رأيته البارحة في المنام: يسرح في أنهار الجنة وثمارها، ويقول: أبتاه! الْحقْ بنا فإنَّا قد وجدنا ما وعد ربنا حقَّا.
روي بن حبان في صحيحة بسند حسن عن أبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ "

- وهذا حِبّ النبي صلى الله عليه وسلم ((أسامة بن زيد)) رضي الله عنه كما في صحيح مسلم وغيره ولاّه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش وعمره 18 سنة وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم فجعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه قائداً للجيش كذلك فاستمر وغزى الروم وانتصر فلله العجب شاب في هذه السن يقود جيش ويقاتل الروم وينتصر إن العجب لا ينتهي وكيف لا ؟! فقد تعجب بعض الصحابة رضي الله عنهم" حتى طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يولي من هو اكبر منة سناً فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب الناس وقال: " ما بال أقوام يقدحون في أن وليت أسامة على الجيش وأيم الله أن كان للإمرة لخليق وانه لمن أحب الناس إليّ فاستوصوا به خيراً فانه من خياركم" ..
ولذلك سمي بعد ذلك حِب النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذه الصورة المشرقة إشارة واضحة تدل على كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر للشباب ويبني فيهم الثقة في أنفسهم. فترفعوا عن سفاسف الأمور وتطلعوا إلى معاليها !! فعن ابن عمر رضي الله عنه ، أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ « إِنْ تَطْعَنُوا فِى إِمَارَتِهِ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِى إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لَهَا. وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لأَحَبَّ النَّاسِ إِلَىَّ. وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهَا لَخَلِيقٌ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ إِلَىَّ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ ».

- وهناك شاب مجاهد يموت جنباً فتغسله الملائكة بماء المزن في صحاف الفضة إنه حنظلة بن أبي عامر ، اشتُهر ولُقِّبَ في كتب السيرة النبوية بـ (غسيل الملائكة)، لأنّ الملائكة هي التي غسّلته، حيث تزوّج حنظلة من جميلة بنت عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وكان زواجه منها في الليلة التي صبيحتها غزوة أحد، وقد استأذن حنظلة النبي صلى الله عليه وسلم بالمبيت عندها، فأذن له بذلك، وعندما صلّى الصبح أراد الخروج لرؤية النبي، ولكن جميلة لزمته، وبقي معها وأجنب، وعندما سمع المنادي ينادي للجهاد خرج دون أن يغتسل ، وقد عُدّ هذا الأمر باباً لتكريمه نال حنظلة من الشرف و الكرامة مالم ينله غيره رضي الله عنه وذلك حين سمع منادي حي على الجهاد يوم غزوة أُحد صبيحة عرسه فخرج وهو جُنب لم يغتسل فقاتل وقتل شهيداً ، حيث قتل على يد شداد بن الأسود و أبي سفيان اللذان اشتركا في قتله ، فعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ صَاحِبَكُمْ تَغْسِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ يَعْنِى حَنْظَلَةَ فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ ». فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لِذَلِكَ غَسَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ » و لما علم رسول الله بمقتله قال: ( إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة )

فما أحوج أمَّة الإسلام إلى شباب بالنَّماذج المثاليَّة، والأنوار البهيَّة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به في سائر الأخلاق ومعالِي الأمور، وما أحوج المسلمين إلى شباب تكون لَهم هِمَم عالِية، ونفوس زكيَّة، وقلوب طاهرة، ما أحوج أمَّتنا وهي تمرُّ بمنعطف خطير ومرحلةٍ صعبة؛ الى شباب نهجهم الوسطيَّة والاعتدال، لا متشدِّد متحمِّس يوجِّه طاقتَه فيما يُضِرُّ بمجتمعه ودينه وبلده، وينخرط في دائرة الفِرَق المنحرِفة ، و لا شباب متميِّع متسكِّع متَّبع لهواه وشهوة بطنه وفرجه ، فيفقد هويَّته الإسلاميَّة والعربيَّة ، بل إلى شباب لَهم أهداف واضِحة، ونفوس أبيَّة، وبصيرة قويَّة ، تَمنحهم القوَّةَ والقدرةَ على العطاء والبذل والتضحية والاستقامة من اجل دينهم و نعيم اوطانهم .
قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 
الخطبة الثانية . .
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ان هوية اليمنين اليوم امام تحدي كبير امام شباب اليمن ، و في ظل الحروب المفتعلة من دول الاستعمار ، فهم الدرع الذي يجب ان يتصدوا لكل المحاولات التي يمارسها الاعداء سواء من الداخل او الخارج ، مما يجب عليهم ان يتسلحوا بالايمان بالله وبرسوله الذي هو اساس قوتهم ، وان يحافظوا على قيم الفضيلة والرجولة ، وألا يلتفتوا لكل الافكار والعروض التي تريد حرف عقولهم وقلوبهم عن غايتهم في استعادة تاريخهم الاسلامي المجيد و استعادة دولتهم التي يريدون تحقيقها بقيم العدل المساواة والخيرية ، وان يزيحوا من على كاهل اليمنين ، هذا الجبروت الظالم المدعو بالفكر الحوثي وادواته الضاله و الهدامة ، واسمعوا يا شباب ماذا قال سفيان الثوري، قال : ( صراط الله لا يقبل الذلة، ويأبى التبعية، ويرفض الخنوع، ويستعصي على الدخلاء )


لقد عانى كثير من الشباب في المجتمع على مختلف المراحل التي مروا بها ، فواجهوا الصعاب والمعوقات لكن تجاوزوها بعون الله و باخلاصهم و اصرارهم نحو جهودهم الطموحة ، فليس كل ما يخطط له الاعداء يمكنهم الله مما يشاءون ، فان لطف الله لنا لازال يرعانا مهما اشتدت المحن ، صحيح بان الاحوال تتغير ولا تثبت على شدة ابدا ، لكن يبقى علينا الثبات على منهج الله والسير بما يرضيه ، فهو الضامن لنا على تجاوز كل العقبات والاضطرابات ، فهو نهج الحياة ونهج الثبات ونهج النجاح للوصول الى بر الامان .

واليوم ونحن نعيش حال المجتمع والامة المسلمة ، ليعلم الشباب انهم هم الجبال التي ستواجه الظالمين فاحذروا من الظلم ، وانتم من ستواجهوا المفسدين فاحذروا من الفساد ، وانتم من ستواجهوا الجاهلين فاحذروا من الجهل . . قال تعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)  [الأنبياء:18]

وممَّا يدل على أن العاقبة ستكون للأمة المحمدية على أيدي شبابها إن شاء الله ما أخرجه الإمام أحمد والدارمي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولًا؟ ألقسطنطينية أو رُوميَّة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينةُ هِرقْل تفتح أولًا، يعني القسطنطينية" وتمت البشارة الأولى في عهد محمد الفاتح رحمه الله ففتح القسطنطينية التي عجز المسلمون الأوائل عن فتحها وكان عمره خمس وعشرون عامًا، وها نحن ننتظر البشارة الثانية إن شاء الله . .🕋🕋🕋🕋. خطبة الجمعة بعنوان (الشباب همم و ادوار !! )
تاريخ ١٨ ذي القعدة ١٤٤٣ الموافق ١٧ يونيو ٢٠٢٢م

محاور الخطبة :

- اهمية دور الشباب في الحياة .
- لماذا يتآمر الاعداء على الشباب . ؟
- ماهي اهم قوة يمتلكها الشباب في الحياة . . ؟
- الشباب درع الاوطان وحماته . .
- واجبات الشباب اليوم . واهمها الدفاع عن هوية اليمنين اليوم .


الخطبة الاولى :

إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له، ومن يضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثه الله رحمةً للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، ونصح الأمَّةَ، فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائه، فصلواتُ ربِّي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآلِ بيته، وعلى من أحبَّهم إلى يوم الدين.

أما بعد:
الشباب عماد النهضات، وهم أهل العزائم والشجاعة والإقدام والتضحيات. وقد كانوا حَمَلة الدعوة الإسلامية الأولى وأنصار الحق.
قال تعالى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ) [الكهف:13-14] ،  وسبحان ربي، فإن العقيدة هي اعظم ما يحفظ الشباب ويصون ڜأنه و حياته فبالإيمان يصنع الرجال ويسمو بهم صعداً، بل وتصبح حياتهم مهجة لله وفي سبيله ( فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ) لقد كان عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الشباب ، حين كذّبه معظم شيوخ مكة . .
فالشباب هو وقت القوة والقدرة فينبغي للإنسان أن يغتنم شبابه قبل الهرم كما نصحنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولن يكون اول طريق الى ذلك ، الا اذا تعلم الشاب امر دينه وتعاليم هدي ربه ، وتخلق بها بجهاد وعزيمة ؛ لأن قدرات هذا الشاب تضمحل بعد ذلك بمرور الوقت ، أخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ , شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ , وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ , وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ , وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ , وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ "

ولأنّ مؤامرات الأعداء تشتدّ في زماننا على شبابنا؛ فأخذوا يشغلونهم بالتفاهات ويغرقونهم في الشهوات ويسوقون في أذهانهم الشبهات، لا يملّون من محاولاتهم في إضلال شبابنا ، ليقينهم أنه إذا استيقظ هذا المارد (الشباب) وعرف غاية وجوده، وانخلع من أهوائهم الزائفة كان لأمتنا الريادة..
وهم لا يريدون ذلك على الإطلاق..

عباد الله . .
الشباب هو القوة ومن اعظم القوى امتلاكا للشباب هي القوة الروحية والقوة البدنية، وتليها القوة العلمية ، وهولاء يمثلن القدرة على إنجاز جسام المهام .
فيا ابها الشباب . . هذه القوة اجعلوها في طاعة الله، هذه الحيوية والنشاط اجعلوها في الدعوة لله ، اجعلوها فيما تبني حياتكم على الخيرية . .
أما سمعت عن ذاك الشيخ الكبير؛ ورقة بن نوفل وهو يقول لرسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بداية هذا الدين، يقول: " يا ليتني كنت فيها جذعاً أي شاباً فتياً قوياً يا ليتني كنت حياً حين يخرجك قومك، لئن أدركني هذا اليوم لأنصرنك نصراً مؤزراً"،

فأين قوتكم؟ إن لم تستثمروها في طاعة الله، وأين فتوتكم؟ إن لم تجعلوها فيما يرضي الله
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )

أيها الشباب استغلوا قوتكم وشبابكم في طاعة الله ومجاهدة نفوسكم للخير ، ولا تقعوا كحال هذا الشاب الذي كانت عنده قوة الشباب ، فذهب للنبي صلى الله عليه وسلم ليرخص له الزنا ، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ . مَهْ . فَقَالَ: " ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا " . قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: " أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ " . قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ " قَالَ : فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ “

لذلك كان اغتنام عمر الشباب قبل عروض المشاغل ، امر هام في حياة كل انسان ، فإن العوارض كثيرة، والأشغال متعددة، وتتزاحم الهموم، وينشغل التفكير، ويتكدر صفاء الذهن بمشكلات الحياة الكثيرة، ولذلك لا بد من اغتنام عمر الشباب قبل عروض المشاغل ، إن لم تصلى لله في شبابك فمتي تصلى حين تخور قواك وتتجمد مفاصلك ،إن لم ينكسر صلبك بين يدي ربك في ظلمات الليالي وأنت شاب فمتي تقوم بين يديه حين تشيب وتتكأ على عصا ، إن لم تصوم لله في شبابك فمتى تصوم حين تنشغل بالأمراض التي تنهك جسدك عند الهرم والكبر ،فالإنسان لا يدري ماذا تخبئ له الأيام، وبعض الناس قد انشغل بمرض سنوات طويلة، أقعده وآلمه، وصرفه عن سعيه ونشاطه،
ولا يظنن الشاب أن الأمر سيستمر على ما هو عليه:
أترجو أن تكون وأنت شيخ *** كما قد كنت أيام الشباب

لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ***. دريس كالجديد من الثياب

واعلم أنك مسؤول بين يدي ربك عن شبابك فيما أبليته ، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال : « لا تزول قدمَا ابنِ آدمَ يومَ القيامة من عند ربه ، حتى يُسألَ عن خمس : عن عمُره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ؟ »

انتم ايها الشباب درع الاوطان وحماته . .
لقَدْ فَطَرَ اللهُ تَعالَي خَلْقَهُ عَلي حُبِ أوْطَانهم وبلادِهم فَحُبُ الأوطانِ منْ الإيمانِ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى ذَاكِرًا الأَوْطَانَ وَمَوَاقِعَهَا فِي القُلُوبِ: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ فَسَوَّى بينَ قَتْلِ أَنْفُسِهِم والخُرُوجِ مِن دِيَارِهِم، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لو كَتَبَ على عِبَادِهِ الأَوَامِرَ الشَّاقَّةَ على النُّفُوسِ مِن قَتْلِ النُّفُوسِ، والخُرُوجِ مِن الدِّيَارِ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا القَلِيلُ مِنْهُم والنَّادِرُ ، وَنَسَبَ اللهُ الدِّيَارَ إلى مُلَّاكِهَا: قَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ في الصحيحين عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَت، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهم الْعَنْ شَيْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ دِيَارِنَا». فَدَعَا أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِن رَحْمَتِهِ مَنْ أَخْرَجَهُ مِن أَرْضِهِ وَأَنْ يُبْعِدَ اللهُ مَنْ أَبْعَدَهُ عَن وَطَنِهِ ، والدفاع عن الأوطان واجب شرعي في حق الجميع ويأتي النصر على أيدي الشباب حيثُ يكونُ الشبابُ أوّلَ من يقدِّمونَ أنفسهم فِداءً للوطنِ، ويفدونه بكلَّ غالٍ ونفيسٍ ، ونضرب علي ذلك مثالا من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وهو سعد بن خيثمة بن الحارث ، ولما أراد المسلمون النفور إلى بدر ، وأرادوا الجهاد في سبيل الله؛ فما كان من أبيه خيثمة إلا أن قال لابنه: يا بني ! تعلم أنه ليس مع النساء من يحميهن، وأريد أن تبقى معهن ، ورأى هذا الشاب أن هذه فرصة لا تتعوض للجهاد في سبيل الله، قال: والله يا أبتاه! لا أجلس مع هؤلاء النساء. للنساء رب يحميهن، والله! ما في الدنيا شيء تطمع به نفسي دون الجنة، والله! لو كان غير الجنة -يا أبتاه- لآثرتك به، ولكنها الجنة، والله لا أوثر بها أحداً، ثم ذهب الشاب، وترك الشيخ الكبير مع هؤلاء النساء، ذهب يطلب ما عند الله، فاستشهد في سبيل الله -بإذن الله نحسبه شهيداً، ولا نزكي على الله أحداً- يقول أبوه بعد ذلك: والله! لقد كان سعد أعقل مني، أواه أواه! لقد فاز بها دوني، والله! لقد رأيته البارحة في المنام: يسرح في أنهار الجنة وثمارها، ويقول: أبتاه! الْحقْ بنا فإنَّا قد وجدنا ما وعد ربنا حقَّا.
روي بن حبان في صحيحة بسند حسن عن أبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ "

- وهذا حِبّ النبي صلى الله عليه وسلم ((أسامة بن زيد)) رضي الله عنه كما في صحيح مسلم وغيره ولاّه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش وعمره 18 سنة وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم فجعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه قائداً للجيش كذلك فاستمر وغزى الروم وانتصر فلله العجب شاب في هذه السن يقود جيش ويقاتل الروم وينتصر إن العجب لا ينتهي وكيف لا ؟! فقد تعجب بعض الصحابة رضي الله عنهم" حتى طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يولي من هو اكبر منة سناً فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب الناس وقال: " ما بال أقوام يقدحون في أن وليت أسامة على الجيش وأيم الله أن كان للإمرة لخليق وانه لمن أحب الناس إليّ فاستوصوا به خيراً فانه من خياركم" ..
ولذلك سمي بعد ذلك حِب النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذه الصورة المشرقة إشارة واضحة تدل على كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر للشباب ويبني فيهم الثقة في أنفسهم. فترفعوا عن سفاسف الأمور وتطلعوا إلى معاليها !! فعن ابن عمر رضي الله عنه ، أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ « إِنْ تَطْعَنُوا فِى إِمَارَتِهِ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِى إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لَهَا.
وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لأَحَبَّ النَّاسِ إِلَىَّ. وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهَا لَخَلِيقٌ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ إِلَىَّ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ ».

- وهناك شاب مجاهد يموت جنباً فتغسله الملائكة بماء المزن في صحاف الفضة إنه حنظلة بن أبي عامر ، اشتُهر ولُقِّبَ في كتب السيرة النبوية بـ (غسيل الملائكة)، لأنّ الملائكة هي التي غسّلته، حيث تزوّج حنظلة من جميلة بنت عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وكان زواجه منها في الليلة التي صبيحتها غزوة أحد، وقد استأذن حنظلة النبي صلى الله عليه وسلم بالمبيت عندها، فأذن له بذلك، وعندما صلّى الصبح أراد الخروج لرؤية النبي، ولكن جميلة لزمته، وبقي معها وأجنب، وعندما سمع المنادي ينادي للجهاد خرج دون أن يغتسل ، وقد عُدّ هذا الأمر باباً لتكريمه نال حنظلة من الشرف و الكرامة مالم ينله غيره رضي الله عنه وذلك حين سمع منادي حي على الجهاد يوم غزوة أُحد صبيحة عرسه فخرج وهو جُنب لم يغتسل فقاتل وقتل شهيداً ، حيث قتل على يد شداد بن الأسود و أبي سفيان اللذان اشتركا في قتله ، فعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ صَاحِبَكُمْ تَغْسِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ يَعْنِى حَنْظَلَةَ فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ ». فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لِذَلِكَ غَسَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ » و لما علم رسول الله بمقتله قال: ( إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة )

فما أحوج أمَّة الإسلام إلى شباب بالنَّماذج المثاليَّة، والأنوار البهيَّة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به في سائر الأخلاق ومعالِي الأمور، وما أحوج المسلمين إلى شباب تكون لَهم هِمَم عالِية، ونفوس زكيَّة، وقلوب طاهرة، ما أحوج أمَّتنا وهي تمرُّ بمنعطف خطير ومرحلةٍ صعبة؛ الى شباب نهجهم الوسطيَّة والاعتدال، لا متشدِّد متحمِّس يوجِّه طاقتَه فيما يُضِرُّ بمجتمعه ودينه وبلده، وينخرط في دائرة الفِرَق المنحرِفة ، و لا شباب متميِّع متسكِّع متَّبع لهواه وشهوة بطنه وفرجه ، فيفقد هويَّته الإسلاميَّة والعربيَّة ، بل إلى شباب لَهم أهداف واضِحة، ونفوس أبيَّة، وبصيرة قويَّة ، تَمنحهم القوَّةَ والقدرةَ على العطاء والبذل والتضحية والاستقامة من اجل دينهم و نعيم اوطانهم .
قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 
الخطبة الثانية . .

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ان هوية اليمنين اليوم امام تحدي كبير امام شباب اليمن ، و في ظل الحروب المفتعلة من دول الاستعمار ، فهم الدرع الذي يجب ان يتصدوا لكل المحاولات التي يمارسها الاعداء سواء من الداخل او الخارج ، مما يجب عليهم ان يتسلحوا بالايمان بالله وبرسوله الذي هو اساس قوتهم ، وان يحافظوا على قيم الفضيلة والرجولة ، وألا يلتفتوا لكل الافكار والعروض التي تريد حرف عقولهم وقلوبهم عن غايتهم في استعادة تاريخهم الاسلامي المجيد و استعادة دولتهم التي يريدون تحقيقها بقيم العدل المساواة والخيرية ، وان يزيحوا من على كاهل اليمنين ، هذا الجبروت الظالم المدعو بالفكر الحوثي وادواته الضاله و الهدامة ، واسمعوا يا شباب ماذا قال سفيان الثوري، قال : ( صراط الله لا يقبل الذلة، ويأبى التبعية، ويرفض الخنوع، ويستعصي على الدخلاء )


لقد عانى كثير من الشباب في المجتمع على مختلف المراحل التي مروا بها ، فواجهوا الصعاب والمعوقات لكن تجاوزوها بعون الله و باخلاصهم و اصرارهم نحو جهودهم الطموحة ، فليس كل ما يخطط له الاعداء يمكنهم الله مما يشاءون ، فان لطف الله لنا لازال يرعانا مهما اشتدت المحن ، صحيح بان الاحوال تتغير ولا تثبت على شدة ابدا ، لكن يبقى علينا الثبات على منهج الله والسير بما يرضيه ، فهو الضامن لنا على تجاوز كل العقبات والاضطرابات ، فهو نهج الحياة ونهج الثبات ونهج النجاح للوصول الى بر الامان .

واليوم ونحن نعيش حال المجتمع والامة المسلمة ، ليعلم الشباب انهم هم الجبال التي ستواجه الظالمين فاحذروا من الظلم ، وانتم من ستواجهوا المفسدين فاحذروا من الفساد ، وانتم من ستواجهوا الجاهلين فاحذروا من الجهل . .
قال تعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)  [الأنبياء:18]

وممَّا يدل على أن العاقبة ستكون للأمة المحمدية على أيدي شبابها إن شاء الله ما أخرجه الإمام أحمد والدارمي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولًا؟ ألقسطنطينية أو رُوميَّة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينةُ هِرقْل تفتح أولًا، يعني القسطنطينية" وتمت البشارة الأولى في عهد محمد الفاتح رحمه الله ففتح القسطنطينية التي عجز المسلمون الأوائل عن فتحها وكان عمره خمس وعشرون عامًا، وها نحن ننتظر البشارة الثانية إن شاء الله . .
خطبة جمعة
*بعنوان "شهود يوم القيامة"*
*للخطيب أ./هزاع عبدالحميد المريسي*
تاريخ ١٨/ذوالقعدة/١٤٤٣هـ الموافق ١٧/٦/٢٠٢٢م
الحمدلله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يسمع دبيب النملة السمراء على الحجر الصماء في الليلة الظلماء، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله البشير النذير، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد
اعلموا أن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، أجارنا الله وإياكم من البدع والضلالات والنار، ومما يقرب إلى النار من قول أو اعتقاد أو عمل.
ثم أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله فهي وصية الله لنا ولكم وللأولين والآخرين حيث أخبرنا وأمرنا بمحكم التنزيل فقال(( *ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أنِ اتقوا الله*))
والقائل جل في علاه (( *يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون*)).
فاللهم اجعلنا من عبادك المتقين وبصرنا بالحق وثبتنا عليه إلى يوم الدين.
أيها المسلمون الكرام لقد اتصف ربنا جل في علاه بالعدل، وإن من عدالته أن جعل شهودا قبل إصدار أي حكم، سواءً بالدنيا أو بالآخرة؛ حتى يكون الإنسان على دراية وبصيرة من أمره، وكوننا في زمن كثرت فيه الفتن وتظاهر صانعو الفتن بفتنهم تجرأوا على ذلك دون خوف أو حياء أو خجل، وما ذاك إلا بسبب الغفلة عن مشاهد يوم القيامة، (( *ألا يظن أولائك أنهم مبعوثون ليومٍ عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين*))، ومن المشاهد التي غابت عند بعض الناس "الشهود الذين سيشهدون يوم القيامة"
لقد أخبرنا الله في كتابه ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم في سنته عن هؤلاء الشهود:
وأول هذه الشهود وأعظمها هو الذي ليس كمثله شيء، إنه الله جل في علاه الذي كفى به شهيدا قال تعالى (( *فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون*))، وقال أيضًا منوهًا عباده أنه شاهد على كل شيء (( *والله على كل شيء شهيد*))، بل وضح لنا أكثر فأكثر فقال محذرًا من التهاون والاستخفاف باطلاعه ومشاهدته جل في علاه فقال(( *ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودًا إذ تفيضون فيه*))، أي عمل كان هذا فإن الله مطلع وشاهد عليه، فاحرص رحمك الله على أن تحول عملك الشر إلى عمل الخير والمعصية حولها إلى الطاعة واستشعر واستحضر أن الله يراك في الدنيا وسيشهد لك أو عليك يوم القيامة، فهذا أول الشهود وهو خير الشاهدين ويكفي به حسيبا ورقيبا وشاهدا، ولكن لتفاوت الناس في مراتب إيمانهم ويقينهم، جعل شهود آخرين مخلوقين من نور، وآخرين مخلوقين من جنسهم ومن أبدانهم ومخلوقات أخرى حسية تقوم بالشهادة، حتى لا يبقى إدنى عذر لأي شخص مكلّف بالعبادة:
فمن هؤلاء الشهود
*الملائكة الكرام الكاتبين*
قال الله مخبرا بحقيقة هؤلاء الشهود بعد أن ذكر سبب غرور المتكبرين وبعدهم عن دينهم هو تكذيبهم بيوم الحساب (( *كلا بل تكذبون بيوم الدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين، يعلمون ماتفعلون*))، هذه أفعالك كلها مسجلة لدى الملائكة، وحتى لا يظن أحد أن الأفعال مسجلة فقط دون الأقوال قال في موضع آخر(( *ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد*))، فجميع الأفعال والأقوال مسجلة، خيرًا أو شرًا وقال في سياق آخر وهو يصف كربات الموت ومابعده (( *وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد*)) أي ملك يسوق هذه النفس إلى أرض المحشر وملك يشهد على ما جنت وعملت في الدنيا، فلنحرص كل الحرص على أن ألا تسجل الملائكة في صحائفنا إلا الخير وأن نسارع إلى تكفير سيئاتتا بالتوبة والاستغفار حتى نأتي يوم بنتائج مشرفة وتشهد لنا لا علينا.
وشاهد آخر وهو *"الكتاب" الذي أعددته وألفته بنفسك في حياتك الدنيا* قال تعالى موضحًا ذلك(( *وكل إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا*))، فهلّا تمعنت يا عبدالله وأعدت النظر في التعبير بقوله"ألزمناه طائره في عنقه" ﻭهذا تصوير ﻟﻠﺰﻭﻣﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﻭﻋﺪﻡ ﻣﻔﺎﺭﻗﺘﻪ، ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﺗﺠﺴﻴﻢ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺇﺑﺮاﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﺴﻴﺔ، ﻓﻌﻤﻠﻪ ﻻ ﻳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ اﻟﺘﻤﻠﺺ ﻣﻨﻪ.
ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﺈﺧﺮاﺝ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻨﺸﻮﺭا ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﺼﻮﺭ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻜﺸﻮﻓﺎ، ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺇﺧﻔﺎءﻩ، ﺃﻭ ﺗﺠﺎﻫﻠﻪ ﺃﻭ اﻟﻤﻐﺎﻟﻄﺔ ﻓﻴﻪ. ﻭﻳﺘﺠﺴﻢ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ اﻟﻜﺘﺎﺏ اﻟﻤﻨﺸﻮﺭ، ﻓﺈﺫا ﻫﻮ ﺃﻋﻤﻖ ﺃﺛﺮا ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻭﺃﺷﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﺤﺲ ﻭﺇﺫا اﻟﺨﻴﺎﻝ اﻟﺒﺸﺮﻱ ﻳﻼﺣﻖ ﺫﻟﻚ اﻟﻄﺎﺋﺮ ﻭﻳﻠﺤﻆ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻓﺰﻉ ﻃﺎﺋﺮ ﻣﻦ اﻟﻴﻮﻡ اﻟﻌﺼﻴﺐ، اﻟﺬﻱ ﺗﺘﻜﺸﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﺨﺒﺎﻳﺎ ﻭاﻷﺳﺮاﺭ.
والناس في هذا الموقف فريقان الفريق الأول يفرح بقراءة هذا الكتاب وشهادة هذا الشاهد وهم الذين يتناولون كتابهم بأيمانهم حينها يعرض الواحد منهم كتابه على الآخرين مستبشرا مسرورا (( *هاؤمُ اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه فهو في عيشة راضية))*.
والفريق الآخر يبكي ويتحسر ويتندم عندما يعرض عليهم هذا الكتاب فيخافون ويدعون على أنفسهم بالويل والثبور يقول الله تعالى واصفا حال هذا الفريق (( *ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفيقين ممافيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا*)).
أصحاب هذا الفريق يأخذ كل واحد منهم كتابه بشماله عند ذلك تظهر الحسرة والندامة بل يتمنى الواحد منهم أن يقضى عليه بالعذاب ولا يعرض عليه هذا الكتاب (( *وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابه ولم أدرِ ما حسابيه ياليتها كانت القاضية، ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية*))
ومن الشهود أيضًا *الأنبياء والرسل*
قال تعالى(( *فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا*))
فقد بعث الله في كل أمة نبي أو رسول (( *وإن من أمة إلا خلا فيها نذير*)) ونحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد خاطبنا على وجه التخصيص (( *ويكون الرسولُ عليكم شهيدا*))، فحري بنا أن نحسن اتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن نهتدي بهديه، وأن نتخلق بأخلاقه، ونكثر من الصلاة عليه، حتى يأتي يوم القيامة شفيعا لنا ويكون شاهدًا لنا لا علينا، فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

*الخطبة الثانية*
الحمدلله الذي لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
أما بعد
وما زالت الشهود تتوارى شاهد بعد شاهد، ولكن هذه المرة شهود غريبة، إنها *جوارح وحواس الإنسان نفسه!*
ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺿﺤﻚ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺫاﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺗﺒﺴﻢ ، ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺷﻲء ﺿﺤﻜﺖ؟ " ﻗﺎﻟﻮا: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻲء ﺿﺤﻜﺖ؟ ﻗﺎﻝ: "ﻋﺠﺒﺖ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﺩﻟﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﻱ ﺭﺑﻲ، ﺃﻟﻴﺲ ﻭﻋﺪﺗﻨﻲ ﺃﻻ ﺗﻈﻠﻤﻨﻲ؟ ﻗﺎﻝ: ﺑﻠﻰ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻓﺈﻧﻲ ﻻ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻲ ﺷﺎﻫﺪا ﺇﻻ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ. ﻓﻴﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺃﻭ ﻟﻴﺲ ﻛﻔﻰ ﺑﻲ ﺷﻬﻴﺪا، ﻭﺑﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻜﺮاﻡ اﻟﻜﺎﺗﺒﻴﻦ؟! ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﺮﺩﺩ ﻫﺬا اﻟﻜﻼﻡ ﻣﺮاﺭا". ﻗﺎﻝ: "ﻓﻴﺨﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ، ﻭﺗﺘﻜﻠﻢ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺑﻌﺪا ﻟﻜﻦ ﻭﺳﺤﻘﺎ، ﻋﻨﻜﻦ ﻛﻨﺖ ﺃﺟﺎﺩﻝ".
وذلك قوله تعالى (( *اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون*))، فتارةً يختم على الفم ولا تتكلم اللسان وتارةً تقر اللسان وتشهد على صاحبها عما تكلم من الكلمات المحرمة الخبيثة والقاذفة قال بعد آية القذف (( *يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون*))، وفي موضع آخر تشهد الحواس على المجرمين عند عروضهم على النار قال تعالى (( *ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون* )) فكلمة الجلود تشير إلى أن أي عضو من الإنسان سيشهد على صاحبه إن استعمله بالحرام ومات قبل أن يتوب،
فالفخذ سيشهد كما أخبر بذلك ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ حين قال: "ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻳﻮﻡ ﻳﺨﺘﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻮاﻩ، ﻓﺨﺬﻩ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﻤﺎﻝ".
فهؤلا شهود منك وفيك سيشهدون عليك إن استعملتهم في الشر ولم تستغلهم بالخير والطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأين الذين يذهبون بأرجلهم إلى الحرام ويجاهرون ربهم بالمعاصي، أين الذين يبطشون بأيديهم ويعتدون على ممتلكات الآخرين أين أصحاب الأيدي الطويلة التي تجرأت أن تعتدي حتى على الأموال والممتلكات العامة وخزانة الدولة بل الأشد من ذلك الإعتداء على المصالح الخيرية العامة وقطع الصدقات الجارية، والبسطة على الوقف المتعلق بحق الله تعالى، ليتذكر هؤلاء أن هذه اليد ستشهد على بطشهم وإعتداءاتهم، أين الذين يبصرون وينظرون إلى الحرام، كالنظر إلى الصور الخليعة في الجوالات وغيرها، تذكروا أن أعينكم ستشهد عليكم، أين الذين سخروا أسماعهم إلى استماع الأراجيف والغيبة والأغاني الماجنة الصاخبة، أين أصحاب الألسن المستهزئة التي يخرج منها كل خبيث وسوء، اعلموا علم اليقين أن هذه الحواس ستشهد عليكم إن لم تستعملوها في طاعة الله واتباع الحق، ماذا عليك وماذا تخسر إن عودت وجاهد لسانك على ألا تقول إلا خيرا وعينك لا تنظر إلا إلى ماهو مباح وأذنك لا تسمع إلا ما يرضي الله، لنوظف هذه الأرجل والأيدي في عمل الخير والبناء، حينها ستشهد هذه الجوارح لنا لا علينا وإن شاء الله سنخرج من هذا الوضع العصيب بإذنه سبحانه.
وهناك شاهد آخر وهذا الشاهد من النوع الجماد إنها *الأرض* قال تعالى (( *وقال الإنسان مالها يومئذٍ تحدث أخبارها*))، هذه الأرض التي طالما عمرتها وعشت على ظاهرها وأكلت من خيراتها وشربت من ماءها ستشهد عليك إن لم تعمرها بعبادة الله وبدلا من ذلك سعيت في إفسادها، فينبغي علينا أن نعمل على صلاح هذه الأرض التي نراها اليوم جدبة يابسة أصابها القحط والشدة فلنسقيها بالتراحم فيما بيننا وتعميق أخوتنا ولنحقق على ظاهرها تقوى الله.
صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة عليه اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه اجمعين.

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر
ﺧﻄﺒﺔ ﻋﻦ ‏( ﻣﻦ
ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺩ
ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ‏) ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ‏( ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ‏)
ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ .ﻭﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺃﻥ ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻩ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ
ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ‏( ﻋَﻦْ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺑْﻦِ ﺃَﻧَﺲٍ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻗَﺎﻝَ ﻣَﺎ
ﺳُﺌِﻞَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺳْﻼَﻡِ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺇِﻻَّ
ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ – ﻗَﺎﻝَ – ﻓَﺠَﺎﺀَﻩُ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺄَﻋْﻄَﺎﻩُ ﻏَﻨَﻤًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺟَﺒَﻠَﻴْﻦِ ﻓَﺮَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ
ﻗَﻮْﻣِﻪِ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺃَﺳْﻠِﻤُﻮﺍ ﻓَﺈِﻥَّ ﻣُﺤَﻤَّﺪًﺍ ﻳُﻌْﻄِﻰ ﻋَﻄَﺎﺀً ﻻَ ﻳَﺨْﺸَﻰ
ﺍﻟْﻔَﺎﻗَﺔَ .‏)، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﻗَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ – ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ – ﻗَﺎﻝَ
ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ‏« ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻟِﻲ ﻣِﺜْﻞُ ﺃُﺣُﺪٍ ﺫَﻫَﺒًﺎ
، ﻣَﺎ ﻳَﺴُﺮُّﻧِﻲ ﺃَﻥْ ﻻَ ﻳَﻤُﺮَّ ﻋَﻠَﻰَّ ﺛَﻼَﺙٌ ﻭَﻋِﻨْﺪِﻱ ﻣِﻨْﻪُ ﺷَﻲْﺀٌ ، ﺇِﻻَّ ﺷَﻲْﺀٌ
ﺃُﺭْﺻِﺪُﻩُ ﻟِﺪَﻳْﻦٍ ‏» .
ﺇﺧﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ؛ ﻭﻗﺪ ﻣﺜَّﻞ ﺍﻟﻨَّﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠُﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜَﺮَﻡ
ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﻋَﻦِ ﺍﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ – ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ – ﻗَﺎﻝَ ﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ –
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺟْﻮَﺩَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ، ﻭَﺃَﺟْﻮَﺩُ ﻣَﺎ ﻳَﻜُﻮﻥُ ﻓِﻰ
ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ‏) ، ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ
ﻓﻲ ﺣﺒِّﻪ ﻟﻠﻌﻄﺎﺀ، ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﻋﻄﺎﺀ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﺤﺴﺐ ﺣﺴﺎﺑًﺎ ﻟﻠﻔﻘﺮ
ﻭﻻ ﻳﺨﺸﺎﻩ، ﺛﻘﺔ ﺑﻌﻈﻴﻢ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺑﺄﻧَّﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺯَّﺍﻕ ﺫﻭ
ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ . ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ‏( ﻋَﻦْ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺑْﻦِ ﺃَﻧَﺲٍ ﻋَﻦْ
ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻗَﺎﻝَ ﻣَﺎ ﺳُﺌِﻞَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺳْﻼَﻡِ
ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺇِﻻَّ ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ – ﻗَﺎﻝَ – ﻓَﺠَﺎﺀَﻩُ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺄَﻋْﻄَﺎﻩُ ﻏَﻨَﻤًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺟَﺒَﻠَﻴْﻦِ
ﻓَﺮَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻮْﻣِﻪِ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺃَﺳْﻠِﻤُﻮﺍ ﻓَﺈِﻥَّ ﻣُﺤَﻤَّﺪًﺍ ﻳُﻌْﻄِﻰ ﻋَﻄَﺎﺀً ﻻَ
ﻳَﺨْﺸَﻰ ﺍﻟْﻔَﺎﻗَﺔَ .‏) ، ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﺮَّﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻘﺪِّﻡ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻨَّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪﻭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻻﺳﻴَّﻤﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧَّﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ
ﻋﻄﺎﺀﺍﺗﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴَّﺔ، ﻣﻄـﺒِّــﻘًﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼُّﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴَّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ، ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﻣﺴﺮَّﺗﻪ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺬﻝ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣِﻦ
ﻣﺎﻝ . ﺛﻢَّ ﺇﻧَّﻪ ﻳﺮﺑِّﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺧُﻠُﻖ ﺣﺐِّ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ،
ﺇﺫ ﻳﺮﻳﻬﻢ ﻣِﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺟﻤﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻠﻌﻄﺎﺀ ﻭﺃﻛﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﺟُﺒَﻴْﺮُ ﺑْﻦُ ﻣُﻄْﻌِﻢٍ ﺃَﻧَّﻪُ ﺑَﻴْﻨَﻤَﺎ ﻫُﻮَ ﻳَﺴِﻴﺮُ ﻣَﻊَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻭَﻣَﻌَﻪُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ، ﻣَﻘْﻔَﻠَﻪُ ﻣِﻦْ ﺣُﻨَﻴْﻦٍ ، ﻓَﻌَﻠِﻘَﻪُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ
ﻳَﺴْﺄَﻟُﻮﻧَﻪُ ﺣَﺘَّﻰ ﺍﺿْﻄَﺮُّﻭﻩُ ﺇِﻟَﻰ ﺳَﻤُﺮَﺓٍ ﻓَﺨَﻄِﻔَﺖْ ﺭِﺩَﺍﺀَﻩُ ، ﻓَﻮَﻗَﻒَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ –
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻓَﻘَﺎﻝَ ‏« ﺃَﻋْﻄُﻮﻧِﻲ ﺭِﺩَﺍﺋِﻲ ، ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻟِﻲ ﻋَﺪَﺩُ
ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﻌِﻀَﺎﻩِ ﻧَﻌَﻤًﺎ ﻟَﻘَﺴَﻤْﺘُﻪُ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ، ﺛُﻢَّ ﻻَ ﺗَﺠِﺪُﻭﻧِﻲ ﺑَﺨِﻴﻼً ﻭَﻻَ ﻛَﺬُﻭﺑًﺎ
ﻭَﻻَ ﺟَﺒَﺎﻧًﺎ ‏» ، ﻭﺃﻫﺪﺕ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨَّﺒﻲِّ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴَّﻼﻡ ﺷﻤﻠﺔً
ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ : ‏(ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﻛْﺴُﻮﻙَ ﻫَﺬِﻩِ .
ﻓَﺄَﺧَﺬَﻫَﺎ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻣُﺤْﺘَﺎﺟًﺎ ﺇِﻟَﻴْﻬَﺎ ، ﻓَﻠَﺒِﺴَﻬَﺎ ،
ﻓَﺮَﺁﻫَﺎ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺭَﺟُﻞٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺼَّﺤَﺎﺑَﺔِ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﺃَﺣْﺴَﻦَ ﻫَﺬِﻩِ
ﻓَﺎﻛْﺴُﻨِﻴﻬَﺎ . ﻓَﻘَﺎﻝَ ‏« ﻧَﻌَﻢْ ‏» . ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻗَﺎﻡَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
– ﻻَﻣَﻪُ ﺃَﺻْﺤَﺎﺑُﻪُ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻣَﺎ ﺃَﺣْﺴَﻨْﺖَ ﺣِﻴﻦَ ﺭَﺃَﻳْﺖَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲَّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺧَﺬَﻫَﺎ ﻣُﺤْﺘَﺎﺟًﺎ ﺇِﻟَﻴْﻬَﺎ ، ﺛُﻢَّ ﺳَﺄَﻟْﺘَﻪُ ﺇِﻳَّﺎﻫَﺎ ، ﻭَﻗَﺪْ ﻋَﺮَﻓْﺖَ
ﺃَﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳُﺴْﺄَﻝُ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻓَﻴَﻤْﻨَﻌَﻪُ . ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺭَﺟَﻮْﺕُ ﺑَﺮَﻛَﺘَﻬَﺎ ﺣِﻴﻦَ ﻟَﺒِﺴَﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ
– ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻟَﻌَﻠِّﻰ ﺃُﻛَﻔَّﻦُ ﻓِﻴﻬَﺎ ‏)، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻳُﺆْﺛِـﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻴﻌﻄﻲ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﻳﻤﻀﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸَّﻬﺮ
ﻭﺍﻟﺸَّﻬﺮﺍﻥ ﻻ ﻳُﻮﻗَﺪ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻧﺎﺭٌ – . ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺮﻣﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺮﻣًﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻠِّﻪ، ﻳﻨﻔﻖ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ، ﺇﻣَّﺎ ﻟﻔﻘﻴﺮ، ﺃﻭ ﻣﺤﺘﺎﺝ،
ﺃﻭ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻭ ﺗﺄﻟﻴﻔًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺃﻭ ﺗﺸﺮﻳﻌًﺎ ﻟﻸﻣَّﺔ، ﻭﻏﻴﺮ
ﺫﻟﻚ .
ﻓﻤﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻛﺮﻣﻪ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﺳﺨﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻣﺎ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼِّﻔﺔ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﺇﻟَّﺎ ﺟﺰﺀٌ ﻣِﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺼِّﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺼﻒ ﺑﻬﺎ
ﺣﺒﻴﺒﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻼ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻤَّﺎ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏( ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ ‏) ‏[ ﺍﻟﻘﻠﻢ : 4 ‏] . ﻭﻫﺎ ﻫﻲ
ﺧﺪﻳﺠﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ﺗﺼﻒ ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ : ﻛﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏(ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ ﺧَﺪِﻳﺠَﺔُ ﻛَﻼَّ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﻳُﺨْﺰِﻳﻚَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺃَﺑَﺪًﺍ ، ﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﺘَﺼِﻞُ
ﺍﻟﺮَّﺣِﻢَ ، ﻭَﺗَﺤْﻤِﻞُ ﺍﻟْﻜَﻞَّ ، ﻭَﺗَﻜْﺴِﺐُ ﺍﻟْﻤَﻌْﺪُﻭﻡَ ، ﻭَﺗَﻘْﺮِﻯ ﺍﻟﻀَّﻴْﻒَ ، ﻭَﺗُﻌِﻴﻦُ
ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻮَﺍﺋِﺐِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ‏) .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺩ؛ ﺇﺫ ﻫﻲ
ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ . ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻒ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ - ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﻋَﻦِ ﺍﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ
ﻗَﺎﻝَ ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺟْﻮَﺩَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ،
ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺃَﺟْﻮَﺩُ ﻣَﺎ ﻳَﻜُﻮﻥُ ﻓِﻲ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻠْﻘَﺎﻩُ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞُ ، ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻠْﻘَﺎﻩُ
ﻓِﻲ ﻛُﻞِّ ﻟَﻴْﻠَﺔٍ ﻣِﻦْ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﻓَﻴُﺪَﺍﺭِﺳُﻪُ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ، ﻓَﻠَﺮَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺟْﻮَﺩُ ﺑِﺎﻟْﺨَﻴْﺮِ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺮِّﻳﺢِ ﺍﻟْﻤُﺮْﺳَﻠَﺔِ‏)
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ
ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣَّﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻩ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻳﺤﺚُّ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ، ﻓﺎﻟﻜﺮﻡ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﺳﺒﺐ
ﺍﻟﻨﻤﺎﺀ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻟﺼﺤﺎﺑﺘﻪ ﻭﻣِﻦْ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺃُﻣَّﺘَﻪ ﺗﻌﻠﻴﻤًﺎ ﻟﻬﻢ
ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﻟﻨﻔﻮﺳﻬﻢ : ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ‏( ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻰ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﻗَﺎﻝَ ﻗَﺎﻝَ
ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ‏« ﻣَﺎ ﻣِﻦْ ﻳَﻮْﻡٍ ﻳُﺼْﺒِﺢُ ﺍﻟْﻌِﺒَﺎﺩُ ﻓِﻴﻪِ
ﺇِﻻَّ ﻣَﻠَﻜَﺎﻥِ ﻳَﻨْﺰِﻻَﻥِ ﻓَﻴَﻘُﻮﻝُ ﺃَﺣَﺪُﻫُﻤَﺎ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃَﻋْﻂِ ﻣُﻨْﻔِﻘًﺎ ﺧَﻠَﻔًﺎ . ﻭَﻳَﻘُﻮﻝُ
ﺍﻵﺧَﺮُ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃَﻋْﻂِ ﻣُﻤْﺴِﻜًﺎ ﺗَﻠَﻔًﺎ ‏» . ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻠﻬﺎ
ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻄﺒﻴﻘًﺎ ﻋﻤﻠﻴًّﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ ﻭﻳﻘﻮﻟﻪ، ﻓﻨَﻌِﻢَ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻇﻞِّ
ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻭﺍﻷﻣﺎﻥ، ﻭﺻﻮﺭ ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻧﺪﺭﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺇﺫ ‏( ﻳَﻘُﻮﻝُ
ﻣَﺎ ﺳُﺌِﻞَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻋَﻦْ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﻂُّ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻻَ ‏)
ﻓﻬﺬﺍ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻤﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺭﺩِّ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺴﺎﺋﻠﻴﻦ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ
ﺃﺷﺪِّ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳُﻄْﻠَﺐُ ﻣﻨﻪ . ﻭﺿﺮﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀﻩ ﻣﺎﻝُ
ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ -ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺃُﺗﻲ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ – ﻓﻘﺎﻝ : “ﺍﻧْﺜُﺮُﻭﻩُ ﻓِﻲ
ﺍﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ” . ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻌﻄﺎﺀ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺴﻌﺪ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ “ : ﻣَﺎ ﻳَﺴُﺮُّﻧِﻲ ﺃَﻥَّ ﻋِﻨْﺪِﻱ ﻣِﺜْﻞَ ﺃُﺣُﺪٍ ﺫَﻫَﺒًﺎ، ﺗَﻤْﻀِﻲ ﻋَﻠَﻲَّ
ﺛَﺎﻟِﺜَﺔٌ ﻭَﻋِﻨْﺪِﻱ ﻣِﻨْﻪُ ﺩِﻳﻨَﺎﺭٌ ﺇِﻻَّ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺃَﺭْﺻُﺪُﻩُ ﻟِﺪَﻳْﻦٍ، ﺇِﻻَّ ﺃَﻥْ ﺃَﻗُﻮﻝَ ﺑِﻪِ ﻓِﻲ
ﻋِﺒَﺎﺩِ ﺍﻟﻠﻪِ : ﻫَﻜَﺬَﺍ، ﻭَﻫَﻜَﺬَﺍ، ﻭَﻫَﻜَﺬَﺍ . ﻋَﻦْ ﻳَﻤِﻴﻨِﻪِ ﻭَﻋَﻦْ ﺷِﻤَﺎﻟِﻪِ ﻭَﻣِﻦْ
ﺧَﻠْﻔِﻪِ ”…
ﺃﻗﻮﻝ ﻗﻮﻟﻲ ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ
ﻭﻟﻜﻢ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‏( ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺩ
ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ‏) ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ .ﻭﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺃﻥ ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻩ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ
ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻮﺩﻩ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﺒﺒًﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺇﺳﻼﻡ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳُﻌﻄﻲ ﻋﻄﺎﺀ ﻣَﻦْ ﻻ ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮ، ﻓﻌﻦ ﺃﻧﺲ
ﻗﺎﻝ “ : ﻣَﺎ ﺳُﺌِﻞَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺳْﻼَﻡِ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺇِﻻَّ ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ . ﻗَﺎﻝَ :
ﻓَﺠَﺎﺀَﻩُ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺄَﻋْﻄَﺎﻩُ ﻏَﻨَﻤًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺟَﺒَﻠَﻴْﻦِ، ﻓَﺮَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻮْﻣِﻪِ، ﻓَﻘَﺎﻝَ : ﻳَﺎ
ﻗَﻮْﻡِ، ﺃَﺳْﻠِﻤُﻮﺍ؛ ﻓَﺈِﻥَّ ﻣُﺤَﻤَّﺪًﺍ ﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻄَﺎﺀً ﻻَ ﻳَﺨْﺸَﻰ ﺍﻟْﻔَﺎﻗَﺔَ ” .
ﻭﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺮُّﺑَﻴِّﻊ ﺑﻨﺖ ﻣُﻌَﻮِّﺫ ﺍﺑﻦ ﻋﻔﺮﺍﺀ - ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ﻗﺎﻟﺖ : ﺃﺗﻴﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑِﻘِﻨَﺎﻉٍ ﻣﻦ ﺭُﻃَﺐٌ، ﻭَﺃَﺟْﺮٍ ﻣﻦ ﻗﺜَّﺎﺀٍ
ﺯُﻏْﺐٍ ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻲ ﻣﻞﺀ ﻛﻔﻪ ﺣﻠﻴًّﺎ . ﺃﻭ ﻗﺎﻟﺖ : ﺫﻫﺒًﺎ . ﻭَﻗَﺎﻝَ : “ ﺗَﺤَﻠَّﻲْ
ﺑِﻬَﺬَﺍ ” . ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺮﻣﻪ ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻮﺩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ
ﺃﺗﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺭﻏﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﻘﺒَﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﺪﻳﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭﻳﻜﺎﻓﺌُﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺄﺓ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ . ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺮﻳﺼًﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﻡ
ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ، ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻤﻮﺕ ! ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻻ ﻳﺪﺍﻧﻴﻬﺎ ﻛﺮﻡ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﺖ
ﻋﺎﺋﺸﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ :- ﺍﺷﺘﺪَّ ﻭﺟﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻨﺪﻩ ﺳﺒﻌﺔ
ﺩﻧﺎﻧﻴﺮ ﺃﻭ ﺗﺴﻌﺔ، ﻓﻘﺎﻝ : “ ﻳَﺎ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔُ، ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠَﺖْ ﺗِﻠْﻚَ ﺍﻟﺬَّﻫَﺐُ؟ ” ﻓﻘﻠﺖُ :
ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻱ . ﻗﺎﻝ : “ﺗَﺼَﺪَّﻗِﻲ ﺑِﻬَﺎ .” ﻗﺎﻟﺖ : ﻓﺸُﻐِﻠْﺖُ ﺑﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : “ ﻳَﺎ
ﻋَﺎﺋِﺸَﺔُ، ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠَﺖْ ﺗِﻠْﻚَ ﺍﻟﺬَّﻫَﺐُ؟ .” ﻓﻘﻠﺖ : ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻱ . ﻓﻘﺎﻝ : “ ﺍﺋْﺘِﻨِﻲ
ﺑِﻬَﺎ .” ﻗﺎﻟﺖ : ﻓﺠﺌﺖُ ﺑﻬﺎ، ﻓﻮﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻔِّﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : “ ﻣَﺎ ﻇَﻦُّ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ
ﺃَﻥْ ﻟَﻮْ ﻟَﻘِﻲَ ﺍﻟﻠﻪَ ﻭَﻫَﺬِﻩِ ﻋِﻨْﺪَﻩُ؟” ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ . ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻛﺮﻡ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺣﻨﻴﻦ ﻣﺒﻠﻐﻪ ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﺘﻨﺰ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﻮﺯﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺟﻨﻮﺩﻩ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪًﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﻳﺔ،
ﻓﺎﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻗﻠﻮﺏ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻣﻜﺔ ﻛﺄﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻭﺣﻜﻴﻢ ﺑﻦ
ﺣِﺰﺍﻡ، ﻭﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺃﺧﻮ ﺃﺑﻲ ﺟﻬﻞ، ﻭﺍﻟﻨﻀﻴﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺃﺧﻮ
ﺍﻟﻨﻀﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﻗﺮﻳﺶ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻟﺪِّ
ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ، ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻋﻄﻰ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻛﻌُﻴﻴﻨﺔ ﺑﻦ
ﺣﺼﻦ ﺯﻋﻴﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻓﺰﺍﺭﺓ، ﻭﺍﻷﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ ﺯﻋﻴﻢ ﺑﻨﻲ ﺗﻤﻴﻢ ؛
ﻓﻜﺎﻥ ﺟﻮﺩﻩ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﺳﺒﺒًﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺭﺳﻮﺥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ
ﻫﺆﻻﺀ، ﻭﻏﺪﺕ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻧﺲ ﺧﻴﺮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﻢ “ :ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ
ﻟﻴﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﻻَّ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻤﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ” .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﺮﻓًﺎ ﻭﻧﺴﺒًﺎ،
ﻭﺃﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻛﺮﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﻹﻧﻔﺎﻕ، ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻭﻱ ﻋﻨﻪ
ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ‏( ﻓﻌَﻦْ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﺫَﺑَﺤُﻮﺍ ﺷَﺎﺓً
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ‏« ﻣَﺎ ﺑَﻘِﻰَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ‏» . ﻗَﺎﻟَﺖْ ﻣَﺎ ﺑَﻘِﻰَ
ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺇِﻻَّ ﻛَﺘِﻔُﻬَﺎ . ﻗَﺎﻝَ ‏« ﺑَﻘِﻰَ ﻛُﻠُّﻬَﺎ ﻏَﻴْﺮَ ﻛَﺘِﻔِﻬَﺎ ‏» . ‏[ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ‏] . ﻭﻫﺬﺍ
ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻲ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻻ ﻳﻔﻨﻰ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ‏( ﻣَﺎ ﻧَﻘَﺺَ ﻣَﺎﻝُ ﻋَﺒْﺪٍ ﻣِﻦْ ﺻَﺪَﻗَﺔٍ ‏) ‏[ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ‏] .
ﻓﺎﻟﺮَّﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻘﺪِّﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨَّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪﻭﺓ
ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻻﺳﻴَّﻤﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧَّﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻄﺎﺀﺍﺗﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴَّﺔ،
ﻣﻄـﺒِّــﻘًﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼُّﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴَّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ
ﻭﻣﺴﺮَّﺗﻪ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺬﻝ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣِﻦ ﻣﺎﻝ .
ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ: ” ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻌﺔ
ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .“
ﺧﻄﺒﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ : ” ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻌﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .“
ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻌﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ــــــــــــــ
ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻋﻠﻰ ﺇِﻓﻀﺎﻟﻪ، ﻭﺃﺷﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﻟﻲ ﺁﻻﺋِﻪ،
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻓﺄﺷﻬﺪ ﺃﻥْ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻧِﺪ ﻭﻻ ﻧَﻈﻴﺮ، ﻭﺃﺻﻠِّﻲ ﻭﺃﺳﻠِّﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ، ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﺄﺷﻬﺪ
ﺃﻥَّ ﻣﺤﻤﺪًﺍ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻤﻴﻦ ﺭﺣﻤﺔ، ﻭﺃُﺛَﻨِّﻲ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣِﻦ ﺁﻝ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﻣﻌﻬﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻷﺋﻤﺔ
ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﺒَﺮﺭﺓ، ﻭﺃﻃﻠﺒﻬﺎ ﻣِﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﺒﻌًﺎ، ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ ﺍﺳﺘﺠﺐ.
ﺃﻣَّﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﻴﺎ ﺃﻣَّﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺑُّﻜﻢ ــ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ – ﺩﺍﻋﻴًﺎ ﻟﻜﻢ ﻭﻣُﺮﻏِّﺒًﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: } ﻟَﻘَﺪْ ﻛَﺎﻥَ ﻟَﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﺳْﻮَﺓٌ ﺣَﺴَﻨَﺔٌ ﻟِﻤَﻦْ ﻛَﺎﻥَ
ﻳَﺮْﺟُﻮ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَ {.
ﻓﺄﺑﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ : ﺃﻥَّ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ،
ﻓﺈﻥَّ ﻣﺎ ﻣﻌﻪ ﻣَﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺧﻮﻑِ ﺍﻟﻠّﻪ، ﻭﺭﺟﺎﺀِ ﺛﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺧﻮﻑِ
ﻋﻘﺎﺑﻪ، ﻳﺤﺜُّﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺳِّﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀِ ﻭﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠّﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺗﻪ ﻭﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ.
ﻓﺎﻗﺘﺪﻭﺍ ﻭﺗﺄﺳَّﻮﺍ ﻭﺍﻫﺘﺪﻭﺍ ﺑِﻪ ــ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺭﺑِّﻲ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ــ ﻓﻲ
ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ، ﻻﺳِﻴَّﻤﺎ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺃﺩﺑَﻪ
ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺫﺍ
ﺧُﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﺎﻝٍ ﻛﺮﻳﻢ، ﻭﺃﺩﺏ ﻃﻴِّﺐ ﺟﻠﻴﻞ، ﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ
ﻣﺜﻴﻞ، ﺷَﻬﺪَ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺑُّﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﻭَّﻝ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ
ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺫﻟﻚ: } ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠَﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ {.
ﻭﺷَﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻣَﻦ ﻋﺎﺷﺮﻩ ﻭﺧﺎﻟﻄﻪ ﻭﺟﺎﻟﺴﻪ، ﻭﻫُﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ــ، ﻓﺼﺢَّ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀ ﺑﻦ ﻋﺎﺯﺏ ﻭﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ــ ﺃﻧَّﻬﻤﺎ ﻗﺎﻻ: )) ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ
ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺃَﺣْﺴَﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺧُﻠُﻘًﺎ (( ، ﻭﺻﺢَّ ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ــ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ ــ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺳَﺄَﻟْﺖُ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﻓَﻘُﻠْﺖُ :
ﺃَﺧْﺒِﺮِﻳﻨِﻲ ﻋَﻦْ ﺧُﻠُﻖِ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ؟ ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ :
ﻛَﺎﻥَ ﺧُﻠُﻘُﻪُ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ((.
ﻭﺗﻌﻨﻲ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﺑﺬﻟﻚ : ﺃﻧَّﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﺄﺩﺏ ﺑﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣِﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﻃﻴِّﺒﺔ، ﻭﻳﺘﺨﻠَّﻖ ﺑِﻤﺎ ﺫُﻛِﺮ ﻓﻴﻪ
ﻣِﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﻋﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻳَﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣِﻦ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﻭﻣﺤﺎﺳﻦ
ﻭﺻﻔﺎﺕ ﻃﻴِّﺒﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ، ﺗُﺰﻳِّﻨﻪ ﻭﺗﺮﻓﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ.
ﻭﺷَﻬﺪ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻥْ ﻳُﺒﻌﺚ، ﻓﺼﺢَّ ﺃﻥَّ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﻡ
ﻫِﺮﻗﻞ ﻗﺎﻝ ﻷﺑﻲ ﺳُﻔﻴﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺇﺳﻼﻣﻪ : )) ﻭَﺳَﺄَﻟْﺘُﻚَ : ﻫَﻞْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ
ﺗَﺘَّﻬِﻤُﻮﻧَﻪُ ﺑِﺎﻟﻜَﺬِﺏِ ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ ﻳَﻘُﻮﻝَ ﻣَﺎ ﻗَﺎﻝَ، ﻓَﺰَﻋَﻤْﺖَ : ﺃَﻥْ ﻻَ، ﻓَﻌَﺮَﻓْﺖُ
ﺃَﻧَّﻪُ ﻟَﻢْ ﻳَﻜُﻦْ ﻟِﻴَﺪَﻉَ ﺍﻟﻜَﺬِﺏَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻭَﻳَﻜْﺬِﺏَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ((، ﻭﺻﺢَّ
ﺃﻧَّﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻌﺒَّﺪ ﻓﻲ ﻏﺎﺭ ﺣِﺮﺍﺀ ﻗﺒﻞ
ﺃﻥْ ﻳُﺒﻌﺚ، ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤَﻠَﻚُ ﺟﺒﺮﻳﻞ ــ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ــ، ﻓﺠَﺮﻯ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺟَﺮﻯ، ﻭﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺧﻮﻑ ﺷﺪﻳﺪ ﻳﺮﺗَﻌﺪ، ﻳُﺨﺒِﺮ
ﺯﻭﺟﻪ ﺃﻡّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺧﺪﻳﺠﺔ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﺑﺄﻧَّﻪ ﺧَﺸِﻲ
ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺗُﺜَﺒِّﺘُﻪ : )) ﻛَﻠَّﺎ ﺃَﺑْﺸِﺮْ، ﻓَﻮَﺍﻟﻠﻪِ، ﻟَﺎ ﻳُﺨْﺰِﻳﻚَ ﺍﻟﻠﻪُ
ﺃَﺑَﺪًﺍ، ﻭَﺍﻟﻠﻪِ، ﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﺘَﺼِﻞُ ﺍﻟﺮَّﺣِﻢَ، ﻭَﺗَﺼْﺪُﻕُ ﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚَ، ﻭَﺗَﺤْﻤِﻞُ
ﺍﻟْﻜَﻞَّ، ﻭَﺗُﻜْﺴِﺐُ ﺍﻟْﻤَﻌْﺪُﻭﻡَ، ﻭَﺗَﻘْﺮِﻱ ﺍﻟﻀَّﻴْﻒَ، ﻭَﺗُﻌِﻴﻦُ ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻮَﺍﺋِﺐِ
ﺍﻟْﺤَﻖِّ ((، ﺑﻞ ﺇﻥَّ ﺗﺘﻤﻴﻢ ﺻﺎﻟﺢِ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻣﻜﺎﺭِﻣﻬﺎ ﻣِﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ
ﺑﻌﺜﺘﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﻭﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻫُﺪﻯً ﻭﺭﺣﻤﺔ، ﻓﻘﺪ ﺻﺢَّ ﻋﻨﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺑُﻌِﺜْﺖُ ﻟِﺄُﺗَﻤِّﻢَ ﺻَﺎﻟِﺢَ
ﺍﻟْﺄَﺧْﻠَﺎﻕِ ((.
ﻓﻤِﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻄﻴِّﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ :
ﻟِﻴﻦُ ﺍﻟﺠﺎﻧِﺐ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝُ ﺍﻟﻠِّﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻓﻼ ﻳُﻌﺎﻣﻠﻬﻢ
ﺑﺎﻟﺨﺸﻮﻧﺔ ﻭﺍﻟﻐِﻠﻈﺔ، ﻭﻻ ﻳُﻘﺎﺑﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌُﻨﻒ ﻭﺍﻟﺸِّﺪﺓ ﻭﺍﻟﻔَﻈﺎﻇﺔ، ﻭﻻ
ﻳُﻬﻴﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴِّﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸِّﺘﺎﺋﻢ، ﻭﻻ ﻳَﻌﺘﺪﻱ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻷﺫﻳﺔ ﻭﺍﻟﻀَّﺮﺏ،
ﺑﻞ ﺗﺮﺍﻩ ﺣﺴَﻦَ ﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ ﻣﻌﻬﻢ، ﻟﻄﻴﻒَ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥْ ﺣﺎﺩﺛﻬﻢ، ﺭﻓﻴﻘًﺎ
ﺑِﻬﻢ، ﺳﻬﻠًﺎ ﻻ ﻳُﺜﻘِﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺳﻤﺤًﺎ ﻻ ﻳﻐﻤﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻠﻪ ــ ﻋﺰَّ
ﻭﺟﻞَّ ــ ﺧﻠﻘﻪ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﻣُﻤﺘﻨًّﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: } ﻓَﺒِﻤَﺎ ﺭَﺣْﻤَﺔٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟِﻨْﺖَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﻛُﻨْﺖَ ﻓَﻈًّﺎ ﻏَﻠِﻴﻆَ
ﺍﻟْﻘَﻠْﺐِ ﻟَﺎﻧْﻔَﻀُّﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺣَﻮْﻟِﻚَ {.
ﻭﻫﺬﺍ ﺧﺎﺩﻣﻪ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ــ ﻗﺪ ﺧﺪﻣﻪ ﺳِﻨﻴﻦ
ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﻣﻌﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ:
)) ﺧَﺪَﻣْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻋَﺸْﺮَ ﺳِﻨِﻴﻦَ، ﻭَﺍﻟﻠﻪِ
2024/09/22 10:14:51
Back to Top
HTML Embed Code: